جلسة 20 من نوفمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي ومصطفى كامل.
---------------
(161)
الطعن رقم 4406 لسنة 59 القضائية
(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة بما تتوافر به عناصر الجريمة وأدلة الثبوت. المادة 310 إجراءات.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
(3) إثبات "اعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيمة الاعتراف والعدول عنه من إطلاقات قاضي الموضوع. له الأخذ باعتراف المتهم في محضر الاستدلالات ولو عدل عنه بعد ذلك.
(5) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
تحريات الشرطة. تعزر الأدلة.
(6) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
تناقض الشاهد في بعض التفاصيل لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(7) إثبات "شهود".
قرابة الشاهد للمجني عليه. لا تمنع من الأخذ بأقواله.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(9) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة استنباط معتقدها من أي دليل يطرح عليها ولو تضمنته محاضر جمع الاستدلالات.
الجدل في تقدير الدليل. موضوعي.
(10) تلبس. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
(11) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة وعدم ارتكاب الجريمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة وعدم ارتكاب الجريمة. موضوعي.
(12) عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير مبررات الرأفة أو عدم قيامها. موضوعي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر مجهول (1) شرعا في سرقة الحلي الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة لـ...... بطريق الإكراه بأن باغتها ونزع سلسلتها الذهبية ولاذ بالفرار فلما طارده..... أحدث إصابته بسلاح أبيض كان يحمله - مطواة قرن غزال - وحاول الفرار بالمسروقات وقد ترك الإكراه بالأخير أثر الجروح المبينة بالتقرير الطبي المرفق وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. (2) أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 2، 314 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالإشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبمصادرة السلاح المضبوط وذلك عما أسند إليه.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في السرقة بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى وظروفها وأخذ باعتراف الطاعن بمحضر الشرطة على الرغم من أنه أدلى به تحت تأثير الإكراه الواقع عليه من رجال الشرطة وعدل عنه بالتحقيقات، واستند إلى تحريات الشرطة حال أنها لا تعدو أن تكون مجرد ترديد لأقوال الشهود، كما عول في الإدانة على أقوال شاهدي الإثبات والمجني عليها رغم تناقضها وقرابتهما لها، وصور واقعة الدعوى على أنها شروع في السرقة أخذاً بما جاء في محضر جمع الاستدلالات حال أنها لا تعدو أن تكون مجرد مشاجرة ولم تكن الواقعة في حالة تلبس كما خلص الحكم، والتفت عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة وتلفيق الاتهام وأن المطواة دست عليه وأنه كان بمقدوره التخلص من السلسلة الذهبية أثناء مطاردته، هذا إلى أن الطاعن لا سوابق له ومريض والعائل الوحيد لأسرته وفي تنفيذه للعقوبة المحكوم بها عليه أبلغ ضرر به وبأسرته. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه أثناء سير المجني عليها ليلاً بالطريق العام باغتها الطاعن الذي كان يحمل مطواة وآخر معه بخطف سلسلتها الذهبية من رقبتها ولاذ بالفرار فتعقبه شاهدا الإثبات وإذ أمسكا به ومعه السلسلة المسروقة طعن أولهما بمطواة لمحاولة الفرار إلا أنه لم يتمكن من ذلك. لما كان ذلك وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في السرقة بإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون مما يكون منعى الطاعن بأن الحكم شابه قصور في بيان واقعة الدعوى وظروفها لا محل له. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد دفع أي منهما بأن الاعتراف المنسوب إليه قد صدر منه نتيجة إكراه وقع عليه أثناء التحقيق معه، فلا يقبل منه أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان تقدير قيمة الاعتراف وقيمة العدول عنه من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بلا معقب، فلا على المحكمة إذا هي أخذت الطاعن باعترافه في محضر جمع الاستدلالات رغم عدوله عنه بعد ذلك، ما دامت قد اطمأنت إليه وارتاحت إلى صدوره عنه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان تناقض المجني عليها والشهود في بعض التفاصيل - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته وإذ كان ذلك، وكان ما حصل الحكم من أقوال المجني عليها وشاهدي الإثبات قد خلا من شبهة أي تناقض. وكانت قرابة الشهود للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقوالهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود، فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما في الدعوى الراهنة - وكان من حق المحكمة أن تستنبط معتقدها من أي دليل يطرح عليها ومن بينها محاضر جمع الاستدلالات فإن كل ما يثيره الطاعن بشأن تحريات الشرطة وأقوال شاهدي الإثبات وصورة الواقعة التي أخذت بها المحكمة يكون محض جدل حول سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لم يكن متلبساً بها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك في أقوال الشهود وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة، ودفاعه بعدم ارتكاب الجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. فإن ما يثيره الطاعن بشأن مرضه وأنه العائل الوحيد لأسرته وما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق