باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يناير سنة 2024م،
الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم
والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء
الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 80 لسنة 43
قضائية "دستورية".
المقامة من
هاشم عرفة بخيت عبد ربه
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير الصحة
4- مدير إدارة التراخيص الطبية
---------------
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من سبتمبر سنة 2021، أودع المدعي صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة
(ب) من البند (2) من المادة (3) من القانون رقم 367 لسنة 1954، فيما تضمنه من وضع
قيد على الحاصل على بكالوريوس العلوم، بأن يكون من شعبة "الكيمياء"
للقيد في سجل وزارة الصحة، دون باقي الفئات الواردة بنص تلك الفقرة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر جلسة 11/2/2023، وفيها قررت المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين
لاستكمال التحضير، فأودعت تقريرًا تكميليًّا برأيها.
ونُظرت الدعوى بجلسة 4/11/2023، وفيها قدم المدعي مذكرة مرددًا
طلباته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة " الدائرة الرابعة –
تراخيص" الدعوى رقم 34284 لسنة 75 قضائية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع،
طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي للجنة القيد بإدارة التراخيص
الطبية بوزارة الصحة، بالامتناع عن قيد اسمه في سجل البكتريولوجيين، وما يترتب على
ذلك من آثار، أهمها قيد اسمه في ذلك السجل؛ على سند من القول بأنه حاصل على:
بكالوريوس العلوم "شعبة الميكروبيولوجيا الخاصة"، دبلوم الميكروبيولوجيا
التطبيقية"، درجة الماجستير في التخصص ذاته، درجة الدكتوراه في العلوم /
ميكروبيولجي. وإذ تقدم بطلب إلى لجنة القيد بإدارة التراخيص بوزارة الصحة لقيد
اسمه في سجل البكتريولوجيين، لمزاولة مهنة "التحاليل الطبية"، إلا أن
تلك الإدارة امتنعت عن البت في طلبه؛ مما حدا به إلى إقامة دعواه الموضوعية،
وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية الفقرة (ب) من البند (2) من المادة (3) من القانون
رقم 367 لسنة 1954، فيما تضمنه من وضع قيد على الحاصل على بكالوريوس العلوم، بأن
يكون من شعبة "الكيمياء"، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت
للمدعي باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على
النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد (4 و8 و9 و11 و19 و53) من الدستور.
وحيث إن القانون رقم 367 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهن الكيمياء الطبية
والبكتريولوجيا والباثولوجيا وتنظيم معامل التشخيص الطبي ومعامل الأبحاث العلمية
ومعامل المستحضرات الحيوية، نص في المادة (1) منه على أنه " لا يجوز لغير
الأشخاص المقيدة أسماؤهم في السجل الخاص بوزارة الصحة العمومية القيام بالأعمال
الآتية: (أ) .......... (ب) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات البكتريولوجية، أو
تحضير أي نوع من أنواع المستحضرات الحيوية، أو إبداء آراء في مسائل أو تحاليل
بكتريولوجية وبوجه عام مزاولة مهنة البكتريولوجيا بأية صفة عامة كانت أو خاصة .(ج)
...........".
ونصت المادة (3) من القانون ذاته على أنه " يشترط للقيد في السجل
المنصوص عليه في المادة (1) أن تتوافر في الطالب الشروط الآتية: 1- .......... 2-
أن يكون حاصلًا على: (أ) بكالوريوس في الطب والجراحة من إحدى الجامعات المصرية،
وكذا على دبلوم في الباثولوجيا الإكلينيكية .(ب) أو بكالوريوس في الطب والجراحة أو
في الصيدلة أو في العلوم (الكيمياء) أو في الطب البيطري أو في الزراعة من إحدى
الجامعات المصرية، وكذا على درجة أو شهادة تخصص من إحدى الجامعات المصرية في
الكيمياء الحيوية أو كيمياء تحليل الأغذية أو كيمياء تحليل الأدوية أو في
البكتريولوجيا أو في الباثولوجيا حسب الأحوال. (ج)....... 3-.......".
وناطت المادة (4) من القانون المشار إليه بلجنة حددت تشكيلها تقدير
قيمة شهادات التخصص. ونصت الفقرة الأولى من المادة (6) من القانون ذاته، بعد
استبدالها بالقانون رقم 270 لسنة 1955، على أن " تنشأ بوزارة الصحة العمومية
أربعة سجلات لقيد أسماء الأشخاص الذين تتوافر فيهم الاشتراطات المنصوص عليها في
المواد السابقة. على أن يخصص سجل لكل من الكيميائيين الطبيين والبكتريولوجيين
والباثولوجيين والباثولوجيين الإكلينيكيين من الأطباء البشريين".
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر
دعوى بذاتها سابق بالضرورة على الخوض في شرائط قبولها أو الفصل في موضوعها،
وتواجهه المحكمة من تلقاء نفسها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الرقابة التي تباشرها المحكمة
تثبيتًا للشرعية الدستورية، مناطها النصوص التشريعية التي أقرتها السلطة التشريعية
أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور، وبالتالي
يخرج عن نطاقها إلزام هاتين السلطتين بإقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع
معين، إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره هاتان السلطتان وفقًا لأحكام الدستور، ومن ثم
لا يجوز حملهما على التدخل لإصدار تشريع في زمن محدد أو على نحو معين.
وحيث كان ما تقدم، وكان المدعي يسعى بدعواه المعروضة إلى تعديل الشرط
الوارد بالنص المطعون فيه، على نحو يتيح للحاصل على بكالوريوس العلوم، شعبة
"الميكروبيولوجيا الخاصة"، القيد في سجل البكتريولوجيين بوزارة الصحة،
لمزاولة مهنة التحاليل الطبية. وإذ كان من بين ما أورده النص المطعون فيه من شروط
للقيد في أحد سجلات وزارة الصحة، أن يكون طالب القيد حاصلًا على بكالوريوس في الطب
والجراحة أو في الصيدلة أو في العلوم "شعبة الكيمياء" أو في الطب
البيطري أو في الزراعة، فإن تحديد تلك الشهادات العلمية، وتقييمها، يفترض أن يكون
دائرًا – ابتداءً وانتهاءً – حول نوعية المقررات العلمية – كمًّا وكيفًا – التي
تلقاها الطالب خلال سنوات الدراسة الجامعية للحصول على المؤهل العالي، متضمنًا
تحليلًا لها، وتقديرًا لعناصرها، مستغرقًا في تفصيلاتها، ومحيطًا بها في جوانبها
كافة، موازنًا بينها وبين غيرها من المقررات العلمية الأخرى، منتهيًا إلى تحديد
نوعية الدراسة المؤهلة لمزاولة المهن التي يجيزها القيد في أي من سجلات وزارة
الصحة. ومن ثم، فإن تحقيق ما يرنو إليه المدعي من دعواه المعروضة، - بحسب التكييف
القانوني السديد – يُعد بمثابة دعوة المشرع إلى تعديل التشريع القائم، ليتضمن
بدائل أخرى لأحد شروط مزاولة مهن الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا والباثولوجيا
المنصوص عليها في القانون رقم 367 لسنة 1954 المشار إليه، وهو ما يمثل خوضًا في
بواعث التشريع، وملاءمته، ومناقشة لدوافعه، وتدخلًا في السياسة التشريعية التي
ينتهجها المشرع لتنظيم أوضاع بعينها، الأمر الذي يجاوز تقريره نطاق الولاية
المعهود بها إلى هذه المحكمة في الرقابة على الشرعية الدستورية، ويُعد تدخلًا في
صميم عمل السلطة التشريعية، بالمخالفة لنص المادة (101) من الدستور؛ الأمر الذي
يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق