الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 مايو 2024

الطعن رقم 163 لسنة 36 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 163 لسنة 36 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية بالمنوفية بحكمها الصادر بجلسة 24/ 2/ 2014، ملف الدعوى رقم 6839 لسنة 12 قضائية

المقامة من
أحمد محمد عبد الفتاح أحمد عيد
ضد
1- محافظ المنوفية
2- مدير عام التربية والتعليم بالمنوفية

-----------------
" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من سبتمبر سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 6839 لسنة 12 قضائية، بعد أن حكمت المحكمة الإدارية بالمنوفية بجلسة 24/ 2/ 2014، بوقف الدعوى تعليقًا وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية نص المادة (70 مكررًا) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، فيما تضمنه من حظر إعارة العامل أو منحه الإجازات المنصوص عليها في البندين (1و2) من المادة (69) والمادة (70) من هذا القانون أثناء فترة الاختبار.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي في الدعوى الموضوعية، أقام أمام المحكمة الإدارية بالمنوفية، الدعوى رقم 6839 لسنة 12 قضائية، ضد محافظ المنوفية، وآخرين، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تجديد الإجازة الممنوحة له لمدة عام لمرافقة زوجته التي تعمل بالخارج، وما يترتب على ذلك من آثار. تأسيسًا على أنه حصل على ليسانس الآداب والتربية قسم اللغة الإنجليزية، وعُين مدرسًا للغة الإنجليزية بالدرجة الثالثة بإدارة شبين الكوم التعليمية، اعتبارًا من 18/ 12/ 2012، وقد رخصت له جهة الإدارة بإجازة بدون مرتب بناء على طلبه لمدة ستة أشهر، تبدأ من 11/ 2/ 2013 وتنتهي في 10/ 8/ 2013، لإنهاء متعلقاته بالخارج، على أن يعود بعدها لاستكمال مدة الاختبار، ونظرًا لوجود زوجته بدولة الكويت؛ فقد تقدم بعد انتهاء الإجازة الممنوحة له بطلب، لمنحه إجازة بدون مرتب لمدة عام، لمرافقة زوجته التي تعمل بالخارج، إلا أن جهة الإدارة رفضت هذا الطلب، إعمالًا لحكم المادة (70 مكررًا) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، التي تحظر إعارة العامل أو منحه الإجازات الخاصة أثناء فترة الاختبار، فتظلم من ذلك، وتم رفض تظلمه؛ فأقام دعواه. وإذ تراءى للمحكمة مخالفة نص المادة (70 مكررًا) من القانون المشار إليه، فيما تضمنه من حظر الموافقة على إعارة العامل أو منحه الإجازات الخاصة بدون مرتب أثناء فترة الاختبار، لنص المادتين (10 و53) من الدستور؛ قضت بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
وحيث إن المادة (69) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته، تنص على أن تكون حالات الترخيص بإجازة بدون مرتب على الوجه الآتي:
(1) يمنح الزوج أو الزوجة إذا سافر أحدهما إلى الخارج للعمل أو الدراسة لمدة ستة أشهر على الأقل إجازة بدون مرتب. ولا يجوز أن تجاوز هذه الإجازة مدة بقاء الزوج في الخارج. ويسري هذا الحكم سواء أكان الزوج المسافر من العاملين في الحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص.
(2) يجوز للسلطة المختصة منح العامل إجازة بدون مرتب للأسباب التي يُبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة ووفقًا للقواعد التي تتبعها.
..................
وتنص الفقرة الأولى من المادة (70) من القانون ذاته على أن تستحق العاملة إجازة بدون أجر لرعاية طفلها بحد أقصى عامين في المرة الواحدة ولثلاث مرات طوال حياتها الوظيفية.
وتنص المادة (70 مكررًا) من القانون المشار إليه، المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أنه لا يجوز إعارة العامل أو منحه الإجازات المنصوص عليها في البندين (1 و2) من المادة (69) والمادة (70) من هذا القانون أثناء فترة الاختبار.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعي في الدعوى الموضوعية الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تجديد الإجازة الممنوحة له لمدة عام لمرافقة زوجته التي تعمل بالخارج. وكان نص المادة (70 مكررًا) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قد حظر إعارة العامل أو التصريح له بإجازة خاصة بدون مرتب أثناء فترة الاختبار، فإن المصلحة تكون متحققة بالنسبة لهذا النص، لما للقضاء في دستوريته من أثر وانعكاس على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، وبهذا النص يتحدد نطاق الدعوى المعروضة. ولا ينال مما تقدم، إلغاء المشرع قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أحل المشرع محلها قاعدة أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل العمل بالقاعدة القانونية القديمة، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكومًا بها وحدها. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع نشأ في ظل أحكام العمل بأحكام المادة (70 مكررًا) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وجرت آثاره خلال فترة نفاذ تلك المادة، فإنه يظل محكومًا بها وحدها.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال مخالفته نص المادتين (10 و53) من الدستور، على سند من أن هذا النص قد حظر إعارة العامل أو التصريح له بإجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج أثناء فترة الاختبار، وهو ما يتعارض مع ما أكده الدستور من الحرص على وحدة الأسرة وتماسكها والنأي عما يقوض بنيانها أو يضعفها أو يؤدي إلى انحرافها أو هدمها، بما يخل بوحدتها التي قصد الدستور صونها لذاتها، فضلًا عن أن المشرع أجاز للمرأة التي تضع طفلها، والعامل المريض بمرض مزمن أو من ينوي أداء فريضة الحج أو أداء الامتحان أن يحصل على إجازة خلال فترة الاختبار؛ ومن ثم تضحى تلك التفرقة مخالفة لأحكام الدستور.
وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلًا صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التي تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكان النص المحال قد استمر العمل بأحكامه بعد صدور الدستور الحالي، حتى يوم الثاني من شهر نوفمبر سنة 2016، تاريخ العمل بقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، الذي ألغى بموجب مادته الثانية قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، وكانت المناعي التي أثارها حكم الإحالة على النص المحال تندرج تحت المطاعن الموضوعية، التي تقوم مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم فإن حسم أمر دستورية النص المحال يتم في ضوء أحكام الدستور القائم.
وحيث إن الدستور قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتتدخل الدولة إيجابيًا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم، وبالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال، وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الدستور قد اعتمد كذلك بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع الموطنين أمام القانون، وفي الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادتين (4 و53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبها هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم.
وحيث إن الدستور قد عُني في المادة (14) منه بكفالة حق المواطنين في شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وجعل شغل الوظائف العامة تكليفًا للقائمين عليها لخدمة الشعب، وناط بالدولة كفالة حقوق شاغلي الوظائف العامة وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب.
وحيث إن الأصل أن لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، ولا يكون وصفها وترتيبها منفصلًا عن متطلباتها التي تكفل للمرافق التي يديرها موظفوها حيويتها واطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامها التخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعمالها أو تفقد اتصالها ببعض، أو تدرجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد موظفيها علميًّا وفنيًّا وعمليًّا، فلا يلي شئونها غير القادرين حقًّا على تصريفها، سواء أكان عملهم ذهنيًّا أم مهنيًّا أم يدويًّا.
وحيث إن النصوص القانونية التي ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافها، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التي تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والخبرة اللازمة لها، ولا يجوز بالتالي أن يكون التعيين في وظيفة بذاتها، عملًا آليًّا يفتقر إلى الأسس الموضوعية، أو منفصلًا عن عوامل الصلاحية والخبرة والجدارة التي يتم على ضوئها اختيار من يتولاها، ولا مجرد تطبيق جامد لمقاييس صماء لا تأخذ في اعتبارها خصائص كل وظيفة ومكانتها، والحد الأدنى للتأهيل اللازم لها والتدريب على أداء واجباتها ومسئولياتها وصلاحية المتقدم لشغلها، وغير ذلك من مقوماتها الموضوعية المتطلبة قانونًا.
وحيث إن الرابطة الوظيفية تنفتح بقرار التعيين، وهو قرار يُكسب الموظف مركزًا قانونيًّا، يخضع لما تقرره القوانين واللوائح، وتتعدد جوانب هذا المركز بتعدد العناصر الداخلة فيه، فهو مركز قانوني معلق غير مستقر أثناء فترة حددها القانون، حتى تثبت صلاحيته للوظيفة، تسمى بفترة الاختبار. والصلاحية للوظيفة هي شرط للبقاء فيها، وهي لا تثبت إلا بالممارسة الفعلية لأعبائها، ومهما أُحسن اختيار الموظف عند التعيين، فلن يكون ذلك قرينة قاطعة على صلاحيته للوظيفة، إذ تُشكل الصلاحية من عدة عناصر، إن تكشف بعضها عند التعيين، فلا تتكشف الأخرى إلا بالمباشرة الفعلية لأعمال الوظيفة، ولهذا تتجه معظم التشريعات إلى وضع الموظف عند بدء التعيين، في مركز معلق لفترة محددة، تكون بمثابة فترة اختبار يتم التحقق خلالها من صلاحيته للنهوض بواجبات الوظيفة ومسئولياتها. فإن أثبت صلاحيته، استقر مركزه الوظيفي، وإن ثبت العكس، أمكن الاستغناء عنه، بإجراءات أقل تعقيدًا.
وتحقيقًا لما تقدم، نصت المادة (22) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أن يوضع المعينون لأول مرة تحت الاختبار لمدة ستة أشهر من تاريخ تسلمهم العمل، وتقرر صلاحيتهم خلال مدة الاختبار، فإذا ثبت عدم صلاحيتهم يحالون إلى لجنة شئون العاملين فإن رأت صلاحيتهم للنقل إلى وظائف أخرى نقلتهم إليها وإلا اقترحت إنهاء خدمتهم ......
وحيث إن العلة من وضع الموظف تحت الاختبار تستوجب أن تكون فترة الاختبار فترة خدمة فعلية، يمارس فيها الموظف أعمال الوظيفة التي عُين فيها تمهيدًا للحكم على مدى صلاحيته لها. ولهذا، نصت المادة (22) الآنف ذكرها على أن تبدأ فترة الاختبار - وهي ستة أشهر - اعتبارًا من تاريخ تسلم الموظف لعمله.
وحيث إنه يتبين من الاطلاع على المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أن أحكام هذا القانون تقوم على أسس موضوعية، وذلك عن طريق الاعتداد أولًا بالوظيفة، باعتبارها مجموعة من الواجبات والمسئوليات، يلزم للقيام بها توافر اشتراطات معينة في شاغلها، تتفق مع نوعها وأهميتها، وتسمح بتحقيق الهدف من إيجادها، وأن هذا الاعتداد الموضوعي لا يتعارض مع الجانب الآخر للوظيفة، المتمثل في الموظف الذى يقوم بأعبائها وما يتطلبه هذا الجانب البشرى لا الشخصي من الاعتداد بالخبرة النظرية أو المكتسبة اللازمة للقيام بأعباء الوظيفة، ومراعاة ذلك في الأجر الذى يحصل عليه بوصفه مقابلًا موضوعيًّا لا شخصيًّا، لما يناط به من مسئوليات .
وحيث إن المشرع قد راعى في النص المحال وضع تنظيم للإجازة بدون مرتب بالنسبة للموظف الذي يوضع تحت الاختبار، تغيا به تحقيق التوازن بين حق الموظف في الحصول على إجازة بدون مرتب التي قررها القانون، واعتبارات المصلحة العامة، بحسبان الوظائف العامة - طبقًا لنص المادة (14) من الدستور- تكليفًا للقائمين بها لخدمة الشعب، لذلك قرر النص المحال عدم جواز إعارة الموظف أو منحه إجازة بدون مرتب خلال فترة الاختبار، والتي قدرها المشرع بستة أشهر، وذلك حفاظًا على الصالح الشخصي للموظف باستمراره في شغل الوظيفة متى ثبتت صلاحيته، وضمانًا لسير المرافق العامة بانتظام واطراد، واستمرار أدائها لدورها الدستوري في رعاية مصالح الشعب، فإن التنظيم الذي قرره المشرع بالنص المحال، يكون محافظًا على حق الموظف، ومراعيًا مقتضيات المصلحة العامة، وحاجة الجهة التي يتبعها لشغل الوظائف بالأجدر بها والأقدر على أداء واجباتها ومسئولياتها؛ تمكينًا للقائمين عليها من القيام بأداء واجبهم في خدمة الشعب، ويكون كافلًا تحقيق التوازن الذى أوجبته المادة (27) من الدستور، وغير مناقض للحق في الوظيفة العامة الذى كفله الدستور بالمادة (14)، ولا يُعد خروجًا على مبدأ سيادة القانون الذى اعتبره الدستور في المادة (94) أساسًا للحكم في الدولة، ولا يتضمن كذلك انتقاصًا من عناصر أو محتوى أي من الحقوق المتقدمة، على نحو ينال من جوهرها وأصلها، وهو ما حظره الدستور بنص المادة (92).
وحيث إنه لا وجه للقول بأن ثمة تمييزًا بين حظر منح العامل تحت الاختبار إجازة لمرافقة زوجه الذي يعمل في الخارج، وبين الفئات الأربع التي احتج بها حكم الإحالة في مجال نعيه على النص المحال، بمخالفة مبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، ذلك أن الحظر المنعي عليه، مبناه انفصال سبب الإجازة عن شخص العامل تحت الاختبار، في حين أن سبب الترخيص بالإجازة في المجالات الأربع المشار إليها آنفًا يتصل اتصالًا غير قابل للانفصال عن شخص العامل؛ ومن ثم فإن المغايرة في بعض الأحكام القانونية بينه وبين الفئات المشار إليها بحكم الإحالة - طالما اتفقت مع الغرض من تقريرها بما قد يترتب عليها من مفارقة في المعاملة الوظيفية - تغدو مبررة من زاوية دستورية.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المشرع بإقراره النص المحال قد انحاز إلى إعمال الأسس الموضوعية للوظيفة العامة، وذلك بالاعتداد بالوظيفة ومراعاة واجباتها ومسئولياتها، التي يلزم للقيام بها توافر الاشتراطات اللازمة لشغلها ومن بينها صلاحية الموظف لها، ومدة الخبرة الفعلية التي اكتسبها خلال فترة الاختبار قائمًا بأعبائها، وذلك ضمانًا لجدارته وكفاءته بتوليها، فينهض بها من خلال خبرته التي اكتسبها وجهده الخلاق الذى دأب عليه خلال فترة الاختبار، وهو ما يتفق مع الأهداف التي رنا المشرع إلى تحقيقها بالنص المحال، الذى ترتكن أحكامه إلى أسس موضوعية تبررها، دون مصادمة في ذلك لمبادئ تكافؤ الفرص ووحدة الأسرة والمساواة التي حرص الدستور على كفالتها في المواد (4 و9 و10 و53).
وحيث إن النص المحال لا يخالف أي نص آخر في الدستور؛ فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الثلاثاء، 28 مايو 2024

الطعن رقم 166 لسنة 20 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 20 قضائية دستورية

المقامة من
1- رسن تادرس سيفين
2- رفعت إسطفان سرجوس
3- زاهية كامل شحاته
4- زكريا إسكندر جرجس
5- زينب محمد صالح
ضد
1- وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس إدارة الشركة الدولية لعربات النوم / مصر للسياحة
4- رئيس مجلس إدارة شركة أكور للفنادق

------------------
" الإجراءات "
بتاريخ السادس والعشرين من أغسطس سنة 1998، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادتين (1/ بند ب) و (5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبولها، ومن باب الاحتياط الكلى: برفضها.
كما قدم المدعى عليه الرابع مذكرة، طلب فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، صممت فيها على طلباتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعين أقاموا أمام محكمة أسوان الجزئية، الدعوى رقم 69 لسنة 1997 مدني، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طلبًا للحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا لكل منهم قيمة متجمد نصيبه من مقابل الخدمة عن الفترة من 1/ 1/ 1991، حتى تاريخ رفع الدعوى، قولًا بأنهم من العاملين بفندقي كتراكت وكلابشة بأسوان، المملوكين لشركة الفنادق المصرية، المسند إدارتهما للشركة المدعى عليها الرابعة - التي حلت محل الشركة المدعى عليها الثالثة -، وأن هاتين الشركتين امتنعتا عن صرف مستحقاتهم المالية عن كامل حصيلة مقابل الخدمة الممنوح من عملاء الفندقين لحساب العاملين. وبجلسة 11/ 6/ 1998، دفع المدعون بعدم دستورية المادتين (1/ بند ب) و(5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت لهم باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية؛ فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البحث في الاختصاص سابق بطبيعته على الخوض في شكل الدعوى أو موضوعها، وتواجهه المحكمة من تلقاء ذاتها، وأن مقتضى ما نصت عليه المادة (175) من الدستور الصادر سنة 1971 - المقابلة للمادة (192) من الدستور الحالى - أن إرادة الدستور قد انعقدت على إيلاء المحكمة الدستورية العليا وحدها - دون غيرها - ولاية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، وقد صدر القانون رقم 48 لسنة 1979 المنظم لأوضاعها، مبينًا اختصاصاتها، محددًا ما يدخل في ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها الاختصاص المنفرد بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعًا أية جهة مزاحمتها فيه، مفصلًا طرائق هذه الرقابة وكيفية إعمالها، وذلك كله على النحو المنصوص عليه في المواد (25 و27 و29) من قانون هذه المحكمة، وهى قاطعة في دلالتها على أن اختصاص المحكمة في مجال الرقابة على الدستورية منحصر في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، ذلك أن هذه النصوص هي التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، وما يميزها كقواعد قانونية هو أن تطبيقاتها مترامية، ودوائر المخاطبين بها غير متناهية، والآثار المترتبة على إبطالها - إذا أهدرتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور- بعيدة في مداها، وتدق دائمًا ضوابط الرقابة على مشروعيتها الدستورية، وتقارنها محاذير واضحة. فمن ثم، كان لزامًا بالتالي أن يؤول أمر هذه الرقابة إلى محكمة واحدة، بيدها وحدها زمام إعمالها، كي تصوغ بنفسها معاييرها ومناهجها، وتوازن من خلالها بين المصالح المثارة على اختلافها، وتتولى دون غيرها بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور بما يكفل تكاملها وتجانسها، ويحول دون تفرق وجهات النظر من حولها، وتباين مناحي الاجتهاد فيها. متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد فوض، بموجب الفقرة الثانية من البند (6) من المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب، سلطة إصدار قرار يُبين كيفية توزيع حصيلة مقابل الخدمة على العاملين في المنشآت السياحية، وذلك بالاتفاق مع وزير السياحة والمنظمة النقابية المختصة؛ ونفاذًا لذلك صدر القرار رقم 22 لسنة 1984، متضمنًا القواعد التنظيمية لتوزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، وتحديد النسبة المخصصة منها لكل من المنشأة والعاملين بها، المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء وغير المتصلين بهم، والنسبة المقررة لكل طائفة منهم، ومن ثم يكون هذا القرار اللائحي قد تضمن أحكامًا موضوعية تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، تسري على المخاطبين بها، وصادرة عن السلطة التنفيذية (الوزير المختص) بموجب تفويض من القانون، وبهذه المثابة ينحل القرار رقم 22 لسنة 1984 المار ذكره، إلى تشريع بمعناه الموضوعي، على النحو الذى قصده الدستور والقانون؛ ومن ثم فإن الفصل في دستوريته يدخل في نطاق الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة، في إطار اختصاصها الذى وسده الدستور لها بمقتضى نص المادة (192)، والمادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، في شأن الرقابة القضائية على الشرعية الدستورية؛ مما يغدو معه الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 تنص على أنه يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون: .................
بالأجر: كل ما يتقاضاه العامل لقاء عمله نقدًا مضافًا إليه جميع العلاوات أيًّا كان نوعها وعلى الأخص ما يأتي: 1....... 2- ......... 3-........
4- ........ 5-......0
6- الوهبة التي يحصل عليها العامل في المحال العامة غير السياحية إذا جرى العرف بدفعها وكانت لها قواعد تسمح بتحديدها، وتعتبر في حكم الوهبة النسبة المئوية التي يدفعها العملاء مقابل الخدمة في المنشآت السياحية.
ويصدر قرار من وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب بالاتفاق مع وزير السياحة والمنظمة النقابية المختصة بكيفية توزيعها على العاملين.
وحيث إنه بتاريخ 5/ 3/ 1984، صدر قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، ناصًّا في المادة (1) منه على أنه مع عدم الإخلال بأي نسب أفضل للعاملين يحددها النظام الأساسي للمنشأة أو العقد الجماعي، توزع الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية على الوجه الآتي:
(أ) 80٪ من الحصيلة الكلية للعاملين بالمنشأة.
(ب) 20٪ من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف.
كما نص في المادة (2) منه على أن توزع نسبة ال 80٪ من الحصيلة الكلية المشار إليها في البند (أ) من المادة السابقة على العاملين بالمنشآت الفندقية والسياحية على الوجه الآتي:
(أ) 60٪ من الحصيلة الكلية على العاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء.
(ب) 15٪ من الحصيلة الكلية على العاملين غير المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء.
(ج) 5٪ من الحصيلة الكلية كحوافز على المستحقين من جميع فئات العاملين بالمنشأة ............
ونص في المادة (5) منه على أنه على المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت أن تقوم في نهاية كل سنة على الأكثر بمقارنة ما تم صرفه من أجور للعاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء مع حصيلة النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة وفقًا للمبين بالبند (أ) من المادة (2)، فإذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة يوزع الفرق عليهم بنسبة أجورهم الثابتة.
وحيث إن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قد نص في المادة السابعة من مواد إصداره على إلغاء القانون رقم 137 لسنة 1981، ونص في الفقرة الثانية من البند رقم (8) من (ج) من المادة (1) منه على أنه ويصدر قرار من الوزير المختص بالاتفاق مع المنظمة النقابية المعنية بكيفية توزيعها على العاملين بالتشاور مع الوزير المعني. وإعمالًا لهذا التفويض التشريعي أصدر وزير القوى العاملة والهجرة القرار رقم 125 لسنة 2003 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحة، ناصًّا في المادة الأولى منه على أنه مع عدم الإخلال بأي نسب أفضل للعاملين يحددها النظام الأساسي للمنشأة أو العقد الجماعي، توزع الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية على الوجه الآتي:
(1) 80٪ من الحصيلة الكلية للعاملين بالمنشأة.
(2) 20٪ من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف.
وتنص المادة الخامسة من القرار المشار إليه على أنه على المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت أن تقوم في نهاية كل سنة على الأكثر بمقارنة ما تم صرفه من أجور للعاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء مع حصيلة النسب المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة وفقًا للمبين بالبند (1) من المادة (2) فإذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة يوزع عليهم بنسبة أجورهم الثابتة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها ارتباطها عقلًا بالمصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة لحسمها، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية، وإن كان يتحدد أصلًا بالنصوص القانونية التي يتعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، إلا أن هذا النطاق يمتد ليشمل أيضًا النصوص التي يُضار المدعون في الدعوى الموضوعية من جراء تطبيقها عليهم ولو لم يتضمنها الدفع بعدم الدستورية، إذا كان فصلها عن النصوص التي اتصلت بالمحكمة الدستورية العليا متعذرًا، وكان ضمها إليها يكفل تحقيق الأغراض التي يتوخاها المدعون من دعواهم الموضوعية.
متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يدور حول مطالبة المدعين من المخاطبين بالقرار رقم 22 لسنة 1984 المشار إليه- بمتجمد مستحقاتهم المالية من حصيلة مقابل الخدمة عن الفترة من 1/ 1/ 1991 وحتى تاريخ إقامة دعواهم الموضوعية، وكان نص البند (ب) من المادة (1) من القرار الوزاري المار ذكره، قد اقتطع نسبة ال (20٪) من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة المستحق كاملًا للعاملين وحدهم، وخصصها لصالح المنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف؛ ومن ثم فإن القضاء في دستورية هذا النص، سيكون له أثره المباشر وانعكاسه الأكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر في شأنه المصلحة بالنسبة لجميع المدعين. كما تغدو المصلحة متحققة - أيضًا - في الطعن على المادة (5) من القرار ذاته، بالنسبة للمدعين الثاني والثالث والخامس، بحسبانهم من العاملين المتصلين اتصالًا مباشرًا بالعملاء، والمضارين مما تضمنته أحكام هذه المادة من استقطاع ما تم صرفه لهؤلاء العاملين من أجور ثابتة من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة. وإذ كان نصا المادتين الأولى بند (2)، والخامسة من قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003، المشار إليه، قد رددا الأحكام ذاتها الواردة في النصين المطعون عليهما، ليشكلا بذلك تنظيمًا قانونيًّا واحدًا يواجه به الطاعنون، فإن مصلحتهم الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على أحكام التنظيم القانوني ذاته، من خلال النصوص التشريعية التي تضمنها القراران السالفان، في المجال الزمني لسريان كل منهما، إذ من غير المتصور أن يستقل النصان المطعون عليهما بذاتيهما، ليحدثا في حق الطاعنين أضرارًا شخصية، غير التي يصابون بها من جراء تطبيق النصين الساريين في حقهم؛ الأمر الذي يضحى معه الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لإلغاء قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984، لا أساس له، متعينًا رفضه.
وحيث إنه من المقرر - على ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هي من مقوماتها، لا تقوم إلا بها، ولا يكتمل بنيانها أصلًا في غيابها؛ ومن ثم تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافر لها خاصية الإلزام. ولا كذلك عيوبها الموضوعية، إذ يفترض بحثها - ومناطها مخالفة النصوص القانونية المطعون عليها لقاعدة في الدستور من زاوية محتواها أو مضمونها - أن تكون هذه النصوص مستوفية لأوضاعها الشكلية، ذلك أن المطاعن الشكلية- وبالنظر إلى طبيعتها - لا يتصور أن يكون تحريها وقوفًا على حقيقتها، تاليًا للنظر في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها - من تلقاء نفسها - بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها منحصرًا في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفًا إليها وحدها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية- سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها - إنما تتحدد في ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها؛ ومن ثم فإن التحقق من استيفاء أحكام قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 المطعون على نص مادتيه (1/ بند ب) و(5)، وعُمل بهما من تاريخ نشره في 4 أبريل سنة 1984، وكذا قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003، الذي يضم نص المادتين الأولى بند (2) والخامسة، اللذين امتد إليهما نطاق الدعوى المعروضة، وعُمل بهما من اليوم التالي لتاريخ نشره في 25 يوليه سنة 2003، يتعين أن يجري على ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 1971، المعمول به في تاريخ صدورهما، وتكون هي الواجبة التطبيق في الدعوى المعروضة.
وحيث إن المدعين ينعون على المادتين (1/ بند ب) و (5) من قرار وزير القوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 المطعون فيهما، مجاوزة الوزير لحدود التفويض التشريعي الممنوح له، بموجب نص المادة (1/ 6) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، وهو ما يصمهما بمخالفة نص المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971، فضلًا عن الاعتداء على الملكية الخاصة، والإخلال بمبدأ المساواة.
وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره، ذلك أن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصدر وفقًا لنص المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971، أنها تفصِّل ما ورد إجمالًا في نصوص القانون بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في إتمام القانون، أي وضع القواعد والتفاصيل اللازمة لتنفيذه مع الإبقاء على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن تضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستوري المخول له، متعديًا على السلطة التشريعية. كما أن من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال القوانين، وتنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها ، في حالات محددة ، بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971 على أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها؛ ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه ؛ ومن ثم لا يدخل في اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلًا لأحكام أوردها المشرع في القانون إجمالًا، بما يخرج اللائحة - عندئذ - عن الحدود التي عينها الدستور.
وحيث إن المشرع، في الفقرة الثانية من البند (6) من المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، والبند (8) من (ج) من المادة (1) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، قد فوض الوزير المختص بالقوى العاملة سلطة إصدار قرار بكيفية توزيع حصيلة مقابل الخدمة، على العاملين في المنشآت السياحية، مستبعدًا مشاركة صاحب العمل أو غيره، للعاملين بهذه المنشآت في تلك الحصيلة، ليكون توزيعها عليهم - وحدهم دون سواهم - كاملًا غير منقوص، بحسبان خلو التفويض التشريعي من تخصيص أو استقطاع أية نسبة من حصيلة مقابل الخدمة، لصالح المنشأة، أو حرمان لطائفة من العاملين بالمنشآت السياحية - المتصلين منهم اتصالًا مباشرًا بالعملاء - من حصتهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، حال تقاضيهم أجرًا ثابتًا مساويًا أو يزيد عن المبلغ المستحق لهم من تلك الحصيلة.
متى كان ما تقدم، وكان البين من مطالعة النصين المطعون عليهما والنصين المقابلين لهما في القرار الوزاري الأخير، أنها استحدثت وأضافت أحكامًا جديدة، تضافرت على معنى واحد، هو الخروج عن حدود التفويض الممنوح للوزير المختص باستقطاع نسبة ال 20٪ من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة المستحقة للعاملين، وتخصيصها لحساب المنشأة، لتغطية ما لحق أدواتها من كسر وفقد وتلف، وإلزام المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت، بأن تقوم في نهاية كل سنة على الأكثر بمقارنة ما تم صرفه من أجور ثابتة لهؤلاء العاملين، مع حصيلة النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، فإذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة، يوزع عليهم الفرق بنسبة أجورهم الثابتة، بما مؤداه: أن يكون الأصل بالنسبة للعمال الذين يتقاضون أجورًا ثابتة، حرمانهم من الحصول على النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، ليستثنى من ذلك أن تكون أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة، فيوزع عليهم الفارق بنسبة أجورهم الثابتة، مما لازمه أن تكون النصوص الواردة بالقرارين رقمي 22 لسنة 1984 و 125 لسنة 2003 المار بيانهما - والمحددة نطاقًا على النحو السالف - قد صدرت مجاوزة لحدود التفويض الممنوح للوزير المختص، إذ إنها لم تفصل أحكامًا أوردها المشرع إجمالًا في قانوني العمل الصادرين بالقانونين رقمي 137 لسنة 1984 و 12 لسنة 2003، وإنما استحدثت نصوصًا جديدة لا يمكن إسنادها إلى هذين القانونين، وخرجت عن الحدود التي رسمتها المادة (144) من الدستور الصادر سنة 1971 للوائح التنفيذية؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها، وسقوط ما ارتبط بها من مواد القرارين السالفي الذكر.
وحيث إن هذه المحكمة تقديرًا منها للآثار المترتبة على القضاء بعدم دستورية قرارى وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984 ووزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003 المشار إليهما، من مساس باستقرار المراكز القانونية التي نشأت عن تطبيقهما، بدءًا من تاريخ العمل بأولهما في 4/ 4/ 1981، والآخر في 25/ 7/ 2003، حتى تاريخ نشر هذا الحكم، فإنها تُعمل السلطة المخولة لها بنص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره، وذلك دون إخلال باستفادة المدعين منه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية البند (ب) من المادة (1) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب رقم 22 لسنة 1984، والبند (2) من المادة الأولى من قرار وزير القوى العاملة والهجرة رقم 125 لسنة 2003 بشأن توزيع حصيلة مقابل الخدمة في المنشآت الفندقية والسياحية، فيما نصا عليه من توزيع نسبة 20٪ من الحصيلة الكلية للمنشأة مقابل الكسر والفقد والتلف.
ثانيًا: بعدم دستورية المادة (5) من قرار وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب، والمادة الخامسة من قرار وزير القوى العاملة والهجرة، المشار إليهما، فيما تضمنتاه من استثناء العاملين المتصلين اتصالاً مباشرًا بالعملاء في المنشآت الفندقية التي تطبق نظام الأجر الثابت من الحصول على النسبة المخصصة لهم من الحصيلة الكلية لمقابل الخدمة، إلا إذا كانت أجورهم الثابتة أقل من حصيلة هذه النسبة.
ثالثًا: بسقوط أحكام القرارين المار بيانهما المرتبطة بالنصوص المقضي بعدم دستوريتها.
رابعًا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره.
خامسًا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 217 لسنة 19 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 217 لسنة 19 قضائية دستورية

المقامة من
حسن محمد حسن إبراهيم
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الوزراء
4- وزير العدل
5- النائب العام

------------------

" الإجراءات "
بتاريخ الحادي عشر من ديسمبر سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية:
أولًا: قرار رئيس الجمهورية المؤقت رقم 560 لسنة 1981، بإعلان حالة الطوارئ، وقرارات رئيس الجمهورية أرقام 480 لسنة 1982 و387 لسنة 1983 و366 لسنة 1984 و167 لسنة 1986 و116 لسنة 1988 و183 لسنة 1991 و116 لسنة 1994 و38 لسنة 1997، بمد حالة الطوارئ لمدد متفاوتة ومتصلة تنتهي في 31 مايو سنة 2000.
ثانيًا: أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996، الصادر بتاريخ 31/10/1996، بشأن أعمال البناء والهدم.
ثالثًا: المواد (4 و5 و22/ فقرة أولى) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولًا: أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر قرارات رئيس الجمهورية المطعون عليها، وأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996، واحتياطيًّا: برفض الدعوى. ثانيًا: فيما يتعلق بالطعن على المواد (4 و5 و22/ فقرة أولى) من القانون رقم 106 لسنة 1976، في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة أمن الدولة طوارئ في الجنحة رقم 457 لسنة 1997 قسم أسوان؛ لأنه في يوم 3/5/1997، أنشأ - بصفته مستأجرًا - مبنى قبل الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، وطلبت عقابه بالمواد (1 و4 و5 و6 و22 / فقرة أولى) من القانون رقم 106 لسنة 1976، المعدل بالقانون رقم 99 لسنة 1986، والأمر العسكري رقم 7 لسنة 1996، وحال نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية النصوص الآتية:
أولًا: القرارات الجمهورية أرقام 560 لسنة 1981و480 لسنة 1982 و387 لسنة 1983 و366 لسنة 1984 و167 لسنة 1986 و116 لسنة 1988 و183 لسنة 1991 و116 لسنة 1994 و38 لسنة 1997، بشأن إعلان حالة الطوارئ، ومدها لمدد متصلة تنتهي في 31 مايو سنة 2000. ثانيًا: الأمر العسكري رقم 7 لسنة 1996، الصادر بتاريخ 31/10/1996، من نائب الحاكم العسكري العام ورئيس مجلس الوزراء، بشأن أعمال البناء والهدم. ثالثًا: المواد
(4 و5 و22/ فقرة أولى) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية المؤقت رقم 560 لسنة 1981، بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، ينص على أنه:
المادة الأولى: تعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية لمدة سنة اعتبارًا من الساعة 1600 يوم الثلاثاء الموافق السادس من أكتوبر عام 1981.
المادة الثانية: ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية.
ثم أصدر رئيس الجمهورية القرارات أرقام 480 لسنة 1982 و387 لسنة 1983 و366 لسنة 1984 و167 لسنة 1986 و116 لسنة 1988 و183 لسنة 1991 و116 لسنة 1994 و38 لسنة 1997 بمد حالة الطوارئ إلى المدة المبينة بكل منها.
وحيث إن المادة الأولى من أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996 بشأن أعمال البناء والهدم، تنص على أنه يحظر على الملاك والمستأجرين ...... ارتكاب أي فعل من الأفعال الآتي ذكرها بالمخالفة لأحكام أي من القانونين رقمي 106 لسنة 1976 و178 لسنة 1961 المشار إليهما:
1 - إنشاء مبانٍ أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها قبل الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة.
2 - ........ 3 - ...........
وتنص المادة الثانية من الأمر ذاته على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من يخالف حكم البند (1) من المادة السابقة ........ .
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الطعن على قرارات رئيس الجمهورية أرقام 560 لسنة 1981 و480 لسنة 1982 و387 لسنة 1983 و366 لسنة 1984 و167 لسنة 1986 و116 لسنة 1988 و183 لسنة 1991 و116 لسنة 1994 و38 لسنة 1997، بشأن إعلان حالة الطوارئ ومدها لمدد متصلة، تنتهي في 31 مايو سنة 2000، فإنه سديد؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح تجد أساسها - كأصل عام - في مبدأ ‏الشرعية وسيادة القانون وخضوع الدولة له، إلا أنه يرد على هذا الأصل - وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه ‏المحكمة - استبعاد الأعمال السياسية من مجال هذه الرقابة القضائية، تأسيسًا على أن طبيعة هذه الأعمال ‏تأبى أن تكون محلًّا لدعوى قضائية. وأن العبرة في تحديد التكييف القانوني للأعمال السياسية هي بطبيعة العمل ذاته لا بالأوصاف التي قد يخلعها المشرع عليه، متى ‏كانت طبيعته تتنافى وهذه الأوصاف، ذلك أن استبعاد الأعمال السياسية من ولاية القضاء الدستوري، إنما ‏يأتي تحقيقًا للاعتبارات السياسية التي تقتضي- بسبب طبيعة هذه الأعمال، واتصالها بنظام الدولة السياسي ‏اتصالًا وثيقًا أو بسيادتها في الداخل أو الخارج- النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية؛ استجابة لدواعي الحفاظ ‏على الدولة والذود عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا، مما يقتضي منح الجهة القائمة بهذه الأعمال - سواء ‏كانت هي السلطة التشريعية أو التنفيذية- سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقًا تحقيقًا لصالح الوطن ‏وسلامته، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه في هذا الصدد، ولأن النظر فيها والتعقيب عليها ‏يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين تقدير لا تتاح للقضاء، فضلًا عن عدم ملاءمة طرح المسائل علنًا في ‏ساحاته؛ ومن ثم فإن المحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تحدد - بالنظر إلى طبيعة المسائل التي تنظمها ‏النصوص المطعون عليها - ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من الأعمال السياسية فتخرج ‏عن ولايتها بالرقابة على الدستورية، أم أنها ليست كذلك فتبسط عليها رقابتها.‏
لما كان ذلك، وكانت قرارات رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ ومدها - المطعون عليها - قد صدرت استنادًا إلى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، للحفاظ على أمن البلاد، في مواجهة تفشي جرائم الإرهاب؛ ومن ثم فإن هذه القرارات جميعها تعد من الأعمال السياسية التي تنحسر عنها الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، وتقضي المحكمة، تبعًا لذلك، بعدم اختصاصها بنظر الطعن على تلك القرارات.
ولا كذلك الحال بالنسبة إلى دفع هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الطعن على أمر نائب الحاكم العسكري رقم 7 لسنة 1996، المار بيانه، ذلك أنه سن عقوبات جنائية على أفعال محددة، وجاء متضمنًا قواعد عامة ومجردة، تسري على المخاطبين بها دون تمييز؛ ومن ثم يغدو تشريعًا بمعناه الموضوعي، الأمر الذي ينعقد الاختصاص بالفصل في دستوريته إلى هذه المحكمة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي توافر المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها، فإذا زالت المصلحة بعد رفعها وقبل الحكم فيها فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.
متى كان ما تقدم، وكان أمر رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996، المشار إليه، قد أُلغي بموجب أمر رئيس الجمهورية رقم 2 لسنة 2004، وكان مؤدى ذلك زوال تجريم الفعل المنسوب إلى المدعي ارتكابه، والذي أُحيل بسببه إلى المحاكمة الجنائية، ومن ثم زوال ما كان له من آثار في حقه، في ضوء ما هو مقرر من أن كل قانون جديد يلغي التجريم عن الأفعال التي أثمها القانون القديم، إنما ينشئ للمتهم مركزًا قانونيًّا جديدًا، من خلال رد هذه الأفعال إلى دائرة المشروعية، وذلك دون الخوض فيما إذا كان الفعل المنسوب إلى المتهم - بفرض صحته - ما زال معاقبًا عليه وفقًا لأحكام قانونية أخرى تخرج عن نطاق الدعوى الدستورية المعروضة، التي غدت بإلغاء الأمر المطعون عليه مفتقدة شرط المصلحة الشخصية المباشرة، وأضحى لزامًا الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 ‏لسنة 1979 تنص على أنه يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية ‏العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون ‏بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة. ومؤدى ذلك أن المشرع ‏أوجب لقبول الدعاوى الدستورية أن يتضمن قرار الإحالة وصحيفة الدعوى ما نصت عليه تلك ‏المادة، من بيانات جوهرية تنبئ عن جدية هذه الدعاوى، ويتحدد بها موضوعها؛ حتى لا ‏يكون هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية، التي تُدعى هذه ‏المحكمة للفصل فيها؛ ضمانًا لتحديدها تحديدًا كافيًا يبلور مضمونها ونطاقها ، فلا تثير بماهيتها ‏أو مداها خفاءً، يحول دون إعداد ذوي الشأن جميعًا - ومن بينهم الحكومة - لدفاعهم بأوجهه ‏المختلفة، خلال المواعيد التي حددتها المادة (37) من قانون المحكمة الدستورية العليا ، بل ‏يكون بيانها لازمًا لمباشرة هيئة المفوضين - بعد انقضاء هذه المواعيد - لمهامها في شأن تحضير ‏جوانبها، ثم إبدائها رأيًا محايدًا فيها يكشف عن حكم الدستور والقانون، وفقًا لما تقضي به ‏المادة (40) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه‏.
متى كان ذلك، وكانت صحيفة الدعوى قد أجدبت عن أية مناعٍ على نص المادتين (4 و22/1) من القانون رقم 106 لسنة 1976، بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء؛ ومن ثم فإن الطعن على هذين النصين لا يكون قد استوفى الشرائط القانونية الشكلية الواجبة لانعقاد الخصومة في الدعوى الدستورية، لما شابها من تجهيل؛ ومن ثم فإن المحكمة تقضي بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن نص المادة (5) من القانون رقم 106 لسنة 1976، في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، يجري على أن يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم مرفقًا به البيانات والمستندات والموافقات والرسومات المعمارية والإنشائية والتنفيذية التي تحددها اللائحة التنفيذية، وعلى هذه الجهة أن تعطي الطالب إيصالًا باستلام الطلب ومرفقاته، ويجب أن يكون طلب الترخيص في أعمال الهدم موقعًا عليه من المالك أو من يمثله قانونًا.
...................
وحيث إن المدعي ينعى على نص هذه المادة قصر الحق في الحصول على ترخيص بأعمال الترميم على المالك أو وكيله، وحرمان المستأجر من الحق في الحصول على ترخيص بأعمال الترميم اللازمة لسلامة المبنى.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية.
متى كان ذلك، وكان المشرع قد أقام تنظيمًا عامًّا متكاملًا للمنشآت الآيلة للسقوط وتلك التي تحتاج إلى الترميم والصيانة أورده في الفصل الثاني من الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ناط فيه بالجهة الإدارية المختصة فحص المباني وتحديد ما يلزم من صيانة وترميم بما يحقق السلامة والأمان، وإصدار قرار بما يجب القيام به من أعمال في هذا الشأن، يُخطر به ذوو الشأن الذين يكون لهم حق الطعن عليه أمام المحكمة الابتدائية، فإذا لم يبادر المالك بتنفيذ القرار في الموعد الذي حدده القرار بعد صيرورته نهائيًّا، كان معرضًا لعقوبة جنائية توقعها عليه محكمة الجنح المختصة. وقد حرص المشرع - أيضًا - على توزيع أعباء الترميم والصيانة على المالك وشاغلي العقار بنسب معينة وفقًا لتاريخ إنشائه، فأقام بذلك توازنًا بين المالك وشاغلي العقار، بما يؤدي في النهاية إلى تحقيق الصالح العام، وأجاز في الفقرة الثالثة من المادة (60) منه للمستأجر، إذا تأخر كل من ذوي الشأن والجهة الإدارية عن القيام بتنفيذ ما نص عليه القرار النهائي أو قضى به حكم المحكمة بحسب الأحوال، أن يحصل على إذن من القضاء المستعجل في أن يجري الأعمال المقررة دون حاجة إلى الحصول على موافقة المالك، وأن يستوفي ما أنفقه خصمًا من مستحقات المالك لديه. إذ كان ذلك، وكان المدعي قد قصر خصومته على نص المادة (5) من القانون رقم 106 لسنة 1976 السالف البيان، وهو نص منبت الصلة بتنظيم أعمال صيانة وترميم المنشآت، التي احتج بها لدفع الاتهام المنسوب إليه، فإن الضرر الذي ادعاه من النص المطعون بعدم دستوريته، لا يكون عائدًا إليه، وإنما إلى الفهم الخاطئ له؛ ومن ثم تغدو المصلحة في الدعوى المعروضة منتفية، ولزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم اختصاصها بنظر الدعوى بشأن الطعن على قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وقرارات رئيس الجمهورية أرقام 480 لسنة 1982 و387 لسنة 1983 و366 لسنة 1984 و167 لسنة 1986 و116 لسنة 1988 و183 لسنة 1991 و116 لسنة 1994 و38 لسنة 1997، بمد حالة الطوارئ.
ثانيًا: بعدم قبول الدعوى فيما عدا ذلك من طلبات، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الأحد، 26 مايو 2024

الطعن 4864 لسنة 5 ق جلسة 6 / 2 / 2016

المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ فؤاد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ جمال عبد المجيد وعمرو الحناوي وأشرف فريج ومحمد طنطاوي نواب رئيس المحكمة.
وأمين السر السيد/ حاتم عبد الفضيل.

-------------

الوقائع

عن الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم .......... لسنة ....... جنح مركز التل الكبير) والمقيدة برقم .......... لسنة ........ جنح مستأنف التل الكبير).

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً:-
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت الخطأ في حق الطاعن وتوافر رابطة السببية في قوله: "وحيث إن المحكمة تطمئن لشهادة كل من/ ..... بالتحقيقات وبما قرره ...... بالتحقيقات وشهادة المقدم/ ...... رئيس مباحث التل الكبير بالتحقيقات وما جاء بتقريري الطب الشرعي وتعول عليهم في حكمها، الأمر الذي يتوافر في حق المتهم/ .... ركن الخطأ وهو عدم الالتزام بواجبات وظيفته المنوط بها؛ إذ من واجبه بصفته طبيب أخصائي نساء وولادة مباشرة الحالات المرضية بنفسه حال كونه نوبتجياً في يوم حدوث تلك الواقعة، كما يتوافر في حقه عدم الاحتراز وهي إحدى صور الخطأ؛ إذ إنه أقدم على فعل خطير وهو تقاعسه عن الحضور لمستشفى القصاصين المركزي لمباشرة حالة المجني عليها المتوفية إلى رحمة الله تعالى/ ........ بنفسه؛ إذ إن من واجبه بصفته أخصائي نساء وولادة مباشرة الحالات المرضية بنفسه حال كونه نوبتجياً في يوم حدوث الواقعة مدركاً خطورته ومتوقعاً ما يحتمل أن يترتب عليه من آثار ولكن غير متخذ الاحتياطات التي من شأنها الحيلولة دون تحقق هذه الآثار حيث إن حالة المجني عليها سالفة الذكر كانت تستلزم عليه مباشرتها بنفسه، كما يتوافر في حقه الركن المادي لهذه الجريمة المتمثل في الفعل وهو عدم متابعته ومباشرته بنفسه لحالة المجني عليها المتوفية إلى رحمة الله تعالى ...... بنفسه؛ إذ إنه من واجبه بصفته أخصائي نساء وولادة مباشرة الحالات المرضية حال كونه نوبتجياً في يوم حدوث تلك الواقعة، وهذا ثابت بشهادة كل من ف ...... رئيس مباحث مركز التل الكبير بالتحقيقات وبما قرره ...... بالتحقيقات، والنتيجة وهي وفاة المجني عليها المتوفية إلى رحمة الله تعالى/ ..... الثابتة بتقرير الطب الشرعي على النحو السالف البيان، وعلاقة السببية بين الفعل والنتيجة؛ إذ لولا فعل المتهم لما حدثت النتيجة، حيث إذا كان المتهم متواجداً بالمستشفى فور علمه بحالة المجني عليها ولم يتقاعس عن الحضور لمباشرة مهام وظيفته لكان في استطاعته إسعاف المجني عليها أو تحويلها إلى مستشفى أخرى قبل أن تسوء حالتها ولم تحدث الوفاة وهي النتيجة". لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً قدرت أن الطاعن قد ارتكب خطأ مهنياً استناداً لما أوردته في أسبابها - على النحو المار بيانه - وهو ما يكفي لحمل مسئولية الطاعن؛ إذ إن من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية أو المدنية متى توافر الضرر - بحسب تعمده العمل ونتيجته أو تقصيره وعدم احترازه في أداء عمله، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أن تقدير توافر رابطة السببية هو من المسائل التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقريرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية هذه أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى وأدلتها أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الحادث، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتحقق به رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليها وجنينها، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن - على السياق المتقدم - وبين رابطة السببية بين سلوك المتهم الخاطئ وموت المجني عليها وجنينها، مما تتحقق به مسئولية الطاعن ما دام قد أثبت قيامها في حقه ولو أسهم آخر في إحداثها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم توفر ثمة خطأ في جانبه أدى إلى موت المجني عليها وجنينها وأن الخطأ هو خطأ المتهم الثاني لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن واعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تلك التقارير ما دامت قد أخذت بها؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإعادة المأمورية للخبير ولا يندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقريري الطب الشرعي المرفقين بالأوراق، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على ما جاء بالتقرير الطبي الابتدائي بل اعتمد أساساً على ما تضمنه تقريري الطب الشرعي، ومن ثم فإن الاستناد إلى التقرير الطبي الابتدائي في دعوى التناقض بين الأدلة الفنية يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، فإن ما يثيره الطاعن حول شهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله من تقريري الطب الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب الطاعن بسماع أقوال مدير مستشفى ....... العام لتحقيق دفاعه المبني على انقطاع رابطة السببية للخطأ في علاج المجني عليها بعد نقلها إلى هذه المستشفى ما دام أنه غير منتج في نفي التهمة عنه، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن طلب سماع شهود نفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى، أي يكون الفصل فيه لازماً للفصل في ذات الموضوع وإلا المحكمة في حل من عدم الاستجابة إليه، كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها، هذا إلى أنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً "أ" فقرة ثانية لإعلان الشهود الذي يرى سماعهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه اطرح أقوال عامل التليفون بمستشفى ..... المركزي في التحقيقات بما يؤيد دفاعه وتنفي التهمة عنه والإشارة إليها، مردوداً بأنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وفي عدم تعرضها لأقوال بعض من سئلوا في التحقيقات ما يفيد اطراحها اطمئناناً منها للأدلة التي بينها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الجريمة التي دين بها الطاعن وهي جريمة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة 238/2،1 من قانون العقوبات، وهي ليست من ضمن الجرائم المنصوص عليها في المادتين 3، 10 من قانون الإجراءات الجنائية، وهي التي يجوز لمن قدم الشكوى فيها أن يتنازل عن شكواه، وأن التنازل فيها لأحد المتهمين يُعد تنازلاً بالنسبة للباقين، ولكن هذه الجريمة التي دين بها الطاعن تخضع للأحكام المنصوص عليها في المادة 18 مكرراً "أ"، ولما كان الثابت أن الطاعن لم يكن طرفاً في الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليها والمتهم الثاني - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإنه لا يستفيد من هذا الصلح ولا شأن له به ويضحى ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص، مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من وجود ذلك التقرير إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون قد جاء على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة.