الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 ديسمبر 2023

الطعن 271 لسنة 37 ق جلسة 28 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 16 ص 178

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد حمدي الأمير - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(16)

الطعن رقم 271 لسنة 37 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - مدد خبرة عملية سابقة - تعيين - ميعاد الطعن في القرار الصادر بشأنها.
المادة (27) من القانون رقم 47 لسنة 1978 قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983. حساب مدة الخبرة العملية السابقة يرتبط بقرار التعيين - إذا صدر قرار التعيين دون استعمال الإدارة سلطتها التقديرية في حساب هذه المدة فإنها تكون قد استنفذت حقها في هذا الشأن - للعامل أن يسلك طريق الطعن على القرار الصادر بتعيينه خلال الميعاد المقرر قانوناً لدعوى الإلغاء - أساس ذلك: أن التفرقة بين دعاوى الإلغاء ودعاوى التسوية تقوم على أساس النظر إلى المصدر الذي يستمد منه العامل حقه - إذا كان هذا الحق مستمداً من القانون مباشرة كانت الدعوى من دعاوى التسوية وكانت القرارات الصادرة من جهة الإدارة في هذا الشأن مجرد إجراءات تنفيذية تهدف إلى تطبيق القانون على حالة العامل - أما إذا استلزم الأمر صدور قرار إداري خاص ينشئ له مركزاً قانونياً ذاتياً كانت الدعوى من دعاوى الإلغاء - تطبيق.
(ب) دعوى - تظلم - ميعاد رفع الدعوى.
في حالة رفض التظلم يتعين إقامة الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ رفض التظلم - استمرار العامل في تقديم العديد من التظلمات والالتماسات ورفضها لا يفتح له مواعيد الطعن من جديد سواء في قرار تعيينه أو القرار المعدل له - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17/ 12/ 1990 أودع الأستاذ/ عصمت الهواري المحامي بصفته وكيلاً عن سمير طه الدسوقي تقرير طعن قيد بجدول هذه المحكمة برقم 271 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات ( أ ) بجلسة 29/ 10/ 1990 في الدعوى رقم 2313 لسنة 42 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بإعادة تسوية حالة الطاعن الوظيفية بضم مدة خدمته الفعلية وإعادة تدرج ترقياته وعلاواته على هذا الوضع الجديد مع ما يترتب على ذلك من فروق مالية وآثار مادية وقانونية وإلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 13/ 7/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 24/ 10/ 1992 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية - ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الطاعن حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية سنة 1960 وعين بالقوات المسلحة بتاريخ 27/ 7/ 1960 وبسبب إصابته أثناء العمليات الحربية صدر قرار بإنهاء خدمته بالقوات المسلحة بتاريخ 2/ 1/ 1980 مع امتداد خدمته حتى 31/ 1/ 1980 وبتاريخ 19/ 5/ 1980 عين بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بوظيفة أخصائي أمن أول من الدرجة الأولى بأول مربوطها (80 جنيهاً) وذلك بالقرار رقم 353 لسنة 1980 دون مراعاة مدة خدمته السابقة كاملة فتقدم بطلب لحساب هذه المدة وفقاً لحكم المادة 27/ 2 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فقام الجهاز بإصدار القرار الإداري رقم 485 لسنة 1981 بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 24/ 2/ 1979 بدلاً من 19/ 5/ 1980 إعمالاً للحكم الوارد في المادة 27/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مع منحه مرتباً قدره 85 جنيهاً اعتباراً من 21/ 5/ 1980 تاريخ استلامه العمل بالجهاز. إذ لم يرض المذكور بهذا القرار لما يراه من أحقيته في حساب مدة خدمته السابقة وكاملة قدرها تسع عشرة سنة وخمسة شهور وتسعة أيام فقد تقدم بعدة تظلمات للجهاز ثم رفضها ومن ثم فقد أقام دعواه رقم 2313 لسنة 42 ق بتاريخ 2/ 2/ 1988 بعد حصوله بتاريخ 5/ 12/ 1987 على حكم بإعفائه من رسوم الدعوى ضد كل من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس مجلس الوزراء وطلب في ختام عريضة دعواه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإعادة تسوية حالته الوظيفية بضم مدة خبرته الفعلية وإعادة تدرج ترقياته وعلاواته على هذا الوضع الجديد مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وبجلسة 29/ 10/ 1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين وأقامت قضاءها على أن التكييف الحقيقي لطلبات المدعي هو الطعن في قرار تعيينه رقم 353 لسنة 1980 الصادر في 19/ 5/ 1980 فيما تضمنه من إغفال ضم المدة الزائدة عن مدة الخبرة المطلوبة لشغل الوظيفة المعين عليها ضمن مدة خبرته العملية إذ لا سبيل إلى تحقيق قصده إلا بالطعن في هذا القرار بطلب إلغائه وإذ صدر القرار الطعين في 19/ 5/ 1980 وعلم به المدعي باستلامه العمل بالجهاز في 21/ 5/ 1980 ولم يقم دعواه بطلب إلغائه إلا في 2/ 2/ 1988 بعد فوات الميعاد المقرر قانوناً لذلك قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً.
ويقوم الطعن على أن محكمة القضاء الإداري أخطأت في تكييف طلبات الطاعن بأنها طعن على القرار رقم 353 لسنة 1980 الصادر بتعيينه بالجهاز المطعون ضده بتاريخ 19/ 5/ 1980 دون الالتفات إلى دفاع الطاعن بأن هذا القرار قد تم إلغاؤه بالقرار رقم 485 لسنة 1981 الذي أرجع أقدمية الطاعن إلى 24/ 2/ 1979 بناءً على فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع والذي شابه الخطأ وتظلم الطاعن منه ومن ثم فإن القرارين محل الطعن ولا علاقة لهما بموضوع النزاع الحالي المتعلق بتسوية الحالة الوظيفية للطاعن بعد ضم مدة خدمته السابقة وهذه الطلبات لا تخضع لمواعيد سقوط وأنه مع التسليم جدلاً بصحة التكييف الذي انتهت إليه المحكمة بالنسبة لطلبات الطاعن فإن المشرع وإن حدد مواعيد التظلم من القرارات الإدارية فقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن إعادة النظر في الموضوع من قبل الجهة الإدارية بناءً على تظلم العامل بقطع مواعيد رفع الطعن ويبدأ ميعاد التظلم أو الطعن من تاريخ صدور الرأي النهائي والثابت من ملف خدمة الطاعن أنه تقدم بالعديد من التظلمات كانت محل بحث الإدارة ومن ثم فإن مدة الستين يوماً لا تسري في مواجهته إلا من تاريخ انتهاء بحث هذه التظلمات وإخطاره بالنتيجة.
ومن حيث إن المادة 27 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 كانت تنص في فقرتها الثانية قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أنه "ويجوز بقرار من السلطة المختصة تعيين العامل الذي تزيد مدة خبرته العملية التي تتفق وطبيعة العمل عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها وبشرط ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر:
ويبين من النص المذكور أنه يربط حساب مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين بقرار التعيين الذي تصدره السلطة المختصة ويجعل ذلك جائزاً لها عند التعيين ومن ثم فإنها بالتعيين دون استعمال هذه السلطة التقديرية تستنفذ حقها في هذا الشأن ويستقر الأمر على مقتضى ذلك يكون سبيل العامل إن كان ثمة إساءة لاستعمال سلطتها أو غمط لحقه دون مبرر أن يسلك طريق الطعن على القرار الصادر بتعيينه خلال الميعاد القانوني المقرر لدعوى الإلغاء وذلك في ضوء ما هو مستقر من أن التفرقة بين دعاوى الإلغاء ودعاوى التسوية تقوم على أساس النظر إلى المصدر الذي يستمد منه العامل حقه، فإن كان هذا الحق مستمداً مباشرة من قاعدة تنظيمية كانت الدعوى من دعاوى التسوية وكانت القرارات الصادرة من جهة الإدارة في هذا الشأن مجرد إجراءات تنفيذية تهدف إلى تطبيق القانون على حالة العامل، أما إذا استلزم الأمر صدور قرار إداري خاص ينشئ له أو يخوله مركزاً قانونياً ذاتياً كانت الدعوى من دعاوى الإلغاء.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة الطاعن فإنه إذ عين بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بالقرار رقم 353 لسنة 1980 في وظيفة أخصائي أمن أول من الدرجة الأولى بمجموعة وظائف التنمية الإدارية اعتباراً من 19/ 5/ 1980 مع منحه مرتباً مقداره 80 جنيه شهرياً اعتباراً من تاريخ استلامه العمل، فإنه وقد صدر القرار المذكور في ظل العمل بحكم المادة 27/ 2 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة السالف ذكرها وقبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 وإذ تراءى للطاعن أن هذا القرار قد غمطه حقه في حساب مدة خبرته العملية السابقة على التعيين كاملة وإذ ثبت علمه بالقرار المذكور بتاريخ 21/ 5/ 1980 تاريخ استلامه العمل بالجهاز، وقد كان يتعين عليه إقامة دعواه بطلب إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من عدم حساب هذه المدة وذلك خلال الميعاد المقرر أما وقد تراخى في إقامة هذه الدعوى حتى 2/ 2/ 1988 فإن دعواه تغدو غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما أشار إليه الطاعن من تظلمه من قرار تعيينه وقيام الجهاز بإصدار قراره رقم 485 لسنة 1981 بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 24/ 2/ 1979 بدلاً من 19/ 5/ 1980 إعمالاً للحكم الوارد في المادة 27/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 1978 من منحه مرتباً قدره 85 جنيهاً اعتباراً من 21/ 5/ 1980 تاريخ استلامه العمل بالجهاز، ولا يغير ذلك مما تقدم باعتبار أن القرار المذكور قد صدر بتاريخ 26/ 7/ 1981 وارتأى الطاعن أنه لا يحقق مراده لاقتصاره على حساب جزء من مدة الخبرة التي يطالب بحسابها وقام بالتالي بالتظلم منه مطالباً بحساب مدة خبرته كاملة فقد كان يتعين عليه أقامه دعواه خلال ستين يوماً من تاريخ رفض الجهاز لهذا التظلم صراحة أو ضمناً وفقا لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أما استمراره في تقديم العديد من التظلمات والالتماسات فإن رفض الجهاز لهذه التظلمات والالتماسات الجديدة لا يفتح له من جديد مواعيد الطعن في قرار تعيينه أو القرار المعدل له السالف ذكره.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون عليه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها ومن أجل ذلك يكون الطعن عليه على غير أساس متعيناً رفضه، مع إلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 169 لسنة 58 ق جلسة 27 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 77 ص 455

جلسة 27 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ.

---------------

(77)
الطعن رقم 169 لسنة 58 القضائية

أحداث. استئناف "ما لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه". عقوبة "تطبيقها".
عدم جواز استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث بالتوبيخ وبتسليم الحدث لوالديه أو لمن له الولاية عليه. المادة 40 من القانون 31 لسنة 1974. أثره: عدم جواز الطعن عليها بطريق النقض.

----------------
لما كان القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد نص في المادة 40 منه على أنه "يجوز استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث عدا الأحكام التي تصدر بالتوبيخ وبتسليم الحدث لوالديه أو لمن له الولاية عليه". لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بالتوبيخ وهو ما لا يجوز استئنافه أصلاً. ومن ثم لا يجوز الطعن عليه بطريق النقض من باب أولى مما يكون معه الطعن مفصحاً عن عدم قبوله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب عمداً...... بآلة حادة ومطواة قصافة فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت معاقبته المادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1 و7 من القانون 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث ومحكمة أحداث قسم شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بإيداع المتهم الحدث بمؤسسة الرعاية الاجتماعية المختصة لمدة سنة استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتوبيخ المتهم.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن المادة 40 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث قد نصت على أنه "يجوز استئناف الأحكام الصادرة من محكمة الأحداث عدا الأحكام التي تصدر بالتوبيخ وبتسليم الحدث لوالديه أو لمن له الولاية عليه". لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بالتوبيخ وهو ما لا يجوز استئنافه أصلاً. ومن ثم لا يجوز الطعن عليه بطريق النقض من باب أولى مما يكون معه الطعن مفصحاً عن عدم قبوله.

السبت، 16 ديسمبر 2023

الطعن 1898 لسنة 35 ق جلسة 22 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 15 ص 168

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(15)

الطعن رقم 1898 لسنة 35 القضائية

حريات - حرية السفر والتنقل - المنع من السفر - تنظيمه.
المواد 50، 51، 52 من الدستور، المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر.
كفل المشرع الدستوري لكل مواطن الحق في التنقل سواء داخل أرض الوطن أو في خارجه في أي وقت سواء بالإقامة في مكان معين بالداخل أو الانتقال منه أو بالسفر بصفة مؤقتة إلى الخارج والعودة أو بالهجرة الدائمة إلى دولة أخرى بصفة دائمة أو مؤقتة - لا يجوز للمشرع العادي إلغاء هذه الحقوق أو تغييرها بما يصل بها إلى درجة الإلغاء - ليس للمشرع العادي إلا حق تنظيم هذه الحقوق وتحديد الإجراءات المتعلقة بمباشرة الأفراد لها وممارستها دون حظر أو تقييد مانع لها أو يتعارض مع الغاية منها - حرية المواطن المصري في التنقل من مكان إلى آخر داخل الدولة أو خارجها حق دستوري أصيل للمواطن المصري ومقرر له بحكم صفته كإنسان ولا يجوز لجهة الإدارة المساس بهذا الحق دون مسوغ ولا الانتقاص منه بغير مقتضى من المصلحة القومية للمجتمع والدولة وفي حدود التشريعات المنظمة لهذا الحق والتي تتضمن كيفية ممارسته وبما لا يتعارض مع المصلحة العامة - تنظيم حرية المواطن في التنقل من مكان إلى آخر والسفر إلى خارج البلاد أمر تقتضيه ضرورة المحافظة على سلامة الدولة في الداخل والخارج وعلى استقرار وحماية الأمن العام وعدم تعطيل سير العدالة نتيجة خروج متهمين أو شهود خارج البلاد بينما هم لازمون للفصل في القضايا أو التصرف في التحقيقات ورعاية مصالح الاقتصاد القومي وذلك كله دون أن يخل التنظيم بمبدأ حرية السفر والتنقل ولا يمس جوهره ومضمونه - المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 تخول وزير الداخلية سلطة تقديرية في رفض منح جواز السفر أو تجديده أو سحبه بعد إعطائه إذا قامت لديه أسباب هامة تبرر هذا القرار تطبيق. (1)


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 24/ 4/ 1989 أودع الأستاذ/ حسني عبد الحميد المحامي بصفته وكيلاً عن عادل عبد العزيز المشد وممدوح حامد عطية بتوكيلين رسميين مودعيين بملف الدعوى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1898/ 35 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 4/ 4/ 1989 في الدعوى رقم 3906 لسنة 42 ق المقامة من الطاعنين والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعيين المصروفات وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وطلب الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
أودع السيد الأستاذ المستشار/ ......... مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن لانتفاء سند الوكالة واحتياطياً برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3/ 12/ 1990 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 7/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وقد حددت جلسة 4/ 10/ 1992 لنظر الطعن أمام المحكمة وتقرر إصدار الحكم بجلسة 15/ 11/ 1992 مع التصريح لمن يشاء بمذكرات خلال عشرة أيام وقدمت هيئة قضايا الدولة خلال الأجل مذكرة خلصت فيها - للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات - وبجلسة 15/ 11/ 1992 تقرر مد أجل النطق به لجلسة اليوم 22/ 11/ 1992 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 3906/ 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بمنعهما من السفر وإدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر وما يترتب على ذلك من آثار، وقالا شرحاً لدعواهما أنهما علماً بأن المدعى عليه قد أصدر قراراً بمنعهما من السفر إلى الخارج، وإدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر وأن هذا القرار مشوب بعيب مخالفة الدستور والقانون، لأن حق التنقل والسفر من الحقوق التي لا يجوز الحد منها أو انتقاصها خاصة وأنهما لم يرتكبا جرماً أو إثماً إلا إذا كان عملهما بكبرى شركات الاستثمار يعتبر جريمة، وخلص المدعيان إلى أن ثمة أضرار جسيمة يتعذر تداركها تلحق بهما من جراء القرار المطعون فيه.
عقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى بأن قدمت حافظة مستندات طويت على مذكرة الإدارة العامة لمكافحة الأموال العامة جاء فيها أن الإدارة قد قامت في 21/ 6/ 1987 بإدراج: 1 - السيد.......... عضو مجلس إدارة شركة بدر للاستثمار وتوظيف الأموال - 2 - ......... نائب رئيس مجلس إدارة شركة بدر للاستثمار وتوظيف الأموال، على قائمة ترقب الوصول والتفتيش - بعد موافقة الوزير - لقيامهما بعقد اجتماعات مع العاملين المصريين بدول الخليج، وحثه تحويل مدخراتهم إلى شركة بدر للاستثمار عن طريق البنك الوطني المصري بالدقي، وبتاريخ 25/ 6/ 1987 وصل المذكوران للبلاد عن طريق "ميناء القاهرة الجوي" وجاءت نتيجة تفتيشهما سلبية، وقامت الإدارة بتعديل إدراجهما على قائمة الممنوعين من السفر كإجراء احتياطي حماية لأموال المودعين وموارد البلاد من النقد الأجنبي، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة رداً على الدعوى خلصت فيها - للأسباب الواردة بها - إلى طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعيين المصروفات.
وبجلسة 4/ 4/ 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعيين مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون عليه بني على سبب صحيح يبرره، بحسبان أن وزارة الداخلية قامت بإدراجهما على قوائم الممنوعين حماية لأموال المودعين بشركة بدر للاستثمار وتوظيف الأموال وحماية لموارد البلاد من النقد الأجنبي باعتبار أن أحدهما عضو مجلس إدارة الشركة والثاني نائب رئيس مجلس الإدارة، وأن الكثير من شركات تلقي الأموال بددت أموال المودعين وعجزت عن ردها إليهم الأمر الذي يقتضي تواجد أصحاب هذه الشركات بالبلاد إلى أن تتحدد بصفة نهائية المراكز القانونية لشركاتهم على ضوء أحكام القانون رقم 146/ 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك لأن قرار إدراج اسمي الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر صدر في يونيو 1987 في حين أن القانون رقم 146/ 1988 صدر في 9/ 6/ 1988 أي بعد صدور القرار المطعون فيه ومن ثم فإن استناد الحكم المطعون فيه - في مجال قضائه بصحة السبب الذي بني عليه قرار الإدراج - على قانون صدر بعد صدور القرار يكون غير صحيح وفيه تجاوز لدور القاضي الذي يتعين عليه أن يراقب السبب "وقت صدور القرار لا بعد ذلك.
وأضاف الطاعنان أن قرار إدراج اسميهما على قوائم الممنوعين صدر من الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، وهي ليست من الجهات التي حددها قرار وزير الداخلية رقم 975/ 1983 مما يجعله فاقداً لشرط وجوده، ومن ناحية أخرى فإن ما نسب إلى الطاعنين - وكان سبباً لقرار الإدراج - من قيامهما بعقد اجتماعات مع العاملين المصريين بدول الخليج وحثهم على تحويل مدخراتهم إلى شركة بدر للاستثمار، هو عمل مباح غير محظور سواء قبل صدور القانون رقم 146/ 1988 وحتى بعد صدوره مما يجعل سبب القرار المطعون فيه فاقداً أساسه القانوني.
واستطرد الطاعنان إلى أن القرار المطعون فيه لا يحقق مصلحة عامة لأن تقييد حريتهما يحول دون نشاطهما الاقتصادي ويثير عدم الثقة في مشروعاتهما وشخصيتهما مما يؤثر على قدرتهما في رد أموال المودعين، وخلص الطاعنان إلى أن الحكم المطعون فيه وقد أضفى على القرار المطعون فيه وصف الصحة رغم فقدانه لركن الغاية، فإن الحكم يكون قد خالف القانون ويتعين الحكم بإلغائه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه قد نصت المادة (50) من الدستور على أنه لا يجوز أن يحظر على أي مواطن الإقامة في جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة بالقانون وتنص المادة (51) منه بأنه لا يجوز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها، كما نصت المادة (53) بأن للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج وينظم القانون هذا الحق وشروط الهجرة ومغادرة البلاد.
ولما كانت هذه المواد الثلاثة تقضي بحق كل مواطن في التنقل سواء داخل أرض الوطن أو في خارجه في أي وقت، سواء بالإقامة في مكان معين بالداخل أو الانتقال منه أو بالسفر بصفة مؤقتة إلى الخارج والعودة أو بالهجرة الدائمة إلى دولة أخرى بصفة دائمة أو مؤقتة وهذه الحقوق لا يسوغ باعتبارها من بين الحقوق الأساسية للإنسان المصري التي كفلها له المشرع الدستوري وهي لا يجوز للمشرع العادي إلغائها أو تغييرها بما يصل بها إلى درجة الإلغاء، وليس للمشرع العادي إلا حق تنظيمها وتحديد الإجراءات المتعلقة بمباشرة الأفراد لها وممارستها دون حظر أو تقييد مانع لها أو يتعارض مع الغاية منها، ومع التسليم بناءً على ما سلف بيانه بأن حرية المواطن المصري في التنقل من مكان إلى آخر داخل الدولة أو خارجها حق دستوري أصيل للمواطن المصري ومقرر له بحكم صفته كإنسان وهذا الحق لا يجوز لجهة الإدارة المساس به دون مسوغ.
ولا الانتقاص منه بغير مقتضى من المصلحة القومية للمجتمع والدولة في حدود التشريعات المنظمة لهذا الحق والتي تتضمن كيفية ممارسته وبما لا يتعارض مع المصلحة العامة، وعلى ذلك فإن تنظيم حرية المواطن في التنقل من مكان إلى آخر والسفر إلى خارج البلاد أمر تقتضيه ضرورة المحافظة على سلامة الدولة في الداخل والخارج على استقرار وحماية الأمن العام وعدم تعطيل سير العدالة نتيجة خروج متهمين أو شهود خارج البلاد بينما هم لازمون للفصل في القضايا أو التصرف في التحقيقات ورعاية مصالح الاقتصاد القومي، وذلك كله دون أن يخل التنظيم بمبدأ حرية السفر والتنقل ولا يمس جوهره ومضمونه وإعمالاً لهذه المبادئ والقواعد فقد أجازت المادة (11) من القانون رقم 97/ 1959 الخاص بجوازات السفر، لوزير الداخلية - لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده، وجواز سحبه بعد إعطائه، وتنفيذاً لذلك فقد أصدر وزير الداخلية قرارات متعاقبة آخرها القرار رقم 975/ 1983 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين من السفر وتضمنت مادته الأولى الجهات التي يجوز لها طلب الإدراج في قوائم الممنوعين من السفر بالنسبة للأشخاص الطبيعيين ومن بينها مصلحة الأمن العام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهات المختصة قد وافقت على تأسيس شركة بدر للاستثمار في 20/ 7/ 1986 وتم قيد الشركة في السجل التجاري بمكتب الجيزة في 30/ 8/ 1986 تحت رقم 71043 وبتاريخه قامت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بإدراج (السيد/ .........) عضو مجلس إدارة الشركة المشار إليها، (السيد/ .........) نائب رئيس مجلس الإدارة على قوائم ترقب الوصول والتفتيش - بعد موافقة الوزير - لقيامهما بعقد اجتماعات مع العاملين المصريين بدول الخليج وحثهم على تحويل مدخراتهم إلى شركة بدر للاستثمار، ولما وصل المذكوران إلى البلاد في 25/ 6/ 1987 ظهر أن نتيجة تفتيشهما كانت سلبية - وقد قامت الإدارة المختصة بتعديل إدراجهما على قوائم الممنوعين من السفر كإجراء احتياطي حماية لأموال المودعين وموارد البلاد من النقد الأجنبي.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن القرار الصادر بإدراج الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر بقصد حماية أموال المودعين التي كانت تتلقاها شركة بدر للاستثمار التي يشغلان فيها منصبي نائب رئيس مجلس الإدارة، وعضو مجلس الإدارة وحماية لموارد البلاد من النقد الأجنبي وهي الغاية التي تغياها القرار المطعون فيه، وليس من شك في أن الدولة بصفتها هي المسئولة عن مراعاة صالح المجتمع والحفاظ على أمنه الاجتماعي والاقتصادي في حدود أحكام الدستور والقانون قد قدرت أن الأمر يقتضي تواجد أصحاب شركات تلقي الأموال والذين يتولون الأعمال التنفيذية والرئيسية بتلك الشركات داخل البلاد وعدم مغادرتها إلى الخارج إلى أن يتم حسم الأمر بالنسبة لحسابات المودعين، وهو ما عناه المشرع في القانون رقم (146/ 1988) حينما دعا الشركات المشار إليها ومنها شركة بدر للاستثمار إلى توفيق أوضاعها بالقدر الذي يحفظ حقوق المودعين ومن ثم فإذا ما قدرت الجهة الإدارية المختصة أن وجود أصحاب الشركات المشار إليها أو الذين يعملون بها في وظائف توفر لهم حيازة أموال المودعين كلهم أو بعضهم أو تتوفر لديهم البيانات الخاصة بجميعها وإداراتها أو التصرف فيها داخل أراضي الجمهورية ومنعهم من السفر كإجراء احتياطي - وهو ما عبر عنه القرار المطعون فيه لحماية أموال المودعين وموارد البلاد من النقد الأجنبي ولتيسير سبل الفحص والتحقيق ومعرفة المعلومات بمعرفة السلطات المختصة عن هذه الأموال وأوجه التصرف بشأنها فلا معقب على سلطتها التقديرية ما دامت تستهدف الصالح العام وتخلو من الانحراف أو إساءة استعمال السلطة، وحيث إن البين الجلي من الأوراق في خصوص الدعوى الماثلة أن شركة بدر للاستثمار التي ينتمي إليها الطاعنون قد عجزت فعلاً عن توفيق أوضاعها - وعن رد أموال المودعين مما حدا بالمدعي العام الاشتراكي إلى أن يستصدر أمراًَ من محكمة القيم يمنع بعض أصحاب الشركة - ومن بينهم - الطاعن الأول - من السفر خارج البلاد كما بادر المدعي الاشتراكي أيضاً بدوره إلى طلب فرض الحراسة على أموال الشركة كشخص معنوي وعلى أموال بعض الأشخاص الطبيعيين من مؤسسي الشركة، وقد صدر حكم محكمة القيم بتاريخ / 3/ 1992 بفرض هذه الحراسة فعلاً، الأمر الذي يبين منه أن القرار الصادر بإدراج الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر قد صدر صحيحاً وقائماً على سببه المبرر له ومطابقاً للقانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب وقف تنفيذه فإنه يكون قد أصاب الحق.
ومن حيث إنه لا وجه لما نعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من أنه قد بني على أسانيد لاحقة لصدور القرار المطعون فيه - ذلك أن الحكم حينما استطرد في أسبابه مشيراً إلى صدور القانون رقم 146/ 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها كان يستهدف بذلك الاستشهاد بأن الغاية التي صدر من أجلها القرار المطعون فيه غاية صحيحة ومشروعة.
وذكر أن صدور القانون المذكور وإن كان بعد اتخاذ القرار الطعين إلا أنه قد تبين وأفصح أن الشركة التي يعمل بها من صدر بشأنهم القرار قد عجزت عن توفيق أوضاعها أو رد أموال المودعين لديها مما تترتب عليه فرض الحراسة عليها وعلى أموال بعض الأشخاص الطبيعيين من مؤسسيها ضماناً لاسترداد أموال المودعين وهذا بذاته يؤكد أن الأسباب التي قام عليها القرار الطعين والغاية من صدوره تقوم على أساس من الواقع والمصلحة الاقتصادية القومية وكفالة حسن سير العدالة وعدم تعويق مباشرة سلطات الفحص والتحقيق أو أداء المحاكم المختصة لرسالتها بهذا الخصوص.
ومن حيث إنه لا وجه لما ساقه الطاعن الثاني (..........) من أنه قد استقال من منصبه الذي كان يشغله بشركة بدر للاستثمار، وذلك أن تلك الاستقالة تمت في ديسمبر 1988 أي بعد مرور نحو عام ونصف على صدور قرار المنع من السفر في يونيو 1987 والاستقالة لا تنفي مسئولية صاحبها عما يكون قد باشره من أعمال أو توفرت لديه من معلومات وبيانات خاصة بنشاط الشركة وأموال المودعين إبان ممارسته لأعمال وظيفته ومهام منصبه الذي كان يشغله بشركة بدر للاستثمار، ولأن قرار الإدراج المطعون فيه صدر بقصد حماية أموال المودعين التي تلقتها الشركة إبان أن كان الطاعن الثاني يشغل فيها منصب عضو مجلس الإدارة، وغني عن البيان أن عدم اشتمال حكم محكمة القيم على منعه هو شخصياً من السفر لا يعني عدم سلامة القرار الصادر من الجهة الإدارية بمنعه من السفر لأن لكل من القرارين طبيعة ومجال صدوره والظروف التي حدثت لإصداره والنظام القانوني الذي يخضع له.
ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما سلف بيانه فإنه حيث إن القرار المطعون فيه بإدراج الطاعنين على قوائم الممنوعين من السفر قد صدر من وزير الداخلية على ضوء ما ورد بكتاب "مصلحة الأمن العام" رقم (935) في 25/ 6/ 1987 - بناءً على معلومات الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة - ولما كانت "مصلحة الأمن العام" من الجهات المختصة التي حددها قرار وزير الداخلية رقم 975/ 1983 بشأن تنظيم قوائم الممنوعين والتي لها طلب الإدراج على قوائم الممنوعين للأسباب المتعلقة بالأمن العام، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر من سلطة إصداره ويكون النعي عليه بصدوره من غير مختص نعياً غير قائم على أساس صحيح.
ومن حيث إنه يبين مما سلف بيانه أن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به للأسباب التي استند عليها والنتيجة التي خلص إليها، ويكون طعن الطاعنين غير سديد متعيناً رفضه وإلزامهم بالمصاريف طبقاً لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 27/ 6/ 1993 في الطعن رقم 635 لسنة 34 ق الخاص بتحديد الطبيعة القانونية لقرار الإدراج على قوائم الممنوعين.

الطعن 1332 لسنة 34 ق جلسة 22 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 13 ص 148

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(13)

الطعن رقم 1332 لسنة 34 القضائية

جمعيات خاصة - أهدافها - سلطة الجهة الإدارية في رقابة هذه الأهداف. (أشخاص معنوية) إنشاؤها.
المادة 55 من الدستور، المادتان 1، 7 من القانون رقم 32 لسنة 64 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة، المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 932 لسنة 1966.
تتحدد أهداف الأشخاص المعنوية العامة الوطنية طبقاً للدستور والقانون وبإرادة الذين يؤسسونها بعد موافقة السلطات المختصة في الدولة لتحقيق أغراض محددة ومتخصصة لكل نوع منها - نتيجة ذلك: يتعين لشرعية قيام أي من الأشخاص المعنوية المختلفة داخل الدولة في إطار سيادة الدستور والقانون أن ينشأ وفقاً لأحكامها وفي حدود الغرض والهدف المخصص له هذا النوع من الأشخاص المعنوية - لا يجوز إنشاء حزب بحسب أهدافه وطبيعته وغاياته في صورة جمعية ولا جمعية في شكل حزب ولا نقابة في شكل جمعية بل يتعين أن ينشأ الشخص المعنوي بحسب طبيعته وأهدافه طبقاً لأحكام الدستور والنظام القانوني الخاص به - الأثر المترتب على ذلك: إذا ما استهدفت الجمعية تحقيق أغراض خلاف ما تقدم كان للجهة الإدارية المختصة حق رفض شهرها أو حق إصدار قرار بحلها (حسب الأحوال) وتخضع الجهة الإدارية المختصة في مباشرتها لسلطتها في جميع الأحوال لرقابة القضاء الإداري لبيان مدى مشروعية القرار ومطابقته للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26/ 3/ 1988 أودع الأستاذ/ سعد عبد الواحد حماد المحامي بالنقض قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 2/ 2/ 1988 في الدعوى رقم 1149/ 38 ق إداري المقامة منه، الذي قضى برفض الدعوى وإلزام المدعي مصروفاتها، وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار الإداري رقم 19 لسنة 1983 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وبعد إعلان الطعن الماثل قانوناً، وقدم السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني الذي ارتأت فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه.
وعينت جلسة 1/ 6/ 1992 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وجرى تداوله على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 7/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة وتحددت جلسة 26/ 7/ 1992 لنظر الطعن وبجلسة 4/ 10/ 1992 طلب الطاعن والحاضر عن هيئة قضايا الدولة حجز الطعن للحكم، ومن ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 22/ 11/ 1992 مع التصريح للجهة الإدارية بإيداع مذكرة خلال أسبوعين. وفات ذلك الأجل ولم تقدم أية مذكرات.
وبجلسة اليوم 22/ 11/ 1992 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي سعد عبد الواحد حماد المحامي كان قد أقام الدعوى رقم 1149/ 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة بتاريخ 11/ 12/ 1983 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري رقم 19 الصادر في 11/ 10/ 1983 من إدارة عابدين الاجتماعية فيما تضمنه من رفض شهر الجمعية المصرية للسلام والحرية، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شارحاً دعواه أنه تقدم إلى إدارة عابدين الاجتماعية بصفته مندوباً مفوضاً عن مؤسسي الجمعية المصرية للسلام والحرية بطلب شهر الجمعية المذكورة مرفقاً به الأوراق والمستندات التي يتطلبها القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة إلا أنه تلقى إخطاراً من الجهة الإدارية بصدور قرارها رقم 19 في 11/10/ 1983 برفض شهر الجمعية استناداً إلى حكم المادتين 7، 12 من القانون المشار إليه.
ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للواقع والقانون لأنه استند على أن غرض الجمعية (غرض سياسي) وهو الأمر الغير صحيح لأن الأوراق التي تم تقديمها للشهر تبين أن نشاط الجمعية سيكون في مجال الخدمات الثقافية وفقاً للمادة السابعة من القانون رقم 32/ 1964 والذي يعرف الجمعية الثقافية بأنها كل جمعية يكون الغرض من تكوينها النهوض بالعلوم والفنون والآداب وبديهي أن العلوم تشمل العلوم الطبيعية كما تشمل العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومما لا شك فيه أن نشر وتعميق ودراسة العلوم القانونية بما في ذلك حقوق الشعب وحقوق الإنسان لا تعدو أن تكون تطبيقاً لما نصت عليه المادة (7) من القانون المشار إليه سلفاً، وبمراجعة أهداف الجمعية وفقاً للأوراق الرسمية المقدمة منها يبين أنها لا تخرج عن النطاق سالف الذكر لأنها تدور في نطاق أحد أفرع العلوم القانونية وهو القانون الدولي العام مع النهوض بجوانب الأمن والسلام والتنمية والحرية مما يميز الجمعية - المطلوب شهرها - عن نشاط جمعيات أخرى مثل الجمعية المصرية للقانون الدولي.
وعقبت هيئة قضايا الدولة على الدعوى موضحة أن الجمعية المطلوب شهرها قد استهدفت أغراضاً سياسية تخرج به عن تعريف الجمعية الثقافية الذي أورده القانون مستترة وراء عبارات تحاول من خلالها الإيحاء بالغرض العلمي في حين أن الهدف السياسي واضح وصارخ من خلال لائحة النظام الأساسي للجمعية، وخلصت هيئة قضايا الدولة إلى أن قرار محافظة القاهرة برفض شهر الجمعية قام على سبب صحيح وجاء مطابقاً للقانون.
وبجلسة 22/ 5/ 1984 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي طلب وقف التنفيذ برفضه وألزمت المدعي مصروفاته وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء وطعن في الحكم بالطعن رقم 2667/ 30 ق، وبجلسة 6/ 4/ 1985 حكمت دائرة فحص الطعون بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
وبجلسة 2/ 2/ 1988 حكمت المحكمة - في طلب الإلغاء - برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، واستندت المحكمة في قضائها على أن أغراض الجمعية المطلوب شهرها والتي تسعى لتحقيقها يغلب عليها الطابع السياسي، وأن طبيعة الجمعيات الخاصة وما تستهدفه أساساً من أغراض الرعاية الاجتماعية والتثقيفية تستلزم أن تنأى بها عن مجال الاشتغال بالسياسة الأمر الذي يكون معه قرار رفض شهر الجمعية متفقاً مع صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون رقم 32 لسنة 1964 ولائحته التنفيذية ذلك أن أهداف الجمعية تدخل ضمن بند "خدمات ثقافية وعلمية" الوارد بالقرار الجمهوري رقم 932/ 1966 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 32/ 1964، فهي تهتم بدراسة ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بدعم السلام العالمي وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وتنمية وتطوير مواردها لصالح شعوبها ولصالح التعاون والإخاء الإنساني، وبنشر وتعميق وتوسيع دائرة المعرفة حول مخاطر الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الإبادة وضرورة دعم جهود الأمم المتحدة من أجل تحريم استخدام تلك الأسلحة، كما تهتم الجمعية بالمساهمة بالأبحاث والدراسات التي تخدم أهداف الأمم المتحدة في السلام والحرية والتنمية وحل المشاكل الدولية بالطرق السلمية، وهذه كلها اهتمامات لا تخرج عن ميادين الدراسة والبحث في فرع من فروع القانون الدولي العام بما يتفق وأحكام القانون رقم 32/ 1964 بشأن الجمعيات الخاصة.
واستطرد الطاعن موضحاً أن الحكم المطعون فيه فسر أحكام القانون رقم 32/ 1964 تفسيراً خاطئاً عندما أيد الجهة الإدارية في أن أهداف الجمعية أهدافاً سياسية دون أن يوضح الحكم أسانيد ذلك، كما جاء الحكم مشوباً بالقصور الجسيم في التسبيب حيث اقتصر على عرض أهداف الجمعية - وهي لا تخرج عن مجال البحث والدراسة في مجال الخدمات الثقافية والعلمية - وقضى بأنها أغراض يغلب عليها الطابع السياسي دون تحديد للمعيار أو للأساس الذي جعله يصل إلى هذه النتيجة.
ومن حيث إن المادة (55) من الدستور تقضي بأن للمواطنين حق لتكوين الجمعيات على الوجه المبين بالقانون، ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري.
ومن حيث إن القانون رقم 32/ 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة ينص في المادة الأولى منه على أن "تعتبر جمعية في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعية لا يقل عددهم عن عشرة أو من أشخاص اعتبارية لغرض غير الحصول على ربح مادي.
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة (7) من القانون المشار إليه على أن تعتبر جمعية ثقافية كل جمعية يكون الغرض من تكوينها النهوض بالعلوم أو الفنون أو الآداب".
وقد حددت المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة والتي أصدرت بقرار رئيس الجمهورية رقم 932 لسنة 1966 ميادين عمل الجمعيات والمؤسسات الخاصة بما يلي:
1 - رعاية الطفولة والأمومة 2 - رعاية الأسرة 3 - المساعدات الاجتماعية 4 - رعاية الشيخوخة 5 - رعاية الفئات الخاصة والمعوقين 6 - الخدمات الثقافية والعلمية والمدنية 7 - تنمية المجتمعات.......".
ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها ومن الاطلاع على المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 32 لسنة 1964 المشار إليه أن الجمعيات والمؤسسات الخاصة هي تجمع الأشخاص طبيعيين أو اعتبارين يهدف إلى تحقيق أغراض غير مادية تتمثل في ميادين الرعاية الاجتماعية المختلفة وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والعمل على تنمية المجتمع، وهي في ذلك كله تخضع لإشراف الجهة الإدارية المختصة التي لها حق توجيهها ومراقبة تنفيذ الجمعية لنشاطها وتحقيق الغرض من تكوينها.
ومن حيث إنه من المبادئ الأساسية التي تمثل النظام العام للأشخاص المعنوية العامة الوطنية، أن هذه الأشخاص تنشأ وفقاً لما يحدده الدستور والقانون وبإرادة من الذين يؤسسونها بعد موافقة السلطة المختصة في الدولة لتحقيق أغراض محددة ومتخصصة لكل نوع منها فالحزب السياسي يقوم وفقاً لحكم المادة (5) من الدستور وأحكام القانون المنظم للأحزاب السياسية رقم (4) لسنة 1977، وتكوين الجمعيات الخاصة يقوم طبقاً للمادة (55) من الدستور وأحكام القانون 32 لسنة 1964 المنظمة لها ولأغراض غير سياسية والنقابات تقوم طبقاً للمادة (56) من الدستور ووفقاً لقوانين النقابات المهنية وقانون العمل ولأغراض نقابية، ومن نتيجة ذلك فإنه يتعين لشرعية قيام أي من الأشخاص المعنوية المختلفة داخل الدولة في إطار سيادة الدستور والقانون أن ينشأ وفقاً لأحكامها وفي حدود الغرض والهدف المخصص له هذا النوع من الأشخاص المعنوية فلا يجوز وفقاً للدستور والقانون إنشاء حزب بحسب أهدافه وطبيعته وغاياته في صورة جمعية ولا جمعية في شكل حزب ولا نقابة في شكل جمعية.... إلخ بل يتعين أن ينشئ الشخص المعنوي بحسب طبيعته وأهدافه طبقاً لأحكام الدستور والنظام القانوني الخاص به وتأسيساً على ذلك فإن الجمعية إذا ما استهدفت تحقيق أغراض خلاف ما تقدم، كان للجهة الإدارية المختصة حق رفض شهرها أو حق إصدار قرار بحلها - حسب الأحوال - وتخضع الجهة الإدارية المختصة في مباشرتها لسلطتها في جميع الأحوال لرقابة القضاء الإداري لبيان مدى مشروعية القرار ومطابقته للقانون.
ومن حيث إن الجمعية المصرية للسلام والحرية تحت التأسيس - والتي كان من المراد شهرها - قد نص في عقد تأسيسها على أن أغراضها تتحصل في 1 - الاهتمام بدراسة ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بدعم السلام العالمي وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وتنمية وتطوير مواردها لصالح شعوبها ولصالح التعاون والإخاء الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان كدعامة من دعائم الاستقرار الدولي 2 - نشر وتعميق وتوسيع دائرة المعرفة الشعبية حول مخاطر الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الإبادة بالجملة وضرورة دعم جهود الأمم المتحدة من أجل تحريم استخدام هذه الأسلحة... 3 - المساهمة بالأبحاث والدراسات التي تخدم أهداف الأمم المتحدة في السلام والحرية والتنمية ومنع الحروب النووية وتسخير الموارد المخصصة للتسليح النووي لأهداف التعمير وتنمية شعوب العالم الثالث وحل المشاكل الدولية بالطرق السلمية وتدعيم الجهود المبذولة للدفاع عن السلام العالمي بغض النظر عن الاختلافات الفكرية أو السياسية أو الدينية بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الثروة.
ومن حيث إن مظاهر تقديم الخدمات الثقافية والعلمية كميدان تعمل فيه الجمعية الخاصة بحسب مقصود المشرع من إنشائها، تبرز من خلال العمل على أن تقوم الجمعية بتنمية قدرات أفراد المجتمع الذهنية وطاقاتهم الفكرية والعمل على تنمية وثراء ملكاتهم الفنية والأدبية والعلمية، بقصد الارتقاء بعقلهم وبوجدانهم، وغرس مزيد من القيم السامية في نفوسهم، كما تبرز أيضاً في تقديم أوجه المشورة في كيفية الاستفادة من التقدم العميق والسريع للعلوم - في شتى نواحيها - والفنون والآداب في كافة مجالاتها وهذه كلها أمور تنعكس ولا شك على المجتمع، وتحقق له مزايداً من الرعاية الاجتماعية وهو الأمر الذي هدف إليه المشرع حينما أصدر القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق - وعلى النحو المشار إليه سلفاً أن أغراض الجمعية التي صدر قرار الجهة الإدارية برفض شهرها تتحصل جميعاً في الاهتمام بدراسة ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها بشأن دعم السلام العالمي، وتنمية وتطوير موارد الأمم المتحدة لصالح الشعوب، كما تتحصل في المساهمة بالأبحاث والدراسات التي تخدم أهداف الأمم المتحدة في السلام والحرية والتنمية وفي توسيع دائرة المعرفة الشعبية حول مخاطر الأسلحة النووية وغيرها لمنع التسليح النووي والحروب النووية وما إلى ذلك من أغراض هي أبعد ما تكون عن الأغراض التي قصد إليها المشرع من إنشاء الجمعيات الخاصة التي تعمل بقصد تقديم الخدمات الثقافية لتنمية عقل ووجدان أعضاء الجمعية ورفع مستوى معارفهم ومداركهم أو القيام بأي من أنواع الرعاية الاجتماعية لأعضائها بعيداً عن الدعوى إلى مبادئ ذات طابع سياسي مثل تحريم الأسلحة النووية وأسلحة الإبادة بالجملة، وعدم تخصيص موارد الدولة للتسليح النووي، وخلق وعي سياسي عام يدعو ويعمل من أجل هذه الأهداف التي تتعلق بمصير الدول المختلفة والصراعات الدولية في مناطق العالم وقاراته وبصفة خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تود الجمعية أن تسجل في إحدى دولها والعمل فيها، فالنشاط يكون سياسياً عندما ينصرف غرض الجماعة التي تتكون منها الجمعية إلى الدعوى لغير أعضائها لمبادئ سياسية تتعلق بالحرب والسلام والعلاقات الدولية ولا يقتصر على البحث العلمي من أعضائها لهذه الأمور وبصورة تتعلق بتنمية معلوماتهم ومداركهم العلمية والثقافية وإجراء الدراسات في النظريات العلمية المتخصصة في جميع فروع العلم والمعرفة والتي تشتغل بها العديد من الجمعيات العلمية المتخصصة، والتي تؤدي دورها في هذا الشأن بين الأعضاء من ذوي التخصص العالي المنتمين إليها بحسب طبيعة أغراضها العلمية، ومن ثم فإن القرار الصادر من الجهة الإدارية برفض شهر الجمعية محل هذا الطعن على أساس أن أغراض الجمعية ليس من شأنها النهوض بالعلوم أو الفنون أو الآداب على النحو الذي حدده المشرع في القانون رقم 32 لسنة 1964، ويكون قد صدر سليماً ومستنداً لصحيح حكم القانون، ولما كان ذلك هو ذاته ما انتهى إليه وبحق الحكم المطعون فيه فمن ثم يكون قد صدر مستنداً على صحيح أحكام القانون ولأسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم يغدو الطعن الماثل في غير محله جديراً بالرفض ويتعين إلزام الطاعن بالمصروفات عملاً بأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 3993 لسنة 37 ق جلسة 21 / 11 / 1992 إدإرية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 12 ص 142

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلي فكري صالح وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(12)

الطعن رقم 3993 لسنة 37 القضائية

أ - عقد إداري - إبرامه - لجنة البت - دورها.
قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983.
طبقاً للقانون 9 لسنة 1983 الخاص بالمناقصات ولائحته التنفيذية - لجنة البت لها دور محدد هو البت في جميع العطاءات وترسية العطاء على من يتقدم بأقل الأسعار وأنسب الشروط وأفضلها للعملية ودورها لاحق لعمل لجنة فض المظاريف - يتعين على لجنة البت عدم النظر في الخطاب الوارد من المقاول لرئيس لجنة فض المظاريف بعد فتح المظاريف باعتباره تعديلاً في العطاء غير جائز ما دام قدم بعد فتح المظاريف - تطبيق.
ب - عقد إداري - لجنة البت - التفاوض.
المادة (16) من القانون 9 لسنة 1983 

- أجاز المشرع للجنة البت مفاوضة مقدم العطاء الأقل المقترن بتحفظ أو تحفظات للنزول عن كل تحفظاته أو بعضها شرط ذلك - أن يكون العطاء متفقاً مع الشروط والمواصفات الفنية للمناقصة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 18/ 8/ 1991 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي نائباً عن الأستاذ/ ثروت رسلان المحامي والوكيل عن الطاعن بالتوكيل رقم 1864/ 1991 عام أشمون - قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3993 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 19/ 6/ 1991 في الدعوى رقم 61/ 30 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنين وآخرين والقاضي بمجازاة الطاعنين بخصم عشرة أيام من أجر كل منهما.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءتهما مما نسب إليهما وما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 27/ 8/ 1991 تم إعلان الطعن للمطعون ضدهما.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 27/ 5/ 1992 وفي هذه الجلسة قدم الطاعنان مذكرة بدفاعهما - وبجلسة 8/ 7/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 10/ 10/ 1992 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 2/ 2/ 1988 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 61/ 30 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة منطوية على تقرير باتهام كل من 1 - ........ 2 - ...... 3 - ..... 4 - ........ 5 - ....... 6 - ....... 7 - ....... 8 - ....... سكرتير الوحدة المحلية لمركز ومدينة دسوق - درجة ثانية 9 - ......... مراقب مالي بالوحدة المحلية المذكورة - درجة ثانية - لأنهم خلال المدة من 31/ 10/ 1983 حتى 20/ 11/ 1985 بدائرة محافظة المنوفية بوصفهم السابق من الرابع حتى التاسع وبوصفهم أعضاء لجنة البت في مناقصة إنشاء محطة مياه أشمون: خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة وخالفوا اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات بأن: -
1) أجروا البت في العطاءات الواردة رغم عدم سداد مقدميها لقيمة التأمين الابتدائي على النحو المبين بالأوراق.
2) فاوضوا المقاول........ في عطائه بتاريخ 5/ 11/ 1983 بعد فض المظاريف وقبلوا تعديل العطاء المقدم منه بإضافة مبلغ 12 ألف جنيه بمقولة أنها نظير توريد ماكينات ديزل غربية الصنع رغم أن العطاء المقدم من المذكور ليس بأقل الأسعار في كافة بنوده وبالمحالفة لما تقضي به أحكام القانون رقم 9/ 1983 ولائحته التنفيذية على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحالين المذكورين تأديبياً بالمواد الموضحة بتقرير الاتهام.
ومن حيث إنه بجلسة 19/ 6/ 1991 صدر الحكم المطعون فيه بمجازاة الطاعنين بخصم عشرة أيام من أجر كل منهما عن المخالفة الثانية مع تبرئتهما عن المخالفة الأولى وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للمخالفة الثانية على أن الثابت من مطالعة الشروط الفنية للمناقصة المذكورة أنها تضمنت تحديد نوعية مجموعة رفع المياه بأنه يجب أن تكون المجموعة (لماكينة الديزل والطلمبة مركبة على قاعدة جديدة مشتركة والماكينة متصلة بالطلمبة بواسطة وصلة مرنة ويجب أن تكون القاعدة والمجموعة غربية والطلمبة صناعة ألمانيا الغربية ماركة الويلر) ومن ثم فقد تم تحديد جهة صنع الماكينة الديزل بأن تكون غربية، وأن المقاول المذكور قد تقدم بعطائه محدداً عقد الماكينة الديزل دون أن يحدد أنها صناعة شركة حلوان للديزل ومن ثم فإنه يكون قد حدد السعر على أساس أن الماكينة الديزل صناعة غربية حسبما ورد النص عليها في الشروط الفنية للمناقصة، وبالتالي فإنه لا يجوز بعد فتح المظاريف (إعلان الأسعار) أن يغير في عطائه ويشترط زيادة سعر الماكينة ستة آلاف جنية لتوريد الماكينة أو المحرك صناعة إنجليزية وعليه أن يظل ملتزماً بما ورد بعطائه ومن ثم فهو لا يستحق الزيادة التي طالب بها ووافقته عليه لجنة البت في المناقصة ويضحى قبول لجنة البت لهذا التعديل اللاحق لتاريخ فتح المظاريف مخالفاً لأحكام قانون المناقصات ولائحته التنفيذية التي تحول دون قبول أي تعديلات يجريها مقدم العطاء على شروط العطاء أو الأسعار الواردة به ما لم تكن في صالح جهة الإدارة ومن ثم تكون هذه المخالفة ثابتة في حق رئيس وأعضاء لجنة البت جميعاً ويتعين مؤاخذتهم عن هذه المخالفة تأديبياً لما تشكله من خروج على واجبات ومقتضيات الوظيفة والإخلال بواجب الدقة والأمانة الذي يجب أن يتحلى به الموظف العام.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سببين: -
الأول: الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن لجنة فض المظاريف اجتمعت بتاريخ 31/ 10/ 1983 وتلقت أربعة عروض تم استبعاد عطائين منها لعدم تقديم تأمين ابتدائي، وبتاريخ 5/ 11/ 1983 تقدم المقاول........ بخطاب موجه إلى رئيس لجنة فض المظاريف يفيد أن عطاءه لمحركات الديزل صناعة حلوان وفي حالة طلب صناعة إنجليزية فيزاد السعر للماكينة الواحدة 6000 جنيه، وقد اجتمعت لجنة البت بتاريخ 10/ 11/ 1983 برئاسة الطاعن الأول وعضوية الطاعن الثاني وآخرين وأطلعت اللجنة على الخطاب المذكور فتبين لها أن العطاء المقدم من المقاول المذكور أقل العطاءات لذلك اقترحت اللجنة الموافقة على قبول المبلغ 12.000 ألف جنيه لحين المفاوضة معه تنفيذاً لنص المادة 16 من قانون المناقصات علماً بأن الأسعار بعد هذه الزيادة مناسبة وأن ذلك يعد استكمالاً وليس تعديلاً وأنه تم العرض على السلطة المختصة التي وافقت على ذلك وتم مفاوضة المقاول في عطائه بتاريخ 16/ 11/ 1983 حيث تم تجزئته إلى ثلاث بنود برغم أن العطاءات مقدمة كوحدة واحدة وأصبح الفارق بين هذا العطاء والعطاء التالي 17789.540 جنيه وهذا يثبت حرص اللجنة على المال العام وبالتالي فإن هذا الاتهام لا سند له من الواقع أو القانون.
الثاني: القصور في التسبيب واستنباط الحقائق ويتضح ذلك من أن الخطاب المقدم من المقاول...... كان موجهاً إلى رئيس لجنة فض المظاريف وليس لرئيس لجنة البت - الطاعن - كما عبر عن ذلك الحكم المطعون فيه وأن الطاعن الأول كان رئيساً للجنة البت والطاعن الثاني كان عضواً بها ولم يشتركا مثل أقرانهما في عضوية لجنة فض المظاريف ولجنة البت ولم يشترك الطاعنان في أي إجراء سابق على لجنة البت والتي كان أول انعقاد لها في 10/ 11/ 1983 (وأنها اقترحت فقط على السلطة المختصة وعلى ذلك ومن ثم تنتفي مسئوليتهما بشأن ما نسب إليهما مما يتعين معه القول بأن الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح حكم القانون وتأويله وجانبه الصواب في استنباط الحقائق.
ومن حيث إنه لا خلاف على أن الشروط الفنية للمناقصة المشار إليها نصت على أنه يجب أن تكون المجموعة (الماكينة الديزل والطلمبة مركبة على قاعدة حديد مشتركة والماكينة متصلة بالطلمبة بواسطة وصلة مرنة...... ويجب أن تكون القاعدة والمجموعة غربية والطلمبة صناعة ألمانيا الغربية ماركة الوايلر) وأن المقاول....... تقدم بتاريخ 5/ 11/ 1983 بخطاب موجه إلى رئيس لجنة فض المظاريف يبين فيه أن عطاءه مقدم لمحركات الديزل صناعة حلوان وفي حالة توريده محركات صناعة إنجليزية فيزداد سعر الماكينة 6000 جنيه وأن هذا الخطاب عرض على لجنة البت بجلستها المؤرخة 10/ 11/ 1983 برئاسة الطاعن الأول وعضوية الطاعن الثاني وآخرين حيث وافقت على العرض الوارد بالخطاب المذكور.
ومن حيث إنه لما كان المورد المذكور قد تقدم بعطائه بعد اطلاعه على شروط المناقصة والتي حددت بلد الصنع بالنسبة لماكينات الديزل ومن ثم فإنه يتعين عليه الالتزام بذلك وبالسعر الذي حدده الوارد بعطائه وأنه لا يجوز بعد تقديم العطاء وفتح المظاريف وكشف الأسعار إلا أن يقوم بتنفيذ السعر المقدم منه ويمتنع على لجنة البت قبول أي تعديل في الأسعار ما لم تكن لصالح جهة الإدارة، وإذ قامت لجنة البت بالتوصية بالموافقة على زيادة سعر الماكينة 6000 جنيه مقابل توريد ماكينة صناعة غربية بعد فتح المظاريف وإعلان الأسعار فإن ذلك يعد مخالفاً لأحكام قانون المناقصات ولائحته التنفيذية ويتعين مجازاة المتسبب في ذلك تأديبياً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمجازاة الطاعنين بخصم عشرة أيام من أجر كل منهما فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن والحالة هذه على غير أساس سليم من القانون جديراً بالرفض ولا يغير من ذلك ما جاء بأسباب الطعن من أن الخطاب الوارد من المقاول المذكور كان موجهاً إلى رئيس لجنة فض المظاريف وليس لرئيس لجنة البت وأن الأسعار في النهاية مناسبة وأن ما قامت به لجنة البت يعد استكمالاً وليس تعديلاً لشروط المناقصة وأن الطاعنين لم يشتركا في عضوية لجنة فض المظاريف أو أن المبلغ الزائد لم يحصل عليه المقاول المذكور فإن ذلك كله مردود عليه بأنه لجنة البت لها دور محدد طبقاً للقانون رقم 9/ 1983 الخاص بالمناقصات ولائحته التنفيذية وهو البت في جميع العطاءات وترسية العطاء على من يتقدم بأقل الأسعار وأنسب الشروط وأفضلها للعملية ودورها لاحق لعمل لجنة فض المظاريف الذي ينحصر دورها في إثبات حالة العطاءات دون أي تدخل، ومن ثم فإنه كان يتعين على لجنة البت عدم النظر في الخطاب الوارد من المقاول المذكور لرئيس لجنة فض المظاريف باعتباره تعديلاً في العطاء غير جائزاً ما دام أنه قدم بعد فتح المظاريف. ولا محل للاستناد لحكم المادة 16 من القانون رقم 9 لسنة 1983 الذي أجاز للجنة البت مفاوضة مقدم العطاء الأقل المقترن بتحفظ أو تحفظات للنزول عن كل تحفظاته أو بعضها بما يجعل عطاءه متفقاً مع شروط المناقصة بقدر الإمكان إذ أن ذلك مشروط بأن يكون العطاء قد قدم من الأصل مشتملاً على التحفظ، كما أنه لا يجدي الطاعنين نفيهما مسئوليتهما لا يدرء مسئولية الطاعنين عما شاب عملية البت من مخالفات باعتبارهما أعضاء في هذه اللجنة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

الطعن 8262 لسنة 58 ق جلسة 23 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 76 ص 445

جلسة 23 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(76)
الطعن رقم 8262 لسنة 58 القضائية

(1) سرقة "بالإكراه". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى إثارة الطاعن انتفاء نية السرقة بالنسبة للسيارة متى ثبت ارتكابه وآخرين جناية سرقة النقود المؤثمة بالمادة 315 عقوبات.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
النعي بأن الواقعة لا تعدو جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة وليست جناية سرقة. منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة.
(3) سرقة. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم مساهمة الطاعن في جريمة السرقة التي قارفها ودبر أمرها مع باقي المتهمين. كفايته لمساءلته كفاعل أصلي.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه من الأوراق.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(5) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتعذر الرؤية" "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتعذر الرؤية أو بتلفيق التهمة موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً.
(6) سرقة. ظروف مشددة.
الليل كظرف مشدد في السرقة. يقصد به الفترة بين غروب الشمس وشروقها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" 

خضوع أدلة الدعوى لتقدير القاضي في جميع الأحوال. ولو كانت أوراقاً رسمية. ما دام الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة.

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد ساق في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى ما مؤداه أنه أثناء قيادة المجني عليه لسيارته الأجرة في الطريق العام استوقفه الطاعنان وآخرون سبق الحكم عليهم وطلبوا منه توصيلهم لجهة.... فاستجاب لهم وأثناء سيره فوجئ بأحدهم يضع سكيناً على رقبته وشهر الآخرون مدى في وجهه وهددوه باستعمالها واستولوا منه تحت هذا التهديد. على مبلغ سبعين جنيهاً ثم أنزلوه من السيارة وفروا بها هاربين ومن ثم فلا يجدي الطاعن الأول ما يثيره بشأن عدم توافر نية السرقة بالنسبة للسيارة الأجرة وأن هذه الواقعة مجرد جنحة ما دام قد ثبت في حقه وباقي الجناة مقارفتهم جناية سرقة نقود المجني عليه المنصوص عليها في المادة 315 من قانون العقوبات والتي تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه.
2 - من المقرر أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة وليست جناية سرقة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
3 - من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن الأول أنه قد ساهم في جريمة السرقة التي قارفها ودبر أمرها مع المتهمين الآخرين بأن رافقهم في السيارة الأجرة وشاركهم في ارتكابها استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا ينازع هذا الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنها وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض رواية الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - الدفع بتعذر الرؤية أو بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.
6 - من المقرر أن الليل كظرف مشدد في السرقة يقصد به الفترة من غروب الشمس وشروقها وعلى ذلك فإن الجزء الأول حتى منتصف الليل يدخل في تاريخ النهار السابق عليه والجزء الأخير منه يتبع اليوم التالي له.
7 - لما كان الحكم قد عرض للشهادة المقدمة من الطاعن الثاني والتي تفيد أنه كان في خدمة وقت الحادث والتفت عنها لعدم اطمئنانه إليها وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه من أن الطاعنين من بين الجناة مرتكبي الحادث وأطرحت الشهادة التي قدمها الطاعن الثاني لعدم الاطمئنان إليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما سرقا وآخرين سبق الحكم عليهم - السيارة رقم...... أجرة الإسكندرية المملوكة لـ........ ومبلغ النقود المبين القدر بالتحقيقات المملوك لـ...... وذلك في طريق عام وبالتهديد باستعمال السلاح بأن استقلوا السيارة التي كان يقودها المجني عليه الثاني وأشهروا في وجهه مدى فأوقعوا الرعب في نفسه وتمكنوا بهذه الوسيلة من الاستيلاء على السيارة ومبلغ النقود سالف الذكر. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315/ 1 - 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين وآخرين بجريمة السرقة ليلاً في طريق عام وبطريق التهديد باستعمال السلاح قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة المعاقب عليها بالمادة 323 مكرراً "أولاً" من قانون العقوبات لعدم توافر نية السرقة بدلالة ما قرره المجني عليه من أن أحد المتهمين طلب منه الذهاب لأخذ سيارته وقد عثر عليها بعد ذلك سليمة، هذا إلى أن الحكم دان الطاعن الأول على الرغم من أنه لم يضبط أثناء ارتكاب الجريمة ولم ينسب إليه أي من المتهمين الآخرين قيامه بأي دور فيها، كما عول على أقوال المجني عليه رغم تضاربه في تحديد مقدار المبلغ المسروق، هذا فضلاً عن أن التهمة ملفقة له من ضابط المباحث الذي تعمد إقحام اسمه في تحرياته، ومن ناحية أخرى فإن الحكم أخذ بما جاء بوصف النيابة العامة للتهمة من تاريخ للواقعة يخالف ما قرره المجني عليه والضابط كما استند الحكم في إدانة الطاعن الثاني إلى أقوال المجني عليه بجلسة المحاكمة من أنه كان من بين الجناة مع تراخي أقواله إلى ما بعد الحادث بمدة طويلة وتعذر الرؤية لوقوع الحادث ليلاً، كما أن الحكم قد التفت عن الشهادة الرسمية المقدمة منه والتي تفيد أنه كان بالخدمة وقت الحادث ولم يبين علة ذلك. مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وأقوال ضابط المباحث وتحرياته واعتراف اثنين من المتهمين الآخرين السابق الحكم عليهم وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى مؤداه أنه أثناء قيادة المجني عليه لسيارته الأجرة في الطريق العام استوقفه الطاعنان وآخرون سبق الحكم عليهم وطلبوا منه توصيلهم لجهة.... فاستجاب لهم وأثناء سيره فوجئ بأحدهم يضع سكيناً على رقبته وشهر الآخرون مدى في وجهه وهددوه باستعمالها واستولوا منه تحت هذا التهديد. على مبلغ سبعين جنيهاً ثم أنزلوه من السيارة وفروا بها هاربين ومن ثم فلا يجدي الطاعن الأول ما يثيره بشأن عدم توافر نية السرقة بالنسبة للسيارة الأجرة وأن هذه الواقعة مجرد جنحة ما دام قد ثبت في حقه وباقي الجناة مقارفتهم جناية سرقة نقود المجني عليه المنصوص عليها في المادة 315 من قانون العقوبات والتي تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه هذا فضلاً عن أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة استيلاء بغير حق وبدون نية التملك على سيارة وليست جناية سرقة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن الأول أنه قد ساهم في جريمة السرقة التي قارفها ودبر أمرها مع المتهمين الآخرين بأن رافقهم في السيارة الأجرة وشاركهم في ارتكابها استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا ينازع هذا الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنها وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة، ومن ثم يكون منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض رواية الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة وكان الدفع بتعذر الرؤية أو بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. فإن كل ما يثيره الطاعنان عن شهادة المجني عليه سواء ما تعلق منها بتناقضه في شأن تحديد المبلغ أو أن شهادته بالجلسة جاءت بعد الحادث بفترة طويلة أو تعذر الرؤية لضعف الإضاءة أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الليل كظرف مشدد في السرقة يقصد به الفترة من غروب الشمس وشروقها وعلى ذلك فإن الجزء الأول حتى منتصف الليل يدخل في تاريخ النهار السابق عليه والجزء الأخير منه يتبع اليوم التالي له. ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن الحادث وقع في ليلة..... وليس يوم...... كما يدعي الطاعن الأول في طعنه ومن ثم فإنه على فرض صحة ما يقرره هذا الطاعن من أن المجني عليه والضابط قررا أن الحادث وقع يوم....... فإنه لا تعارض بين التاريخين إذ المستفاد من أقوال المجني عليه بجلسة المحاكمة أن الحادث وقع في حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان الحكم قد عرض للشهادة المقدمة من الطاعن الثاني والتي تفيد أنه كان في خدمة وقت الحادث والتفت عنها لعدم اطمئنانه إليها وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراقاً رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه من أن الطاعنين من بين الجناة مرتكبي الحادث وأطرحت الشهادة التي قدمها الطاعن الثاني لعدم الاطمئنان إليها، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعون 1109 ، 1171 ، 1377 لسنة 34 ق جلسة 21 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 11 ص 131

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وأحمد حمدي الأمير والسيد محمد العوضي ومحمد عبد الحميد سعيد - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(11)

الطعون أرقام 1109، 1171، 1377 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تعيين - وظيفة رئيس إدارة مركزية بالفئة العالية - تعيين من الخارج.
المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
حدد القانون أربع وسائل لشغل الوظائف هي التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة لشغل الوظيفة بالوسيلة التي يتقرر اتباعها - اختيار إحدى هذه الوسائل هو من الملائمات المتروكة لجهة الإدارة - لا سبيل لإلزام الإدارة باتباع وسيلة معينة أو العدول عن وسيلة قررت اللجوء إليها ما دام قرارها قد صدر في نطاق الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم الدليل على الانحراف بالسلطة - لا تثريب على جهة الإدارة إن هي اختارت وسيلة التعيين في وظيفة رئيس إدارة مركزية بالفئة العالية بشغلها من الخارج دون اللجوء إلى شغلها بطريق الترقية من بين العاملين لديها ما دام قرارها قد صدر في حدود القانون ولم يقم دليل على الانحراف بالسلطة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 10 من مارس سنة 1988 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي، بالتوكيل العام الرسمي رقم 1094 لسنة 1988، توثيق السيدة زينب النموذجي، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1109 لسنة 34 قضائية ضد السادة سيد أحمد سيد شرف، ورئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 28/ 1/ 1988 في الدعوى رقم 4059 لسنة 40 ق. المقامة من المطعون ضده الأول ضد المطعون ضدهم الثلاثة الآخرين. والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه، إلغاءً مجرداً، ومع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات".
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وفي يوم الأربعاء الموافق 16 من مارس سنة 1988 أودع الأستاذ/ محمد سيد عبد المتعال المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 19171 لسنة 34 قضائية، ضد السيد/ أحمد سيد شرف، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات، في الدعوى رقم 4059 لسنة 40 قضائية، المشار إليه وطلب الطاعن، للأسباب التي اشتمل عليها تقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم الاثنين الموافق 28 من مارس سنة 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيدين/ رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1377 لسنة 34 قضائية ضد السيد/ سيد أحمد سيد شرف، في ذات حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) محل الطعنين رقمي 1109، 1171 لسنة 34 ق، سالفي الذكر، وطلبت للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وبعد إعلان تقارير الطعون الثلاثة، المشار إليها، إلى ذوي الشأن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني مسببين، الأول في الطعن رقم 1109 لسنة 34 قضائية، ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن الدرجتين والتقرير الثاني: في الطعنين رقمي 1171، 1377 لسنة 34 قضائية، وخلصت فيه إلى أنها ترى قبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعنين رقمي 1109، 1377 لسنة 34 قضائية أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11/ 7/ 1987 وتدوول نظرهما على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/ 12/ 1991 قررت المحكمة ضم الطعن 1171 لسنة 34 قضائية إلى الطعنيين المذكورين، ليصدر فيهم حكم واحد، وبجلسة 25/ 5/ 1992 قررت إحالة الطعون الثلاثة إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية)، لنظرها بجلسة 4/ 7/ 1992، وفيها نظرت، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات الخصوم قررت بجلسة 10/ 10/ 1992 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر. وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن من قواعد المرافعات الأصلية أن على المحكمة أن تتقيد في حكمها بحدود الدعوى المرفوعة إليها، فليس لها أن تغير من سببها أو في محلها، أو أن تفصل فيها في مواجهة شخص لم يختصم فيها، ولهذا فليس لها أن تقضي بقبول تدخل شخصي كخصم منضم في الدعوى إلى أحد الخصوم دون أن يكون قد اتبع إجراءات التدخل المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (126) من قانون المرافعات ومخالفة ذلك يترتب عليه بطلان العمل الإجرائي بطلاناً يتعلق بالنظام العام تقتضي به محكمة الطعن من تلقاء نفسها. بناءً على ذلك ولما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول تدخل السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي في الدعوى منضماً إلى الجهة الإدارية المدعى عليها، دون أن يتبع أحد إجراءات التدخل في الدعوى المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (126) من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون فيما قضى به من قبول تدخل السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي كخصم منضم في الدعوى إلى الجهة الإدارية، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم فيما قضى به من قبول تدخل المذكور في الدعوى، وبالتالي عدم اعتباره طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن لا يجوز إلا من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته حتى صدور الحكم سواء كان خصماً أصيلاً أو مدخلاً أو متدخلاً فيها للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة فيها فمن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن رقم 1109 لسنة 34 قضائية، المقام من السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي وإلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 1171 و1377 لسنة 34 قضائية استوفيا أوضاعهما الشكلية. فإنهما يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 15/ 6/ 1986 أقام السيد/ سعيد أحمد سيد شرف أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 4059 لسنة 40 قضائية ضد السادة/ رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة والأمن الغذائي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وطلب الحكم بإلغاء قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء (المدعى عليه الأول) رقم 161 بتاريخ 15/ 2/ 1986 بتعين السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي بوظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية وبالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بهذه الوظيفة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال في بيان أسانيد دعواه أنه حاصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1952 وعين بوظيفة مهندس زراعي بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وتدرج في الوظائف إلى أن شغل وظيفة مدير عام الإدارة العامة للتصنيع بقرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 369 بتاريخ 15/ 5/ 1983، وندب مديراً للاتحاد التعاوني الزراعي المركزي اعتباراً من 10/ 10/ 1984، وأنه فوجئ بصدور قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 161 بتاريخ 15/ 2/ 1986 بتعيين السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي مع منحه بدل التمثيل المقرر لهذه الوظيفة، متخطياً له في التعيين والترقية إلى تلك الوظيفة، بالمخالفة لنص المادتين (36، 37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ذلك لأنه أقدم من المطعون على ترقيته في شغل وظيفة مدير عام، وجميع الوظائف السابقة، وأنه لا يقل كفاءة وخبرة عنه، بل أنه يعمل معظم حياته الوظيفية في مجال التعاون والتنمية الريفية، مما يجعله أكثر خبرة في هذا المجال من المطعون على ترقيته، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون، لترقية الأحدث وتخطية الأقدم، دون سبب مشروع وإذ تظلم من هذا القرار بتاريخ 9/ 3/ 1986 دون أن يتلقى رداً من جهة الإدارة، لذلك فإنه يقيم دعواه بغية الحكم بإلغاء ذلك القرار.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى طالبة الحكم برفضها، وإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. لأن القرار المطعون فيه هو قرار تعيين صدر طبقاً للمادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وليس قرار ترقية مما يصدر طبقاً للمادتين 36، 37 من هذا القانون، وقد استوفى المطعون على تعيينه اشتراطات شغل الوظيفة، ومن ثم تضحى الدعوى فاقدة السند القانوني، جديرة بالرفض.
وبجلسة 28/ 1/ 1988 حكمت المحكمة "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه إلغاءً مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الأصل في شغل الوظائف العامة، طبقاً لنص المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أن يكون عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب، وأن الأصل في التعيين طبقاً للفقرة الأولى من المادة (15) من هذا القانون، أن يكون في أدنى الدرجات لأول مرة وأنه استثناءً من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من هذه المادة التعيين في غير أدنى الدرجات سواء من داخل الوحدة أو من خارجها، وأن القاعدة أنه لا يجوز الخروج عن الأصل إلا بمقتضى، ومن ثم فإنه لا يصح للجهة الإدارية الالتجاء إلى أسلوب شغل الوظائف في غير أدنى الدرجات من غير العاملين في الوحدة الإدارية إلا حيث يتعذر تطبيق الأصل العام بالتعيين المبتدأ فيها أو بالنقل أو الترقية أو الندب إليها وبناءً على ذلك فإن التعيين في وظيفة وكيل وزارة من غير العاملين بالوحدة هو بدوره استثناءً من الأصل العام في التعيين باعتباره افتتاحاً لرابطة مبتدأة بين الجهة الإدارية والعاملين فيها ومن ثم فلا يصح إجراؤه إلا إذا كان ثمة مقتضى يبرر الخروج على هذا الأصل، ولا ينال من ذلك نص الفقرة الثالثة من المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة على استثناء الوظائف العليا في أحكام الفقرتين الأولى والثانية من هذه المادة، ذلك لأنه إذا كان عرف المشرع هو استثناء هذه الوظائف من كل قيود الفقرتين السابقتين إقراراً للجهة الإدارية بسلطة تقديرية واسعة في شغل هذه الوظائف القيادية إلا أنه مما لا جدال فيه أن هذه السلطة ليست تحكمية، وأن أعمالها إذ يؤثر في مراكز العاملين المتطلعين للترقية إلى هذه الوظائف العليا في الوحدة التي يعملون بها يقتضي بالضرورة أن يتم بناءً على تقييم جدي لمدى صلاحية هؤلاء العاملين لشغلها تبعاً لطبيعة الوظيفة ومسئولياتها فإذا لم تأخذ الجهة الإدارية الأمر بما يستأهله من جدية المفاضلة بين ذوي الشأن كان قرارها فاقداً مبرر إصداره مخالفاً للقانون ولما كان الثابت أن المطعون على ترقيته كان يشغل وظيفة مدير عام مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة اعتباراً من 29/ 11/ 1983 (وهي وظيفةً تابعةً لوزارة الزراعة، ثم ندب رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 2/ 3/ 1985، وبتاريخ 5/ 2/ 1986 صدر القرار المطعون فيه بتعيينه في الوظيفية المنتدب إليها، ومن ثم وإعمالاً للأسس المتقدم بيانها، فإن القرار الطعين هو في حقيقته قرار بنقل السيد المذكور نقلاً نوعياً إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي متضمناً الترقية إلى وظيفة أعلى، ومما يؤكد ذلك صدور القرار رقم 5/ 591 بتاريخ 19/ 3/ 1986 بمنح المطعون ضده علاوة ترقيةً اعتبار من تاريخ صدور القرار. ومتى كان الأمر كذلك، ولم تكشف الأوراق عن أن الجهة الإدارية أجرت مفاضلة حقيقية وجادة بين المطعون على ترقيته وزملائه العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وأنه قد تعذر شغل الوظيفة محل النزاع بسبب عدم صلاحية أي من هؤلاء العاملين لشغلها، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بغير مقتضى يبرره ووقع بالتالي مخالفاً للقانون، هذا إلا أنه صدر مخالفاً لذلك لما تقضي به المادة 36 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة من حظر ترقية العامل المنقول قبل سنة على النقل ما لم يكن النقل وفقاً لإحدى الحالات الثلاث الواردة على سبيل الحصر في هذه المادة والتي لا تتوفر أي منها في الحالة الماثلة فمن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ترقية المطعون ضده إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد صدر مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعنين هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك لأنه قيد التعيين من الخارج في وظائف الإدارة العليا بالقيود المقررة بالفقرتين الأولى والثانية من المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ولضوابط الترقية البادية في حين أن التعيين في وظائف الإدارة العليا مستثنى من هذه القيود، ولا يجوز تقييد سلطة الإدارة التقديرية في استعمال الرخصة المخولة لها بالفقرة الثالثة من المادة المذكورة بالقول بأنه لا يجوز لها استخدامها إلا إذا خلت الجهة من عاملين صالحين لشغل وظائف الإدارة العليا أو ثبوت أنهم دون المرشحين لشغل تلك الوظائف من الخارج على مقتضى الضوابط المقررة لحسم التزاحم على الترقية، هذا إلا أن الجهة الإدارية أجرت، قبل صدور القرار المطعون فيه، المفاضلة المطلوبة بين المطعون على تعيينه وزملائه في ضوء أعمال كل منهم، ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون وإذ صدر طبقا لنص المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة آنفة الذكر، فإنه يكون قرار تعيين، وليس نقل مما يخضع للقيد الوارد في المادة 76 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله جديراً بالإلغاء، وإذ ترتب على تنفيذه أضرار ويتعذر تداركها، فإن الطاعنين يطلبون بصفة عاجلة الحكم بوقف تنفيذه لحين الفصل في موضوع الطعن.
ومن حيث إن المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 حددت وسائل أربع لشغل الوظائف وهي التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب وذلك بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة لشغل الوظيفة حسب الوسيلة التي يتقرر اتباعها، واختيار أية وسيلة مما تقدم لشغل الوظائف الشاغرة هو من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة فلا سبيل لإلزامها باتباع وسيلة معينة أو العدول عن وسيلة قررت اللجوء إليها في شغل أية وظيفة خالية طالما أن قرارها في هذا الشأن صدر في نطاق الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم الدليل على الانحراف بالسلطة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد/ إبراهيم فؤاد الحديدي كان يشغل وظيفة مدير عام مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة، ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 بتعيينه رئيساً للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ومن ثم فإن هذا القرار هو بحسب ما نص فيه - قرار تعيين، ولا يتأتى أن يكون قرار نقل، لأن النقل كوسيلة لشغل الوظائف لا يكون إلا بين من يشغلون مراكز قانونية في ذات مستوى الوظيفة الشاغرة، كما أنه ليس قرار ترقية، لأن الترقية لا تكون إلا بين شاغلي وظيفة أدنى من الوظيفة المراد الترقية إليها في ذات الوحدة التي تتم فيها، وذلك على النحو الذي قررته المادة (36) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، المشار إليه، وكذلك فإنه لا يسوغ القول بأن القرار تضمن نقلاً وترقية في آن واحد، إذ لم يتضمن نقلاً للمطعون عليه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في ذات درجة وظيفته، ثم ترقيته إلى الوظيفة الأعلى، وهو ما يؤكد بأنه القرار الطعين هو بنصه وفحواه قرار تعيين في إحدى الوظائف العليا، مما تملك جهة الإدارة التعيين فيها رأساً من خارج الوحدة بمراعاة اشتراطات شغل الوظيفة، إعمالاً لنص المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والتي تنص على أن "يكون التعيين ابتداءً في أولى وظائف المجموعة النوعية الواردة في جدول وظائف الوحدة.
ويجوز التعيين في غير هذه الوظائف سواء من داخل الوحدة أو من خارجها في حدود 10% من العدد المطلوب شغله.
وتستثنى من أحكام الفقرتين السابقتين الوظائف العليا، والمادة (20) من ذات القانون والتي تنص على أن يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف 1 - ......... (5) أن يكون مستوفياً لاشتراطات شغل الوظيفة".
ومن حيث إن الثابت أن الوظيفة محل النزاع هي وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وتقع على قمة وظائف قطاع التعاون والتنمية، وتختص برسم سياسة الإشراف والرقابة على جمعيات الإصلاح الزراعي والخدمات التي تؤدي إلى هذه الجمعيات مع مراقبة قيام الجمعيات بتنفيذ أحكام قانون الإصلاح الزراعي وقانون التعاون، وأن اشتراطات شغلها هي مؤهل دراسي زراعي أو تجاري عالي، وخبرة في مجال العمل في وظيفة من وظائف الدرجة الأدنى مباشرة قدرها سنة على الأقل، واجتياز البرامج التدريبية في مجال الإدارة والتي تتيحها الهيئة وقدرة كبيرة على القيادة والتوجيه ووضع الخطط والبرامج ومتابعتها، كما أن الثابت من الأوراق أن السيد/ .......، المطعون على تعيينه، حصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1950، وعين بتاريخ 24/ 6/ 1951، وسبق أن شغل عدة وظائف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي، فقد شغل بها وظيفة مفتش عام تعاون، ومفتش عام بالتفتيش الفني، ومدير إدارة، ثم مراقب عام الاستزراع وتحسين الأراضي، ثم عين بوظيفة مدير عام مديرية الزراعة بالجيزة اعتباراً من 29/ 11/ 1983 وندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية والتنمية الريفية وحصل على دورة تدريبية في معهد القادة الإداريين، وثلاث دورات في أساليب التنمية الإدارية، وأمضى دورتين لاستزراع وتحسين الأراضي، وسبعة أشهر في الولايات المتحدة الأمريكية لدراسات الخدمات التي تؤديها الحكومة والجمعيات التعاونية الزراعية للمزارعين، هذا إلى أنه كان نائباً لرئيس البعثة الزراعية التي أوفدتها رئاسة الجمهورية لتنظيم قطاع الزراعة والتعاون بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لمدة عامين ممثلاً عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالبعثة ومن ثم فإن اشتراطات شغل وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي تكون قد توافرت في حق المطعون على تعيينه، ويكون القرار الصادر بتعيينه فيها صحيحاً من حيث الواقع والقانون، ولا تثريب على جهة الإدارة أن اختارت وسيلة التعيين رأساً من الخارج لشغل هذه الوظيفة على النحو السالف بيانه دون اللجوء إلى شغلها بطريق الترقية من بين العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي طالما كان الثابت من الأوراق أن قرارها في هذا الشأن في حدود الرخصة المخولة لها قانوناً ولم يقم دليل على الانحراف بالسلطة. وإذ ذهب الحكم المطعون مذهباً مغايراً، وقضى بإلغاء القرار المطعون عليه، فإنه يكون قد جانب الصواب، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه، وبرفض دعوى المدعي، وإلزامه المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول الطعن رقم 1109 لسنة 34 ق، وألزمت رافعه المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعنين رقمي 1171، 1377 لسنة 34 ق شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 311 لسنة 32 ق جلسة 21 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 10 ص 124

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض صالح وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(10)

الطعن رقم 311 لسنة 32 القضائية

(أ) مدرسو المدارس الابتدائية والإعدادية - تعيينهم في ظل قوانين العاملين الملغاة.
القانون رقم 193 لسنة 1955 باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951.
أجاز المشرع لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما بالنسبة لفئة معينة من خريجي الكليات والمعاهد التربوية - يفيد هؤلاء المدرسين من استثنائين - أولهما: استيفاء مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وإلا اعتبر المدرس مفصولاً - وثانيهما: تأجيل تجنيد الذكور من المعينين - هذان الاستثناءان لا يجوز التوسع فيهما أو القياس عليهما - تطبيق.
(ب) مدرسو المدارس الابتدائية والإعدادية - تحديد الأقدمية. المادة (16) من القانون رقم 46 لسنة 1964 بنظام العاملين المدنيين الملغى.
العبرة في تحديد الأقدمية في مجال الوظيفة العامة ليس بتاريخ الحصول على المؤهل وإنما بالقرار الصادر بالتعيين - تحديد المركز القانوني للموظف العام بالنسبة للوظيفة التي يشغلها يكون بالقرار الصادر بتعيينه - بهذا القرار يكون إنزال حكم القانون وترتيب مقتضاه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 28/ 12/ 1987 أودع الأستاذ/ محمد عصفور المحامي نائباً عن الأستاذ رشدي عزيز المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ محمد هلال محمود هلال بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 4004 لسنة 1984 توثيق كفر الزيات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 262 لسنة 34 ق عليا ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الغربية وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) بجلسة 25/ 1/ 1987 في الدعوى رقم 961 لسنة 39 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لمحافظ الغربية بصفته وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - وللأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه واعتبار أقدميته في التعيين من تاريخ حصوله على مؤهله الدراسي بتاريخ 18/ 12/ 1968 مع ما يترتب على ذلك من آثار وظيفية ومادية وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وبتاريخ 30/ 12/ 1987 أعلن المطعون ضدهما بتقرير الطعن.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 22/ 6/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 17/ 10/ 1992 وفيها نظرت المحكمة الطعن حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص في إنه بتاريخ 24/ 11/ 1984 أقام السيد/ محمد هلال محمود هلال الدعوى رقم 961 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الغربية طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع إرجاع أقدميته في التعيين إلى 18/ 12/ 1968 تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حاصل على بكالوريوس العلوم المالية والتجارية من المعهد العالي التجاري بطنطا في 18/ 12/ 1968 وقد أرسل كشف الخريجين إلى الوزارة لتعيينهم فور حصولهم على المؤهل الدراسي غير أنه لم يتم تعيين المدعي إلا بعد صدور الأمر التنفيذي رقم 617 في 4/ 8/ 1969 متضمناً تعيينه في وظيفة مدرس إعدادي ويندب لتدريس المواد التجارية بالمدارس الثانوية التجارية وذلك اعتباراً من 15/ 7/ 1969 على الرغم من وجود عجز في مدرسي المواد التجارية وأن التأخير في التعيين مرده إلى تراخي المختصين في عرض كشوف التخرج.
وأضاف المدعي أنه من شروط القبول بالمعهد العالي الذي تخرج فيه إلزام الطلاب عند الالتحاق به التوقيع على إقرار بالعمل في المدارس التابعة للوزارة لمدة خمس سنوات من تاريخ التخرج وإلا طبقت عليهم العقوبات المقررة في هذا الصدد وعليه فإن خريجي المعهد يعتبرون معينين منذ تاريخ حصولهم على المؤهل الدراسي والمدعي حصل على مؤهله المشار إليه في 18/ 12/ 1968 وبالتالي فإن الوزارة تكون قد أساءت في اعتبار أقدمية المدعي من 15/ 7/ 1969 بينما كان يتعين إرجاعها إلى 18/ 12/ 1968 تاريخ حصوله على المؤهل لذلك أقام المدعي دعواه طالباً الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 25/ 11/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثاني وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن تعيين العامل في الوظيفة مرجعه إلى السلطة التقديرية للإدارة التي تمارسها حسب القانون بقرارات إدارية تصدرها بالتعيين لمن تتوافر فيهم الشروط المقررة لشغل الوظائف الخالية لديها وذلك كقاعدة عامة إذ لم ينص القانون على حتمية تعيين طوائف أو فئات معينة بتوافر شروط وأوصاف محددة فيهم دون مجال لتقدير جهة الإدارة إلا أن تحديد المركز القانوني للعامل يتم بقرار الإدارة من حيث المرتب أو الأقدمية ولما كان سند المدعي الوحيد هو ما تضمنه التعهد الذي يوقعه مع قبوله عند التحاقه بالمعهد من تحمله نفقات الدراسة لو لم يخدم الجهة الإدارية مدة معينة بعد تخرجه فإنه لا سند من القانون لما ذهب إليه في هذا الشأن من الزعم بأن مجرد توثيقه لهذا التعهد يقتضي قانوناً تعيينه فور تخرجه وإلزام الجهة الإدارية بذلك أو بإعادة أقدميته إلى هذا التاريخ.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل الخطأ في تطبيق القانون إذ أنه وقت حصول الطاعن على المؤهل مع باقي دفعته كان يوجد عجز في مدرسي المواد التجارية وأن التأخير في التعيين ليس مصدره الصالح العام ومصلحة العمل إنما هو إهمال المختصين بعرض كشوف التخرج لصدورالأوامرالتنفيذية بالتعيين خاصة وأن شرط الالتحاق بهذا المعهد أن يوقع الطالب على إقرار يتضمن العمل بالمدارس التابعة للوزارة لمدة خمس سنوات من تاريخ تخرجه وإلا طبقت عليه العقوبات المقررة، ولذلك فإن الطاعن باعتباره من خريجي المعهد يعتبر تعيينه من تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي في 18/ 12/ 1968 وتكون الوزارة قد أخطأت باعتبار أقدميته من 15/ 7/ 1969 خاصة وأن المشرع يعفي الخريجين من هذا المعهد من أداء الخدمة العسكرية أو الخدمة بالنسبة للإناث وأن ملفاتهم بعد تخرجهم ترسل للوزراء رأساً ولا يجوز لهم السفر للخارج إلا لسبب الإعارة ويلتزمون بالعمل فوراً على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ التعيين وتلتزم الإدارات التعليمية بتحرير إقراراً استلام العمل وتخطر به الوزارة، كما أن الطالب يوقع كشف رغبات العمل أثناء التدريس وقبل حصوله على المؤهل بالإضافة إلى أن جميع العاملين بالدولة يتم وضعهم تحت الاختبار لمدة ستة أشهر وهذا الشرط لا يسري على الطاعن وزملائه ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون وانحراف في التفسير حينما انتهى إلى عدم وجود سند قانوني للدعوى في حين أن السند القانوني هو القانون رقم 193 لسنة 1955 وأن التعهد بخدمة الوزراء هو امتياز بالتعيين فور التخرج يقابله قيود على المتخرج مقابل هذا الامتياز ثم خلص الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته المشار إليها في دعواه.
وبجلسة 13/ 1/ 1992 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع الطاعن مذكرة دفاع صمم فيها على طلباته كما قدمت جهة الإدارة أمام هذه المحكمة وبجلسة 17/ 1/ 1992 مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن مفاد الطعن الماثل يدور حول ما إذا كانت أقدمية الطاعن تحسب من تاريخ صدور قرار التعيين في 4/ 8/ 1969 بالقرار الوزاري رقم 612 لسنة 1969 أم من تاريخ تخرجه وحصوله على بكالوريوس العلوم المالية والتجارية والتربية شعبة المعلمين دور نوفمبر سنة 1968 وذلك في جلاء أحكام القانون رقم 193 لسنة 1955 الصادر باستثناء وزارة التربية والتعليم من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 وعلى النحو الذي يتمسك به الطاعن ويعتبره سنداً لطلباته.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون المشار إليه تنص على أنه "استثناءاً من أحكام المادة السادسة من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة الأولى من القانون رقم 226 لسنة 1951 المشار إليهما، يجوز لوزارة التربية والتعليم تعيين المدرسين اللازمين للمدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما على أن تستوفى مسوغات التعيين خلال تسعة أشهر من تاريخ تعيين كل منهم وإلا اعتبر مفصولاً.
ومن حيث إنه يبين من صريح عبارة نص المادة الأولى من القانون سالف الذكر إنه ورد استثناءً على الأصل العام في مسألتين الأولى: جواز التعيين لفئة معينة من خريجي الكليات والمعاهد التربوية كمدرسين في المدارس الابتدائية والإعدادية وما في مستواهما دون استيفاء مسوغات التعيين عند تعيينهم على أن تستوفى بعد ذلك وخلال تسعة أشهر والاستثناء الثاني: هو تأجيل تجنيد الذكور منهم - وذلك هو كل ما نص عليه القانون رقم 193 لسنة 1955 الذي يستند الطاعن عليه في طلب إرجاع أقدميته في التعيين إلى تاريخ حصوله على المؤهل الذي عين بمقتضاه والقانون المشار إليه في نصه على هذين الاستثنائين للتعيين رغم الحاجة الملحة للمدرسين جوازياً لجهة الإدارة فلم يجعله يتم بقوة القانون حيث وردت عبارة النص بأنه يجوز للوزارة تعيين المدرسين وهذا الاستثناء يقدر بقدره فلا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه أو الخروج به على القواعد القانونية في التعيين خاصة في مجال تحديد أقدمية المعين بقرار إداري فردي ومن حيث أن المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1964 الصادر في ظل العمل به قرار تعيين الطاعن تنص على أن ".... وتعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين بها....".
ومن حيث إنه تطبيقاً لهذا النص فإن العبرة في تحديد تاريخ أقدمية المعين في مجال الوظيفة العامة ليس بتاريخ الحصول على المؤهل بل بالقرار الصادر بالتعيين ما لم ينص على خلاف ذلك، وقد جرى قضاء هذه المحكمة في هذا المقام وعلى أن الذي يحدد مركز الموظف العام بالنسبة للوظيفة التي يشغلها هو القرار الإداري المنشئ للمركز القانوني الذي تنتج به العلاقة الوظيفية بهذا القرار وحده لا بغيره يكون إنزال حكم القانون وترتيب مقتضاه.
ومن حيث إن الماثل بالأوراق إنه بتاريخ 4/ 8/ 1969 أصدر القرار رقم 612 بتعيين الطاعن بوظيفة مدرس إعدادي وحدد أقدميته في التعيين، اعتباراً من 15/ 7/ 1969 وبالتالي تكون قد تحددت أقدميته في التعيين اعتباراً من التاريخ الأخير بصرف النظر عن نظام الدراسة الذي خضع له بالمعهد الذي تخرج فيه عن كونه ملتزماً بخدمة الجهة الإدارية مدة معينة بعد تخرجه وتحمله بنفقات الدراسة في حالة عدم وفائه لهذا الالتزام فإن ذلك لا يغير من النظام القانوني الخاضع له عند التعيين ولأن مجرد تخرجه واستيفاء الشروط المقررة للتعيين وثبوت صلاحيته للتعيين في الوظيفة العامة لا يكفي بمفرده لاعتباره معيناً عقب تخرجه حيث أن هذا الحق لا ينشأ من تلقاء ذاته بل من القرار الإداري الفردي الذي يصدر بتعيينه باعتبار أن تحديد وقت التعيين هو من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة تترخص فيه بسلطة مطلقة في حدود ما تراه محققاً للصالح العام فضلاً عن ضرورة وجود درجات خالية في الميزانية تسمح بهذا التعيين وعلى ذلك فإن التعهد الذي وقعه الطاعن مع كفيله قبل التحاقه بالدراسة في المعهد الذي تخرج منه لا يعفي بالضرورة إلزام الإدارة بتعيينه بعد تخرجه مباشرة كما سبق القول فهذا التعهد، لا يولد التزاماً على الإدارة بصدور قرار التعيين في تاريخ التخرج.
ومن حيث إنه وإذ اعتبرت جهة الإدارة أقدمية الطاعن اعتباراً من التاريخ الذي حدده قرار تعيينه في 15/ 7/ 1969 حينما ورد بالقرار رقم 612 لسنة 1969 الصادر في 14/ 8/ 1968 فإنها تكون أعملت صحيح حكم القانون في حقه وتكون الدعوى غير قائمة على سند صحيح من الواقع أو القانون خليقة بالرفض ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك ويغدو الطعن فيه غير مستند على أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 8260 لسنة 58 ق جلسة 23 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 75 ص 439

جلسة 23 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميرة ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة.

----------------

(75)
الطعن رقم 8260 لسنة 58 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". إكراه. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير مدى إكراه المتهم أو اختياره في مقارفة الجريمة. موضوعي.
الجدل الموضوعي. إثارته أمام محكمة النقض. غير جائزة.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف".
عدم التزام محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره. لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها.
خطأ الحكم في تسمية هذه الأقوال اعترافاً. لا يعيبه. ما دام لم يرتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف". استدلال. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي. إكراه. إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حضور ضابط الشرطة التحقيق. لا يعيب إجراءاته. سلطان الوظيفة ذاته لا يعد إكراهاً ما دام لم يستطل بأذى مادي كان أو معنوي. مجرد الخشية منه لا تعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيجاب المادة 123 إجراءات على المحقق أن يتثبت من شخصية المتهم وأن يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه. عدم إيجابها إفصاح المحقق عن شخصيته.

----------------
1 - أن الطاعنين الأول...... والرابع..... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أن أياً منهما لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنهما غير مقبول شكلاً.
2 - لما كان تقدير ما إذا كان المتهم مكرهاً أم مختاراً فيما أقدم عليه من مقارفته للجرم المسند إليه أمراً موكولاً إلى قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً لا شطط فيه، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الثاني في هذا الشأن وأطرحه تأسيساً على أنه ليس إلا قولاًً مرسلاً غير مؤيد بدليل وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ويكفي للرد على هذا الدفاع، فإن ما يثيره الطاعن السالف في هذا الصدد لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، ومن ثم فلا ضير على المحكمة متى كانت لم تعتد بدفاعه المشار إليه. إن هي أضفت على هذه الأقوال وصف الاعتراف لما استظهرته من دلالتها على إقراره بالمساهمة في الجريمة المسندة إليه، كما أنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية هذه الأقوال اعترافاً طالما أنها تضمنت من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف.
4 - الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه.
5 - لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن اعتراف الطاعن الثالث في التحقيقات سليم مما يشوبه، فإنها تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب عليها، ولو صح ما يثيره هذا الطاعن من أن استجوابه قد تم في حضرة أحد الضباط لأن مجرد حضوره والخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل لاعتراف الطاعن لا معنى ولا حكماً ما دام لا يدعي أن سلطان الضابط امتد إليه بالأذى مادياً كان أو معنوياً.
6 - لما كان الشارع بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية إنما أوجب على المحقق أن يتثبت من شخصية المتهم عند حضوره لأول مرة في التحقيق، ولم يلزم المحقق بأن يثبت هو شخصيته للمتهم أو يرتب البطلان على إغفاله ذلك طالما أن الذي أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يماري فيه الطاعن، وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الوجه لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم سرقوا المبلغ النقدي والأوراق والطوابع والتمغات والأختام المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة لهيئة بريد الإسكندرية (مكتب الحضرة ثان) وكان ذلك ليلاً حالة كون المتهمين الأول والثاني حاملين أسلحة بيضاء (مدى). المتهمان الأول والثاني أيضاً: - حاز الأول وأحرز الثاني بغير ترخيص أسلحة بيضاء (مطواة بسوسته ومطواة قرن غزال) وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 316، 44/ 1 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والفقرة العاشرة من الجدول رقم 1 الملحق مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما هو منسوب إلى كل منهم وبمصادرة المطواتين المضبوطتين.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأول...... والرابع....... وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أن أياً منهما لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنهما غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني....... والثالث....... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من هذين الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما وآخرين بجريمة السرقة ليلاً مع حمل سلاح قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، إذ قام دفاع الطاعن الثاني على أنه قبل مكرهاً توصيل باقي الجناة بالسيارة الأجرة قيادته إلى مكان الحادث إزاء تهديدهم له دون أن يسهم معهم في ارتكاب الجريمة إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع برد قاصر غير سائغ، وعول في قضائه على أقواله في التحقيقات بوصفها اعترافاً على الرغم من إبدائه الدفاع المشار إليه بجلسة المحاكمة. كما التفت الحكم عن دفاع الطاعن الثالث ببطلان الاعتراف المعزو إليه لإجراء التحقيق معه في حضور أحد الضباط ولأن وكيل النيابة المحقق لم يثبت له شخصيته، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من اعترافهما وباقي المحكوم عليهم في التحقيقات ومما جاء بأقوال الضابطين شاهدي الإثبات اللذين توليا إجراءات القبض والتفتيش التي أسفرت عن ضبط المسروقات في حوزتهم. لما كان ذلك، وكان تقدير ما إذا كان المتهم مكرهاً أم مختاراً فيما أقدم عليه من مقارفته للجرم المسند إليه أمراً موكولاً إلى قاضي الموضوع يستخلصه من عناصر الدعوى في حدود سلطته التقديرية بلا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً لا شطط فيه، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الثاني في هذا الشأن وأطرحه تأسيساً على أنه ليس إلا قولاً مرسلاً غير مؤيد بدليل وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ويكفي للرد على هذا الدفاع، فإن ما يثيره الطاعن السالف في هذا الصدد لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وبفرض أن هذا الطاعن يقصد مما جاء في أسباب طعنه أن أقواله في التحقيقات قد اقترنت بذلك الدفاع مما كان لا يجوز معه وصفها بأنها اعتراف، فإن ما يثيره في هذا الشأن مردود بما هو مقرر من أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها، ومن ثم فلا ضير على المحكمة متى كانت لم تعتد بدفاعه المشار إليه، إن هي أضفت على هذه الأقوال وصف الاعتراف لما استظهرته من دلالتها على إقراره بالمساهمة في الجريدة المسندة إليه، كما أنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية هذه الأقوال اعترافاً طالما أنها تضمنت من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليها وحدها الأثر القانوني للاعتراف. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه. وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن اعتراف الطاعن الثالث في التحقيقات سليم مما يشوبه، فإنها تكون قد مارست السلطة المخولة لها بغير معقب عليها، ولو صح ما يثيره هذا الطاعن من أن استجوابه قد تم في حضرة أحد الضباط لأن مجرد حضوره والخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل لاعتراف الطاعن لا معنى ولا حكماً ما دام لا يدعي أن سلطان الضابط امتد إليه بالأذى مادياً كان أو معنوياً. ولما كان الشارع بما نص عليه في الفقرة الأولى من المادة 123 من قانون الإجراءات الجنائية إنما أوجب على المحقق أن يتثبت من شخصية المتهم عند حضوره لأول مرة في التحقيق، ولم يلزم المحقق بأن يثبت هو شخصيته للمتهم أو يرتب البطلان على إغفاله ذلك طالما أن الذي أجرى التحقيق هو وكيل النيابة المختص وهو ما لا يماري فيه الطاعن، وبالتالي فإن النعي على الحكم في هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.