الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 أبريل 2024

الطعن 1112 لسنة 48 ق جلسة 25/ 1/ 1979 مكتب فني 30 ج 1 ق 76 ص 391

جلسة 25 من يناير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار/ عبد العال السيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، الدكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فوده وعبد العزيز هيبه.

----------------

(76)
الطعن رقم 1112 لسنة 48 القضائية

(1) حكم. دعوى.
قضاء المحكمة بعدم قبول الدعوى المدنية في الجنحة المباشرة لإقامتها بعد الميعاد، لا يعد مانعاً من رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية للقضاء في موضوعها.
(2) حكم. دعوى. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني. مناطه. مناقضة الحكم في الدعوى المدنية مبررات البراءة في الدعوى الجنائية. إثباته توافر ركن الخطأ رغم نفي الحكم الجنائي له مخالفة لحجية الحكم الأخير.

----------------
1- حجية الحكم تقتصر على الشيء المقضي فيه، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، وإذ كان الحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم... قد قضى بعدم قبول الدعوى المدنية لأن المطعون عليه أقامها أمام المحكمة الجنائية بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، فإن حجية هذا الحكم تقتصر على ما فصل فيه، ولا تمنع من رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية للقضاء في موضوعها، لأن ذلك الحكم لم يفصل في الموضوع أبداً. وإذا كان المطعون عليه بعد أن حكم له بالتعويض المؤقت من محكمة الجنح المستأنفة - وقبل نقض هذا الحكم والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية - قد أقام دعواه للمطالبة بباقي التعويض، فإن ذلك لا يعد جمعاً بين دعويين في وقت واحد.
2- مفاد المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفصل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، إذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف حجية الحكم بالبراءة في الجنحة رقم.... بمناقضة أسبابه لما أورده الحكم الأخير من مبررات للبراءة، وتأسيسه قضاءه بتوافر ركن الخطأ على ذات ما نفاه هذا الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام بالطريق المباشر الجنحة رقم 2778 لسنة 1972 الرمل ضد الطاعنين و.... لأنهم قذفوا في حقه وأبلغوا ضده كذباً بصفته مفتش أغذية بمحافظة الإسكندرية، إذ قدم الطاعن الأول ضده شكوى مكتوبة إلى مديرية الشئون الصحية بالإسكندرية يتهمه فيها كذباً بأنه طلب منه رشوه قدرها خمسة جنيهات وأبلغ الطاعنان الثاني والثالث ضده كذباً أنه استولى منهما على مبلغ خمسة جنيهات، وقدم.... شكاوى ضده واتهمه فيها بأنه تقاضى منه مبلغ خمسة جنيهات وفي 26/ 11/ 1972 حكمت محكمة جنح الرمل ببراءة المتهمين وبرفض الدعوى المدنية. استأنف المطعون عليه بصفته مدعيا بالحق المدني هذا الحكم وقيد استئنافه رقم 279 لسنة 1973 شرق إسكندرية، وحكم فيه بجلسة 28/ 5/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية بإلزام المتهمين متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. طعن المتهمون في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة النقض قضت في 23/ 2/ 1975 بنقض الحكم وبإحالة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للفصل فيها من جديد، وفي 31/ 5/ 1966 حكمت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى المدنية وبعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد. وكان المطعون عليه قد أقام في 13/ 5/ 1974 الدعوى رقم 1569 لسنة 1974 مدني كلي إسكندرية ضد الطاعنين.... للحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 6949 ج قائلاً أنه بعد صدور حكم محكمة الجنح المستأنفة في 28/ 5/ 1973 بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت أقام هذه الدعوى للمطالبة بالتعويض الكامل على ما أصابه من أضرار مادية وأدبية. وفي 25/ 6/ 1977 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليه مبلغ ألف وخمسمائة جنيه ورفض الدعوى فيما عدا ذلك. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين إلغاءه والقضاء أصلياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها واحتياطياً رفضها، وقيد الاستئناف برقم 540 لسنة 23 ق كما استأنفه المطعون عليه طالباً إلغاءه مما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للمستأنف عليه الثالث - .... - وبإلزامه متضامناً مع باقي المستأنف عليهم (الطاعنين) بأن يؤدوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه وقيد هذا الاستئناف برقم 558 لسنة 33 ق. وفي 27/ 3/ 1978 حكمت المحكمة في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليه مبلغ ألف جنيه وبرفض الاستئناف الثاني. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الجنحة المستأنفة رقم 279 لسنة 1973 شرق الإسكندرية المحكوم فيها بتاريخ 31/ 5/ 1979 بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها بعد الميعاد بما يحول دون إقامة الدعوى المدنية من جديد أمام القضاء المدني لوحدة الخصوم والمحل والسبب، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع قولاً منه أن الحكم بعدم قبول الدعوى المدنية ليس حكماً صادراً في الموضوع يمنع من إعادة نظر الدعوى وإنما هو حكم بعدم قبولها أمام المحكمة الجنائية لرفعها بالطريق المباشر بعد انقضاء أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها عملاً بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية وفي حين أنه يؤخذ على هذا القول أن اختيار الطريق الجنائي في الدعوى المدنية مانع من الالتجاء إلى الطريق المدني إلا إذا ترك المدعي المدني دعواه أمام المحكمة الجنائية، والمطعون عليه لم يترك دعواه المدنية أمامها بل تمسك بالفصل فيها إلى أن حكم فيها استئنافياً بعدم قبولها بما لا يجوز له بعد ذلك أن يرفع الدعوى المدنية من جديد بطلب التعويض عن ذات الفعل.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن حجية الحكم تقتصر على الشيء المقضى فيه، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 279 لسنة 1973 شرق إسكندرية قد قضى بعدم قبول الدعوى المدنية لأن المطعون عليه أقامها أمام المحكمة الجنائية بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية، فإن حجية هذا الحكم تقتصر على ما فصل فيه، ولا تمنع من رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية للقضاء في موضوعها، لأن ذلك الحكم لم يفصل في الموضوع أصلاً. وإذا كان المطعون عليه بعد أن حكم له بالتعويض المؤقت من محكمة الجنح المستأنفة - وقبل نقض هذا الحكم والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية - قد أقام دعواه الحالية للمطالبة بباقي التعويض، فإن ذلك لا يعد جمعاً بين دعويين في وقت واحد ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في فهم الواقع، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا بحجية الحكم الصادر في الجنحة رقم 2778 سنة 1972 الرمل والذي قضى ببراءتهم تأسيساً على اطمئنانه إلى صدق دفاعهم وأنهم في الشكاوى التي قدموها ضد المطعون عليه لم يقولوا إلا الصدق دون قصد الإساءة والتشهير مما يرفع عنهم كل صور الخطأ، مما كان يتعين معه الالتزام بهذا القضاء والحكم برفض الدعوى إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الأساس في الدعويين مختلف بمقولة أنه لا يسوغ لمن باشر حق الإبلاغ عن الجرائم أن ينحرف عما وضع هذا الحق من أجله وأن يستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير وأنه لم يكن للطاعنين من غير حق سوى الاعتداء على شرف المطعون عليه وسمعته وأنه ثبت من تحقيقات النيابة العامة أن الوقائع التي أدلوا بها بعيداً عن التصديق ولم يقم عليها دليل وبالتالي فهي تتضمن تهماً غير صحيحة وتنطوي على الرعونة والتسرع، وهذا القول من الحكم المطعون فيه يتعارض مع أسباب حكم البراءة التي وصفت دفاع الطاعنين بالصدق والبعد عن الكيد أو قصد الإضرار كما ينطوي هذا القول على قصور من الحكم في فهم الواقع وإقامة لقضائه على أسباب غير صحيحة وغير سائغة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا يكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون "وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أنه" لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً فإن مفاد ذلك أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في الجنحة رقم 2778 لسنة 1972 الرمل قد أسس قضاءه ببراءة الطاعنين على قوله "وحيث إن الحاضر مع المتهمين (الطاعنين) وآخر نفى التهمة عنه بقوله أن المتهمين حينما تقدموا بالشكوى ضد المدعي بالحق المدني (المطعون عليه) لم يقصدوا الإضرار والتشهير بشخصه وإنما كانوا يقولون الحقيقة والصدق..
وحيث إنه يشترط لثبوت الاتهام في جريمتي القذف والإبلاغ الكاذب المنسوبتين إلى المتهمين أن يتوافر في حقهم القصد الجنائي الخاص المتطلب لهاتين الجريمتين وهي علم القاذف بأن الأمور التي تضمنها القذف لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه واحتقاره عند أهل وطنه وكذلك العلم بكذب الوقائع المبلغ عنها وأن المبلغ بريء مما نسب إليه وأن يكون المبلغ قد أقدم على الإبلاغ بقصد الإضرار عن المبلغ ضده.... ولما كان الثابت أمام هذه المحكمة أن المتهمين حينما أبلغوا ضد المدعي بالحق المدني إنما أبلغوا ضده مستعملين في ذلك حقهم في الشكوى المكفول للكافة ولم يبتغوا من شكاواهم ضده إلا التضرر من تصرف المدعي بالحق المدني حيالهم ولم يثبت من التحقيقات المنضمة ولا صور الشكاوى المرفقة أنهم قصدوا للكيد له والإضرار بسمعته وإذ كان ذلك فإن التهمتين المنسوبتين إلى المتهمين تكونا قاصرتين عن بلوغ حد الثبوت ضدهم لانتفاء القصد الجنائي المتطلب فيها بالشروط والأوضاع التي سبق بيانها. لما كان ذلك وكان دفاع المتهمين تطمئن إليه هذه المحكمة الأمر الذي يستوجب معه القضاء ببراءتهم...." وكان الحكم المطعون فيه قد أيد أسباب الحكم الابتدائي فيما يتعلق بتوافر ركن الخطأ وأحال عليها وقد ورد بها.. فظروف الدعوى على النحو المتقدم وعلى نحو ما صورته أوراق الجنحة المذكورة (الجنحة رقم 279 لسنة 1973 مستأنف شرق الإسكندرية) تقطع بأنه لم يكن من غرض لهؤلاء المدعي عليهم (الطاعنين) سوى الاعتداء على شرف المدعي (المطعون عليه) وسمعته، ثم أنه قد ثبت من تحقيقات النيابة العامة في الشكوى الإدارية رقم 3334 لسنة 1971 الرمل أن الوقائع التي أدلوا بها بعيدة عن التصديق ولم يقم عليها دليل وبالتالي تكون هذه الشكاوى تضمنت تهماً غير صحيحة وتنطوي على الرعونة والتسرع الذي يتوافر معه ركن الخطأ في حقهم...." فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف حجية الحكم بالبراءة في الجنحة رقم 2778 لسنة 1972 الرمل بمناقشة أسبابه لما أورده الحكم الأخير من مبررات للبراءة، وتأسيسه قضاءه يتوافر ركن الخطأ على ذات ما نفاه هذا الحكم وجعل أسبابه تلك مؤدية إلى قوله أن شكاوى الطاعنين ضد المطعون عليه تنطوي على الرعونة والتسرع، إلى جانب ما يتضمنه هذا القول من استدلال غير سائغ، مما يتعين معه نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم ولأنه لا يوجد دليل في الأوراق على توافر خطأ مدني ما قبل الطاعنين، فقد تعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق