الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 413 لسنة 36 ق جلسة 8 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 30 ص 161

جلسة 8 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

---------------

(30)
الطعن رقم 413 لسنة 36 القضائية

(1) حكم. "بيانات الحكم". بطلان. "بطلان الأحكام".
النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى. عدم ترتيب بطلان الحكم عليه. م 349 مرافعات سابق. مثال.
(2) تسوية الديون العقارية. "تقديم طلب التخفيض".
البيان الواجب على كل من المدين والدائن تقديمه إلى لجنة تسوية الديون العقارية وفقاً للقانون 12 لسنة 1942 ولائحته التنفيذية. عدم شموله ما سدد من الدين وفوائده بعد 31/ 12/ 1941.
(3) حكم. "تسبيب الحكم. تسبيب كاف". محكمة الموضوع. دعوى. "الدفاع في الدعوى".
عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على دفاع لم يقدم لخصم دليله.
(4) فوائد. "تخفيض الفوائد". مسئولية.
تخفيض الفوائد أو عدم القضاء بها وفقاً للمادة 229 مدني. عدم تطلبه رفع الدائن خصومة إلى القضاء. كفاية لجوئه في المطالبة بحقه إلى إجراءات لا طائل من بطئها. مثال.

--------------
1 - النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 من قانون المرافعات السابق - التي صدر الحكم في ظلها - أن يترتب عليه بطلان الحكم وإذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى ابتداء عن نفسه وبصفته وصياً على قصر.... وكان الطاعن قد اختصم المطعون عليه الأول بهاتين الصفتين في الاستئناف الذي رفعه عن الحكم الابتدائي، ثم عاد واختصم من عدا... بأشخاصهم، وحضر عنهم المطعون عليه الأول بوصفه وكيلاً، فإن إغفال الحكم المطعون فيه الإشارة إلى اختصامهم على هذا النحو في ديباجته، لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً في التعريف بأشخاصهم، ولا يؤدي إلى تشكيك الطاعن في حقيقتهم من حيث اتصالهم بالخصومة المرددة في الدعوى، وبالتالي فلا يترتب عليه البطلان.
2 - إذ أوجبت المادة 15 من القانون رقم 12 لسنة 1942 على المدين أن يقدم طلب التخفيض إلى لجنة تسوية الديون العقارية مصحوباً ببيان تفصيلي بالديون العقارية والعادية يذكر فيه جملة الديون أصلاً والفوائد محتسبة لغاية 31/ 12/ 1941، كما أوجبت المادة الثانية من لائحة الإجراءات الصادرة تنفيذاً للقانون المذكور على الدائن أن يقدم للجنة في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لإعلانه بتقديم طلب التسوية بياناً تفصيلياً بديونه من رأس مال وفوائد محتسبة لغاية 31/ 12/ 1941، فإنه لا جدال في أن هذا البيان لا يشمل ما سدد من الدين وفوائده بعد هذا التاريخ الذي حددته المادتان السابقتان.
4 - إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 229 من القانون المدني بتخفيض الفوائد قانونية كانت أو اتفاقية، أو عدم القضاء بها إطلاقاً، لا يستلزم - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - رفع خصومة إلى القضاء يكون الدائن مدعياً فيها، بل يكفي أن يلجأ الدائن في المطالبة بحقه إلى إجراءات لا طائل من بطئها. وإذ كان عرض المدينين للباقي من دين الطاعن لتبرئة ذمتهم يستلزم وقوفهم على حقيقة هذا الباقي، وكان الحكم قد خلص إلى إن المدينين لم يتمكنوا من معرفة هذا الباقي رغم إنذارهم البنك المرة بعد الأخرى ومقاضاته، وهذا الذي خلص إليه الحكم له أصله الثابت في الأوراق، فإن النعي عليه - لإسقاط الفوائد استناداً إلى أن البنك الطاعن قد تسبب بسوء نيته في إطالة أمد النزاع - يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم الستة الأول أقاموا الدعوى رقم 1482 سنة 61 كلي الإسكندرية ضد بنك الأراضي (الطاعن) وبنك الائتمان العقاري بوصفه نائباً عن الحكومة (المطعون عليه السابع)، طالبين إلزام بنك الأراضي بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات بمدفوعاتهم ومورثهم من قبلهم خصماً من الدين الموضح بصحيفة افتتاح الدعوى، وإجراء حساب رصيدهم باعتبار التسوية التي تمت في 26/ 10/ 1948 المقررة بحكم نهائي بما في ذلك دين الحكومة النائب عنها المدعى عليه الثاني بصفته، وإلزام المدعى عليه الأول بما يسفر عنه الحساب الصحيح من فروق مدفوعة بالزيادة، وقالوا في بيان دعواهم إن مورثهم اقترض من بنك الأراضي في سنة 1930 مبلغ 1500 ج مضمونة برهن رسمي على 14 ف و19 ط و22 س، وفي سنة 1939 وافق البنك على شطب الرهن عن 2 ف و16 ط و11 س بيعت للغير مقابل حصوله على 400 ج، وبعد صدور القانونين رقمي 2 لسنة 1939 و12 لسنة 1942 قدم المورث إلى لجنة تسوية الديون العقارية الطلب رقم 2365، وبعد تحقيق ممتلكاته وتحديد ديونه قررت اللجنة قبول طلبه على أساس أن أملاكه 9 ف و22 ط و21 س وأربعة منازل قيمتها 2194 ج و583 م مع تخفيض دين البنك من 1834 ج و739 م إلى 1536 ج و208 م بما فيه ما يخص الحكومة مقابل ما كانت دفعته عنه للبنك وهو ما يعادل 70% من قيمة أملاكه، ثم أصدرت اللجنة قائمة التوزيع المؤقت وأعلنتها لمورثهم ولبنك الأراضي في 9/ 9/ 1948، ولما لم يتظلم منها أحد صدقت عليها في 26/ 10/ 1948 وأصبحت نهائية، ومن ثم فقد برئت ذمة المدين مما زاد على مبلغ 1536 ج و208 م كما انتهت علاقته بدائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية عملاً بالمادة 26 من القانون 12 لسنة 1942، ولقد صدر الحكم رقم 313 سنة 10 ق استئناف الإسكندرية مقراً براءة ذمته مما زاد على هذا المبلغ وأنه باحتساب ما سدده المورث حال حياته وما سدده الورثة من بعده يبين أنهم دفعوا للبنك أكثر من الدين وملحقاته القانونية، إلا أن المدعى عليه الأول رفض صرف الفروق المستحقة لهم كما رفض المدعى عليه الثاني إقرار براءة ذمتهم من حصة الحكومة في هذا الدين فأقاموا الدعوى بطلباتهم السابقة، وقدم بنك الأراضي كشف حساب انتهى فيه إلى أنه لا يزال يداين المدعين في مبلغ 1147 ج و936 م حتى 30/ 11/ 1962، كما قدم بنك الائتمان العقاري كشفاً ضمنه أنه لا زال يداين المدعين في مبلغ 375 ج و229 م حتى أخر ديسمبر سنة 1961، فطلب المدعون ندب خبير لمناقشة الحساب ومطابقته على ما لدى البنك من مستندات وعلى ما انتهى إليه الحكم الاستئنافي السالف بيانه، وفي 19/ 1/ 1963 حكمت المحكمة بندب الخبير الحسابي بمكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية للاطلاع على ملف الدعوى وما به من مستندات وما يقدمه له الخصوم منها لبيان ما إذا كان المدعون ومورثهم من قبل قد سددوا الدين الذي حددته لجنة التسوية العقارية بصفة نهائية والحكم المستأنف رقم 330 سنة 10 ق استئناف الإسكندرية، بمبلغ 1536 ج و208 م بما فيه مطلوب الحكومة من عدمه، وبيان مقدار الزيادة في السداد إن وجدت، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 31/ 3/ 1965 بإعادة المأمورية إلى الخبير لمباشرتها على الأسس الآتية (أولاً) توجيه التسديدات استناداً إلى المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1936 والاتفاق الملحق به المعدل بالقانون رقم 16 لسنة 1937. (ثانياً) فوائد التأخير تحتسب اعتباراً من 31/ 12/ 1943 على الأقساط فقط من ذلك التاريخ وحتى العمل بقرار لجنة التسوية، أما مبلغ الدين فهو مجمد ولا تحتسب عليه فوائد، وتسري في هذه الفترة الفوائد المتفق عليها في عقد القرض، أما بعد العمل بقرار لجنة التسوية فتسري بالنسبة لمبلغ الدين الفوائد المبينة بقرار لجنة التسوية وبالنسبة للتأخير في سداد الأقساط فتسري فائدة بسعر 8% حتى تاريخ العمل بالقانون المدني الجديد في 15/ 10/ 1949 ومن ذلك التاريخ تسري فوائد قدرها 7%، (ثالثاً) التسديدات التي تمت في سنة 1942 وهي مبلغ 95 ج و425 م و58 ج و385 م فيخصمان من مبلغ الدين بعد التسوية، (رابعاً) تحديد تاريخ 31/ 12/ 1952 لتصفية الدين وإسقاط الفوائد قانونية كانت أو اتفاقية بعد ذلك التاريخ. (خامساً) تكليف بنك الأراضي بتقديم كشف مفصل بالمصروفات التي عددها في الكشف رقم 1 المقدم للخبير والنوة عنه بالأسباب، واستأنف بنك الأراضي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه فيما قضى به في الأسس الأربعة الأولى وقيد هذا الاستئناف برقم 330 سنة 21 ق، كما أقام المدعون أصلاً استئنافاً مقابلاً طلبوا فيه تحديد يوم 22/ 6/ 1949 تاريخاً لتصفية الدين تسقط بعده الفوائد اتفاقية كانت أو قانونية، وفي 23/ 5/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين الأصلي والمقابل وتأييد الحكم المستأنف، وطعن بنك الأراضي في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول بطلان الحكم المطعون فيه لإيراده بياناً بأسماء المطعون عليهم باعتبار معظمهم قصراً مشمولين بوصاية المطعون عليه الأول رغم بلوغهم سن الرشد جميعاً، عدا..... وإعادة البنك إعلانهم بالاستئناف لأشخاصهم وحضور المطعون عليه الأول عنهم بصفته وكيلاً لا بصفته وصياً، وهذا من الحكم خطأ جسيم يبطله عملاً بالفقرة الثانية من المادة 349 من قانون المرافعات السابق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى، لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 من قانون المرافعات السابق التي صدر الحكم في ظلها - أن يترتب عليه بطلان الحكم - وإذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى ابتداء عن نفسه وبصفته وصياً على قصر كل من المرحوم.....، والمرحوم.....، والمرحوم....... المبينة أسماؤهم بالحكمين الصادرين من محكمة أول درجة، وكان الطاعن قد اختصم المطعون عليه الأول بهاتين الصفتين في الاستئناف الذي رفعه عن الحكم الابتدائي، ثم عاد واختصم من عدا....... بأشخاصهم وحضر عنهم المطعون عليه الأول بوصفه وكيلاً - على ما ثبت من صورة إعادة إعلان الاستئناف وصورة محضر جلسة 16/ 11/ 1965 المرفقين بالأوراق - فإن إغفال الحكم المطعون فيه الإشارة إلى اختصامهم على هذا النحو في ديباجته لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً في التعريف بأشخاصهم ولا يؤدي إلى تشكيك الطاعن في حقيقتهم من حيث اتصالهم بالخصومة المرددة في الدعوى وبالتالي فلا يترتب عليه البطلان.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه استند في قضائه بوجوب خصم المبلغين المسددين في سنة 1942 من الدين بعد تخفيضه بمعرفة لجنة تسوية الديون العقارية إلى ما تضمنته مذكرة مراقبة البنوك والشركات المقدمة إلى لجنة تسوية الديون العقارية في 4/ 4/ 1945 بعد قبول الطلب والتي تم على أساسها التوزيع، من أن دين البنك الطاعن بلغ في 31/ 12/ 1941 1834 ج و729 م كما بلغت السلفتان (أ، ب) 1635 ج و961 م مما يستفاد منه أن ما دفعه المدين في سنة 1942 لم يدخل ضمن عمل لجنة التسوية وقت إجراء التخفيض، مع أنه وضح بمذكرته المقدمة لجلسة 23/ 5/ 1966 خطأ تلك البيانات وأن المبالغ المسددة في سنة 1942 قد خصمت من الدين قبل تخفيضه وأنه لا تجميد ولا تخفيض للدين، كما لا تمتد آجاله إلا بعد قبول طلب التسوية، وأن ما يدفعه المدين قبل قبوله لا يحتسب إلا من الدين الأصلي قبل تجميده وتخفيضه وأن ذلك هو ما أجراه بشأن الـ 95 ج و425 م المدفوعة في 24/ 2/ 1942 و58 ج و835 م المدفوعة في 8/ 8/ 1942، وأنه كان يتعين على محكمة أول درجة أن تكلف الخبير بالاطلاع على ملف التسوية العقارية لبيان حقيقة الدين الذي تقدم به البنك وهل خصم منه المبلغان السابقان أو تأمر بضم ملف التسوية لتبني حكمها على المستندات وكشوف الحساب المقدمة منه بدلاً من التأويل والتفسير خاصة وقد رفض طلب المدين المقدم إلى لجنة التسوية في 22/ 4/ 1941 لعدم سداده أكثر من ثلاثة أقساط، ثم عادت اللجنة وقبلته وحددت له ميعاداً غايته 20/ 12/ 1942 لسداد المتأخرات الزائدة على ثلاثة أقساط، ولهذا فلقد خصمت المبالغ المسددة منه في سنة 1942 بما في ذلك المبلغان المذكوران من الدين قبل تخفيضه ثم تقدم البنك بدينه ودين الحكومة فحص الباقي من أطيان المدين والمنزلين منه مبلغ 1467 ج و509 م وهو يقل كثيراً عما جاء بالكشف الذي استند إليه الحكم، وإذ أهدر الحكم هذا الدفاع الجوهري ولم يلتفت إليه وعول على مذكرة مراقبة البنوك والشركات رغم أنها غير رسمية ولا تحمل توقيع أعضاء اللجنة فإنه يكون قد أخل بدفاعه وشابه قصور في التسبيب فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون. (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه بتأييده قضاء الحكم الابتدائي بإسقاط الفوائد استناداً إلى أن البنك الطاعن قد تسبب بسوء نية في إطالة أمد النزاع - قد أغفل واقعة جوهرية هي أن البنك الطاعن كان مدعى عليه في جميع مراحل النزاع وكان على المطعون عليهم أن يعرضوا ما يرونه مستحقاً عليهم عرضاً قانونياً مبرئاً لذمتهم، إلا أنهم لم يسلكوا هذا السبيل رغم علمهم بمقدار الدين وفقاً لقرار لجنة تسوية الديون العقارية الأول، ولقد تمسك البنك بذلك في مذكرته المقدمة لجلسة 23/ 5/ 1966 إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع مع أنه دفاع جوهري بتغير به إن صح وجه الحكم في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه، ذلك أن المادة 15 من القانون رقم 12 لسنة 1942 إذ أوجبت على المدين أن يقدم طلب التخفيض إلى لجنة تسوية الديون العقارية مصحوباً ببيان تفصيلي بالديون العقارية والعادية يذكر فيه جملة الديون أصلاً والفوائد محتسبة لغاية 31/ 12/ 1941، كما أوجبت المادة الثانية من لائحة الإجراءات الصادرة تنفيذاً للقانون المذكور على الدائن أن يقدم للجنة في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لإعلانه بتقديم طلب التسوية بياناً تفصيلياً بديونه من رأس مال وفوائد محتسبة لغاية 31/ 12/ 1941، فإنه لا جدال في أن هذا البيان لا يشمل ما سدد من الدين وفوائده بعد هذا التاريخ الذي حددته المادتان السابقتان، وإذ أثبت الخبير المنتدب في الدعوى اطلاعه على مذكرة مراقبة البنوك المؤرخة في 4/ 4/ 1945 والمرفقة بملف التسوية وتبين منها أن رصيد البنك الطاعن حتى 31/ 12/ 1941 مبلغ 1734 ج و729 م وأن السلفتين (أ، ب) يبلغان 1635 ج و860 م وبغير احتساب ما يكون قد تسدد بعد 31/ 12/ 1941، فإن هذا الذي أثبته الخبير من واقع ملف التسوية يكفي لتكوين عقيدة المحكمة في قضائها بخصم المبلغين المسددين في 4/ 4/ 1942 و8/ 8/ 1942 والبالغ أولهما 95 ج و425 م والبالغ ثانيهما 58 ج و835 م من الدين بعد تخفيضه بمعرفة لجنة التسوية، والنعي على الحكم بأنه عول في قضائه في هذا الخصوص على مذكرة مراقبة البنوك والشركات مع أنها غير رسمية ولا تحمل توقيع اللجنة مردود بأن الطاعن لم يقدم دليل ذلك رغم ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن جميع الأوراق الخاصة بالتسوية كانت في حوزته، وبأن محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله. والنعي مردود في الوجه الثاني بأن إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 229 من القانون المدني بتخفيض الفوائد قانونية كانت أو اتفاقية أو عدم القضاء بها إطلاقاً لا يستلزم على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لذلك القانون رفع خصومة إلى القضاء يكون الدائن مدعياً فيها، بل يكفي أن يلجأ الدائن في المطالبة بحقه إلى إجراءات لا طائل من بطئها. إذ كان ذلك وكان عرض المدينين للباقي من دين الطاعن لتبرئة ذمتهم يستلزم وقوفهم على حقيقة هذا الباقي، وكان الحكم قد خلص إلى أن المدينين لم يتمسكوا من معرفة هذا الباقي، رغم إنذارهم البنك المرة بعد الأخرى ومقاضاته، وكان هذا الذي خلص إليه له أصله الثابت في الأوراق، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 11/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني. س 23. ص. 876.

الطعن 225 لسنة 35 ق جلسة 7 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 29 ص 158

جلسة 7 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وإبراهيم السعيد ذكري، والدكتور محمد زكي عبد البر، وإسماعيل فرحات عثمان.

------------------

(29)
الطعن رقم 225 لسنة 35 القضائية

استئناف. "نطاق الاستئناف". ضرائب. "الطعن الضريبي".
الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها للمحكمة الاستئنافية بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. لا يجوز تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي رفعه. مثال في طعن ضريبي.

---------------
الاستئناف - وفقاً لنص المادة 409 من قانون المرافعات السابق - ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، ولا يجوز للمحكمة الاستئنافية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها وأن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه. ولما كان الثابت في الدعوى أن الحكم الابتدائي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتأييد قرار اللجنة المطعون فيه، وكان الطاعن هو الذي استأنف هذا الحكم وحده، وكان استئنافه مقصوراً على الناحية الموضوعية دون الناحية الشكلية التي حكم فيها لصالحه، فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض تلقائياً للناحية الشكلية وقضى بعدم قبول الطعن لرفعه بغير الطريق القانوني، يكون قد أساء للطاعن بطعنه مع أنه بوصفه مستأنفاً إذا لم يستفد من استئنافه فلا يضار به. لما كان ذلك. فإن الحكم يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب دكرنس قدرت صافي إيراد الطاعن الخاضع للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في كل من السنوات من 1955 حتى 1959 بمبلغ 1504 ج، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 19 من مارس سنة 1963 بتأييد تقديرات المأمورية، فقد أقام الدعوى رقم 72 لسنة 1963 تجاري أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - المطعون عليها الأولى - بعريضة قدمت إلى قلم كتاب المحكمة بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه واعتباره غير مسئول عن أية ضريبة، واحتياطياً تحديد أرباحه بمبلغ 150 ج في سنى المحاسبة، وبتاريخ 6 من فبراير سنة 1964 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وتأييد القرار المطعون فيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 27 لسنة 16 ق تجاري المنصورة، وبتاريخ 28 من يناير سنة 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الطعن المرفوع من الطاعن لرفعه بغير الطريق المرسوم بالقانون. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف قضت بعدم قبول الطعن في قرار اللجنة تأسيساً على أنه رفع بعريضة قدمت إلى قلم كتاب المحكمة لا بطريق التكليف بالحضور، في حين أن الاستئناف أقيم من الطاعن وحده وانصب على موضوع الطعن لا على شكله، فما كان يجوز للحكم المطعون فيه أن يعرض للناحية الشكلية وأن يتصدى تلقائياً لطريقة رفع الطعن التي سلمت مصلحة الضرائب بصحتها ولم تطعن عليها الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الاستئناف - وفقاً لنص المادة 409 من قانون المرافعات السابق - ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط، فإنه لا يجوز للمحكمة الاستئنافية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها وأن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه. ولما كان الثابت في الدعوى أن الحكم الابتدائي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتأييد قرار اللجنة المطعون فيه. وكان الطاعن هو الذي استأنف هذا الحكم وحده، وكان استئنافه مقصوراً على الناحية الموضوعية دون الناحية الشكلية التي حكم فيها لصالحه، فإن الحكم المطعون فيه إذ عرض تلقائياً للناحية الشكلية وقضى بعدم قبول الطعن لرفعه بغير الطريق القانوني يكون قد أساء للطاعن بطعنه مع أنه بوصفه مستأنفاً إذا لم يستفد من استئنافه فلا يضار به. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 333 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 124 ص 855

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد.

------------------

(124)
الطعن رقم 333 لسنة 34 القضائية

(أ) نقض. "أسباب الطعن". حكم. "تصحيح الأحكام".
الخطأ المادي البحت في الحكم لا يصلح سبباً للطعن فيه بطريق النقض. الشأن في تصحيحه للمحكمة التي أصدرته.
(ب) بيع. "أركان البيع". محكمة الموضوع. "تكييف العقد". عقد.
تكييف محكمة الموضوع العقد بأنه بيع بات وليس مشروع بيع أو وعداً بالبيع أو بيعاً بالعربون. توافر أركان البيع وشروط صحته. مثال.

---------------
1 - الخطأ المادي البحت في الحكم لا يصلح سبباً للطعن فيه بطريق النقض. والشأن في تصحيحه إنما هو للمحكمة التي أصدرته وفقاً للمادة رقم 364 من قانون المرافعات (1).
2 - متى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بأن الورقة - المتنازع على تكييفها - تتضمن بيعاً باتاً وليست مشروع بيع أو وعداً بالبيع أو بيعاً بالعربون على أنه وقد تحدد فيها البائعون والعين المبيعة والثمن وما دفع منه وتعهد فيها المشتري بالوفاء بالباقي طبقاً للمساحة الحقيقية كما أقر باستلام العين المبيعة بحالتها والتزامه بالأموال الأميرية وبدفع تعويض قدره مائتي جنيه إذا امتنع عن تنفيذ التزامه وأن المبلغ المدفوع والموصوف بأنه عربون إنما يوازي نصف الثمن تقريباً وقدم البائعون والمشترون العقد للمساحة لإمكان شهره فإن محكمة الموضوع لا تكون قد أخطأت في التكييف القانوني للورقة المتنازع عليها لأن أركان البيع وشروط صحته تتوافر في هذه الورقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن محمود مصطفى الدقاق "مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول" ومصطفى مرسي الدقاق "المطعون ضدهم الخامس" ونفيسه سليمان بلبع "مورثة المطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة" أقاموا الدعوى رقم 42 سنة 1953 مدني كلي دمنهور على محمد إبراهيم نوار "الطاعن" طالبين الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 1437 ج و661 م من ذلك مبلغ 1213 ج و425 م باقي الثمن المتفق عليه في العقد و14 ج و236 م قيمة الأموال الأميرية المستحقة عن الأطيان المبيعة عن سنة 1952 و10 ج مصاريف تحرير وتجهيز العقد النهائي، 200 ج التعويض المتفق عليه في العقد مع الفوائد القانونية عن باقي الثمن من تاريخ البيع الحاصل في 22 أغسطس سنة 1951 حتى السداد وقالوا بياناً لدعواهم إنهم باعوا للطاعن عشرة أفدنة تحت العجز والزيادة بعقد بيع ابتدائي مؤرخ 22 أغسطس سنة 1951 نظير ثمن قدره 250 ج للفدان الواحد فيما عدا 2 ف و12 ط بواقع 130 ج للفدان ودفع الطاعن من الثمن ألف جنيه 1000 ج وتعهد بدفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي وفقاً للمساحة الحقيقية التي تبين أنها 9 ف 20 ط 18 س ولقد وضع الطاعن يده على الأطيان المبيعة بما عليها من زراعة والتزم بدفع الأموال الأميرية المستحقة عليها ابتداء من سنة 1952 كما التزم بدفع تعويض قدره 200 إذا امتنع عن تنفيذ البيع وأنه إذ كان الطاعن قد امتنع عن الوفاء بباقي الثمن رغم مطالبته به مما يجعل هذا التعويض مستحقاً فقد أقاموا عليه الدعوى بطلباتهم السابقة وقد دفع الطاعن بأن العقد لا يعدو أن يكون وعداً بالبيع أفرغ في صورة إيصال باستلام مبلغ ألف جنيه ولم يكن في حدود العين المبيعة وأن هذا العقد قد انفسخ بحكم القانون نتيجة لصدور القانون رقم 178 لسنة 1952 لامتلاكه أكثر من الحد الأقصى الجائز تملكه مما يستحيل معه نقل ملكية المبيع إليه وأضاف أن من حقه أن يسترد ما دفعه ولهذا فقد أقام دعوى فرعية طلب فيها بطلان عقد البيع المؤرخ 22 أغسطس سنة 1951 واحتياطياً فسخه مع إلزام البائعين المدعين المطعون ضدهم بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ 1000 ج قيمة الثمن المدفوع واستند في ذلك إلى المادة الثالثة من القانون رقم 178 لسنة 1952 وبتاريخ 13 يونيو سنة 1954 قضت محكمة أول درجة بعدم اختصاصها بنظر الدعويين الأصلية والفرعية فاستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 355 سنة 10 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء باختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وبتاريخ 11 يونيو سنة 1955 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى وفي موضوع الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن المشتري بدفع مبلغ 1423 ج 425 وفي موضوع الدعوى الفرعية المرفوعة منه برفضها وبتاريخ 24 يوليو سنة 1955 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 14 إبريل سنة 1960 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه فيما عدا ما قضي به من اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وذلك تأسيساً على عدم جواز تصدي محكمة الاستئناف لموضوع الدعوى وبعريضة أعلنت في 19 يونيه سنة 1960 عجل المطعون ضدهم البائعون دعواهم أمام المحكمة الابتدائية طالبين الحكم بإلزام الطاعن "المشتري" بأن يدفع له مبلغ 1423 ج و425 م مع الفوائد القانونية من تاريخ البيع الحاصل في 22 أغسطس سنة 1951 حتى تمام السداد وأثناء نظر الدعوى توفى محمود مصطفى الدقاق وحل محله ورثته المطعون ضدهم الأربعة الأول كما توفيت نفيسه سليمان بلبع وحل محلها ورثتها المطعون ضدهم من السادس للأخيرة وبتاريخ 22 يناير سنة 1963 قضت محكمة دمنهور الابتدائية برفض الدعويين الأصلية والفرعية فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 225 سنة 19 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في دعواهم الأصلية والحكم لهم بطلباتهم الابتدائية وفي 9 ديسمبر سنة 1963 رفع الطاعن استئنافاً فرعياً عن الحكم الصادر في الدعوى الفرعية بمذكرة طلب فيها إلغاء الحكم فيما قضى به من رفض الدعوى الفرعية بكامل أجزائه والقضاء بإلزام المطعون ضدهم الأربعة الأول من مال تركة مورثهم المرحوم محمود مصطفى الدقاق والمطعون ضده الخامس مصطفى مرسي الدقاق بصفته الشخصية - والمطعون ضدهم من السادس إلى الثانية عشرة بصفتهم ورثة المرحومة نفيسه بلبع بأن يدفعوا له مبلغ ألف جنيه وفي 23 مارس سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه "الطاعن" بأن يدفع للمستأنفين "المطعون ضدهم" مبلغ 1423 ج و425 م وفوائد مبلغ 1213 ج و425 م بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10 يناير سنة 1953 حتى تمام السداد ورفض الاستئناف الفرعي المقام من المستأنف عليه "الطاعن" وبتقرير تاريخه 20 مايو سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المطعون ضدهم السادس والسابع والثامن مذكرة دفعوا فيها ببطلان الطعن وطلبوا احتياطياً رفضه وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الدفع وبرفض الطعن وصممت على هذا الرأي وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تنازل المطعون ضدهم السادس والسابع والثامن عن الدفع ببطلان الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل الأول منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في التكييف القانوني للورقة المؤرخة 22 أغسطس سنة 1951 وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن تلك الورقة لا تعدو أن تكون مجرد مشرع اتفاق على بيع أطيان تتراوح مساحتها بين عشرة وأحد عشر فداناً تقع بحوض معين وقطعة معينة بعضها بور والبعض مستصلح ولكل من النوعين سعر خاص كما وأن بعضها وقف سيشرع أصحابه في إنهائه ولقد أرجئ تقدير الثمن إلى أن تتضح حقيقة المساحة ونسبة الأرض البور المستصلحة وذيلت الورقة بتوقيع كل من محمود مصطفى الدقاق ومصطفى مرسي الدقاق بوصفه نائباً عن نفيسة بلبع لا بائعاً كما جاء بالحكم وخلت من توقيعه هو وأنه وإن ذكر بصلبها أنه وضع يده على الأطيان وقبلها بحالتها بما عليها من الزراعة إلا أن ما جاء بالإقرار المدون بظهرها والموقع عليه منه ومن نائب نفيسه بلبع دون شريكها خاصاً باقتسام الزراعة مع واضعي اليد عليها يخالف ما ثبت بصلبها في هذا الخصوص مما مؤداه أن تحديد أطراف العقد والمبيع والثمن أرجئ لغياب من عدا الموقعين عليها من ملاك الأرض إلى عقد آخر أشار إليه ولقد بدأت مرحلة التعاقد على البيع بتقديم المطعون ضدهم مشروعهم الأول رقم 692 سنة 1952 المؤرخ 20/ 7/ 1952 عن مساحة 6 أفدنة و14 قيراطاً و22 سهماً من بائعين فقط ثمن عادوا وقدموا المشروع رقم 919 سنة 1952 الثابت التاريخ في 15/ 10/ 1952 عن مساحة 9 ف و20 ط و18 س وبعد أن استعانوا بمصطفى مرسي الدقاق الذي لم يسبق له التدخل بشخصه وأنه وقد اختلفت المساحة في كل من المشروعين السابقين وشمل الثاني بائعاً جديداً لم يكن طرفاً في الورقة هو المطعون ضده الخامس وجاءت الأرض المبيعة منه مجزأة إلى قطع وشائعة وبلغت مساحة البور منها أربعة أفدنة لا فدانين فإن الأمر يكون قد اختلط على محكمة الاستئناف حين ذهبت إلى القول بقيام عقد بيع صحيح وإذ عدل عن المشروع الأول لضآلة المساحة التي وردت به وكان المشروع الثاني لاحقاً في التاريخ ليوم 23 يوليو سنة 1952 وصادراً من المطعون ضدهم لولديه عبد الرحمن وعثمان فإنهما يلزمان دونه بباقي ثمن الـ 9 ف و20 ط و18 س البالغ 1166 ج و145 م طبقاً للسعر المتفق عليه لا 1213 ج و425 م كما جاء بالحكم المطعون فيه - ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تفسيره ذلك بأنه وقد جاء بورقة 22 أغسطس سنة 1951 أن مبلغ الـ 1000 ج دفع كعربون فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن تتعرض لأي تفسير آخر لهذه الإرادة الواضحة التي لا ينال منها مناهزة العربون لنصف الثمن إذ أن ذلك يعني رغبة المتعاقدين في احتفاظهما بالحق في العدول عن الصفقة نظير مبلغ جسيم يرهق من يبادر إلى استعماله كما لا ينال منها علم المتعاقدين بتقديم مشروعات العقد للمساحة أو وضع اليد على العين الذي أنكره.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن ورقة 22 أغسطس سنة 1951 تتضمن بيعاً باتاً وليست مشروع بيع أو وعد بالبيع أو بيع بالعربون على أنه وقد تحدد فيها البائعون والعين المبيعة والثمن الذي دفع الطاعن منه 1000 ج وتعهد بدفع الباقي طبقاً لمساحتها الحقيقية وأقر فيها باستلام العين وقبلها بحالتها بما عليها من زارعة بعد معاينتها والتزم بالأموال الأميرية المستحقة عليها عن سنة 1952 وبدفع تعويض 200 ج إذا امتنع عن تنفيذ التزامه وأنه وقد وازى المبلغ المدفوع والموصوف بأنه عربون نصف الثمن تقريباً وقدم البائعون والمشترون العقد للمساحة لإمكان شهره وتبين من مشروع الشهر رقم 664/ 619 المحرر عنه مشروع العقد المؤرخ 20 يوليو سنة 1952 أنه تم شهر إنهاء الوقف فإن أركان البيع وشروط صحته تكون قد توافرت وانعقد البيع صحيحاً في 22 أغسطس سنة 1951 بين عاقديه اللذين أبديا رغبتهما في تأكيده وتنفيذه ولما كانت محكمة الموضوع قد استظهرت قصد المتعاقدين من تحرير الورقة المختلف على تكييفها وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدي إليه عقلاً ثم كيفت هذه الورقة تكييفاً صحيحاً ينطبق على المعنى الظاهر لعباراتها ويتفق مع قصد المتعاقدين الذي استظهرته والذي كشف عنه الطاعن في خطابه المؤرخ 17 نوفمبر سنة 1952 المرسل منه للمطعون ضده الخامس والذي خاطب فيه الأخير بوصفه بائعاً له وأبدى فيه استعداده لمحاسبته عن إيجار الأطيان عن سنة 1952 الزراعية على أن يرد له مع شركائه البائعين الآخرين العربون المدفوع لهم لاستحالة تنفيذ العقد لصدور قانون الإصلاح الزراعي. لما كان ذلك وكانت مطالبة المطعون ضدهم بالثمن والتعويض تستند إلى ورقة 22 أغسطس سنة 1952 التي وقع عليها الطاعن لا إلى مشروع العقد الصادر لولديه وكانت محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم قد أخطأت في حساب الباقي من الثمن وكان هذا الخطأ منها لا يعدو أن يكون خطأ مادياً بحتاً وكان مثل هذا الخطأ لا يصلح سبباً للطعن بطريق النقض والشأن في تصحيحه إنما هو للمحكمة التي أصدرته وفقاً للمادة 364 من قانون المرافعات فإنه يبين أن النعي في السببين لا يقوم على أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأه في تفسير أحكام القانون بشأن ثبوت التاريخ وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة أخطأت في الربط بين ورقة المخالصة المؤرخة 22 أغسطس سنة 1951 التي تعهد فيها مورثا المطعون ضدهم ببيع المساحة المبينة بها وبين المشروع رقم 692 المؤرخ 20 يوليو 1952 الخاص بمساحة 6 ف و14 ط و12 س وقالت بثبوت تاريخ الأولى لورود مضمونها في الثاني رغم اختلاف الأرض المبيعة في كل منهما ومنازعته في المشروع المذكور وبفرض ثبوت تاريخ التعاقد فإن ذلك لا يكون قبل 15 أكتوبر 1952 تاريخ المشروع الثاني الذي تمسك به المطعون ضدهم واعتبرته محكمة الاستئناف دون غيره وبالتالي فإن تاريخ العقد يكون ثابتاً بعد 23 يوليه سنة 1952 لا قبله كما انتهى الحكم المطعون فيه خطأ.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "إنه فيما يتعلق بأركان البيع فقد توفرت جميعها وانعقد البيع صحيحاً بين عاقديه في 22/ 8/ 1951 وأنهم أي المستأنفين قاموا بتجهيز العقد النهائي وأشروا عليه من المساحة كما هو ثابت من حافظة المستأنفين رقم 4 دوسيه أن الطلب مقدم في 15/ 5/ 1952 وأن المشروع تدون في دفاتر رسمية في 20/ 7/ 1952 مما يجعل هذا العقد ثابت التاريخ إعمالاً للمادة 395/ ب مدني قبل 23 يوليه 1952 وسبتمبر سنة 1952" ولما كان يبين من المشروع رقم 692 المؤرخ في 20 يوليه سنة 1952 أن مصطفى مرسي الدقاق أحد البائعين لم يكن من بين أطرافه وأن المساحة تحددت فيه بـ 6 ف و14 ط و12 س فقط أي بما يقل كثيراً عن المساحة الواردة في عقد 22 أغسطس سنة 1951 وخلا المشروع من الإشارة إلى هذا العقد ومن ثم فلم يثبت مضمون هذا العقد بذلك المشروع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يبين مضمون الطلب المقدم في 15/ 5/ 1952 وما إذا كان قد ورد فيه مضمون العقد أو لم يرد وما إذا كان هذا الطلب ثابت التاريخ أم لا فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ثبوت تاريخ عقد 22 أغسطس سنة 1951 قبل 23 يوليه سنة 1952 على أساس ورود مضمونه في المشروع المذكور يكون قد خالف نص الفقرة ب من المادة 395 من القانون المدني وأخطأ في تطبيقها بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.


(1) راجع نقض مدني 3 مارس سنة 1965 مجموعة المكتب الفني س 16 ص 252.

الطعن 395 لسنة 5 ق جلسة 26 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 29 ص 190

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح وأبو الوفا زهدي ومحمد عبد العزيز البرادعي - المستشارين.

----------------

(29)

القضية رقم 395 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - إعارة 

- جواز إعارة الموظف لجهة خاصة - الإعارة لجهة خاصة لا تقطع صلة الموظف بالجهة المعيرة - أثر ذلك - عدم اختصاص الجهة الخاصة بالمحاكمة التأديبية للموظف - لزوم إبلاغ المخالفة للجهة المعيرة لتتخذ الإجراء القانوني قبل الموظف المعار - أساس ذلك.
(ب) موظف - إعارة - ندب 

- التفرقة بين الندب والإعارة - الندب لا يكون إلا لجهة حكومية أما الإعارة فجائزة كذلك لجهة خاصة - أثر هذه التفرقة على تحديد الجهة المختصة بالمساءلة التأديبية للموظف - اختصاص الجهة المستعيرة والمنتدب إليها بتأديب الموظف في حالتي الندب والإعارة لجهة حكومية - اختصاص الجهة المعيرة بتأديب الموظف في حالة الإعارة لجهة خاصة - أساس ذلك.
(جـ) موظف - إعارة - التمييز بين أساس كل من المسئولية المدنية والمؤاخذة التأديبية 

- مناط المسئولية المترتبة عن فعل الغير هو قيام السلطة الفعلية المنصبة على الرقابة والتوجيه في عمل معين يقوم به لحساب المتبوع - تمتع الجهة الخاصة المستعيرة بسلطة الرقابة والتوجيه على الموظف المعار لها - نهوض المسئولية المدنية قبلها بوصفها المتبوعة - لا يغير من ذلك كون الموظف المعار خاضعاً للسلطة التأديبية للجهة المعيرة - أساس ذلك.

----------------
1 - إن البند ( أ ) من المادة 51 المعدلة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة قد نص على أنه "يجوز إعارة الموظفين إلى الحكومات والهيئات الوطنية والأجنبية والدولية كما تجوز إعارتهم إلى المصالح الخاصة.
ولا يجوز إعارتهم إلى الهيئات المحلية والمؤسسات الأهلية داخلياً إلا إذا توافرت فيهم مؤهلات وميزات خاصة يتعذر وجودها في غيرهم، وفي حالة الضرورة القصوى وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 المعدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955.
وتدخل مدة الإعارة في حساب المعاش أو المكافأة أو حساب صندوق الادخار والتأمين واستحقاق العلاوة والترقية.
ويشترط لإتمام الإعارة موافقة الموظف عليها كتابة".
والمستفاد من هذا النص أولاً: أن الموظف المعار لا تنقطع صلته بالجهة المعيرة وإنما هو يعمل فقط في الجهة المستعيرة، وثانياً: أن الإعارة يجوز أن تكون لمصلحة خاصة.
ومع بقاء علاقة الموظف بالجهة الحكومية المعيرة، فإن هذه الإعارة إن كانت لجهة خاصة فلا تملك هذه الجهة محاكمة الموظف الحكومي تأديبياً لأن القوانين واللوائح جعلت المحاكمة التأديبية للموظف الحكومي طبقاً لنظم التأديب الحكومية بما لا يسمح لغير الحكومة باتخاذ هذا الإجراء ضد الموظف الحكومي فلا يجوز والحالة هذه تسليط جهة أهلية خاصة على موظف حكومي عام، وهذا ليس معناه إفلات الموظف المعار لجهة أهلية من العقاب بل على الجهة الأهلية المستعيرة أن تبلغ الأمر للجهة المعيرة لتتخذ الإجراء القانوني في مثل هذه الحالة، والقول بغير ذلك فضلاً عن أنه يجافي طبيعة العلاقة بين الموظف الحكومي المعار وبين الجهة الأهلية المستعيرة - فضلاً عن ذلك فإنه يجعل الموظف الحكومي خاضعاً في تأديبه لجهات أهلية متعددة لكل نظامها التأديبي الخاص أو لقانون عقد العمل الفردي بما فيه من إجراءات تجافي العلاقة التي بين الحكومة والموظف العام وتجعله في حكم موظف خاص على علاقة خاصة بجهة أهلية خاصة وهو مسخ لطبيعة العلاقة وتحوير لها بما لا يتفق وتبعيته للجهة المغيرة وبما يفقده الضمانات التي نصت عليها نظم التأديب الموحدة أو المتشابهة في الحكومة وفروعها وما هو ملحق بها أو تابع لها من جهات عامة.
وترتيباً على ما تقدم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الموظف المعار تنفصم علاقته الوظيفية بالجهة المعيرة فليس لها سلطة تأديبية عليه، هذا القول غير سديد لما فيه من مخالفة لأحكام المادة 52 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إذ تقول "عند إعارة أحد الموظفين تبقى وظيفته خالية ويجوز شغل الوظيفة بصفة مؤقتة في أدنى درجات التعيين على أن تخلى عند عودة الموظف كما يجوز في أحوال الضرورة القصوى شغل الوظيفة بدرجتها بقرار من الوزير المختص بعد موافقة وزير المالية والاقتصاد وعند عودة الموظف المعار يشغل الوظيفة الخالية من درجته أو يشغل درجته الأصلية بصفة شخصية على أن تسوى حالته في أول وظيفة تخلو من درجته" (1). فهذه المادة تبقى على رابطته في فترة الإعارة تزكيها الآثار التي عددها عجز الفقرة ( أ ) من المادة 51 السالف ذكرها وهي ليست واردة على سبيل الحصر كما ذهب الحكم المطعون فيه بدليل الآثار التي ذكرتها المادة التالية لها.
ويمكن القول - استناداً إلى المادة 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على أن "كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجنائية" - إن هذه المادة تقرر قاعدة عامة مفادها أن مناط السلطة التأديبية هو قيام الرابطة الوظيفية وجوداً وعدماً إذ حيث تقوم هذه الرابطة تقوم السلطة وحيث تنعدم الأولى تزول الثانية.
ولا ينال من هذه القاعدة ما استحدثه المشرع أخيراً عندما عدل قانون التوظف بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وأدخل عليه المادة 102 مكرراً ثانياً التي تنص على أنه "تجوز إقامة الدعوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية على الموظف الذي يكون قد ترك الخدمة لأي سبب كان، وفي هذه الحالة يجوز الحكم عليه بإحدى العقوبات الآتية:
أولاً - الحرمان من المعاش مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر.
ثانياً - الحرمان من المعاش كله أو بعضه من تاريخ الحكم.
ثالثاً - غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز المرتب الإجمالي الذي كان يتقاضاه وقت وقوع المخالفة، وتستوفى هذه الغرامة بالخصم من معاشه أو مكافأته أو المال المدخر إن وجد ذلك أو بطريق الحجز الإداري على جميع أموال المحكوم عليه".
ولا ينال منها أيضاً التعديل الذي أدخله على المادة 85 من قانون التوظف بالقانون رقم 398 لسنة 1955 بجعل سلطة التأديب على الموظف المنتدب للجهة المنتدب إليها لأن في ذلك كله ما يوحي بأن المشرع يستشعر بوجودها دائماً فإذا أراد الخروج عليها جاء بحكم صريح؛ وآية ذلك أنه غاير في العقوبات التي يمكن توقيعها على الموظف الذي انفصمت رابطته بما يتفق مع ما آلت إليه هذه الرابطة بعد الانفصام.
2 - في حالة الندب تختص الجهة التي ندب الموظف إليها بمساءلته تأديبياً وذلك طبقاً لصريح نص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلة بالقانون رقم 398 لسنة 1955 إذ الندب لا يكون إلا من جهة حكومية لأخرى حكومية فاختصاص الجهة المنتدب إليها باعتبارها هي المشرفة على عمل الموظف فعلاً أمر منطقي يتفق وطبائع الأشياء. كما يتفق مع العلاقة التي بين الموظف والحكومة فهي باقية مع الحكومة بقطع النظر عن كونه يعمل في هذه المصلحة أو تلك ولا فقدان للضمانات التي كفلها نظام المحاكمات التأديبية الأمر الذي يحدث في حالة الإعارة من الحكومة لجهة خاصة ومساءلة الموظف تأديبياً بواسطة هذه الجهة الخاصة.
ويبين مما تقدم أنه ولئن كانت الإعارة لجهة حكومية قد تتفق مع الندب من ناحية اتصال الجهة المستعيرة والمنتدب إليها على السواء بالأمور الموجبة للجزاء وكلها جهات حكومية تتفق أجهزة التأديب فيها وتحقق الضمانات للموظف المعار أو المنتدب، إلا أنه في حالة الإعارة لجهة خاصة فالأمر جد مختلف؛ إذ الموظف بإعارته لجهة حكومية لا يفقد تبعيته للحكومة ولا يصبح موظفاً أهلياً فتسري عليه اللوائح والقوانين كسائر موظفي الحكومة تماماً بما تخضعه طبيعته للنظام التأديبي المقرر في الحكومة تمكيناً لعلاقة الموظف بالحكومة وتحقيقاً لإشرافها وإعمالاً لسلطتها فضلاً عن كفالة العدالة والضمانات له بما لا يتوافر في الجهات الخاصة مما يستتبع لزوماً اختصاص المحكمة التأديبية بمحاكمة الموظف المعار لجهة أهلية، وما على الجهة الخاصة إلا أن تبلغ الأمر للجهة الحكومية المعيرة لتتولى اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد الموظف المعار.
3 - إن ما جاء في الحكم المطعون فيه تبريراً لما ذهب إليه من اختصاص الجهة الخاصة المستعيرة بمحاكمة الموظف العام تأديبياً بمقولة إن الموظف قد يصل بذلك إلى جريمة جنائية يترتب عليها المطالبة بالتعويض فيكون المسئول عنها هو رب العمل دون الجهة الحكومية المعيرة، هذا القول غير سديد إذ أن مناط المسئولية المترتبة عن فعل الغير هو قيام السلطة الفعلية المنصبة على الرقابة والتوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبرع، وأن سلطة الرقابة والتوجيه على الموظف المعار هي للجهة المستعيرة بغير نزاع؛ ومن ثم تنهض المسئولية المدنية قبلها بوصفها الجهة المتبوعة إذا ما أخطأ المعار خطأ نجم عنه ضرر للغير، ومع هذا فإنه يظل خاضعاً للسلطة التأديبية للجهة التي أعارته لاختلاف الأساس الذي تقوم عليه المسئولية المدنية والمؤاخذة التأديبية.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل والإرشاد القومي بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى المقامة من النيابة الإدارية المقيدة برقم 2 للسنة الأولى القضائية ضد محمود كمال عبد الرءوف الشوربجي الموظف من الدرجة الثامنة بوزارة الشئون الاجتماعية، الذي قضى أولاً بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه عن التهمة الأولى وبعدم اختصاصها بنظر التهم الأخرى، وطلب الطاعن للأسباب التي أوردها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر ما نسب إلى الموظف المتهم خلال مدة إعارته والقضاء باختصاص المحكمة وإعادة الدعوى إليها للنظر في الموضوع. وقد أعلن الطعن للنيابة الإدارية في 18 من مايو سنة 1959 وللموظف المتهم في 21 من مايو سنة 1959 وتحدد لنظر الطعن جلسة 22 من مايو سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون وبتاريخ 22 من مايو سنة 1960 أحيل الطعن إلى هذه المحكمة فسمعت إيضاحات ذوي الشأن ثم حجزت القضية للحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما استظهرت المحكمة من الأوراق - تتحصل في أن السيد/ محمود كمال عبد الرءوف الشوربجي الموظف بالدرجة الثامنة الكتابية بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل أعير إلى الجمعية التعاونية الزراعية لمنتجي البطاطس اعتباراً من 7 من يناير سنة 1957 وقد نسبت إليه بعض المخالفات في أثناء مدة إعارته، فقامت الجمعية بعمل تحقيق ضده تبين لها منه أنه قارف جملة مخالفات فأبلغت أمره إلى الجهة التي أعارته لتبين ما تراه قبله مع حفظ حقها في حقوقها المالية قبله (يراجع كتاب الجمعية إلى السيد سكرتير عام الوزارة المؤرخ 3 من مارس سنة 1958) فعرض الأمر على السيد وزير الشئون الاجتماعية فأشار في 6 من مارس سنة 1958 بإحالة الموظف المذكور إلى مجلس تأديب بالنسبة إلى بعض الاتهامات وبإحالة الاتهامات الأخرى الخاصة بالغش وتكرار الصرف إلى النيابة العامة. وبتاريخ 23 من مارس سنة 1958 أصدر السيد وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل القرار رقم 11 لسنة 1958 بإحالة الموظف المتهم إلى مجلس التأديب المختص لمحاكمته على التهم الموجهة إليه والموضحة بقرار الإحالة وهي:
(1) زاول عملاً بالجمعية التعاونية الزراعية لمنتجي البطاطس من 12 من نوفمبر سنة 1956 إلى 7 من يناير سنة 1957 تقاضى عليه مرتباً من الجمعية علاوة على مرتبه الحكومي أثناء عمله بالوزارة مخالفاً بذلك قانون التوظف.
(2) صرفه علاوة غير مستحقة من الجمعية أثناء إعارته لها.
(3) تعمده استخراج أذون صرف لمصروفات ركائب باهظة ومشروبات لا تلتزم بها الجمعية المذكورة.
(4) إهماله في تحرير كشف صرف المرتبات وبدل السفر واستيلاؤه على مبلغ من أموال الجمعية بدون وجه حق.
(5) احتفاظه بأكثر من 700 جنيه وإيداعها باسمه الشخصي في بنك القاهرة ولم يقدم عنها حساباً لرئيس حسابات الجمعية رغم مطالبته.
(6) استخراجه إذني صرف أحدهما بمبلغ 10 جنيهات والآخر بمبلغ 20 جنيهاً لموظفين عموميين ولم يلاحظ توقيعهما عليهما بالاستلام.
(7) استيلاؤه على أموال الجمعية بدون وجه حق بصرفه مبلغ لمكالمات تليفونية أكثر من قيمتها.
(8) استخراجه لأذون صرف تقاوي لجمعيات وأفراد لم يسددوا الثمن.
(9) استغلاله استراحة الجمعية لسكنه الخاص هو وعائلته بدون إيجار مخالفاً بذلك النظم العامة.
وقد حدد مجلس التأديب العالي جلسة 6 من أكتوبر سنة 1958 لنظر هذه المخالفات وعلى إثر صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 أرسلت الأوراق إلى النيابة الإدارية لإقامة الدعوى التأديبية أمام المحكمة التأديبية المختصة وذلك إعمالاً لحكم المادة رقم 47 من القانون آنف الذكر، فأقامت النيابة الإدارية الدعوى أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 أصدرت تلك المحكمة حكمها بمجازاة الموظف المتهم بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه عن التهمة الأولى وبعدم اختصاصها بنظر التهم الأخرى وأقامت قضاءها على أن الموظف المتهم دفع أمامها بعدم اختصاصها بنظر ما نسب إليه في قرار الاتهام عدا التهمة الأولى؛ بمقولة إن الجمعية الزراعية التعاونية لمنتجي البطاطس منظمة خاصة لها نظمها التأديبية، ومن ثم لا يخضع للنظم التأديبية الخاصة بموظفي الحكومة عن المخالفات المنسوبة إليه في مدة الإعارة، وأن النيابة الإدارية ردت على هذا الدفع بأن علاقة الموظف بالجهة التي أعارته تظل قائمة ومن ثم يخضع للنظم التأديبية قبل إعارته ولكنها لم تأخذ بوجهة النظر هذه - وقالت إن علاقة الموظف المعار بالحكومة بالنسبة لعمله تنقطع بمجرد الإعارة فيما عدا ما نص عليه القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على سبيل الحصر في الفقرة الأخيرة من المادة 51 من أن مدة الإعارة تحسب في المعاش أو المكافأة أو في حساب صندوق الادخار والتأمين أو استحقاق العلاوة والترقية، وفيما عدا ذلك يخضع للجهة التي أعير إليها لأنه من وقت إعارته يدخل في عداد مستخدمي الهيئة المعار لها ويخضع بالتالي للنظم الخاصة بها سواء ما تعلق منها بأداء العمل طبقاً لمقتضيات الواجب أو بالأعمال المحرمة عليه، وذلك لأن مناط التأديب بالنسبة لما يرتكبه الموظف من مخالفات أياً كان نوعها إنما ينصب في حقيقته على مخالفة الواجبات المتعلقة بالوظيفة أو الخروج على حسن السلوك الواجب في أعمالها وأن حده ومداه فيما يتعلق بنوع المخالفة أو قدر الجزاء الذي يناسبها يتحدد وفق طبيعة العمل وظروفه وهذا المعيار الموضوعي المتميز في كل جهة عن الأخرى يجعل الجهة المعار إليها أقدر على توجيه الاتهام وتحديد عناصره وأن هذه الاعتبارات هي التي حدت بالشارع إلى أن ينص في القانون رقم 398 لسنة 1955 الذي عدل به نص المادة 85 من قانون التوظف على أن الجهة التي يندب إليها الموظف هي المختصة بمحاكمته عن الجرائم التي تقع منه في أثناء ندبه، وذهبت إلى القول بأن الموظف المعار أولى بما جاء في هذه المادة لأن الجهات التي يعار إليها تتباين فيها النظم التأديبية بعكس الجهات التي ينتدب إليها إذ الندب لا يكون إلا في المصالح والجهات الحكومية التي تتشابه فيها نظم التأديب، وأن القول بغير ما ذهبت إليه فيه إخضاع الموظف إلى جهتي تأديب في نفس الوقت، ومع هذا نوهت تلك المحكمة بأن اختصاص الجهة المعيرة يظل قائماً عن المخالفات والجرائم التي يقترفها الموظف المعار إذا كان من شأنها أن تؤثر على مسلكه العام عند عودته إليها، وانتهت إلى القول بأن هذه المخالفات لا تصلح محلاً لمؤاخذته من جانب الجهة المعيرة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن ما وجه إلى الموظف المتهم من اتهامات يعيب مسلكه العام ومسلكه الخاص على سواء؛ ومن ثم تمتد الولاية التأديبية للجهة المعيرة وبالتالي تكون المحكمة التأديبية مختصة بنظر الاتهام، وإذ قضى الحكم بغير ذلك يكون قد خالف القانون وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر ما نسب إلى الموظف المتهم خلال مدة إعارته والقضاء باختصاص المحكمة وإعادة الدعوى إليها للنظر في الموضوع.
ومن حيث إن المسألة القانونية مثار النزاع هي تحديد الجهة المختصة بمحاكمة الموظف العام في حالة إعارته لجهة خاصة - هل هي الجهة الحكومية التابع لها أم الجهة الخاصة المعار إليها؟
ومن حيث إنه يتعين البحث بادئ ذي بدء فيما إذا كانت الإعارة لجهة خاصة يترتب عليها انفصام العلاقة بين الموظف المعار والجهة الحكومية المعيرة فإن كانت العلاقة باقية فهل تملك الجهة الخاصة محاكمة الموظف العام المعار لديها.
ومن حيث إن البند أ من المادة 51 المعدلة من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة قد نص على أنه "يجوز إعارة الموظفين إلى الحكومات والهيئات الوطنية والأجنبية والدولية كما تجوز إعارتهم إلى المصالح الخاصة.
ولا يجوز إعارتهم إلى الهيئات المحلية والمؤسسات الأهلية داخلياً إلا إذا توافرت فيهم مؤهلات وميزات خاصة يتعذر وجودها في غيرهم، وفي حالة الضرورة القصوى وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 95 من القانون رقم 26 لسنة 1954 سالف الذكر المعدلة بالقانون رقم 155 لسنة 1955.
وتدخل مدة الإعارة في حساب المعاش أو المكافأة أو حساب صندوق الادخار والتأمين واستحقاق العلاوة والترقية.
ويشترط لإتمام الإعارة موافقة الموظف عليها كتابة".
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أولاً: أن الموظف المعار لا تنقطع صلته بالجهة المعيرة وإنما هو يعمل فقط في الجهة المستعيرة، وثانياً: إن الإعارة يجوز أن تكون لمصلحة خاصة.
ومن حيث إنه مع بقاء علاقة الموظف المعار بالجهة الحكومية المعيرة، فإن هذه الإعارة إن كانت لجهة خاصة فلا تملك هذه الجهة محاكمة الموظف الحكومي تأديبياً لأن القوانين واللوائح جعلت المحاكمة التأديبية للموظف الحكومي طبقاً لنظم التأديب الحكومية بما لا يسمح لغير الحكومة باتخاذ هذا الإجراء ضد الموظف الحكومي، فلا يجوز والحالة هذه تسليط جهة أهلية خاصة على موظف حكومي عام، وهذا ليس معناه إفلات الموظف المعار لجهة أهلية من العقاب بل على الجهة الأهلية المستعيرة أن تبلغ الأمر للجهة المعيرة لتتخذ الإجراء القانوني في مثل هذه الحالة، والقول بغير ذلك فضلاً عن أنه يجافي طبيعة العلاقة بين الموظف الحكومي المعار وبين الجهة الأهلية المستعيرة - فضلاً عن ذلك فإنه يجعل الموظف الحكومي خاضعاً في تأديبه لجهات أهلية متعددة لكل نظامها التأديبي الخاص أو لقانون عقد العمل الفردي بما فيه من إجراءات تجافي العلاقة التي بين الحكومة والموظف العام وتجعله في حكم موظف خاص على علاقة خاصة بجهة أهلية خاصة وهو مسخ لطبيعة العلاقة وتحوير لها بما لا يتفق وتبعيته للجهة المعيرة وبما يفقده الضمانات التي نصت عليها نظم التأديب الموحدة أو المتشابهة في الحكومة وفروعها وما هو ملحق بها أو تابع لها من جهات عامة.
ومن حيث إنه لا يجوز التحدي في هذا المقام بأن في حالة الندب تختص الجهة التي ندب الموظف إليها بمساءلته تأديبياً وذلك طبقاً لصريح نص المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلة بالقانون رقم 398 لسنة 1955؛ إذ الندب لا يكون إلا من جهة حكومية لأخرى حكومية فاختصاص الجهة المنتدب إليها باعتبار هي المشرفة على عمل الموظف فعلاً أمر منطقي يتفق وطبائع الأشياء، كما يتفق مع العلاقة التي بين الموظف والحكومة فهي باقية مع الحكومة بقطع النظر عن كونه يعمل في هذه المصلحة أو تلك، ولا فقدان للضمانات التي كفلها نظام المحاكمات التأديبية الأمر الذي يحدث في حالة الإعارة من الحكومة لجهة خاصة ومساءلة الموظف تأديبياً بواسطة هذه الجهة الخاصة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أنه ولئن كانت الإعارة لجهة حكومية قد تتفق مع الندب من ناحية اتصال الجهة المستعيرة والمنتدب إليها على السواء بالأمور الموجبة للجزاء وكلها جهات حكومية تتفق أجهزة التأديب فيها وتحقق الضمانات للموظف المعار أو المنتدب، إلا أنه في حالة الإعارة لجهة خاصة فالأمر جد مختلف، إذ الموظف بإعارته لجهة حكومية لا يفقد تبعيته للحكومة ولا يصبح موظفاً أهلياً فتسري عليه اللوائح والقوانين كسائر موظفي الحكومة تماماً بما تخضعه طبيعته للنظام التأديبي المقرر في الحكومة تمكيناً لعلاقة الموظف بالحكومة وتحقيقاً لإشرافها وإعمالاً لسلطتها فضلاً عن كفالة العدالة والضمانات له بما لا يتوافر في الجهات الخاصة مما يستتبع لزوماً اختصاص المحكمة التأديبية بمحاكمة الموظف المعار لجهة أهلية، وما على الجهة الخاصة إلا أن تبلغ الأمر للجهة الحكومية المعيرة لتتولى اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد الموظف المعار.
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الموظف المعار تنفصم علاقته الوظيفية بالجهة المعيرة فليس لها سلطة تأديبية عليه، هذا القول غير سديد لما فيه من مخالفة لأحكام المادة 52 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إذ تقول "عند إعارة أحد الموظفين تبقى وظيفته خالية ويجوز شغل الوظيفة بصفة مؤقتة في أدنى درجات التعيين على أن تخلى عند عودة الموظف كما يجوز في أحوال الضرورة القصوى شغل الوظيفة بدرجتها بقرار من الوزير المختص بعد موافقة وزير المالية والاقتصاد وعند عودة الموظف المعار يشغل الوظيفة الخالية من درجته أو يشغل درجته الأصلية بصفة شخصية على أن تسوى حالته في أول وظيفة تخلو من درجته" - فهذه المادة تبقى على رابطته في فترة الإعارة تزكيها الآثار التي عددها عجز الفقرة أ من المادة 51 السالف ذكرها وهي ليست واردة على سبيل الحصر كما ذهب الحكم المطعون فيه بدليل الآثار التي ذكرتها المادة التالية لها.
ومن حيث إنه يمكن القول استناداً إلى المادة 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على أن "كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجنائية" إن هذه المادة تقرر قاعدة عامة مفادها أن مناط السلطة التأديبية هو قيام الرابطة الوظيفية وجوداً وعدماً إذ حيث تقوم هذه الرابطة تقوم السلطة وحيث تنعدم الأولى تزول الثانية.
ومن حيث إنه لا ينال من هذه القاعدة ما استحدثه المشرع أخيراً عندما عدل قانون التوظف بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وأدخل عليه المادة 102 مكرراً ثانياً التي تنص على أنه "تجوز إقامة الدعوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية على الموظف الذي يكون قد ترك الخدمة لأي سبب كان، وفي هذه الحالة يجوز الحكم عليه بإحدى العقوبات الآتية:
أولاً - الحرمان من المعاش مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر.
ثانياً - الحرمان من المعاش كله أو بعضه من تاريخ الحكم.
ثالثاً - غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز المرتب الإجمالي الذي كان يتقاضاه وقت وقوع المخالفة، وتستوفى هذه الغرامة بالخصم من معاشه أو مكافأته أو المال المدخر إن وجد ذلك أو بطريق الحجز الإداري على جميع أموال المحكوم عليه".
ولا ينال منها أيضاً التعديل الذي أدخله على المادة 85 من قانون التوظف بالقانون رقم 398 لسنة 1955 الآنف الذكر بجعل سلطة التأديب على الموظف المنتدب للجهة المنتدب إليها لأن في ذلك كله ما يوحي بأن المشرع يستشعر بوجودها دائماً فإذا أراد الخروج عليها جاء بحكم صريح وآية ذلك أنه غاير في العقوبات التي يمكن توقيعها على الموظف الذي انفصمت رابطته بما يتفق مع ما آلت إليه هذه الرابطة بعد الانفصام.
ومن حيث إن ما جاء في الحكم المطعون فيه تبريراً لما ذهب إليه من اختصاص الجهة الخاصة المستعيرة بمحاكمة الموظف العام تأديبياً بمقولة إن الموظف قد يصل بذلك إلى جريمة جنائية يترتب عليها المطالبة بالتعويض فيكون المسئول عنها هو رب العمل دون الجهة الحكومية المعيرة، هذا القول غير سديد إذ أن مناط المسئولية المترتبة عن فعل الغير هو قيام السلطة الفعلية المنصبة على الرقابة والتوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، وأن سلطة الرقابة والتوجيه على الموظف المعار هي للجهة المستعيرة بغير نزاع ومن ثم تنهض المسئولية المدنية قبلها بوصفها الجهة المتبوعة إذا ما أخطأ المعار خطأ نجم عنه ضرر للغير ومع هذا فإنه يظل خاضعاً للسلطة التأديبية للجهة التي أعارته لاختلاف الأساس الذي تقوم عليه المسئولية المدنية والمؤاخذة التأديبية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه شطر قضاءه إلى شقين أحدهما بمجازاة الموظف المتهم عن التهمة الأولى، والثاني بعدم اختصاصه عن باقي التهم متأثراً بذلك بالنظرية التي اعتنقها وقد ظهر مخالفتها لمفهوم صحيح القانون.
ومن حيث إنه طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة (2) من أن الطعن في أحد الشقين يثير المنازعة برمتها أمامها ما دام الارتباط جوهرياً بينهما، وفي خصوصية الدعوى المطروحة يتوافر هذا الارتباط؛ إذ الاتهام قائم على سلوك المتهم المعيب. ومن ثم يتعين إلغاء الحكم بشطريه وإعادة الموضوع كله إلى المحكمة التأديبية المختصة لنظر جميع التهم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الشئون الاجتماعية بنظر جميع التهم وبإعادة القضية إليها للفصل فيها.


(1) عدلت هذه المادة بعد ذلك بمقتضى القانون رقم 405 لسنة 1955.
(2) راجع الطعن رقم 161 لسنة 3 القضائية المنشور في مجموعة أحكام هذه المحكمة العدد الثالث من السنة الثانية مبدأ (137) ص 1335.

الطعن 212 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 123 ص 842

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

----------------

(123)
الطعن رقم 212 لسنة 34 القضائية

(أ) تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "تقرير زيادة العشر". نظام عام. سقوط.
أوجه البطلان في التقرير بزيادة العشر. إبداؤها بتقرير في قلم الكتاب قبل الجلسة المحددة للبيع بثلاثة أيام على الأقل وإلا سقط الحق فيها. إبداء وجه البطلان لأول مرة في استئناف حكم قاضي البيوع برفض أوجه بطلان أخرى. سقوط الحق في هذا الوجه. تعلق هذا السقوط بالصالح العام لا بمصلحة الخصوم وحدهم.
(ب) تنفيذ. "تنفيذ عقاري". تقرير الزيادة بالعشر. "أثره".
تكليف قلم الكتاب إعلان تقرير زيادة العشر إلى ذوي الشأن. عدم حصول التبليغ لأحدهم أو حصوله بعد الميعاد المحدد وفقاً للمادة 679 مرافعات. لم يرتب المشرع الجزاء على ذلك اكتفاء بما أوجبته المادة 682 بالنسبة للراسي عليه المزاد من وجوب التحقق قبل إجراء المزايدة الجديدة من أن التقرير بالزيادة قد أبلغ إليه مما يترتب على التقرير بالزيادة من فسخ شرائه وزوال جميع الآثار المترتبة على رسو المزاد الأول.
(ج) بطلان. "أحوال البطلان بغير نص". تنفيذ "تنفيذ عقاري"."التقرير بزيادة العشر".
عدم النص على البطلان جزاء مخالفة حكم المادة 679 مرافعات. تبليغ محضر التقرير بالزيادة إلى الراسي عليه المزاد بعد الميعاد المحدد في تلك المادة وجعل جلسة المزايدة الجديدة تتحقق به الغاية من التبليغ ولا يترتب عليه ضرر للراسي عليه المزاد. لا بطلان وفقاً للمادة 25 مرافعات خلافاً للقانون الفرنسي.
(د) بطلان. "أحوال البطلان بنص". تنفيذ "تنفيذ عقاري".
النص على البطلان جزاء مخالفة حكم المادة 681 فيما يتعلق بوجوب الإعلان عن البيع الثاني أو بإجراء هذا الإعلان في الميعاد معين أو تضمين الإعلانات بيانات خاصة أو كيفية إجراء هذا الإعلان. عدم سريان هذا البطلان على مخالفة حكم المادة 679 مرافعات.
(هـ) تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "التقرير بزيادة العشر".
عموم نص المادة 674 مرافعات. شموله الدائن مباشر الإجراءات متى كان غير ممنوع من المزايدة. له التقرير بزيادة العشر. عدم اعتباره بائعاً للمشتري الذي رسا عليه المزاد. هو مجرد طالب للبيع فحسب. طلبه إجراء البيع - وهو أمر يحتمه القانون لإجراء المزايدة - لا يفيد قبول صاحبه رسو المزاد بالثمن الذي رسا به أو تنازل عن الحق في زيادة العشر على هذا الثمن.

------------------
1 - توجب المادة 675 من قانون المرافعات إبداء أوجه البطلان في التقرير بزيادة العشر بتقرير في قلم الكتاب قبل الجلسة المحددة للبيع بثلاثة أيام على الأقل وإلا سقط الحق فيهما ومن ثم فإذا أبدى الطاعن وجهاً من أوجه البطلان لأول مرة أمام محكمة الاستئناف - في الاستئناف المرفوع عن حكم قاضي البيوع برفض أوجه البطلان في تقرير زيادة العشر - ولم يسبق عرضه على قاضي البيوع فإن الحق في التمسك بهذا الوجه يكون قد سقط. وهذا الجزاء - وهو سقوط الحق - متى تحقق موجبه يتحتم على المحكمة أن تقضي به ولو من تلقاء نفسها لأن العلة من إيجاب إبداء جميع أوجه البطلان في التقرير وفي الميعاد المحدد - في المادة 675 مرافعات - هو تمكين قاضي البيوع من بحث هذه الأوجه والفصل فيها في الجلسة المحددة من قبل في محضر التقرير بالزيادة لإجراء المزايدة الجديدة وجرياً على ما حرص عليه المشرع من تصفية المنازعات في إجراءات التنفيذ أولاً بأول وفي أقصر وقت. وهذه الاعتبارات تتعلق بالصالح العام وليس بمصلحة الخصوم وحدهم.
2 - عدل المشرع عما كانت تنص عليه المادة 580 من قانون المرافعات الملغي من تكليف المقرر بالزيادة بإعلان التقرير بها لذوي الشأن ورفع عن كاهل المقرر بالزيادة هذه التكليف وألغاه - وفقاً لنص المادة 679 مرافعات - على عاتق قلم الكتاب. وذلك للتقليل من احتمال التقصير في إجراء التبليغ. ولم يرتب المشرع جزاء على عدم حصول التبليغ لأحد ذوي الشأن المذكورين في تلك المادة أو على حصوله بعد الميعاد المحدد فيها مكتفياً بما أوجبه في المادة 682 بالنسبة للراسي عليه المزاد من وجوب التحقق قبل إجراء المزايدة الجديدة من أن التقرير بالزيادة قد بلغ إليه وذلك تقديراً من المشرع لأهمية هذا التبليغ بالنسبة للراسي عليه المزاد لما يترتب على التقرير بالزيادة من فسخ شرائه وزوال جميع الآثار المترتبة على رسو المزاد الأول.
3 - لما كانت المادة 679 من قانون المرافعات لم تنص صراحة أو دلالة على البطلان جزاء لمخالفة حكمها وكان تبليغ محضر التقرير بالزيادة إلى الراسي عليه المزاد بعد الميعاد المحدد في تلك المادة وقبل الجلسة المحددة لإجراء المزايدة الجديدة يتحقق به الغاية من التبليغ ولا يترتب عليه ضرر للراسي عليه المزاد، فإنه طبقاً للقاعدة العامة المقررة من المادة 25 من قانون المرافعات لا يترتب البطلان في هذه الحالة خلافاً لما تنص عليه المادة 709 و715 من القانون الفرنسي الذي رتب السقوط على تجاوز ميعاد التبليغ كما ألقى عبء إعلان التقرير بالزيادة على عاتق المقرر بها وعلى ذوي الشأن الآخرين في حالة عدم قيامه بها وهو ما سار على غراره قانون المرافعات القديم أما القانون الحالي فإن المشرع قد جعل التبليغ بمحضر تقرير الزيادة من واجب قلم الكتاب وحده.
4 - النص على البطلان في المادة 681 من قانون المرافعات مقصور على مخالفة أي حكم من الأحكام المنصوص عليها فيها سواء ما تعلق منها بوجوب الإعلان عن البيع الثاني أو بإجراء هذا الإعلان في ميعاد معين أو تضمين الإعلانات بيانات خاصة أو كيفية إجراء هذا الإعلان. ولا يسري هذا البطلان على مخالفة حكم المادة 679 من قانون المرافعات.
5 - تنص المادة 674 من قانون المرافعات على أن لكل شخص ليس ممنوعاً من المزايدة أن يقرر بالزيادة على الثمن بشرط ألا تقل هذه الزيادة عن عشر الثمن. وعبارة هذه المادة من العموم والإطلاق بحيث تشمل الدائن مباشر الإجراءات متى كان غير ممنوع من المزايدة بمقتضى مانع من الموانع المنصوص عليها في المادة 667 من قانون المرافعات فكما يجوز له أن يزايد في جلسة البيع يجوز له أيضاً التقرير بزيادة العشر. ولا يعتبر هذا الدائن بائعاً للمشتري الذي رسا عليه المزاد حتى يمتنع عليه التعرض له وإنما هو مجرد طالب للبيع فقط. ولا يمنعه من زيادة العشر حضوره في المزايدة الأولى وأنه لم يزايد فيها أو كون هذه المزايدة قد جرت بناء على طلبه لأنه علاوة على أن هذا الطلب أمر يحتمه القانون لإمكان إجراء المزايدة وبغير هذا الطلب أو طلب المدين أو الحائز أو أي دائن آخر أصبح طرفاً في الإجراءات يكون البيع باطلاً وفقاً للمادة 662 من قانون المرافعات ومن ثم فلا يفيد هذا الطلب قبول صاحبه رسو المزاد بالثمن الذي رسا به أو تنازله عن حقه في زيادة العشر على هذا الثمن علاوة على هذا فإن الحكمة من التصريح بهذه الزيادة وهي الوصول إلى رفع ثمن العقار إلى أقصى حد ممكن مراعاة لمصلحة المدين ودائنيه على السواء تقضي أن تتاح هذه الزيادة لكل شخص ليس ممنوعاً من المزايدة بمانع قانوني بما في ذلك الدائن مباشر الإجراءات وبخاصة أن له مصلحة محققة في رفع ثمن العقار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بنك مصر المطعون ضده الأول باشر إجراءات التنفيذ العقاري في الدعوى رقم 35 لسنة 1959 كلي بيوع الزقازيق ضد مدينه المرحوم محمد أحمد حمد الله "مورث المطعون ضدهم من الثالث إلى العاشر" على 159 ف و22 ط مملوكة له وسارت هذه الإجراءات في طريقها إلى أن رسا مزاد هذه الأطيان بجلسة أول مايو سنة 1963 على الطاعنين بالثمن الأساسي وقدره 2300 ج حيث لم يتقدم أحد غيرهما للمزايدة - وبتاريخ 9 من مايو سنة 1963 قرر السيد يس شوقي محمد بصفته وكيلاً عن بنك مصر بالتوكيل الرسمي رقم 2443 لسنة 1960 توثيق عام القاهرة في قلم كتاب محكمة الزقازيق الابتدائية بزيادة العشر وحددت جلسة 19 من يونيه سنة 1963 أمام قاضي البيوع لإجراء المزايدة الجديدة وقام قلم الكتاب في 22 مايو سنة 1963 بتبليغ محضر التقرير بالزيادة إلى الطاعنين الراسي عليهما المزاد الأول كما أبلغه إلى ورثة المدين ولم يبلغه إلى المطعون ضدهما الأخيرين الممثلين لمصلحة الضرائب التي كانت تجرى إجراءات التنفيذ في مواجهتها وإن كان قد أخبرهما في 3 يونيه سنة 1963 بالجلسة التي حددت للبيع الجديد. وبتاريخ 13 من يونيه سنة 1963 طعن الطاعنان بتقرير في قلم كتاب محكمة الزقازيق بالبطلان في التقرير بزيادة العشر وأبديا في تقرير الطعن خمسة أوجه للبطلان.
(الأول) عدم تبليغ التقرير بزيادة العشر إلى ذوي الشأن المنصوص عليهم في المادة 679 مرافعات في خلال الخمسة الأيام التالية لانقضاء ميعاد التقرير بالزيادة طبقاً لما توجبه هذه المادة إذ لم يتم التبليغ إلا في يوم 22 مايو سنة 1963 مع أن آخر ميعاد له بعد إضافة ميعاد المسافة كان يوم 19 من الشهر المذكور.
(الثاني) عدم إدخال مصلحة الضرائب في الإجراءات التي تمت بعد التقرير بالزيادة وعدم تبليغ محضر التقرير بالزيادة إليها مع أنها كانت طرفاً في الإجراءات التي اتخذت من قبل.
(الثالث) عدم تبليغ محضر التقرير بالزيادة إلى الدائن مباشر الإجراءات وهو بنك مصر إذ لا يعفى من هذا التبليغ كونه هو المقرر بالزيادة لأن البنك له صفتان متميزتان صفة الدائن مباشر الإجراءات وصفة المقرر بزيادة العشر ويجب لذلك تبليغه بمحضر التقرير بها بصفته الأولى.
(الرابع) حصول التقرير بزيادة العشر ممن ليس له الحق فيه لأن المقرر بها هو الدائن مباشر الإجراءات وهو الذي حدد الثمن الأساسي الذي رسا به المزاد وكان حاضراً في جلسة البيع وطلب إيقاعه بهذا الثمن ولم يتقدم للشراء به ولم يزايد على الراسي عليهما المزاد (الطاعنين) مما يسقط حقه في التقرير بالزيادة بعد رسو المزاد بالثمن الذي حدده هذا علاوة على أن التقرير بزيادة العشر لا يقبل إلا ممن لم يعلم بإجراءات وميعاد البيع الأول.
(الخامس) عدم اشتمال صورة تبليغ التقرير بزيادة العشر المسلمة للراسي عليهما المزاد (الطاعنين) على جميع البيانات الواردة في أصل محضر التقرير بهذه الزيادة وبجلسة 19 من يونيه سنة 1963 المحددة أمام قاضي البيوع لإجراء المزايدة الجديدة حضر محام عن الطاعنين وآخر عن بنك مصر باعتباره مباشراً للإجراءات ومقرراً بزيادة العشر في الوقت نفسه كما حضر محام عن مصلحة الضرائب وطلب إجراء المزايدة وإيداع الثمن خزانة المحكمة وفي هذه الجلسة حكم قاضي البيوع برفض أوجه البطلان السابقة وأمر بإجراء المزايدة في نفس الجلسة ورسا المزاد على نفس الطاعنين مرة أخرى بثمن قدره 4100 جنيه وحكم قاضي البيوع بإيقاع البيع عليهما مناصفة بينهما وعلى وجه التضامن بهذا الثمن - فاستأنف الطاعنان قضاء قاضي البيوع برفض أوجه البطلان التي أبدياها بالنسبة للتقرير بزيادة العشر وذلك أمام محكمة استئناف المنصورة - مأمورية الزقازيق - وقيد استئنافهما برقم 156 سنة 6 قضائية وأضافا أمام تلك المحكمة إلى أوجه البطلان الخمسة التي كانا قد أبدياها في التقرير أربعة أوجه أخرى جديدة هي:
1 - عدم وجود صفة للمقرر بالزيادة وهو السيد/ يس شوقي محمد كوكيل عن بنك مصر وذلك لبطلان التوكيل الذي قرر بمقتضاه بهذه الزيادة بطلاناً مطلقاً لأن أحد الشاهدين الموقعين عليه باعتباره عقداً رسمياً هو من ضمن المحامين الموكلين الذين شملهم هذا التوكيل وهذا يخالف نص المادة 8 من اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 التي تحظر أن يكون للشاهد صالح في المحرر المطلوب توثيقه.
2 - حصول التقرير بالزيادة من وكيل ليس لديه توكيل خاص للقيام بهذا التقرير لأن التقرير بزيادة العشر يعتبر من أعمال التصرف ولا بد لإجرائه من وكالة خاصة وفقاً لما تقضي به المادة 702 من القانون المدني.
3 - عدم توقيع التقرير بالزيادة من محام.
4 - مخالفة قاض البيوع لنص المادة 682 مرافعات لرفضه طلب الطاعنين تأجيل البيع لجلسة أخرى حتى تستوفى الإجراءات ويتم تبليغ محضر التقرير بزيادة العشر إلى من لم يبلغ به من ذوي الشأن في الإجراءات.
وبتاريخ 5 من فبراير سنة 1964 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه أول إبريل سنة 1964 وقدم المطعون ضدهما الأخيران الممثلان لمصلحة الضرائب مذكرة طلبا فيها رفض الطعن كما قدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى ذات الرأي وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صمم الجميع على المذكرات المقدمة منهم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون ذلك أنه مع تسليمه بما قاله الطاعنان عن بطلان التوكيل رقم 2443 لسنة 1960 رسمي عام القاهرة الذي قرر بمقتضاه السيد/ يس شوقي محمد بزيادة العشر نيابة عن بنك مصر فإن الحكم مع ذلك رفض اعتبار التقرير بهذه الزيادة باطلاً لهذا السبب بمقولة إن التقرير بزيادة العشر الذي قرر به يس شوقي ليس لازماً أن تتوافر فيه الرسمية وأنه لذلك لا يشترط أن يكون التوكيل بإجرائه رسمياً في نطاق المادة 700 من القانون المدني وأنه إذ كانت الوكالة من العقود الرضائية التي يمكن أن تنعقد بالرضاء الضمني فإنه لا يلزم التصريح بها كتابة وأنه ما دام الموكل وهو بنك مصر لا يجحد التوكيل الصادر منه لمن قرر بالزيادة نيابة عنه فلا يكون للطاعنين إقحام نفسيهما في هذا الشأن لما في ذلك من التدخل بغير موجب في علاقة ذوي الشأن بوكلائهم - ويرى الطاعنان أن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه خطأ في القانون لأن المادة 674 مرافعات توجب حصول التقرير بالزيادة بمحضر في قلم كتاب المحكمة كما توجب تضمين هذا المحضر بيانات معينة وتنص المادة 675 على أن التقرير بالزيادة يكون باطلاً إذا لم تراع فيه أحكام المادة السابقة وبهذا يكون القانون قد أوجب صراحة حصول التقرير بالزيادة بمحضر رسمي وبأوضاع معينة واعتبر كل تقرير لا يحصل بهذه الكيفية باطلاً ومتى كان التقرير بزيادة العشر لا يجوز إلا بورقة رسمية فإن التوكيل بإجرائه يجب أن يكون رسمياً وصحيحاً طبقاً لما تتطلبه المادة 700 من القانون المدني ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مخطئاً فيما قرره من أن التقرير بالزيادة ليس لازماً أن تتوافر فيه الرسمية كما أخطأ فيما قاله من أن ما يثيره الطاعنان في شأن بطلان التوكيل يعد تدخلاً منهما بغير موجب في علاقة ذوي الشأن بوكلائهم إذ من المسلم به فقهاً وقضاء أن أي تقرير يتم أمام جهة رسمية بواسطة وكيل لا بد فيه من وجود أصل التوكيل الذي يدعي الوكيل وكالته بموجبه ومن تقديم هذا التوكيل إلى الموظف العام المختص بتحرير محضر التقرير ومن حق الطاعنين أن يطعنا ببطلان التوكيل الصادر للمقرر بزيادة العشر.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك بأن المادة 675 من قانون المرافعات توجب إبداء أوجه البطلان في التقرير بزيادة العشر بتقرير في قلم الكتاب قبل الجلسة المحددة للبيع بثلاثة أيام على الأقل وإلا سقط الحق فيها ولما كان الثابت أن الطاعنين أبديا في التقرير المحرر في يوم 13 من يونيه سنة 1963 بقلم كتاب محكمة الزقازيق خمسة أوجه لبطلان التقرير بزيادة العشر لم يكن من بينها وجه البطلان المؤسس على بطلان التوكيل الصادر من بنك مصر إلى من قرر بالزيادة نيابة عنه بل إن هذا الوجه أبدي منهما لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ولم يسبق عرضه على قاضي البيوع فإن حق الطاعنين في التمسك به يكون قد سقط طبقاً لصريح نص المادة 675 من قانون المرافعات - ولقد فطن الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الوجه أبدي لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ونوه بذلك في أسبابه وأشار إلى حكم تلك المادة وما يقتضيه من سقوط الحق فيما لم يبد من أوجه البطلان بطريق التقرير في قلم الكتاب وفي الميعاد المبين في هذه المادة غير أن الحكم ذهب إلى القول "بأن صياغة نص المادة المذكورة وإشارته إلى سقوط الحق في طلب البطلان يدل على أن البطلان نسبي وأنه لا يتعلق بالنظام العام وعلى ذلك فلا يجوز التمسك به لغير ذوي الحق فيه طبقاً للقاعدة الأصلية في بطلان الإجراءات وفق المادة 26 من قانون المرافعات وأنه إذ صمت المستأنف عليهم عدا الأخيرين "ممثلي مصلحة الضرائب" عن ذلك تبعاً لعدم تقديم مذكرة منهم في مرحلة الاستئناف فإن المحكمة لا تملك إلا أن تتعرض لكافة المطاعن التي وجهها المستأنفان الراسي عليهما المزاد في البيع الأول ما أبدي منها في التقرير وما لم يبد" - وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ جره إليه خلطه بين البطلان الذي يطعن به على التقرير بزيادة العشر وبين الجزاء المقرر على عدم إبداء أوجه هذا البطلان بالطريق المبين في المادة 675 من قانون المرافعات وهذا الجزاء هو سقوط الحق فيها وهذا الجزاء متى تحقق موجبه يتحتم على المحكمة أن تقضي به ولو من تلقاء نفسها لأن العلة من إيجاب إبداء جميع أوجه البطلان في التقرير وفي الميعاد المحدد في تلك المادة هي تمكين قاضي البيوع من بحث هذه الأوجه والفصل فيها في الجلسة المحددة من قبل في محضر التقرير بالزيادة لإجراء المزايدة الجديدة وذلك إعمالاً لما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها من أن ينظر قاضي البيوع في أوجه البطلان قبل افتتاح المزايدة ويحكم فيها على وجه السرعة - وجرياً على ما حرص عليه المشرع من تصفية المنازعات في إجراءات التنفيذ أولاً بأول وفي أقصر وقت وهذه الاعتبارات تتعلق بالصالح العام وليس بمصلحة الخصوم وحدهم هذا إلى أن ما تنص عليه هذه الفقرة من أن قاضي البيوع هو الذي ينظر أوجه البطلان في التقرير بالزيادة يؤكد عدم جواز إبداء أوجه جديدة لم يسبق عرضها عليه - لما كان ذلك وكان حق الطاعنين في إبداء أوجه البطلان المؤسسة على بطلان التوكيل الصادر من بنك مصر لمن قرر بزيادة العشر نيابة عنه وعدم صلاحية هذا التوكيل للتقرير بهذه الزيادة - هذا الحق كان قد سقط لما تقدم ذكره فإنه لم يكن على محكمة الاستئناف بل لم يكن لها أن تعرض لهذه الأوجه أصلاً ولذلك يكون كل ما ورد في أسباب حكمها المطعون فيه بصدد بحث هذه الأوجه زائداً على حاجة الدعوى ولم يكن يقتضيه الفصل فيها. وبالتالي فإن خطأ الحكم فيما قرره من عدم لزوم توافر الرسمية في التقرير بزيادة العشر يكون قد وقع فيما تزيد فيه الحكم وفيما لا يؤثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم يكون النعي بهذا الخطأ وبجميع ما تضمنه هذا السبب عديم الجدوى.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الطاعنين تمسكا ببطلان التقرير بزيادة العشر لتبليغ محضر التقرير إليهما بعد الميعاد المحدد في المادة 679 من قانون المرافعات وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الوجه بمقولة إن عدم مراعاة الميعاد المذكور لا يترتب عليه البطلان ويرى الطاعنان أن هذا من الحكم خطأ في القانون لأن المادة 679 توجب على قلم الكتاب تبليغ محضر التقرير بالزيادة إلى الراسي عليه المزاد وباقي ذوي الشأن خلال الخمسة الأيام التالية لانقضاء ميعاد التقرير بالزيادة وإذا كان المشرع لم ينص في هذه المادة على جزاء لعدم إجراء التبليغ في هذا الميعاد إلا أن الجزاء الحتمي هو سقوط التقرير بالزيادة يؤكد ذلك أن نص المادة 679 مأخوذ عن نص المادة 709 من قانون المرافعات الفرنسي ووفقاً للمادة 715 من القانون المذكور ولما يسلم به الفقه والقضاء في فرنسا يترتب على عدم تبليغ التقرير بالزيادة في الميعاد سقوط التقرير حتماً - كما أنه لا يعقل أن ينص القانون على ميعاد معين للقيام بإجراء هام ثم يتركه بغير جزاء والمادة 25 من فانون المرافعات توجب الحكم بالبطلان ولو لم ينص عليه إذا تعلق الأمر بمخالفة شكل جوهري ثم إن عبارة المادة 681 مرافعات الخاصة بالإعلان عن البيع تفيد أن البطلان الذي ترتبه لا يقتصر على مخالفة الحكم الوارد فيها وإنما ينصرف أيضاً إلى مخالفة أحكام المادتين السابقتين عليها لأنها نصت على الأحكام التي يترتب على عدم مراعاتها البطلان بصيغة الجمع مع أنها لا تتضمن إلا حكماً واحداً ولا محل للقول بأن التبليغ المعيب لا يمكن أن يؤثر في صحة التقرير بالزيادة لأن التبليغ لاحق على التقرير إذ أن هذا التقرير لا يؤدي الغرض منه إلا بإعلام ذوي الشأن بطريق تبليغه إليهم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن المشرع قد عدل عما كانت تنص عليه المادة 580 من قانون المرافعات الملغي من تكليف المقرر بالزيادة بإعلان التقرير بها لذوي الشأن ورفع عن كاهل المقرر بالزيادة هذا التكليف وألقاه على عاتق قلم الكتاب وذلك للحكمة التي أفصح عنها في المذكرة الإيضاحية وهي التقليل من احتمال التقصير في إجراء التبليغ ولهذا نص في المادة 679 من القانون القائم على أن يقوم قلم الكتاب بتبليغ محضر التقرير بالزيادة خلال خمسة الأيام التالية لانقضاء ميعاد التقرير بها إلى الراسي عليه المزاد والمدين والحائز وإلى المقررين بالزيادة الآخرين وكذلك إلى الدائن مباشر الإجراءات وجميع الدائنين الذين أصبحوا طرفاً في الإجراءات وفقاً للمادة 637" - ولم يرتب المشرع جزاء على عدم حصول التبليغ المتقدم لأحد ذوي الشأن المذكورين في هذه المادة أو على حصوله بعد الميعاد المحدد فيها مكتفياً بما أوجبه في المادة 682 بالنسبة للراسي عليه المزاد الأول من وجوب التحقق قبل إجراء المزايدة الجديدة من أن التقرير بالزيادة قد بلغ إليه وذلك تقديراً من المشرع لأهمية هذا التبليغ بالنسبة إلى الراسي عليه المزاد لما يترتب على التقرير بالزيادة من فسخ شرائه وزوال جميع الآثار المترتبة على رسو المزاد الأول. ولما كانت المادة 679 من قانون المرافعات آنفة الذكر لم تنص صراحة أو دلالة على البطلان جزاء لمخالفة حكمها وكان تبليغ محضر التقرير بالزيادة إلى الراسي عليه المزاد بعد الميعاد المحدد في تلك المادة وقبل الجلسة المحددة لإجراء المزايدة الجديدة تتحقق به الغاية من التبليغ ولا يترتب عليه ضرر للراسي عليه المزاد فإنه طبقاً للقاعدة العامة المقررة من المادة 25 من قانون المرافعات لا يترتب البطلان في هذه الحالة - ولا محل للاستناد إلى المادة 709 من قانون المرافعات الفرنسي وإلى ما ترتبه المادة 715 من ذلك القانون من سقوط على تجاوز ميعاد التبليغ المنصوص عليه في المادة الأولى وذلك لاختلاف نص هذه المادة عن نص المادة 679 من القانون المصري اختلافاً بيناً ولأن المشرع المصري - على ما أفصح عنه في المذكرة الإيضاحية - قد تنكب عامداً ما استنه المشرع الفرنسي من جعل عبء إعلان التقرير بالزيادة على عاتق المقرر بها وعلى ذوي الشأن الآخرين في حالة عدم قيامه به وهو ما سار على غراره قانون المرافعات القديم - وجعل المشرع في القانون القائم التبليغ بمحضر التقرير بالزيادة من واجب قلم الكتاب وحده - كما أنه لا محل لما يذهب إليه الطاعنان من أن النص على البطلان الوارد في المادة 681 الخاصة بالإعلان عن البيع يسري على مخالفة حكم المادة 679 وذلك لانقطاع الصلة بين المادتين ولأن النص على البطلان في المادة 681 مقصور على مخالفة أي حكم من الأحكام المنصوص عليها فيها سواء ما يتعلق منها بوجوب الإعلان عن البيع الثاني أو بإجراء هذا الإعلان في ميعاد معين أو تضمين الإعلانات بيانات خاصة أو كيفية إجراء هذا الإعلان.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في فهم الوقائع وفي إنزال حكم القانون عليها وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما تمسكا ببطلان التقرير بزيادة العشر على أساس أن بنك مصر المقرر بها لا حق له في زيادة العشر لأنه كان حاضراً في جلسة البيع الأول التي رسا فيها المزاد على الطاعنين وطلب إجراء المزايدة بالثمن الأساسي الذي حدده والذي رسا به المزاد على الطاعنين ولم يزايد البنك على هذا الثمن فلا يجوز أن يعود فيقرر بزيادة العشر لكن الحكم المطعون فيه رغم تقريره بأن الحكمة من إعادة البيع بعد زيادة العشر هي تمكين من تخلف عن حضور المزايدة الأولى من زيادة العشر بعد رسو المزاد إلا أن الحكم مع ذلك رفض هذا الوجه من أوجه بطلان التقرير بالزيادة على أساس ما تخيله من أن البنك لم يكن حاضراً في البيع الأول ولهذا اعتبره من المتخلفين الذين يجوز لهم التقدم لزيادة العشر. وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن المادة 674 من قانون المرافعات على أن لكل شخص ليس ممنوعاً من المزايدة أن يقرر بالزيادة على الثمن بشرط ألا تقل هذه الزيادة عن عشر الثمن - وعبارة هذه المادة من العموم والإطلاق بحيث تشمل الدائن مباشر الإجراءات متى كان غير ممنوع من المزايدة بمقتضى مانع من الموانع المنصوص عليها في المادة 667 من قانون المرافعات فكما يجوز له أن يزايد في جلسة البيع يجوز له أيضاً التقرير بزيادة العشر. ولا يعتبر هذا الدائن بائعاً للمشتري الذي رسا عليه المزاد حتى يمتنع عليه التعرض له وإنما هو الأول مجرد طالب للبيع فقط ولا يمنعه من زيادة العشر حضوره في المزايدة الأولى وأنه لم يزايد فيها أو كون هذه المزايدة قد جرت بناءً على طلبه لأنه علاوة على أن هذا الطلب أمر يحتمه القانون لإمكان إجراء المزايدة وبغير هذا الطلب أو طلب المدين أو الحائز أو أي دائن آخر أصبح طرفاً في الإجراءات يكون البيع باطلاً وفقاً للمادة 662 ومن ثم فلا يفيد هذا الطلب قبول صاحبه رسو المزاد بالثمن الذي رسا به وتنازله عن حقه في زيادة العشر على هذا الثمن علاوة على هذا فإن الحكمة من التصريح بهذه الزيادة وهي الوصول إلى رفع ثمن العقار إلى أقصى حد ممكن مراعاة لمصلحة المدين ودائنيه على السواء هذه الحكمة تقتضي أن تتاح هذه الزيادة لكل شخص ليس ممنوعاً من المزايدة بمانع قانوني بما في ذلك الدائن مباشر الإجراءات وبخاصة وأن له مصلحة محققة في رفع ثمن العقار. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد أنزل حكم القانون الصحيح ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس وليس صحيحاً ما يقوله الطاعنان من أن محكمة الاستئناف لم تجز لبنك مصر مباشر الإجراءات التقرير بزيادة العشر إلا لما توهمته من أنه لم يكن حاضراً جلسة البيع الأول وأنها على هذا الأساس اعتبرته من المتخلفين الذين يجوز لهم زيادة العشر ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقريراته أن بنك مصر كان حاضراً في جلسة البيع الأول وطلب إيقاعه وقرر الحكم أن هذا الطلب منه لا يمنعه من التقرير بعد ذلك بزيادة العشر لأنه كما يجوز له أن يزايد في جلسة البيع يجوز له أيضاً التقرير بزيادة العشر ولم يقل الحكم أن حق التقرير بهذه الزيادة مقصور على من تخلف عن حضور المزايدة الأولى أما قوله بأن حكمة إعادة البيع هي التمكين من المزايدة لكل من فاته الدخول في المزاد الأول فإنه لا يؤدي إلى المعنى الذي فهمه الطاعنان فقد يكون الخصم حاضراً في جلسة المزايدة الأولى وفاته الدخول فيها لأنه لم يكن معدّاً نفسه لها من حيث وجود المال اللازم إيداعه من المزايد طبقاً للمادة 669 مرافعات.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

الأحد، 29 أكتوبر 2023

الطعن 1182 لسنة 34 ق جلسة 15 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 162 ص 825

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وقطب فراج، ونور الدين عويس.

----------------

(162)
الطعن رقم 1182 لسنة 34 القضائية

(أ) تقسيم. بناء. قانون.
مجال تطبيق القانون 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء: بالنسبة للمباني التي تقام على الأرض. لا انطباق له على المباني البعيدة عن الطابق الأرضي.
(ب) وصف التهمة. بناء. عقوبة. "عقوبة نوعية".
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم. من واجبها تمحيص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها. طالما أن الواقعة المادية التي رفعت بها الدعوى لم تتغير.
إقامة بناء بدون ترخيص. ثبوت أن هذا البناء لم تخالف فيه الاشتراطات التي فرضها القانون 656 لسنة 1954. وجوب الحكم على المخالف بالغرامة وسداد رسوم الترخيص. عقوبة سداد رسوم الترخيص نوعية لازمة عن طبيعة الجريمة.

--------------
1 - مجال تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940 - بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء بحسب ما يشير إليه عنوانه وذات نصوصه قاصر - بالنسبة للمباني - على المباني التي تقام على الأرض - أي حين إقامة الطابق الأول الأرضي - فلا انطباق له على واقعة الدعوى طالما أن مدار المحاكمة فيها قاصر على مبان بعيدة عن الطابق الأرضي وفي دور تال له.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم ومن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها. ولما كان الثابت أن المطعون ضده قد أقام حجرتين بالطابق الأول العلوي بغير ترخيص، فإنه كان على المحكمة أن تقضي في الدعوى على هذا الأساس طالما أن الواقعة المادية التي رفعت بها الدعوى وهي "إقامة البناء" لا تعتبر واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بغير ترخيص. ولما كانت المخالفة قد انحصرت في إقامة البناء قبل الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم مما ينطبق على المادتين 1 و30 من القانون رقم 656 لسنة 1954، وكان لا يبين من الأوراق أن البناء في ذاته قد خولفت فيه الاشتراطات التي فرضها القانون المشار إليه فإنه يتعين مع الحكم بتأييد الغرامة المقضي بها وجوب الحكم بسداد الرسوم المستحقة عن الترخيص عملاً بما تقضي به المادة 30 سالفة الذكر، إذ الحكم بسداد الرسوم عقوبة نوعية لازمة عن طبيعة الجريمة.

--------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 14/ 7/ 1958 بدائرة قليوب: أقام بناء على أرض غير مقسمة ولا تطل على طريق قائم دون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و4 و6 و12 و13 و20 من القانون رقم 52 لسنة 1940. ومحكمة قليوب الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 17/ 10/ 1958 عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 100 قرش والإزالة على مصاريفه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 20/ 2/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه هو خطؤه في تطبيق القانون فيما قضى به من تأييد عقوبة الإزالة المحكوم بها من محكمة أول درجة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء. ذلك أن الواقعة المسندة إلى المطعون ضده لا تخرج عن كونها إقامة بناء بدون ترخيص مما ينطوي على مخالفة لأحكام القانون رقم 656 لسنة 1954 بشأن تنظيم المباني والعقاب طبقاً له غرامة لا تقل عن جنيهاً ولا تتجاوز عشرة جنيهات وسداد رسوم الترخيص. إلا أنه وقد كان الاستئناف من المتهم وحده فلا يحكم بعقوبة سداد رسوم الترخيص إذ لم يقض بها الحكم المستأنف وحتى لا يضار الطاعن بطعنه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه أقام بناء على أرض غير مقسمة ولا تطل على طريق قائم دون ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وطلبت النيابة العامة معاقبته بأقصى العقوبة المقررة بالمواد 1 و2 و3 و4 و6 و12 و13 و20 من القانون رقم 52 لسنة 1940 بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء ومحكمة أول درجة قضت غيابياً عملاً بمواد القانون التي طلبت النيابة تطبيقها بتغريمه جنيهاً واحداً والإزالة. فاستأنف مباشرة وانتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. ولما كان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن مهندس التنظيم خلص في محضره إلى أن المتهم "تجارى على إقامة حجرتين بالدور الأول العلوي مخالفاً بذلك نصوص القانون رقم 52 لسنة 1940 وطلب الحكم عليه بالغرامة والإزالة لغاية سطح الدور الأول العلوي" مما مؤداه أن المخالفة موضوع المحاكمة خاصة بما أقيم من بناء فوق الدور الأول. لما كان ذلك، وكان مجال تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940 - بشأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء بحسب ما يشير إليه عنوانه وذات نصوصه قاصر بالنسبة للمباني - على المباني التي تقام على الأرض - أي حين إقامة الطابق الأول الأرضي - فلا انطباق له على واقعة الدعوى إذ مدار المحاكمة فيها قاصر على مبان بعيدة عن الطابق الأرضي وفي دور تال له. لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم أن المطعون ضده أقام حجرتين بالدور الأول العلوي بغير ترخيص فإنه كان على المحكمة أن تقضي في الدعوى على هذا الأساس طالما أن الواقعة المادية التي رفعت بها الدعوى وهي "إقامة البناء" لا تعتبر واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بغير ترخيص. لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم ومن واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها. لما كان ذلك، وكانت المخالفة قد انحصرت في إقامة البناء قبل الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم مما ينطبق على المادتين 1 و30 من القانون رقم 656 لسنة 1954 وكان لا يبين من الأوراق أن البناء في ذاته قد خولفت فيه الاشتراطات التي فرضها القانون المشار إليه فإنه يتعين مع الحكم بتأييد الغرامة المقضي بها وجوب الحكم بسداد الرسوم المستحقة عن الترخيص عملاً بما تقضي به المادة 30 من القانون رقم 656 لسنة 1954 إذ الحكم بسداد الرسوم عقوبة نوعية لازمة عن طبيعة الجريمة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الإزالة وإلزام المطعون ضده الرسوم المستحقة عن الترخيص.