جلسة 10 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.
----------------
(188)
الطعن رقم 16059 لسنة 59 القضائية
(1) تفتيش "إجراءات التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان إجراءات التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراءات التفتيش لوقوعه على أنثى على مرأى من مأموري الضبط القضائي. دفع قانوني مختلط بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
وجوب إبداء الدفع في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
(2) تقليد. ترويج عملة مقلدة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" عملة.
مثال لاستدلال سائغ على توافر قصد ترويج عملة والعلم بتقليدها.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر "قضي ببراءته" بأنهما حازا بقصد الترويح الورقات المالية المقلدة من فئة العشرة جنيهات مصرية مع علمها بأمر تقليدها. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 202/ 1، 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمصادرة الأوراق المالية المقلدة المضبوطة.
فطعن الأستاذ...... نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان إجراءات تفتيشها إذ جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، كما دفعت بانتفاء قصد الترويج لديها، فأطرح الحكم كلا الدفعين بما لا يسوغ إطراحه واستظهر علم الطاعنة بتقليد العملة الورقية بما لا يسوغ توافر هذا العلم في حقها فضلاً عن تناقض ما أورده - في هذا الشأن - مع ما أقام عليه قضاءه ببراءة المتهم الثاني، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ولم تجادل الطاعنة في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إجراء تفتيشها بدعوى أنها جرت على مرأى من مأموري الضبط القضائي، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع والتي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعنة قد ضمن مرافعته قوله أنه لا يجوز أن تفتش المرأة أمام ضابط الواقعة، إذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح الذي أوردته الطاعنة بأسباب طعنها، والذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا إلى أن مدونات الحكم لا تحمل مقوماته بل حملت ما يدحضه ويجعله دفعاً ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون لا محل له، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنة بتقليد العملة المضبوطة معها وقصدها ترويجها في قوله أنها "كانت تعلم بتقليد الأوراق المالية المضبوطة بدليل حرصها على إخفائها والإسراع بالتقاطها قبل أن تمتد إليها يد الضابط وعلمها هذا كاف لتوافر قصد الترويج في حقها يؤكد ذلك ما ورد على لسان شهود الواقعة من سبق ضبط زوجها المتهم الأول في عدة قضايا مماثلة وأنها بحكم المخالطة والمعاشرة لا بد وأن تعلم بما يمارسه زوجها من نشاطات". كما أثبت الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وإيراده مضمون أقوال الضباط شهود الإثبات أن الطاعنة كانت تحوز الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها، وأنها تعلم بأن تلك الأوراق مقلدة. وإذ كانت الطاعنة لا تدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازتها العملة المضبوطة، وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة كما أنه لا يتناقض مع ما أقام الحكم عليه قضاءه ببراءة المتهم الأول ضمن ما أقام عليه هذا القضاء - من أن التحريات خلت من الإشارة إلى أن المتهم يقوم بتزوير الأوراق المالية وأن قصده ترويج تلك الأوراق وعلمه بتزويرها لم يقم عليه دليل، ذلك أنه من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وهو ما لم يتحقق في أسباب الحكم المطعون فيه، ومن ثم تنحسر عنه قالة التناقض في التسبيب، ويكون النعي عليه بدعوى الفساد في الاستدلال والتناقض في التسبيب في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق