عودة إلى صفحة : المجلة وشرحها لعلي حيدر
(الْمَادَّةُ 32) : الْحَاجَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً،
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ تَجْوِيزُ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَتْ الدُّيُونُ عَلَى أَهْلِ بُخَارَى مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ وَصَارَ مَرْعِيًّا. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ كَانَ مَمْنُوعًا، وَقَدْ جُوِّزَ بِنَاءً عَلَى الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِفَادَةَ الْمُقْرِضِ زِيَادَةً عَنْ بَدَلِ الْقَرْضِ رِبًا وَمَمْنُوعٌ شَرْعًا، وَبَيْعُ الْوَفَاءِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ غَيْرُ جَائِزٍ أَصْلًا، وَلَكِنْ حَسْبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَدْ اجْتَهَدَتْ الْفُقَهَاءُ بِنَاءً عَلَى احْتِيَاجِ أَهَالِي بُخَارَى فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ تَجْوِيزَهُ. إنَّ تَجْوِيزَ بَيْعِ السَّلَمِ وَبَيْعِ الِاسْتِصْنَاعِ مُسْتَنِدٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّلَمِ هُوَ بَيْعُ مَعْدُومٍ وَقِيَاسًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا بَاطِلًا، وَلَكِنْ قَدْ جُوِّزَ بَيْعُ السَّلَمِ وَبَيْعُ الِاسْتِصْنَاعِ لِلِاحْتِيَاجِ وَالضَّرُورَةِ الْعُمُومِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ أَكْثَرَ الْفَلَّاحِينَ فِي غَالِبِ السِّنِينَ يُصْبِحُونَ بِاحْتِيَاجٍ شَدِيدٍ لِلنُّقُودِ قَبْلَ إدْرَاكِ مَحْصُولِهِمْ، فَدَفْعًا لِاحْتِيَاجِهِمْ هَذَا قَدْ جُوِّزَ بَيْعُ السَّلَمِ وَكَذَلِكَ جُوِّزَتْ أَيْضًا إجَارَةُ الِاغْتِسَالِ فِي الْحَمَّامِ مَعَ أَنَّهَا قِيَاسًا غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهَا مَجْهُولَةٌ وَغَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْضِيهَا الْمُغْتَسِلُ فِي الْحَمَّامِ وَمِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يَصْرِفُهُ إلَّا أَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ الْعُمُومِيَّةِ قَدْ جُوِّزَتْ، وَكَذَلِكَ وُجُودُ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالْمَبِيعِ يَجْعَلُ الْمَبِيعَ مَجْهُولًا، وَلَكِنْ قَدْ جُوِّزَ هَذَا الْمَبِيعُ بِنَاءً عَلَى الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِدُونِ سُؤَالِ وَاسْتِشَارَةِ الْعَارِفِينَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق