الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 ديسمبر 2022

الطعنان 11893 ، 12079 لسنة 85 ق جلسة 11 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 164 ص 1125

جلسة 11 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، محمد القاضي، صلاح عصمت نواب رئيس المحكمة.
---------------
(164)
الطعنان رقما 11893، 12079 لسنة 85 القضائية

(1 - 4) بنوك" عمليات البنوك: خطاب الضمان".
(1) خطاب الضمان. ماهيته. استقلال التزام كل من العميل الآمر والبنك قبل المستفيد. التزام البنك بموجب خطاب الضمان التزاما أصيلا ونهائيا قبل المستفيد بمجرد إصداره ووصوله إلى علم المستفيد. مؤداه. ضمان البنك لصالح المستفيد لا يعد تنفيذا لعقد بيع العميل والمستفيد وعدم اعتبار البنك نائبا أو وكيلا عن العميل أو كفيلا له في تنفيذه. المادتان 355/1، 358ق التجارة رقم 17 لسنة 1999.

(2) استقلال التزام كل من العميل الآمر والبنك قبل المستفيد بحيث يخضع كل منهما للعلاقة التي نشأ عنها دينه ولأحكامها.

(3) خطاب الضمان الصادر لكفالة العميل. بحكم العلاقة بين البنك مصدره والمستفيد منه. مؤداه. عبارات هذا الخطاب هي التي تحدد التزام البنك والشروط التي يدفع بمقتضاها. التزام البنك بالفوائد من تاريخ المطالبة العادية وليس القضائية.

(4) استقلال علاقة البنك بالعميل الآمر عن علاقته بالمستفيد. أثره. البنك مدين للمستفيد. مقتضاه. عدم تعلق أي حق للبنك يمكنه حوالته. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بالإلزام بقيمة خطابات الضمان والفوائد المستحقة. رفض ضمني لطلب الفوائد بسعر البنك المركزي. النعي عليه جدل موضوعي.

(5 ، 6) حكم" بيانات الحكم: أسماء الخصوم وصفاتهم".
(5) النقص في أسماء الخصوم وصفاتهم أو الخطأ فيها الذي ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى. أثره. لا بطلان.

(6) إغفال الحكم المطعون فيه إثبات اسم وصفة أمين التفليسة كأحد الخصوم في ديباجته. اشتمال مدونات الحكم المطعون فيه على وقائع الدعوى بما فيها اختصام ذلك الخصم وصفته في الدعوى. أثره. لا بطلان. عله ذلك.

(7) دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى: تحديدها بما يطلب الخصم الحكم له به".
محكمة الموضوع. تقيدها بحدود الطلبات في الدعوى. مؤداه. وجوب عدم قضائها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت تعديل الطلبات. كفاية إقامتها قضائها وفقا للطلب المطروح عليها بما يكفي لحمله.

(8 ، 9) نقض" حالات الطعن بالنقض: الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه".
(8) الطعن بالنقض. عدم قبوله في حالة الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. الاستثناء. بيان المحكمة إدراكها حقيقة الطلبات وإصرارها على قضائها مسببة إياه في هذا الخصوص.

(8) قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضده الأول بفائدة 5% متجاوزا النسبة المطالب بها رغم ثبوت عدم تعديل الطلبات حال نظر الدعوى. قضاء بما لم يطلبه الخصوم. أثره. بطلان الحكم.

-------------

1 - النص في المادتين 355/1، 358 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 يدل على أن خطاب الضمان، مشروطا أو غير مشروط، هو تعهد نهائي يصدر من البنك بناء على طلب عميله الآمر بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين عند أول طلب من المستفيد للبنك خلال مدة محددة، مهما كانت معارضة العميل الآمر، وأن ضمان البنك لصالح المستفيد لا يعتبر عقدا بين الأخير من جهة وبين العميل الآمر والبنك من جهة أخرى، كما لا يعد تنفيذا لعقد بين العميل الآمر والمستفيد، وإنما يلتزم البنك بأداء قيمة خطاب الضمان للمستفيد التزاما مباشرا وباتا، مصدره إرادة البنك المنفردة بمجرد إصداره خطاب الضمان موقعا عليه ووصوله إلى علم المستفيد منه، ولذلك فإن البنك في تنفيذه لخطاب الضمان لا يعد نائبا أو وكيلا عن العميل الآمر أو كفيلا له وإنما هو أصيل في الالتزام به.

2 - كلا من العميل الآمر والبنك يكونان ملتزمين قبل المستفيد كل بدين مستقل ومنفصل عن دين الآخر بحيث يخضع كل منهما للعلاقة التي نشأ عنها دينه ولأحكام هذه العلاقة.

3 - المقرر أنه إذا ما أصدر البنك خطاب ضمان لكفالة عميله فإن علاقة البنك بالمستفيد وما يترتب على ذلك من حقوق مباشرة للأخير في مواجهة البنك يحكمها هذا الخطاب وحده. ولا يملك المستفيد طلب تعديل الخطاب من البنك، فيلزم باحترام شروط الخطاب وحدوده حتى يفيد من الضمان المقرر بمقتضاه، وليس له أن يطالب بأي حق لم يتضمنه الخطاب في صلبه. وعبارات خطاب الضمان هي التي تحدد التزام البنك والشروط التي يتم الدفع بمقتضاها حتى إذا ما طولب البنك بقيمة خطاب الضمان وجب عليه الدفع فورا وإلا اعتبر مخلا بتنفيذ التزامه كمدين للمستفيد، وتسري على البنك فوائد التأخير المنصوص عليها في المادة 226 من القانون المدني، ليس من تاريخ المطالبة القضائية وإنما من تاريخ مطالبة المستفيد له مطالبة عادية وامتناعه عن تنفيذ التزامه.

4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن خطابات الضمان محل النزاع غير مشروطة وقد تعهد فيها البنك المطعون ضده الأول– مصدر الخطابات – بتسييل قيمتها للطاعن – المستفيد – لدى طلبه، وأن الأخير قد طلب ذلك بتاريخ 20/ 11/ 2001 غير أن البنك تقاعس عن تنفيذ التزامه، وخلص الحكم مما تقدم إلى إلزام البنك بإجمالي قيمة خطابات الضمان بمبلغ 3.952.843 جنيه، واطرح الحكم ما تذرع به البنك المطعون ضده الأول من أن الشركة المطعون ضدها الثانية – العميل الآمر– قامت بحوالة حقها لدى الطاعن بصفته عن العمليات التي صدرت خطابات الضمان ضمانا لتنفيذها، لاستقلال علاقة البنك بالعميل الآمر عن علاقة البنك بالمستفيد، إذ تحكم العلاقة الأولى عقود التسهيلات وشروطها، وتحكم العلاقة الثانية خطابات الضمان وشروطها والتي يكون فيها البنك مصدر الخطابات مدينا للمستفيد حتى تنقضي مدتها أو يؤدي قيمتها إليه قبل انقضاء مدتها، ومن ثم لا يتعلق له بها أي حق يمكن حوالته، كما قضى الحكم بفائدة تأخيرية تحسب من يوم امتناع البنك عن أداء قيمة خطابات الضمان بتاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإجمالي قيمة خطابات الضمان والفوائد المستحقة عنها يعتبر قضاء ضمنيا برفض طلب الطاعن بصفته الحكم له بالمبلغ المطلوب في صحيفة الدعوى والمتضمن لفوائد محسوبة بالسعر الذي يتعامل به البنك المركزي إذ لا أساس في القانون أو في صلب خطابات الضمان ذاتها لطلب الحكم بهذه المبالغ، وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغا ومقبولا وله أصله الثابت بالأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لما يثيره الطاعن بصفته على خلافه والذي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لما انتهى إليه الحكم وأورد دليله، فإن النعي يكون على غير أساس.

5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى لا يعتبر نقصا أو خطأ جسيما مما يترتب عليه البطلان وفقا للمادة 178 (3) من قانون المرافعات.

6 - لئن خلت ديباجه الحكم المطعون فيه من اسم المطعون ضده الثالث وصفته كأمين تفليسه الشركة المطعون ضدها الثانية، إلا أن البين من مدونات الحكم أنه اشتمل على عرض لوقائع النزاع وطلبات الخصوم وأن الطاعن بصفته اختصم في الدعوى الفرعية المقامة منه المطعون ضده الثالث بصفته أمينا للتفليسة، ومن ثم فإن إغفال الإشارة إليه في ديباجة الحكم المطعون فيه لا يعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الذي من شأنه التجهيل بشخص وصفة المطعون ضده الثالث بصفته أمينا لتفليسه الشركة المطعون ضدها الثانية بعد شهر إفلاسها، فلا يترتب عليه البطلان ويكون النعي على غير أساس.

7 - يتعين على محكمة الموضوع – وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض – أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه، طالما أنه لم يثبت من الطلبات التي أقيمت الدعوى على أساسها أنها قد عدلت، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للطلب المطروح عليها بما يكفي لحمله.

8 - المقرر أن الطعن بالنقض لا يقبل في حالة الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه إلا إذا كانت المحكمة قد بينت في حكمها المطعون فيه وجهة نظرها فيما حكمت به وأظهرت فيه أنها قضت بما قضت به وهي مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات وعالمة أنها بقضائها هذا المطعون فيه إنها تقضي بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه ومع ذلك أصرت على هذا القضاء مسببه إياه في هذا الخصوص.

8 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول قد حدد طلباته في صحيفة الدعوى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وتمسك بها بعد الإحالة إلى الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية وحتى قفل باب المرافعة دون أي تعديل عليها، وكانت طلباته في شأن الفوائد هي الحكم بالفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام البنك الطاعن في هذا الطعن بالفائدة بواقع 5% اعتبارا من 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد، مؤسسا قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن "وحيث إنه عن الفوائد القانونية عن المبلغ المقضي به، فلما كانت خطابات الضمان سند الدعوى عملا تجاريا يلتزم البنك المصدر لها بأداء قيمتها للمستفيد فور تقديمها له خلال مدة سريانها فإن امتنع عن ذلك استحق عنها لصالح المستفيد فائدة تأخيرية تحسب من يوم الامتناع عن أداء قيمتها، وإذ لم يرد بشأن تحديدها في حال عدم الاتفاق عليها أي نص في قانون التجارة أو القوانين المكملة له ومن ثم تسري بشأنها الفائدة البسيطة عن الأعمال التجارية المحددة بنسبة 5% سنويا وفقا لنص المادة 226 من القانون المدني، ومن ثم تقضي المحكمة بإلزام البنك المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي بصفته فائدة تأخيرية عن المبلغ المقضي به اعتبارا من تاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد". لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه من تحديد طلبات المطعون ضده الأول التي أقام بها دعواه بأنها طلب "الحكم بالفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد"، ورغم ذلك أصر الحكم على القضاء له بفائدة بواقع 5% سنويا اعتبارا من تاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد، مسببا إياه على النحو الذي أورده، ودون أن يثبت من الأوراق أن المطعون ضده الأول قد غير طلبه في الدعوى بشأن نسبة الفائدة، بما مؤداه أن الحكم حين قضى بالفائدة بنسبة 5% سنويا كان ذلك منه عن بصر وبصيرة وعلم تام بهذا الطلب المطروح عليه ومع ذلك قضى بما يجاوزه، وهو ما يعيبه.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته في الطعن الأول رقم 11893 لسنة 85ق – أقام على البنك الطاعن في ذات الطعن الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام الأخير أن يؤدي له مبلغ 72/ 8.482.844 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وذلك على سند من أنه طالب البنك المذكور بتسييل خطابات الضمان الصادرة لصالحة من الشركة المطعون ضدها الثانية – في الطعن المذكور – والتي تقاعست عن تنفيذ التزاماتها التعاقدية معها إلا أن البنك امتنع عن تسييل هذه الخطابات بغير مبرر، ومن ثم كانت الدعوى. أدخل البنك المطعون ضدها الثانية – في الطعن الأول – خصما في الدعوى وطلب ندب خبير. وبتاريخ 20/ 7/ 2009 قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها لمحكمة القاهرة الاقتصادية الدائرة الاستئنافية وقيدت برقم .... لسنة 1ق اقتصادي، أدخل البنك المطعون ضده الثالث بصفته – في الطعن الأول – في الدعوى، وندبت المحكمة خبيرا ثم لجنة ثلاثية من الخبراء وبعد أن أودعوا تقريرهم قضت بجلسة 29/ 4/ 2015 (أولا) في الدعوى الأصلية بإلزام البنك الطاعن أن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 3.952.843 جنيه إجمالي قيمة خطابات الضمان موضوع الدعوى والفائدة التأخيرية البسيطة عن المبلغ المقضي به بواقع 5% سنويا اعتبارا من تاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد. (ثانيا) بعدم قبول الادعاء الفرعي. طعن بنك القاهرة في هذا الحكم بالطعن رقم 11893 لسنة 85ق اقتصادي، كما طعن وزير الصحة بصفته – المطعون ضده الأول في الطعن الأول – في هذا الحكم بالطعن رقم 12079 لسنة 85ق اقتصادي، وأودعت النيابة مذكرة في كل طعن، وأبدت الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا بشأن الفوائد، وفي الطعن الثاني برفضه، وإذ عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها وقررت المحكمة ضم الطعن الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا- الطعن رقم 12079 لسنة 85ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه اقتصر في قضائه على إلزام البنك المطعون ضده الأول مبلغ 3.952.843 جنيه والذي يمثل فقط قيمة خطابات الضمان موضوع النزاع مع إلزامه بالفوائد القانونية، في حين أن طلباته في الدعوى والتي تمسك بها حتى قفل باب المرافعة كانت إلزام البنك بمبلغ 72/ 8.482.844 جنيه والذي يمثل قيمة خطابات الضمان شاملة قيمة الفوائد البنكية محسوبة بنسبة 13% سنويا وفقا للسعر المعلن من البنك المركزي كتعويض له عن امتناع البنك عن تسييل خطابات الضمان المذكورة باعتبارها عملا مصرفيا، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 355 (1) من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن "1- خطاب الضمان تعهد مكتوب يصدر من البنك بناء على طلب شخص (يسمى الآمر)، بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر (يسمى المستفيد)، إذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب ودون اعتداد بأية معارضة"، وفي المادة 358 من ذات القانون على أنه "لا يجوز للبنك أن يمتنع عن الوفاء للمستفيد لسبب يرجع إلى علاقة البنك بالآمر أو إلى علاقة الآمر بالمستفيد"، يدل على أن خطاب الضمان، مشروطا أو غير مشروط، هو تعهد نهائي يصدر من البنك بناء على طلب عميله الآمر بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين عند أول طلب من المستفيد للبنك خلال مدة محددة، مهما كانت معارضة العميل الآمر، وأن ضمان البنك لصالح المستفيد لا يعتبر عقدا بين الأخير من جهة وبين العميل الآمر والبنك من جهة أخرى، كما لا يعد تنفيذا لعقد بين العميل الآمر والمستفيد، وإنما يلتزم البنك بأداء قيمة خطاب الضمان للمستفيد التزاما مباشرا وباتا، مصدره إرادة البنك المنفردة بمجرد إصداره خطاب الضمان موقعا عليه ووصوله إلى علم المستفيد منه، ولذلك فإن البنك في تنفيذه لخطاب الضمان لا يعد نائبا أو وكيلا عن العميل الآمر أو كفيلا له وإنما هو أصيل في الالتزام به، ومن ثم فإن كلا من العميل الآمر والبنك يكونان ملتزمين قبل المستفيد كل بدين مستقل ومنفصل عن دين الآخر بحيث يخضع كل منهما للعلاقة التي نشأ عنها دينه ولأحكام هذه العلاقة. وكان من المقرر أنه إذا ما أصدر البنك خطاب ضمان لكفالة عميله فإن علاقة البنك بالمستفيد وما يترتب على ذلك من حقوق مباشرة للأخير في مواجهة البنك يحكمها هذا الخطاب وحده. ولا يملك المستفيد طلب تعديل الخطاب من البنك، فيلزم باحترام شروط الخطاب وحدوده حتى يفيد من الضمان المقرر بمقتضاه، وليس له أن يطالب بأي حق لم يتضمنه الخطاب في صلبه. وعبارات خطاب الضمان هي التي تحدد التزام البنك والشروط التي يتم الدفع بمقتضاها حتى إذا ما طولب البنك بقيمة خطاب الضمان وجب عليه الدفع فورا وإلا اعتبر مخلا بتنفيذ التزامه كمدين للمستفيد، وتسري على البنك فوائد التأخير المنصوص عليها في المادة 226 من القانون المدني، ليس من تاريخ المطالبة القضائية وإنما من تاريخ مطالبة المستفيد له مطالبة عادية وامتناعه عن تنفيذ التزامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن خطابات الضمان محل النزاع غير مشروطة وقد تعهد فيها البنك المطعون ضده الأول– مصدر الخطابات – بتسييل قيمتها للطاعن – المستفيد – لدى طلبه، وأن الأخير قد طلب ذلك بتاريخ 20/ 11/ 2001 غير أن البنك تقاعس عن تنفيذ التزامه، وخلص الحكم مما تقدم إلى إلزام البنك بإجمالي قيمة خطابات الضمان بمبلغ 3.952.843 جنيه، واطرح الحكم ما تذرع به البنك المطعون ضده الأول من أن الشركة المطعون ضدها الثانية – العميل الآمر– قامت بحوالة حقها لدى الطاعن بصفته عن العمليات التي صدرت خطابات الضمان ضمانا لتنفيذها، لاستقلال علاقة البنك بالعميل الآمر عن علاقة البنك بالمستفيد، إذ تحكم العلاقة الأولى عقود التسهيلات وشروطها، وتحكم العلاقة الثانية خطابات الضمان وشروطها والتي يكون فيها البنك مصدر الخطابات مدينا للمستفيد حتى تنقضي مدتها أو يؤدي قيمتها إليه قبل انقضاء مدتها، ومن ثم لا يتعلق له بها أي حق يمكن حوالته، كما قضى الحكم بفائدة تأخيرية تحسب من يوم امتناع البنك عن أداء قيمة خطابات الضمان بتاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإجمالي قيمة خطابات الضمان والفوائد المستحقة عنها يعتبر قضاء ضمنيا برفض طلب الطاعن بصفته الحكم له بالمبلغ المطلوب في صحيفة الدعوى والمتضمن لفوائد محسوبة بالسعر الذي يتعامل به البنك المركزي إذ لا أساس في القانون أو في صلب خطابات الضمان ذاتها لطلب الحكم بهذه المبالغ، وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغا ومقبولا وله أصله الثابت بالأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لما يثيره الطاعن بصفته على خلافه والذي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لما انتهى إليه الحكم وأورد دليله، فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثانيا- الطعن رقم 11893 لسنة 85ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالثاني منهما على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إنه اختصم المطعون ضده الثالث بصفته أمين تفليسه الشركة المطعون ضدها الثانية وممثلها القانوني بعد شهر إفلاسها، ومع ذلك فقد خلت ديباجة الحكم من أي إشارة لهذا الخصم أو صفته أو عنوانه، مما يبطل الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى لا يعتبر نقصا أو خطأ جسيما مما يترتب عليه البطلان وفقا للمادة 178 (3) من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه ولئن خلت ديباجته من اسم المطعون ضده الثالث وصفته كأمين تفليسه الشركة المطعون ضدها الثانية، إلا أن البين من مدونات الحكم أنه اشتمل على عرض لوقائع النزاع وطلبات الخصوم وأن الطاعن بصفته اختصم في الدعوى الفرعية المقامة منه المطعون ضده الثالث بصفته أمينا للتفليسة، ومن ثم فإن إغفال الإشارة إليه في ديباجة الحكم المطعون فيه لا يعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الذي من شأنه التجهيل بشخص وصفة المطعون ضده الثالث بصفته أمينا لتفليسة الشركة المطعون ضدها الثانية بعد شهر إفلاسها، فلا يترتب عليه البطلان ويكون النعي على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب للأول من سببي طعنه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول: إن المطعون ضده الأول بصفته لم يطلب في دعواه سوى القضاء له بفائدة بواقع 4% سنويا على المبلغ المحكوم به، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى له بفائدة سنوية بواقع 5% فيكون قد قضى بأكثر مما طلبه الخصوم، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يتعين على محكمة الموضوع – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه، طالما أنه لم يثبت من الطلبات التي أقيمت الدعوى على أساسها أنها قد عدلت، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للطلب المطروح عليها بما يكفي لحمله. كما أنه من المقرر أن الطعن بالنقض لا يقبل في حالة الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه إلا إذا كانت المحكمة قد بينت في حكمها المطعون فيه وجهة نظرها فيما حكمت به وأظهرت فيه أنها قضت بما قضت به وهي مدركة حقيقة ما قدم لها من طلبات وعالمة أنها بقضائها هذا المطعون فيه إنها تقضي بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه ومع ذلك أصرت على هذا القضاء مسببة إياه في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول قد حدد طلباته في صحيفة الدعوى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وتمسك بها بعد الإحالة إلى الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية وحتى قفل باب المرافعة دون أي تعديل عليها، وكانت طلباته في شأن الفوائد هي الحكم بالفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام البنك الطاعن في هذا الطعن بالفائدة بواقع 5% اعتبارا من 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد، مؤسسا قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن "وحيث إنه عن الفوائد القانونية عن المبلغ المقضي به، فلما كانت خطابات الضمان سند الدعوى عملا تجاريا يلتزم البنك المصدر لها بأداء قيمتها للمستفيد فور تقديمها له خلال مدة سريانها فإن امتنع عن ذلك استحق عنها لصالح المستفيد فائدة تأخيرية تحسب من يوم الامتناع عن أداء قيمتها، وإذ لم يرد بشأن تحديدها في حال عدم الاتفاق عليها أي نص في قانون التجارة أو القوانين المكملة له ومن ثم تسري بشأنها الفائدة البسيطة عن الأعمال التجارية المحددة بنسبة 5% سنويا وفقا لنص المادة 226 من القانون المدني، ومن ثم تقضي المحكمة بإلزام البنك المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي بصفته فائدة تأخيرية عن المبلغ المقضي به اعتبارا من تاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد". لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه من تحديد طلبات المطعون ضده الأول التي أقام بها دعواه بأنها طلب "الحكم بالفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد"، ورغم ذلك أصر الحكم على القضاء له بفائدة بواقع 5% سنويا اعتبارا من تاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد، مسببا إياه على النحو الذي أورده، ودون أن يثبت من الأوراق أن المطعون ضده الأول قد غير طلبه في الدعوى بشأن نسبة الفائدة، بما مؤداه أن الحكم حين قضى بالفائدة بنسبة 5% سنويا كان ذلك منه عن بصر وبصيرة وعلم تام بهذا الطلب المطروح عليه ومع ذلك قضى بما يجاوزه، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الخصوص.
وحيث إنه عن موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 1ق اقتصادي، في حدود ما تم نقضه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء بإلزام المدعى عليه – البنك الطاعن – بالفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به بواقع 4% سنويا من تاريخ 20/ 11/ 2001 وحتى تمام السداد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق