الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 يوليو 2022

الطعن 33193 لسنة 85 ق جلسة 14 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 74 ص 762

جلسة 14 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / محمود مسعود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، محمد عبد الحليم ، حاتم عزمي و د/ كاظم عطية نواب رئيس المحكمة .
------------

(74)

الطعن رقم 33193 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . المادة 310 إجراءات جنائية .

(2) تجمهر . اتفاق . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين الثانية والثالثة من القانون 10 لسنة 1914 . شروطها ؟

قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين . غير لازم لتوافر جريمة التجمهر. كفاية أن تتجه نية المشتركين لتحقيق الغرض الذي يهدفون إليه وعلمهم به .

صراحة الدليل ودلالته على صورة واقعة الدعوى . غير لازم . كفاية استخلاصها من جماع العناصر المطروحة عن طريق الاستنتاج والاستقراء وترتيب النتائج على المقدمات .

تدليل الحكم على توافر العناصر الجوهرية لقيام جريمة التجمهر وإيراد ما يُنبئ عن ثبوتها في حق الطاعن . كاف .

(3) اتفاق . فاعل أصلي . مساهمة جنائية .

تقابل إرادات المساهمين في الجريمة . كفايته لتحقق الاتفاق بينهم . مضي وقت معين عليه . غير لازم . مؤدى ذلك ؟

إسهام الشخص بفعل من الأفعال المكونة للجريمة . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها . أساس ذلك ؟

مثال .

(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مساهمة جنائية .

تحديد الحكم للأفعال التي أتاها كل مساهم على حدا ودوره في ارتكاب الجريمة . غير لازم . حد ذلك ؟

(5) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " . تجمهر .

قضاء المحكمة بمعاقبة الطاعن بعقوبة جريمة الاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة باعتبارها الأشد . النعي بشأن الجرائم الأخرى . غير مجد .

(6) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . ارتباط .

إعمال الحكم للمادة 32 عقوبات دون إيرادها أو تحديد الجريمة الأشد عقوبة . لا ينال من سلامته . ما دام ما أورده من وقائع ينبىء بقيام الارتباط بين الجرائم التي دان الطاعن بها .

(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يُقبل منها " .

للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . متى اطمأنت لسلامتها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .

(8) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض والتفتيش . موضوعي .

(9) تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .

التفتيش المحظور . ماهيته ؟

دخول المنازل وغيرها من الأماكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه من جهة الاختصاص . صحيح .

للمحكمة الالتفات عن الرد على دفع الطاعن ببطلان تفتيش مسكنه . ما دام ما أورده الحكم من وقائع يفيد عدم إجراء ذلك التفتيش وأن الأشياء محل الجريمة ضُبطت بحوزته إثر القبض عليه نفاذاً لأمر النيابة العامة . علة ذلك ؟

(10) اختصاص " الاختصاص المكاني " . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " .

امتداد اختصاص مأمور الضبط القضائي إلى جميع من اشتركوا في واقعة الدعوى التي بدأ تحقيقها على أساس حصولها في اختصاصه أينما كانوا .

(11) نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .

المادتان 199 و 206 مكرر إجراءات جنائية . مفادهما ؟

التحقيق الابتدائي في جميع الجرائم . حق أصيل للنيابة العامة . الاستثناء . ندب قاضي للتحقيق في جرائم معينة . إحالة الدعوى إليه . أثره : اختصاصه دون غيره بتحقيقها . أساس ذلك ؟

التحقيق ليس من بين الإجراءات المحظور على النيابة العامة اتخاذها قبل الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي . مؤدى ذلك ؟

لجميع درجات النيابة العامة تحقيق الجنايات المقررة بالمادة 206 إجراءات جنائية بكافة السلطات عدا سلطات قاضي التحقيق في مدد الحبس الاحتياطي . التزام الحكم هذا النظر . لا بطلان .

(12) دفوع " الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . اختصاص " الاختصاص النوعي " .

توزيع العمل على دوائر محكمة الاستئناف وتعين من يعهد إليه من المستشارين للقضاء بمحكمة الجنايات . تنظيم إداري . لا يسلب محكمة الجنايات اختصاصها ويفرد دائرة به . مخالفته . لا بطلان . علة ذلك ؟

(13) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وعدم التواجد على مسرح الجريمة وكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستأهل ردًا . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

(14) تجمهر . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .

نعي النيابة العامة على الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمتي الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والترويج لأفكارها . غير مجد . ما دام قد دانه بجريمة التجمهر الذي نجم عنه تخريب عمدي للأملاك العامة وعاقبه بعقوبتها بوصفها الأشد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1– لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما قرره شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة على التقارير الطبية للمجنى عليهم وما ثبت بتقرير قسم الأدلة الجنائية بشأن احتراق سيارة الشرطة رقم .... وما ثبت من معاينة النيابة العامة للسيارة الميكروباص رقم .... ومن إقرار المتهم/ .... استدلالاً وما ثبت بالصور الفوتوغرافية . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإنه ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

2- لما كانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وكان يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين سالفتي البيان إتجاه غرض المتجمهرين – الذين يزيد عددهم عن خمسة أشخاص – إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه ، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة تبريراً لقضائه ، دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها وينبئ بجلاء على ثبوتها في حق الطاعن ، وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته كافياً لبيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شيء، ويكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس .

3- لما كان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضى في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفى في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة – طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات – أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن مع باقي المحكوم عليهم على ارتكاب الجرائم المسندة إليهم وأن كلاً منهم قارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .

4- لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حدة ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن هذا وحده يكفى لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً .

5- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعن مما ينصرف إلى باقي الجرائم ما دام الحكم قد أثبت في حقه جريمة الاشتراك في تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة باستعمال القوة والعنف وقد وقع منه تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر تخريب عمدى للممتلكات العامة المملوكة للدولة – سيارة الشرطة رقم " .... – وهي الجريمة التي انتظمتها المواد 1، 2، 3/2، 3 مكرراً/2 من القانون رقم10 لسنة 1914 المعدل بشأن التجمهر، وذلك على النحو المار ذكره ، وأوقع عليه عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة لتلك الجريمة باعتبارها أشد الجرائم موضوع المحاكمة .

6- لما كان لا يعيب الحكم إعماله المادة 32 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى دون أن يوردها ضمن النصوص التي حكم بها أو عدم تقريره بوجود ارتباط بين الجرائم التي دان الطاعن بها أو عدم تحديده الجريمة الأشد التي حكم بعقوبتها من بينها ما دام الواضح من وقائع الدعوى كما أوردها وجود ارتباط لا يقبل التجزئة بين هذه الجرائم ووقوعها جميعاً لغرض واحد الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون المذكور ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم ذكره هذه المادة الأخيرة أو عدم تعيينه الجريمة الأشد من بين الجرائم المرتبطة .

7- لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات التي قام بها مأمور الضبط وصحتها، فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض .

8- لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات وكفايتها فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالقبض وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس .

9- لما كان الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه من الجهة صاحبة الاختصاص ، فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على هذا الشخص ، وكان ما ذهب إليه الطاعن من نعي بالتفات الحكم المطعون فيه عن الدفع ببطلان تفتيش مسكن الطاعن تأسيساً على عدم صدور إذن من النيابة العامة بذلك ، فإن البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة وإيراد الأدلة أن ثمة تفتيش لم يجر لذلك المسكن وأن ضبط الأشياء محل الجريمة إنما تم بحسبانها كانت بحوزة الطاعن على إثر ضبطه تنفيذاً لأمر النيابة العامة بالقبض على الطاعن ، فإن هذا الإجراء بهذه المثابة من الإجراءات التي يحق لمأموري الضبط القضائي القيام بها دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق ، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً خاصاً من المحكمة عليه .

10- لما كان من المقرر أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني – بفرض حصوله – إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ، ويجعل له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخوله له القانون من إجراءات ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس .

11- لما كانت المادة 206 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية والمضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 قد جرى نصها على أن : " يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضى التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرر والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً ..... " ، كما جرى نص المادة 199 من نفس القانون على أنه : " فيما عدا الجرائم التي يختص قاضى التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة 64 تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضى التحقيق .... " وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم واستثناءً من ذلك يجوز ندب قاضٍ للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص، ومتى أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها ، وهدياً بما سلف فإن القانون قد حدد الإجراءات التي يختص بها قاضي التحقيق – وحده – والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن من القاضي الجزئي، وليس التحقيق من بين تلك الإجراءات، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة ـــــ أياً كانت درجته ـــــ هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ، وكانت المادة 206 مكرر من القانون آنف البيان قد حددت سلطات المحقق من النيابة العامة حال التحقيق في الجنايات الواردة في متن النص دونما تحديد درجة معينة لتولى ذلك التحقيق ، مما مفاده أن لجميع درجات النيابة العامة تحقيق تلك الجنايات بذات السلطات المقررة لهم في القانون ، عدا سلطات قاضى التحقيق في مدد الحبس الاحتياطي، فلا يتمتع بها إلا من هو في درجة رئيس نيابة على الأقل ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في اطراح الدفع المبدى من الطاعن ، ومن ثم فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه .

12- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد صدر من دائرة شكلت من ثلاثة من مستشاري محكمة استئناف .... ، فإنه يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفق القانون ، ولا يؤثر في هذا أن تلك الدائرة أصبحت تختص بنظر الدعوى الماثلة ، ذلك أن توزيع العمل على دوائر محكمة الاستئناف وبالتالي تعيين من يعهد إليه من المستشارين للقضاء بمحكمة الجنايات لا يعدو أن يكون تنظيماً إدارياً بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعن لا ينازع في أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه هي إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف .... ، فإن ما يعيبه على الحكم من بطلان لهذا السبب لا يقوم على أساس من القانون .

13- من المقرر أن دفع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وكيدية الاتهام وتلفيقه، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .

14- من المقرر أنه لا مصلحة للنيابة العامة – الطاعنة – فيما تثيره بشأن تخطئة الحكم فيما قضى به من براءة عن جريمتي الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والترويج لأفكار هذه الجماعة ، إذ بفرض صحته فإن البين من مدونات الحكم أنه أعمل قواعد الارتباط بين الجرائم وفقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عقوبة واحدة عن جميع الجرائم تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي – التجمهر- الذي نجم عنه حال قيامه تخريب عمدي للأملاك العامة ، بما يضحى معه منعى الطاعنة غير ذي جدوي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين محكوم عليهم غيابياً بوصف أنهم :

أولاً: انضموا إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون - جماعة الإخوان الإرهابية - الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والإعلان الدستوري الصادر في 8 من يوليو سنة 2013 والمعمول به اعتباراً من 9 من يوليه سنة 2013 والقوانين ومنع إحدى مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها وشاركوا في الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وغيرها من الحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمهم بأغراضها وكان الإرهاب هو الوسيلة التي استخدموها في تحقيق تلك الأغراض على النحو المبين بالتحقيقات .

ثانياً: اشتركوا – وآخرون مجهولون – في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حال كونهم حاملين أسلحة بيضاء " مطواة " وأدوات " زجاجات مولوتوف وحجارة " من شأنها إحداث الموت إذا اشتعلت بطبيعتها ، وقد وقعت منهم تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الآتية :

1- استعرضوا – وآخرون مجهولون – القوة ولوحوا بالعنف واستخدموهما ضد المجني عليهم المبينة أسمائهم بالتحقيقات بقصد ترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم حال كون بعضهم حاملاً أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة وأدوات معدة للاعتداء بها مما ترتب عليه تعريض حياة المجني عليهم وسلامتهم وأموالهم للخطر وتكدير الأمن والسكينة العامة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

2- شرعوا في قتل .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل كل من يعترض مسيرتهم وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء "مطواة" وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص مواد حارقة وألعاب نارية – وألقوها صوبه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق إلا أنه قد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركته بالعلاج وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .

وقد اقترنت بجناية الشروع في القتل آنفة البيان وتقدمتها الجنايات الآتية أنه في نفس الزمان والمكان سالف الذكر:

1- شرعوا في قتل .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل كل من يعترض مسيرتهم وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء "مطواة" وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ، حجارة وشوم وألعاب نارية وزجاجات حارقة – وما أن ظفروا به حتى إنهالوا عليه ضرباً بالسلاح الأبيض سالف البيان فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي قاصدين من ذلك قتله إلا أنه قد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركته بالعلاج وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .

2- استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين هم العميد/ .... – ، والمجند/ ....، والمجند/ .... وكان ذلك أثناء وبسبب تأديتهم لأعمال وظيفتهم بأن رشقوهم بالحجارة والمواد الحارقة لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بفض تجمهرهم وقد بلغوا من ذلك مقصدهم بأن تمكن آخرون من المشاركين في هذا التجمهر من الهرب وقد نشأ عن ذلك إصابة سالفي الذكر بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة على النحو المبين بالتحقيقات.

3- عرضوا للخطر عمداً وسائل النقل العامة البرية وعطلوا سيرها بأن قاموا بإغلاق شارع .... ومنعوا وسائل النقل من المرور به على النحو المبين بالتحقيقات .

4- روجوا بالقول والهتاف لأغراض الجماعة المنتمين إليها والمبينة بالوصف محل البند أولاً والتي تستخدم الإرهاب وسيلة لتحقيق الأغراض التي تدعو إليها على النحو المبين بالتحقيقات .

5- خربوا وأتلفوا – وآخرون مجهولون – عمداً السيارة رقم .... شرطة المملوكة لوزارة الداخلية بأن أضرموا النار بها بإلقاء الزجاجات الحارقة عليها فأحدثوا بها التلفيات الثابتة بالمعاينة المرفقة والتي جاوزت قيمتها خمسين جنيهاً وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات.

6- أتلفوا - وآخرون مجهولون – عمداً السيارة رقم .... المملوكة لـ .... بأن رشقوها بالحجارة فأحدثوا بها التلفيات الثابتة بالمعاينة المرفقة والتي جاوزت قيمتها خمسين جنيهاً وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .

7- سرقوا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق – اللوحات المعدنية لسيارة الشرطة رقم .... – بطريق الإكراه الواقع على قائدها .... بأن استوقفوه حال قيادته لها وتعدوا عليه بالضرب فبثوا بذلك الرعب في نفسه وشلوا مقاومته وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات .

8- اشتركوا في تظاهرة دون إخطار الجهات المختصة بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام وتعطيل حركة المرور بقطعهم للطريق العام وإيذاء المواطنين وتعريضهم للخطر على النحو المبين بالتحقيقات .

9- حازوا وأحرزوا – وآخرون مجهولون – أسلحة بيضاء ومواد حارقة أثناء مشاركتهم في التظاهر سالف البيان على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30، 39، 45 /1، 46/ 1، 88 مكرراً/ أ /2،1 ، 137 مكرراً أ/2،1 ، 167، 230، 231، 234 /3،2 ، 314، 315/أولاً، ثانياً، 316 /4،1 ، 361 مكرراً/ أ /4،3،1 ، 375 مكرراً ، 375 مكرراً/ أ /4،3،1 من قانون العقوبات ، والمواد 1، 2، 3 مكرراً من القانون رقم 10 لسنة 1914 والمعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 بشأن التجمهر ، والمواد 1، 4، 6/1، 7، 8، 17، 19، 21 من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات ، والمادتين 1/1، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات ؛ ببراءته من التهمة المسندة إليه في البند أولاً ، والبند رابعاً من التهمة ثانياً، وبمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما نُسب إليه ووضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المضبوطات .

  فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المحكمــة

أولاً: بالنسبة للطعن المرفوع من المحكوم عليه / ....

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة باستعمال القوة والعنف حال حمل بعضهم أسلحة وأدوات من شأنها إحداث الموت وقد وقع منه تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر الجرائم التالية: التخريب العمدى للممتلكات العامة المملوكة للدولة واستعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدامه بقصد ترويع المجني عليهم وإخافتهم بإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم ، المقترن بجرائم الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين من رجال الضبط لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وبلوغهم مقصدهم ، وتعطيل سير وسائل النقل العامة البرية عمداً وتعريضها للخطر ، والإتلاف العمدي للممتلكات الخاصة ، والسرقة بالإكراه ، والاشتراك في تظاهرة دون ترخيص ، وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء ومواد حارقة بغير ترخيص، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وأركانها وظروفها ومضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة، كما لم يبين الأفعال والأقوال التي أتاها الطاعن في الجرائم المسندة إليه ، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر أركان جريمة التجمهر وخاصة القصد الجنائي فيها ، كما لم يبين أركان الاتفاق الجنائي وعناصر الاشتراك في الجرائم التي نسبها إليه ، ولم يحدد طرق استعمال القوة والعنف مع الموظفين العموميين ، كما لم يبين ماهية وسائل النقل العامة التي تم تعطيلها وكيفية تعريضها للخطر، فضلاً عن عدم توافر ظرف الاقتران بجريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه عول في إدانة الطاعن على التحريات التي تعد قرينة لا ترقى بمفردها إلى مرتبة الدليل الكافي للإدانة فضلاً عن عدم جديتها لشواهد عددها ، كما أطرح الحكم برد غير سائغ دفوعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض على الطاعن لابتنائه على تحريات غير جدية، وببطلان تفتيش منزله لعدم صدور إذن من النيابة العامة بتفتيشه إذ اقتصر قرار النيابة العامة على ضبط الطاعن وإحضاره ، وبعدم اختصاص مأمور الضبط القضائي مكانياً بالقبض على الطاعن ، وببطلان تحقيقات النيابة العامة لإجرائها بمعرفة وكيل نيابة بالمخالفة لنص المادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب إجراءها من رئيس نيابة على الأقل ، بالإضافة إلى بطلان تشكيل المحكمة مُصدرة الحكم المطعون فيه باعتبارها محكمة استثنائية تختص بجرائم الإرهاب ، فضلاً عن انتفاء صلته بالواقعة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وكيدية الاتهام وتلفيقه ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة مما قرره شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة على التقارير الطبية للمجني عليهم وما ثبت بتقرير قسم الأدلة الجنائية بشأن احتراق سيارة الشرطة رقم .... وما ثبت من معاينة النيابة العامة للسيارة الميكروباص رقم .... ومن إقرار المتهم/ .... استدلالاً وما ثبت بالصور الفوتوغرافية . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإنه ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وكان يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين سالفتي البيان اتجاه غرض المتجمهرين – الذين يزيد عددهم عن خمسة أشخاص – إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه ، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي . وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة تبريراً لقضائه ، دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها وينبئ بجلاء على ثبوتها في حق الطاعن ، وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته كافياً لبيان أركان جريمة التجمهر على ما هي معرفة به في القانون ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في شيء، ويكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضى في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفى في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة – طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات – أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن مع باقي المحكوم عليهم على ارتكاب الجرائم المسندة إليهم وأن كلاً منهم قارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حدة ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها ، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن هذا وحده يكفى لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن مما ينصرف إلى باقي الجرائم ما دام الحكم قد أثبت في حقه جريمة الاشتراك في تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة باستعمال القوة والعنف وقد وقع منه تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر تخريب عمدي للممتلكات العامة المملوكة للدولة – سيارة الشرطة رقم ".... – وهي الجريمة التي انتظمتها المواد 1، 2، 3/2، 3 مكرراً/2 من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بشأن التجمهر، وذلك على النحو المار ذكره ، وأوقع عليه عقوبة واحدة تدخل في حدود العقوبة المقررة لتلك الجريمة باعتبارها أشد الجرائم موضوع المحاكمة . وكان لا يعيب الحكم إعماله المادة 32 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى دون أن يوردها ضمن النصوص التي حكم بها أو عدم تقريره بوجود ارتباط بين الجرائم التي دان الطاعن بها أو عدم تحديده الجريمة الأشد التي حكم بعقوبتها من بينها ما دام الواضح من وقائع الدعوى كما أوردها وجود ارتباط لا يقبل التجزئة بين هذه الجرائم ووقوعها جميعاً لغرض واحد الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون المذكور ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم ذكره هذه المادة الأخيرة أو عدم تعيينه الجريمة الأشد من بين الجرائم المرتبطة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة – كما هو الحال في الدعوى – وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات التي قام بها مأمور الضبط وصحتها، فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض والتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات وكفايتها فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالقبض وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن التفتيش الذي يحرمه القانون على مأموري الضبط القضائي إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أما دخول المنازل وغيرها من الأماكن لا بقصد تفتيشها ولكن تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه من الجهة صاحبة الاختصاص فإنه لا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الذي يقع على هذا الشخص . وكان ما ذهب إليه الطاعن من نعي بالتفات الحكم المطعون فيه عن الدفع ببطلان تفتيش مسكن الطاعن تأسيساً على عدم صدور إذن من النيابة العامة بذلك ، فإن البين مما أورده الحكم المطعون فيه في بيان الواقعة وإيراد الأدلة أن ثمة تفتيش لم يجر لذلك المسكن وأن ضبط الأشياء محل الجريمة إنما تم بحسبانها كانت بحوزة الطاعن على إثر ضبطه تنفيذاً لأمر النيابة العامة بالقبض على الطاعن ، فإن هذا الإجراء بهذه المثابة من الإجراءات التي يحق لمأموري الضبط القضائي القيام بها دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق ، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان لا يستوجب رداً خاصاً من المحكمة عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من وقائع ضبط خارج دائرة اختصاصه المكاني – بفرض حصوله – إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس حصول واقعتها في اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ، ويجعل له الحق عند الضرورة في مباشرة كل ما يخوله له القانون من إجراءات، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت المادة 206 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية والمضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 والمعدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 قد جرى نصها على أن: " يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضى التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرر والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً .... " ، كما جرى نص المادة 199 من نفس القانون على أنه: " فيما عدا الجرائم التي يختص قاضى التحقيق بتحقيقها وفقاً لأحكام المادة 64 تباشر النيابة العامة التحقيق في مواد الجنح والجنايات طبقاً للأحكام المقررة لقاضى التحقيق ... " وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم واستثناءً من ذلك يجوز ندب قاضٍ للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص، ومتى أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها ، وهدياً بما سلف فإن القانون قد حدد الإجراءات التي يختص بها قاضي التحقيق – وحده – والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن من القاضي الجزئي، وليس التحقيق من بين تلك الإجراءات، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة ـــــ أياً كانت درجته ـــــ هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ، وكانت المادة 206 مكرر من القانون آنف البيان قد حددت سلطات المحقق من النيابة العامة حال التحقيق في الجنايات الواردة في متن النص دونما تحديد درجة معينة لتولي ذلك التحقيق ، مما مفاده أن لجميع درجات النيابة العامة تحقيق تلك الجنايات بذات السلطات المقررة لهم في القانون عدا سلطات قاضى التحقيق في مدد الحبس الاحتياطي، فلا يتمتع بها إلا من هو في درجة رئيس نيابة على الأقل ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في إطراح الدفع المبدى من الطاعن، ومن ثم فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد صدر من دائرة شكلت من ثلاثة من مستشاري محكمة استئناف .... فإنه يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفق القانون ، ولا يؤثر في هذا أن تلك الدائرة أصبحت تختص بنظر الدعوى الماثلة ، ذلك أن توزيع العمل على دوائر محكمة الاستئناف وبالتالي تعيين من يعهد إليه من المستشارين للقضاء بمحكمة الجنايات لا يعدو أن يكون تنظيماً إدارياً بين دوائر المحكمة المختصة وليس من شأن ذلك التوزيع أن يخلق نوعاً من الاختصاص تنفرد به دائرة دون دائرة أخرى مما لا يترتب البطلان على مخالفته ، ولما كان الطاعن لا ينازع في أن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه هي إحدى دوائر محكمة الجنايات بمحكمة استئناف .... ، فإن ما يعيبه على الحكم من بطلان لهذا السبب لا يقوم على أساس من القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن دفع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة وعدم وجوده على مسرح الجريمة وكيدية الاتهام وتلفيقه ، هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه/ .... يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا ً.

ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة :

ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بالبراءة عن جريمتي الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والترويج لأفكار هذه الجماعة، قد شابه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال ؛ ذلك أنه أسس قضاءه على أن هاتين الجريمتين ارتكبتا قبل صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 579 لسنة 2014 بتاريخ 8 من إبريل سنة 2014 باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية ومن ثم فإن هذا الفعل لم يكن محل تجريم وقت وقوعه ، وهو ما يخالف صحيح القانون ذلك أن نص المادة 86 مكرراً من قانون العقوبات يجرم الانضمام إلى أي جماعة تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها وذلك دون النظر إلى مسمى هذه الجماعة. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث أنه لما كان لا مصلحة للنيابة العامة – الطاعنة – فيما تثيره بشأن تخطئة الحكم فيما قضى به من براءة عن جريمتي الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والترويج لأفكار هذه الجماعة ، إذ بفرض صحته فإن البين من مدونات الحكم أنه أعمل قواعد الارتباط بين الجرائم وفقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عقوبة واحدة عن جميع الجرائم تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي – التجمهر- الذي نجم عنه حال قيامه تخريب عمدي للأملاك العامة بما يضحى معه منعى الطاعنة غير ذي جدوي . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق