صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الجمعة، 2 يونيو 2023
سنة 24 مكتب فني إدارية عليا (من أول أكتوبر سنة 1978 إلى آخر سبتمبر سنة 1979)
سنة 25 مكتب فني إدارية عليا (من أول أكتوبر سنة 1979 إلى آخر سبتمبر سنة 1980)
الطعن 1649 لسنة 32 ق جلسة 1 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 140 ص 1359
جلسة الأول من يونيه سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.
--------------
(140)
الطعن رقم 1649 لسنة 32 القضائية
( أ ) استيراد وتصدير - الرقابة على الواردات - إجراءاتها.
القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير.
أجاز المشرع للقطاعين العام والخاص استيراد احتياجات البلاد السلعية - أناط بوزير التجارة سلطة تحديد السلع التي تخضع للرقابة النوعية على الصادرات والواردات - حظر المشرع استيراد السلع إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يحددها وزير التجارة - لا وجه لهذا الإجراء متى كانت السلعة مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط - وزير التجارة هو المختص بتحديد إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة وإجراءات التظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة - تطبيق.
(ب) هيئات عامة - الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات - اختصاصاتها.
قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 118 لسنة 1975 - قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير.
إجراءات الطعن
بتاريخ 9 من إبريل سنة 1986 أودع الأستاذ/ حسين صالح حسن المحامي بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1649/ 32 ق. عليا ضد السيد/ ...... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 11/ 2/ 1986 في الدعوى رقم 3686/ 38 ق. التي كانت مقامة من المطعون ضده، ضد الطاعن والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي تعويضاً قدره أربعة آلاف جنيه وألزمتها المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وأودع الأستاذ المستشار/ محمد عزت السيد إبراهيم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة، ارتأى فيه - لأسبابه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة حيث حددت لنظره أمامها جلسة 2/ 2/ 1991، وتداولت المحكمة نظر الطعن واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن، على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة 6/ 4/ 1991، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/ 5/ 1991 ثم لجلسة اليوم 1/ 6/ 1991 لإتمام المداولة، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المقررة لنظره.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 4/ 1984 أقام السيد/ ....... (المطعون ضده) الدعوى رقم 3686/ 38 ق. أمام محكم القضاء الإداري، ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وطلب في ختامه صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من الهيئة المدعى عليها برفض كمية من السمك المجمد من صنف الماكريل مقدارها 100 طن ضمن رسالة أسماك مجمدة، واردة له على الباخرة مارد، مشمول الشهادة الجمركية رقم 9090 جمرك بور سعيد وعدم الموافقة على استيرادها ومنعه من التصرف فيها، وما يترتب على ذلك من آثار وتعويضه بمبلغ 8259.680 جنيه جبراً لما لحقه من أضرار نتيجة القرار المطعون فيه، وألزمت الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وقال في بيان دعواه أنه استورد رسالة أسماك مجمدة من أسبانيا (سردين - ماكريل - بيلا) وصلت ميناء بور سعيد في 21/ 11/ 1983 وفي ذات التاريخ اجتمعت لجنة فحص المواد الغذائية المجمدة لفحص الرسالة، عملاً بأحكام قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 138 لسنة 1981 وقد قررت اللجنة بعد أخذ العينات اللازمة من الأسماك بأصنافها الثلاثة أنها محتفظة بدرجة تجميدها وبخواصها الطبيعية من حيث اللون والرائحة والقوام، ووافقت على نقل وتخزين الرسالة داخل وخارج ثلاجات بور سعيد تحت التحفظ الصحي والبيطري وعلى ألا يتم التصرف في الرسالة إلا بعد ثبوت صلاحيتها للاستهلاك الآدمي للعينات المأخوذة أثناء التفريغ، وكان من بين أعضاء اللجنة المذكورة ثلاثة أعضاء من الهيئة المدعى عليها وبتاريخ 23/ 11/ 1983 صدرت شهادة الإفراج الجمركي مؤشراً عليها بأنها عرضت على مندوب الهيئة المدعى عليها الذي أفاد بأنه لا مانع من نقل وتخزين الرسالة خارج وداخل بورسعيد مع عدم التصرف فيها ما دامت أنها تحت التحفظ الصحي وبتاريخ 10/ 12/ 1983 أخطر المدعي بكتاب مديرية الشئون الصحية ببور سعيد بأنه تقرر الإفراج الصحي عن الرسالة، كما أخطر بكتاب الإدارة المركزية للصحة الحيوانية قسم الحجر البيطري ببور سعيد بأن الرسالة صالحة للاستهلاك الآدمي وتعتبر أنها مفرج عنها وبتاريخ 15/ 12/ 1983 أخطر فرع الهيئة المدعى عليها ببور سعيد ثلاجة العالم العربي ببور سعيد بعدم التصرف في صنف الماكريل المجمد وبتاريخ 8/ 2/ 1984 تسلم المدعي إخطاراً من مراقبة الواردات ببور سعيد برفض مائة طن من السمك المجمد (الماكريل) وذلك لوجود سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية والفضلات المجاورة لها مما يؤدي إلى انبعاث رائحة كريهة مخالفاً بذلك القرار الوزاري الخاص بالمستورد من الأسماك المجمدة. وبتاريخ 5/ 3/ 1984 تظلم المدعي من منعه من التصرف في كمية الأسماك الماكريل وطلب الإفراج عن هذه الكمية وبتاريخ 22/ 3/ 1984 أخطر بقرار الهيئة بعدم الموافقة على استيرادها لأن العيوب الموجودة بها تؤثر على سلامتها وصلاحيتها - ونعى المدعي على هذا القرار مخالفة القانون وصدوره مشوباً بعيب غصب السلطة، بمقولة أن الهيئة المدعى عليها ليس لها اختصاص في فحص رسائل الأسماك المجمدة المستوردة أو أخذها لعينات منها وتقرير صلاحيتها للاستهلاك الآدمي لأن الاختصاص بذلك معقود للمعامل المركزية لوزارة الصحة ومعامل صحة الحيوان بوزارة الزراعة واللذان يصدر منهما قرار نهائي مشترك بنتيجة الفحص وأن اختصاص الهيئة المدعى عليها يقتصر على التأكد من الشروط والمواصفات الواجب توافرها في الأسماك المجمدة والمستوردة، وأنه ثبت من محضر اللجنة التي فحصت الأسماك، والتي مثلت فيها الهيئة المدعى عليها أن الأسماك محتفظة بدرجة تجمدها وبخواصها الطبيعية وصدر بذلك قرار وكيل الوزارة للشئون الوقائية بوزارة الصحة، بما يدحض ادعاء الهيئة بأن ثمة عيوباً موجودة في أسماك الماكريل، إذ لو كانت موجودة فعلاً لوجب على مندوب الهيئة إثباتها في محضر المعاينة، وبالتالي فإن ما أصاب العينة التي أخذها مندوب الهيئة تم أثناء نقلها وفحصها، وأنه لحقه ضرر مادي من القرار المطعون فيه يتمثل في زيادة فترة تخزين رسالة السمك بالثلاجة في الفترة من تاريخ رفض الرسالة في 23/ 12/ 1983 وحتى صدور حكم بإلغاء القرار المطعون فيه وتحمله مصاريف التخزين بما يساوي مبلغ 6259.680 جنيه، فضلاً عن الضرر الأدبي المتمثل في العدوان على ماله دون مسوغ مشروع وما لحقه من تشهير وعدم ثقة يؤثران على سمعته التجارية كتاجر للمواد الغذائية. وأجابت الهيئة المدعى عليها على الدعوى بأنها هي المختصة قانوناً بالتحقق من مدى مطابقة الأسماك المجمدة المستوردة للقرار الوزاري رقم 1203 لسنة 1975 وأن اللجنة التي قامت بفحص الرسالة أثبتت وجود بهتان في لون الخياشيم لبعض أسماك الماكريل وأن المدعي طلب من الهيئة إعادة فحص الصفقة وأعيد فحصها ورفضت لعدم مطابقتها للمواصفات إلا أنها وافقت على استثناء كمية من الماكريل المخزونة بثلاجة العالم العربي ببور سعيد وتم الإفراج عنها في 2/ 5/ 1984، أما الكمية الأخرى المخزونة بثلاجة بالمحلة الكبرى فقد قامت الهيئة بتتبعها بمالها من سلطة الضبطية القضائية فاستبان لها عدم وجودها، مما دل على تصرف المدعي فيها بالمخالفة للقانون، وتحرر عن ذلك محاضر بإثبات الحالة.
وبجلسة 11/ 2/ 1986 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين على أسباب محصلها استعراض أحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير والقرار الوزاري رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية له وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 128 لسنة 1981 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة من اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة وقرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي ووزير الدولة للصحة رقم 25 لسنة 1982 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة والمجمدة، ووقائع النزاع، طبقاً للثابت بأوراقه، وحسبما أورده المدعي في شرح دعواه، على النحو السابق بيانه، وخلصت إلى أنه لما كان المدعي قد أخطر بتاريخ 10/ 12/ 1983 بكتاب مديرية الشئون الصحية ببور سعيد بأن وكيل الوزارة للشئون الوقائية قد وافق على الإفراج الصحي عن رسالة الأسماك المجمدة ومن بينها أسماك الماكريل، وأن الإدارة المركزية للصحة الحيوانية - قسم الحجر البيطري ببور سعيد التابع لوزارة الزراعة - أخطرت المدعي أيضاً بأنه وردت نتيجة الفحص المعملي المشتركة للرسالة مشمول الشهادة الجمركية رقم 9090 وكانت نتيجة الفحص سلبية وصالحة للاستهلاك الآدمي وتقيد الرسالة مفرجاً عنها نهائياً، فإنه لا يحق للهيئة المدعى عليها بعد ذلك أن تقرر رفض الرسالة المذكورة استناداً إلى الأسباب التي أوضحتها من أنه يوجد سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية مما أدى إلى انبعاث رائحة كريهة، لأن المنوط به اتخاذ القرار النهائي في شأن قبول أو رفض هذه الرسالة هو وكيل وزارة الصحة للشئون الوقائية بعد ورود نتيجة الفحص المعملي، وأن المنوط به أخذ عينات الرسائل المستوردة من الأغذية المجمدة هو معمل وزارة الصحة ومعمل وزارة الزراعة، وذلك كله بعد الفحص الظاهري والإفراج المؤقت عن الرسالة، وهو ما تم فعلاً، إذ وافقت اللجنة التي اشترك فيها ثلاثة من مندوبي الهيئة المدعى عليها على الإفراج المؤقت عن الرسالة ونقلها وتخزينها لحين ورود نتائج التحليل المعملية، وقد وردت تلك النتائج بأن الرسالة سليمة وصالحة للاستهلاك الآدمي وتقيد مفرجاً عنها نهائياً، أي أن كافة الإجراءات الجوهرية المتطلبة قانوناً قد روعيت فعلاً وصدر قرار الإفراج عن الرسالة ممن يملك إصداره قانوناً، فلا يحق للهيئة المدعى عليها رفض نصف كمية السمك الماكريل، خاصة وأنها وافقت على الإفراج عن النصف الآخر للكمية، بعد مضي حوالي خمسة أشهر من تاريخ ورود الرسالة، وبعد ما أثارته الهيئة من عيوب في الرسالة، وهي إن صحت لا تجعل هذه الرسالة صالحة أبداً للاستهلاك الآدمي الأمر الذي يوضح مدى سلامة وصحة مسلك القرارات الوزارية المشار إليها في جعل أمر البت في رسائل الأغذية المجمدة والمستوردة منوط بالجهات الفنية المختصة، وأن قرار قبول هذه الرسائل أو رفضها يصدر من وزارة الصحة بحسبانها الأقدر على وزن وتقدير ما إذا كانت صالحة للاستهلاك الآدمي من عدمه بما لها من إمكانات فنية تطمئن معها إلى النتيجة التي تنتهي إليها وإذ صدر القرار المطعون فيه من الهيئة المدعى عليها برفض الرسالة، فإنه يكون غير قائم على سند صحيح من القانون ويتعين الإلغاء. وبالنسبة إلى طلب التعويض استند قضاء الحكم الطعين إلى توافر ركن الخطأ في جانب الهيئة المدعى عليها بإصدارها القرار المطعون فيه، وأن ضرراً مادياً أصاب المدعي من جراء تخزين حوالي 46 طناً من كمية السمك الماكريل التي تم تخزينها بثلاجة العالم العربي ببور سعيد ابتداءً من تاريخ إخطار الهيئة برفض الرسالة في 23/ 12/ 1983 حتى 2/ 5/ 1984 التاريخ الذي تسلم فيه المدعي من الهيئة المدعى عليها شهادة مطابقة الكمية المذكورة والإفراج عنها، وأن التعويض الجابر لهذا الضرر هو مبلغ أربعة آلاف جنيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ أن الاختصاص بفحص السلع معقود للهيئة الطاعنة، طبقاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 بشأن الاستيراد والتصدير ولائحته التنفيذية، وأن الحكم لم يفرق بين اختصاص الهيئة الطاعنة في هذا الشأن واختصاص وزارتي الصحة والزراعة، وأنه توجد أجهزة رقابية أخرى بخلاف الهيئة الطاعنة تقوم بفحص رسائل الأغذية المستوردة وفقاً للقوانين الصادرة في شأنها إلى جانب اختصاص الهيئة بفحص السلع الغذائية المستوردة حماية لجمهور المستهلكين من الغش التجاري والتأكد من مطابقتها لشروط استيرادها وللمواصفات التجارية المقررة والمتفق عليها دولياً، وأنه صدر قرارها برفض الرسالة بسبب عدم مطابقتها الشروط والمواصفات الفنية التي حددها القانون، لوجود سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة وتحلل وتهتك في الأحشاء الداخلية لبعض الأسماك، مما يؤثر على سلامتها أثناء التوزيع، مما يغدو معه القرار المطعون فيه قائماً على سبب صحيح من القانون وصادراً من مختص بإصداره.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة 1 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تنص على أنه "يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفي حدود الموازنة النقدية السارية...... وتنص المادة 9 من هذا القانون على أنه "تخضع السلع التي يحددها وزير التجارة للرقابة النوعية على الصادرات والواردات "وتنص المادة/ 11 من ذات القانون على أنه: "لا يجوز استيراد السلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة أو كانت مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات "وتنص المادة 13 من القانون المشار إليه على أنه "تحدد بقرار من وزير التجارة إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9 و10 "وتنص المادة 20 من هذا القانون على أنه "على وزير التجارة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون".
ومن حيث إن مفاد المواد المشار إليها، أن المشرع أجاز بالقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير للقطاعين العام والخاص استيراد احتياجات البلاد السلعية، وأناط بوزير التجارة سلطة واختصاص تحديد السلع التي تخضع للرقابة النوعية على الصادرات والواردات، وحظر استيراد هذه السلع إلا إذا تم فحصها للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة، ما لم تكن مصحوبة بشهادة فحص أو مراجعة معتمدة من السلطات المصرية تثبت توافر تلك الشروط والمواصفات، كما أناط هذا القانون بوزير التجارة السلطة والاختصاص في إصدار قرار بتحديد إجراءات معاينة الرسائل وفحصها وإخطار صاحب الشأن بالنتيجة والأوضاع الخاصة بالتظلم من نتيجة الفحص وكيفية البت فيه والجهات التي تصدر شهادات الفحص والمراجعة المنصوص عليها في المادتين 9 و10 من هذا القانون.
ومن حيث إنه قد صدر قرار وزير التجارة رقم 1336 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير المشار إليه ثم صدر قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975 ونص في مادته 81 على إلغاء القرار الوزاري رقم 1336 لسنة 1975 وتعديلاته وكل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكامه، كما نصت المادة 82 منه على أن "ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به اعتباراً من 1/ 10/ 1978" وقد نشر القرار بالوقائع المصرية في أول أكتوبر سنة 1978 العدد 225 تابع.
ومن حيث إن المادة 71 من هذا القرار تنص على أنه "تقوم فروع الهيئة للرقابة على الصادرات والواردات التي يصدر بتحديدها قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة بفحص الصادرات والواردات للسلع الواردة بالكشفين المرفقين رقمي (10) و(11) وفقاً للقواعد والإجراءات الواردة بالمواد التالية." وقد وردت الأسماك المجمدة في الكشف رقم (11) الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات تحت رقم (31) من هذا الكشف وتنص المادة (74) من هذا القرار على أنه "إما بالنسبة للسلع المستوردة يقوم الفرع بتشكيل لجنة لاختيار عينة من عبوات الرسالة بطريقة عشوائية بحيث تمثل الرسالة ما أمكن - في حدود 1% من عدد العبوات تؤخذ منها عينة عشوائية في حدود 2% من محتويات العبوات المختارة للتحقق من مطابقة الرسالة للشروط والمواصفات المقررة ومن مطابقة الرسالة للشهادة المعتمدة من السلطات المصرية بالخارج التي تثبت توافر الشروط والمواصفات ولا يجوز رفض الرسالة لعدم مطابقتها للشروط والمواصفات المقررة أو الشهادة المعتمدة إلا بعد زيادة النسب السابقة إلى الضعف ومن عبوات لم يسبق أخذ عينات منها ويوضع على كل طرد يتم فحصه ما يدل على ذلك.......".
وتقضي المادة 75 من القرار المذكور بأنه: "أما بالنسبة للسلع المستوردة فإذا اتضح من الفحص أن الرسالة مطابقة للشروط والمواصفات المقررة ومقبولة صحياً يصدر فرع الهيئة لصاحبها شهادة بالمطابقة والموافقة على الإفراج عنها من الجمارك أما إذا رفضت الرسالة صحياً فقرار وزارة الصحة نهائي يجب أي قرار آخر ولا يفرج عن الرسالة ويعطي المستورد إخطاراً برفض الرسالة لرفضها صحياً، أما إذا قبلت الرسالة صحياً ورفضت من قبل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات فيكون للمستورد في خلال 48 ساعة الحق في التظلم وطلب الاستثناء. وفي حالة عدم قبول التظلم أو الاستثناء فيجوز له التقدم بطلب لفرز الرسالة وإذا رفضت الرسالة بعد الفرز فيكون من حق المستورد التقدم في خلال 48 ساعة بالتظلم وطلب الاستثناء ثانية. ولا يجوز له طلب الفرز إلا مرة واحدة فقط. أما إذا رفضت الرسالة صحياً ثم أعادت وزارة الصحة فحصها وقبلتها فيقبل في هذه الحالة فحصها من قبل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بناء على طلب المستورد مع تطبيق باقي الخطوات السابقة، وتعتبر خطوات الفرز ثم التظلم أو طلب الاستثناء آخر التيسيرات التي يمكن منحها للمستورد....... وبينت المادة 76 من القرار المشار إليه كيفية تشكيل لجنة فحص التظلم وإجراءات نظره والبت فيه، ونصت في فقرتها الرابعة على أنه: "وإلى أن يصدر قرار اللجنة في شأن التظلم تحفظ الرسالة المرفوضة على مسئولية صاحبها في المكان الذي فحصت فيه أو في أي مكان آخر يرى فرع الهيئة المختص نقلها له".
ومن حيث إن المواد السابقة واضحة وصريحة وقاطعة في ولاية واختصاص الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في بسط رقابتها على الواردات المبينة بالكشف رقم (11) الخاص بالسلع الخاضعة للرقابة النوعية على الواردات ومنها الأسماك المجمدة" والتي وردت تحت رقم 31 من هذا الكشف كما نصت صراحة على أن قرار وزارة الصحة برفض الرسالة يعتبر نهائياً وملزماً للهيئة وللمستورد، ويتعين بناء عليه رفض الرسالة ومن ثم فإن قرار وزارة الصحة بقبول الرسالة صحياً لا يحول دون الهيئة الطاعنة وبسط رقابتها على تلك الواردات للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات السلعية المقررة، أو الشهادة المعتمدة من السلطات المصرية بالخارج التي تثبت توافر هذه الشروط والمواصفات، ومن الجلي أن لكل من الجهتين اختصاصه والغايات المتخصصة من الصالح العام الذي تستهدفه فوزارة الصحة غايتها تحديد صلاحية الرسالة وعدم تعريضها حياة أو صحة المواطنين لأي خطر أو ضرر بينما غايات ومسئوليات الهيئة الطاعنة حماية جمهور المستهلكين من الغش والتلاعب التجاريين وذلك حتى لا يتم بيع سلع أو أطعمه لا تطابق الشروط والمواصفات المقررة، وذلك فضلاً عن حماية الشعب من تناول سلع وأطعمه غير صالحة للاستهلاك الآدمي توفيراً للحماية المتخصصة في هذا المجال بواسطة الهيئة الطاعنة وأجهزتها بما يحقق حماية الجمهور من الاستغلال وذلك مع الحرص في ذات الوقت على مصلحة المستورد في أن تفحص رسالته فحصاً جدياً وموضوعياً مع إتاحة الفرصة أمامه للتظلم من قرار رفض الرسالة وجواز طلب المستورد الاستثناء والفرز، حسبما نظمته تلك المواد كما سلف البيان.
ومن حيث إنه لا يغير من صحة ما سبق بيانه ما نص عليه قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 128 لسنة 1981 بشأن فحص رسائل المواد الغذائية المستوردة من اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة، في مادته الأولى من أن: تقوم وزارة التموين والجهات التابعة لها بإخطار كل من وزارتي الصحة والزراعة وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات مسبقاً بموعد وصول رسائل اللحوم والدواجن المجمدة وأجزائها والأسماك المجمدة مع تحديد ميناء الوصول وذلك قبل الموعد المحدد للوصول بوقت كاف والذي يقضي في مادته الرابعة بأن: تخطر وزارة الصحة الجهات المختصة بالقرار الذي يتخذ بشأن الرسالة بعد انتهاء كل من الفحص الظاهري ومراجعة المستندات المرفقة وإعداد التقرير المشترك بنتائج جميع الفحوص المعملية ويعتبر هذا القرار نهائياً بشأن الرسالة فلهذا القرار موضوعه وغايته ومجاله دون تعارض مع نظام وإجراءات الرقابة على الواردات الذي نظمه القرار الوزاري رقم 1306 لسنة 78 الصادر من وزير التجارة والذي نظم هذه الرقابة التي تمارسها الهيئة الطاعنة إذ أنه ليس من سلطة مصدر هذا القرار إلغاء أو تعديل بعض أحكام قرار وزير التجارة رقم 1036 لسنة 78 المشار إليه من ناحية ولم يرد به فعلاً أي تعديل لهذه الأحكام، ومن ناحية أخرى فإن هذا القرار، بصريح عبارة نص المادة الأولى منه، إنما يخاطب بأحكامه وزارة التموين والجهات التابعة لها، دون مستوردي القطاع الخاص المخاطبين بأحكام قرار وزير التجارة رقم 1306 لسنة 1978 بشأن القرار الموحد للائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975، السابق بيانها، كما أنهم مخاطبون بأحكام أية قرارات أخرى تتعلق بالرقابة على السلع الغذائية المستوردة، سواءً كانت صادرة من وزير التجارة أم من غيره إعمالاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1975 المشار إليه، أو أي قانون آخر يخول هذا الوزير أو غيره سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
ولما كانت مطابقة المواصفات والشروط الخاصة بالسلع والأطعمة المستوردة لا تستهدف فقط مجرد حماية حياة وصحة المواطنين وإنما جودة السلع أو الأطعمة على المستوى الذي حددته هذه المواصفات والشروط بما لا يسمح بانتقاء جانب من منفعتها أو صلاحيتها للغرض المستوردة من أجله على المستوى المطلوب وبما لا يسمح باستغلال الشعب وغشه وتضليله في هذه المواصفات وبصرف النظر عن مدى أضرار بعضها بالصحة العامة الذي تتولى رقابته أساساً وزارة الصحة الأمر الذي يغدو معه قرار الهيئة الطاعنة برفض جزء من كمية الأسماك الماكريل لاحتوائها على سائل انفصالي مدمم بكميات كبيرة ووجود تهتك بالأحشاء الداخلية وانبعاث رائحة كريهة منها صادراً من مختص بإصداره على سند صحيح مع أحكام القانون الأمر الذي تنهار معه من أساسها منازعة المطعون ضده في مشروعية هذا القرار، إلغاء وتعويضاً، وتكون دعواه خليقة بالرفض ويجب من ثم إلزامه بالمصروفات وإذ ذهب الحكم الطعين إلى خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، عملاً بنص المادة (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.
الطعن 270 لسنة 36 ق جلسة 19 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 14 ص 71
جلسة 19 من يناير سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.
-----------------
(14)
الطعن رقم 270 لسنة 36 القضائية
(أ) أهلية. "تصرف المجنون أو المعتوه". عقد. "إبطال العقد" بطلان. "بطلان التصرفات".
التفرقة بين تصرفات المجنون أو المعتوه في الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له. قرار الحجر قرينة على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه. تسجيل ذلك القرار قرينة على علم الغير بذلك. عدم صدور قرار بتوقيع الحجر على المجنون أو المعتوه لا يعني بذاته أن تصرفاته صحيحة. ثبوت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته للتمييز لحظة إبرام التصرف. كاف لإبطاله ولو كان صادراً قبل توقيع الحجر وتسجيل قراره.
(ب) محكمة الموضوع. "تقدير حالة العته". نقض "أسباب الطعن". "مسائل الواقع". أهلية.
تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى. لا معقب من محكمة النقض على القاضي في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً.
(ج) أهلية "عوارض الأهلية". "العته". حكم. "عيوب التدليل" "فساد الاستدلال". "ما لا يعد كذلك". إثبات.
التزام مديري المستشفيات والمصحات والأطباء المعالجين بإبلاغ النيابة العامة عن حالات فقد الأهلية الناشئة عن عاهة عقلية وفقاً للقانون. إجراء تنظيمي واجب الإتباع قبل توقيع الحجر. يترتب على مخالفته جزاء جنائي. وليس من شأنه التزام طريق معين لإثبات حالة العته. اعتماد الحكم في إثبات حالة العته على شهادة طبية وما قرره الشهود دون اعتداد بعدم حصول التبليغ المشار إليه. لا فساد.
(د) حكم "حجية الحكم". "التناقض". أهلية.
إحالة الحكم المطعون فيه إلى حكم الإحالة إلى التحقيق في صدد بيان وقائع الدعوى وحدها. عدم اشتمال الحكم المحال إليه على قضاء قطعي له حجية في أي شق من النزاع. أو مناقشة لأدلة الدعوى ومدى كفايتها في الإثبات. استناد الحكم المطعون فيه - من بعد - إلى الأدلة المقدمة أمام محكمة أول درجة. لا تناقض.
(هـ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. أهلية. "عوارض الأهلية". "العته".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل من كافة أوراق الدعوى. لا تثريب عليها إن هي استعانت في شأن التدليل على قيام حالة العته وقت صدور التصرف بأقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته في شأن صدور التصرف حال مرض موت البائعة.
(و) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب يخالطها واقع". أهلية.
السبب القائم على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال في أهلية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهن أقمن الدعوى رقم 1579 لسنة 1962 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين، وقلن بياناً لها إن المرحومة نعيمه علي عويس مورثة طرفي الخصومة كانت تمتلك العقار الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وإذ أصيبت بحالة عته أضعف قواها العقلية لكبر سنها فقد تقدمن في 8 من مايو 1960 بطلب إعفائهن من رسوم دعوى حجر عليها، غير أن المنية عاجلتها قبل إتمام إجراءاته، وقد كانت تقيم حال حياتها مع ولدها مورث الطاعنين الأربعة الأولين الذي استغل حالتها المرضية ووقع بختمها على عقد يحمل تاريخ 25 ديسمبر 1958 وضمنه بيعها له العقار سالف الذكر لقاء ثمن قدره 1500 جنيه، ثم أقام على والدته بوصفها البائعة له الدعوى رقم 2810 لسنة 1960 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم بصحة ذلك العقد وقضى له بطلباته وسجل الحكم الصادر فيها، وإذ كان هذا العقد صورياً قصد به حرمانهن من الميراث علاوة على صدوره من المورثة وهي في حالة عته، وتواطأ المشتري مع الطاعن الأخير على تحرير عقد رهن تأميني على العقار المبيع بمبلغ 500 جنيه في 9 أكتوبر 1961، فقد طلبن الحكم بإبطال عقد البيع المشار إليه وبطلان جميع ما ترتب عليه من إجراءات بما في حكم دعوى صحة التعاقد المسجل وعقد الرهن الموثق. ومحكمة أول درجة حكمت في 29 من يناير 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهن أن البائعة كانت مصابة بالعته عند صدور عقد البيع وأن ذلك العته كان شائعاً بين الناس، وأن المشتري كان على بينة من أمرها عند التعاقد، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 30 من إبريل 1963 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليهن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1459 لسنة 80 ق وأضفن إلى طلباتهن احتياطياً اعتبار العقد وصية لصدوره في مرض موت البائعة، ومحكمة الاستئناف حكمت في 29 من مايو 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهن أن عقد البيع المتنازع عليه صدر من المورثة في مرض موتها وأنها ظلت واضعة اليد على العين المبيعة حتى وفاتها، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 19 من مارس 1966 بإلغاء الحكم المستأنف وبإجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ستة ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أسس قضاءه ببطلان العقد الصادر إلى مورث الطاعنين الأربعة الأولين على أن المورثة البائعة كانت في حالة عته وأن المشتري كان على علم بقيام هذه الحالة بوالدته وقت صدور التصرف إليه وفق المادة 114 من القانون المدني، مع أن الفقرة الثانية من تلك المادة توجب لإمكان تطبيقها وجود قرار بالحجر وإن لم يكن قد سجل عند حصول التصرف، وإذ لم يصدر قرار بالحجر في النزاع المعروض فإنه يصبح ولا مجال لتطبيق حكم تلك المادة أصلاً، ولو قيل بجواز انصراف حكم تلك المادة إلى الفترة السابقة على رفع دعوى الحجر وتقديم طلب بها فإنه يلزم التحقيق من توافر شرط جوهري منصوص عليه فيها وهو شيوع حالة العته الأمر الذي لم تبحثه المحكمة، مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون. هذا إلى أن الحكم أخذ من أقوال الشهود بما لا يكفي لثبوت حالة العته وشيوعها مما يجعل الحكم قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 114 من القانون المدني - التي تقضي بأنه يقع باطلاً تصرف المجنون أو المعتوه إذا صدر بعد تسجيل قرار الحجر، أما إذا صدر قبله فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها- وإن واجهت هذه المادة حالة الحجر وصدور قرار به وفرقت بين الفترة السابقة على صدور قرار الحجر والفترة التالية له وأقامت من قرار الحجر قرينة قانونية على انعدام أهلية المجنون أو المعتوه ومن تسجيل ذلك القرار قرينة قانونية على علم الغير بذلك، إلا أنه ليس معنى ذلك أن المجنون أو المعتوه الذي لم يصدر قرار بتوقيع الحجر عليه لسبب أو لآخر تعتبر تصرفاته صحيحة، إذ الأصل أنه يجب أن يصدر التصرف عن إرادة سليمة وإلا انهار ركن من أركان التصرف بما يمكن معه الطعن عليه ببطلانه إذا ما ثبت علم المتصرف إليه بحالة الجنون أو العته المعدم للتمييز لحظة إبرام التصرف أخذاً بأن الإرادة تعتبر ركناً من أركان التصرف القانوني. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بالبطلان على سند من أن مورث الطاعنين الأربعة الأولين كان على بينة من قيام حالة العته بالمورثة الأصلية البائعة وقت صدور التصرف إليه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيقه على غير أساس. لما كان ما تقدم وكان تقدير حالة العته لدى أحد المتعاقدين هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا يخضع فيه القاضي لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه في ذلك سائغاً، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه - بعد أن أورد ملخص أقوال شهود الطرفين في مرحلتي التقاضي على ما شهد به شاهدا المطعون عليهن أمام محكمة أول درجة من أن أمارات العته كانت بادية على المورثة الأصلية وقت صدور العقد منها إلى ولدها مورث الطاعنين الأربعة الأول، وأنها في ذلك الوقت كانت قد تقدمت بها السن وكان قد اعتراها خلل في قواها العقلية تمثل في ذهولها عما يدور حولها وفي هذيانها بكلمات لا معنى لها، وأن هذه الحالة المرضية قد تدعمت بأقوال الشهود أمام محكمة الاستئناف وبشهادة طبية معاصرة مقدمة من مفتش الصحة، ثم استخلص من ذلك كله أن المورثة الأصلية كانت معدومة الإرادة يحركها ولدها مورث الطاعنين الأربعة الأول كيف يشاء وأن ذلك الأخير كان على علم بقيام حالة العته لدى والدته وقت إصدار العقد إليه، وكان ما استخلصه الحكم من أقوال شهود المطعون عليهن ومن الشهادة الطبية على النحو السابق تفصيله من شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من قيام حالة العته بالبائعة إبان تصرفها، فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أسس ثبوت حالة العته بالبائعة على شهادة طبية صادرة من مفتش صحة البلدية بتاريخ 27 من يناير 1960 مع أن المادتين 64، 65 من القانون رقم 99 لسنة 1947 بشأن المحاكم الحسبية نظمتا وسيلة التحقق من حالة العته أو الجنون، وأوجبتا على الأطباء المعالجين التبليغ عن حالات فقدان الأهلية مما يسقط حجية الشهادة المقدمة ويوحي بأنها غير صحيحة، وإذ لم يعن الحكم بإثبات صحة تلك الشهادة ومدى مطابقتها للقانون فإنه يكون فاسد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة 980 من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 1951 والسارية وقت رفع الدعوى والتي حلت محل المادة 64 من القانون رقم 99 لسنة 1947 - تضع على عاتق مديري المستشفيات والمصحات والأطباء المعالجين إبلاغ النيابة العامة عن حالات فقد الأهلية الناشئة عن عاهة عقلية، إلا أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يقصد بتلك المادة التزام طريق معين لإثبات قيام حالة العته. وإنما استهدف فيها مجرد إجراءات تنظيمية واجبة الإتباع قبل توقيع الحجر، ورتب على مخالفتها جزاءً جنائياً نص عليه في المادة 982 من ذات القانون. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند إلى الشهادة الطبية باعتبارها ورقة صادرة من أحد الفنيين المؤيدة بما جرى على لسان الشهود من أن المورثة قد امتدت بها الحياة حتى تجاوزت التسعين من عمرها وأنها كانت مصابة بعته شيخوخي، وكان من حق المحكمة أن تعتد على هذا الأساس بهذه الشهادة ما دامت قد اطمأنت إليها بما لها من سلطة تامة في تقدير الدليل، وكان استخلاصها في ذلك سائغاً على النحو الوارد بالرد على السببين الأول والثاني، فإن ما يثيره الطاعنون من عدم صحة هذه الشهادة أو إهدار قيمتها لعدم اتخاذ الإجراءات المشار إليها لا ينطوي على فساد في الاستدلال ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى السببين الرابع والخامس التناقض والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم المطعون فيه أحال إلى الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف بتاريخ 29 من مايو 1965، وعلى الرغم مما يؤدي إليه هذا الحكم من أنه وجد أن الدعوى بحالتها التي كانت عليها وبما حوته من مستندات غير كافية بذاتها لإثبات حالة العته لدى المورثة وغير مؤدية بالتالي لإجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن، مما دعاه إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات مرض الموت، فإن الحكم المطعون فيه قد عاد رغم ذلك فاتخذ من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة ومن الشهادة الطبية المقدمة إليها دليلاً على قيام حالة العته، فتعارض بذلك مع منطق الحكم الأول مما يعيبه بالتناقض. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة الاستئناف كدليل مؤيد لأقوال شهود محكمة أول درجة لإثبات حالة العته، مع أن التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف اقتصر على إثبات صدور التصرف في مرض الموت مما كان يمتنع معه مجاوزة هذا النطاق إلى واقعة أخرى لم ترد في الحكم أو الاعتماد على أقوال وردت في ذلك التحقيق عن واقعة لم تكن محله ولم يتناولها بالنفي شهود الطاعنين الأمر الذي ينطوي عليه إخلال حق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي بشقيه في غير محله، ذلك أن الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه إنما أحال إلى حكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 29 من مايو 1965 في صدد بيان وقائع الدعوى وحدها، ولا يفهم منه أنه اعتمد على ذلك الحكم في غير ما أحال عليه صراحة. ولما كان البادي من الحكم المحال إليه أنه لم يتضمن قضاءً قطعياً له حجيته في أي شق من النزاع، كما أنه لم يناقش الأدلة المقدمة في الدعوى ولا مدى كفايتها في الإثبات بل استبقي الفصل في الموضوع برمته لحين الانتهاء من تحقيق ثبوت صدور العقد في مرض الموت، دون أن يورد أية إشارة تتم عن قضائه في ثبوت حالة العته لدى المورثة، مما لا يمكن معه القول بأن حكم الإحالة إلى التحقيق انتهى إلى أن الدعوى بحالتها لا تؤدي إلى إجابة المطعون عليهن إلى طلباتهن أو أن الشهادة الطبية المقدمة غير صالحة بذاتها لإثبات حالة العته، ويكون النعي على الحكم بالتناقض في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان للمحكمة كامل الحرية في تقدير الدليل من كافة الأوراق المقدمة في الدعوى بحيث يكون لها أن تقضي في موضوعها بما تراه حقاً وعدلاً، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو استعان في شأن التدليل على قيام حالة العته وقت صدور التصرف بأقوال شهود المطعون عليهن أمام محكمة الاستئناف في التحقيق الذي أجرته في شأن صدور التصرف حال مرض موت البائعة اعتباراً بأن ما حصله الحكم من هذه الأقوال قرينة تساند الأدلة الأخرى التي أوردها الحكم على النحو السالف البيان، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن الأخير ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى بطلان عقد الرهن الصادر لصالحه وإلغاء ما ترتب عليه من تأشيرات مع أن الفقرة الثانية من المادة 114 من القانون المدني إنما قصد بها عدم الإضرار بالغير حسن النية، ذلك أنه مع افتراض علم المشتري مورث الطاعنين الأربعة الأولين، بعته البائعة، فإن ذلك العلم لا يمكن أن ينصرف إلى الدائن المرتهن كما أن عبارة العلم لدى الطرف الآخر المشار إليها في تلك المادة كان يقتضي تطبيقها عليه وتمحيص علاقته بطرفي العقد مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع وهو دفاع يخالطه واقع، فإن النعي بهذا السبب يكون مما لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(1) نقض 22/ 11/ 1951 مجموعة القواعد في خمسة وعشرين عاماً. حـ 1. ص 314. قاعدة/ 2.
الطعن 368 لسنة 28 ق جلسة 14 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 48 ص 313
جلسة 14 من مارس سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.
----------------
(48)
الطعن رقم 368 لسنة 28 القضائية
(أ) دعوى "إجراءات نظر الدعوى". "سقوط الخصومة". "النزول عنه". نظام عام. استئناف.
سقوط الخصومة هو مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً. صدور ما يدل على أن الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته قد نزل عن التمسك به. لا يصح له أن يعود إلى ما أسقط حقه فيه. إبداء المستأنف عليه طلبات في موضوع الاستئناف مما يفيد أنه اعتبر الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها. ليس له بعد ذلك أن يتمسك بسقوط الخصومة.
(ب) نقل. "نقل الأشياء". "مسئولية الناقل". "الالتزام بتسليم البضاعة" "سند النقل لحامله". إثبات.
اشتمال بوليصة الشحن على حق مصلحة السكة الحديد - الناقل - في تسليم البضاعة لأي شخص يكون حاملاً للبوليصة. اعتبارها في حكم سند نقل لحامله. لا يلتزم الناقل في هذه الحالة بتسليم البضاعة للمرسل إليه المعين بالاسم في البوليصة وتبرأ ذمته بتسليمها لحامل البوليصة. مجرد تدوين اسم المرسل إليه بالبوليصة ليس دليلاً بذاته على أنه قد تسلم البضاعة.
(ج) إثبات. "عبء الإثبات". محكمة الموضوع.
عبء إثبات الالتزام يقع على الدائن. متى اعتبرت محكمة الموضوع - في حدود سلطتها التقديرية وبأسباب سائغة - أن الأوراق المقدمة من الدائن لا تفيد في الإثبات جواز الإحالة إلى التحقيق وإلغاء عبء الإثبات على الدائن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 792 سنة 1954 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1229 جنيهاً... من ذلك مبلغ 529 جنيهاً ثمن ستين خنزيراً كان قد شحنها الطاعن إلى المطعون عليه من محطة الرحمانية إلى محطة القباري بالإسكندرية بموجب بوليصتي شحن قدمهما ومبلغ 700 جنيه ثمن لحوم كان قد اشتراها منه المطعون عليه ولم يدفع ثمنها وبعد أن أحالت المحكمة الابتدائية الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (الطاعن) دعواه وسمعت شهود الطرفين حكمت في 2 من أكتوبر سنة 1956 للمدعى بطلباته فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بصحيفة أودعها قلم كتابها في 15 من أكتوبر سنة 1956 وأعلنها إلى الطاعن في 20 من الشهر المذكور وقيد هذا الاستئناف برقم 392 سنة 12 ق تجاري ولدى نظره دفع المستأنف عليه (الطاعن) في جلسة 19 من فبراير سنة 1958 بسقوط الخصومة في هذا الاستئناف لعدم السير فيه بفعل المستأنف مدة تزيد على السنة قائلاً إن الاستئناف رفع في 15 من أكتوبر سنة 1956 وأن أول إجراء من إجراءات الخصومة اتخذ فيه بعد ذلك كان في 18 ديسمبر سنة 1957 وهو تاريخ الجلسة التي حددت لنظره أمام المحكمة وبتاريخ 5 من يونيه سنة 1958 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع بسقوط الخصومة وبقبول الاستئناف شكلاً وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت في 13 نوفمبر سنة 1958، بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن - وبتقرير تاريخه 30 ديسمبر سنة 1958 طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم الأخير وفي الحكم الصادر في 5 يونيه سنة 1958 برفض الدفع بسقوط الخصومة وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 أكتوبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة التي قدمتها والتي طلبت فيها نقض الحكم في خصوص ما قضى به من رفض الدفع بسقوط الخصومة وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 14 فبراير سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في أولها على حكم 5 يونيه سنة 1958 أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من رفض الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون عليه أعلن صحيفة استئنافه في 20 أكتوبر سنة 1956 ولم يتخذ بعد ذلك أي إجراء في شأن هذا الاستئناف إلى أن حددت للمرافعة فيه جلسة 18 ديسمبر سنة 1957، بعد أن كانت قد انقضت مدة تزيد على السنة من تاريخ آخر إجراء صحيح وهو إعلان صحيفة الاستئناف ولقد كان على المطعون عليه المستأنف إذا أراد تفادي سقوط الخصومة بمضي هذه المدة أن يقوم بإعلان الطاعن الذي كان مستأنفاً عليه قبل انقضاء السنة معذراً إياه بأن يقدم مذكرة بدفاعه وإلا اعتبر الحكم الذي يصدر في الاستئناف حضورياً في حقه وإذا لم يفعل فإنه يكون قد تسبب بإهماله في تعطيل السير في الاستئناف مدة تزيد على السنة بما يحقق شروط المادة 301 من قانون المرافعات ويضيف الطاعن أن محكمة الاستئناف قد أخطأت فيما استندت إليه في قضائها برفض الدفع بسقوط الخصومة من أن الإجراءات التي اتخذت في الاستئناف رقم 398 سنة 12 ق الخاص بطلب وقف النفاذ المعجل الذي شمل به الحكم المستأنف تعتبر قاطعة لمدة سقوط الخصومة في الاستئناف رقم 392 سنة 12 ق الخاص بموضوع الحكم المستأنف ذلك أن كلاً من الاستئنافين المذكورين يعتبر مستقلاً عن الآخر ومختلفاً عنه في إجراءاته وموضوعه ومن ثم فإن الإجراءات التي تتخذ في أحدهما لا تقطع مدة سقوط الخصومة في الآخر.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه يبين من حكم 5 يونيه سنة 1958 المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة في الاستئناف على دعامتين الأولى أن إجراءات المرافعة التي اتخذت في طلب وقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف والذي قيد برقم 397 سنة 12 ق استئناف الإسكندرية تعتبر قاطعة لمدة سقوط الخصومة في الاستئناف الخاص بالموضوع. الثانية أن الطرفين حضرا في جلسة 18 ديسمبر سنة 1957 التي حددت لنظر الاستئناف بعد تحضيره في قلم الكتاب وأبديا فيها طلبات في موضوع الاستئناف ولم يدفع المستأنف عليه (الطاعن) بسقوط الخصومة في هذه الجلسة وإنما أبدي هذا الدفع لأول مرة بجلسة 19 فبراير سنة 1958 - ولما كان سقوط الخصومة لمضي أكثر من سنة على آخر إجراء صحيح هو مما يتصل بمصلحة الخصم فله التنازل عنه صراحة أو ضمناً. فإذا بدأ من الخصم الذي شرع السقوط لمصلحته ما يدل على أنه قد نزل عن التمسك به فلاً يجوز له بعد ذلك أن يعود فيما أسقط حقه فيه - ولما كان الثابت من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الذي كان مستأنفاً عليه أمام محكمة الاستئناف لم يتمسك بسقوط الخصومة في جلسة 18 من ديسمبر سنة 1957 التي حددت لنظر الاستئناف بعد تحضيره في قلم الكتاب بل إنه أبدى طلبات في موضوع الاستئناف مما مفاده أنه اعتبر الخصومة قائمة ومنتجة لآثارها فإنه لا يحل بعد ذلك أن يعود ويتمسك بسقوط الخصومة ومن ثم تكون الدعامة الثانية التي أقام عليها الحكم قضاءه برفض الدفع بسقوط الخصومة صحيحة في القانون وكافية بذاتها لحمل الحكم في هذا الخصوص ومن ثم فلا محل لبحث ما أثاره الطاعن في سبب الطعن خاصاً بالدعامة الأخرى التي بني عليها الحكم قضاءه هذا.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن حكم 13 نوفمبر سنة 1958 الذي قضى في موضوع الاستئناف قد خالف القانون بمخالفته قواعد الإثبات وخطئه في تطبيقها ذلك أنه أقام قضاءه على عدم إمكان محاجة المطعون عليه بما ورد في بوليصتي الشحن ما دام أنه لم يشترك في تحريرهما أو يوقع عليهما - هذا في حين أن هاتين البوليصتين وقد حررهما موظف عام في حدود سلطته واختصاصه مثبتاً فيهما ما تم على يديه من أن ستين خنزيراً قد شحنت من الطاعن إلى المطعون عليه فإنهما تعتبران ورقتين رسميتين وحجة على الكافة بما دون فيهما خاصاً بحصول الشحن من الطاعن إلى المطعون عليه وبعدد الماشية المشحونة ومن ثم فلا يجوز إطراحهما بالنسبة لهذين الأمرين ما دام لم يطعن فيهما بالتزوير كما أن الأشياء المشحونة تعتبر ملكاً للمرسل إليه وتلتزم مصلحة السكة الحديد بتسليمها إليه أو إلى من ينوب عنه وإلا كانت مسئولة قبله وعلى من يدعي عدم حصول التسليم على هذا النحو أن يقيم الدليل على صحة ما يدعيه ومن ثم فقد كان محكمة الاستئناف وقد ادعى المطعون عليه أنه لم يتسلم المواشي التي أرسلت إليه وأن الطاعن هو الذي استلمها أن تكفله بإثبات ما يدعيه وإذا لم يفعل وألقت عبء الإثبات على الطاعن فإنها تكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه ذكر عن بوليصتي الشحن المقدمتين من الطاعن "أنه لا يجوز الاحتجاج بهما ضد المطعون عليه لمجرد تدوين اسمه فيهما باعتباره المرسل إليه وذلك لأنه ليس لزاماً أن يقوم المرسل إليه باستلام البضاعة بنفسه بل إن مصلحة السكة الحديد قد أجازت تسليمها لأي شخص يكون حاملاً لبوليصة الشحن معتبرة إياه أنه هو صاحب البضاعة أو نائبه فيكفى إذن تقديم هذه البوليصة لتسليم البضاعة وقد أصدرت المصلحة تعليمات بذلك مدونة في ظاهر البوليصة وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه لقواعد الإثبات ذلك أنه وإن كان اسم المطعون عليه قد ذكر في كل من البوليصتين باعتباره المرسل إليه إلا أن ما دون فيهما من أن لمصلحة السكة الحديدية الحق في تسليم البضاعة لأي شخص يكون حاملاً للبوليصة من شأنه أن يفقد هذا البيان أهميته ويجعل حكم هذه البوليصة حكم سند النقل الذي لحامله وبالتالي فلاً تلتزم المصلحة الناقلة بتسليم البضاعة للمرسل إليه المعين بالاسم في البوليصة بل إن ذمتها تبرأ بتسليمها لحامل البوليصة ومتى كان الأمر كذلك وكانت البوليصتان لا تحملان توقيع المطعون عليه أو نائبه باستلام الماشية المشحونة بموجبهما فإن مجرد تدوين اسمه فيهما بوصفه "المرسل إليه" لا يدل بذاته على أنه قد تسلم هذه الماشية فعلاً ويكون الحكم المطعون فيه مصيباً فيما انتهى إليه من أن هاتين البوليصتين لا تعتبران حجة على المطعون عليه في خصوص استلامه تلك الماشية - ولما كانت المادة 389 من القانون المدني تقضى بأن على الدائن إثبات الالتزام وكانت محكمة الموضوع قد اعتبرت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها أن الأوراق التي قدمها الطاعن لإثبات دعواه لا تفيد في هذا الإثبات فإنها تكون محقة عندما ألقت عليه عبء الإثبات في حكمها الصادر بالإحالة إلى للتحقيق.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب ذلك أنه في سبيل التقليل من قيمة بوليصتي الشحن في الإثبات ذهب إلى حد القول بأن المطعون عليه علل سبب تدوين اسمه في البوليصتين بوصفه المرسل إليه تعليلاً مقبولاً بقوله إن الطاعن أراد تهريب الخنازير المشحونة من دائنيه وتفادي توقيعهم الحجز عليها وذلك بنسبة ملكيتها إلى شخص آخر غيره عند تصديرها إلى الإسكندرية ويقول الطاعن إن الحكم إذ قبل هذا التعليل دون أن يقدم الدليل على صحته ودون أن تعني المحكمة بتحقيق ما زعمه المطعون عليه من أن الطاعن مدين وأنه يخشى توقيع الحجز ضده من دائنيه يكون معيباً بالقصور خصوصاً وأن تدوين اسم المطعون عليه في بوليصتي الشحن على أنه المرسل إليه لا يمنع دائني الطاعن - إن صح أن له دائنين - من توقيع الحجز على الماشية المصدرة طالما أن هاتين البوليصتين تحملان اسم مدينهم الطاعن بوصفه المرسل لهذه الماشية.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى محاجه المطعون عليه ببوليصتي الشحن لمجرد تدوين اسمه فيهما بوصفه "المرسل إليه" فإنه لم يكن بعد ذلك بحاجة إلى تعليل سبب ورود هذا الاسم في البوليصتين وبالتالي يكون ما أورده الحكم خاصاً باعتباره تعليل المطعون عليه لذلك تعليلاً مقبولاً، تزيداً يستقيم الحكم بدونه فمهما كان في هذا التزيد من خطأ فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال فيما قرره من أنه ثبت له من القضية السابقة التي صدر فيها أمر الأداء لصالح المطعون عليه ضد الطاعن بمبلغ خمسمائة جنيه أن المطعون عليه كان قد استوقع الطاعن على سند بهذا المبلغ مما استدل منه الحكم المطعون فيه على أن المعاملة بين الطرفين كانت تثبت بالكتابة وأنه لو كان الطاعن صادقاً في دعواه لحصل من المطعون عليه على سند بدينه الذي يطالبه به في الدعوى الحالية ويقول الطاعن إن استدلال الحكم بما استدل به في هذا المقام قد قام على مالاً وجود له في الأوراق ذلك أنه قد طعن بالتزوير في السند الذي صدر أمر الأداء في الدعوى السابقة على أساسه وأنه وإن كان قد قضى ابتدائياً ضده برفض ادعائه بالتزوير إلا أنه لم يتم الفصل في الاستئناف الذي رفعه هذا الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن استدلال الحكم المطعون فيه بما استدل به على أن المعاملة بين الطرفين كانت تجري بالكتابة هو استدلال سائغ مستمد من أوراق الدعوى السابقة التي صدر فيها أمر الأداء، لصالح المطعون عليه ضد الطاعن وطالما أنه قد قضى برفض ادعاء الطاعن بتزوير السند الذي صدر أمر الأداء على أساسه بحكم حائز لحجة الأمر المقصى فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو بني استدلاله على اعتبار هذا السند صحيحاً خاصة وأن الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه رفع استئنافاً عن الحكم الذي قضى برفض ادعائه بتزوير ذلك السند.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن 264 لسنة 36 ق جلسة 19 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 13 ص 67
جلسة 19 من يناير سنة 1971
برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.
--------------
(13)
الطعن رقم 264 لسنة 36 القضائية
تنفيذ. "النفاذ المعجل". "التظلم من وصف النفاذ". قوة الأمر المقضي. استئناف "الاستئناف الوصفي".
القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف. قضاء وقتي. ليس له تأثير على استئناف الموضوع. لا تتقيد به المحكمة التي أصدرته عند نظر ذلك الاستئناف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 80 لسنة 1960 تجاري كلي الإسكندرية ضد شركة تخزين البترول (التي سميت فيما بعد باسم الشركة الطاعنة) وطلبت الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 6052 جنيهاً، 816 مليماً. وقالت بياناً للدعوى إنها استوردت رسالتين من مادة الأسيتون القابلة للالتهاب أودعتها مخازن الشركة الطاعنة لحفظهما، وأنها تلقت منها في 24/ 6/ 1958، 10/ 7/ 1958 كتابين تخطرها فيهما بأنها رأت أن تنقل الرسالتين إلى منطقة حجر النواتية، وأنها لما عاينت البضاعة في هذا الموقع الجديد ووجدت أنها في العراء وهو ما يعرضها للتلف فقد أرسلت خطاباً للطاعنة بتاريخ 23/ 9/ 1958 توجه نظرها فيه إلى ذلك، غير أنها لم تعر الأمر التفاتاً مما نجم عنه أن تسربت هذه البضاعة من عبواتها بعد أن سرى إليها الصدأ وهو ما دعاها إلى أن تقيم عليها الدعوى 1595 لسنة 59 مدني مستعجل الإسكندرية بطلب إثبات حالة البضاعة وما لحقها من تلف، وإذ قدم الخبير الذي ندبته المحكمة في تلك الدعوى تقريرين أثبت فيهما سوء تخزين البضاعة المذكورة وقدر ما لحق بها من تلف بمبلغ 5985 جنيهاً، 486 مليماً فقد أقامت دعواها بطلباتها السابقة متضمنة مصاريف دعوى إثبات الحالة المشار إليها. ردت الطاعنة بعدم مسئوليتها عن تلف البضاعة، وقدمت تقريراً من خبير استشاري ناقش فيه الأسس التي اعتمد عليها خبير دعوى إثبات الحالة في تقريره، وبتاريخ 13/ 6/ 1961 قضت محكمة أو درجة بإعادة القضية إلى خبير دعوى إثبات الحالة لإبداء ملاحظاته على جاء في التقرير الاستشاري، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 19/ 11/ 1963 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 5486 جنيها، 695 مليماً ومصاريف دعوى إثبات الحالة المتقدمة الذكر. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 25 لسنة 20 ق وطلبت الحكم بوقف نفاذه، وبتاريخ 16/ 12/ 1964 قضت المحكمة بإجابتها إلى هذا الطلب، ثم قضت في 16/ 3/ 1966 في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 16/ 12/ 1964 إذ قضى بوقف نفاذ الحكم الابتدائي قد
ضمن أسبابه عدم صحة ما استند إليه هذا الحكم وهو ما يترتب عليه بطلانه، وقد أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في قضائه بالتعويض وأحال إلى أسبابه وهو ما يعيبه بدوره بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف هو قضاء وقتي لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوة الأمر المقضي لأن الفصل في هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل في الموضوع عن رأي ارتأته وقت الفصل في هذا الطلب إذ ليس لحكمها فيه أي تأثير على الفصل في الموضوع، وكان يبين من الاطلاع على الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في 16/ 12/ 1964 أنها قضت بوقف نفاذ الحكم الابتدائي بناء على ما انتهت إليه في بحثها الذي استندت فيه إلى ظاهر الأوراق دون تغلغل منها في أصل النزاع بما يكون معه ذلك الحكم وقتياً لا يحوز قوة الأمر المقضي، ولا تثريب على المحكمة أن تعدل - وعلى ما سبق البيان - على رأي كانت قد ارتأته عند إصدارها ذلك الحكم. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان بحجة أنه جاء على خلاف ذلك الحكم الوقتي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها ركنت في دفاعها أمام محكمة الموضوع إلى نصوص لائحتها الداخلية المطبوعة على شهادات إيداع البضاعة والتي تقضي بإعفائها من المسئولية عن التلف الذي يصيب هذه البضاعة وإلى أن الخطاب الذي أرسلته لها المطعون ضدها في 23/ 9/ 1985 قد اقتصر على إبداء بعض ملاحظات وقائية بشأن تخزين البضاعة دون أن تعترض فيه على حصول هذه التخزين في العراء، غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى مساءلة الطاعنة عن التلف الذي أصاب تلك البضاعة دون أن يرد على هذا الدفاع وهو ما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما يبين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه، من أن الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة في 13/ 6/ 1961 بندب خبير دعوى إثبات الحالة رقم 1595 لسنة 1959 مدني مستعجل الإسكندرية لإبداء ملاحظاته على تقرير الخبير الاستشاري المقدم لها من الطاعنة قد استبعد الشروط المأخوذة من لائحتها الداخلية والمدونة على شهادات إيداع البضاعة والتي تقضي بإعفاء الطاعنة من المسئولية عن التلف الذي يصيبها، وذلك تأسيساً على أنه لم يقيم دليل من الأوراق على أن المطعون ضدها قلبت هذه الشروط، كما استبعد الحكم المشار إليه ما ثار من جدل بين طرفي الخصومة حول تحديد مكان إيداع تلك البضاعة وحصر الخلاف بينهما فيما إذا كان التلف الذي أصابها يرجع إلى خطأ الطاعنة في عملية تخزينها أم أنه يرجع إلى خطأ في طريقة تعبئتها أو في صنع عبواتها، مما يعفي الطاعنة من المسئولية عن هذا التلف، ثم حصل ذلك الحكم من كتابي الطاعنة للمطعون ضدها في 24/ 6/ 1958، 10/ 7/ 1958 أن الطاعنة قبلت إيداع رسالتي الأسيتون موضوع النزاع داخل المخازن وهو ما رتب عليه قضاءه بندب خبير دعوى إثبات الحالة لمناقشة المسائل الفنية التي وردت في تقرير الخبير بشأن أسباب هذا التلف. ولما كان هذا الذي قرره الحكم وانتهى إليه سائغا ويحمل الرد على دفاع الطاعنة في خصوص ما تدعيه من إعفائها من المسئولية عن تلف البضاعة ومن تحديد المكان المتفق عليه لإيداعها فيه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 10/ 1/ 1957 مجموعة المكتب الفني. السنة 8. ص 45.
نقض 16/ 1/ 1964 مجموعة المكتب الفني. السنة 15. ص 98.
الطعن 364 لسنة 28 ق جلسة 14 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 47 ص 308
جلسة 14 من مارس سنة 1963
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.
----------------
(47)
الطعن رقم 364 لسنة 28 القضائية
استئناف. "الأثر الناقل للاستئناف" "الطلب الأصلي والطب الاحتياطي".
لا ينقل الاستئناف الدعوى - بالنسبة للطلب الأصلي - إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وفي حدود طلبات المستأنف. الطلب الأصلي والطلب الاحتياطي في الدعوى. توجيه كل منهما إلى خصم مستقل. إجابة المحكمة الابتدائية الطلب الأصلي دون التعرض للطلب الاحتياطي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن وقائع النزاع - تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليها الثالثة أقامت الدعوى رقم 1506 سنة 55 كلي القاهرة ضد المطعون عليهما الأولين وضد الطاعنة قالت فيها إنها اشترت منزلاً من الطاعنة بمبلغ 5200 جنيه بعقد ابتدائي مؤرخ 14 يناير سنة 1954 وأنها قامت بسداد رسوم توثيق العقد النهائي وشهره ومقدارها 498 جنيهاً و750 مليماً وأثبتت ذلك بها على العقد في 15 مارس سنة 1954 إلا أن البائعة (الطاعنة) امتنعت عن الحضور في اليوم المحدد للتوقيع على عقد البيع النهائي رغم إنذارها في 8 من أبريل سنة 1954 وتحرر لذلك محضر ثبوت غيبة بمعرفة موثق العقود الرسمية وأصبح العقد لذلك غير ذي موضوع إذ أنه بسبب هذا الامتناع قد لجأت إلى رفع دعوى صحة التعاقد وقالت إن مصلحة الشهر العقاري رفضت أن ترد إليها رسوم التوثيق والشهر التي يحق لها استردادها مما اضطرها إلى إقامة هذه الدعوى - وطلبت الحكم لها أصلياً بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 498 جنيهاً و750 مليماً والفوائد بواقع 4% حتى السداد - واحتياطياً الحكم على السيدة ماري الطاعنة بدفع المبلغ المذكور وفوائده مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بالمصروفات واستندت المدعية (المطعون عليها الثالثة) في طلبها الأصلي إلى المواد 179، 181، 377 / 2 من القانون المدني كما استندت في طلبها الاحتياطي إلى أن السيدة البائعة قد ارتكبت خطأ في حقها تسبب عنه ضرر - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 10 يونيه سنة 1956 بإلزام وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري بأن يدفعا للمدعية 498 جنيهاً و750 مليماً والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات والنفاذ بلا كفالة ورفضت ما خالف ذلك من الطلبات استأنفت وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري هذا الحكم وطلبتا إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الثالثة) وقيد الاستئناف برقم 1087/ 54 و73/ 75 ق وبتاريخ 25 يناير سنة 1958 أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى بصفتها قبل المستأنفين مع إلزامها بالمصروفات وأجلت الدعوى لجلسة 18 مارس سنة 1958 وعلى قلم الكتاب إخطار المستأنف عليها للجلسة المذكورة - وقد عالجت محكمة الاستئناف الطلبات الاحتياطية وأصدرت فيها حكمها بتاريخ 27 أبريل سنة 1958 وهو يقضي بإلزام المستأنف عليها الثانية السيدة ماري بأن تدفع للمستأنف عليها الأولى السيدة سميرة بصفتها مبلغ 498 جنيهاً و750 مليماً والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 14 مارس سنة 1955 حتى السداد والمصروفات وقالت في أسباب حكمها - "إنه عملاً بالمادة 410 مرافعات يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى، وأنه متى ألغت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بالطلبات الأصلية فإنه يكون لزاماً عليها أن تتناول بالبحث والتمحيص الطلب الاحتياطي الذي تقدمت به المستأنف عليها الأولى للمحكمة الابتدائية ولم تر تلك المحكمة حاجة إلى التعرض له لإقناعها بصحة الطلبات الأصلية" - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 24 ديسمبر سنة 1958 وأصدرت دائرة فحص الطعون قرارها في 5 ديسمبر بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية وبعد استيفاء الإجراءات تحدد لنظر الطعن لدى هذه الدائرة جلسة 7 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بطلانه - ذلك أن الأساس القانوني للطلبات الأصلية يقوم على الإثراء بلا سبب في حين أن أساس الطلبات الاحتياطية هو الخطأ وما ترتب عليه من ضرر وقد استجاب الحكم الابتدائي للطلب الأصلي فقضى برفض الدعوى بالنسبة للطاعنة واقتصر الاستئناف المرفوع من وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري على طلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليها الثالثة (المشترية) قبلها - ولم يكن للطاعنة شأن في الخصومة الاستئنافية لأنه لم توجه إليها طلبات قبلها من المستأنف - بعد إذ رفض الحكم الابتدائي الطلب الموجه إليها من المشترية. ولهذا لم تحضر الطاعنة في الاستئناف وإذا قبلت محكمة الاستئناف ما وجهته المطعون عليها الثالثة (المشترية) في مذكرتها من طلبات إلى الطاعنة فإنها تكون قد خالفت القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه يبين من الوقائع السالف ذكرها أن المطعون عليها الثالثة (المشترية) ضمنت دعواها الابتدائية طلبين يستقل كل منهما بسببه - أولهما - طلب أصلي - بإلزام وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري برد مبلغ 498 ج و750 م تأسيساً على أنه دفع إليهما بغير حق - وثانيهما - طلب احتياطي بإلزام الطاعنة بهذا المبلغ باعتباره تعويضاً عن الضرر الذي أصابها بسبب خطأ البائعة (الطاعنة) - وقد رأت المحكمة الابتدائية إجابة الطلب الأصلي فقضت به لصالح المشترية (المطعون عليها الثالثة) ولم تتعرض في حكمها للطلب الاحتياطي - وإذا استأنفت وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري الحكم الصادر عليهما طالبين إلغاءه ورفض دعوى المستأنف عليها الأولى (المشترية) قبلهما فإن هذا الاستئناف يكون مقصور على ما قضى به في الطلب الأصلي - ولما كان الاستئناف لا ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية إلا بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وفي حدود طلبات المستأنف (409 م مرافعات) وكانت الطلبات الأخرى التي قضى بها الحكم المطعون فيه على الطاعنة لم توجه ضد المستأنفين (وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري) ولم تكن نتيجة مترتبة بطبيعتها على الفصل في الطلبات الموجهة إليهما وكان الاستئناف جائزاً نظره بغير اختصام الطاعنة لأنه لم يقض لها بشيء على المستأنفين - لما كان ذلك، فإن الاستئناف المرفوع من وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري لم يكن من شأنه طرح الطلبات الموجهة ابتداء إلى الطاعنة - ولا محل لاستناد الحكم في قبول هذه الطلبات إلى المادة 410 مرافعات لأن هذه الطلبات لا تعتبر من وسائل الدفاع أو الدفوع المشار إليها في تلك المادة - ولا محل كذلك لإعمال قاعدة أن استئناف الطلب الأصلي بطرح الطلب الاحتياطي لأن مجال إعمال هذه القاعدة أن يكون الطلبان الأصلي والاحتياطي موجهين إلى ذات الخصم ومن ثم فإنه كان يمتنع على محكمة الاستئناف أن تنظر الطلبات المقدمة من المطعون عليها الثالثة (المستأنف عليها الأولى) إلى الطاعنة (المستأنف عليها الثانية) وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
(1) م 409 مرافعات.