الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 فبراير 2022

الطعن 240 لسنة 27 ق جلسة 20 / 12 / 1962 مكتب فني 13 ج 3 ق 186 ص 1174

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1962

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمد عبد اللطيف مرسى، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

--------------

(186)
الطعن رقم 240 لسنة 27 القضائية

(أ) حوادث طارئة. "نطاق نظرية الحوادث الطارئة". "العقود الفورية والمؤجلة التنفيذ".
يتسع نطاق نظرية الحوادث الطارئة لتنطبق على جميع العقود المؤجلة التنفيذ كما تنطبق على العقود الزمنية. عمومية نص المادة 147/ 2 مدنى. تأجيل التنفيذ هو الباعث على حماية القانون للمدين وإصلاح ما اختل من التوازن العقدي نتيجة للظروف الاستثنائية الطارئة.
(ب) حوادث طارئة. إصلاح زراعي. "القانون رقم 452 لسنة 1953".
صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 تطبيق واضح لنظرية الحوادث الطارئة ولم يقصد به الشارع سوى تنظيم العلاقة بين البائع والمشترى عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان المبيعة التي أخضعت للاستيلاء عليها طبقا لقانون الإصلاح الزراعي حتى لا تختلف معايير التقدير في شأنها. تطبيق القانون 452 لسنة 1953 لا يخل بأحكام القانون المدني بالنسبة للأطيان الأخرى التي لم يستول عليها أو بالنسبة للعقود الأخرى التي تأثرت بقانون الإصلاح الزراعي كحادث طارئ.

---------------------
1 - يتسع نص المادة 147/ 2 من القانون المدنى - وقد ورد بصيغة عامة - لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وتنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي غير متوقع يجعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين، ذلك أن تأجيل التنفيذ هو الباعث على حماية القانون التي قصد منها رفع العنت عن المدين وإصلاح ما اختل من التوازن العقدي نتيجة للظروف الاستثنائية الطارئة وهو ما يقوم في الالتزامات المؤجلة التنفيذ كما يقوم في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية.
2 - يعد صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 - الذى ينص في مادته الأولى على أنه "إذا كان سند المستولى لديه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلا بعد هذا التاريخ، تحمل كل من البائع والمشترى نصف الفرق بين ثمن المستولى عليه من الأرض المبيعة والتعويض المستحق له على ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن وذلك كله دون إخلال بحقوق الطرفين طبقا لأحكام القانون المدني بالنسبة لباقي الصفقة" - تطبيقا واضحا لنظرية الظروف الطارئة على عقود البيع. وليس صحيحا أن المشرع بإصداره هذا القانون قد أبقى زمام تطبيق تلك النظرية على عقود البيع بين يديه وانه لم يرد حماية عقود البيع الأخرى التي تأثرت بقانون الإصلاح الزراعي - كحادث طارئ - ذلك أن تدخل المشرع في هذه الحالة إنما قصد به تنظيم العلاقة بين البائع والمشترى عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان المبيعة التي أخضعت للاستيلاء عليها طبقا لقانون الإصلاح الزراعي حتى لا تختلف معايير التقدير في شأنها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنين أقاموا ضد المطعون عليهم الدعوى الابتدائية رقم 323 سنة 1953 كلى كفر الشيخ قالوا فيها إنهم اشتروا من مصلحة الأملاك الأميرية في 13 من مايو سنة 1951 40 ف بثمن إجمالي مقداره 4000 ج ودفعوا خمس الثمن مقدما والتزموا بدفع الباقي مقسطا على عشرين سنة ثم قامت الثورة في 23 يوليو سنة 1952 وصدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وترتب على ذلك انخفاض ثمن الأطيان وربط قيمتها بالضريبة مما جعل التزامهم بالثمن مرهقا - ويحق لهم رد هذا الالتزام إلى الحد المعقول بسبب الظروف الطارئة عملا بالمادة 147/ 2 من القانون المدني وطلبوا الحكم لهم بتخفيض الثمن من 4000 ج إلى 1176 ج - وقد دفعت مصلحة الأملاك هذه الدعوى بأن تشريعات الإصلاح الزراعي لا تعتبر من الظروف الطارئة المفاجئة وبأن العقد المبرم هو عقد فورى انتهت الالتزامات فيه منذ التعاقد مما لا يسمح بالقول بتغيير الظروف أثناء تنفيذه - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لمعاينة الأطيان وتقدير قيمتها في الوقت الحالي مع مراعاة ما ترتب على صدور قانون الإصلاح الزراعي وبيان الفرق بين القسط الواجب دفعه سنويا وبين القيمة الإيجارية للأطيان..... وانتهى هذا الحكم في أسبابه إلى انطباق نظرية الظروف الطارئة وإلى أن العقد من العقود المتراخية التي يعتبر الزمن فيها عاملا أساسيا في تنفيذ الالتزامات. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره قضت المحكمة الابتدائية في 20 من مارس سنة 1955 برفض الدعوى وإلزام الطاعنين بالمصروفات - وأسست قضاءها على عدم تحقق شرط الإرهاق في العقد موضوع النزاع لأن الفرق بين ثمن الأطيان وقيمتها بعد قيام الثورة ليس كبيرا - وأن الفرق بين قيمة القسط السنوي المتفق عليه والقيمة المماثلة له بعد قيام الثورة بسيط مما يدخل في نطاق الخسارة المحتملة - واستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا برقم 186 سنة 6 ق وقضى في هذا الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف استنادا إلى أن نظرية الظروف الطارئة لا تنطبق على عقد البيع موضوع النزاع - وقد طعن الطاعنون في هذا الحكم بتقرير مؤرخ 22 من يونية سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها في 17 من مايو سنة 1961 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة حدد لنظر الطعن جلسة 29 من نوفمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون ذلك أنه استند في قضائه إلى أن نظرية الظروف الطارئة لا تنطبق إلا على العقود الزمنية دون العقود الفورية حتى ولو كان تنفيذها مؤجلا في حين أن المشرع فيما نص عليه في المادة 147/ 2 مدنى قد أخذ بالمذهب الواسع في تطبيق نظرية الظروف الطارئة ولم يشترط لتطبيقها إلا شرطا واحد هو ألا يتحد وقت انعقاد العقد ووقت تنفيذه وبذلك يتسع مجال تطبيقها لكل عقد تراخى تنفيذه ولو كان فوريا - وقد جاء النص مطلقا مما يدل على أنه يكفى لتطبيق النظرية أن يوجد فاصل زمنى بين صدور العقد وبين تنفيذه - ويؤيد ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقا على المادة 147 من القانون المدني في فقرتها الثانية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد فرق بين العقود الزمنية والعقود الفورية وقرر أن النوع الأول لا يمكن إلا أن يكون ممتدا مع الزمن وبقدر ما يمتد يكون تغير الظروف محتملا ومن ثم تكون العقود الزمنية هي المجال الطبيعي لتطبيق نظرية الظروف الطارئة أما العقود الفورية فلا تنطبق عليها هذه النظرية وانتهى من ذلك إلى أن عقد البيع المبرم بين الطرفين هو عقد فورى بات وقد تنفذ بالفعل من وقت انعقاده ولا يغير من وصفه المتقدم أن يكون قد اتفق على تقسيط الثمن - ذلك التقسيط الذى يضفى على البائع صفة الدائن وعلى المشترى صفة المدين.
وحيث إن هذا الذى قرره الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون - ذلك أن المادة 147 من القانون المدني قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلا - صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول - ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك" - ويبين من هذا النص أنه ورد بصيغة عامة تتسع لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وتنفيذها فترة زمنية يطرأ خلالها حادث استثنائي غير متوقع يؤدى إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين - ذلك أن تأجيل التنفيذ هو الباعث على حماية القانون التي قصد منها رفع العنت عن المدين وإصلاح ما اختل من التوازن العقدي نتيجة للظروف الاستثنائية الطارئة هذا الاختلال الذى يقوم في الالتزامات المؤجلة التنفيذ كما يقوم في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية - ويؤيد هذا النظر صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 الذى تنص مادته الأولى على أنه "إذا كان سند المستولى لديه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلا بعد هذا التاريخ تحمل كل من البائع والمشترى نصف الفرق بين ثمن المستولى عليه من الأرض المبيعة والتعويض المستحق له على ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن وذلك كله دون إخلال بحقوق الطرفين طبقا لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة" - وقد كان هذا القانون صورة واضحة لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود البيع - وليس صحيحا أن المشرع بإصداره هذا القانون قد أبقى زمام تطبيق النظرية على عقود البيع بين يديه وأنه لم يرد حماية عقود البيع الأخرى التي تأثرت بصدور قانون الإصلاح الزراعي - ذلك لأن تدخل المشرع في هذه الحالة إنما قصد به تنظيم العلاقة بين البائع والمشترى عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان المبيعة التي أخضعت للاستيلاء عليها طبقا لقانون الإصلاح الزراعي حتى لا تختلف معايير التقدير في شأنها. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق