(43)
الطعن رقم 2353 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
بيان
الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها
وإيراده أدلة سائغة وكافية لحمل قضائه . لا قصور .
عدم
رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها .
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
ذكر
الحكم المطعون فيه أرقام مواد قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بها . كافٍ . ما دامت المادة 310 إجراءات لم تستوجب إلَّا ذكر نص القانون الذي حكم بموجبه .
(3) إثبات " شهود " .
محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها
القائمة المقدمة من النيابة العامة . حد ذلك ؟
(4) إثبات
" شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال
شـاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم فيها . اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم . غير مؤثر في
سلامته . علة ذلك ؟
(5) إكراه على توقيع . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" .
استخلاص الحكم من ظروف الدعوى أن الطاعن وآخرين يبغون إكراه
المجني عليهما للحصول على توقيعهما على عقد اتفاق والتدليل السائغ على ذلك .
كفايته لتحقق جريمة الإكراه على توقيع .
(6)
إكراه على توقيع . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " .
ركن
القوة في جريمة الإكراه على إمضاء السندات . مناط تحققه ؟
مثال
لتسبيب سائغ على توافر ركن القوة في جريمة الإكراه على إمضاء السندات .
(7) إكراه على توقيع . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد
" . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بشأن جريمتي الإتلاف والحريق العمدي . غير مجد .
ما دامت المحكمة قضت بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الإكراه على التوقيع عملاً
بالمادة 32 من قانون العقوبات .
(8)
نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه . علة ذلك ؟
مثال
.
(9) جريمة " أركانها " . باعث . حكم " ما لا
يعيبه في نطاق التدليل ".
الباعث على الجريمة . ليس ركناً من أركانها . الخطأ فيه أو
ابتنائه على الظن أو إغفاله . لا يعيب الحكم .
(10) قضاة " صلاحيتهم " .
حالة الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في
نفس القاضي . تقدير الإدانة .
متروك له .
(11)
إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في
التحصيل والفساد في الاستدلال . غير مقبول . ما دام ما حصله من نص أقوال الشاهدين
له أصله الثابت في الأوراق الذي لم يحد عنه .
مثال .
(12) إثبات " بوجه عام " " شهود
" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
حكم " ما لا
يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا
يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض أقوال الشهود وتضارب أقوالهم . لا يعيب
الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
ورود أقوال الشاهد على الحقيقة
المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند
الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
للمحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر . متى رأت أن تلك الأقوال صدرت منه
حقيقة وتمثل الواقع في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام
محكمة النقض.
مثال .
(13) إجراءات " إجراءات
المحاكمة " . دفاع" الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم
تر هي حاجة إلى إجرائه . غير
مقبول .
مثال
.
(14) إثبات "
شهود " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما
لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تأخر
المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . ما دامت أطمأنت إلى شهادته والظروف المحيطة بها . علة وأثر ذلك ؟
(15) استدلالات . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من
أدلة .
إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته . غير لازم . علة ذلك ؟
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
نعي الطاعن بأن التحريات تمت بعد فترة طويلة دون الإفصاح
عن مصدرها . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(16)
استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي
على الحكم بشأن التحريات الأولية . غير مقبول . ما دام لم يستند إليها في إثبات
التهمة ولم يشر إليها في مدوناته .
(17) إثبات " معاينة " . إجراءات "
إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير لزوم القيام بالمعاينة . متروك للسلطة التي تباشر
التحقيق.
النعي بعدم إجراء النيابة العامة معاينة لمكان
الواقعة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟
(18) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع
بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل
منها " .
الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصوير الواقعة
وانتفاء الصلة بها . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام
محكمة النقض.
(19)
إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود
" .
للمحكمة أن تعرض عن قالة شهود النفي .
ما
دامت لا تثق بما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده :
اطراحها .
(20)
عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" .
قضاء الحكم المطعون فيه
بعقوبة الجريمة الأشد باعتبار أن الجرائم التي قارفها الطاعن ارتكبت لغرض واحد
عملاً بالمادة 32/2 عقوبات . صحيح . لا يغير من ذلك إغفال ذكر المادة آنفة البيان
وتعيين الجريمة الأشد .
(21)
دستور . قانون " القانون الأصلح " .
دفاع الطاعن باعتبار طعنه بالنقض في الحكم تقريراً بالاستئناف
إعمالاً لما تضمنه الدستور بجعل التقاضي على
درجتين في الجنايات لكونه قانوناً أصلح . غير مقبول . علة ذلك ؟
(22)
عقوبة " تقديرها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة
" .
تقدير
العقوبة وقيام موجبات الرأفة . موضوعي .
نعي
الطاعن بشأن ما يصيبه من تنفيذ العقوبة . غير مقبول .
(23) عقوبة
" تطبيقها " . مراقبة الشرطة . محكمة دستورية . قانون " سريانه
" . نقض " المصلحة في الطعن " " حالات الطعن . الخطأ
في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة الطاعن بجريمة استعراض القوة المؤثمة بالمادتين
375 ، 375 مكرراً/أ عقوبات وتوقيع العقوبة التكميلية المقررة لهذه الجريمة
المقترفة في تاريخ لاحق للقضاء بعدم دستورية المادتين آنفتي الذكر وقبل إعادة
العمل بهما بالمرسوم بقانون 10 لسنة 2011 . خطأ . لمحكمة النقض تصحيحه بإلغاء تلك
العقوبة . نعي الطاعن في خصوص هذه الجريمة . غير مجد . علة ذلك ؟
(24) عقوبة "
تطبيقها " " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون
" " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض "
سلطتها " .
العقوبة
الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات
الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون العقوبات التكميلية . علة ذلك ؟
إغفال الحكم
المطعون فيه القضاء بالعقوبة التكميلية المقررة بالمادة 372 مكرراً/1 عقوبات .
خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما
كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة وكافية لحمل
قضائه ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً معيناً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع مـا
أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى
المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه على الحكم من القصور في غير محله .
2-
لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن مواد
الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها ، وكانت المادة 310
من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلَّا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي
حكم بموجبه ، فإن ذكر الحكم أرقام مواد قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بها يكفي في بيانها بما يحقق حكم القانون ،
ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
3-
من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع
محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة
من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، فإن النعي على
حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند .
4-
من المقرر أنه لا
يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت
أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف
الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل
تكوين عقيدتها
أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وتطرح ما عداها وفى عدم إيراد المحكمة
لهذه التفصيلات
ما يفيد اطراحها لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن
وآخرين مجهولين كانوا يبغون من إكراه
المجنى عليهما توقيعهما عقد الاتفاق موضوع الدعوى بما يثبت عدم منازعة شركة .... في ملكية الأرض المستولى عليها ، ودلل الحكم
على ما استخلصه من ذلك تدليلاً كافياً يتفق مع العقل والمنطق ، فإنه إذ تأدى من ذلك إلى تحقق جريمة إكراه المجني
عليهما على توقيع عقد الاتفاق - سالف الذكر - وهى الجريمة المنطبق عليها نص
المادة 325 من قانون العقوبات بركنيها المادي والمعنوي ، يكون الحكم قد اقترن
بالصواب ويضحى منعى الطاعن عليه غير سديد .
6-
لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن في بيان
كاف إقدامه وآخرين مجهولين على ارتكاب الجريمة متوخياً تعطيل إرادة المجني عليهما
عن طريق تهديدهما باستخدام القوة والتلويح بالعنف بما كان من شأنه ترويعهما بحيث
حملهما كرهاً عنهما على إمضاء عقد الاتفاق موضوع الدعوى ، وكان الحكم قد استظهر
بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات بما يتوافر به هذا
الركن في صحيح القانون ودلل عليه بما يسوغه ؛ ذلك أنه يتحقق بكافة صور انعدام
الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها
تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة فكما يصح أن
يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد
ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال ، فإن منعى الطاعن في
هذا الصدد يكون غير مقبول .
7-
لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم
بالنسبة لجنحة الإتلاف العمدى - أيا ما كان وجه الرأي فيه - لا يجديه نفعاً ما
دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته
بالعقوبة الأشد وحدها المقررة لجريمة الإكراه على توقيع السند التي أثبتها الحكم
في حقه . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعن بجريمة وضع النار عمداً فإن ما
يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل .
8-
من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون
واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى
المطروحة كونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان
الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين الصورة التي اعتنقها الحكم والجرائم التي أثبتها في حقه بل ساق قوله
مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
9-
لما كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً
من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا
يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو
إغفاله جملة ، ومن ثم يكون النعي على
الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
10- لما كانت حالة
الرغبة في إدانة المحكوم عليه مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه
وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح
إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .
11-
لما كان البيّن من المفردات التي أمرت المحكمة
بضمها أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين الأول والثاني له صداه وأصوله الثابتة
في الأوراق ، وأن التحصل على توقيعهما على عقد الاتفاق موضوع الدعوى كان وليد
إكراه ولم يكن بناء على رضاء منهما ، ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه فقد انحسرت
عنه بذلك قالة خطأ التحصيل وفساد التدليل .
12- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون
فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من
الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم
ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه
- كما هو الحال في الطعن الماثل - وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة
على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل
يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه
محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى
المطروحة أمامها ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم ويقطع في
كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في
المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته
على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما
قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه
وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك
الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى وكان الحكم المطعون فيه قد
كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني وكذلك أقوال كل من .... ،
.... واقتنع بحصول الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من
منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال سالفي الذكر أو محاولة
تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها
فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
13-
لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن
الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيقاً معيناً بسؤال من سئل على سبيل الاستدلال فإنه
لا يكون له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، ومن ثم فإن ما
ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير
مقبول .
14-
لما كان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن
الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى
شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة
محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه
بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه .
15- من
المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه ليس بلازم أن يفصح الضابط عن مصدر تحرياته ؛
لما هو مقرر من أن لرجل الضبط القضائي أن
يستعين فيما يجريه من تحريات بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين
دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما
نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، وكان تقدير جدية التحريات من
المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم
على أقوال الشاهد الثالث التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت بعد
فترة طويلة ولم يفصح عن مصدرها تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام
محكمة النقض .
16-
لما كان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق
الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات ومن بينهم الشاهد الثالث - مجرى التحريات - ولم
يعول في ذلك على ما تضمنته تحرياته الأولية ولم يشر إليها في مدوناته ، فإن النعي
على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
17- لما كانت المعاينة من إجراءات التحقيق التي يترك أمر
تقدير لزوم القيام بها إلى السلطة التي تباشره فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه
من الطعن لا يكون له محل . هذا فضلاً عن أن الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة
التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على
النعي على النيابة العامة عدم إجراء معاينة لمكان الواقعة ولم يطلب من محكمة
الموضوع تدارك هذا النقص فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام
محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما
لا يصح أن يكون سبباً للطعن ويكون منعاهم في هذا الشأن غير سديد .
18- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصور الواقعة وانتفاء الصلة بها من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
19-
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة
شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما
دامت لم تستند إليها وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على
أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص
يكون غير مقبول .
20- لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التي
قارفها الطاعن والمستوجبة لعقابه قد ارتكبت لغرض واحد وأعمل في حقه المادة 32/2 من
قانون العقوبات فقضى عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد تلك الجرائم ، فإنه يكون
قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا ينال من سلامته إغفال ذكر تلك المادة أو إغفاله
تعيين الجريمة الأشد .
21- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن الدستور الحالي الصادر
عام 2014 فيما تضمنه من جعل المحاكمة في الجنايات على درجتين مما يبيح له التقرير
بالاستئناف على الحكم الصادر قبله ، فمردود بأن ما تضمنه الدستور في هذا الشأن لا
يفيد وجوب تطبيقه هذا التعديل إلَّا باستجابة المشرع والتدخل منه لإفراغ ما تضمنه
في نص تشريعي محدد ومنضبط ينقله إلى مجال العمل والتنفيذ يلتزم الكافة بمقتضاه
بدءاً من التاريخ الذي تحدده السلطة التشريعية لسريان أحكامه ، ومن ثم يكون هذا
الوجه من النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لا سند له .
22- من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم
قيامها أمر موكول لقاضى الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن
ما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول .
23- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن - من بين ما
دانه - بجريمة استعراض القوة " البلطجة" المؤثمة بالمادتين 375 ، 375 مكرراً/أ من قانون
العقوبات وأوقع عليه العقوبة التكميلية المنصوص عليها في المادة الأخيرة وهي الوضع
تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات وهي المدة المساوية لمدة العقوبة المحكوم بها
عليه عن الجريمة الأشد - جريمة الإكراه على توقيع - بعد إعمال المادة 32/2 من
قانون العقوبات ، وكان توقيع هذه العقوبة ليس له أساس في القانون ، ذلك أن تاريخ ارتكاب تلك الجريمة كان في
غضون شهري يناير ، فبراير عام 2011 وذلك بعد أن كان قد قُضي بعدم دستورية المادتين آنفتي الذكر
بمقتضى الحكم رقم 83 لسنة 23 ق دستورية بجلسة 7/5/2006 وقبل إعادة العمل بهما
بمقتضى المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 والصادر بتاريخ 10 من مارس سنة 2011 ، وهو
الأمر الذي لا يسري على واقعة الدعوى ولا يمكن معه مساءلة الطاعن عن الفعل المسند
إليه طبقاً لأحكام هذا القانون ، مما يتعين معه تصحيح الحكم بإلغاء ما قضى به في
شأن هذه العقوبة التكميلية ، وعليه لا يكون
للطاعن ثمة مصلحة فيما يثيره بأسباب طعنه بخصوص هذه الجريمة ، ويكون ما ينعاه في
هذا الصدد في غير محله.
24-
من المقرر أن العقوبات الأصلية المقررة لأشد
الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة
لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في
طياتها فكرة رد الشيء لأصله أو التعويض المدني للخزانة أو إذا كانت ذات طبيعة
وقائية كالمصادرة والنشر ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية
مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط
بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، فإن الحكم
المطعون فيه إذ أعمل حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات وأغفل العقوبة التكميلية
المنصوص عليها في المادة 372 مكرراً/1 - آنفة البيان - يكون قد أخطأ في تطبيقه
القانون ، إلَّا أنه لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك
تدارك ذلك القضاء بتلك العقوبة ؛ لما هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه
وفقاً لما تقضى به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
استعرض وآخرون مجهولون القوة ولوحوا بالعنف واستخدموها ضد العاملين التابعين لشركة
.... وكان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى بهم وقد ارتكب بناءً عليها الجرائم
الآتية :
1- إكراه
المجنى عليهما/ .... و .... بالقوة والتهديد على إمضاء ورقة تثبت حالة قانونية وهى
عقد الاتفاق على عدم التعرض للأرض التي استولى عليها بأن استغل حالة الانفلات
الأمني إبان ثورة يناير2011 وحمله سلاحاً نارياً مما بث الرعب في نفسيهما وحرر له
ذلك العقد ووضعا عليه إمضائهما على النحو المبين بالتحقيقات .
2-
تعدى وآخرون مجهولون على أرض فضاء والبالغ مساحتها ثلاثة عشر ألفاً وخمسمائة متر
مربع والمملوكة لإحدى شركات القطاع العام والمخصصة لإنشاء مشروع الصرف الصحي
والمعهود إنشائه إلى شركة .... بأن أقاموا عليها مبان على النحو المبين بالتحقيقات
.
3-
أتلف وآخرون مجهولون السور المبين بالأوراق والمقام بمعرفة شركة .... وقد بلغت
قيمة التلفيات مبلغ 613718 جنيه على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته
إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عمــــلاً بالمواد 325 ، 361/2،1 ، 372 مكرراً /1 ، 375 مكرراً ، 375
مكرراً (أ)/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند
إليه وبوضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة عقب تنفيذها .
فطعـن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن
الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإكراه على إمضاء سند موجد
لحالة قانونية ، واستعراض القوة والتلويح بالعنف والتعدي على أرض فضاء مملكة لإحدى
شركات القطاع العام والإتلاف العمدي ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون
، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة معماة قاصرة في بيان واقعة الدعوى وأدلتها مكتفياً
بالإشارة إلى مواد القانون التي دانه بها جملة دون بيان نصوصها ، وأورد أدلة
الثبوت كما جاءت بالقائمة ، وأحال في بيان شهادة الشاهدين الثاني والرابع إلى
مضمونه ما شهد به الأول والثالث ولم يورد مؤدى أقوالهما مع تناقضهما ، ولم يستظهر
أركان جريمة الإكراه على توقيع عقد الاتفاق التي دانه بها مطرحاً دفعه بانتفاء ركن
الإكراه لشواهد عددها بما لا يسوغ ، كما لم يستظهر أركان جريمتي الإتلاف العمدي ووضع النار عمداً معتنقاً صورة
للواقعة متناقضة مع الجرائم التي أثبتها في حقه ، ولم يبين الباعث على
ارتكابها واستبد بالمحكمة الرغبة في إدانته ، وعول على أقوال شاهدي الإثبات الأول
والثاني مع أن ما حصله من أقوالهما لا أصل ولا سند له في الأوراق ، فضلاً عن تناقض
أقوالهما ، وتساند على أقوال كلٍ من .... ، .... واللذين سئلا على سبيل الاستدلال
بالتحقيقات وجاءت أقوالهما سماعية ولم تجر المحكمة تحقيقاً بسؤالهما لاستجلاء
الحقيقة ، ولم يلتفت الحكم إلى التراخي في الإبلاغ ، كما عول على تحريات الشرطة مع
عدم جديتها لعدم بيان مصدرها والتراخي في
إجرائها ، فضلاً عن تناقض التحريات الأولية عن التحريات النهائية ، والتفت الحكم عن دفعه بقصور تحقيقات النيابة العامة
لعدم إجراء معاينة لمكان الواقعة ، كما التفت عن دفاعه القائم على كيدية
الاتهام وتلفيقه وعدم معقولية تصوير حدوث الواقعة وانتفاء صلته بها بدلالة أقوال
شاهدي النفي التي لم تعرض لها المحكمة وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد دون أن يفصح
عن هذه الجريمة أو يشير إلى نصها ، ودفع باعتبار طعنه بالنقض تقريراً بالاستئناف
على الحكم الصادر قبله لما تضمنه الدستور الحالي الصادر عام 2014 من جعل التقاضي
في الجنايات على درجتين مما يستوجب تطبيقه باعتباره أصلح له ، وأن في تنفيذه
للعقوبة المحكوم بها عليه أبلغ الضرر به ، وأخيراً فإن الحكم دانه عن الجريمة
الثانية وأوقع عليه عقوبتها مع أنها غير مؤثمة وقت ارتكابها لعدم دستوريتها ومع
ذلك لم يستظهر أركانها ولم يبين الأدلة على ارتكابها ، كل ذلك مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
وحيث
إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة وكافية لحمل
قضائه ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً معيناً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم
بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع مـا
أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة -
كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك
محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه على الحكم من القصور في غير محله . لما كان
ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيّن مواد الاتهام التي طلبت النيابة
العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية
لم توجب إلَّا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، فإن ذكر الحكم
أرقام مواد قانون العقوبات التي أخذ الطاعن بها يكفي في بيانها بما يحقق حكم
القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة
الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في
ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته -
يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال
شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض
التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن
تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وتطرح ما عداها وفى عدم إيراد المحكمة
لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون
غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن وآخرين
مجهولين كانوا يبغون من إكراه المجنى عليهما توقيعهما عقد الاتفاق موضوع الدعوى
بما يثبت عدم منازعة شركة .... في ملكية الأرض المستولى عليها ، ودلل الحكم على ما
استخلصه من ذلك تدليلاً كافياً يتفق مع العقل والمنطق ، فإنه إذ تأدي من
ذلك إلى تحقق جريمة إكراه المجنى عليهما على توقيع عقد الاتفاق - سالف الذكر - وهى
الجريمة المنطبق عليها نص المادة 325 من قانون العقوبات بركنيها المادي والمعنوي ،
يكون الحكم قد اقترن بالصواب ويضحى منعى الطاعن عليه غير سديد . لما كان ذلك ،
وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن في بيان كاف إقدامه وآخرين مجهولين على ارتكاب الجريمة
متوخياً تعطيل إرادة المجني عليهما عن طريق تهديدهما باستخدام القوة والتلويح
بالعنف بما كان من شأنه ترويعهما بحيث حملهما كرهاً عنهما على إمضاء عقد الاتفاق
موضوع الدعوى ، وكان الحكم قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه
على إمضاء السندات بما يتوافر به هذا الركن في صحيح القانون ودلل عليه بما يسوغه ،
ذلك أنه يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية
تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم
تسهيلاً لارتكاب الجريمة فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح
أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على
النفس أو المال ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ،
وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بالنسبة لجنحة الإتلاف العمدي - أيا ما كان
وجه الرأي فيه - لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من
قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وحدها المقررة لجريمة الإكراه على
توقيع السند التي أثبتها الحكم في حقه . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعن
بجريمة وضع النار عمداً ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً
مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة كونه منتجاً
مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب
الطعن عن أوجه التناقض بين الصورة التي اعتنقها الحكم والجرائم التي أثبتها في حقه بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في
هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة
ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان
الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد
. لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه مسألة داخلية
تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير
القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا
المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان البيّن من المفردات
التي أمرت المحكمة بضمها أن ما حصّله الحكم من أقوال الشاهدين الأول والثاني له
صداه وأصوله الثابتة في الأوراق ، وأن التحصل على توقيعهما على عقد الاتفاق موضوع
الدعوى كان وليد إكراه ولم يكن بناءً على رضاء منهما ، ولم يحد الحكم فيما عول
عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه ، فقد انحسرت عنه بذلك قالة خطأ التحصيل
وفساد التدليل . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون
فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من
الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم
ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه
- كما هو الحال في الطعن الماثل - وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة
على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل
يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه
محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى
المطروحة أمامها ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم ويقطع في
كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في
المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته
على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما
قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه
وليس ثمة ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك
الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه
قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني وكذلك أقوال كل من ....
، .... واقتنع بحصول الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من
منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال سالفي الذكر أو محاولة
تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها
بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة
أن الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيقاً معيناً بسؤال من سئل على سبيل الاستدلال، فإنه
لا يكون له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر
هي حاجة إلى إجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من
الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف
التي أحاطت بها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن
في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إذ
التفت عن الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين
عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما أنه
ليس بلازم أن يفصح الضابط عن مصدر تحرياته ؛ لما هو مقرر من أن لرجل الضبط القضائي أن يستعين فيما يجريه من
تحريات بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً
بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما
تلقاه من معلومات ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي
تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال الشاهد الثالث
التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت بعد فترة طويلة ولم يفصح عن
مصدرها تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان
ذلك ، وكان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات
ومن بينهم الشاهد الثالث - مجرى التحريات - ولم يعول في ذلك على ما تضمنته تحرياته
الأولية ولم يشر إليها في مدوناته ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير
سديد . لما كان ذلك ، وكانت المعاينة من إجراءات التحقيق التي يترك أمر تقدير لزوم
القيام بها إلى السلطة التي تباشره ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من الطعن
لا يكون له محل . هذا فضلاً عن أن الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي
اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على النعي
على النيابة العامة عدم إجراء معاينة لمكان الواقعة ولم يطلب من محكمة الموضوع
تدارك هذا النقص فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة
النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات
السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، ويكون منعاهم في
هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته
وعدم معقولية تصور الواقعة وانتفاء الصلة بها من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً
من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا
يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو
ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهى غير
ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها وفى قضائها بالإدانة لأدلة
الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ،
فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد اعتبر الجرائم التي قارفها الطاعن والمستوجبة لعقابه قد ارتكبت لغرض واحد
وأعمل في حقه المادة 32/2 من قانون العقوبات فقضى عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد
تلك الجرائم ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولا ينال من سلامته إغفال
ذكر تلك المادة أو إغفاله تعيين الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره
الطاعن بشأن الدستور الحالي الصادر عام 2014 فيما تضمنه من جعل المحاكمة في
الجنايات على درجتين مما يبيح له التقرير بالاستئناف على الحكم الصادر قبله ،
فمردود بأن ما تضمنه الدستور في هذا الشأن لا يفيد وجوب تطبيقه هذا التعديل إلَّا
باستجابة المشرع والتدخل منه لإفراغ ما تضمنه في نص تشريعي محدد ومنضبط ينقله إلى
مجال العمل والتنفيذ يلتزم الكافة بمقتضاه بدءاً من التاريخ الذي تحدده السلطة
التشريعية لسريان أحكامه ، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي على الحكم بالخطأ في
تطبيق القانون لا سند له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام
موجبات الرأفة أو عدم قيامها أمر موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، فإن
ما يثيره الطاعن بشأن ما يصيبه من تنفيذ العقوبة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ،
وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن - من بين ما دانه - بجريمة استعراض القوة
" البلطجة" المؤثمة بالمادتين 375 ، 375 مكرراً/أ من
قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة التكميلية المنصوص عليها في المادة الأخيرة وهي
الوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات وهي المدة المساوية لمدة العقوبة المحكوم
بها عليه عن الجريمة الأشد - جريمة الإكراه على توقيع - بعد إعمال المادة 32/2 من
قانون العقوبات ، وكان توقيع هذه العقوبة ليس له أساس في القانون ، ذلك أن تاريخ
ارتكاب تلك الجريمة كان في غضون شهري يناير ، فبراير عام 2011 وذلك بعد أن كان قد قُضى بعدم دستورية
المادتين آنفتي الذكر بمقتضى الحكم رقم 83 لسنة 23 ق دستورية بجلسة 7/5/2006 وقبل
إعادة العمل بهما بمقتضى المرسوم بقانون رقم
10 لسنة 2011 والصادر بتاريخ 10 من مارس سنة 2011 ، وهو الأمر الذي لا يسري
على واقعة الدعوى ولا يمكن معه مساءلة الطاعن عن الفعل المسند إليه طبقاً لأحكام
هذا القانون ، مما يتعين معه تصحيح الحكم بإلغاء ما قضى به في شأن هذه العقوبة
التكميلية ، وعليه لا يكون للطاعن ثمة مصلحة فيما يثيره بأسباب طعنه بخصوص هذه
الجريمة ، ويكون ما ينعاه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن العقوبات الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا
يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا
الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء لأصله أو التعويض
المدني للخزانة أو إذا كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة والنشر ومراقبة البوليس
والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها
مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع
عقوبة الجريمة الأشد ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات وأغفل العقوبة التكميلية المنصوص
عليها في المادة 372 مكرراً/1 - آنفة البيان - يكون قد أخطأ في تطبيقه
القانون ، إلَّا أنه لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تملك
تدارك ذلك القضاء بتلك العقوبة ؛ لما
هو مقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ما
تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ