جلسة 13 من أكتوبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عصمت عبد المعوض عدلي ، مجدي تركي ، أحمد مصطفى وأيمن العشري نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(90)
الطعن رقم 1474 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقة أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(3) تقليد . جريمة " أركانها " . ضرر . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
جريمة تقليد الأختام . تحققها بمجرد تقليد الخاتم ولو لم يتحقق ضرر يلحق شخصاً بعينه . تحدث الحكم عنه صراحة . غير لازم . علة ذلك ؟
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " بوجه عام " . تقليد .
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بنـاءً علـى الأدلـة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تقليد الأختام طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(5) تقليد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفوع " الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص تاريخ وقوع التقليد من ظروف الدعوى . موضوعي . عدم التزام الحكم الأخذ بالتاريخ الوارد على المحررات المضبوطة . إعراضه عن الرد على الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بشأن جريمة التزوير . غير مقبول . ما دام لم يدنه الحكم بها .
(7) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا عيب . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
قصور الحكم في إيراد شهادة الشاهد . غير مقبول . ما دام لا دخل لها في تكوين عقيدة المحكمة أو أثر في النتيجة التي انتهت إليها.
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم من تحريات الشرطة ما يحقق مراد الشارع في المادة 310 إجراءات جنائية . لا قصور .
(9) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته أو وسيلته في التحري . لا عيب .
اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
(10) استدلالات . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
نعي الطاعن على المحكمة اتخاذها من التحريات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام . غير مقبول . ما دامت استندت إليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة .
(11) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها.
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لم تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت . مفاده : اطراحها .
(12) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
مثال .
(13) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ المادي في بيان وقت صدور الإذن . لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على حصول القبض والتفتيش بعد صدوره .
(14) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة . النعي باختلال فكرته عن موضوع الدعوى . غير مقبول .
(15) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضباط الواقعة . صحيح . ما دام انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش .
(16) إثبات " شهود " .
عدم تعرض الحكم لأقوال بعض الشهود . مفاده : اطراحها . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مضمون الأدلة خلافاً لقول الطاعن ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها ومؤداها يكون لا محل له .
2- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومع ذلك فإن الحكم رد على هذا الدفع رداً كافياً في اطراحه بعد أن بين أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وأوضح في جلاء دوره في ارتكابها على النحو الذي يقتضيه القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
3- من المقرر أن جريمة تقليد الأختام تتحقق بمجرد تقليد الخاتم ولو لم يتحقق ثمة ضرر يلحق شخصاً بعينه ، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأختام الحكومية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، ومن ثم لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر ما دام قيامه لازماً عن طبيعة التقليد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له .
4- لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تقليد الأختام طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت وقائع تقليد الأختام واستعمالها في حق الطاعن ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
5- لما كان البين أن الحكم أثبت أن الواقعة حدثت بتاريخ .... ، وكان من المقرر أن استخلاص تاريخ وقوع التقليد من ظروف الدعوى والأدلة القائمة فيها هو من شأن قاضي الموضوع وحده ، وهو غير ملزم في ذلك بالأخذ بالتاريخ الوارد على المحررات المضبوطة ولا على الحكم إن هو أعرض عن تناول الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بفرض إبدائه في مذكرة الدفاع لأنه بمثابة دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً من المحكمة عليه .
6- لما كان الحكم لم يدن الطاعن بجريمة التزوير ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل .
7- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقواله متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم ، وكان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن شهادة الشاهد الثالث كان لها دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو تأثير في النتيجة التي انتهت إليها باعتبارها عنصراً من العناصر التي بنت عليها الإدانة طالما أن استبعاد هذه الشهادة برمتها وإسقاطها من الحكم لا يكون له تأثير على منطق الحكم أو سلامة تدليله ، فإن قصور الحكم حين لم يورد أقوال هذا الشاهد لا يكون موجباً لنقضه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
8- لما كان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس .
9- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة .
10- لما كانت المحكمة لم تتخذ من التحريات وحدها دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهمين - خلافاً لقول الطاعن - وإنما استندت إليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بمحضر الضبط وما ثبت من تقرير أبحاث التزييف والتزوير ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
11- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكان الحكم - مع ذلك - قد رد على الدفع رداً كافياً وسائغاً في اطراحه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يقدح في ذلك قالة شاهد النفي لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً .
12- لما كان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاًعلى صحة دفاعه ، ذلك لما هو مقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاد ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها واطمأنت إليها المحكمة .
13- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في بيان وقت صدور الإذن – بفرض وقوعه – لا يعدو أن يكون خطأً مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على حصول القبض والتفتيش بعد صدور الإذن ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
14- لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد .
15- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضباط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .
16- لما كان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال بعض الشهود اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بإغفاله لأقوال أحد الشهود التي تنفي التهمة عن الطاعن يكون غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم :
قلدوا أختاماً وعلامات وتمغات لجهات حكومية وهي : 1- خاتم شعار الجمهورية لكل من مكتب سجل تجاري .... وكلية .... جامعة .... والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي .... ومكتب تصديقات .... وكذا الخاتم الكودي لمكتب سجل تجاري .... وذلك بأن اصطنع قوالب تلك الأختام على غرار الأختام الصحيحة واستعمالها بأن بصم بها المحررات المضبوطة على النحو الثابت بالتحقيقات .
2- أختام إدارة شئون العاملين بإدارة .... والخاتم القنصلي الخاص بمكتب تصديقات ....وخاتم كلية .... جامعة .... وخاتم مديرية التربية والتعليم إدارة الامتحانات وشئون الطلبة بمحافظة .... وخاتم كلية .... جامعة .... وخاتم كلية .... جامعة .... وخاتم كلية .... جامعة .... وذلك بأن اصطنع قوالب الأختام على غرار الأختام الصحيحة واستعمالها بأن بصم بها على المحررات المضبوطة على النحو الثابت بالتحقيقات .
3- تمغات ( طوابع ) تصديق وزارة .... فئة 47.90 جنيهاً وكذا فئة 11 جنيه وكذا طابع الخدمات فئة 5 جنيهات وذلك على النحو الثابت بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 206/ 2 ، 3 من قانون العقوبات ، بمعاقبة / .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة الأدوات والأوراق المزورة المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقليد أختام وتمغات وعلامات لجهات حكومية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها ، واطرح الدفع بانتفاء أركان جريمة التقليد بما لا يصلح رداً ، والتفت عن الدفاع بانتفاء ركن الضرر لعدم ثبوت استعماله الأوراق المضبوطة ، ولم يشر إلى الدفع المبدى بمذكرة الدفاع المقدمة بالجلسة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة استناداً لخلو الأوراق مما يقطع بتاريخ اصطناع تلك المحررات ، ولم يستظهر أركان جريمة التزوير وعناصر الاشتراك فيها ، وعول على أقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث دون أن يورد مؤداها واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، وإلى تحريات الشرطة دون أن يورد مضمونها ، واطرح بما لا يسوغ ما قام عليه دفاع الطاعن من بطلان الإذن لابتنائه على تحريات غير جدية لقرائن عددها ، متخذاً منها دليلاً أساسياً في قضائه بالإدانة رغم عدم صلاحيتها لتجهيل مصدرها ، وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بدلالة أقواله وأقوال شاهد النفي والتفت عما قدمه من مستندات تدليلاً على صحة دفاعه ، وأخطأ في بيان وقت صدور الإذن مما ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن وقائع الدعوى ، وعول في الإدانة على أقوال ضباط الواقعة المستمدة من القبض والتفتيش الباطلين ، وأغفل أقوال أحد الشهود الذين سئلوا بالتحقيقات والتي من شأنها نفي الاتهام عنه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مضمون الأدلة خلافاً لقول الطاعن، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها ومؤداها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء أركان الجريمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومع ذلك فإن الحكم رد على هذا الدفع رداً كافياً في اطراحه بعد أن بين أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وأوضح في جلاء دوره في ارتكابها على النحو الذي يقتضيه القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة تقليد الأختام تتحقق بمجرد تقليد الخاتم ولو لم يتحقق ثمة ضرر يلحق شخصاً بعينه ، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأختام الحكومية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، ومن ثم لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر ما دام قيامه لازماً عن طبيعة التقليد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم تقليد الأختام طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح استدلال الحكم به على ثبوت وقائع تقليد الأختام واستعمالها في حق الطاعن ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين أن الحكم أثبت أن الواقعة حدثت بتاريخ .... ، وكان من المقرر أن استخلاص تاريخ وقوع التقليد من ظروف الدعوى والأدلة القائمة فيها هو من شأن قاضي الموضوع وحده ، وهو غير ملزم في ذلك بالأخذ بالتاريخ الوارد على المحررات المضبوطة ولا على الحكم إن هو أعرض عن تناول الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بفرض إبدائه في مذكرة الدفاع لأنه بمثابة دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً من المحكمة عليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعن بجريمة التزوير ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقواله متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم ، وكان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن شهادة الشاهد الثالث كان لها دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو تأثير في النتيجة التي انتهت إليها باعتبارها عنصراً من العناصر التي بنت عليها الإدانة طالما أن استبعاد هذه الشهادة برمتها وإسقاطها من الحكم لا يكون له تأثير على منطق الحكم أو سلامة تدليله ، فإن قصور الحكم حين لم يورد أقوال هذا الشاهد لا يكون موجباً لنقضه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، فإن مجادلة الطاعن في ذلك أمام محكمة النقض تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة لم تتخذ من التحريات وحدها دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهمين - خلافاً لقول الطاعن - وإنما استندت إليها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بمحضر الضبط وما ثبت من تقرير أبحاث التزييف والتزوير ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكان الحكم - مع ذلك - قد رد على الدفع رداً كافياً وسائغاً في اطراحه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يقدح في ذلك قالة شاهد النفي لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمها الطاعن تدليلاً على صحة دفاعه ، ذلك لما هو مقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاد ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها واطمأنت إليها المحكمة . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم في بيان وقت صدور الإذن – بفرض وقوعه – لا يعدو أن يكون خطأً مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على حصول القبض والتفتيش بعد صدور الإذن ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى على نحو يكشف عن وضوح فكرتها في عقيدة المحكمة وبما تتوافر به عناصرها القانونية ، فإن ما يدعيه الطاعن من اختلال فكرة الحكم عن موضوع الدعوى وعناصرها يكون غير سديد . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضباط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان مفاد عدم تعرض الحكم لأقوال بعض الشهود اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بإغفاله لأقوال أحد الشهود التي تنفي التهمة عن الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق