جلسة 30 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، وجلال الدين أنسى، أحمد كمال سالم، وهاشم قراعة.
-----------------
(15)
الطلبات أرقام 56 لسنة 48 و39 و51 لسنة 49 القضائية
(1) رجال القضاء. "مرض القاضي".
1 - إصابة القاضي بأحد الأمراض الواردة في المادة الأولى من القانون رقم 112 لسنة 1963. وجوب منحه أجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية. استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته. إنهاء خدمته في أثناء الأجازة. غير جائز أثر ذلك.
(2) رجال القضاء. ترقية.
2 - تخطي الطالب في الترقية دون إخطاره. أثره. وجوب إلغاء القرار المطعون فيه واستعادة الجهة الإدارية سلطتها في تقدير أهليته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ.... تقدم بتاريخ 26/ 6/ 1978 بالطلب برقم 56 لسنة 48 "رجال القضاء" للحكم بإلغاء قرار وزير العدل برفض إسناد عمل مكتبي خفيف إليه بالقاهرة. وبتاريخ 10/ 10/ 1979 تقدم الطالب بالطلب رقم 39 لسنة 49 ق "رجال القضاء" للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مستشار وبترقيته إلى تلك الوظيفة على أن تكون أقدميته سابقة على الأستاذ.... مع ما يترتب على ذلك من آثار، استناداً إلى أن وزارة العدل لم تخطره بالتخطي وأنه ليس ثمة ما يبرر تخطيه خاصة وقد سبق الحكم في الطلب رقم 194 لسنة 47 ق "رجال القضاء"، بإلغاء القرار الجمهوري رقم 429 لسنة 1977 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى درجة رئيس محكمة من الفئة ( أ ) مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 15/ 11/ 1979 تقدم الطالب بالطلب رقم 51 لسنة 49 ق "رجال القضاء" وقال بياناً له أنه أحيل إلى المعاش بموجب القرار الجمهوري رقم 393 لسنة 1979 بعدم استطاعته لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق. ولما كان هذا القرار قد صدر على خلاف أحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 ومشوباً بإساءة استعمال السلطة فإنه يطلب الحكم بإلغائه وإعادته إلى العمل بالقضاء في عمل يتناسب مع ظروفه الصحية. وطلب الحاضر عن الحكومة الحكم برفض الطلبين الثاني والثالث، وأسس دفاعه فيهما على أنه ثبت لوزير العدل أن الطالب لا يستطيع القيام بعمله القضائي على الوجه اللائق بسبب حالته الصحية فطلب من المجلس الأعلى للهيئات القضائية إحالته إلى المعاش إعمالاً لحكم المادة 91 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 فوافق المجلس على ذلك بتاريخ 19/ 8/ 1979 قبل أن يعرض عليه مشروع الحركة القضائية الصادرة بتاريخ 12/ 9/ 1979 بالقرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 ثم صدر القرار الجمهوري بإحالة الطالب إلى المعاش بتاريخ 13/ 1/ 1972، وأبدت النيابة الرأي في الطلب الثاني بإلغاء القرار الجمهوري المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار. وفي الطلب الثالث بتكليف الحكومة بتقديم موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على إحالة الطالب إلى المعاش، وقررت المحكمة ضم الطلبين رقمي 56 لسنة 48 ق، 39 لسنة 49 ق إلى الطلب رقم 51 لسنة 49 ق "رجال القضاء" ليصدر فيهما حكم واحد. وقرر الطالب التنازل عن طلب التنازل عن الطلب الأول.
وحيث إن الطلبين رقمي 39 لسنة 49 ق، 51 لسنة 49 ق "رجال القضاء" استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إنه لما كانت المادة 10 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 بعد أن بينت في فقرتيها الأولى والثانية الإجازات المرضية التي يحصل عليها القضاة نصت في فقرتها الأخيرة على أنه: "وذلك كله مع عدم الإخلال بأحكام أي قانون أصلح" وكانت المادة الأولى من القانون رقم 112 لسنة 1963 بمنح موظفي وعمال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة المرضى بالدرن أو الجزام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة إجازات مرضية استثنائية بمرتب كامل تنص على أنه: "استثناء من أحكام الإجازات المرضية لموظفي الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة وعمالها بمنح الموظف أو العامل المريض بالدرن أو الجزام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة العمومية بناء على موافقة الإدارة العامة للقومسيونات الطبية إجازة استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته، فإن مؤدى ذلك وجوب منح القاضي الذي يصاب بأحد الأمراض المذكورة إجازة مرضية استثنائية بمرتب كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته المرضية استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة أعمال وظيفته فلا يجوز إنهاء خدمته طالما بقى في هذه الأجازة. أما ما تنص عليه المادة 91 من قانون السلطة القضائية من حق وزير العدل في طلب إحالة القاضي إلى المعاش إذا ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق فإنه لا مجال لإعماله ما بقى القاضي معاملاً بأحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 السالف الذكر.
لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطالب أصيب منذ 23/ 11/ 1968 بأحد أمراض الدم المصحوب بتضخم الطحال والكبد وقرر القومسيون الطبي العام بالقاهرة بقراراته الصادرة في 22/ 8/ 1969، 16/ 6/ 1970، 17/ 3/ 1979 بأن حالته ينطبق عليها القانون رقم 112 لسنة 1963 وقراري وزير الصحة المتعاقبين رقمي 126 لسنة 1963، 63 لسنة 1967. وأنه حصل على العديد من الأجازات بسبب إصابته بهذا المرض آخرها الأجازتان الممنوحتان له من القومسيون الطبي بوسط القاهرة بتاريخ 1/ 4/ 1979 في المدة من 20/ 2/ 1979 إلى 30/ 5/ 1979 وبتاريخ 5/ 8/ 1979 في المدة من 31/ 5/ 1979 إلى 4/ 10/ 1979 من إعادة الكشف عليه. مما يدل على أن حالته المرضية لم تكن قد استقرت بعد ولا يقدح في ذلك ما ورد بتقرير المجلس الطبي العام بالقاهرة بتاريخ 29/ 3/ 1979 من أن حالته تستدعي إسناد عمل مكتبي خفيف إليه بصفة دائمة، إذ لا تعدو هذه أن تكون توصية بإسناد هذا العمل إليه، ولا تنبئ باستقرار حالته المرضية كما أنه كان في أجازة مرضية بسبب إصابته بالمرض المذكور في تاريخ صدورها ورأت اللجنة الطبية المختصة ضرورة إعادة عرضه عليها منذ انتهاء إجازته الأخيرة في 4/ 10/ 1979. ولما كان قرار إحالة الطالب إلى المعاش بتاريخ 13/ 9/ 1979 لعدم استطاعته لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق قد صدر قبل انقضاء أجازاته الممنوحة له بسبب إصابته بمرضه المنطبق على القانون رقم 112 لسنة 1963 فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
وحيث إنه وقد قضت المحكمة بإلغاء القرار الجمهوري الصادر بإحالة الطالب إلى المعاش، فإنه يحتفظ بمركزه القانوني الذي كان له قبل صدور هذا القرار. ولما كانت وزارة العدل وهي بصدد أعداد الحركة القضائية التي صدر بها القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 بتاريخ 12/ 9/ 1979 قد استبعدت الطالب من مجال الترشيح للترقية إلى وظيفة مستشار التي حل دوره للترقية إليها وفق أقدميته. وكان قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1973 ينص في المادة 29 منه على أنه "يخطر وزير العدل من يقدر بدرجة متوسط أو أقل من المتوسط من رجال القضاء والنيابة العامة بدرجة كفايته، وذلك بمجرد انتهاء إدارة التفتيش المختصة من تقرير كفايته، ولمن أخطر الحق في التظلم من التقرير في ميعاد خمسة عشر يوماً من تاريخ الإخطار. كما يقدم وزير العدل - قبل عرض مشروع الحركة القضائية على اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية - بثلاثين يوماً على الأقل بإخطار رجال القضاء والنيابة العامة الذين حل دورهم ولم تشملهم الحركة القضائية بسبب غير متصل بتقارير الكفاية التي فصل فيها وفقاً للمادة (81) أو فات ميعاد التظلم منها ويتعين الإخطار بأسباب التخطي ولمن أخطر الحق في التظلم في الميعاد المنصوص عليه في المادة السابقة..." وفي المادة 81 على أنه" تفصل اللجنة المذكورة التظلم بعد الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال المتظلم وتصدر قرارها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إحالة الأوراق إليها وقبل إجراء الحركة القضائية" وفي المادة 82 على أنه" تعرض على المجلس الأعلى للهيئات القضائية - عند نظر مشروع الحركة القضائية - قرارات اللجنة المشار إليها الصادرة في التظلمات من التخطي للأسباب غير المتصلة بتقارير الكفاية المقدمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 79 وذلك لإعادة النظر فيها "وكان المشرع قد قصد بذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يوفر للقاضي الضمانات التي تكفل تقدير أهليته للترقي تقديراً مبرءاً من العيوب، وذلك بإخطار القاضي بسبب تخطيه وإعطائه حق التظلم وسماع أقواله واعتراضاته قبل تخطيه في الترقية. وكانت وزارة العدل لم تراع هذه الضمانات وتخطت الطالب في الترقية دون إخطاره، ولم تمكنه بذلك من استعمال حقه في التظلم، فإنها تكون قد خالفت القانون. ويتعين لذلك إلغاء القرار الجمهوري رقم 385 لسنة 1979 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار لما شابه من عيب شكلي، ولا يترتب على هذا الإلغاء بذاته أحقية في الترقية إلى الوظيفة المذكورة، وإنما تستعيد به الجهة الإدارية سلطتها في تقدير أهلية الطالب للترقية في تاريخ صدور القرار الملغي، كما يوجب عليها اتباع الإجراءات التي ينص عليها القانون إذ رأت وجهاً للتخطي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق