جلسة 24 من يناير سنة 1979
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، إبراهيم فراج، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.
---------------
(72)
الطعن رقم 80 لسنة 48 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن".
التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن. ماهية كل منهما.
(2) إثبات "القرائن". محكمة الموضوع.
استنباط القرائن من إطلاقات محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون سائغاً.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". حكم. تسبيب الحكم.
استخلاص الحكم من إقامة المستأجر بالخارج وإقامة أصهاره بالعين المؤجرة تجاوزه نطاق التصريح المخول له بالتأجير من الباطن إلى التنازل عن الإيجار. فساد في الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1481 لسنة 1973 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن، طالبة الحكم بإخلائه العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وتسليمها سليمة خالية مما يشغلها، وقالت بياناً لدعواها أنه بعقد مؤرخ 23/ 4/ 1970 استأجر الطاعن منها شقة بالدور الثالث العلوي بالعقار رقم.... محافظة الإسكندرية، وقضى في العقد على التصريح له بالتأجير من الباطن دون التنازل، وإذ هاجر الطاعن إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتنازل عن العين المؤجرة إلى والدته التي تستغلها بتأجيرها للغير، فقد أقام دعواه، وبتاريخ 8/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن أخل بشروط عقد الإيجار بأن تنازل عن العين المؤجرة للغير، وبعد سماع شهود المطعون عليها حكمت بتاريخ 17/ 11/ 1975 برفض الدعوى - استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 500 لسنة 31 ق الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم بطلباتها. وبتاريخ 10/ 12/ 1977 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن من عين النزاع وتسليمها للمطعون عليها خالية ممن يشغلها - طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم - عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم استدل على تنازله عن الإيجار والتخلي عن العين المؤجرة للغير، بهجرته للولايات المتحدة الأمريكية وإقامة أصهاره بالعين المؤجرة في حين أن كلا الأمرين لا يؤدي إلى التنازل عن الإيجار سيما أن عقد الإيجار يخوله التأجير من الباطن، ولم يبين الحكم أن إقامة أصهاره بالعين كانت لحسابهم وليست لحسابه كمستأجرين من الباطن أو على سبيل الاستضافة مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن التنازل عن الإيجار يتم بنقل المستأجر جميع حقوقه والتزاماته المترتبة على عقد الإيجار إلى شخص آخر يحل محله فيها ويكون بهذه المثابة بيعاً أو هبة لحق المستأجر تبعاً لما إذا كان هذا التنازل مقابل أو بدون مقابل، أما التأجير من الباطن فلا يعدو أن يكون عقد إيجار يقع على حق المستأجر ذاته - ولئن كان الأصل في استنباط القرائن أنها من إطلاقات محكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون استنباطها سائغاً، وأن يكون استدلال الحكم له سنده من الأوراق مؤدياً إلى النتيجة التي بني عليها قضاءه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه دلل على تخلي الطاعن عن شقة النزاع والتنازل عن إيجارها للغير بسفره للولايات المتحدة لهجرة نهائية استمرت طوال سبع سنوات انقطع خلالها عن الإقامة بالشقة المؤجرة، التي أحل أصهاره محله فيها يستغلونها في إقامتهم وفي تأجيرها للغير، وكانت هذه الوقائع بمجردها لا تفيد تنازل الطاعن عن الشقة لأصهاره، ولا تستقيم مع سبق الترخيص للطاعن بالتأجير من الباطن، واتخاذها دليلاً على تنازله عن الإيجار لمجرد عدم إقامته بالعين المؤجرة، دون أن يبين الحكم كيف أفادت الأوراق أو أقوال شاهدي المطعون عليها التي أوردها هذا المعنى، ودون أن يبين أن إقامة أصهار الطاعن بالعين واستغلالها كانت متجاوزاً نطاق التصريح المخول له بالتأجير من الباطن إلى التنازل عن الإجارة لحسابهم وليست لحسابه. لما كان ما تقدم، وكانت الوقائع التي استخلص منها الحكم تنازل الطاعن عن عقد الإيجار لا تؤدي إلى ما استخلصه منها، وكان التنازل عن الإيجار هو الواقعة التي أقام الحكم عليها قضاءه فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق