صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الأربعاء، 25 أكتوبر 2023
المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الكويتي / م 1 - م 208
اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةُ 1 - مَصَادِر اَلْقَانُونِ
عودة الى صفحة المذكرة الايضاحية للقانون المدني المصري 1948
راجع : مشروع تنقيح القانون المدني ، وزارة العدل المصرية ، المطبعة الاميرية ، 1948 ، ج 1 ، ص 17 - 22.
مَادَّةُ 1
(لائحة تريب
المحاكم الأهلية والمختلطة م 29 /52) (١)
1 - تسري
النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها
.
٢ – فإذا لم
يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكم القاضي بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ
القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
٣ - ويستلهم
في ذلك الأحكام التي أقرها القضاء والفقه مصرياً كان أو أجنبياً وكذلك يستلهم
مبادئ الشريعة الإسلامية
(التقنين السويسري
م 1 ولائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمختلطة م 29 /52) (٢)
--------------------
(1) المادة ٢٩
من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية : إن لم يوجد نص صريح بالقانون يُحكم بمقتضى قواعد
العدل ويُحكم في المواد التجارية بمقتضى تلك القواعد أيضا وبموجب العادات التجارية
.
والمادة ٥٢ من
لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة : إذا لم يوجد في القانون نص ينطبق على
الحالة المعروضة أو كان النص قاصراً أو غامضاً يتبع القاضي مبادئ القانون الطبيعي
وقواعد العدل والإنصاف .
(۲) النصوص المقابلة :
C. Civ. Suisse, Art 1er., al. 1er. La loi régit toutes les matières auxquelles se rapportent la lettre ou l'esprit de l'une de ses dispositions. A défaut d'une disposition légale applicable, le juge prononce, selon le droit coutumier et, à défaut d'une coutume, selon les règles qu'il établirait s'il avait à faire acte de législateur.
Il s'inspire des solutions consacrées par la doctrine et la jurisprudence.
C. Civ. Esp., Art 6, al. a. Lorsque la loi n'est pas exactement applicable à l'espèce discutée, on appliquera la coutume du lieu et les règles générales du droit. C. Civ. Chin., Art. ter. - En matière civile, à défaut de disposition légale applicable, on suit la coutume, et, à défaut de coutume, les principes généraux du droit.
C. Civ. Port, Art 16. Les questions relatives à des droits et obligations qui ne pourraient être résolues ni par le texte de la loi, ni par son esprit ni par un argument tiré des dispositions d'autres lois concernant des cas analogues seront décidées par les principes du droit naturel, eu égard aux circonstances du fait.
1- جمع المشروع في
هذه المادة ما يعرف في اصطلاح الفقه بمصادر القانون واسترشد
في ذلك بالتقنيات الحديثة وبالتقنين السويسري بوجه
---------------------
C. Civ. Ital. de 1933. Art 3 - Dans l'application de la loi, on ne saurait lui attribuer un sens autre que celui qui résulte de ses termes, d'après leur complexité et de l'intention du législateur.
Si le litige ne saurait être tranché par une disposition précise de la loi, on aura recours aux dispositions qui régissent les cas similaires ou les matières analogues si le doute subsiste, il y sera statué d'après les principes généraux de l'ordre juri- diques de l'Etat.
القضاء المصري
:
الفقرة 1 : إسكندرية
٢٠ نوفمبر ١٨٩٦ القضاء ٤ ص ٩٦ ومصر ۲۰ يناير ۱۹۲۹ المحاماة ٩ ص ٥٣٩ ونقض جنائي ٢٨ نوفمبر
١٩٠١ الحقوق ١٦ ص ٢٨٥ و ٩ يونيه ١٩٠٦ مج و ١٩٠٨ رقم ٣٦ واستئناف مختلط ۲۱ ديسمبر
۱۸۹۸ ب ۱۱ ص 55 و ۲۳ فبراير ۱۹۱۱ ب ۲۳ ص ۱۹4 و ۱۰ مايو ۱۹۲۸ ب ۳۳ ص ۳۱۹ و ۲ ديسمبر
١٩٢٦ ب ٣٩ ص ٤٥ و ٢٤ مايو ١٩٢٧ ب 3٥ ص ٥۰5 و ٢٦ ديسمبر ۱۹۳۳ ب ٤٦ ص ٩٥ و ١٩ فبراير
١٩٣٤ ب ٤٦ ص ١٧١ .
الفقرة ٢ :
استئناف مصر ٩ يونيه ١٨٩١ الحقوق ٦ ص ١٤٥ ومصر 11 ابريل ١٩٠٥ مج ٦ ص ١٤٠ واستئناف
مصر ٢٧ فبراير ١٩٢٣ المحاماة ٣ ص ٤٠٤ ومصر ٢٦ ديسمبر ١٩٢٢ المحاماة ۳ ص ۷۷
واستئناف مصر 5 يناير ١٩٢٤ المحاماة س ٥ ص ٣٢٤ وأسيوط الجزئية ١٦ فبراير ١٩٢٤
المحاماة ٤ ص ٩٤١ والزقازيق ٢٧ أكتوبر ۱۹۲۹ المحاماة ۱۰ ص ٣٣٤ ونقض مدني ۲۸ مارس
١٩٤٠ المحاماة ۲۰ ص ١٣٧٤ ومصر ١٤ أبريل ١٩٤٠ المحاماة ۲۰ ص ۱۲۱۳ و ۱۲۱٤ واستئناف
مختلط ۲ يناير ۱۹۱۰ ب ۲۲ ص ۱6۲ و ۲۷ مايو ۱۹۳۰ ب ٤٢ ص 5۱۷ و ۱۸ ديسمبر ۱۹۳۰ ب ٤٣ ص
٩٤ و ٢٠ يناير ١٩3١ ب ٤٣ ص ١٦١ و ١٦ ديسمبر ١٩٣١ ب ٤٤ ص ٦٥. وفيما يتعلق بقواعد
العدالة والقانون الطبيعي : استئناف مصر ۳۱ مايو ١٩٢٤ المحاماة ٤ ص ۹۳۳، واستئناف
مختلط ۹ مايو ١٩١٥ ب ٢٧ ص ٣٤٢ و ١٨ أبريل ١٩٣٥ ب ٤٧ ص ٢٥٧ .
الفقرة ٣ :
أنظر المنصورة الابتدائية ٢٣ سبتمبر ١٩٢٤ المحاماة 5 ص ٣٣٧ و٣٠ يونيه ۱۹۳۰ المحاماة
۱۱ ص ٦٢٦ واستئناف مختلط ۹ فبراير ۱۹۳۷ ب ٤٩ ص ٩٩ و ٨ يونيه ١٩٣٧ ب ٤٩ ص ٢٥٥ ، وفيما
يتعلق بالشريعة الإسلامية استئناف أهلي ١٠ أغسطس ۱۸۹۱ الحقوق ٧ ص ١٠٥ و استئناف
مختلط ١٤ ديسمبر ١٨٩٢ ب ٥ ص ٤٦ و ٢٣ مارس ۱۹۱۱ ب ۲۳ ص 235 و ۲۳ مارس ۱۹۲۳ ب 35 ص 33۰
و 3 مارس ۱۹۳۷ ب 49 ص ١٢٤ .
خاص . وليس يقصد من جمع المصادر على هذا النحو إلى مجرد تعدادها بل يراد بوجه خاص بيان تدرجها من حيث الأولوية في التطبيق . ولا يتضمن التشريع المصري الوضعي فيما يتعلق بهذه المصادر إلا نصوصاً مبعثرة أهمها المادة ٢٩ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمادة ٥٢ من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة بيد أن هاتين المادتين يشوبهما اضطراب في الصياغة وهما بعد لا تنزلان العرف منزلة تتناسب مع أهميته كمصدر تكميلي مرن يسد جانباً من نقص التشريع ويدأب على مسايرة التطور الدائم في نطاق الروابط الاجتماعية . فالمادة ٢٩ تحيل القاضي إلى قواعد العدل ” إن لم يوجد نص صريح بالقانون " مع أن الصراحة قد تعوز النص ومع ذلك ينطوي فيه الحكم التشريعي ويتيسر استخلاصه من طريق التفسير وهي لا تعرض لتطبيق العرف إلا أن يتخذ صورة " العادات التجارية " في مواد التجارة والمادة ٥٢ تحيل القاضي إلى قواعد العدل والقانون الطبيعي " إذا لم يوجد في القانون نص . . أو كان النص قاصراً أو غامضاً " وتغفل العرف إغفالاً تاماً . وهي إذ تفرق بين عدم وجود النص وقصوره وغموضه لا تقصد إلا مواجهة حالة نقص التشريع ولم يعدم هذا التفريق أثراً فيما خالط آراء الفقه والقضاء من لبس وإبهام .
2 - وتقتصر الفقرة الأولى على رسم حدود سريان التشريع من حيث الموضوع وهي تطابق في عبارتها الفقرة الأولى من المادة 1 من التقنين المدني السويسري وليس للتشريع في حكم هذه الفقرة ذلك السلطان الجامع المانع الذي آمن به فقهاء الشرح على المتون في مطلع القرن التاسع عشر . وإنما هو أهم مصادر القانون دون منازع ولا سيما في ظل نظام التقنين . ولذلك يخلق بالقاضي أن يلتمس الحكم الذي يطبق على النزاع في نصوص التشريع أولاً ومتى وجد الحكم فيه أو استخلصه منه تعين أن يمضيه وامتنع عليه الأخذ بأسباب الاجتهاد. ونصوص التشريع تسري على جميع المسائل التي ينسحب عليها حكمه سواء استخلص هذا الحكم من عبارة النص أم من روحه . وليس أدعى إلى إسلاس تطبيق القواعد التشريعية وتيسير أسباب المرونة لها من تقصي روح النص إما بالرجوع إلى مصادره التاريخية أو أعماله التحضيرية وإما باستنباط لوازمه أو بالكشف عن حقيقة مفهومه أو دلالته بطرق التفسير المختلفة. والإشارة إلى روح النص أو فحواه أفضل في هذا المقام من إشارة المادة 3 من التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة ۱۹۳۸ إلى نية المشرع فهذه النية أمر مستتر يفترض وجوده في الغالب قد لا يطابق الحقيقة في كثير من الأحيان وقد لا يتاح الوقوف عليه في أحيان أخرى . فالواقع أن النص متى خرج من يد واضعيه اتصل بالحياة وتفاعل معها وأصبح للظروف الاجتماعية في تحديد نطاقه ومراميه شأن يجاوز في خطره تلك النية التي تقدم ذكرها .
3 - وتعرض الفقرة الثانية لحالة نقص التشريع
فتحيل القاضي مبدئياً إلى العرف وهي في ذلك تتفق مع الفقرة ٢ من المادة 1 من
التقنين المدني السويسري . والواقع أن العرف هو المصدر الذي يلي التشريع في
المرتبة فمن الواجب أن يلجأ إليه القاضي مباشرة إن افتقد النص . وإذا كانت المادة
٢٩ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية قد اقتصرت على ذكر "العادات
التجارية" فأكبر الظن أنها قصدت بذلك إلى استظهار ما للعرف من أهمية خاصة في
المعاملات التجارية لا إلى قصر نطاق تطبيق نوع من أنواع القواعد العرفية على هذه
المعاملات دون غيرها . فالعرف هو المصدر الشعبي الأصيل الذي يتصل اتصالاً مباشراً
بالجماعة ويعتبر وسيلتها الفطرية لتنظيم تفاصيل المعاملات ومقومات المعايير التي
يعجز التشريع عن تناولها بسبب تشعبها أو استعصائها على النص . ولذلك ظل هذا المصدر
وسيظل إلى جانب التشريع مصدراً تكميلياً خصباً لا يقف إنتاجه عند حدود المعاملات التجارية
بل يتناول المعاملات التي تسري في شأنها قواعد القانون المدني وسائر فروع القانون
الخاص والعام على السواء .
4 - فإذا لم يجد القاضي في التشريع أو العرف
حكماً يمكن تطبيقه وجب أن يلجأ إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة وفقاً
لنص الشق الثاني من الفقرة الثانية . وهذا الشق لا يستحدث جديداً وإنما ينقل
العبارة الواردة في المادة ٥٢ من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة دون
تغيير . ولم يشأ المشروع أن يجاري التقنين المدني السويسري فيأذن للقاضي بأن يطبق
في هذه الحالة ما كان يضع هو من القواعد لو عهد إليه بأمر التشريع ( فقرة ٢ من
المادة 1) بعد أن أخذ على هذه الصيغة من ناحية الشكل أنها تخول القضاء حق إنشاء
الأحكام القانونية مع أن عمله ينحصر في تطبيق هذه الأحكام فحسب . ولم يشأ المشروع
كذلك أن يحيل القاضي إلى المبادئ العامة في قانون الدولة (م۳ من التقنين المدني الإيطالي الجديد) أو إلى مبادئ القانون العامة فحسب (م 1 من التقنين الصيني ) بل احتفظ بعبارتي القانون الطبيعي والعدالة . وإذا
كانت عبارة التقنينات الحديثة تفضل هاتين العبارتين من بعض الوجوه بسبب ما يؤخذ
عليهما عادة من الإبهام إلا أن الواقع أن هذه العبارات جميعاً لا ترد القاضي إلى
ضابط يقيني وإنما هي تلزمه أن يجتهد رأيه حتى يقطع عليه سبيل النكول عن القضاء .
وهي تقتضيه في اجتهاده هذا أن يصدر عن اعتبارات موضوعية عامة لا عن تفكير ذاتي خاص
فتحيله إلى مبادئ أو قواعد كلية تنسبها تارة إلى القانون الطبيعي وتارة إلى
العدالة وتارة إلى قانون الدولة أو القانون بوجه عام دون نعت أو تخصيص.
5 - وإزاء ذلك آثر المشروع أن يبقي على التعبير الذي استعمل في نصوص التشريع القائم ويسر للقضاء أسباب الاجتهاد في أرحب نطاق. ففي كنف مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة طبقت المحاكم المبادئ العامة في القانون المصري وأخذت ببعض أحكام الشريعة الإسلامية واتبعت بعض القواعد المقررة في تشريعات أجنبية أو معاهدات دولية بل وعمدت إلى استحداث أحكام اقتضتها طبيعة الروابط الاجتماعية دون أن يكون لها سند في سوابق التشريع أو العرف. وعلى هذا النحو لم يتقيد القضاء بضرورة التزام المبادئ العامة في القانون المصري فحسب وإنما استعان بهذه المبادئ كما استعان بغيرها متوخياً اختيار أصلح القواعد وأكثرها ملاءمة لطبيعة الأوضاع التي قصر القانون عن تنظيمها .
6 – على أن
المصادر المتقدمة جميعاً مصادر ملزمة بمعنى أن القاضي يُلزم بتطبيق القواعد التي
تستقى منها وفقا للترتيب المتقدم . وقد شفع المشروع تلك المصادر ببيان العناصر
التي يستأنس بها في استخلاص هذه القواعد وتقصي مفهومها دون أن يكون لها قوة في الإلزام.
فنصت الفقرة الثالثة على أن القاضي يستلهم في هذا الشأن الأحكام التي أقرها القضاء
والفقه مصرياً كان أو أجنبياً وكذلك مبادئ الشريعة الإسلامية . والإشارة إلى
القضاء والفقه بهذا التعميم لا تعدو أن تكون تقنيناً لما جرت عليه المحاكم المصرية
منذ عهد بعيد فهي تستشهد بآراء المصريين والأجانب من الفقهاء وبالقضاء الوطني
والأجنبي على حد سواء. أما التنويه بمبادئ الشريعة الإسلامية فهو تجديد قُصد به قضاء
حق هذه الشريعة لا بوصفها مصدراً تاريخياً لشق من قواعد المشروع فحسب ، بل بوصفها مثالاً
فريداً من مثل الصياغة الفنية الرفيعة. وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد ظفرت
بمكانة بارزة في فقه القانون المقارن وسبقت أرقى التقنينات الحديثة إلى الكشف عن
نظرية التعسف في استعمال الحق وغيرها من النظريات الخلقية النزعة فما أحراها أن
تكون مصدراً يستلهمه القضاء المصري ولا سيما أن أكثر أحكام المشروع يمكن تخريجه
على أحكام الشريعة في مذاهبها المختلفة دون عناء .
----------------
اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / اَلْفَصْلُ اَلْأَوَّلُ تَطْبِيقَ اَلْقَانُونِ اَلْفَرْعِ اَلْأَوَّلِ نَظْرَةً عَامَّةً
عودة الى صفحة المذكرة الايضاحية للقانون المدني المصري 1948
راجع : مشروع تنقيح القانون المدني ، وزارة العدل المصرية ، المطبعة الاميرية ، 1948 ، ج 1 ، ص 15 - 16 .
اَلْفَصْلُ اَلْأَوَّلُ
تَطْبِيقَ اَلْقَانُونِ
اَلْفَرْعِ اَلْأَوَّلِ
نَظْرَةً عَامَّةً :
تناول المشروع في هذا الفرع مسألتين الأولى مصادر القانون والثانية التفريق بين الحق والرخصة . وقد عنى فيما يتعلق بالمصادر يجمع أحكام متفرقة انتشرت في التشريع الراهن بين نصوص الدستور ولائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمختلطة وتقنين المرافعات. ولم يغفل في ذلك عن ترتيب هذه الأحكام ترتيبا منطقيا وتدارك ما بها من نقص وتهذيب صياغتها تمشيا مع أحدث اتجاهات الفقه والقضاء والتشريع . فبدأ في المادة الأولى ببيان المصادر الرسمية أو الملزمة وهي التي يتعين على القاضي أن يلجأ إليها لاستخلاص القواعد القانونية - متدرجاً من التشريع إلى العرف إلى مبادئ العدالة والقانون الطبيعي وبهذا الوضع أبرز مكانة العرف وأهميته كمصدر أساسي يلي التشريع في المرتبة . ولم يقتصر على ذلك بل عين للقاضي ما يستلهم في استخلاص الأحكام من هذه المصادر جميعا فعرض للمصادر التفسيرية أو مصادر الاستئناس وذكر من بينها القضاء والفقه مصرياً كان أيهما أم أجنبياً وذكر مبادئ الشريعة الإسلامية وهي مصدر تاريخي لكثير من أحكام القانون ومثال رفيع من مثل الصناعة القانونية من الناحية الفنية الخالصة . وقد عقب المشروع على هذا النص بالمادة ٢ الخاصة بواجب القاضي في الفصل في كل ما يعرض عليه من خصومات و إلا عد ناكلاً من القضاء. ولم يشر إلى هذا الحكم إلا ضمناً في المادة ٦٥٤ من تقنين المرافعات والمادتين ۱۲۱ و ۱۲۲ من تقنين العقوبات مع أن من الطبيعي أن يهيأ له مكانه عقب النص الخاص ببيان المصادر مباشرة . ويلي ذلك نصان عالج فيهما المشروع نفاذ التشريع (م۳) ونسخه صراحة أو ضمناً (م٤) فنقل في تحديد وقت النفاذ أحكام المادة ٢٦ من الدستور مع تعديل طفيف في صيغتها وتدارك النقص الذي عيب على المادة ٤ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية لاقتصارها على مواجهة النسخ الصريح فواجه حالة النسخ الضمني. وقد رؤي أن النص على اعتبار نشر القانون قرينة على العلم بإصداره وبدء نفاذه (م 3) يغني عن إيراد القاعدة المأثورة المنصوص عليها في المادة ٢ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية وهي التي تقرر أنه "لا يُقبل من أحد اعتذاره بعدم العلم بما تضمنته القوانين أو الأوامر من يوم وجوب العمل بمقتضاها » .
أما التفريق
بين الحق والرخصة (م 5) فتمهيد منطقي لوضع القاعدة العامة التي تضمنتها المادة ٦
من المشروع في شأن التعسف في استعمال الحق . وقد اجتهد القضاء المصري في تقرير
الجزاءات التي تحول دون هذا التعسف من طريق تطبيق أحكام المسئولية عن الفعل الضار
(م١٥١/ ۲۱۲ و ۲۱۳ من التقنين المدني
المصري) رغم أن التشريع المصري لم يتضمن سوى إشارات عابرة إلى فكرة التعسف (مثال
ذلك الفقرة ٢ من المادة ۳۸/ 60 مدني) وهي لا تجيز لمالك الحائط أن يهدمه لمجرد
إرادته إذا كان ذلك يترتب عليه حصول ضرر الجار المستتر ملكه بحائط . ما لم يكن
هدمه بناء على باعث قوي) لا تصلح سندا لاستخلاص قاعدة عامة . ولذلك حرص المشروع
على وضع هذه القاعدة العامة توخياً لتقنين ما استقر عليه القضاء ومسايرة نزعة
التشريع الحديث إلى التقريب بين الحق والوظيفة الاجتماعية .
الثلاثاء، 24 أكتوبر 2023
اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / اَلْبَابُ اَلتَّمْهِيدِيُّ أَحْكَام عَامَّةً نَظْرَةً عَامَّةً
عودة الى صفحة المذكرة الايضاحية للقانون المدني المصري 1948
راجع : مشروع تنقيح القانون المدني ، وزارة العدل المصرية ، المطبعة الاميرية ، 1948 ، ج 1 ، ص 14 أ - 14 هـ .
اَلْبَابُ اَلتَّمْهِيدِيُّ
أَحْكَام عَامَّةً
نَظْرَةً عَامَّةً :
يقصد من الأحكام التمهيدية أن ينهض
القانون المدني بالتبعة التي يلقيها عليه مكانه من النظام القانوني. فهو من هذا
النظام بمثابة الأصل. وما من شك في أن هذا الوضع يقتضي التقنين المدني عناية خاصة
بتنظيم مسائل عامة، بعضها يتعلق بصياغة القواعد القانونية بوجه عام. وبعضها يتصل بتفسير هذه القواعد وتطبيقها .
بهذه الحقيقة بصر التقنين المدني الفرنسي
وقد كان أول مثال احتذته تقنينات القرن التاسع عشر ، وقد عني هذا التقنين بإبراز
مكانة تلك الأحكام التمهيدية من التشريع الجامع ، بوصفها أحكاما عامة ، يتناول تطبيقها
فروع القانون الخاص بأسره. وتجلت هذه العناية في تصدير القواعد الموضوعية التي
توفر هذا التشريع على تفصيلها ، بباب تمهيدي جُعل عنوانه " في نشر القوانين
وآثارها وتطبيقها بوجه عام ".
وكان الحيز الذي خص به هذا الباب
متواضعاً غاية التواضع ، و ولم يجاوز ما تضمن من المواد ستا ، بيد أنها عرضت في
إيجاز لمسائل أفرد المشروع الحالي للشق الأكبر منها أول فصل من الفصول الثلاث التي
وزعت بينها نصوص الباب التمهيدي منه .
وأولى هذه المسائل هي مسألة مصادر القانون . ولم يكن في وسع التقنين الفرنسي ، وقد وضع في عهد ذاع فيه الإيمان بكفاية التشريع دون غيره من المصادر لإنتاج جميع القواعد القانونية ، إلا أن يجترئ في شأن هذه المسألة بنصين ، تناول أولهما تعيين الوقت الذي تصبح فيه القوانين نافذة : وحجر الثاني على المحاكم أن تصدر أحكاما تنطوي على قواعد تنظيمية ، وتتعلق المسألة الثانية بالقواعد التي وضعت للمحاكم لتطبيقها على ما يعرض لها من صور التنازع الدولي ما بين القوانين . وكانت هذه القواعد في مستهل القرن التاسع عشر في حال من البداوة أبت على التقنين الفرنسي أن يفرد لها أكثر من مادة واحدة بين النصوص التمهيدية ، هي المادة ٣ .
أما المسألة الثالثة فتتصل بتعاقب
القوانين في الزمان . ويراعى أن حقيقة هذه المسألة كانت تفتقر إلى الكثير من
الوضوح والتحديد عند إصدار التقنين المدني الفرنسي، حتى خيل لواضعيه أن في وسعهم
إفراغ الأحكام المتعلقة بها في تلك الصيغة الفذة التي تضمنتها المادة ٢ من هذا
التقنين وهي صيغة مضللة وإن اتسمت في ظاهرها بالبساطة .
وقد احتذى التقنين المدني المختلط مثال
الشارع الفرنسي فصدر بباب تمهيدي تضمن أربع عشرة مادة عرضت إحداها لنفاذ القوانين
ونشرها ( المادة 1 ) وقررت الثانية عدم استناد القانون إلى الماضي ( المادة ٢)
وواجهت الثالثة حالة انعدام النص أو قصوره أو غموضه (المادة (۱۱) أما المواد
الباقية فتسع منها عنيت برسم حدود ولاية القضاء المختلط بالنسبة إلى الأشخاص
والمواد من الناحيتين الداخلية والدولية (المواد ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨ و ٩ و ١٣ و
١٤) وواحدة خصت بقاعدة إقليمية القوانين (المادة ١٠) وأخرى أفردت لتنظيم
الاختصاصات التشريعية التي كانت تتمتع بها الجمعية العمومية لمستشاري محكمة
الاستئناف المختلطة قبل إلغاء نظام الامتيازات الأجنبية (المادة (١٢).
وقد ألغيت المواد من 1 إلى ۱۲ بمقتضى المرسوم بقانون رقم ٨٩ لسنة ۱۹۳۷ الخاص بالتشريع الذي تطبقه المحاكم المختلطة . ولم يستبق هذا المرسوم إلا المادتين ١٣ و ١٤ الخاصتين بيان حدود الاختصاص الدولي للمحاكم المختلطة وقد استتبع هذا الإلغاء إيراد الأحكام الخاصة بسرد مسائل الأحوال الشخصية وتعيين القانون الواجب تطبيقه عليها في المادتين ٢٨ و ٢٩ من لائحة التنظيم القضاًئي للمحاكم المختلطة ونقل الحكم الخاص بحالة نقص القانون أو قصوره أو غموضه إلى المادة ٥٢ من هذه اللائحة والظاهر أن نزع الأحكام المتقدمة من الباب التمهيدي يرجع إلى سببين : الأول أن تلك الأحكام كانت محلاً لمناقشات في مؤتمر إلغاء الامتيازات فكان من الطبيعي أن ترد في الوثائق التي أسفر عنها .
والثاني أن
التقنين المدني الأهلي لم يتضمن باباً تمهيدياً و إنما عمد واضعه إلى لائحة ترتيب
المحاكم الأهلية وصدرها " بأحكام ابتدائية " تتعلق بنفاذ القوانين (المادة
۱) وافتراض العلم بها (المادة ٢) وعدم استنادها
( المادة ۳) ونسخها ، أو إلغائها ( المادة ٤ ) ، ثم أضاف
إلى تلك الأحكام حكمين آخرين أحدهما أفرغ في الفقرة الثانية من المادة ٢٨ وهي
الخاصة ببطلان الاتفاقات المخالفة للنظام العام والآداب والثاني وضع في المادة ٢٩
وهي التي تحيل القاضي عند انعدام نص صريح في القانون إلى قواعد العدل وإلى هذه
القواعد والعادات التجارية في " المواد التجارية " .
ولم يعرض
التقنين الأهلي لتنازع القوانين في المكان بطريق مباشر إلا في نصوص المواد ٥٤ (
المواريث) و 55 ( الوصايا ) و ١٣٠ ( الأهلية ) وهي المقابلة للمواد ۷۷ و ۷۸ و ۱۹۰ من التقنين المدني
المختلط .
ومهما يكن من شيء ، فمن المسلم أن القواعد العامة التي اشتمل عليها الباب التمهيدي في التقنين المدني المختلط وصنوها من الأحكام التي أدرجت في لائحتي التنظيم القضائي للمحاكم الأهلية والمختلط تمثل عهداً قديماً من عهود صناعة التقنين ، وينم ما بها من نقص عن تأخر لا تحمد عقباه ، ولا سيما بعد أن عانى الفقه والقضاء مشقة جسيمة في سد هذا النقص ، فالقواعد المتعلقة بمصادر القانون وتنازع القوانين في المكان والزمان قد تطورت في العصر الحديث تطوراً عظيماً في نطاق العلم والتشريع .
وقد عمد
التقنين السويسري إلى وضع القواعد المتعلقة بالتنازع ما بين القوانين في المكان
والزمان في الباب الختامي بعد أن عرض لمصادر القانون في الباب التمهيدي منه .
ومن المشاهد
أن عدد النصوص التي تضمنها الباب التمهيدي للتقنين المدني الفرنسي قد تضاعف في
الجزء المقابل من التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة ١٨٦٥ ثم ارتفع إلى إحدى
وعشرين مادة في " الأحكام " التي استهل بها أول شق صدر من التقنين المدني
الإيطالي الجديد في سنة ۱۹۳۸ ، ثم إن هذا العدد بلغ ست عشرة مادة في
الباب التمهيدي من التقنين المدني الإسباني وإحدى وعشرين مادة في مقدمة التقنين
البرازيلي الصادر في سنة ١٩١٦ وزهاء ثلاثين مادة في قانون إصدار التقنين المدني
الياباني .
على أن
الأبواب التمهيدية أو العامة في تلك التقنينات لا تزال بادية القصور في جملتها رغم
اتساع نطاق الأحكام الواردة بها وازدياد عدد النصوص التي أفردت لها على الوجه
المتقدم. بيد أن التقنيين اللذين ظفرا من الناحية الدولية بأعظم حظ من التأثير
العلمي في بداية القرن العشرين اختصا هذه الأحكام بقسط أوفى من العناية وكانا في
علاجها أسد منطقاً وأقوم سبيلاً. فالقانون التمهيدي لإصدار التقنين المدني
الألماني قد تضمن عناصر تنظيم جامع لتنازع القوانين في المكان والزمان . إذ خص هذا
التنظيم بطائفة من النصوص لها من القيمة العلمية ما يجاوز خصوصيات مسائل التطبيق التي
قصد من هذه النصوص إلى مواجهتها .
والتقنين المدني
السويسري نظم هذين النوعين من التنازع ما بين القوانين تنظيماً مفصلاً وعمد فوق
ذلك إلى المساهمة بنصيب المبتدع في بناء نظرية عامة لمصادر القانون . ولم يكن
المشروع إلا أن ينتهج في الفصل الأول من بابه التمهيدي نهجاً استدعه التقنين
الفرنسي وما زالت توطئ منه التقنينات المدنية اللاحقة .
ففي هذا الفصل
جمعت النصوص الخاصة بمصادر القانون (المادتان ۱ و ۲) وبيان حد الاستعمال الجائز ملحق ( المادتان
٤ و ٥) وألحق به نص يضع قاعدة عامة في حساب المواعيد ( المادة ۳ (مكرر) .
وقد عنى
المشروع بأن يبرز بالصلة بين القاعدة القانونية والحق فعرض لاستعمال الحقوق بوصفه
وجهاً من وجوه تطبيق القانون وعالج القيود التي ترد على هذه الحقوق من جراء
تزاحمها . وقد سلك في هذا العلاج سبيلاً قلما عمدت التقنينات السابقة إليه . ولذلك
لم يكن بد من أن يستلهم التوجيه بصورة خاصة من قضاء الدول المختلفة خلال السنوات
الأخيرة . وفي هذه الحدود يساهم المشروع بنصيب ذاتي في العمل على تمكين التقنينات
المدنية من أداء رسالتها في حل المشاكل التي يثيرها تفسير القواعد القانونية بوجه
عام.
أما الفرع
الثاني فقد وقف على تنازع القوانين فخص تنازعها من حيث الزمان يقسم أول (المواد من
٦ إلى ۱۰) وهيأ لتنازعها من المكان القسم الذي يليه (
المواد من ١١ إلى ۳۱ ) .
وقد قرر
المشروع في أول هذين القسمين القاعدة التقليدية المجملة التي تقضي بعدم استناد أثر
القانون ( المادة ٦ ) ثم عرض أحكاماً عامة تنظم تعاقب القوانين في الزمان بالنسبة
للأوضاع التي يغلب تأثرها بهذا التعاقب كالأهلية ( المادة ٧) والتقادم ( المادتان ۸ و ۹ ) والأدلة المهيأة ( المادة ۱۰) ، وعلى هذا النحو أتيح للمشروع في هذا القسم رسم أسس نظرية جامعة لعدم
استناد القوانين فساير أحدث اتجاهات الفقه والقضاء والتشريع وتدارك عيوباً ظاهرة في
التقنين الحالي أما القسم الثاني فيشتمل على تنظيم مفصل لتنازع القوانين في المكان
. (1)
-------------
(۱) رأى واضعو المشروع أن يغفلوا الشق الخاص بالتنازع الداخلي فيما بين قوانين
الأحوال الشخصية ويسقطوه من هذا الفرع وبذلك تحذف المادة ٥٨ من المشروع لأن هذه
المادة لا تصلح لعلاج هذا التنازع فضلاً عن أن نظام الطوائف غير الإسلامية ظل محلاً
لتشريعات وقواعد خاصة وقد عكفت على دراسته لجان متعاقبة بوزارة العدل لاتزال
الأخيرة من بينها قائمة حتى اليوم وقد أعدت مشروعات قدمت للبرلمان.
على أن
المشروع لم يكتف بالفصل الأول ، بل شفعه بفصلين آخرين أحدهما للأشخاص والآخر
لتقسيم الأشياء والأموال . وقسم الأحكام الواردة في الفصل الخاص بالأشخاص إلى فرعين
تناول في أولها الأشخاص الطبيعيين فعرض لبدء الشخصية وانتهائها وخصائصها وحمايتها
( م ٣٢ -54) وتناول في الفرع الثاني الأشخاص المعنوية فعرض لتعريفها وخصائصها وأنواعها
وفصل بوجه خاص القواعد المتعلقة بالجمعيات والمؤسسات (م ٥٥- ٨٢) . أما الفصل الآخر
فقد عقد لتقسيم الأشياء والأموال ، فعرض لجواز التعامل في الأشياء وعدم جواز ذلك
(م ۸۳) للمنقول والعقار وأنواعهما ( م ٨٤ - ٨٥ )
والأشياء القابلة للاستهلاك ( م ٨٦) والأشياء المثلية (م ۸۷) والأموال المعنوية (م ۸۸) والأموال العامة ( م ٨٩ - ٩٠ ) .
وقد انفرد
المشروع بإيراد الفصلين الأخيرين المتعلقين بالأشخاص وتقسيم الأشياء والأموال
مستنداً في ذلك إلى اعتبارين أحدهما خاص والثاني عام فالواقع أن خلو مشروع تنقيح
التقنين المدني المصري من كتاب تجمع فيه القواعد المتعلقة بالأشخاص ، أو روابط
الأحوال الشخصية بوجه عام ، يستلزم الإلمام ببعض أحكام كلية تتصل بتلك الروابط ،
ويتسع لها هذا التقنين دون الشرائع التي تطبق في مسائل الأحوال الشخصية . على أن
هذا الاعتبار لم يكن يكفي وحده لتوجيه مسلك المشروع ، فلو قدر أن يتم تقنين
القواعد المتعلقة بالأحوال الشخصية وأن تجمع هذه القواعد مع تقنين المعاملات
المالية في صعيد واحد لبقي لإيراد الفصلين اللذين تقدم ذكرهما معنى التمهيد
للتقنين الجامع كاملاً غير منقوص .
ذلك أن
التقنين المدني ينظم مركز الأشخاص بوصفهم مخاطبين بأحكام القانون الخاص من ناحية
ومركز الأموال بوصفها محلاً لمعاملات الأشخاص من ناحية أخرى ، فمن المنطق إذن أن
يمهد لهذا التقنين بفكرة كلية عن الأشخاص والأموال . ولا تقتصر قيمة هذا التمهيد
على الناحية النظرية بل إن له مزايا عملية ظاهرة أخصها التقريب بين أحكام عامة
تتجانس في طبيعتها، وتهيئة مناسبة موفقة لعرض القواعد المتعلقة بالأشخاص المعنوية
..