جلسة 8 من يونيه سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ د. منصور وجيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فهمي الخياط، عبد النبي غريب خمخم، كمال نافع ويحيى عارف.
---------------
(166)
الطعن رقم 1176 لسنة 50 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن". قانون "القانون الواجب التطبيق".
اشتمال الإيجار على عناصر أخرى أكثر أهمية من المكان بحيث يتعذر الفصل بين مقابل إيجار المكان في حد ذاته وبين مقابل الانتفاع بمزايا العناصر. أثره. عدم خضوع الإجارة لقانون إيجار الأماكن.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن". تقادم "التقادم الخمسي" "قطع التقادم". التزام "انقضاء الالتزام" "التقادم المسقط" "الوفاء".
(2) الحقوق الخاضعة للتقادم الخمسي. م 375/ 1 مدني. مناطها الدورية والتجديد. يستوي ثبات مقدارها أو تغيره من وقت لآخر.
(3) إقرار المدين بحق الدائن صراحة أو ضمناً. أثره. قطع التقادم. الإقرار. ماهيته. وفاء المدين بالقدر غير المتنازع عليه من المدين. عدم اعتباره إقراراً منه بمديونيته بالقدر المتنازع عليه من المدين أو نزولاً عما انقضى من مدة التقادم بالنسبة إليه. علة ذلك. م 384 مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 21 سنة 1969 مدني الجيزة على الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 630.780 ج والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 7/ 1963 استأجرت الشركة الطاعنة منها قطعة أرض فضاء مسورة ومسقوفة وبها أدوات ومهمات ويتبعها خفير لاستعمالها كمحزن بأجرة شهرية قدرها مائة وستون جنيهاً شاملة الأدوات والمهمات المبينة بالعقد وأجر الخفير وبصدور القانون 7 لسنة 1965 بتخفيض الأجرة بواقع 20% أصبحت أجرة المكان حالياً 64.800 ج بدلاً من 81 ج المحدد بمعرفة مجلس المراجعة اعتباراً من عام 1960 ويكون مستحقاً للشركة المطعون ضدها قبل الطاعنة بعد خصم ما سدد من الأخيرة مبلغ 459.840 ج وذلك خلال مدة الإيجار التي انتهت في 31/ 12/ 1966 ويضاف لذلك مبلغ 23.940 ج قيمة استهلاك الكهرباء و150 ج قيمة إصلاح تلفيات أحدثتها الشركة المستأجرة بالعين ومجموع ذلك هو المبلغ المطالب به وبجلسة 16/ 10/ 1969 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم ثم بجلسة 17/ 6/ 1974 قررت إحالة الدعوى إلى محكمة جنوب القاهرة باتفاق الخصوم فقيدت برقم 3054 لسنة 1974 مدني جنوب القاهرة وبعد أن أودع الخبير تقريره عدلت الشركة المطعون ضدها طلباتها إلى مبلغ 813.240 ج والفوائد من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد واحتياطياً مبلغ 456.840 ج وبجلسة 19/ 10/ 78 حكمت برفض الدعوى. استأنفت الشركة المطعون ضدها الحكم بالاستئناف رقم 5741 لسنة 95 ق القاهرة وبتاريخ 13/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي للشركة المطعون ضدها مبلغ 813.240 ج والفوائد القانونية بواقع 4% من 5/ 10/ 1978 وحتى السداد. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم جزئياً وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالأسباب الأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه انتهى في أسبابه إلى اعتبار المكان المؤجر أرضاً فضاء ويخرج عن نطاق تطبيق أحكام القانون 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وذلك خلافاً للواقع وما تضمنته الأوراق من مستندات تقطع بأن العين المؤجرة ليست بأرض فضاء وإنما هي مكان مبني وذلك من وصفها بعقد الإيجار وبصحيفة افتتاح الدعوى وما ورد من وصف للعين بالحكمين التمهيديين بإحالة الدعوى إلى خبير وما أثبته الخبير المنتدب من وصف للمكان المؤجر بأنه عبارة عن مبنى مسقوف وسبق تقدير أجرته بقرار من مجلس المراجعة كما أسند الحكم للطاعنة خلافاً للثابت بالأوراق أنها سلمت بأن العين المؤجرة أرض فضاء وأن مجلس المراجعة حدد أجرتها وهو بصدد ربط العوائد عليها ولم يوضح الحكم سبب التفاته عن الإقرار القضائي الصادر من المطعون ضدها بصحيفة افتتاح الدعوى من أن إيجار المخزن يسري عليه أحكام القانون 7 لسنة 1965 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اشتمال الإجارة على عناصر أخرى أكثر أهمية من المكان بحيث يتعذر الفصل بين مقابل إيجار المكان في حد ذاته وبين مقابل الانتفاع بمزايا تلك العناصر من شأنه عدم خضوعها لقانون إيجار الأماكن وكان الثابت من عقد إيجار العين موضوع التداعي أنه مخزن موصوف في العقد بأنه أرض فضاء محاط بحوائط مبنية ومسقوف وبه أدوات ومهمات لقاء إيجار شهري قدره مائة وستون جنيهاً شهرياً شامله أجر الخفير القائم بالحراسة الذي يتبع المؤجر وقد انتهى الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق أن العين المؤجرة لا تخضع للقوانين الاستثنائية لتحديد الأجرة لأنها وإن كانت بناء إلا أن الإجارة شملت عناصر أخرى أكثر أهمية من المكان بحيث يتعذر الفصل بين مقابل إيجار المكان في حد ذاته وبين مقابل الانتفاع بمزايا تلك العناصر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه برفض الدفع المبدى من الشركة الطاعنة بانقضاء دين الأجرة المطالب به بالتقادم الخمسي وفقاً لنص المادة 375 مدني استناداً إلى أن الأجرة المطالب بها محل نزاع فلا يبدأ سريان التقادم بشأنها وأن وفاء الشركة الطاعنة لمبلغ 5760 جنيهاً من الأجرة على دفعات عن المدة من بداية العقد حتى 1966 يعتبر قاطعاً للتقادم السابق على رفع الدعوى ولو كان منقوصاً وهو خطأ من الحكم ذلك أن النزاع على دين الأجرة ليس قاطعاً أو موقفاً لسريان التقادم طالما لم يكن هناك مانعاً قانونياً يحول بين الشركة المطعون ضدها وبين رفع الدعوى للمطالبة بالقيمة الإيجارية التي تدعيها. وأن الحق الدوري المتجدد يتقادم كله بخمس سنوات حتى ولو أقر به المدعين مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك لأنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط خضوع الحق للتقادم الخمسي وفقاً لصريح نص الفقرة الأولى من المادة 375 من القانون المدني هو اتصافه بالدورية والتجدد أي أن يكون الحق مستحقاً في مواعيد دورية أياً كانت مدتها وأن يكون هذا الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع سواء كان ثابتاً أو تغير مقداره من وقت لآخر وأن مؤدى نص المادة 384 من التقنين المدني أنه إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً فإن من شأن هذا الإقرار أن يقطع التقادم وكان المقصود بالإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر بهدف اعتبار هذا الحق ثابتاً في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته ومن مقتضى ذلك اتجاه الإرادة نحو إحداث هذا الأثر القانوني فإنه يتعين لكي ينتج إقرار المدين أثره من قطع التقادم أن ينطوي على إرادة المدين النزول عن الجزء المنقضي من مدة التقادم فمتى كان الحق متنازعاً في جزء منه وقام المدين بسداد القدر غير المتنازع فيه فإن هذا الوفاء لا ينطوي على إقراره بمديونيته بالجزء من الحق موضوع النزاع أو نزوله عما انقضى من مدة التقادم بالنسبة إليه - إلا أنه لما كان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة بدأت في خصم الفروق موضوع النزاع اعتباراً مارس 1965 وأن الشركة المؤجرة المطعون ضدها أقامت دعواها بصحيفة معلنة في 12/ 1/ 1969 قبل اكتمال خمس سنوات مدة التقادم المسقط فإن الدفع بالتقادم يكون في غير محله ويكون الحكم قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في قضائه برفض هذا الدفع.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق