جلسة 1 من إبريل سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان، محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.
--------------
(88)
الطعن رقم 109 لسنة 57 القضائية
(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها.
(2) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
(3) اختصاص "اختصاص مكاني" "اختصاص إقليمي". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سريان أحكام قانون العقوبات المصري على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه.
مكان ارتكاب الجريمة هو الذي يتحقق فيه الركن المادي أو جزء منه. قيامه على ثلاثة عناصر الفعل والنتيجة وعلاقة السببية فيها. مؤدى ذلك؟
(4) محاماة. قتل عمد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم التزام المحامي بخطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه. وله أن يسلك في القيام بهذه المهمة الخطة التي يرى هو بمقتضى شرف مهنة المحاماة وتقاليدها أن في اتباعها ما يحقق مصلحة من وكل إليه الدفاع عنه.
لا يصح في مقام الإدانة أن يؤخذ المتهم بأقوال محاميه ما دامت خطة الدفاع متروكة لرأيه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجناية بأنها: قتلت كل من..... و ..... و...... ومجهولين عمداً مع سبق الإصرار بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً بأن استحضرت علبة حلاوة طحينية وخلطت بها مبيداً حشرياً من مركبات الكلور العضوية السامة وأرسلتها لزوجها المجني عليه الأول مع........ بدولة العراق قاصدة قتله فتناول منها والمجني عليهم سالفي الذكر فحدثت بهم الإصابات والأعراض الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية والتي أودت بحياتهم. وأحالتها إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من..... و..... مدنياً قبل المتهمة بإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات المنصورة وبإجماع الآراء أحالت أوراق المتهمة إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 231، 233 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالإعدام شنقاً وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة بمذكرة مشفوعة برأيها.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة - رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة ميعاد الأربعين يوماً المحدد في المادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها وذلك في الميعاد المبين في المادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39" ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها ينقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان.
ومن حيث إن طعن المحكوم عليها استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الدعوى الجنائية قد رفعت على المحكوم عليها بوصف أنها في يوم 16/ 8/ 1984 بدائرة مركز المنصورة قتلت كلاً من......... وآخرين عمداً مع سبق الإصرار بجواهر تسبب عنها الموت بأن استحضرت علبة حلاوة طحينية وخلطت بها مبيداً حشرياً..... وأرسلتها لزوجها المجني عليه الأول إلى دولة العراق قاصدة قتله فتناول منها والمجني عليهم فحدثت بهم الإصابات التي أودت بحياتهم. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصت على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه" ونصت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه"، وكان مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر، الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما، وتعتبر الجريمة أنها ارتكبت في المكان الذي وقع فيه الفعل المادي وفي المكان الذي حدثت فيه النتيجة وفي كل مكان تحققت فيه الآثار المباشرة للفعل والتي تتكون منها الحلقات السببية التي تربط بين الفعل والنتيجة. وإذ كانت واقعة الدعوى كما وردت في أمر الإحالة وفي الحكم هي أن المحكوم عليها سلمت علبة الحلوى المسمومة إلى.... ليسلمها بدوره إلى زوجها بالعراق، وأن التسليم قد تم بدائرة مركز المنصورة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المحكوم عليها تقيم بها وقبض عليها فيها، فإن محكمة جنايات المنصورة تكون مختصة بنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر اعتباراً بأنها المحكمة التي أفرغت المحكوم عليها نشاطها الإجرامي كله في دائرتها، ولا يحول دون ذلك أن يكون المجني عليهم قد تناولوا الحلوى المسمومة وقضوا نحبهم في العراق ما دامت واقعة تسليم المادة السامة - وهي حلقة من حلقات النشاط الإجرامي التي أودت بحياة المجني عليهم - قد تمت بدائرة مركز المنصورة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد عول - من بين ما عول عليه - في التدليل على علم المحكوم عليها بوجود السم في الحلوى على قوله "رغم اعتراف المتهمة بلسان محاميها بالجلسة بإرسالها علبة الحلاوة لزوجها فلم تحاول تبرير وجود المادة السامة فيها أو حتى تحاول البحث عن فاعل غيرها لهذه الجريمة البشعة ولكل الذي فعلته عن طريق عشيقها....." لما كان ذلك، وكان وجود محام بجانب المتهم في المواد الجنائية للدفاع عنه لا يقتضي أن يلتزم المحامي خطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه، بل له أن يسلك في القيام بهذه المهمة، الخطة التي يرى هو بمقتضى شرف مهنة المحاماة وتقاليدها - أن في اتباعها ما يحقق مصلحة من وكل إليه الدفاع عنه، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تستند إلى شيء من أقواله هو في إدانة موكله، إذ لا يصح - في مقام الإدانة - أن يؤخذ المتهم بأقوال محاميه، ما دامت خطة الدفاع متروكة لرأي الأخير وتقديره وحده، وإذ كان الحكم قد عول في الإدانة - من بين ما عول عليه - على ما ورد على لسان محامي المحكوم عليها - على السياق المتقدم - فإنه يكون قد اعتمد في قضائه على دعامة فاسدة تبطله وتوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدم من المحكوم عليها. ولا يعصم الحكم من البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد يتعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق