جلسة 13 ابريل سنة 2003
برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحي نجيب (رئيس المحكمة) وعضوية السادة المستشارين: علي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وعبد
الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام أنور نجيب ومحمد عبد العزيز
الشناوي
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما (رئيس هيئة المفوضين)
وحضور السيد / ناصر أمام محمد حسن (أمين السر)
------------
(146)
القضية 81 لسنة 23 ق " دستورية"
(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية
المباشرة" تطبيق.
إحالة محكمة الموضوع نص المادة (62) من قانون التأمين الاجتماعي رقم
79 لسنة 1975 فيما تضمنه من إلزام قرار لجنة التحكيم الطبي. حسم دستورية هذا النص
ضروري للفصل في الدعوى الموضوعية. أثره: توافر المصلحة الشخصية المباشرة.
(2) تشريع "قانون التأمين الاجتماعي: لجنة التحكيم الطبي:
اختصاصها: طبيعة قراراتها".
لجنة التحكيم الطبي المنصوص عليها في المادة (62) من قانون التأمين
الاجتماعي المار ذكره. تشكليها: من ثلاثة أطباء. اختصاصاتها: بفحص طلب المؤمن عليه
إعادة النظر في قرار الجهة التي تتولى علاجه، طبيعتها: لجنة فنية بحتة. قراراتها:
تصدر في حدود صلاحياتها كجهة طبية. انتفاء الصلة بينها وبين التحكيم كنظام لتسوية
المنازعات بالمفهوم القضائي. النص الطعين لم يتضمن حظرا على اللجوء إلى القضاء، أو
تحصينا لقرارات هذه اللجنة من الطعن عليها أمام القضاء.
----------------
1 - النص الطعين جعل قرار لجنة التحكيم الطبي
ملزما لطرفي النزاع، مما حدا بمحكمة الموضوع إلى إحالة ملف الدعوى الموضوعية إلى
هذه المحكمة لحسم المسألة الدستورية المثارة في شأن ما يتضمنه ذلك النص من تحصين
قرار اللجنة المذكورة من الطعن عليه أمام القضاء، وبالتالي يكون حسم هذه المسألة
لازما للفصل في طلبه المطروح أمام محكمة الموضوع طعنا على قرار تلك اللجنة، مما
يتوافر به شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى المثالة، ومن ثم يكون الدفع
بعدم قبولها قائما على غير أساس؛ متعينا الالتفات عنه.
2 - لجنة التحكيم التي أشار إليها النص الطعين
وأحال في شأن تشكيلها إلى قرار يصدر من وزير التأمينات الاجتماعية بالاتفاق مع
وزير القوى العاملة، حيث صدر القرار رقم 215 لسنة 1977 قاضيا بتشكيلها من طبيب
الصحة المهنية بمديرية القوى العاملة الواقع في دائرة اختصاصها مكان العمل، وطبيب
من الهيئة العامة للتأمين الصحي، وطبيب أخصائي يختاره مقرر اللجنة من مديرية
الشئون الصحية أو من إحدى المستشفيات الجامعية حيث حالة المؤمن عليه طالب التحكيم،
إنما تختص بفحص طلب المؤمن عليه بإعادة النظر في قرار جهة العلاج، وهي بمنطق
تشكيلها على النحو المشار إليه لا تعدو أن تكون لجنة فنية بحتة، تصدر قرارها في
حدود صلاحيتها كجهة طبية تقول كلمة أخيرة فيما يتعلق بالأمراض المهنية أو حالات
العجز ونسبته. إذ كان ذلك، وكانت العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني،
فإن التجاوز في تسمية هذه اللجنة بأنها لجنة تحكيم، في حين أنه لا شأن لها
بالتحكيم كنظام لتسوية المنازعات بالمفهوم القضائي، يقود إلى إنزالها منزلتها
الحقيقية وإعطائها التكييف القانوني الصحيح بوصفها لجنة فنية طبية، يكون قرارها
الفني ملزما لطرفي النزاع، ولا يتجاوز في هذا الإلزام حدود المسألة الفنية التي
تناولها بالبحث والبت فيها، كما انه لا شأن لذلك بحق الطرفين في اللجوء إلى
القضاء، حيث لم يتضمن النص الطعين حظرا على التقاضي في شأن هذه المسألة الفنية،
كما أنه لم ينطو على تحصين قرارات تلك اللجنة من الطعن عليها أمام القضاء، بما
ينفى عن النص الطعين قالة مخالفته للدستور، ويكون النعي عليه غير قائم على أساس
صحيح مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل في
أن المستأنف كان قد أقام ابتداءً الدعوى رقم 1140 لسنة 1997 أمام محكمة الإسكندرية
الابتدائية، طالباً الحكم بتعديل قرار لجنة التحكيم الطبي بتشخيص حالته؛ من عجز
جزئى مستديم إلى عجز كلى مستديم ناشئ عن مرض أُصيب به أثناء عمله بالشركة التي
يمثلها المستأنف ضده الثالث، وإذ قضت المحكمة بجلسة 24/2/2000 بعدم قبول الدعوى
استناداً إلى ما نصت عليه المادة (62) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه من
أن يكون قرار لجنة التحكيم الطبي ملزماً لطرفي النزاع، فقد طعن المستأنف على هذا
الحكم بالاستئناف رقم 493 لسنة 56 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية ؛ طالباً
الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلبه السالف البيان، وتضمنت صحيفة
الاستئناف كذلك دفعه بعدم دستورية نص المادة (61) من القانون رقم 79 لسنة 1975 آنف
البيان، وإذ تراءى لمحكمة استئناف الإسكندرية عدم دستورية نص المادة (62) من هذا القانون
فيما تضمنه من تحصين قرارات لجنة التحكيم الطبي من الطعن عليها أمام القضاء؛
لإخلالها على ما ساقته من أسباب بحق التقاضي المنصوص عليه في المادة (68) من
الدستور، فقد قضت بجلسة 24/3/2001 بإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في
دستورية النص المشار إليه.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن المادة (61) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم
79 لسنة 1975، المعدل بالقانونين رقمى 25 لسنة 1977 و207 لسنة 1994، تنص على أن
" للمؤمن عليه أن يتقدم بطلب إعادة النظر في قرار جهة العلاج وذلك خلال أسبوع
من تاريخ إخطاره بانتهاء العلاج أو بتاريخ العودة للعمل، أو بعدم إصابته بمرض
مهنى، وخلال شهر من تاريخ إخطاره بعدم ثبوت العجز أو بتقدير نسبته. ويُقدم الطلب
إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مرفقاً به الشهادات الطبية المؤيدة لوجهة
نظره مع أداء مائة قرش كرسم تحكيم ". وتنص المادة (62) من القانون ذاته والتي
تتضمن في عجزها النص الطعين على أن " على الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
إحالة الطلب إلى لجنة تحكيم يصدر بتشكيلها وتنظيم عملها قرار من وزير التأمينات
بالاتفاق مع وزير القوى العاملة. وعلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي إخطار
المصاب بقرار التحكيم الطبي بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال ثلاثة أيام على
الأكثر من تاريخ وصول الإخطار إليها، ويكون القرار ملزماً لطرفي النزاع، وعليها
تنفيذ ما يترتب عليه من التزامات ".
وحيث إن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي دفعت بعدم قبول الدعوى
لانتفاء المصلحة؛ تأسيساً على أن النص الطعين لا ينطبق في الدعوى الموضوعية وبالتالي
فإن الفصل في دستوريته لن يحقق للمدعى في تلك الدعوى فائدة عملية يمكن أن تؤثر على
مركزه القانوني فيها. وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن النص الطعين جعل قرار لجنة
التحكيم الطبي ملزماً لطرفي النزاع، مما حدا بمحكمة الموضوع إلى إحالة ملف الدعوى
الموضوعية إلى هذه المحكمة لحسم المسألة الدستورية المثارة في شأن ما يتضمنه ذلك
النص من تحصين قرار اللجنة المذكورة من الطعن عليه أمام القضاء، وبالتالي يكون حسم
هذه المسألة لازماً للفصل في طلبه المطروح أمام محكمة الموضوع طعناً على قرار تلك
اللجنة، مما يتوافر به شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الماثلة، ومن ثم
يكون الدفع بعدم قبولها قائماً على غير أساس؛ متعيناً الالتفات عنه. وحيث إن حكم
الإحالة ينعى على النص الطعين إخلاله بحق التقاضي المقرر بالمادة (68) من الدستور،
التي تنص على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى
قاضيه الطبيعي، ويُحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة
القضاء، وأنه وبالمخالفة لذلك جاء النص الطعين مقرراً أن يكون قرار لجنة التحكيم
الطبي ملزماً لطرفي النزاع، بما مؤداه أن يظل قرارها بمنأى عن الطعن فيه أمام
القضاء. وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لجنة التحكيم التي أشار إليها النص
الطعين وأحال في شأن تشكيلها إلى قرار يصدر من وزير التأمينات الاجتماعية بالاتفاق
مع وزير القوى العاملة، حيث صدر القرار رقم 215 لسنة 1977 قاضياً بتشكيلها من طبيب
الصحة المهنية بمديرية القوى العاملة الواقع في دائرة اختصاصها مكان العمل، وطبيب
من الهيئة العامة للتأمين الصحي، وطبيب أخصائي يختاره مقرر اللجنة من مديرية
الشئون الصحية أو من إحدى المستشفيات الجامعية حسب حالة المؤمن عليه طالب التحكيم،
إنما تختص بفحص طلب المؤمن عليه بإعادة النظر في قرار جهة العلاج، وهى بمنطق
تشكيلها على النحو المشار إليه لا تعدو أن تكون لجنة فنية بحتة، تُصدر قرارها في
حدود صلاحياتها كجهة طبية تقول كلمة أخيرة فيما يتعلق بالأمراض المهنية أو حالات
العجز ونسبته. إذ كان ذلك، وكانت العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني،
فإن التجاوز في تسمية هذه اللجنة بأنها لجنة تحكيم، في حين أنه لا شأن لها
بالتحكيم كنظام لتسوية المنازعات بالمفهوم القضائي، يقود إلى إنزالها منزلتها
الحقيقية وإعطائها التكييف القانوني الصحيح بوصفها لجنة فنية طبية، يكون قرارها الفني
ملزماً لطرفي النزاع، ولا يتجاوز في هذا الإلزام حدود المسألة الفنية التي
تناولتها بالبحث والبت فيها، كما أنه لا شأن لذلك بحق الطرفين في اللجوء إلى
القضاء، حيث لم يتضمن النص الطعين حظراً على التقاضي في شأن هذه المسألة الفنية،
كما أنه لم ينطو على تحصين قرارات تلك اللجنة من الطعن عليها أمام القضاء، بما
ينفى عن النص الطعين قالة مخالفته للدستور، ويكون النعي عليه غير قائم على أساس
صحيح مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى
فلهذه الأسباب
برفض الدعوى في طلب الحكم بعدم دستورية المادة (62) من قانون التأمين الاجتماعي
الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنته من تحصين قرارات لجنة التحكيم الطبي
من الطعن عليها أمام القضاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق