جلسة 5 من نوفمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وسمير أنيس.
---------------
(143)
الطعن رقم 4371 لسنة 59 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة: الصحيحة لواقعة الدعوى.
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تأخر المجني عليه في الإبلاغ. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. ما دامت اطمأنت إليها.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. حد ذلك؟
(6) إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة. ولو عدل عنه بعد ذلك.
(7) إثبات "اعتراف". محضر الجلسة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة أو كيديتها. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة.
(9) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحريات الشرطة. قرينة تعزز الأدلة الأخرى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. خروجه عن رقابة محكمة النقض.
(10) سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. جريمة "أركانها". ظرف مشدد. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة.
تحقق الإكراه في السرقة المنصوص عليه في المادة 314 عقوبات. ولو وقع فعل الإكراه بعد حصولها. متى كان القصد منه الفرار بالمسروقات.
إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه. موضوعي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ...... 2 - ...... (طاعن) 3 - ....... "طاعن" بأنهم أولاً: سرقوا النقود المبينة قدراً بالتحقيقات المملوكة ....... وذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أطاحوا به ليلاً فور نزوله في الطريق العام من وسيلة نقل برية وطعنه كل من المتهمين الأول والثاني بمطواة وضربه المتهم السابق الحكم عليه "الرابع" "باستعمال "سونكى" وبينما كان المتهم الثالث يهدده بدوره باستعمال "مطواة" وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على نقوده وقد ترك الإكراه ببدنه الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي. ثانياً: أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحاً أبيض "سونكى ومطواة قرن غزال" وذلك في وسيلة نقل. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 314، 315، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط.
فطعن المحكوم عليه الثاني والأستاذ...... نيابة عن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
لما كان الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بالإكراه قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن الحكم صور الواقعة باعتبارها سرقة بالإكراه في حين أنها لا تعدو أن تكون مشاجرة بين الطاعن والمجني عليه نجم عنها إصابة الأخير ببعض الإصابات الواردة بالتقرير الطبي وقد عول في قضائه على أقوال المجني عليه بتحقيقات النيابة العامة التي صور فيها الواقعة سرقة بالإكراه رغم خلو أقواله بمحضر الضبط من الإشارة إلى واقعة السرقة كما عول الحكم على أقوال الشهود بالتحقيقات رغم اختلاف روايتهم وتناقض أقوالهم بما يبعث على الشك فيها فلم يشاهد أحدهم واقعة السرقة داخل السيارة أو خارجها وقد خلت الأوراق من دليل يؤكد صحة ما ورد بتحريات الشرطة فضلاً عن أن ما نسب للطاعن وباقي المتهمين من اعترافات في محضر الضبط والتي عول عليها الحكم في إدانتهم كانت وليدة إكراه مادي ومعنوي نجم عن احتجازهم بمكتب المباحث لأكثر من أسبوع قبل إجراء التحقيق معهم بمعرفة النيابة العامة كما أن باقي إصابات المجني عليه الواردة بالتقرير الطبي قد حدثت قبل تواجد الطاعن وباقي المتهمين بالسيارة بوقت طويل مما ينفي توافر الإكراه وأخيراً كان قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعن دون أن يستظهر القصد الجنائي لديه بتوقيع الرابطة بين إصابات المجني عليه والسرقة. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة بما يجمل في أنه حال تواجد المجني عليه بإحدى سيارات الأتوبيس استشعر سرقة نقوده وشاهد المتهم الأول "محكوم عليه آخر" ممسكاً بها في يده وإذ أمسك به فقد حاول الفرار إلا أنهما هبطا من السيارة سوياً وطعنه ذلك المتهم بمطواة في جانبه الأيمن بينما اعتدى...... بمطواة أسفل ذقنه وأخرج الطاعن مطواة هدده بها كما اعتدى عليه آخر "سبق الحكم عليه" بسونكى وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من تمكين المتهم الأول من الفرار بعد استيلائه على النقود. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ومن اعترافات الطاعن وباقي المحكوم عليهم بمحضر الضبط وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق. فإن ما يثيره من أن الواقعة في صورتها الصحيحة لا تعدو أن تكون مشاجرة إذ أن المجني عليه لم يذكر واقعة السرقة بمحضر الضبط ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن واقعة السرقة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعن بشأن أقوال المجني عليه وشهود الإثبات يكون على غير أساس - لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة ولو عدل عنه بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وباقي المتهمين لم يدفعوا بأن اعترافاتهم كانت وليدة إكراه أو تهديد فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة - لما كان ذلك وكان البين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان اعترافه لصدوره نتيجة إكراه وكان الحكم قد أورد مؤدى هذا الاعتراف الذي عول عليه في الإدانة ضمن، ما عول عليه واطمأن إلى سلامته فلا يقبل من الطاعن أن يثير أمام محكمة النقض لأول مرة بطلان ذلك الاعتراف وكان الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. كما أنه من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويل على تحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة وكان لا يشترط لتحقق الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 314 من قانون العقوبات أن يكون الاعتداء الذي ينشأ عنه الجرح سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به كافة أركان جناية السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح كما هي معرفة به في القانون وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه كما هو الشأن في الطعن الماثل فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق