الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 339 لسنة 5 ق جلسة 3 / 12 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 33 ص 226

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد مختار العزبي وعبد الفتاح نصار المستشارين.

----------------

(33)

القضية رقم 339 لسنة 5 القضائية

بعثات - ترقية - موظف مبعوث - قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 بشأن ترقية أعضاء البعثات الذين توفدهم الحكومة 

- تقريره معاملة عضو البعثة من حيث الترقية ومنح العلاوات كما لو كان قائماً بعمله في الجهة التابع لها - قصده تذكير الجهة الإدارية المختصة بالموظفين أعضاء البعثات عند إجرائها ترقية أو منحها علاوات - ليس من مقتضاه إعطاؤهم حقاً في وجوب ترقيتهم أو منحهم علاوات إذا لم تتوافر فيهم الشروط المقررة قانوناً - ترقية زميل للموظف المبعوث أثناء غيبته في البعثة - لا تعطيه الحق إلا في الطعن عليها إذا كان ثمة وجه له - أساس ذلك.

----------------
يبين من مطالعة قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 أنه صدر بالموافقة على ما رأته اللجنة الوزارية للبعثات من المقترحات الآتية:
أولاً - يأخذ عضو البعثة دوره في الترقية في الجهة التي هو تابع لها كما لو كان قائماً بعمله فيها. يترتب على ذلك أنه إذا رقي زميل له حاصل على ذات المؤهلات التي يحملها عضو البعثة قبل سفره وله نفس الأقدمية إلى درجة أعلى وجب أن يرقى العضو إلى درجة تذكارية في نفس الوقت.
ثانياً - عدم المساس بما يستحقه عضو البعثة من علاوات نظير ما حصل عليه من مؤهلات علمية أو مقابل تحقيق الغرض من بعثته العلمية في المدد المحددة.
وتحقيقاً لذلك يتبع ما يأتي:
(1) عند سفر عضو البعثة تحدد له الجهة التي هو تابع لها مركزه بالنسبة لموظفي هذه الجهة ويوضع على درجة تذكارية.
(2) يعامل من حيث الترقية في أثناء بعثته كما لو كان قائماً بعمله في هذه الجهة.
(3) يستصدر قرار من مجلس الوزراء ويبلغ للوزارات وتكون مسئولة عن تنفيذه.
ويبين من استعراض قرار مجلس الوزراء المشار إليه على النحو المتقدم ذكره أن أحكامه لم تخرج على القواعد والشروط المقررة للترقية ولمنح العلاوات في الأحوال العادية. ولم تمنح الموظفين أعضاء البعثات أثناء وجودهم في الخارج ما يتميزون به في خصوص الترقية ومنح العلاوات عن أقرانهم العاملين في المرافق الحكومية. وإنما قصدت أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه ألا تسقط الجهات الإدارية المختصة من حسابها الموظفين أعضاء البعثات أثناء وجودهم في الخارج في خصوص الترقية ومنح العلاوات أن حل عليهم الدور في الترقية أو منح العلاوات وتوافرت فيهم شروطها على مقتضى أحكام القوانين واللوائح السارية في هذا الشأن. ومن أجل ذلك وضع قرار مجلس الوزراء المذكور من الأحكام ما يكفل تذكر الجهات الإدارية المختصة للموظفين أعضاء البعثات أثناء غيبتهم في الخارج عند إجرائها ترقية أو عند منحها علاوات ثم معاملتهم كما لو كانوا قائمين بأعمالهم. وواضح أن هذه المعاملة لا تعطيهم حقاً في وجوب ترقيتهم أو منحهم علاوات إذا لم تتوافر فيهم الشروط المقررة بحسب القوانين واللوائح السارية في هذا الشأن.
وعلى هدي ما تقدم ينبغي للوصول إلى أحقية عضو البعثة في ترقية نالها زميل له أثناء غيبته في الخارج أن تكون الترقية مخالفة للقانون وأن يطعن في قرار الترقية بالإلغاء.


إجراءات الطعن

في 23 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الترقيات والتعيينات) بجلسة 25 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 864 لسنة 11 القضائية المقامة من السيد/ أحمد كمال أحمد ضد وزارتي التربية والتعليم والتموين، والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى أول نوفمبر سنة 1948 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلنت صحيفة هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 20 من مايو سنة 1959 وإلى وزارة التموين في 18 من مايو سنة 1959 وإلى المطعون عليه في 12 من مايو سنة 1959، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 6 من مارس سنة 1960 وأبلغ الطرفان في 17 من فبراير سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة 10 من إبريل سنة 1960 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 15 من مايو سنة 1960 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 11 من يونيه سنة 1960 ثم أجل نظره لجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960 - وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعي أقام هذه الدعوى بتظلم مؤرخ 11 من ديسمبر سنة 1953 قدمه إلى اللجنة القضائية لوزارتي التجارة والتموين قيد بجدولها برقم 324 لسنة 2 القضائية طالباً تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة التي يشغلها من إبريل سنة 1950 بإرجاعها إلى أول أكتوبر سنة 1948 تاريخ ترقية زميله السيد/ محمد عبد النبي العمري وحفظ حقه في الترقيات الأخرى التي يستحقها لو كانت التسوية تمت في الوقت المناسب. وذكر أنه مفتش بالدرجة الخامسة بالمراقبة العامة للنشاط الاجتماعي بوزارة المعارف، وكان في سنة 1948 قد اختير لبعثة دراسية، وقرر مجلس الوزراء في يونيه سنة 1948 منحه مدة البعثة إجازة دراسية بماهية كاملة، وفي خلال هذه المدة قامت وزارة التموين التي كان تابعاً لها وقتئذ بترقية زميل له هو السيد/ محمد عبد النبي العمري الموظف بها إلى الدرجة الخامسة على الرغم من أن أقدميته كانت متساوية معه في الدرجة السادسة وهو يمتاز عليه وقتئذ بالمؤهلات الدراسية العليا كما يمتاز بتعديل أقدميته في هذه الدرجة إلى سنتين سابقتين تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في يونيه سنة 1948. وعندما تبينت وزارة التموين ما وقع عليه من غبن طلبت من وزارة المعارف تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في مارس سنة 1946 الخاص بتنظيم ترقيات أعضاء البعثات العلمية على حالته وتعديل أقدميته إلى تاريخ ترقية زميله. فطلبت وزارة المعارف من وزارة المالية إفادتها عن رأيها. وفي هذه الأثناء رشح لبعثة أخرى للدراسة في جامعة كولومبيا فسافر إلى أمريكا في يونيه سنة 1952. ولما عاد في 24 من أكتوبر سنة 1953 سأل عما تم فتبين له أن أقدميته لم تعدل - وأجابت وزارة التموين على التظلم بأن المدعي لم يطعن على قرار معين مما يخرج التظلم عن الاختصاصات المحددة للجنة القضائية. ودفعت الوزارة المذكورة احتياطياً بعدم قبول التظلم شكلاً، وطلبت أصلياً رفض التظلم لعدم ارتكازه إلى سند صحيح من القانون.
وبجلسة 12 من ديسمبر سنة 1954 قررت المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين إحالة الدعوى للمحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم للاختصاص. وأجابت وزارة التربية والتعليم على الدعوى بأن المدعي حاصل على شهادة البكالوريا سنة 1936 ودبلوم الخدمة الاجتماعية سنة 1944 وبكالوريوس في الدراسات الاجتماعية من الجامعة الأمريكية سنة 1950 وماجستير سنة 1953، وبدأت حياته الوظيفية بوزارة المالية باليومية من 4 من نوفمبر سنة 1934، ثم وضع على الدرجة الثامنة بوظيفة كاتب من 16 من فبراير سنة 1937 ثم نقل لوزارة التموين حيث رقي للدرجة السابعة بها اعتباراً من 30 من سبتمبر سنة 1942 وللدرجة السادسة اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1946 تنسيقاً. وبتاريخ أول مارس سنة 1950 نقل لخدمة وزارة المالية مرة ثانية واستمر بخدمتها إلى أن نقل لجامعة أسيوط اعتباراً من 29 من إبريل سنة 1950 بالدرجة الخامسة اعتباراً من تاريخ نقله. وبتاريخ أول يناير سنة 1951 نقل لخدمة وزارة التربية والتعليم (الإدارة العامة للنشاط الاجتماعي الرياضي) ورقي للدرجة الرابعة اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1954 ثم ذكرت الوزارة المذكورة أن المدعي كان بخدمة وزارة التموين سنة 1948 ولا شأن لها في تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة إلى سنة 1948 لأنه لم يكن في ذلك الوقت تابعاً لها. وبجلسة 21 من مارس سنة 1953 قررت المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم عدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وذكر المدعي أمام محكمة القضاء الإداري أن طلباته هي بمثابة طعن بالإلغاء في القرار الوزاري الصادر بترقية السيد/ محمد عبد النبي العمري إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1948 فيما تضمنه من تخطيه للمدعي وما يترتب على ذلك من كافة الآثار. وقال إنه وإن لم يحدد رقم القرار وتاريخ صدوره إلا أنه أورد من البيانات الصحيحة الخاصة باسم المطعون في ترقيته والدرجة التي رقي إليها وتاريخ هذه الترقية ما يجعل القرار المطعون فيه يقينياً راجحاً على وجه التحديد النافي للجهالة. وأنه لم يثبت أن القرار المطعون فيه قد نشر في الجريدة الرسمية كما أنه لم يثبت إعلانه إليه وعلمه علماً يقينياً، وأنه مما يؤيد ذلك أن القرار المطعون فيه صدر أثناء وجوده بالخارج، وقال إنه من الثابت أن أقدميته في الدرجة السادسة التي كانت ترجع إلى أول نوفمبر سنة 1946 قد عدلت بعد ذلك تنسيقاً إلى 30 من سبتمبر سنة 1946 ثم عدلت أخيراً إلى أول سبتمبر سنة 1944 لحصوله على دبلوم الخدمة الاجتماعية التالي في سنة 1946 هذا في الوقت الذي ترجع فيه أقدمية المطعون في ترقيته في تلك الدرجة إلى 30 من سبتمبر سنة 1946. وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1958 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة راجعة إلى أول نوفمبر سنة 1948 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بالمصروفات": وأقامت قضاءها على أن الأمر في هذه الدعوى لا يتضمن أي طعن بالإلغاء في قرار إداري وإنما مبنى الدعوى هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 وما نص عليه فيه من قاعدة توجب أن يأخذ عضو البعثة دوره في الترقية في الجهة التي هو تابع لها كما لو كان قائماً بعمله فيها، والدعوى على هذا الوضع من دعاوى التسويات التي لا تخضع في رفعها إلى مواعيد الطعن بالإلغاء. وقد توافرت في حق المدعي شروط قرار مجلس الوزراء المشار إليه، ومن ثم فإنه نزولاً على أحكامه كان يجب أن يرقى المدعي على درجة خامسة تذكارية في نفس الوقت الذي رقي فيه زميله اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1948 ولا يغير من ذلك الحكم كون زميله قد رقي بالاختيار لأن النص عام ولأنه لا يستقيم القول بتخطي عضو البعثة عند الترقية بالاختيار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 تتناول حالة أعضاء البعثات الذين توفدهم الحكومة ولا تتناول من عداهم من أصحاب الإجازات. كما أنه يقتصر على الفترة التي يكون فيها الموظف عضواً بالبعثة فلا يشمل الفترة التي تلي عودته من البعثة. والثابت أن المدعي قام بإجازة دراسية ولم يوفد في بعثة وأنه عاد وتسلم عمله في 9 من أغسطس سنة 1948 والثابت أيضاً من المستندات المقدمة من المدعي أنه علم بالقرار المطعون فيه وتظلم منه إلى السكرتير المالي الذي أبلغ وزارة التموين بمضمونه في 6 من ديسمبر سنة 1948. ولذلك يكون المدعي قد أقام دعوى الإلغاء في 23 من ديسمبر سنة 1953 بعد الميعاد.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أن اللجنة المالية رفعت إلى مجلس الوزراء مذكرة مؤرخة 24 من يونيه سنة 1948 تتضمن أنه "جاء بكتاب لوزارة التجارة والصناعة - شئون التموين تاريخه 27 من مارس سنة 1948 - أن حضرة أحمد كمال أحمد أفندي الموظف من الدرجة السادسة بالوزارة اختاره المجلس البريطاني لبعثة علمية في انجلترا لزيارة المؤسسات الاجتماعية بها لمدة ستة شهور، ولهذه المناسبة طلب حضرته أن يمنح إجازة لمدة ستة شهور بماهية كاملة أسوة بزميلين آخرين هما حضرة محمد جمال الدين نصوحي أفندي ومحمد سعيد أمين أفندي اللذين اختيرا معه لهذه البعثة، أولهما بوزارة المالية والثاني بوزارة الشئون الاجتماعية. وقد رخصت الوزارة لحضرته بإجازة اعتيادية لمدة ثلاثة شهور ونصف بماهية كاملة للخارج قام بها فعلاً من 12 من فبراير سنة 1948، وتطلب وزارة التجارة والصناعة الموافقة على منحه المدة الباقية وقدرها شهران ونصف إجازة بصفة استثنائية بماهية كاملة أسوة بزميليه المشار إليهما. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الطلب ورأت الموافقة عليه أي منح حضرة أحمد كمال أحمد أفندي إجازة دراسية لمدة شهرين ونصف بماهية كاملة. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 27 من يونيه سنة 1948 على رأي اللجنة المالية. وكان المدعي قد قدم إقراراً عند قيامه بالإجازة مؤرخاً 10 من فبراير سنة 1948 أقر فيه بأنه أدى أعماله المصلحية لغاية 10 من فبراير سنة 1948 وهو آخر يوم من أيام العمل الرسمية السابقة لابتداء الإجازة للخارج الممنوحة له لمدة ستة شهور ابتداء من 12 من فبراير سنة 1948 لغاية 11 من أغسطس سنة 1948. وبتاريخ 9 من أغسطس سنة 1948 قدم إقرار عودته من الإجازة وأقر فيه بأنه استأنف أعماله بالمصلحة في تاريخ 9 من أغسطس سنة 1948 وهو اليوم الأول من أيام العمل الرسمية بعد انتهاء الإجازة الاعتيادية خارج القطر والدراسية الممنوحة له بقرار مجلس الوزراء في 27 من يونيه سنة 1948.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 أنه صدر بالموافقة على ما رأته اللجنة الوزارية للبعثات من المقترحات الآتية:
أولاً - يأخذ عضو البعثة دوره في الترقية في الجهة التي هو تابع لها كما لو كان قائماً بعمله فيها. يترتب على ذلك أنه إذا رقي زميل له حاصل على ذات المؤهلات التي يحملها عضو البعثة قبل سفره وله نفس الأقدمية إلى درجة أعلى وجب أن يرقى العضو إلى درجة تذكارية في نفس الوقت.
ثانياً - عدم المساس بما يستحقه عضو البعثة من علاوات نظير ما حصل عليه من مؤهلات علمية أو مقابل تحقيق الغرض من بعثته العلمية في المدد المحددة.
وتحقيقاً لذلك يتبع ما يأتي:
(1) عند سفر عضو البعثة تحدد له الجهة التي هو تابع لها مركزه بالنسبة لموظفي هذه الجهة ويوضع على درجة تذكارية.
(2) يعامل من حيث الترقية في أثناء بعثته كما لو كان قائماً بعمله في هذه الجهة.
(3) يستصدر قرار من مجلس الوزراء ويبلغ للوزارات وتكون مسئولة عن تنفيذه
ومن حيث إنه يبين من استعراض قرار مجلس الوزراء المشار إليه على النحو المتقدم ذكره أن أحكامه لم تخرج على القواعد والشروط المقررة للترقية ولمنح العلاوات في الأحوال العادية. ولم تمنح الموظفين أعضاء البعثات أثناء وجودهم في الخارج ما يتميزون به في خصوص الترقية ومنح العلاوات عن أقرانهم العاملين في المرافق الحكومية. وإنما قصدت أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه ألا تسقط الجهات الإدارية المختصة من حسابها الموظفين أعضاء البعثات أثناء وجودهم في الخارج في خصوص الترقية ومنح العلاوات إن حل عليهم الدور في الترقية أو منح العلاوات وتوافرت فيهم شروطها على مقتضى أحكام القوانين واللوائح السارية في هذا الشأن. ومن أجل ذلك وضع قرار مجلس الوزراء المذكور من الأحكام ما يكفل تذكر الجهات الإدارية المختصة للموظفين أعضاء البعثات أثناء غيبتهم في الخارج عند إجرائها ترقية أو عند منحها علاوات ثم معاملتهم كما لو كانوا قائمين بأعمالهم. وواضح أن هذه المعاملة لا تعطيهم حقاً في وجوب ترقيتهم أو منحهم علاوات إذا لم تتوافر فيهم الشروط المقررة بحسب القوانين واللوائح السارية في هذا الشأن.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم ينبغي للوصول إلى أحقية عضو البعثة في ترقية نالها زميل له أثناء غيبته في الخارج أن تكون الترقية مخالفة للقانون وأن يطعن في قرار الترقية بالإلغاء.
ولا يقدح في ذلك كون عضو البعثة في الخارج وكون دعوى الإلغاء مقيدة بميعاد. فله من قواعد بدء سريان الميعاد ما يعصم حقه من الضياع. ومن ثم فإنه سواء أكانت الدعوى الراهنة تقوم على قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 أم كانت تقوم على أسبقية المدعي في الأقدمية وأفضليته في المؤهلات فهي دعوى إلغاء، هذا فوق ما ثبت مما تقدم من أن المدعي قد عاد من الخارج في 9 من أغسطس سنة 1948، أي قبل أن يصدر القرار بترقية السيد/ محمد عبد النبي العمري إلى الدرجة الخامسة. فالمدعي كان قائماً بعمله بعد عودته من الخارج وقت صدور قرار الترقية المذكور.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن يقوم مقام الإعلان في صدد القرارات الفردية علم صاحب الشأن بها بأية وسيلة من وسائل الإخبار بما يحقق الغاية من الإعلان ولو لم يقع هذا الإعلان بالفعل؛ بيد أن العلم الذي يمكن ترتيب هذا الأثر عليه من حيث جريان الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً وأن يكون شاملاً لجميع العناصر التي يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة للقرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقة في الطعن فيه ولا يجرى الميعاد في حقه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل على النحو السالف إيضاحه وثبت هذا للعلم من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة.
ومن حيث إنه فوق ما ثبت من أن الترقية المطعون فيها قد وقعت في وقت كان فيه المدعي قائماً بعمله وليس أثناء غيبته في الخارج، فإنه يبين من الاطلاع على حافظة مستندات المدعي المودعة ملف الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم أنه قدم صورة كتاب مؤرخ 6 من ديسمبر سنة 1948 مرسل من السكرتير المالي لوزارة التجارة والصناعة إلى وكيل وزارة التموين جاء به "أتشرف بإفادة سعادتكم أن حضرة أحمد كمال أحمد أفندي رئيس مكتب هذه السكرتيرية المالية تقدم بالالتماس المرفقة صورته بخصوص ما يأتي: تسوية حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من مارس سنة 1946 الخاص بتسوية حالة الموظف الموفد في بعثة علمية أو عملية وذلك باعتباره مرقى إلى الدرجة الخامسة من أول أكتوبر سنة 1948 تاريخ ترقية أحد زملائه بوزارة التموين إلى هذه الدرجة إذ رقي معه إلى الدرجة السابعة في 30 من سبتمبر سنة 1942 وإلى السادسة في 30 من سبتمبر سنة 1946 ويمتاز حضرة كمال أفندي بأنه حاصل على مؤهلات دراسية أعلى وأن أقدميته عدلت في السادسة إلى أول سبتمبر سنة 1944 لحصوله على دبلوم الخدمة الاجتماعية العالي...". وواضح غاية الوضوح من هذه الورقة أن المدعي قد علم في 6 من ديسمبر سنة 1948 - إن لم يكن قبل ذلك - بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً شاملاً لجميع العناصر فقد أمكنه أن يتبين في هذا التاريخ مركزه القانوني بالنسبة للقرار على وجه لا ينقص عما أثاره في الدعوى، ومع ذلك فإنه لم يتقدم بتظلمه إلى اللجنة القضائية إلا في 11 من ديسمبر سنة 1953 أي بعد ما يزيد على خمس سنوات. ومن ثم فإن طعنه بالإلغاء يكون قد رفع بعد فوات الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه لما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ويتعين إلغاءه والقضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 385 لسنة 37 ق جلسة 8 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 31 ص 169

جلسة 8 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

---------------

(31)
الطعن رقم 385 لسنة 37 القضائية

(1) تحكيم. "اختصاص هيئات التحكيم". اختصاص.
اختصاص هيئات التحكيم بنظر المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب. شرطه. قبول هؤلاء بعد وقوع النزاع إحالته على التحكيم.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". نقض. "أسباب الطعن. السبب المتعلق بالواقع".
كفاية الأدلة والوقائع الثابتة في الدعوى لتكوين عقيدة المحكمة. استخلاص الحكم منها ما يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) نقض. "أسباب الطعن. السبب الجديد".
دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------
1 - إنه وإن أجاز المشرع في الفقرة (جـ) من المادة 66 من القانون رقم 32 لسنة 1966 لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب، إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته على التحكيم. وإذ كان من بين الخصوم في الدعوى..... الذي اختصم بوصفه ممثلاً لشركة الملاحة التي تتبعها الباخرة. وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن هذه الشركة قد قبلت بعد وقوع النزاع إحالته على التحكيم، فإنه لا يكون ثمة وجه للقول باختصاص هيئات التحكيم بنظر النزاع، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزيري التموين والاقتصاد بصفتهما (المطعون عليهما الأول والثاني) أقاما الدعوى رقم 1904 سنة 59 تجاري كلي القاهرة ضد الشركة العامة للتجارة الداخلية المندمجة في شركة التجارة الاقتصادية (الطاعنة)، والشركة المتحدة للتأمين المندمجة في شركة الشرق للتأمين، وساكيلس بابا نيكوناس بتوكيل السويس للملاحة البحرية التابع للشركة العربية المتحدة لأعمال النقل والمندمجة في شركة القناة للتوكيلات الملاحية بوصفه ممثلاً لشركة الملاحة التي تتبعها الباخرة هلسنيك جلوري (المطعون عليهما الثالثة والرابع) ومدير فرع اللحوم بالشركة العامة للتجارة الداخلية، للحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 13138 ج و273 م، وقالا في بيانها إنهما تعاقدا مع الشركة العامة للتجارة الداخلية على استيراد صفقة من اللحوم الهندية المثلجة، ولما وردت اللحوم على الباخرة هلسنيك جلوري التي وصلت ميناء الأدبية بالسويس في 1/ 8/ 1959 وانتهى تفريغها في 2/ 8/ 1959 تبين للجنة المشكلة لاستلام الرسالة أن وزنها الصافي 78 طن و96 ك وأن اللحوم تالفة ومخالفة لمواصفات ذبح اللحوم، وأنها بحالة سيئة ولا تصلح للتخزين أو الاستهلاك، ولقد أثبتت اللجنة ذلك بمحاضر فتح العنابر، ثم تشكلت لجنة ثانية للمعاينة وفحص اللحوم وثبت من تقريرها المؤرخ 6/ 9/ 1959 أن اللحوم مخالفة للمواصفات ولا تصلح للاستهلاك الآدمي أو الصناعي، فوجها احتجاجاً قانونياً للشركات المذكورة عقب انتهاء التفريغ، وأقاما الدعوى بطلباتهما السابقة، ودفعت الشركة التجارية والاقتصادية بعدم قبول الدعوى عملاً بالمادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري، وعلى أساس أنه رغم تمام استلام الرسالة في 3/ 8/ 1959 فإن الوزارة لم ترسل احتجاجها إلى الشركة الناقلة أو صورة منه إلى الشركة العامة للتجارة الداخلية إلا في 10/ 8/ 1959 بعد أكثر من خمسة عشر يوماً، كما وأنها لم تعلن الشركة العامة للتجارة بالدعوى إلا في 15/ 11/ 1959 بعد أكثر من ثلاثة شهور، وقالت عن الموضوع بأن البيع سيف يلتزم فيه البائع بشحن البضاعة والتأمين عليها لحساب المشتري ويتم فيه تسليم البضاعة ونقل ملكيتها إلى المشتري من وقت الشحن، كما تقع فيه مخاطر الطريق على عاتق المشتري وأنها أوفت بالتزامها كاملاً، إذ ثبتت صلاحية اللحوم ومطابقتها للمواصفات من محضري اللجنة المؤرخين 1 و2/ 8/ 1959، ومن فحص اللحوم بمعرفة شركة سيوبرانتدلس الهندية التي اعتمدتها الوزارة، ومن الشهادة البيطرية التي قدمها البائعون والدالة على مطابقة اللحوم للمواصفات، وتم على أساسها صرف الاعتماد إليهم، كما دفعت شركة التأمين بأنها لا تضمن إلا العيوب التي تنشأ بعد خروج البضاعة المؤمن عليها من مخازن المورد لا قبل ذلك، وأنه وقد ثبت من تقرير لجنة المعاينة المؤرخ 6/ 9/ 1959 أن المورد الهندي باع لحوماً لا تصلح للاستهلاك الآدمي ومخالفة للمواصفات، فإنها لا تسأل عن ذلك لأنه يعتبر من قبيل الغش التجاري، وطلبت شركة الملاحة رفض الدعوى لأنها لا تسأل عن العيوب الذاتية في البضاعة المشحونة، ولأنها سلمت البضاعة بحالة سليمة في ميناء الوصول على ما ثبت من محضري 1 و2/ 8/ 1959، ولأنها لا صلة لها بفساد اللحوم الحاصل بعد ذلك وفي 25/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المتحدة للتأمين بأن تدفع لوزارة التموين المدعية مبلغ 13138 ج و273 م ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، استأنف وزيرا التموين والاقتصاد هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 352 سنة 82 ق طالبين إلغاءه فيما قضى به من رفض الدعوى قبل الشركة العامة للتجارة الداخلية التي اندمجت في الشركة التجارية الاقتصادية وإلزام هذه الشركة الأخيرة بطلباتهما الابتدائية، كما استأنفته شركة الشرق للتأمين المندمجة فيها الشركة المتحدة للتأمين بالاستئناف رقم 1293 سنة 82 ق طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، ودفعت في المذكرة المقدمة منها بعدم قبول دعوى المسئولية الموجهة إليها استناداً إلى المادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري، وفي 9/ 5/ 1967 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 352 سنة 82 ق تجاري بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة التجارية الاقتصادية بأن تدفع للوزارتين المستأنفتين مبلغ 13138 ج و273 م وفي موضوع الاستئناف رقم 392 سنة 82 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى قبل شركة التأمين المستأنفة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أنه لما كان النزاع بين جهة الحكومة وشركات تابعة للقطاع العام، فإن لجان التحكيم تكون وحدها المختصة بنظره عملاً بالمادتين 6 و66 من القانون رقم 32 لسنة 1966، وإذ فصل الحكم في موضوع النزاع فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع وإن أجاز في الفقرة (جـ) من المادة 66 من القانون رقم 32 لسنة 1966 لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته على التحكيم. إذ كان ذلك وكان من بين الخصوم في الدعوى.... الذي اختصم بوصفه ممثلاً لشركة الملاحة التي تتبعها الباخرة هلينيك جلوري وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على أن هذه الشركة قد قبلت بعد وقوع النزاع إحالته على التحكيم، فإنه لا يكون ثمة وجه للقول باختصاص هيئات التحكيم بنظر النزاع، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الأسباب الثاني والثالث والرابع والخامس أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق وشابه الفساد في الاستخلاص وأخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن وزارة التموين أقرت بمحضر الاستلام المؤرخ 2/ 8/ 1959 بسلامة اللحوم وصلاحيتها للغذاء الآدمي كما ثبتت صلاحية اللحوم من فحص شركة جنرال سوبرانتوس انتومي التي اعتمدتها الوزارة ومن الشهادة البيطرية الدالة على مطابقة اللحوم لمواصفات العقد، والتي تم على أساسها صرف الاعتماد للبائعين، ومن الشهادات التي قدمتها الطاعنة تنفيذاً للعقد من أن الرائحة الغير طبيعية والغير مستساغة المنبعثة من اللحوم ليست دليلاً على فسادها، وأن تماسكها قد نتج عن ارتفاع درجة حرارتها نسبياً عند شحنها ثم اشتداد درجة التبريد على ما ثبت من محضري المعاينة المؤرخين 1/ 8/ 1959 و2/ 8/ 1959 ومما ثبت من محضر 6/ 9/ 1959 من أن الرائحة لا تدل على تعفن اللحوم وإنها قد ترجع إلى المرعى أو إلى تلوث اللحوم بمادة نفاذة علقت بها هذه الرائحة، وإذ لم تقطع هذه المحاضر بسبب معين لهذه الرائحة، وكان الثابت من الأوراق أن أجهزة التبريد بالباخرة تعمل بغاز الكلور ذي الرائحة النفاذة وخلت في الوقت نفسه مما يقطع بأنها نتجت بفعل الشركة الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن هذه الرائحة ترجع إلى عيب في ذات البضاعة، وتخرج عن نطاق وثيقة التأمين، وذلك قبل الاستعانة بخبير فني للوقوف على السبب الحقيقي للرائحة المذكورة، ويكون قد بني على الظن والتخمين، وخالف الثابت بالأوراق وشابه الفساد في الاستخلاص وأخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى أن الشركة البائعة المندمجة في الشركة الطاعنة قد أخلت بشروط عقد البيع، وقامت بتوريد لحوم غير مطابقة للمواصفات والشروط المتعاقد عليها وأنه قد استخلص ذلك مما جاء بأحد المحاضر المحررة في 2/ 8/ 1959 على ظهر السفينة التي نقلت اللحوم والذي ينقض ما ورد بمحضري اللجنة المؤرخين 1 و2/ 8/ 1959، واشتمل على تحفظات بالنسبة لرائحة اللحوم ولونها وسوء تغليفها وتقرر على أساسه الإفراج مؤقتاً عن الرسالة ونقلها إلى ثلاجات الجيش لحين استيفاء الشهادات الطبية المطلوبة ومن محضر اللجنة الأخيرة المؤرخ 6/ 9/ 1959 التي عاينت اللحوم بثلاجات الجيش، وثبت من معاينتها وجود رائحة نفاذة غير طبيعية وغير مقبولة بقيت باللحوم رغم غليها والتي لا مثيل لها في باقي اللحوم المستوردة من الصين والأرجنتين والموجودة بثلاجات الجيش أيضاً وأنها غير مطابقة لشروط ومواصفات اللحوم المثلجة ومواصفات العقد ولا تصلح للاستهلاك الآدمي، ومن محضر اللجنة المؤرخ 30/ 9/ 1959 الذي ثبت منه أن حالة اللحوم ازدادت سوءاً وتقرر إعدامها ومن أن الطاعنة لم تنف ما جاء بكتاب الإدارة العامة لاستيراد مواد التموين المؤرخ 14/ 9/ 1959 من أنها كانت عضواً في اللجنة التي عاينت اللحوم في 10/ 9/ 1959 وانتهت إلى أنها غير مطابقة للشروط والمواصفات المتفق عليها ولمرسوم تداول اللحوم الصادر في إبريل سنة 1953 سواء من حيث سوء التجهيز ووجود رائحة نتنة أو من حيث لون اللحوم الداكن لوجود نسبة كبيرة من الدماء بالأنسجة والأوعية الدموية أو وجودها بحالة طرية بشكل ظاهر. مما يدل على أن حرارتها وقت الشحن كانت مرتفعة على خلاف ما تقضي به شروط العقد، وإذ كانت الأدلة التي أوردها الحكم والوقائع الثابتة في الدعوى تكفي لتكوين عقيدة المحكمة للفصل فيها دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر، وكان ما استخلصه الحكم منها سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يعتبر جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن محكمة الاستئناف كيفت العقد المبرم بينها وبين الوزارة بأنه بيع مع أنه عقد وكالة بالعمولة بدليل أن الوزارة حددت في خطابها المؤرخ 13/ 10/ 1959 الموجه منها إلى الشركة المتحدة للتأمين عمولة الشركة الطاعنة، كما فتحت الاعتماد رأساً باسم المورد الهندي، وأنه لما كان الموكل في الوكالة بالعمولة بالشراء لا يستطيع الرجوع على وكيله بدعوى العيوب الخفية لأنه لا يعتبر بائعاً بل وسيطاً يشتري لحساب موكله إنما له أن يرجع بهذه الدعوى مباشرة على الغير إذا انكشفت له شخصيته، وإذ ثبتت شخصية البائع للوزارة فقد كان يتعين عليها أن ترجع مباشرة على المورد الهندي وألا تسأل الشركة الطاعنة باعتبارها وكيلة بالعمولة بعد أن قامت بتنفيذ التزاماتها التعاقدية وطبقاً للتعليمات الصادرة إليها من الوزارة. وحيث إن هذا النعي غير مقبول لتعلقه بدفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.

الطعن 897 لسنة 5 ق جلسة 26 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 32 ص 216

جلسة 26 من نوفمبر 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

----------------

(32)

القضية رقم 897 لسنة 5 القضائية

موظف - أقدمية 

- تقرير القانون رقم 210 لسنة 1951 مبدأ الامتحان كشرط للتعيين - وجوب مراعاة ترتيب النجاح في الامتحان سواء عند التعيين أو عند ترتيب الأقدمية - الإعفاء من الامتحان بنوعيه بقرار من مجلس الوزراء بشرط التزام ترتيب التخرج في التعيين طبقاً للمادة 17 مكرراً - وجوب تحديد الأقدمية في هذه الحالة على أساس ترتيب التخرج دون المعايير الواردة بالمادة 25 - أساس ذلك - مثال بالنسبة للمهندسين الجامعيين.

----------------
إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نص في المادة 15 منه على أن "يكون التعيين بامتحان في الوظائف الآتية: وظائف الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري....." ونص في المادة 16 على أن "يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي" ونص في المادة 17 منه على أنه "يجوز الاستغناء عن الامتحان التحريري في الأحوال الآتية:
(1)...... (2) إذا كانت الوظائف الخالية من الوظائف الفنية التي لا يجوز التعيين فيها إلا من الحاصلين على نوع واحد من الدرجات والإجازات العلمية (3)......." ونص في المادة 25 منه على أنه "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها فإذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهوري أو قرار على تعيين أكثر من موظف في درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلي:
( أ ) إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة.
(ب) إذا كان التعيين لأول مرة اعتبرت الأقدمية بين المعينين على أساس المؤهل ثم الأقدمية في التخرج فإن تساويا تقدم الأكبر سناً وذلك مع عدم الإخلال بالقواعد التي تقررها اللائحة التنفيذية في شأن الامتحان". ونصت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالمرسوم الصادر في 8 من يناير سنة 1953 على أنه "يرتب الناجحون في كل امتحان بحسب درجة الأسبقية فيه، وإذا تساوى اثنان أو أكثر في الترتيب قدم صاحب المؤهل الأعلى فالأقدم في التخرج فالأكبر سناً. ويرسل الديوان إلى الوزارة أو الهيئة المختصة بالتعيين صورة من قوائم الناجحين مع ترشيح العدد الكافي منهم لتعيينهم بحسب ترتيبهم الوارد في هذه القوائم". وبتاريخ 21 من مايو سنة 1953 صدر القانون رقم 260 لسنة 1953 بإضافة مادة جديدة برقم 17 مكرراً إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أنه "يجوز بقرار من مجلس الوزراء الإعفاء من الامتحان بنوعيه في الحالتين الثانية والثالثة من المادة السابقة إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج" ثم أضيفت فقرة ثانية إلى المادة 17 مكرراً بالقانون رقم 401 لسنة 1953 هذا نصها "ومع هذا فيجوز بقرار من مجلس الوزراء عدم التقيد في التعيين بترتيب التخرج إذا كان المرشح موظفاً بالفعل ويراد تعيينه في وظيفة من وظائف الكادر الفني العالي والإداري تستلزم مسوغات خاصة ولا يفيد الامتحان في الكشف عنها". وقد بينت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 260 لسنة 1953 بإضافة المادة 17 مكرراً في فقرتها الأولى علة إصدار هذا القانون والغرض الذي استهدفه المشرع من إصداره فقد جاء فيها "تقضي المادة 15 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 بأن يكون التعيين في وظائف الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري بامتحان، كما نصت المادة 16 على أن يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي، كما قضت المادة 17 بجواز الاستغناء عن الامتحان التحريري في حالات معينة حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1952 ومن بينها الحاصلون على درجة بكالوريوس كلية الهندسة وأن ديوان الموظفين هو الذي يتولى الإعلان عن الوظائف الخالية المرخص بالتعيين فيها ثم إجراء الامتحانات التحريرية والشخصية وإخطار الوزارات والمصالح بالصالحين للتعيين حسب درجة الأسبقية في الامتحان. ولما كانت وزارة الأشغال قد درجت على شغل الوظائف الفنية الخالية بها بالتعيين من خريجي كليات الهندسة بالكادر الفني العالي على أساس المؤهلات العلمية وبتفضيل الحاصلين على درجة ممتاز فجيد جداً - فجيد - فأوائل المقبولين، فقد اعترض ديوان الموظفين على التعيينات التي تمت أخيراً بالوزارة، وطلب إلى الوزارة عدم التعيين في هذه الوظائف لأن الديوان هو وحده الذي يتولى الإعلان عن الوظائف الخالية وعمل الامتحان التحريري والاختبار الشخصي وإخطار الجهات المختصة بأسماء الناجحين المرشحين للتعيين. ولما كانت المصلحة قد تدعو إلى العدول عن الامتحان بنوعيه التحريري والشفوي اكتفاء بترتيب التخرج حسب الدرجة التي حصل عليها المرشح، لذلك أعد مشروع القانون المرافق بإضافة مادة جديدة برقم 17 مكرراً إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تخول لمجلس الوزراء الإعفاء من الامتحان بنوعيه التحريري والشفوي في الحالتين الثانية والثالثة من المادة 17 إذا التزم في تعيين المتقدمين للوظائف ترتيب التخرج، وتنفيذاً لهذا القانون أصدر مجلس الوزراء في 27 من مايو سنة 1953 قراراً يقضي بإعفاء المهندسين الجامعيين الذين يعينون بالكادر الفني العالي بالوزارات والمصالح الحكومية المختلفة من الامتحانات المذكورة بقانون التوظف إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج".
ومما تقدم يتضح أن سبب الإعفاء من امتحان المسابقة بواسطة ديوان الموظفين بالنسبة لهذا النوع من الوظائف إنما هو الاكتفاء بترتيب التخرج حسب الدرجة التي حصل عليها المرشح في امتحان التخرج، أي أن يكون ترتيب التخرج حل محل ترتيب الأسبقية في امتحانات ديوان الموظفين - ومؤدى ذلك كله أن يتقدم السابق في ترتيب التخرج من يليه في هذا الترتيب كما يتقدم السابق في امتحان المسابقة من يليه في الترتيب والقول بغير هذا قد يؤدي إلى أن يتقدم آخر المتخرجين أولهم إذا زادت سنه عنه ولو بيوم واحد وهذا أمر غير معقول لا يتصور أن المشرع قد قصد إليه بما نص عليه في المادة 25 من القانون رقم 210 من أن تكون الأقدمية بين المعينين في قرار واحد بحسب السن عند التساوي في المؤهل والتخرج ذلك أن هذه المادة نفسها نصت في عجزها على أن يكون ذلك مع عدم الإخلال بالقواعد التي تقررها اللائحة التنفيذية في شأن الامتحان.
ولما تقدم يكون القرار المطعون فيه إذ راعى ترتيب التخرج في تحديد الأقدمية التي جرت على أساسها الترقية مطابقاً للقانون.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25 من مايو سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة، بالنيابة عن السيد وزير الزراعة بالإقليم المصري والسيد مدير عام إدارة الكهرباء والغاز، سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر بجلسة 26 من مارس سنة 1959 في القضية رقم 925 لسنة 12 القضائية المرفوعة من السادة محمد السيد جاد وكمال زكي الدين والسيد محمد سالم وعدلي عبد الشافي كريم المهندسون بإدارة الكهرباء والغاز ضد السيد وزير الصناعة والسيد مدير إدارة الكهرباء والغاز، القاضي بإلغاء القرار الصادر في 25 من يناير سنة 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعين في الترقية إلى الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها الثانية بالمصروفات. ويطلب الطاعنان للأسباب الواردة في صحيفة طعنهما الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدهم مع إلزامهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضدهم في 28 من مايو سنة 1959 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9 من أكتوبر سنة 1960 وأخطر بها الطرفان، وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم في الطعن لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما هو ثابت من أوراق الطعن - في أن المطعون ضدهم رفعوا الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري قالوا فيها أنهم حصلوا على درجة بكالوريوس الهندسة في دور مايو سنة 1954 قسم الكهرباء وعينوا مهندسين بإدارة الكهرباء والغاز في يوم 16 من أكتوبر سنة 1954، الأول في محطة طرة الإضافية، والثاني في منطقة شمال القاهرة، والثالث في محطة جنوب القاهرة، والرابع في منطقة حلوان. وقد رتبت إدارة الكهرباء والغاز أقدمية من التحقوا بخدمتها في يوم 16 من أكتوبر سنة 1954 الحاصلين على درجة بكالوريوس في الهندسة دفعة سنة 1954 الذين عينوا بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي على حسب أسنانهم بأن جعلت الأسبقية للأكبر سناً للتساوي في المؤهل وفي أقدمية التخرج وذلك تطبيقاً لحكم الفقرة ب من المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وجاء ترتيب المدعين في كشف الأقدمية على هذا الأساس الأول فالثاني فالرابع فالخامس. وفي 25 من يناير سنة 1958 صدر قرار بترقيات إلى الدرجة الخامسة تخطى فيه المدعون دون أن يقوم بأحدهم مانع من الترقية وقد رقي المهندسون عبد الفتاح محمود الشناوي وترتيبه في كشف الأقدمية التاسع وأحمد حسين الروينى وترتيبه الثالث ومصطفى فهمي نصير وترتيبه السابع وجلال مصطفى رضوان وترتيبه الثامن وحمدي عبد الرازق الخطيب وترتيبه السادس. ويقول المدعون أنهم لما علموا بصدور هذا القرار بحثوا عن الأساس الذي استند إليه فعلموا أن إدارة الكهرباء والغاز عدلت أقدمية المهندسين ورتبتهم على أساس مجموع درجات النجاح في امتحان البكالوريوس وقد اعترض ديوان المحاسبة على هذه الترقيات، استناداً إلى أنها قامت على أساس يخالف نص المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأن استناد إدارة الكهرباء والغاز إلى نص المادة 17 من نفس القانون في غير محله لأن مراعاة ترتيب التخرج إنما يكون عند التعيين أما بالنسبة إلى من يعينون في قرار واحد فيكون ترتيبهم على أساس المؤهل ثم الأقدمية في التخرج فإن تساويا قدم الأكبر سناً وأرسل ديوان المحاسبة مضمون اعتراضه إلى ديوان الموظفين مطالباً بسرعة النظر في الأمر قبل أن يتحصن القرار بفوات مدة الستين يوماً التي يجوز فيها سحبه. ويقول المدعون أنهم تظلموا من هذا القرار بكتب مسجلة الأول في 5 من فبراير سنة 1958 لمفوض الدولة وفي 16 من فبراير سنة 1958 لوزير الصناعة والباقون في 17 من فبراير سنة 1958 ولم يتلق المدعون أي رد على تظلمهم وطلبوا الحكم بإلغاء القرار الصادر في 25 من يناير سنة 1958 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الخامسة بين مهندسي إدارة الكهرباء والغاز فيما تضمنه من تخطي المدعين في الترقية إلى الدرجة المذكورة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
أجابت إدارة الكهرباء والغاز على الدعوى بأن المدعين حاصلون على بكالوريوس كلية الهندسة من جامعة عين شمس (قسم الكهرباء) سنة 1954 بدرجة مقبول ورشحتهم وزارة الأشغال مع مهندسين آخرين يحملون المؤهل المذكور في نفس السنة (قسمي الميكانيكا والكهرباء) من جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية للتعيين بهذه الإدارة وقد عينوا في 16 من أكتوبر سنة 1954 وقد عين المدعي الأول محمد السيد جاد بالأمر الإداري رقم 195 لسنة 1954 والمدعي الثاني كمال زكى الدين بالأمر الإداري رقم 196 لسنة 1954 والمدعي الثالث السيد محمد سالم بالأمر الإداري رقم 194 لسنة 1954 والمدعي الرابع عدلي عبد الشافي كريم بالأمر الإداري رقم 201 لسنة 1954، وقد استفسرت الإدارة من ديوان الموظفين عما يرى اتباعه إزاء ترتيب أقدمية موظفيها المعينين في ظل قانون التوظف فأفاد بكتابه رقم 162/ 1/ 2 م 2 بتاريخ 8 من مايو سنة 1957 بأن كتابه الدوري رقم 22 لسنة 1956 قد ورد مفسراً لحكم المادة 25 من قانون نظام موظفي الدولة الذي تسري أحكامه من أول يوليه سنة 1957 وترتيباً على ذلك يرى الديوان أن يعاد ترتيب الأقدميات من هذا التاريخ. وقد رأت الإدارة بالنسبة لمهندسي الدرجة السادسة الفنية أن يراعى في ترتيب أقدميتهم إدماج خريجي الكليات الثلاث وترتيبهم على أساس أقدمية التعيين ثم الأقدمية في التخرج فإن تساويا فيرجع لترتيب التخرج أي بحسب نسبة مجموع الدرجات الحاصل عليها فإذا تساوت فهنا فقط يرجع للسن. وقد اتصلت الإدارة بالسيد وكيل ديوان الموظفين في هذا الخصوص فأقر هذا الرأي الذي تؤيده المادة 17 مكرراً من قانون التوظف وقد أجريت الترقيات الصادر بها الأمر الإداري 140 لسنة 1958 المطعون فيه وفقاً لهذا الترتيب وأقدمية المدعين في ترتيب الأقدمية على هذا الأساس؛ لا تجيز ترقيتهم بالأقدمية للدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي مع من رقوا إليها بالقرار المطعون فيه، وقد تظلم المدعون من هذا القرار وبحث السيد مفوض الدولة لوزارة الصناعة هذه التظلمات على ضوء هذه البيانات ووضع تقريراً ارتأى فيه رفض هذه التظلمات ووافق السيد الوزير على رفضها لقيامها على أساس غير سليم من القانون.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري (هيئة الترقيات والتعيينات) أصدرت في 26 من مارس سنة 1959 حكمها المطعون فيه وهو يقضي بإلغاء القرار الصادر في 25 من يناير سنة 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعين في الترقية إلى الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها الثانية بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أنه يؤخذ من مفهوم الفقرة ب من المادة 25 من قانون موظفي الدولة أن أساس ترتيب الأقدمية بين المعينين إنما يقوم أولاً على أساس المؤهل وعند التساوي ينظر إلى الأقدمية في التخرج ويتقدم السابق في التخرج على اللاحق عليه وعند التساوي تكون القاعدة أن يتقدم الأكبر سناً على من يصغره. وهذه المادة قررت معايير ثلاثة في ترتيب الأقدمية هي المؤهل والأقدمية في التخرج والسن وليس من بينها درجات الامتحان، أما التحفظ الوارد في عجز المادة والخاص بمراعاة القواعد المقررة باللائحة التنفيذية بالنسبة للامتحان فلا شأن له بالحالة المعروضة، إذ أن المدعين والمطعون في ترقيتهم قد أعفوا من تأدية الامتحان عند تعيينهم، وأما ما نص عليه في المادة 17 من جواز الإعفاء من الامتحان بنوعيه إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج فإن ذلك خاص بالترشيح للتعيين ولا شأن له في ترتيب الأقدمية بعد التعيين الذي أفرد له القانون حكماً خاصاً تتضمنه المادة 25 وعلى ذلك فإن ترتيب أقدمية المدعين بالنسبة للمطعون في ترقيتهم تكون بحسب السن ما دام أن الثابت أنهم جميعاً من الحاصلين على البكالوريوس في الهندسة سنة 1954 وعينوا جميعاً في 16 من أكتوبر من نفس السنة وعلى هذا الأساس يلحقهم الدور في الترقية بحسب الأقدمية مرتبة حسب السن وما كان يجوز تخطيهم فيها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أنه "إذا كان التعيين لأول مرة اعتبرت الأقدمية بين المعينين على أساس المؤهل ثم الأقدمية في التخرج فإن تساويا تقدم الأكبر سناً مع عدم الإخلال بالقواعد التي تقررها اللائحة التنفيذية في شأن الامتحان" وتقضي المادة السابعة من اللائحة التنفيذية بأن يرتب الناجحون في كل امتحان في قوائم بحسب درجة الأسبقية فيه وإذا تساوى اثنان أو أكثر في الترتيب تقدم صاحب المؤهل الأعلى فالأقدم في التخرج فالأكبر. وتقول الحكومة إن هذه القواعد تطبق سواء وجد هذا الامتحان أو اكتفى بنتيجة الامتحان الخاص بالمؤهل باعتبار ذلك ترديداً للأصل العام الواجب اتباعه عند تفاوت التقدير في درجة النجاح وهنا يجب تساوي عنصر المؤهل من كافة النواحي سواء من ناحية النوع أو التقدير، ولا يلتفت لعنصر غيره من العناصر الواردة في المادة 25 إلا بعد أن يتساوى هذا العنصر من نواحيه المختلفة، وعلى ذلك إذا عين أكثر من مهندس لأول مرة بقرارات متعددة في تاريخ واحد وكانوا حاصلين على مؤهل واحد فإن الحاصل منهم على تقدير جيد جداً يسبق في الأقدمية الحاصل على نفس المؤهل بالتقدير الذي يليه وهكذا فإن تساوي التقدير يرجع في هذه الحالة لأقدمية التخرج ثم عنصر السن، ثم قالت إن المدعين والمرقين يحملون جميعاً مؤهلاً واحداً هو بكالوريوس الهندسة ولا يحمل أي منهم مؤهلاً أعلا إلا أنهم متفاوتون في تقدير المؤهل ودرجات النجاح في الامتحان الذي حصلوا فيه على المؤهل، وما دام الأمر كذلك فإن من حصل منهم على تقدير أعلا أو درجات أكبر يسبق من حصل على تقدير أو درجات أدنى، ولا وجه لقصر ما ورد في المادة 25 من القانون من اعتبار المؤهل عنصراً من عناصر الأسبقية في الأقدمية على حالة المؤهل الأعلى فقط كالدكتوراة مثلاً إذ أن النص ورد مطلقاً ولا وجه لتخصيصه أو تقييده وهو يتسع لهذه الحالة كما يتسع لحالة المؤهل الواحد بتقدير أعلا أو بدرجات أكبر، وهذا التفسير يتفق مع الفكرة التي قام عليها نص المادة 17 مكرراً الذي أجاز الإعفاء من الامتحان بنوعيه إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج. وما دام أن الثابت من الأوراق أن المطعون في ترقيتهم يسبقون المدعين في ترتيب الأقدمية على هذا الأساس فإن القرار الصادر بترقيتهم يكون صحيحاً والحكم بإلغائه يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نص في المادة 15 منه على أن "يكون التعيين بامتحان في الوظائف الآتية: وظائف الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري....." ونص في المادة 16 على أن "يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي" ونص في المادة 17 منه على أنه "يجوز الاستغناء عن الامتحان التحريري في الأحوال الآتية:
(1)........ (2) إذا كانت الوظائف الخالية من الوظائف الفنية التي لا يجوز التعيين فيها إلا من الحاصلين على نوع واحد من الدرجات والإجازات العلمية (3)......" ونص في المادة 25 منه على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها فإذا اشتمل مرسوم أو أمر جمهوري أو قرار على تعيين أكثر من موظف في درجة واحدة اعتبرت الأقدمية كما يلي: ( أ ) إذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت الأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة (ب) إذا كان التعيين لأول مرة اعتبرت الأقدمية بين المعينين على أساس المؤهل ثم الأقدمية في التخرج فإن تساويا تقدم الأكبر سناً وذلك مع عدم الإخلال بالقواعد التي تقررها اللائحة التنفيذية في شأن الامتحان" ونصت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بالمرسوم الصادر في 8 من يناير سنة 1953 على أنه "يرتب الناجحون في كل امتحان بحسب درجة الأسبقية فيه، وإذا تساوى اثنان أو أكثر في الترتيب قدم صاحب المؤهل الأعلى فالأقدم في التخرج فالأكبر سناً. ويرسل الديوان إلى الوزارة أو الهيئة المختصة بالتعيين صورة من قوائم الناجحين مع ترشيح العدد الكافي منهم لتعيينهم بحسب ترتيبهم الوارد في هذه القوائم". وبتاريخ 21 من مايو سنة 1953 صدر القانون رقم 260 لسنة 1953 بإضافة مادة جديدة برقم 17 مكرراً إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أنه "يجوز بقرار من مجلس الوزراء الإعفاء من الامتحان بنوعيه في الحالتين الثانية والثالثة من المادة السابقة إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج" ثم أضيفت فقرة ثانية إلى المادة 17 مكرراً بالقانون رقم 401 لسنة 1953 هذا نصها "ومع هذا فيجوز بقرار من مجلس الوزراء عدم التقيد في التعيين بترتيب التخرج إذا كان المرشح موظفاً بالفعل ويراد تعيينه في وظيفة من وظائف الكادر الفني العالي والإداري تستلزم مسوغات خاصة لا يفيد الامتحان في الكشف عنها". وقد بينت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 260 لسنة 1953 بإضافة المادة 17 مكرراً في فقرتها الأولى علة إصدار هذا القانون والغرض الذي استهدفه المشرع من إصداره فقد جاء فيها "تقضي المادة 15 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 بأن يكون التعيين في وظائف الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري بامتحان، كما نصت المادة 16 على أن يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي، كما قضت المادة 17 بجواز الاستغناء عن الامتحان التحريري في حالات معينة حددها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1952 ومن بينها الحاصلون على درجة بكالوريوس كلية الهندسة، وأن ديوان الموظفين هو الذي يتولى الإعلان عن الوظائف الخالية المرخص بالتعيين فيها ثم إجراء الامتحانات التحريرية والشخصية وإخطار الوزارات والمصالح بالصالحين للتعيين حسب درجة الأسبقية في الامتحان. ولما كانت وزارة الأشغال قد درجت على شغل الوظائف الفنية الخالية بها بالتعيين من خريجي كليات الهندسة بالكادر الفني العالي على أساس المؤهلات العلمية وبتفضيل الحاصلين على درجة ممتاز - فجيد جداً - فجيد - فأوائل المقبولين، فقد اعترض ديوان الموظفين على التعيينات التي تمت أخيراً بالوزارة، وطلب إلى الوزارة عدم التعيين في هذه الوظائف لأن الديوان هو وحده الذي يتولى الإعلان عن الوظائف الخالية وعمل الامتحان التحريري والاختبار الشخصي وإخطار الجهات المختصة بأسماء الناجحين المرشحين للتعيين. ولما كانت المصلحة قد تدعو إلى العدول عن الامتحان بنوعيه التحريري والشفوي اكتفاء بترتيب التخرج حسب الدرجة التي حصل عليها المرشح، لذلك أعد مشروع القانون المرافق بإضافة مادة جديدة برقم 17 مكرراً إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تخول لمجلس الوزراء الإعفاء من الامتحان بنوعيه التحريري والشفوي في الحالتين الثانية والثالثة من المادة 17 إذا التزم في تعيين المتقدمين للوظائف ترتيب التخرج، وتنفيذاً لهذا القانون أصدر مجلس الوزراء في 27 من مايو سنة 1953 قراراً يقضي بإعفاء المهندسين الجامعيين الذين يعينون بالكادر الفني العالي بالوزارات والمصالح الحكومية المختلفة من الامتحانات المذكورة بقانون التوظف إذا التزم في التعيين ترتيب التخرج".
ومن حيث إنه مما تقدم يتضح أن سبب الإعفاء من امتحان المسابقة بواسطة ديوان الموظفين بالنسبة لهذا النوع من الوظائف إنما هو الاكتفاء بترتيب التخرج حسب الدرجة التي حصل عليها المرشح في امتحان التخرج، أي أن ترتيب التخرج حل محل ترتيب الأسبقية في امتحانات ديوان الموظفين - ومؤدى ذلك كله أن يتقدم السابق في ترتيب التخرج من يليه في هذا الترتيب كما يتقدم السابق في امتحان المسابقة من يليه في الترتيب، والقول بغير هذا قد يؤدي إلى أن يتقدم آخر المتخرجين أولهم إذا زادت سنه عنه ولو بيوم واحد وهذا أمر غير معقول لا يتصور أن المشرع قد قصد إليه بما نص عليه في المادة 25 من القانون رقم 210 من أن تكون الأقدمية بين المعينين في قرار واحد بحسب السن عند التساوي في المؤهل والتخرج؛ ذلك أن هذه المادة نفسها نصت في عجزها على أن يكون ذلك مع عدم الإخلال بالقواعد التي تقررها اللائحة التنفيذية في شأن الامتحان.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه إذ راعى ترتيب التخرج في تحديد الأقدمية التي جرت على أساسها الترقية مطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه القاضي بإلغاء هذا القرار مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه ورفض الدعوى وإلزام رافعيها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 532 لسنة 5 ق جلسة 26 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 31 ص 210

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي وعبد الفتاح بيومي نصار المستشارين.

----------------

(31)

القضية رقم 532 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - مرتب 

- طلب الموظف استرداد مرتبه عن فترة وقفه - هو من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات - عدم خضوعه للمواعيد المقررة للتظلم من القرارات الإدارية ولرفع دعوى إلغائها.
(ب) موظف - وقفه عن العمل - مرتب 

- الأصل هو حرمان الموظف أو المستخدم الموقوف عن العمل من راتبه طوال مدة الوقف - الاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما ترى المحكمة التأديبية أو الرئيس الإداري المختص - قيام ذلك على سلطة تقديرية تنأى عن رقابة القضاء طالما لم تتسم بعدم المشروعية أو إساءة استعمال السلطة - أساس ذلك.

---------------
1 - إن طلب استرداد الراتب عن فترة الوقف هو من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات ولا يدخل ضمن طعون الإلغاء المنصوص عليها في الفقرات ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتي نصت المادة 12 من القانون المذكور بالنسبة لها على عدم قبول دعوى الإلغاء قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم.
2 - إن الأصل هو حرمان الموظف أو المستخدم الموقوف عن العمل من راتبه طوال مدة الوقف، والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره المحكمة التأديبية أو الرئيس المختص إن لم تكن ثمة محاكمة تأديبية وذلك في كل حالة بظروفها. والحكمة ظاهرة في ترك أمر تقدير صرف المرتب أو صرف جزء منه أو عدم صرف شيء منه إلى رئيس المصلحة في ضوء ملابسات كل حالة وظروفها، وله في ذلك أن يراعي مختلف العناصر الموجبة لما ينتهي إليه تقديره حتى في حالة الحكم بالبراءة إذ البراءة لعدم صحة الاتهام أو لانتفاء التهمة أو لعدم الجناية تختلف عن البراءة المستندة لعدم كفاية الأدلة أو لبطلان التفتيش، فضلاً عن أن البراءة من التهمة الجنائية لا تستتبع حتماً براءة الموظف من الناحية الإدارية. ولا مشاحة في أن قرار السلطة التأديبية في هذا الصدد يقوم على سلطة تقديرية تنأى عن الرقابة القضائية طالما كانت متفقة مع مبدأ المشروعية وغير متسمة بإساءة استعمال السلطة، بمعنى أن السلطة التقديرية المقررة للإدارة لا تخضع عناصر التقدير فيها للرقابة القضائية وإلا انقلبت رقابة القضاء إلى مشاركة للإدارة في سلطتها المذكورة.


إجراءات الطعن

في 21 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 16 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 276 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ عبد الحفيظ أحمد حسن ضد وزارة الزراعة والقاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف مرتبه عن مدة الإيقاف وألزمت الوزارة المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات. وقد أعلن الطعن إلى المدعي في 16 من إبريل سنة 1959 كما أعلن للحكومة بتاريخ 20 من إبريل سنة 1959، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 22 من أكتوبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بصرف مرتبه المعلى بالأمانات مدة وقفه عن العمل حتى أعادته إليه وقدره 284 جنيهاً، وقال شرحاً لدعواه إنه عين بتاريخ أول أغسطس سنة 1935 بوزارة الزراعة، وفي عام 1943 عين ملاحظاً بقسم المزارع الحكومية وانتدب للعمل بإدارة السكرتارية، ثم طبق عليه كادر العمال بتاريخ 7 من مايو سنة 1944 ومنح أجراً يومياً قدره 200 مليم. ولما كان المدعي تلميذاً بالمدارس الإعدادية الثانوية فقد حصل على شهادة بذلك موقعاً عليها من ناظر المدرسة وآخرين هما الأستاذين محمد ثابت ويوسف كامل ومصدقاً عليها من وزارة المعارف وبعث بها بالبريد المسجل في 27 من أغسطس سنة 1951 على أمل أن ينصف بمقتضاها، إلا أن هذه الشهادة أخفيت عمداً وتقدم موظف يدعى محمد فهيم عبد الحليم كاتب قيد الوارد بالوزارة بشكوى بتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1951 ينسب فيها للمدعي أنه تقدم بشهادة لأخيه محمد نجيب عبد الحليم بعد أن أحدث فيها تزويراً لينال بها إنصافاً. وفي 18 من ديسمبر سنة 1951 أصدرت الوزارة أمراً بوقف المدعي ثم قدم إلى محكمة الجنايات بالجيزة متهماً في الجناية رقم 473 لسنة 1952 بثلاث تهم (1) ارتكب تزويراً في ورقة رسمية (الشهادة)، (2) استعمل هذه الشهادة المزورة، (3) سرق الشهادة الموضحة آنفاً. وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1954 حكمت محكمة الجنايات ببراءته من هذه التهم. وعندئذ تقدم المدعي للوزارة بالتماس طلب فيه إنصافه بموجب الشهادة الإعدادية ومعاملته أسوة بزملائه الذين ضاعت شهاداتهم نتيجة عبث وإهمال الموظفين، كما طلب رد المبالغ المعلاة بحساب الأمانات باسمه وعلى ذمته بسبب إيقافه في المدة من 18 من ديسمبر سنة 1951 إلى 25 ديسمبر سنة 1954 فأعيد إلى عمله وأفتى مدير القوانين والتحقيقات بصرف ماهيته عن مدة الوقف ولكن الوزارة امتنعت عن صرفها دون وجه حق وعلى الرغم من أن الإيقاف كان بسبب تصرف شائن واستهتار بالغ من موظفي الوزارة. وأخيراً عاد المدعي وقصر طلباته الختامية على طلب الحكم بأحقيته في صرف مرتب مدة الوقف المشار إليه.
وأجابت الوزارة بأنه نظراً لأنه يتضح من القرار الإداري رقم 3 بتاريخ 17 من يناير سنة 1955 الصادر بناء على مذكرة قسم التحقيقات أن المدعي قد حرم من راتبه عن مدة الإيقاف بمقتضى هذا القرار، ونظراً إلى أن التظلم من القرارات الإدارية مقيد بمواعيد أهدرها المدعي فلم يتظلم من القرار الصادر بحرمانه من ماهيته عن مدة الإيقاف في المواعيد المقررة، ونظراً إلى أن القرار الصادر بحرمانه من ماهيته صدر بموافقة وكيل الوزارة على مذكرة قسم التحقيقات وصدر في حدود الرخصة المخولة له بمقتضى المادة 129 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تخول لوكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة عدم صرف المرتب ما لم يقرر أحدهما صرفه كله أو بعضه. ولذلك تكون الدعوى لا سند لها من القانون ويتعين رفضها مع إلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 19 من يناير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف مرتبه عن مدة الإيقاف وألزمت الوزارة المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالدفع الذي أثارته الوزارة الخاص بعدم التظلم من قرار حرمان المدعي من راتبه عن فترة الوقف بأن طلب استرداد الراتب عن فترة الوقف هو من قبيل المنازعات الخاصة بالمرتبات ولا يدخل ضمن طعون الإلغاء المنصوص عليها في الفقرات ثالثاً ورابعاً وخامساً من المادة 8 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والتي نصت المادة 12 من القانون المذكور بالنسبة لها على عدم قبول دعوى الإلغاء قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم. أما عن الموضوع فقالت إن الإيقاف إما أن يكون عقوبة تأديبية وإما أن يكون إجراء احتياطياً، ووقف المدعي عن العمل لم يكن عقاباً عن جريمة ارتكبها بل كان الدافع إليه إبعاده عن العمل كإجراء احتياطي، وإذ انتهى التحقيق والمحاكمة إلى البراءة ولم تر الجهة الإدارية في تخلف الجريمة الجنائية ما يقيم جريمة إدارية خاصة وقد أعادته للعمل فعلاً، ومن ثم فإن المادة 143 معدلة من قانون التعليمات المالية تجرى في حق المدعي بوصفها قاعدة تشريعية واجبة الإعمال وهي قاطعة الدلالة في أنه في حالة البراءة يصرف للعامل مرتبه عن كل مدة الإيقاف المؤقت. وعلى فرض التسليم بأن قانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 يحكم واقعة الدعوى فإن المادة 96 منه قد منحت الجهة الإدارية سلطة تقديرية في صرف مرتب الموظف الموقوف وهي تترخص في ذلك باعتبارها الأمينة على تحقيق الصالح العام والعدالة بين موظفيها، ولا بد للقضاء أن يعمل رقابته على تصرفات الإدارة ليتبين ما إذا كانت قد تغيت الطريق القويم أو تنكبت جادة الصواب. وما دام قد بان من مذكرة قسم التحقيقات أن محكمة الجنايات قضت ببراءة المدعي من التهم المسندة إليه. وجاء بأسباب الحكم أنه "لكل ما تقدم تكون التهم المسندة إلى المتهم على غير أساس من الواقع والقانون ويتعين تبرئته"، كما أنه لم تخلف البراءة من الناحية الجنائية مسئولية إدارية ولم تتخذ الإدارة إجراءات المحاكمة التأديبية، وفي ذلك الاعتراف الكافي بأن الاتهام لم يكن قائماً على أساس ولزم أن يرد للمدعي ما حبس عنه أثناء فترة الإيقاف التي لم يكن لإرادته دخل في حدوثه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الأصل هو حرمان الموظف من راتبه عن مدة الفصل والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما يقدره مجلس التأديب أو الرئيس المختص إن لم يكن ثمة محاكمة تأديبية، ومتى كان الثابت أن الوزارة رفضت صرف راتب المدعي عن مدة الوقف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصرف هذا المرتب يكون قد صدر على خلاف القانون ويتعين لذلك إلغاؤه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل التظلم للهيئة الإدارية وذلك للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بموضوع الدعوى فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل هو حرمان الموظف أو المستخدم الموقوف عن العمل من راتبه طوال مدة الوقف، والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره المحكمة التأديبية أو الرئيس المختص إن لم تكن ثمة محاكمة تأديبية وذلك في كل حالة بظروفها [(1)]. والحكمة ظاهرة في ترك أمر تقدير صرف المرتب أو صرف جزء منه أو عدم صرف شيء منه إلى رئيس المصلحة في ضوء ملابسات كل حالة وظروفها، وله في ذلك أن يراعي مختلف العناصر الموجبة لما ينتهي إليه تقديره حتى في حالة الحكم بالبراءة؛ إذ البراءة لعدم صحة الاتهام أو لانتفاء التهمة أو لعدم الجناية تختلف عن البراءة المستحقة لعدم كفاية الأدلة أو لبطلان التفتيش، فضلاً عن أن البراءة من التهمة الجنائية لا تستتبع حتماً براءة الموظف من الناحية الإدارية. ولا مشاحة في أن قرار السلطة التأديبية في هذا الصدد يقوم على سلطة تقديرية تنأى عن الرقابة القضائية طالما كانت متفقة مع مبدأ المشروعية وغير متسمة بإساءة استعمال السلطة، بمعنى أن السلطة التقديرية المقررة للإدارة لا تخضع عناصر التقدير فيها للرقابة القضائية وإلا انقلبت رقابة القضاء إلى مشاركة للإدارة في سلطتها المذكورة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن وقف المدعي عن العمل خلال المدة من 18 من ديسمبر سنة 1951 إلى 25 من ديسمبر سنة 1954 صدر مستنداً إلى خطورة الاتهام القائم ضده وبسبب من جانبه لا دخل لجهة الإدارة فيه، فقد كان اتهامه بالتزوير والسرقة مما يدعو بلا ريب إلى الاحتياط والتصون للعمل الموكول إليه بتجريده منه وكف يديه عنه حتى تكشف المحكمة عن سلوكه ما دام قد أحيل للمحاكمة فعلاً عن تلك التهم. وبهذه المثابة فإن وقف الموظف المذكور قد صادف محله وصدر مستنداً إلى ما يبرره بحيث أصبح منعه عن العمل الذي هو - بحسب الأصل - موجب استحقاق المرتب قائماً بسبب من جانبه مما يجيز لجهة الإدارة أن تقرر عدم صرف مرتبه إليه خلال مدة وقفه استناداً إلى السلطة التقديرية الممنوحة لها. وفي ذات الوقت فإنه باستعراض الحكم الجنائي - المودعة صورته ملف الطعن - الصادر ببراءة المدعي يتبين أنه مزج في أسبابه بين نفي التهمة عنه نفياً قاطعاً وبين الاستناد إلى انتفاء ركن الضرر بعد ثبوت واقعة التزوير وتعذر إسناده إليه (تقرير الطبيب الشرعي) مما قد يفهم منه عدم كفاية الأدلة القائمة ضد المتهم من ناحية وعدم جواز العقاب من ناحية أخرى لانتفاء ركن الضرر لوضوح التزوير وضوحاً لا ينطلي على أحد وذلك عند القول بثبوت إسناد التزوير إليه... وهو الأمر الذي لا تستخلص منه هذه المحكمة ثبوت عدم صحة الواقعة المسندة إلى المدعي في الجناية المشار إليها ثبوتاً يقينياً.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم تكون الإدارة قد أعملت سلطتها التقديرية حين حرمت المدعي من مرتبه عن مدة الوقف إعمالاً لا يتسم بإساءة استعمال السلطة ومن ثم لا رقابة للقضاء عليه. وإذ صدر الحكم المطعون فيه بأحقية المدعي في صرف مرتبه عن تلك المدة على غير أساس سليم من القانون لذلك فإنه يتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع حكمي المحكمة الإدارية العليا المنشورين في مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها هذه المحكمة - السنة الأولى - العدد الثالث - مبدأ رقم 101/ 1، 104/ 2.

الطعن 366 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 126 ص 868

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

---------------

(126)
الطعن رقم 366 لسنة 34 القضائية

(أ) إعلان. "إعلان الشخص في الموطن الأصلي". "المحل المختار".
ليس في القانون ما يلزم الخصم المحكوم له إذا غير موطنه بأن يخطر خصمه بموطنه الجديد. وجوب إعلان الخصم في موطنه الأصلي الجديد فإن جهله طالب الإعلان وعجز عن الاهتداء إليه يوجه الإعلان إليه في النيابة بعد أن يذكر في ورقة الإعلان آخر موطن معلوم. صحة إعلان الخصم بمحله المختار إذا كان قد ألغي هذا المحل ولم يخطر خصمه بذلك.
(ب) استئناف. "ميعاد إعلان الاستئناف". "وقف المواعيد".
عدم إعلان الاستئناف في الميعاد بتقصير من المستأنف لا بفعل المستأنف ضده. لا محل لوقف ميعاد الإعلان بسبب القوة القاهرة.
(ج، د) استئناف. "ميعاد التكليف بالحضور". "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". إعلان. بطلان. حكم. "الطعن في الأحكام".
ميعاد الثلاثين يوماً المحدد في المادة 405/ 2 من قانون المرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو ميعاد حضور. عدم مراعاته. جزاؤه اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. حضور المستأنف عليه لا يسقط حقه في طلب توقيع هذا الجزاء. البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة. البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام. عدم زواله بالحضور.

----------------
1 - ليس في القانون ما يلزم الخصم المحكوم له إذا غير موطنه بأن يخطر خصمه بموطنه الجديد وما ورد في المادة 13 من قانون المرافعات من صحة إعلان الخصم بمحله المختار إذا كان قد ألغي هذا المحل ولم يخطر خصمه بذلك إنما يتعلق بالمحل المختار دون الموطن الأصلي وعلى ذلك فإذا استأنف المحكوم عليه الحكم الصادر ضده فإن عليه أن يقوم بإعلان خصمه بالاستئناف في موطنه الجديد في الميعاد القانوني على الرغم من عدم إخطاره بهذا التغيير إذ أنه هو المكلف بموالاة استئنافه واتخاذ إجراءاته في مواعيدها فإن كل يجهل الموطن الجديد لخصمه وعجز عن الاهتداء إليه فما عليه إلا أن يقوم بتوجيه الإعلان إليه في النيابة بعد أن يذكر في ورقة الإعلان آخر موطن معلوم له على ما تقضي به المادة 14/ 11 من قانون المرافعات.
2 - إذا كان عدم إعلان الاستئناف في الميعاد بتقصير من المستأنف لا بفعل المستأنف ضده فلا محل للقول بوقف ميعاد الإعلان بسبب القوة القاهرة.
3 - وإن كان ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 405/ 2 من قانون المرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو ميعاد حضور بصريح النص إلا أن القانون رتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإذا لم يقم المستأنف بتكليف المستأنف عليه بالحضور إلا بعد فوات هذا الميعاد وحضر المستأنف عليه فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في هذه المادة.
4 - البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بالمادة رقم 140 من قانون المرافعات إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أما البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام فلا تسري عليه هذه المادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 610 سنة 1958 مدني كلي سوهاج على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وقالت شرحاً لها إن صديقة هانم علي رشوان حمادي كانت تباشر إجراءات التنفيذ العقاري على أطيان مساحتها 6 ف ضد مدينها الطاعن، وفاء لمبلغ 1607 ج و445 م وذلك في الدعوى رقم 1 سنة 1954 بيوع كلي سوهاج. وكانت المطعون ضدها الأولى تباشر تلك الإجراءات بصفتها وكيلة عن الدائنة صديقه، وأن الطاعن المدين قدم ضمن مستنداته الصورة التنفيذية للحكم رقم 838 سنة 1950 مدني كلي سوهاج المنفذ به ومحرر على ظهرها إقرار مؤرخ 12 يناير سنة 1958 منسوب صدوره من المطعون ضدها الأولى بصفتها وكيلة عن صديقة ويتضمن تنازلها عن الدعوى رقم 1 سنة 1954 بيوع سوهاج واستلامها من الطاعن جميع ما لموكلتها في ذمته وتخالصها من الحكم المنفذ به - ولما كان الإقرار المذكور مزوراً عليها والختم الموقع به عليه ليس ختمها فقد رفعت هذه الدعوى طالبة الحكم برد وبطلان إقرار التنازل المذكور واعتباره كأن لم يكن والأمر بالسير في إجراءات البيع في الدعوى رقم 1 سنة 1954 بيوع كلي سوهاج - وفي 10 إبريل سنة 1963 قضت محكمة سوهاج الابتدائية للمطعون ضدها الأولى بطلباتها. فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 72 سنة 38 ق. دفعت المطعون ضدها الأولى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على أن إعلانها به الذي تم بمكتب الأستاذ أحمد حمادي المحامي بتاريخ 2 مارس سنة 1964 قد وقع باطلاً عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات لأنها لم تتخذ من ذلك المكتب محلاً مختاراً لها كما أن هذا الإعلان قد تم بعد ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 405 من قانون المرافعات. وطلب الطاعن رفض هذا الدفع تأسيساً على أنه قدم صحيفة الاستئناف لقلم المحضرين في ميعاد الستين يوماًً المنصوص عليه في المادة 402 مرافعات وأنه لم يقصر في اتخاذ إجراءات إعلان هذه الصحيفة وأنه لم يعلنها بمحلها المختار وهو مكتب محاميها الأستاذ أحمد حمادي إلا بعد أن عجز عن الاهتداء إلى موطنها الأصلي. وفي 6 إبريل سنة 1964 أخذت محكمة الاستئناف بالدفع الذي أبدته المطعون ضدها الأولى وقضت باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبتقرير تاريخه 2 يونيه سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل الأول والثالث منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الثابت بصحيفة الدعوى الابتدائية أن المطعون ضدها تقيم بناحية بلصفورة مركز سوهاج وليس في الأوراق ما يفيد أنها غيرت موطنها المذكور والثابت من صحيفة الاستئناف أنه "الطاعن" وجه الإعلان إليها في هذا الموطن في الميعاد المنصوص عليه في المادة 405 مرافعات وأثبت المحضر في محضره أن شيخ البلدة أخبره بأن المطعون ضدها غيرت محل إقامتها وأنها تقيم بالقاهرة بمحل عينه شيخ البلدة وأثبته المحضر في محضره ولما وجه الطاعن الإعلان إليها في هذا المحل الأخير في الميعاد تبين أنه محل وهمي لا وجود له فاضطر لإعلانها بمكتب محاميها الأستاذ أحمد حمادي الذي اتخذته محلاً مختاراً لها في صحيفة دعواها وإن كان هذا الإعلان قد تم بعد الميعاد إلا أنه بما اتخذه من إجراءات في سبيل إعلانها يكون قد قدم بما يفرضه عليه القانون وأن عدم إتمام الإعلان خلال الميعاد قد نتج عن تغيير المطعون ضدها لمحل إقامتها وهذا التغيير لا يجوز أن يضر بحقوقه طالما أنها لم تخطره به وبذلك تكون المطعون ضدها هي التي تسببت بفعلها وبغش منها في عدم إتمام الإعلان في الميعاد وهو سبب خارج عن إرادته ويأخذ حكم القوة القاهرة ويترتب عليه وقف سريان الميعاد ويرى الطاعن أن الحكم المطعون فيه إذ أغفل عن هذا الواقع الثابت في الدعوى واعتبر إعلان المطعون ضدها الأولى في محلها المختار الحاصل في 3 مارس سنة 1964 باطلاً وقضي على هذا الأساس باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله كما شابه قصور في التسبيب يبطله.
ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك بقول الطاعن إن الميعاد المنصوص عليه في المادة 405 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو ميعاد تكليف بالحضور وليس ميعاداً لاتخاذ إجراء مكمل لإجراءات الاستئناف كالميعاد الذي كانت تنص عليه المادة 406 مكرر مرافعات التي ألغاها القانون رقم 100 سنة 1962 يؤكد ذلك أن المشرع في المادة 405 مرافعات أحال على المادة 77 مرافعات الخاصة بإعلان صحيفة الدعوى ويترتب على اعتبار ذلك الميعاد ميعاد تكليف بالحضور أن البطلان الذي يشوب إعلان الاستئناف يزول بحضور المستأنف عليه عملاً بالمادة 140 من قانون المرافعات. ولما كان الثابت أن المطعون ضدها الأولى قد حضرت أمام محكمة الاستئناف بجلسة 5 مارس سنة 1964 بعد إعلانها بصحيفته في مكتب الأستاذ أحمد حمادي المحامي فإن هذا الإعلان إن صح أنه شابه البطلان بسبب عدم توجيهه إليها في موطنها الأصلي فإن هذا العيب قد زال بحضور المطعون ضدها أمام محكمة الاستئناف وبالتالي فإن حقها في الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن يكون قد سقط بحضورها. وإذ كانت محكمة الاستئناف حين قبلت منها هذا الدفع وقضت باعتبار الاستئناف كأن لم يكن قد اعتبرت أن إعلان صحيفة الاستئناف في الميعاد المنصوص عليه في المادة 405 من قانون المرافعات هو إجراء من إجراءات الاستئناف مماثلاً للإجراء الذي كانت تنص عليه المادة 406 مكرر من قانون المرافعات قبل إلغائها بالقانون رقم 100 سنة 1962 ولم تعتبره ميعاد تكليف بالحضور. وقد جرها هذا الخطأ إلى عدم تطبيق المادة 140 من قانون المرافعات فإن حكمها يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي بالسببين الأول والثالث غير سديد ذلك أنه وإن كان الثابت بصحيفة دعوى المطعون ضدها الأولى أن موطنها بناحية بلصفورة مركز سوهاج وليس في الأوراق ما يفيد أنها أخطرت الطاعن بتغيير هذا الموطن إلا أنه ليس في القانون ما يلزم الخصم المحكوم له إذا غير موطنه بأن يخطر خصمه بموطنه الجديد وما ورد في المادة 13 من قانون المرافعات من صحة إعلان الخصم بمحله المختار إذا كان قد ألغي هذا المحل ولم يخطر خصمه بذلك إنما يتعلق بالمحل المختار دون الموطن الأصلي. وعلى ذلك فإذا استأنف المحكوم عليه الحكم الصادر ضده فإن عليه أن يقوم بإعلان خصمه بالاستئناف في موطنه الجديد في الميعاد القانوني على الرغم من عدم إخطاره بهذا التغيير إذ أنه هو المكلف بموالاة استئنافه واتخاذ إجراءاته في مواعيدها فإن كان يجهل الموطن الجديد لخصمه وعجز عن الاهتداء إليه فما عليه إلا أن يقوم بتوجيه الإعلان إليه في النيابة بعد أن يذكر في ورقة الإعلان آخر موطن معلوم له على ما تقضي به المادة 14/ 11 من قانون المرافعات. ولما كان الثابت بصحيفة الاستئناف أنها قدمت لقلم المحضرين في 30 إبريل سنة 1963 وأن الطاعن وجه الإعلان إلى المطعون ضدها الأولى بناحية بلصفورة بتاريخ 16 مايو سنة 1963 ولكن هذا الإعلان لم يتم لما تبين للمحضر من أن المطعون ضدها تقيم بالقاهرة بعنوان ذكره شيخ البلدة له وأثبته هو في محضره فأعاد الطاعن توجيه الإعلان إليها بتاريخ 26 مايو سنة 1963 ولم يتم الإعلان أيضاً في هذا التاريخ لعدم الاستدلال على المحل المطلوب إعلان المطعون ضدها الأولى فيه وأخيراً وبتاريخ 3 مارس سنة 1964 وبعد فوات ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة 405/ 2 من قانون المرافعات أعلن الطاعن المطعون ضدها الأولى بمكتب محاميها الأستاذ أحمد حمادي بسوهاج - وقد خلت أوراق الملف مما يفيد قيام الطاعن بإعلان المطعون ضدها الأولى بصحيفة الاستئناف في الميعاد للنيابة على النحو المبين في المادة 14/ 11 من قانون المرافعات - لما كان ذلك فإن الطاعن لا يكون قد قام بما يوجبه عليه القانون في سبيل إعلان المطعون ضدها الأولى بالاستئناف وتكليفها بالحضور خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين ويكون عدم الإعلان في الميعاد بتقصير منه وليس بفعل المطعون ضدها الأولى وبالتالي فلا يكون هناك محل لقول الطاعن بوقف ميعاد الإعلان بسبب القوة القاهرة.
والنعي بالسبب الثالث مردود بأنه وإن كان ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليه في المادة 405/ 2 من قانون المرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 100 سنة 1962 هو ميعاد حضور بصريح النص إلا أن القانون رتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإذا لم يقم المستأنف بتكليف المستأنف عليه بالحضور إلا بعد فوات هذا الميعاد وحضر المستأنف عليه فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في هذه المادة ولا محل لما يقوله الطاعن من أن حضور المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الاستئناف قد أزال البطلان الذي شاب إعلانها بصحيفة الاستئناف عملاً بالمادة 140 مرافعات ذلك أن البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بتلك المادة إنما هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان الحكمة أو تاريخ الجلسة أما البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام فلا تسري عليه هذه المادة - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بهذا النظر لا يكون مخطئاً في القانون ويكون النعي عليه في جميع ما تضمنته أسبابه على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 475 لسنة 5 ق جلسة 26 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 30 ص 201

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

----------------

(30)

القضية رقم 475 لسنة 5 القضائية

حكم - حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء - حجية عينية - علة ذلك - مدى الإلغاء - الإلغاء قد يكون كاملاً أو جزئياً - تحديد هذا المدى بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها - نتائج هذه الحجية - الحكم باعتبار الدعوى الثانية بإلغاء ذات القرار غير ذات موضوع.
إن حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء وفقاً لحكم المادة 17 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بتنظيم مجلس الدولة التي رددتها المادة 20 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة التي تنص على أنه "تسري في شأن الأحكام جميعها القواعد الخاصة بقوة الشيء المقضى به على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة" هي حجة عينية كنتيجة طبيعية لإعدام القرار الإداري في دعوى هي في حقيقتها اختصام له في ذاته، إلا أن مدى الإلغاء يختلف بحسب الأحوال فقد يكون شاملاً لجميع أجزاء القرار وهذا هو الإلغاء الكامل، وقد يقتصر الإلغاء على جزء منه دون باقيه وهذا هو الإلغاء الجزئي، كأن يجري الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية. وغني عن البيان أن مدى الإلغاء أمر يحدد بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها. فإذا صدر الحكم بالإلغاء كلياً كان أو جزئياً فإنه يكون حجة على الكافة، وعلة ذلك أن الخصومة الحقيقية في الطعن بالإلغاء تنصب على القرار الإداري ذاته وتستند على أوجه عامة حددها القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بتنظيم مجلس الدولة في المادة الثامنة منه بأنها "عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة"، وكل وجه منها له من العموم في حالة قبول الطعن ما يجعل القرار المطعون فيه باطلاً لا بالنسبة للطاعن وحده، بل بالنسبة للكافة، فهو بطلان مطلق.
وما من شك في أن المساواة بين الأفراد والجماعات في تطبيق القواعد العامة المستفادة من حكم الإلغاء تقتضي وجوباً أن يكون حكم الإلغاء حجة على الكافة حتى يتقيد الجميع بآثاره.
وينبني على ما تقدم أنه إذا ألغى مجلس الدولة قراراً إدارياً ثم أقام طاعن آخر دعوى أخرى أمام مجلس الدولة بإلغاء ذات القرار كانت الدعوى الثانية غير ذات موضوع، باعتبار ذلك إحدى نتائج الحجية المطلقة للشيء المقضى به في حكم الإلغاء، وكذلك من لم يختصم في الدعوى تصيبه آثار الحكم بالإلغاء بوصف أنه من الكافة وتكون الإدارة على صواب في تطبيقه في شأنه، ذلك لأن دعوى الإلغاء أشبه بدعوى الحسبة يمثل فيها الفرد مصلحة المجموع.


إجراءات الطعن

في يوم 9 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة الترقيات والتعيينات) بجلسة 8 من يناير سنة 1959 في القضية رقم 1066 لسنة 10 القضائية المقامة من سعد محمد سعد ضد وزارة العدل ورئيس محكمة استئناف القاهرة والقاضي "بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات". وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 29 من أكتوبر سنة 1953 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية، وإلزام الحكومة بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن للحكومة في 8 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 10 من يونيه سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من مايو سنة 1960. وفي 10 من مايو سنة 1960 أخطرت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة، ثم قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 29 من أكتوبر سنة 1960، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أودع في 24 من ديسمبر سنة 1953 سكرتيرية اللجنة القضائية لوزارة العدل تظلماً ضمنه طلب إلغاء القرار الوزاري رقم 663 الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1953 لتخطيه في الترقية من الدرجة الثامنة إلى الدرجة السابعة. وقال شرحاً لتظلمه إنه عين في 3 من يناير سنة 1948 في وظيفة كتابية بالدرجة الثامنة بمحكمة استئناف أسيوط. وفي 14 من ديسمبر سنة 1950 عقدت لجنة شئون موظفي محاكم الاستئناف امتحاناً تحريرياً لموظفي الدرجة الثامنة بالمحاكم المذكورة توطئة للترقية للدرجة السابعة طبقاً لقانون نظام القضاء، ويذكر أنه كان من بين الموظفين الذين تقدموا لأداء هذا الامتحان، وقد اجتاز الامتحان التحريري بنجاح غير أنه منع من أداء الامتحان الشفوي. وفي 29 من أكتوبر سنة 1953 صدر القرار الوزاري رقم 663 بترقية موظفين أحدث منه عهداً بالخدمة. ويعيب على هذا القرار مخالفته القانون.
وردت محكمة استئناف مصر على التظلم بأن المدعي أدى الامتحان التحريري ورسب فيه؛ لذلك لم يدخل الامتحان الشفهي ولم يدرج اسمه في كشف ترتيب المرشحين للترقية من الدرجة الثامنة للدرجة السابعة طبقاً لقانون نظام القضاء. وفي 28 من مارس سنة 1954 قررت اللجنة القضائية رفض التظلم وإلزام المتظلم بالرسوم المستحقة قانوناً، واستندت في ذلك إلى أن المادتين 53، 57 من القانون رقم 147 لسنة 1949 في شأن نظام القضاء تتضمنان أنه لا يجوز ترقية من عين كاتباً من الدرجة التي عين فيها للدرجة التي تليها إلا إذا حسنت الشهادة في حقه ونجح في امتحان فيه كتابة وشفاهاً وأن يرتب الناجحون حسب درجات نجاحهم، وتكون الترقية على أساس هذا الترتيب. وإذ لم يؤد المتظلم الامتحان المنصوص عليه في القانون المشار إليه فلا تجوز ترقيته للدرجة التالية لدرجة تعيينه إلا إذا اجتاز الامتحان المشار إليه كتابة وشفاهاً؛ وذلك عملاً بصريح النص الوارد بالمادتين السالف ذكرهما. وفي 24 من يناير سنة 1956 بلغت اللجنة القضائية قرارها لكل من الطرفين. وفي 8 من مارس سنة 1956 طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية طالباً إلغاءه والحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 663 الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1953 المتضمن تخطيه في الترقية من الدرجة الثامنة إلى الدرجة السابعة. وقال شرحاً لدعواه إنه عين في 3 من يناير سنة 1948 في الدرجة الثامنة بمحكمة استئناف أسيوط. وبتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1950 عقدت لجنة شئون موظفي محاكم الاستئناف امتحاناً تحريرياً لموظفي الدرجة الثامنة بالمحاكم المذكورة توطئة للترقية للدرجة السابعة طبقاً للمواد 51 وما بعدها من قانون نظام القضاء وتقدم للامتحان التحريري ولم يطلب لأداء الامتحان الشفوي دون مبرر قانوني؛ ذلك لأن المادة 57 من قانون نظام القضاء وجدت درجة النجاح فجعلتها عبارة عن مجموع درجتي التحريري والشفوي، ثم صدر القرار المطعون فيه بترقية بعض زملائه ممن يلونه في الأقدمية وقد تظلم إلى اللجنة القضائية غير أنها رفضت تظلمه.
وأجابت الوزارة بأن المدعي عين بالدرجة الثامنة بمحكمة استئناف أسيوط بتاريخ 3 من يناير سنة 1948 وتطبيقاً لنص المادتين 53، 57 من القانون رقم 147 لسنة 1949 عقدت محاكم الاستئناف امتحاناً لموظفي الدرجة الثامنة تمهيداً لترقيتهم للدرجة السابعة وتقدم الطالب لأداء الامتحان التحريري وحصل على الدرجات الآتية:
19 درجة في المرافعات، 6 درجات في المدني، 24 درجة في الرسوم، 30 درجة في التجاري، 18 درجة في الدمغة والمنشورات، 26 درجة في الخط.
وكانت النهاية القصوى لكل مادة من هذه المواد 30 درجة.
وبما أنه لم يحصل على 40% في القانون المدني كنص المادة 57 فإن المحكمة لم تسمح له بدخول الامتحان الشفوي لرسوبه في الامتحان التحريري، كما ذكرت الوزارة أنه لما تمت ترقية الناجحين في هذا الامتحان أجرت محاكم الاستئناف امتحاناً آخر وتقدم إليه المدعي وأدى الامتحان التحريري والشفوي ونجح وحصل على 39 درجة من 60.
وبجلسة 8 من يناير سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي لا يعتبر ناجحاً في الامتحان وهو الشرط الذي أوجبه القانون للترقية لأنه لم يؤد الامتحان الشفوي، وعلى ذلك فلم يكن جائزاً ترقيته بالقرار المطعون فيه، وأما كون جهة الإدارة هي التي منعته من تأدية الامتحان الشفوي خطأ منها كما يقول، فإن ذلك لا يغير من الواقع في شيء وهو عدم نجاحه في الامتحان لإمكان ترقيته أما إذا كان هناك خطأ قد وقع من جهة الإدارة ترتب عليه عدم تأديته الامتحان الشفوي مما اعتبر معه راسباً وبالتالي عدم ترقيته بالقرار المطعون فيه، فإن إثارة مثل هذا القول لا يكون موضعه هذه الدعوى؛ ومن ثم تكون اللجنة القضائية إذ انتهت إلى رفض التظلم قد أصاب قرارها المطعون فيه وجه الحق والقانون، ويتعين بذلك الحكم برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية مع إلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه طبقاً للمادة 55 من قانون نظام القضاء يكون الامتحان تحريرياً وشفوياً في المواد الآتية:
(1) ما يتعلق بعمل الكاتب في قانون المرافعات والقانون المدني والقانون التجاري.
(2) قوانين الرسوم والدمغة.
(3) المنشورات المعمول بها في المحاكم.
(4) الخط.
ويتضح من هذه المادة أن المشرع جعل مواد الامتحان أربعاً، وأن الأولى منها تضم ما يتعلق بعمل الكاتب في قوانين المرافعات والمدني والتجاري فلا يسوغ اعتبار كل منها مادة مستقلة، كما أنه جعل تحديد الحد الأدنى شاملاً للامتحانين التحريري والشفوي فيها. كما أنه وفقاً للمادة 57 من قانون نظام القضاء تقدر لكل مادة من مواد الامتحان التحريري والشفوي 30 درجة وتكون درجة النجاح 40% من مجموعها على ألا يقل ما يحصل عليه الموظف في كل المواد عن 60% من مجموع الحد الأقصى.
ولما كان يتضح من إجابة وزارة العدل أن المدعي حصل على 19 درجة في المرافعات و6 درجات في المدني و30 درجة في التجاري؛ فمن ثم يكون قد حصل على أكثر من 40% في المادة الأولى التي تضم ما يتصل بعمل الكاتب من القوانين، كما يبين من هذه الإجابة أيضاً أنه حصل على 24 درجة في الرسوم و18 درجة في الدمغة والمنشورات و26 درجة في الخط، ومن ثم يعتبر المدعي ناجحاً في هذا الامتحان على فرض استقلال الامتحان التحريري عن الشفوي وما كان يسوغ للجهة الإدارية حرمان المدعي من أداء الامتحان الشفوي لانعدام سببه.
ولما كانت الترقية على أساس ترتيب درجات الامتحان ممتنعة بالنسبة للمدعي بسبب خارج عن إرادته هو حرمان الحكومة له من أداء الامتحان الشفوي لسبب خاطئ ولا يجوز أن يضار المدعي من هذا الحرمان وما دام القرار المطعون فيه قد تخطى المدعي بمن يلونه لذلك يكون القرار قد خالف القانون وأنه فضلاً عن ذلك فقد اتضح من إجابة الجهة الإدارية أن المدعي تقدم للامتحان التالي ونجح في التحريري والشفوي.
ثم أودعت الوزارة مذكرة مؤرخة 27 من يوليه سنة 1960 ضمنتها أن قواعد امتحان موظفي المحاكم تحكمها المواد من 53 إلى 57 من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء وأن المادة 57 من القانون المذكور قد حددت لكل مادة من مواد الامتحان ثلاثين درجة وتكون درجة النجاح 40%، وتذكر الجهة الإدارية أن المدعي لم يحصل على هذه النسبة في مادة القانون المدني واعتبر بذلك راسباً ولم يكن هناك بعد ذلك داع لأدائه الامتحان الشفوي.
ومن حيث إنه ولئن كان الأمر على ما سلف إيضاحه غير أنه لما كان يبين من الاطلاع على ملف القضية رقم 19 لسنة 3 القضائية "محكمة القضاء الإداري" التي قررت هذه المحكمة ضمها أن الهيئة الثالثة (ب) قضت بجلسة 3 من إبريل سنة 1958 أي قبل صدور الحكم المطعون فيه في الدعوى المرفوعة من كامل محمد أحمد شعيب ضد وزارة العدل ورئيس محكمة استئناف القاهرة بشأن امتحان الترقية ذاته "التحريري" وقرار الترقية المطعون فيه الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1953 موضوع الطعن الحالي بأن تحديد الحكومة 90 درجة للامتحان في قانون المرافعات والقانون المدني والقانون التجاري واعتبار كل منها مادة مستقلة يبعد عن حكم المادة 57 من القانون رقم 147 لسنة 1949 واعتبرت المحكمة هذه المواد الثلاث وحدة واحدة وقالت المحكمة إنه طالما أن المدعي (كامل محمد أحمد شعيب) قد حصل في الامتحان الخاص بهذه القوانين على 65 درجة من 90 وعلى ذلك فيكون قد حصل في الامتحان فيها على 3/ 2، 21 فيما لو قدر لها 30 درجة باعتبارها وحدة واحدة طبقاً لحكم القانون. وانتهت المحكمة إلى اعتبار المدعي - كامل محمد أحمد شعيب - ناجحاً في تلك المادة على خلاف ما اعتبرته الحكومة راسباً فيها، وقالت إنه ما كان يسوغ للجهة الإدارية حرمان المدعي من الامتحان الشفوي. واستطردت المحكمة إلى القول بأنه لما كانت الترقية على أساس ترتيب درجات النجاح ممتنعة بالنسبة للمدعي كامل محمد أحمد شعيب بسبب خارج عن إرادته هو حرمان الحكومة له من أداء الامتحان الشفوي لسبب خاطئ كما ذكر فيما تقدم، فلا يجوز أن يضار المدعي بهذا الحرمان وما دام القرار المطعون فيه قد تخطى المدعي في الترقية بترقية فوزي علي منصور إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 29 من أكتوبر سنة 1953 مع أن المدعي أقدم منه في الدرجة الثامنة ويتفوق عليه في مجموع درجات الامتحان التحريري، ومن ثم يكون هذا القرار قد خالف القانون بترقية الموظف المتقدم ذكره دون المدعي ويتعين لذلك الحكم بإلغائه في الحدود المتقدمة، وتقول المحكمة من حيث إنه ثابت في قول الحاضر عن المدعي في الجلسة المنعقدة في 23 من يناير سنة 1958 أن المدعي قد رقي إلى الدرجة السابعة في أكتوبر سنة 1956 ولهذا فهو يطلب تعديل أقدميته في الدرجة السابعة وقد صادق مندوب الحكومة على ترقية المدعي ومن ثم تحقيق طلبات المدعي في الحكم بإرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه. كما تقول المحكمة من حيث إن اللجنة القضائية قد أصدرت قرارها برفض تظلم المدعي في حين أنه كان على حق قانوني فيه وذلك للأسباب المتقدم ذكرها، وانتهت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة ب) إلى القول "ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة السابعة راجعة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه رقم 663 الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1953 وبما يترتب على ذلك من آثار" - وقد أصبح ذلك الحكم نهائياً له قوة الشيء المقضى به لعدم الطعن فيه في الميعاد.
ومن حيث إن حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء وفقاً لحكم المادة 17 من القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بتنظيم مجلس الدولة التي رددتها المادة 20 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة التي تنص على أنه "تسري في شأن الأحكام جميعها القواعد الخاصة بقوة الشيء المقضى به على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة" هي حجية عينية كنتيجة طبيعية لإعدام القرار الإداري في دعوى هي في حقيقتها اختصام له في ذاته، إلا أن مدى الإلغاء يختلف بحسب الأحوال فقد يكون شاملاً لجميع أجزاء القرار وهذا هو الإلغاء الكامل، وقد يقتصر الإلغاء على جزء منه دون باقيه وهذا هو الإلغاء الجزئي، كأن يجري الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية - وغني عن البيان أن مدى الإلغاء أمر يحدد بطلبات الخصوم وما تنتهي إليه المحكمة في قضائها. فإذا صدر الحكم بالإلغاء كلياً كان أو جزئياً فإنه يكون حجة على الكافة، وعلة ذلك أن الخصومة الحقيقية في الطعن بالإلغاء تنصب على القرار الإداري ذاته وتستند على أوجه عامة حددها القانون رقم 165 لسنة 1955 الخاص بتنظيم مجلس الدولة في المادة الثامنة منه بأنها: "عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة" - وكل وجه منها له من العموم في حالة قبول الطعن ما يجعل القرار المطعون فيه باطلاً لا بالنسبة للطاعن وحده، بل بالنسبة للكافة فهو بطلان مطلق.
وما من شك في أن المساواة بين الأفراد والجماعات في تطبيق القواعد العامة المستفادة من حكم الإلغاء تقتضي وجوباً أن يكون حكم الإلغاء حجة على الكافة حتى يتقيد الجميع بآثاره.
وينبني على ما تقدم أنه إذا ألغى مجلس الدولة قراراً إدارياً ثم أقام طاعن آخر دعوى أخرى أمام مجلس الدولة بإلغاء ذات القرار كانت الدعوى الثانية غير ذات موضوع باعتبار ذلك إحدى نتائج الحجية المطلقة للشيء المقضى به في حكم الإلغاء وكذلك من لم يختصم في الدعوى تصيبه آثار الحكم بالإلغاء بوصف أنه من الكافة وتكون الإدارة على صواب في تطبيقه في شأنه، ذلك لأن دعوى الإلغاء أشبه بدعوى الحسبة يمثل فيها الفرد مصلحة المجموع [(1)].
ومن حيث إنه لذلك يتعين البحث فيما إذا كان الحكم الصادر في الدعوى رقم 19 لسنة 3 القضائية الذي حاز قوة الشيء المقضى به لعدم الطعن فيه يفيد منه المدعي في الدعوى الحالية.
ومن حيث إن الطلبات في الدعوى رقم 19 لسنة 3 القضائية هي اعتبار قانون المرافعات والقانون المدني والقانون التجاري وحدة واحدة، وأنه ما كان يسوغ للجهة الإدارية حرمان من ينجح في هذه الوحدة الواحدة ككل من أداء الامتحان الشفوي ولا يجوز أن يضار بهذا الحرمان واعتباره ناجحاً، وذلك للوصول إلى إلغاء قرار الترقية رقم 663 الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية.
ومن حيث إن هذه الدعوى في تكييفها القانوني الصحيح هي دعوى إلغاء تنصب على قرار الوزير في شأن الترقيات المشار إليها، وقد بدأ المدعي في الدعوى الحالية بطلب هذا الأثر فهو يستهدف إلغاء هذا القرار في عموم دعواه. ومحكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة ب) إذ انتهت في قضائها في الدعوى رقم 19 لسنة 3 القضائية إلى الاستجابة لطلبات المدعي كامل محمد أحمد شعيب إنما قضت بالحكم بالإلغاء.
ومن حيث إن حكم الإلغاء - كما سلف - يعتبر حجة على الكافة يفيد منه من طلب الإلغاء ومن لم يطلبه، ما دام سبب الإلغاء سبباً شاملاً عاماً يمس القرار في أساسه ولم يقم على خصوصية معينة يختص بها طالب الإلغاء ولا تقوم بالنسبة لغيره. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد صدر بجلسة 8 من يناير سنة 1959 بعد ما أصبح الحكم، الصادر في 3 من إبريل سنة 1958 في الدعوى رقم 19 لسنة 3 القضائية المشار إليها، نهائياً لعدم الطعن فيه في الميعاد - قد انتهى إلى نتيجة غير مطابقة للقانون، فيتعين إلغاؤه احتراماً لحجية الشيء المقضى به.
ومن حيث إن المدعي حصل على 19 درجة في قانون المرافعات، 6 في القانون المدني، 30 في القانون التجاري فعلى ذلك يكون المدعي قد حصل في الامتحان فيها على 3/ 1، 18 فيما لو قدر لها 30 درجة باعتبارها وحدة واحدة - كما انتهى الحكم في القضية رقم 19 لسنة 3 القضائية - ومن ثم يعتبر المدعي ناجحاً في تلك المادة.
ومن حيث إن المدعي قد رقي إلى الدرجة السابعة بالقرار الوزاري رقم 400 سنة 1956 الصادر بتاريخ 30 من إبريل سنة 1956 فلا يبقى بعد ذلك سوى اعتبار أقدمية المدعي راجعة في تلك الدرجة إلى التاريخ المحدد في القرار المطعون فيه رقم 663 الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار اللجنة القضائية وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة السابعة الكتابية راجعة إلى 29 من أكتوبر سنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق، وألزمت الحكومة بالمصروفات.


راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 214 لسنة 3 القضائية بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1958 المنشور بمجموعة السنة الرابعة العدد الأول ص 93.

الطعن 335 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 125 ص 862

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-----------------

(125)
الطعن رقم 335 لسنة 34 القضائية

تقادم. "تقادم مسقط". قطع التقادم". "الإقرار".
إقرار المدين بحق الدائن صراحة أو ضمناً يقطع التقادم. إيداع المدين الدين خزانة المحكمة يتضمن الإقرار بحق الدائن وبالتالي يقطع التقادم. انتهاء هذا الأثر بسحب المودع للوديعة.

---------------
ينقطع التقادم - على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - في ظل القانون المدني الملغي وطبقاً للمادة 384 من القانون المدني الجديد - إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً. وإيداع المدين الدين خزانة المحكمة لذمة الدائن يتضمن إقراراً من الأول بحق الثاني وبالتالي يقطع التقادم ويظل أثر هذا الإيداع في قطع التقادم مستمراً طوال مدة الإيداع ولا ينتهي هذا الأثر إلا بسحب المودع لوديعته إذ في هذا الوقت فقط ينتهي الإقرار بالحق ويبدأ تقادم جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن عبد الرحيم أحمد الكلاف وآخرين أقاموا الدعوى رقم 645 سنة 1952 كلي الإسكندرية على مدير البحيرة بصفته رئيساً لمجلس بلدى دمنهور وعلى وزير الشئون البلدية والقروية بصفته اللذين حل محلهما الطاعنان بطلب الحكم على الأول في مواجهة الثاني بأن يدفع لهم مبلغ 70277 ج و350 م قيمة نصيبهم البالغ 4018 متراً في القطعتين المشار إليهما بالعريضة والبالغ مساحتهما 5185 متراً وقيمة باقي ريع هذا المقدار وتعويض الغصب والإتلاف وثمن الأنقاض بعد خصم 250 ج موضوع القضيتين المرفوعتين أمام المحكمة المختلطة وذلك من تاريخ الاغتصاب الحاصل في سنة 1931 حتى رفع الدعوى كل بحسب نصيبه وقد قضت تلك المحكمة في 15 يناير سنة 1954 بندب خبير لتطبيق حجة البيع المؤرخة 28/ 1/ 1891 على الطبيعة واستنزال مساحة ما بها من طرق خصوصية وقت البيع وتقدير ثمن المتر من الباقي وقت صدور مرسوم نزع الملكية في 29/ 10/ 1929 وجملة الثمن مع مراعاة صقع الأرض في ذلك الوقت وموقعها ورغبات الراغبين فيها والحالة الاقتصادية السائدة في ذلك الوقت وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريراً في 21/ 5/ 1957 انتهى فيه إلى أن أرض النزاع مملوكة لمورث المدعين المرحوم أحمد محمد الكلاف بالحجة المؤرخة 28/ 1/ 1891 وأن جميع الشوارع المحيطة بها عمومية وغير خصوصية وأن ثمن المتر المربع الواحد منها يبلغ 1 ج و156 م - تدخل ورثة المرحوم عبد الله أحمد الكلاف "المطعون ضدهم" في 19 من أكتوبر سنة 1959 طالبين الحكم لهم بحصتهم في ثمن الأرض المنزوع ملكيتها وقدرها 17499 ج و375 م مع الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد فدفع الطاعنان بسقوط حق المتدخلين بالتقادم لمضي أكثر من خمسة عشر عاماً بين تاريخ صدور مرسوم نزع الملكية في 29/ 10/ 1929 وتاريخ مطالبتهم بحصتهم في 19/ 1/ 1959 وبتاريخ 29 فبراير سنة 1960 قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليه الأول بصفته رئيساً لمجلس بلدى دمنهور بأن يدفع للمدعين من التاسع للثامنة عشرة المتدخلين "المطعون ضدهم" مبلغ 1343 ج و272 م وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً ابتداء من 2/ 10/ 1931 حتى الوفاء. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 513 سنة 16 ق طالبين إلغاءه والقضاء برفض دعوى المستأنف ضدهم وبتاريخ 23 مارس سنة 1964 قضت تلك المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتقرير تاريخه 21 مايو سنة 1964 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدم وكيل المطعون ضدهم مذكرتين طلب في الأولى الحكم أصلياً باعتبار الطعن كأن لم يكن لعدم إعلانه لجميع المطعون ضدهم إعلاناً صحيحاً ولعدم إيداع تقرير الطعن في الميعاد المنصوص عنه في المادة 432 من قانون المرافعات واحتياطياً رفض الطعن واقتصر في الثانية على طلب رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظره.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان الطعن لعدم إعلانه للمطعون ضدهم إعلاناً صحيحاً ولعدم إيداع ورقة إعلان الطعن في الميعاد المنصوص عنه في المادة 432 من قانون المرافعات فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن الطاعنين قد أعلنا الطعن للمطعون ضد الأول والرابعة والخامسة في 4 و5 من أغسطس سنة 1965 أي في الخمسة عشر يوماً التالية ليوم 22 يوليه سنة 1965 تاريخ نشر القانون رقم 43 سنة 1965 ثم أعلناه لباقي المطعون ضدهم في 24 و25 و27 من مايو سنة 1967 أي في الخمسة عشر يوماً التالية ليوم 11 مايو سنة 1967 تاريخ نشر القانون رقم 4 سنة 1967 - وكانت المادة الثانية من القانون رقم 4 سنة 1967 قد نصت على أنه لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وأوجبت تصحيح ما لم يصح من الإجراءات وفقاً لحكم هذه الفقرة وفي المواعيد المقررة قانوناً وذلك ابتداء من تاريخ نشر هذا القانون فإن إعلان من عدا المطعون ضدهم الأول والرابعة والخامسة يكون قد تم في الميعاد الذي افتتحته هذه المادة وإذ كان إعلان المطعون ضدهم الأول والرابعة والخامسة قد تم أيضاً في الميعاد الأصلي وكان الطاعنان قد أودعا في 31 مايو سنة 1967 أصل ورقة إعلان الطعن للمطعون ضدهم فإن الدفع يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبين ينعى الطاعنان في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم في المطالبة بالتعويض عن حصة مورثهم في الأرض المنزوعة ملكيتها بالتقادم على نظر حاصله أنهم أقاموا الدعوى رقم 1378 سنة 56 ق مختلط على الجهة نازعة الملكية بطلب إعادة وضع يدهم وتعويض عن الاستيلاء عليها دون اتخاذ الإجراءات التي نص عليها قانون نزع الملكية وأن هذه الدعوى قد قطعت التقادم لأنه لم يفصل فيها نهائياً إلا في 26/ 11/ 1953 في الاستئناف رقم 237 سنة 1952 مدني مستأنف الإسكندرية كما وأن موافقة المجلس البلدي على الثمن الذي قدره خبير الدعوى للمتر الواحد وإيداع المجلس ثمن الأرض خزانة المحكمة لحساب المطعون ضدهم يعتبر إقراراً بالحق وتنازلاً عن التمسك بالتقادم الذي وقع ويرى الطاعنان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه غير صحيح في القانون إذ أن الدعوى رقم 11378 سنة 56 ق مختلط واستئنافها لا يقطعان التقادم لأن هذه الدعوى لا تتعلق بالحق موضوع النزاع إذ تبلغ مساحة الأرض المنزوع ملكيتها 5185 متراً مربعاً عبارة عن قطعتين مساحة الأولى منهما 2316.5 متراً مربعاً ومساحة الثانية 2868.75 متراً مربعاً ولقد رفعت الدعوى رقم 11378 سنة 56 ق بطلب استرداد الحيازة وبالتعويض عن القطعة الأولى وحدها بينما رفعت الدعوى رقم 3793 سنة 58 ق واستئنافها رقم 1072 سنة 58 ق بطلب استرداد الحيازة وبالتعويض عن القطعة الثانية إلا أنه قضى بشطب هذا الاستئناف الأخير في 26/ 4/ 37 ولم يتخذ المطعون ضدهم أي إجراء قانوني لتجديده وبذلك فقد زال أثر الانقطاع من هذا التاريخ وبدأ تقادم جديد وإذ كانت مطالبة المطعون ضدهم بالتعويض عن حصتهم في الأرض المنزوعة ملكيتها قد حصلت في 19/ 10/ 59 فإن حقهم في هذه المطالبة يكون قد سقط بالتقادم ويكون الحكم إذ خالف هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون كما أنه قد أخطأ فيما قرره من أن موافقة مجلس بلدى دمنهور على الثمن الذي قدره الخبير للمتر الواحد وإيداعه ثمن هذه الأرض خزانة المحكمة يعتبر إقراراً منه بحق المطعون ضدهم في الدين وتنازلاً عن التقادم المسقط إذ أن موافقة المجلس على تقدير الخبير لثمن المتر من الأرض المنزوعة ملكيتها قد تمت في المذكرة المقدمة منه لمحكمة أول درجة بجلسة 21/ 1/ 1958 قبل تاريخ تدخل المطعون ضدهم ومن ثم فلا أثر لهذه الموافقة بالنسبة لهم خاصة وأن المجلس دفع بسقوط حقهم إثر تدخلهم كما أن إيداع الثمن وقد تم في 26/ 7/ 37 فإنه بفرض أن هذا الإيداع قد قطع التقادم باعتباره إقراراً بالدين فقد تكامل تقادم جديد من تاريخ هذا الإيداع قبل أن يطالب المطعون ضدهم بحقهم في 19 أكتوبر سنة 1959 ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنه وقد تمسك المجلس أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضدهم بالتقادم وبأن الدعوى رقم 3793 سنة 58 ق واستئنافها رقم 1072 سنة 58 ق الذي شطب في 26/ 4/ 1937 ولم يجدد لا أثر لهما في قطع التقادم ولم يلتفت الحكم المطعون فيه إلى هذا الدفاع الجوهري واكتفى في الرد على الدفع بالتقادم بقوله إن الدعوى رقم 11378 سنة 56 ق مختلط واستئنافها رقم 237 سنة 52 مستأنف الإسكندرية قطعا التقادم وذلك على الرغم من أنهما لا يتعلقان بقطعة الأرض محل الطعن فإن الحكم المعطون فيه يكون مشوباً بقصور في التسبيب وبفساد في الاستدلال يبطلانه.
وحيث إن النعي بالسببين غير سديد ذلك بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم بالتقادم الطويل على قوله "وحيث إنه لما كانت الدعوى رقم 1378 سنة 56 ق مختلط وهي دعوى إعادة وضع يد وتعويض قد رفعها المستأنف عليهم جميعاً ضد الجهة نازعة الملكية لم يفصل فيها نهائياً إلا بجلسة 26/ 11/ 1953 في الاستئناف رقم 237 سنة 1952 مدني مستأنف الإسكندرية إذ قضي فيها بالتعويض المؤقت عن استيلاء البلدية على ملكهم دون اتخاذ الإجراءات التي نص عليها قانون نزع الملكية فإنه لا يصبح هناك محل للقول باستناد هذا الدفع إلى سند من الواقع أو القانون - وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإنه لما كان الاعتراف بالحق الذي وقع فيه التقادم وإن كان لا يقطع المدة أو يوقفها إلا أنه يعتبر بلا شك تنازلاً عن التمسك بالتقادم الذي وقع لأن الدفع بمضي المدة غير مرتبط بالنظام العام فإذا صدرت من الشخص أقوال أو أفعال يؤخذ منها تنازله عن التمسك بمضي المدة صراحة أو دلالة فلا يجوز له بعد ذلك أن يتمسك بسقوط حق خصمه بمضي المدة لأن الساقط لا يعود وكان ثابتاً أن المستأنفين لم ينكرا على المستأنف ضدهم حقهم بدليل تمسكهما بأنهما أودعا الثمن لحساب المستأنف ضدهم خزينة المحكمة وبدليل موافقتهما على الثمن الذي قدره الخبير المنتدب للمتر الواحد من المسطح الذي استولت عليه البلدية فإنه لا يكون مقبولاً أن يعود المستأنفان إلى الدفع بالتقادم المسقط سواء أكان هذا الدفع قد أبدي أمام محكمة أول درجة أو أمام محكمة الاستئناف ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الدفع" ولما كان يبين من مذكرة الطاعنين رقم 15 من الملف الاستئنافي والمقدمة بتاريخ 22/ 4/ 1963 أنهما أقرا فيها بأنهما أودعا مبلغ 42673 ج و70 م خزانة محكمة الإسكندرية الابتدائية في 21/ 8/ 1937 على ذمة ما نزع من ملكية ورثة الكلاف، وكان هذا الإيداع قد ثبت أيضاً بما جاء بكتاب قلم الودائع بمحكمة إسكندرية الابتدائية المؤرخ 8/ 10/ 1962 والشهادة الصادرة منه في 25/ 11/ 1962 مستند رقم 13 و14 من الملف الاستئنافي - من أن الإيداع قد تم بالفعل ومشروط فقط بألا يصرف المبلغ لأصحاب الشأن إلا بعد الفصل انتهائياً في المعارضة المزمع رفعها عن تقديرات الخبير وبعد استيفاء ما نصت عليه المادة الثامنة من قانون نزع الملكية - وكان المطعون ضدهم قد تمسكوا بأن هذا الإيداع الذي قدموا الدليل عليه يقطع التقادم وكان التقادم ينقطع - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في ظل القانون المدني الملغي وطبقاً للمادة 384 من القانون المدني الجديد - إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً وكان إيداع الطاعنين لمبلغ الثمن يتضمن إقراراً منهما بحق المطعون ضدهم فيه وبالتالي يقطع التقادم ويظل أثر هذا الإيداع في قطع التقادم مستمراً طوال مدة الإيداع ولا ينتهي هذا الأثر إلا بسحب المودع لوديعته إذ من هذا الوقت فقط ينتهي الإقرار بالحق - لما كان ذلك وكان إيداع نصيب المطعون ضدهم في قيمة الأرض المنزوعة ملكيتها ظل قائماً حتى أقام المطعون ضدهم دعواهم فإن التقادم يكون قد ظل منقطعاً حتى تاريخ رفع المطعون ضدهم لدعواهم ولم يبدأ تقادم جديد حتى هذا التاريخ - لما كان ذلك وكان ما أقام عليه الحكم قضاءه برفض الدفع بتقادم حق المطعون ضدهم من إقرار الطاعنين بحق المطعون ضدهم يكفي لحمل هذا القضاء فإن النعي عليه لخطئه في اعتبار الدعوى رقم 11378 سنة 56 ق مختلط واستئنافها رقم 237 سنة 1952 قاطعين للتقادم ولقصوره في الرد على ما أثاره الطاعنان خاصاً بالدعوى رقم 3973 سنة 58 ق واستئنافها رقم 1072 سنة 58 ق هذا النعي يكون - بفرض صحته - غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.