الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يوليو 2020

الطعن 381 لسنة 31 ق جلسة 22 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 88 ص 636

جلسة 22 من مارس سنة 1966
برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وعثمان زكريا.
-----------------
(88)
الطعن رقم 381 لسنة 31 القضائية
(أ) مسئولية. "مسئولية الطبيب". التزام "التزام بعناية".
التزام الطبيب ببذل العناية في سبيل شفاء المريض لا بتحقيق غاية هي الشفاء. واجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة. انحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب خطأ موجب لمسئوليته عن الضرر الذي يرتبط بالخطأ ارتباط السبب بالمسبب.
تحصيل الحكم خطأ الطبيب من أمره بنقل مريضة من مستشفى إلى آخر وهي على وشك الوفاة وقبل إحالتها إلى القسم المختص لفحصها واتخاذ ما يجب بشأنها مما أدى إلى التعجيل بوفاتها. لا مخالفة للقانون.
)ب) تعويض. "الضرر الأدبي". مسئولية.
الضرر الذي يلحق بالزوج والأقارب ضرر شخصي مباشر. قصر الشارع الحق في التعويض عنه على الزوج والأقارب حتى الدرجة الثانية.
---------------
1 - مسئولية الطبيب لا تقوم - في الأصل - على أنه يلتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه. ولما كان واجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة ليفتح باب الاجتهاد فيها، فإن انحراف الطبيب عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذي يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج ما دام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي إلى ارتباطه بالضرر ارتباط السبب بالمسبب، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد حصل من الواقع أن الطاعن - طبيب - قد أمر بنقل مريضة من مستشفى إلى آخر، وهي على وشك الوفاة وقبل إحالتها إلى القسم المختص لفحصها واتخاذ ما يجب بشأنها مما أدى إلى التعجيل في وفاتها، واعتبر الحكم هذا التصرف خطأ لا يبرره له ادعاء الطاعن بعدم ضرورة التدخل الجراحي إذ أن هذا الادعاء - بفرض صحته - لم يكن ليحول دون إحالة المريضة إلى القسم المختص لفحصها وتقرير العلاج اللازم لها وتأخير نقلها من هذه المستشفى إلى الوقت الملائم لحالتها المرضية، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون.
2  - الضرر الأدبي الذي يلحق بالزوج والأقارب - هو ضرر شخصي مباشر - قصر الشارع وفقاً لنص المادة 222/ 2 مدني الحق في التعويض عنه على الزوج والأقارب إلى الدرجة الثانية لما يصيبهم من جراء موت المصاب (الزوجة).

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر أقام الدعوى رقم 3132 لسنة 1956 كلي الإسكندرية ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث وآخر بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه وقال في بيان دعواه إن زوجته المرحومة أنيسه محمد عبده كانت قد أصيبت بحالة إجهاض دخلت بسببها مستشفى دار إسماعيل للولادة وبقيت فيها مدة أربعين يوماً، ثم نقلت في 21/ 6/ 1954 إلى مستشفى الحميات حيث شخص مرضها بأنه التهاب متكتل داخل البطن يستلزم عملية جراحية، إلا أنه لم تجر لها الجراحة اللازمة حتى عرضت على مدير مستشفى الحميات فأمر بنقلها إلى إحدى المستشفيات لإجرائها ونقلت فعلاً إلى المستشفى الجامعي يوم 1/ 7/ 1954، ولكن الطاعن رفض بقائها بها بعد دخولها فيها وطلب نقلها إلى مستشفى الحميات، فأعيدت إليها في ذات الليلة وتوفيت صباح يوم 3/ 7/ 1954 وقامت النيابة العامة بإجراء التحقيق في المحضر الإداري رقم 1639 لسنة 1956 محرم بك وقرر الطبيب الشرعي أن الوفاة حدثت من التسمم الدموي العفن من قرح الفراش وأن تكرار النقل عجل بها، واستطرد المطعون عليه الأول يقول إن الطاعن أخطأ إذ أصدر الأمر بإخراج زوجته من المستشفى الجامعي في نفس اليوم الذي وصلت فيه وأمر بنقلها فوراً إلى مستشفى الحميات في الساعة العاشرة والنصف مساءاً رغم ارتفاع حرارتها وعدم انتظام نبضها وإجماع الأطباء في المستشفى الأخيرة على أن حالتها كانت تستدعي وقتئذ إجراء عملية جراحية عاجلة لها، وإذا تسبب عن هذا الخطأ وفاة زوجته فقد أقام دعواه الحالية بالمبلغ المطالب به تعويضاً له هو وأولاده منها عما لحقهم من ضرر مادي وأدبي نتيجة لوفاة مورثهم، ومحكمة أول درجة قضت في 22/ 12/ 1958 برفض الدعوى - استأنف المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 489 لسنة 15 ق إسكندرية. ومحكمة الاستئناف قضت في 11/ 6/ 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليه الأول بصفتيه مبلغ 500 ج - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3/ 4/ 1965 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها بطلب نقض الحكم، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة دفع المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن بالنسبة له شخصياً، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه الأول قال في تبيان الدفع إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث بأن يدفعوا مبلغ التعويض للمطعون عليه الأول بصفته ومؤدى ذلك أنه إنما قضي له بصفته ولياً على أولاده القصر ولم يقض له بصفته الشخصية ولكن الطاعن وجه الطعن إليه عن نفسه وبصفته فلا يكون الطعن مقبولاً بالنسبة له شخصياً.
وحيث إن هذا الدفع مردود - ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى أمام محكمة أول درجة للمطالبة بالتعويض عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر - وأنه لما قضي برفض الدعوى ابتدائياً رفع الاستئناف عن نفسه وبصفته - وحكم له استئنافياً بالصفتين وقام بإعلان الحكم بهاتين الصفتين إلى الطاعن - لما كان ذلك فإن الدفع بعدم قبول الطعن الموجه إليه بصفته الشخصية يكون غير صحيح متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - ذلك أنه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على أنه أخطأ إذ أمر بإعادة زوجة المطعون عليه الأول وهي مريضة إلى مستشفى الحميات دون إحالتها إلى القسم المختص بالمستشفى الجامعي التي يعمل بها أو إبقائها لتمضي الليل فيها وإحالتها إلى القسم المختص في اليوم التالي، وأن الطبيب الشرعي قرر أن الوفاة حدثت نتيجة تسمم دموي عفن من قرح الفراش، وأن في هبوط القلب وسرعة النبض علامة على وشك الوفاة من التسمم الدموي، وأن تكرار نقلها عجل بإحداث الوفاة، وأن الطاعن اعترف في مذكرته بمجازاته بلفت نظره إلى عدم العودة لمثل ذلك، هذا في حين أن المريضة قدمت من مستشفى الحميات وهي في درجة حرارة مرتفعة، وقد ظهر له من فحصها أن مستشفى الحميات أخطأ في تشخيص حالتها باشتباه في خراج حول الكلى وأيده في ذلك الطبيب الشرعي كما أيده الدكتور وجدي مرزوق نائب قسم أمراض النساء بالمستشفى الذي استرشد برأيه وتبين أنها كانت مريضة من الأصل بحمى النفاس نتيجة الإجهاض وأن الالتهاب حول الرحم امتد إلى جدار البطن ولا يستدعي أي تدخل جراحي، وإذ كانت حالة هذه المريضة معدية تستوجب طبقاً للمادة 21 من لائحة الأطباء المقيمين نقل المريض فوراً إلى مستشفى الحميات لعدم وجود قسم للعزل بالمستشفى، فإن الأمر بالنقل في هذه الحالة يكون قد اتخذ للدفاع عن حياة المرضى بالمستشفى وبضرورة الإسراع في علاج المريضة لإنقاذ حياتها فيرتفع عنه وصف الخطأ لأنه في حقيقته قيام بواجب قانوني، هذا فضلاً عن انعدام ركن الضرر وعدم توافر علاقة السببية بينه وبين الخطأ، ذلك أنه ضرر أدبي محض وأن الثابت بتقرير الطبيب الشرعي أن المريضة كانت قبل نقلها على وشك الوفاة، وأن النقل إنما عجل بها. وطالما أن المريضة كانت في دور الاحتضار وكانت الوفاة واقعة لا محالة فإن النقل لم يضف إلى المطعون عليه وأولاده ضرراً جديداً وإذ قضى الحكم بمسئولية الطاعن رغم انعدام عناصرها القانونية - وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على ما أورده من "أن الطبيب الشرعي قرر في أقواله في تحقيق النيابة عن بيان سبب الوفاة أنه نتيجة تسمم دموي عفن من قرح الفراش التي حدثت بالإليتين، وإذ كان عندها هبوط في القلب ونبضها سريع فإن في ذلك علامة على وشك الوفاة من التسمم الدموي وأنه في تكرار نقلها ما عجل في إحداث الوفاة وإن التعجيل في نقلها هو من جانب المستأنف عليه الأول - الطاعن - عمل خاطئ لا يبرره الادعاء بعدم وجود ما يستدعي التدخل الجراحي وبالتالي عدم وجود المبرر لبقائها في المستشفى" هذا فضلاً عن عدم استجلاء المحكمة الظروف التي أوجدت المريضة في قسم المسالك البولية الذي يعمل به المستأنف عليه - الطاعن - ولم تكشف الأوراق السبب المبرر لتصدي المستأنف عليه الأول لفحص هذه المريضة وعدم إحالتها إلى القسم المختص لفحصها وتقرير ما يجب اتخاذه بشأنها أو على الأقل إبقائها إلى اليوم التالي وإحالتها إلى القسم المختص لفحصها وأن هذه الظروف مجتمعة تقنع المحكمة بخطأ التصرف الذي صدر من المستأنف عليه الأول الطاعن" وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه لا مخالفة فيه للقانون - ذلك أن مسئولية الطبيب، وإن كانت لا تقوم في الأصل - على أنه ملتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض، إلا أنه يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه. ولما كان واجب الطبيب في بذل العناية، مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية. في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة - وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة ليفتح باب الاجتهاد فيها، وكان انحراف الطبيب عن أداء واجبه وإخلاله بالتزامه المحدد على النحو المتقدم يعد خطأ يستوجب مسئوليته عن الضرر الذي يلحق بالمريض ويفوت عليه فرصة العلاج ما دام هذا الخطأ قد تداخل بما يؤدي إلى ارتباطه بالضرر وارتباط السبب بالمسبب - لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه آخذ الطاعن - من الواقع الذي حصله - بالخطأ في استعجال نقل المريضة من المستشفى الجامعي التي يعمل بها لإعادتها إلى مستشفى الحميات وهي على وشك الوفاة، وبأنه أصدر الأمر بنقلها قبل إحالتها إلى القسم المختص لفحصها واتخاذ ما يجب بشأنها، وبأنه أخرجها من المستشفى في ذات اليوم الذي قدمت فيه دون إبقائها إلى اليوم التالي لفحصها بالقسم المختص، واعتبر الحكم هذا التصرف من الطاعن خطأ لا يبرره ادعاؤه بعدم ضرورة التدخل الجراحي - إذ أن هذا الادعاء - بفرض صحته - لم يكن ليحول دون إحالة المريضة إلى القسم المختص بالمستشفى الجامعي لفحصها وتقرير العلاج اللازم لها وتأخير نقلها من هذه المستشفى إلى الوقت الملائم لحالتها المرضية، لما كان ما تقدم، فإن الحكم في وصفه أمر النقل بأنه خطأ من الطاعن يكون قد التزم صحيح القانون. وما يقوله الطاعن من أنه اضطر محافظة على مرضى المستشفى إلى إخراج هذه المريضة منه استناداً إلى لائحة لأطباء المقيمين لعدم وجود قسم للعزل بها، هذا القول مردود بما أورده الحكم في صدد تأييد قيام الخطأ في تصرف الطاعن من أن الجهة الإدارية المختصة قد لفتت نظره إلى عدم العودة لمثل هذا التصرف. وفي ذلك ما يحمل الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن، ومن ثم يكون النعي في هذا الشق غير سديد. والنعي في شقه الثاني مردود بأنه لما كان الحكم قد أسس قضاءه بمسئولية الطاعن على ما قرره الطبيب الشرعي من أن تكرار نقل المريضة عجل في إحداث الوفاة وأن الطاعن أخطأ إذ أمر بنقلها في وقت غير ملائم قبل فحصها وتقرير العلاج لها، فإن الحكم يكون قد تناول بالبحث توافر عنصر الضرر ورابطة السببية بينه وبين الخطأ؛ ما دامت تقريرات الحكم واضحة الدلالة في أن خطأ الطاعن في استعجال النقل حال دون اتخاذ العلاج الملائم في حينه وجعل المريضة أكثر استهدافاً لمضاعفات المرض مما أدى إلى إحداث الوفاة. لما كان ذلك، وكان الضرر الأدبي الذي حاق بالزوج والأقارب هو ضرر شخصي مباشر، قصر الشارع - بنص المادة 222/ 2 مدني - الحق في التعويض عنه على الزوج والأقارب إلى الدرجة الثانية لما يصيبهم من جراء موت المصاب، وكان الحكم قد قضى بالتعويض عن هذا القدر للمطعون عليه الأول زوج المتوفاة ولأولادها منه، لما كان ما تقدم، فإن الحكم لا يكون قد أغفل بيان عناصر المسئولية أو أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في الأسباب والخطأ في الإسناد، ذلك أنه اكتفى بمجرد القول بأن أمر الطاعن بنقل المريضة عمل خاطئ دون أن يوضح الأسباب التي تضفي على هذا الإجراء وصف الخطأ أو يرد على الأسباب التي ساقها الطاعن تبريراً لذلك النقل وخلا من بيان ركن الضرر ورابطة السببية وأغفل الرد على أوجه دفاع الطاعن وما أورده الحكم الابتدائي في أسبابه من أن أركان المسئولية التقصيرية غير متوافرة، هذا إلى أن الحكم قد أسند إلى الطاعن أنه اعترف في مذكرة دفاعه بمجازاته بلفت نظره إلى عدم العودة لمثل ذلك في حين أنه قرر في هذه المذكرة أن ما صدر من إدارة الجامعة هو مجرد قرار بلفت نظره إلى عدم العودة لمثل ذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الطاعن على الواقع الذي حصله من أنه أخطأ في استعجال نقل المريضة مما أدى إلى التعجيل في إحداث وفاتها، وساق الأدلة على قيام عناصر المسئولية من ظروف الدعوى وملابساتها على ما سبق بيانه. ولما كان ما أورده الحكم يكفي لحمل قضائه بترتيب مسئولية الطاعن، ويتضمن الرد على أقواله فلا على محكمة الاستئناف إن هي لم تتبع أقوال الطاعن أو أسباب الحكم الابتدائي بشأنه وترد على كل منها استقلالاً - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالقصور على النحو الذي يثيره الطاعن يكون على غير أساس - وإذ لم يقدم الطاعن صورة المذكرة التي يستند إليها للتدليل على ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في الإسناد، فإن النعي في هذا الخصوص يكون عار عن الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 3 لسنة 35 ق جلسة 23 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 93 ص 685

جلسة 23 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.
----------------
(93)
الطعن رقم 3 لسنة 35 ق "أحوال شخصية"
أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "ديانة".
تغيير الطائفة أو الملة. اتصاله بحرية العقيدة. أثره. تحققه بمجرد الدخول فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية. عدم توقفه على إخطار الطائفة القديمة.
----------------
تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة ومن ثم فهو ينتج أثره بمجرد الدخول فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية ولا يتوقف على إخطار الطائفة القديمة، والقول بوجوب إخطار الجهة الدينية التي تتبعها الطائفة أو الملة القديمة لا مفهوم له إلا أن يكون لهذه الجهة الحق في أن توافق أو أن تعترض على حصول هذا التغيير وهو وضع شائك، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أنه "لا يكفي لتغيير الطائفة أو الملة أن ينتمي الشخص إلى الطائفة أو الملة الجديدة، وإنما يجب فوق ذلك أن يخطر الطائفة أو الملة القديمة بانتمائه للطائفة أو الملة الجديدة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 27/ 7/ 1963 أقام عبد المسيح معوض الدعوى رقم 685 سنة 1963 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد ماتيلدة جرجس يعقوب طالباً الحكم بإثبات الطلاق الحاصل منه لها بتاريخ 1/ 7/ 1963 مع إلزامها بالمصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ مستنداً في ذلك إلى أنه من طائفة السريان الأرثوذكس وهي من طائفة الأقباط الأرثوذكس وهما يدينان بالطلاق، وردت المدعى عليها بأنها انتمت إلى طائفة الأقباط الكاثوليك في 8/ 6/ 1963 وهي لا تدين به. وبتاريخ 25/ 2/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً بإثبات طلاق عبد المسيح معوض (المدعي) لماتيلده جرجس يعقوب (المدعى عليها) الحاصل في أول يوليه سنة 1963 طلقة رجعية وألزمت المدعى عليها المصروفات ومبلغ جنيه واحد مقابل أتعاب المحاماة ورفضت طلب النفاذ واستأنفت السيدة ماتيلدة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم سماع الدعوى ومن باب الاحتياط رفضها وقيد هذا الاستئناف برقم 50 سنة 81 قضائية - وبتاريخ 13 ديسمبر سنة 1964 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت المستأنف عليه بالمصاريف عن الدرجتين وطعن عبد المسيح معوض في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وقدم مذكرة أصر فيها على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى رأيها الوارد بمذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن وإن كان قد انضم إلى طائفة السريان الأرثوذكس إلا أنه لم يخطر طائفته القديمة وهي طائفة الأقباط الأرثوذكس بهذا الانضمام ورتب على ذلك أن الزوجين متحدا الطائفة والملة وتطبق في شأنهما شريعة الأقباط الأرثوذكس وهي لا تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة. وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ الثابت من بياناته ومن الشهادة المقدمة برقم 7 حافظة رقم 8 من الملف الابتدائي أن الطاعن انضم إلى كنيسة السريان الأرثوذكس في 27/ 6/ 1963 وسجل اسمه رسمياً في سجلاتها بعد إتمام الإجراءات المتبعة في مثل هذه الأحوال وهو كل ما يتطلبه القانون للاعتراف بالطائفة أو الملة الجديدة، وما ذهب إليه الحكم من وجوب إخطار الطائفة القديمة وإلا كان التغيير عديم الأثر هو استحداث لشرط يهدر حكم القانون ولا أساس له، وإذ كانت دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة على الآخر من اختصاص المحاكم الشرعية متى كانا يدينان بوقوع الطلاق فإنه تطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية. وهي تجيز الطلاق بالإرادة المنفردة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة ومن ثم فهو ينتج أثره بمجرد الدخول فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية ولا يتوقف على إخطار الطائفة القديمة، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 462 لسنة 1955 بقولها إن "تغيير الدين يترتب عليه أن يستمتع بجميع الحقوق التي يخولها له الدين الجديد - كما أن هذه القاعدة هي بعينها المقررة في حالة تغيير الجنسية" والقول بوجوب إخطار الجهة الدينية التي تتبعها الطائفة أو الملة القديمة لا مفهوم له إلا أن يكون لهذه الجهة الحق في أن توافق أو أن تعترض على حصول التغيير وهو وضع شائك - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أنه "لا يكفي لتغيير الطائفة أو الملة أن ينتمي الشخص إلى طائفة أو ملة جديدة وإنما يجب فوق ذلك أن يخطر الطائفة أو الملة القديمة بانتمائه للطائفة أو الملة الجديدة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الجمعة، 10 يوليو 2020

الطعن 11 لسنة 32 ق جلسة 9 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 72 ص 515

جلسة 9 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات.
--------------
(72)
الطعن رقم 11 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"
(أ) حكم "إصدار الحكم". "بيانات الحكم". أحوال شخصية. "الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية".
صدور الأحكام باسم ولي الأمر. المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية. خلو لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من نص مقابل. النص في الإعلان الدستوري على صدور الأحكام باسم الأمة. نطاقه.
(ب، ج) استئناف. "رفع الاستئناف". "إجراءاته". أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية". "الطعن في الحكم".
)ب) الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية. استئنافها. خضوعه للمواد الخاصة به في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
)ج) تفويت ميعاد الاستئناف أو قبول الخصم. إفادة المحكوم عليه من الاستئناف المرفوع من أحد زملائه في الميعاد. شرطه. أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين. مثال.
)د، هـ) وقف. "الاستحقاق في الوقف". "شرط الواقف". "تفسيره".
)د) إنشاء الوقف. دلالته على أنه أوقاف متعددة. الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً. مثال.
)هـ) نصيب العقيم. عودته لمن يكون في طبقته أو أقرب الطبقات إليه. المراد بالطبقة. المادة 33 من القانون رقم 48 لسنة 1946.
)و) وقف. "الاستحقاق في الوقف".
الفورية ليست شرطاً في طلب الاستحقاق. بقاء المستحق على حقه في المطالبة. عدم مضي المدة المانعة من سماع الدعوى مع التمكن وعدم العذر.
)ز) إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار". وقف. "الاستحقاق في الوقف".
الإقرار الناشئ عن خطأ في فهم الشرط. لا عبرة به ولا يعول عليه.
---------------
1 - متى كانت المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادر بها الأمر العالي المؤرخ 24/ 6/ 1883 قد نصت على أن تصدر الأحكام باسم ولي الأمر بحسب الأوضاع والقواعد المقررة بها وبالقوانين، بينما خلت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في 27/ 5/ 1897 ومن بعدها لائحة سنة 1931 من نص مقابل واكتفت هذه الأخيرة بأن نصت في المادة 280 منها على أن تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة، وكان عمل المحاكم الشرعية منذ إنشائها ومن بعد العمل بدستور سنة 1923 قد جرى على أن لا تصدر أحكامها باسم الملك واستمر الحال على ذلك إلى أن جاء الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953 ونص على أن "القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون وتصدر أحكامه وتنفذ وفق القانون باسم الأمة" تعين القول بأن الأحكام المعنية بهذا الإعلان الدستوري وبحكم الاستصحاب هي تلك الأحكام التي كانت تلتزم هذا الطابع.
2 - متى كان القانون رقم 462 لسنة 1955 قد ألغى بعض مواد لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر في سنة 1931 ونص في المادة الخامسة منه على أن "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمحاكم الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين المكملة لها "فإنه بذلك يكون قد دل على أنه أراد أن يبقى استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية محكوماً بذات القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم. كما دل على أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يجب التزامه ويتعين الرجوع إليه في التعرف على أحوال استئناف هذه الأحكام وضوابطه وإجراءاته.
3 - جرى قضاء محكمة النقض على أن استئناف الأحكام الصادرة في قضايا الأحوال الشخصية التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية يخضع في إجراءاته للمواد الخاصة به والواردة في الفصل الثاني من الباب الخامس من الكتاب الرابع من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية(1) . وبالرجوع إلى هذه اللائحة يبين أنها لا تعرف حكم المادة 384 من قانون المرافعات وخلت من نص مقابل لها، هذا وبفرض إمكان إعمال حكمها على واقعة الدعوى، فإن شرط إفادة المحكوم عليه - الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم - من الاستئناف المرفوع من أحد زملائه في الميعاد أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين (2) . وإذ كان الثابت في الدعوى أن الخصومة فيها تدور حول استحقاق المطعون عليه خاصة في نصيب العقيم، والاستحقاق في الوقف قابل للتجزئة يتلقاه المستحق أو الموقوف عليه من الواقف لا من مورثه ومن ثم فهو لا يورث ولا يتصل بشئون التركة ولا تجري في شأنه أحكام الإنابة في التقاضي وانتصاب أحد الورثة خصماً عن الباقين. وكانت الطاعنة الثانية لم تستأنف الحكم الابتدائي وأصبح نهائياً في حقها ولم تكن خصماً في الاستئناف قبل مرحلة الإحالة، وعند تجديد السير فيه بعد الإحالة انضمت إلى زملائها المستأنفين وقضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول تجديد السير في الاستئناف منها، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
4 - متى كانت الواقفة قد أنشأت وقفها على نفسها مدة حياتها ومن بعدها جعلته حصصاً على المذكورين في إشهادي الوقف والتغيير ومنهم أخوها وأولاد أخيها ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريته ونسله وعقبه طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل حياً باقياً، فإن ظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقفة أرادت أن تجعل وقفها بعد وفاتها أوقافاً متعددة مرتبة الطبقات ترتيباً أفرادياً يستقل كل منها عن الآخر بأعيانه وبالمستحقين فيه من أفراد الطبقة الأولى المذكورين بأسمائهم في كتاب الوقف ثم من بعد كل منهم يكون ما هو موقوف عليه وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم.
5 - النص في المادة 33 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 16 إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها، وإذا كان الوقف مرتب الطبقات وجعل الواقف نصيب من يموت أو يحرم من الاستحقاق أو يبطل استحقاقه فيه لمن في طبقته أو لأقرب الطبقات إليه كان نصيبه لمن يكون في طبقته من أهل الحصة التي يستحق فيها" ولازمه ومقتضاه أن يعود نصيب العقيم لمن يكون في طبقته الخاصة أو أقرب الطبقات إليه من أقرب قسم كان يتناول استحقاقه منه وبقي من يستحق فيه بعد وفاته وهم أهل الحصة التي كان يستحق فيها لا لمن يكون في مثل طبقته أو أقرب الطبقات إليه من أهل الحصص الأخرى التي لم يكن يستحق فيها ويتناول استحقاقه منها. وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن العقيم توفى بعد العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 وأن الحصة التي يستحق فيها هي حصة والدته ولم يكون موجوداً من أهل هذه الحصة وقت وفاته سوى أولاد أخته فإن نصيبه يعود لمن هو في مثل طبقته من أهل الحصص الأخرى التي لم يكن يستحق فيها، وقد التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون.
6 - الفورية ليست شرطاً في طلب الاستحقاق بل يبقى المستحق على حقه في المطالبة ما لم تمض المدة المانعة من سماع الدعوى به مع التمكن وعدم العذر.
7 - الإقرار الناشئ عن خطأ في فهم شرط الواقف لا عبرة به ولا يعول عليه، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن عدم المطالبة بالاستحقاق لا يعتبر رداً له وأن المطعون عليه كان يجهل ما تقتضيه شروط الوقف في شأن نصيب العقيم ولما تبين له وجه استحقاقه بادر إلى المطالبة به وجهله بما يقضي به القانون في شأن ما ورد بحجة الوقف يعتبر خطأ في القانون لا يعتد به، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن عبد العزيز عايد محمد طه عبد الوهاب المطعون عليه أقام الدعوى رقم 183 سنة 1951 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد محمد محمد طه عبد الوهاب والسيدة أمينة صفوت بصفتهما حارسين قانونيين على وقف خديجة الفروجية - فتدخل فيها خصوم آخرون بطلب الحكم باستحقاقه لجزء من ثمانية أجزاء في نصيب العقيم محمد صديق يعادل 1/ 96 من نصيب جدته السيدة/ عائشة الفروجية وأمرهما بأداء هذا النصيب إليه - وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب إشهاد الوقف الصادر أمام محكمة الباب العالي بتاريخ 29 ربيع الآخر سنة 1271 هجرية وإشهاد التغيير الصادر أمام المحكمة المذكورة في 14 رمضان سنة 1275 هجرية وقفت المرحومة خديجة الفروجية بنت عبد الله الفروجي الأعيان المبينة به ومقدارها 2260 ف و8 ط و8 س على نفسها مدة حياتها ثم من بعدها جعلته حصصاً معينة منه 280 ف و4 ط و8 س لخيرات بينتها و400 ف تكون وقفاً على أخيها محمد الفروجي وابنه عبد الله بالسوية بينهما و600 ف تكون وقفاً على أولاد أخيها محمد الفروجي الأربعة وهم مصطفى وصالح وخديجة وعائشة بالسوية بينهم و400 ف تكون وقفاً على أولاد أخيها المذكور الأربعة الآخرين وهم محمد الصغير وزينب وسعدية وآمنه بالسوية بينهم مدة حياتهم والباقي جعلته وقفاً على آخرين عينتهم بإشهادي الوقف والتغيير ثم من بعد محمد الفروجي أخ الواقفة تكون حصته المذكورة وقفاً على أولاده التسعة السابق ذكرهم ومنهم عبد الله ثم من بعد كل منهم على أولاده مضافاً لما يستحقونه كل بقدر حصته ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريته ونسله وعقبه طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وقد توفيت الواقفة مصرة على وقفها وبوفاتها انتقل ما كان موقوفاً عليها إلى المذكورين في الإشهادين ثم توفى محمد الفروجي عن أولاده الثمانية الباقين عدا زينب التي توفيت عقيماً في حياة الواقفة ثم توفى عبد الله محمد الفروجي سنة 1291 هجرية عن أولاد انتقل نصيبه إليهم ثم توفى صالح عقيماً سنة 1303 هجرية وانتقل نصيبه لإخوته ثم توفيت كل من آمنه سنة 1308 هجرية وخديجة سنة 1879 عقيماً وانتقل نصيبهما لإخوتهما ثم توفيت عائشة بنت أخ الواقفة سنة 1309 عن أولادها الأربعة محمد فتحي وحسن فتحي ودرية فتحي وجميلة فتحي وانتقل نصيبها إليهم بالسوية بينهم وقد توفى ابنها محمد سنة 1904 عن أولاده يوسف ومحمود عبد العزيز وعبد اللطيف وقاسم وزينب وبهية وانتقل نصيبه إليهم ثم توفى ابنها حسن سنة 1907 عن ابنه يوسف وانتقل نصيبه إليه ثم توفيت ابنتها دريه سنة 1919 عن ولديها فتية ومحمد صديق المرزوقة بهما من زوجها محمود سامي وانتقل نصيبها إليهما ثم توفيت بنتها جميلة سنة 1928 عن أولادها الأربعة محمد ومحمود وعائشة وآمنة أولاده عباس حلمي وكانت آخر طبقتها موتاً وبوفاتها نقضت القسمة في نصيب عائشة الذي اعتبر وقفاً مستقلاً وقسم على عدد رؤوس أولاد أولادها بالسوية بينهم وعددهم اثنا عشر شخصاً وهم عبد العزيز وعبد اللطيف وقاسم وزينب وبهية أولاد محمد فتحي ومحمد ومحمود وعائشة وآمنة أولاد جميلة ويوسف ابن حسن فتحي ومحمد صديق وفتية ولدا درية وخص كل واحد منهم 1/ 12 من حصة عائشة الفروجية المذكورة وإذ توفيت فتية بنت درية سنة 1944 عن أولادها نعمت ونجية وحسن وعباس وروحية وحافظة ومحمد وعبد العزيز أولاد محمد طه عبد الوهاب وانتقل إليهم نصيبها بالسوية بينهم ثم توفى محمد صديق سنة 1947 عقيماً وبوفاته ينتقل نصيبه إلى أولاد أخته فتية طبقاً لشرط الواقفة وقانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ويخص المدعي عبد العزيز 1/ 96 من نصيب جدته عائشة زيادة على نصيبه الذي يستحقه عن والدته ونازعه المدعى عليهم في استحقاقه لهذا النصيب وأنكروه عليه فقد انتهى إلى طلب الحكم باستحقاقه حصة قدرها 1/ 8 من نصيب العقيم محمد صديق يعادل 1/ 96 من حصة جدته عائشة وأمر المدعى عليهما بأداء هذا النصيب إليه ومنع تعرضهما والخصوم الثلث له في ذلك مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وصادق محمد محمد طه عبد الوهاب المدعى عليه الأول على وقائع الدعوى وفوض الرأي للمحكمة في تفسير شروط الواقفة - ودفعت أمينة محمد صفوت المدعى عليها الثانية والخصوم الثلث بعدم سماع الدعوى لأنه كان في طبقة محمد صديق وقت وفاته كل من بهية محمد فتحي وعبد العزيز فتحي ومحمد وآمنه ولدي عباس حلمي فينتقل نصيبه إليهم طبقاً لشرط الواقفة وأحكام القانون وجرى النزاع فيها حول نصيب العقيم محمد صديق وهل يعود لأقرب الطبقات إليه من أهل الحصة الخاصة التي كان يستحق فيها وهي حصة والدته درية أو لأقرب الطبقات إليه من أهل الحصة العامة وهي حصة جدته عائشة وبتاريخ 27 من يونيه سنة 1955 حكمت المحكمة للمدعي على المدعى عليهم كل بصفته باستحقاق المدعي لجزء من ثمانية أجزاء من نصيب العقيم محمد صديق وهو يعادل جزء من ستة وتسعين جزء تنقسم إليها حصة عائشة هانم الفروجية وأمرت المدعى عليهما السيد/ محمد محمد طه عبد الوهاب والسيدة/ أمينة صفوت بصفتهما حارسين قضائيين بتسليم ذلك إلى المدعي وأمرتهما وبقية المدعى عليهم بعدم التعرض له في شيء من ذلك مع إلزام من عدا المدعى عليه الأول بصفته بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات حضورياً بالنسبة للمدعى عليه الأول وغيابياً بالنسبة لمن عداه. واستأنف المدعى عليهم عدا فتحية عبد العزيز محمد فتحي هذا الحكم أمام المحكمة العليا الشرعية طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 186 سنة 1955 ولمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية أحيل إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد بجدول الأحوال الشخصية برقم 79 سنة 73 قضائية - وبتاريخ 18/ 5/ 1957 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن المستأنفون في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 34 سنة 27 قضائية وبتاريخ 2/ 6/ 1960 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه لخلوه من بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية وإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة وجدد المستأنفون السير في الاستئناف وانضمت إليهم فتحية عبد العزيز فتحي التي لم تكن قد استأنفت الحكم طالبين أصلياً الحكم بانعدام الحكم الابتدائي لأنه لم يصدر باسم الأمة ومن باب الاحتياط إلغاؤه والحكم برفض الدعوى لانعدام سندها من الواقع والقانون وبتاريخ 4 فبراير سنة 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفع بانعدام الحكم الابتدائي وبعدم قبول تجديد السير في الاستئناف من السيدة/ فتحية عبد العزيز فتحي وبتأييد الحكم المستأنف وبإلزام المستأنفين بالمصروفات ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم عدم قبول الطعن من السيدة/ فتحية عبد العزيز فتحي ورفضه بالنسبة للباقين وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت عدم قبول الطعن بالنسبة لفتحية عبد العزيز فتحي ورفضه بالنسبة لمن عداها.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بانعدام الحكم الابتدائي لأنه لم يصدر باسم الأمة مستنداً في ذلك إلى أن المحاكم الشرعية تستمد أحكامها من الشريعة الإسلامية وطبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ولم تكن تصدر أحكامها باسم أحد والمستفاد من الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953 أنه قصد إلغاء ما كان جارياً عليه العمل من أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك والمحاكم الشرعية ما كانت تصدر أحكامها باسمه وهذا من الحكم خطأ ومخالفة لما نص عليه الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953 من أن القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون وتصدر أحكامه وتنفذ وفق القانون باسم الأمة. ولما استقر عليه الفقه والقضاء من أنه إذا لم يصدر الحكم طبقاً لهذه القاعدة الدستورية وباسم الأمة فإنه يفقد ركناً جوهرياً من أركانه ويكون منعدم الوجود القانوني بحيث لا تستنفد به المحكمة ولايتها على النزاع ويكفي المحكوم ضده إنكاره وأن يدفع بانعدامه كلما أريد تطبيقه عليه ويسع المحكمة أن تحكم بانعدامه من تلقاء نفسها ولا يقال إن المحاكم الشرعية لم تكن تصدر أحكامها باسم ولي الأمر بل "بسم الله الرحمن الرحيم". وطبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة إذ هو مخالفة للقوانين الوضعية وفقه الحنفية لا صلة له بشكل الأحكام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وقد نصت المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادر بها الأمر العالي المؤرخ 24 يونيه سنة 1883 على أن "تصدر الأحكام باسم ولي الأمر وبحسب الأوضاع والقواعد المقررة بها وبالقوانين بينما خلت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في 27 مايو سنة 1897 ومن بعدها لائحة سنة 1931 من نص مقابل واكتفت هذه اللائحة الأخيرة بأن نصت في المادة 280 منها على أن تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة" وجرى عمل المحاكم الشرعية منذ إنشائها ومن بعد العمل بدستور سنة 1923 وما نص عليه في المادة 31 من أن "تصدر أحكام المحاكم المختلفة وتنفذ وفق القانون باسم الملك" على أن لا تصدر أحكامها باسمه واستمر الحال على ذلك إلى أن جاء الإعلان الدستوري الصادر في 10 فبراير سنة 1953 ونص على أن "القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون وتصدر أحكامه وتنفذ وفق القانون باسم الأمة" تعين القول بأن الأحكام المعنية بهذا الإعلان الدستوري وبحكم الاستصحاب هي تلك الأحكام التي كانت تلتزم هذا الطابع وتصدر باسم الملك. والقول بأن الخطاب في هذا الإعلان الدستوري ومن قبله دستور سنة 1923 يتجه إلى الأحكام التي كانت تصدرها المحاكم الشرعية قبل إلغائها وببطلان هذه الأحكام أو انعدامها، شطط يتنزه عنه الشارع لما يؤدي إليه من زلزلة العلاقات والحقوق التي ترتبت عليها واستقرت. وإذ كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي في هذه الدعوى قد صدر من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية في 27 يونيه سنة 1955 ومن قبل إلغاء المحاكم الشرعية وإحالة قضاياها على المحاكم الوطنية في أول يناير سنة 1956 وجرى الحكم المطعون فيه على أن الدفع بانعدامه لعدم صدوره باسم الأمة مردود "بأن المحاكم الشرعية ما كانت تصدر في يوم من الأيام باسم أحد لأن أحكامها مستمدة من الشريعة الإسلامية لا من القوانين الوضعية والأحكام التي كانت تصدر فيها طبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة كما هو وارد في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وهذه الأحكام مستمدة من الكتاب والسنة أساساً وليس أدل على ذلك من أن المادة 31 من دستور سنة 1923 كان يجري نصها على أن "تصدر أحكام المحاكم المختلفة وتنفذ وفق القانون باسم الملك" وكان لهذا الدستور من السمو على بقية القوانين وقتئذ ما للإعلان الدستوري الصادر في 10/ 2/ 1953 ومع ذلك لم تكن أحكام المحاكم الشرعية تصدر وقتئذ باسم الملك، على أن الذي يبين من مطالعة معنى هذا الإعلان الدستوري أنه قصد به إلغاء ما كان جارياً عليه العمل من أن تصدر الأحكام باسم الملك ولما كانت المحاكم الشرعية لا تصدر أحكامها باسم الملك فإن الإعلان الدستوري لم يكن من شأنه أن يلغي نظاماً كان معمولاً به أمامها أو أن يعدله ولكن من شأن هذا الإعلان أن يلغي ما كان متبعاً أمام المحاكم الوطنية من إصدار أحكامها وتنفيذها باسم الملك واستبدال ذلك بأن تصدر الأحكام باسم الأمة فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه على واقعة الدعوى.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول تجديد السير في الاستئناف من السيدة فتحية عبد العزيز فتحي الطاعنة الثانية مستنداً في ذلك إلى أنها لم تستأنف الحكم الابتدائي وأصبح نهائياً بالنسبة لها ولم تكن خصماً في مرحلة الاستئناف قبل إحالته من محكمة النقض ووفقاً للمادة 384 مرافعات ولا يجوز تدخلها عند إعادة السير فيه بعد الإحالة لأن الاستحقاق في الوقف من الحقوق القابلة للتجزئة ولأن نصوص اللائحة الشرعية هي الواجبة التطبيق في هذا الخصوص ولا تجوز تكملتها بما ورد في قانون المرافعات من قواعد، وما عول عليه الحكم من ذلك خطأ ومخالفة للقانون، إذ أنه بإحالة القضية من محكمة النقض إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد تعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض ومن حق السيدة فتحية وفقاً للمادة 384 من قانون المرافعات وما استقر عليه الفقه والقضاء أن ننضم إلى المستأنفين في استئنافهم عند تجديد السير فيه وتطلب الحكم لها ولهم بالطلبات الواردة في صحيفة التجديد لأن النزاع في الدعوى يدور حول تفسير شرط الواقفة في نصيب العقيم وهل يستحقه الطاعنون ومورثهم من قبلهم أم يستحقه المطعون عليه وإخوته وهو نزاع غير قابل للتجزئة وبمثابة حكم بأحقية مورثهم أو عدم أحقيته لهذا النصيب ومن المقرر شرعاً أن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها إذا كان قد خاصم أو خوصم في الدعوى طالباً الحكم للتركة بكل حقوقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة بكل ما عليها وإعمال قواعد المرافعات للطعن في الأحكام لا يتعارض مع ما استبقاه المشرع من قواعد في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية إذ الأصل هو تطبيق قواعد المرافعات والاستثناء هو عدم تطبيقها في الحالات التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقوانين المكملة لها وإذا كان المشرع قد استبقى المواد من 304 إلى 327 من اللائحة ويتعين إعمالها في الاستئناف دون المواد من 394 إلى 416 من قانون المرافعات فإن السيدة فتحية لا تستند إلى أي منها وإنما تستند إلى المادة 384 مرافعات وهي واردة في باب الأحكام العامة للطعن في الأحكام وتسري على جميع وسائل الطعن، والواقع في الدعوى أن بعض الورثة تدخلوا فيها أمام محكمة أول درجة وحكم ضدهم واستأنفوا الحكم وتأيد وطعن بعضهم في هذا الحكم بطريق النقض وحكم بقبوله وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد ومن حق السيدة فتحية تجديد السير في الاستئناف بعد الإحالة لأن الخصومة فيه تدور حول مبدأ واحد وحق واحد غير قابل للتجزئة والحكم فيها غير قابل للتجزئة كذلك وطعن بعض الورثة في هذا الحكم بطريق النقض يستفيد منه الباقون من طعن منهم ومن لم يطعن.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أنه وقد ألغى القانون رقم 462 سنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية بعض مواد لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 سنة 1931 ومنها مواد الفصل الثالث والرابع والخامس من الباب الخامس من الكتاب الرابع وما اشتملت عليه من أحكام خاصة بالتماس إعادة النظر وطلب تصحيح الحكم أو تفسيره والطعن في الأحكام ممن تتعدى إليه بينما استبقى من بين ما استبقاه الفصلين الأول والثاني وما اشتملا عليه من أحكام خاصة بالمعارضة والاستئناف ونص في المادة الخامسة منه على أنه "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية والمحاكم الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين المكملة لها" فإنه بذلك يكون قد دل على أنه أراد أن يبقي استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية محكوماً بذات القواعد التي كانت تحكمه قبل إلغاء هذه المحاكم والتي رؤى من الخير الإبقاء عليها لا بقواعد أخرى من قانون المرافعات كما دل على أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تزال هي الأصل الأصيل الذي يجب التزامه ويتعين الرجوع إليه في التعرف على أحوال استئناف هذه الأحكام وضوابطه وإجراءاته، وجرى قضاء هذه المحكمة على أن استئناف الأحكام الصادرة في قضايا الأحوال الشخصية التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية يخضع في إجراءاته للمواد الخاصة به والواردة في الفصل الثاني من الباب الخامس من الكتاب الرابع من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وبالرجوع إلى هذه اللائحة يبين أنها لا تعرف حكم المادة 384 من قانون المرافعات وخلت من نص مقابل لها، هذا وبفرض إمكان إعمال حكمها على واقعة الدعوى فإن شرط إفادة المحكوم عليه - الذي فوت ميعاد الاستئناف أو قبل الحكم - من الاستئناف المرفوع من أحد زملائه في الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين والثابت في هذه الدعوى أن الخصومة فيها تدور حول استحقاق المطعون عليه لحقه في نصيب العقيم والاستحقاق في الوقف قابل للتجزئة يتلقاه المستحق أو الموقوف عليه من الواقف لا من مورثه ومن ثم فهو لا يورث ولا يتصل بشئون التركة ولا تجري في شأنه أحكام الإنابة في التقاضي وانتصاب أحد الورثة خصماً عن الباقين. وإذ كان ذلك، وكانت السيدة فتحية لم تستأنف الحكم الابتدائي وأصبح نهائياً في حقها ولم تكن خصماً في الاستئناف قبل مرحلة الإحالة وعند تجديد السير فيه بعد الإحالة انضمت إلى زملائها المستأنفين وقضى الحكم المطعون بعدم قبول تجديد السير في الاستئناف منها مستنداً في ذلك إلى أن "ما ذهب إليه المستأنفون في هذا الشأن مردود بأن القاعدة الأصلية أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه إلا ما استثنى بنص خاص والاستحقاق ليس حقاً غير قابل للتجزئة كما يقولون فإن الاستحقاق في الوقف قابل للتجزئة بطبيعته إذ أنه ينقسم على عدد من يدعون الاستحقاق أو يستحقونه فعلاً وتجزئة هذا الحق ليس من شأنها أن توقع الاضطراب والفوضى في المصالح التي تكفلها كما ذهب إليه المستأنفون وعلى كل فإن نصوص اللائحة الشرعية هي الواجبة التطبيق لأن النص الوارد بها نص خاص ولا يصح تكملته بما ورد في قانون المرافعات ومتى تقرر ذلك فإن تدخل السيدة فتحية عبد العزيز فتحي في تجديد الاستئناف يكون على غير أساس سليم من القانون ويتعين عدم قبول هذا التجديد منها بعد أن أصبح الحكم نهائياً بالنسبة لها وبعد أن لم تطعن عليه بطريق الاستئناف" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي معه قضى باستحقاق المطعون عليه لجزء من ثمانية أجزاء من نصيب العقيم محمد صديق يعادل جزء من ست وتسعين جزء من نصيب السيدة عائشة الفروجية تأسيساً على أن نصيب درية فتحي يعتبر وقفاً مستقلاً آل بعد وفاتها إلى ولديها محمد صديق فتية وأن أقرب قسم كان العقيم محمد صديق يتناول استحقاقه منه هو حصة والدته درية والحصة التي كان يستحق فيها هي حصة درية وأهل هذه الحصة هم أولاد فتية ومنهم المطعون عليه وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن الواقفة رتبت وقفها ترتيباً جملياً بين الطبقات بقولها "طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره" وبعد أن فرغت من هذا الترتيب الإجمالي عادت فرتبت الاستحقاق ترتيباً أفرادياً بترتيب استحقاق الفرع على انقراض أصله وفرقت في ذلك بين من مات بعد دخوله في الوقف ومن مات قبل الدخول فيه ومقتضى هذا الترتيب أن يؤول نصيب من مات بعد دخوله في الوقف إلى فرعه من الطبقة التالية إلى أن ينقرض جميع أفراد الطبقة العليا فتنقضي القسمة ويوزع الاستحقاق على عدد الرؤوس من أفراد الطبقة التالية ومن مات قبل الدخول فيه يقوم ولده مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان والده يستحقه كما لو كان الأصل حياً باقياً وبعد أن فرغت من هذا وذاك عادت فرتبت أيلولة استحقاق من ليس له فرع يليه وهو "العقيم" وفرقت في ذلك بين حالة وجود إخوة له وحالة عدم وجودهم بأن نصت على أنه "إن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه وإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف وعليهم" ومقتضى هذا الشرط أنه إذا لم يكن للعقيم إخوة ولا أخوات ينتقل نصيبه لأقرب الطبقات إليه من أهل الوقف الموقوف عليهم وبتطبيق هذه القواعد على حصة السيدة عائشة الفروجية يتضح أنها توفيت في 11 من ذي القعدة سنة 1309 وبوفاتها انتقل ما كان بيدها لأولادها الأربعة محمد فتحي وحسن فتحي ودرية فتحي وجميلة فتحي لكل منهم 1/ 4 الحصة وفي سنة 1904 توفى محمد فتحي عن أولاده الخمسة عبد العزيز وعبد اللطيف وقاسم وزينب وبهية فخص كل منهم 1/ 20 منها وفي سنة 1907 توفى حسن فتحي عن ابنه الوحيد يوسف وبوفاته انتقل نصيبه إليه وهو 1/ 4 الحصة وفي سنة 1919 توفيت درية فتحي عن ولديها فتية سامي ومحمد صديق وبوفاتها خص كل منهما 1/ 8 الحصة وفي سنة 1928 توفيت جميلة فتحي عن أولادها محمد ومحمود وعائشة وآمنه عباس حلمي وبوفاتها خص كل منهم 1/ 16 منها ولأنها كانت آخر طبقتها موتاً فقد نقضت القسمة فيها وانتقلت إلى الموجودين من أفراد الطبقة الثالثة وهي طبقة أولاد أولاد عائشة وعددهم 12 شخصاً خص كل منهم 1/ 12 منها وجرى توزيع ريعها على هذا الأساس الجديد بموافقة جميع المستحقين ومنهم العقيم محمد صديق وفي أغسطس سنة 1947 توفى محمد صديق عقيماً ولم يكن موجوداً من أهل طبقته سوى عبد العزيز وبهية ولدا محمد فتحي ومحمد وآمنه عباس حلمي ولدا جميلة فتحي أما الثمانية الآخرون من أهل هذه الطبقة ومنهم أخته فتية فقد توفوا جميعاً قبل وفاته وآلت أنصبتهم إلى أولادهم والتفسير الصحيح لشرط الواقفة في نصيب العقيم أن يؤول إلى هؤلاء الأربعة الموجودين من أهل طبقته ولا يؤول شيء منه إلى أولاد أخته فتية ومنهم عبد العزيز عابد المطعون عليه إذ أنهم من درجة العقيم ومن طبقته وأهل طبقة المتوفى ودرجته هم أقرب الطبقات والدرجات إليه وإذ أن أولاد أخته فتية ليسوا من طبقته ولا من درجته بل هم أسفل منه درجة وأنزل طبقة ومن هذا يبدوا أن الحكم المطعون فيه (1) أخطأ فيما ذهب إليه من أن الترتيب في الوقف ترتيب أفرادي ويعتبر أوقافاً متعددة كما تعتبر كل حصة وقفاً مستقلاً تنتقل من الموقوف عليه إلى ذريته وما رتبه على ذلك من أن نصيب درية وولديها محمد صديق وفتية يكون وقفاً مستقلاً هو خلط واضح بين الوقف والنصيب فيه لم تقل به الواقفة ولا قانون الوقف ولا أحد من الفقهاء والصحيح أنه ترتيب جملي بين الطبقات وأفرادي في أيلولة نصيب من يموت من المستحقين قبل وبعد دخوله في الوقف وله فرع يليه ومن يموت منهم وليس له فرع يليه.(2)  كما أخطأ فيما ذهب إليه من أن نصيب العقيم يعتبر وقفاً مستقلاً وأن أقرب حصة كان يتناول فيها العقيم محمد صديق استحقاقه هي حصة والدته دريه إذ أن حصة العقيم لم يسبق التعبير عنها بالوقف ولم يجر عرف الواقفين بذلك والصحيح أنه من تاريخ وفاة جميلة سنة 1928 إلى تاريخ وفاته 1947 كان يتناول استحقاقه من حصة جدته عائشة وبطل استحقاقه من حصة والدته درية.(3) وأخطأ في تفهم قصد الواقفة من عبارة "أهل هذا الوقف" إذ المقصود بها الوقف الخاص لا الوقف الكلي وهو حصة كل من الموقوف عليهم بعد الواقفة الذين تحدثت عنهم بكلمة "كل" وانقسم الوقف الكلي إلى أوقاف متعددة بتعدد من أضيفت إليهم هذه الكلمة.(4) وأخطأ حين استند إلى المادة 33 من قانون الوقف إذ الصحيح أنها لا تنطبق لأن كتاب الوقف يتضمن شرطاً مخالفاً لها في ترتيب الاستحقاق ومتى وجد هذا الشرط المخالف امتنع تطبيقها وفقاً للمادة 58 من ذات القانون وبفرض انطباقها فهي لا تعطي المطعون عليه استحقاقاً في نصيب العقيم إذ لا يوجد أحد في طبقة والدته درية ولا في طبقة جدته عائشة فيؤول هذا النصيب إلى أهل الحصة - حصة السيدة عائشة - ويقسم على أولاد أولادها الطاعنين ولا يؤول شيء منه لأولاد "فتية" ومنهم المطعون عليه لأنهم أنزل من العقيم طبقة ودرجة وقد فرق المشرع بين الطبقة العامة والمراد منها ما يعم جميع المستحقين في درجة واحدة من جميع أهل الوقف وفي جميع الحصص والطبقة الخاصة والمراد منها المستحقون من أهل الحصة التي كان العقيم يستحق فيها دون باقي الحصص التي لم يكن يستحق فيها وبتطبيق هذه القواعد على وقف خديجة الفروجية وأوقاف الحصص التي يتكون منها يثبت أن وقف خديجة انقسم بعد وفاتها إلى أربع حصص تكون أوقافاً مستقلة من ناحية إنشائها وأعيانها وأشخاص المستحقين فيها وهي حصة محمد الفروجي وحصة عبد الله الفروجي وحصة سعدية الفروجي وحصة عائشة الفروجية وكل من هذه الحصص توالد أصلها عن فروع وطبقات متتالية فالطبقة العامة تتكون من جميع المستحقين في درجة واحدة من أهل الوقف الكبير وفي جميع الحصص الأربعة التي يتكون منها، أما الطبقة الخاصة فتتكون من أهل الحصة التي كان يستحق فيها العقيم محمد صديق وهي حصة جدته عائشة دون باقي الحصص الثلاث الأخرى والمستحقون من درجته وطبقته من أهل هذه الحصة هم أولاد أولاد عائشة الموجودين وقت وفاته وهم عبد العزيز وبهية محمد فتحي ومحمد حلمي وآمنة عباس حلمي وهؤلاء الأربعة هم الذين ينتقل إليهم نصيب العقيم طبقاً للمادة 33 ولا يؤول شيء منه إلى أولاد أخته فتية سامي لأنهم لم يكونوا من ذات طبقته ولا درجته بل كانوا أنزل منه طبقة وأسفل منه درجة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أنه بموجب إشهاد الوقف المؤرخ 29 ربيع آخر 1271 هجرية وإشهاد التغيير المؤرخ 14 رمضان سنة 1275 هجرية، وقفت المرحومة خديجة عبد الله الفروجي ما هو 2260 ف و8 ط و8 س أطياناً زراعية كائنة بناحيتي محلة القصب وميت سراج مبينة الحدود والمعالم في الإشهاد على نفسها مدة حياتها ومن بعدها 280 ف و4 ط و8 س مبينة الحدود من أطيان ناحية ميت سراج تكون وقفاً مصروفاً ريعها في وجوه الخيرات التي عينتها و400 ف تكون وقفاً على أخيها السيد محمد الفروجي ونجله السيد الشريف عبد الله بالسوية بينهما مدة حياة كل منهما و600 ف تكون وقفاً على أولاد أخيها محمد وهم مصطفى وصالح وخديجة وعائشة بالسوية بينهم و400 ف تكون وقفاً على أولاد أخيها المذكور وهم محمد وزينب وسعدية وآمنة بالسوية بينهم مدة حياة كل منهم و60 ف تكون وقفاً على محمد وفاطمة ولدي المرحوم مصطفى بالسوية بينهما مدة حياة كل منهما و40 فداناً تكون وقفاً على بشير أغا وعبد الفتاح أبو سيف بالسوية بينهما مدة حياة كل منهما و480 ف و4 س تكون وقفاً على عتقائها المذكورين في إشهاد التغيير ثم من بعد كل من أولاد السيد محمد الفروجي التسعة المذكورين تكون حصة من ذلك وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولاده ثم على ذريته ونسله وعقبه طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق مضافاً لما يستحقونه من ذلك فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم وعلى أن من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد وأسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل حياً باقياً" وظاهر إنشاء الوقف وشروطه هذه يدل على أن الواقفة أرادات أن تجعل وقفها بعد وفاتها أوقافاً متعددة مرتبة ترتيباً أفرادياً يستقل كل منها عن الآخر بأعيانه وبالمستحقين فيه من أفراد الطبقة الأولى المذكورين بأسمائهم في كتاب الوقف ثم من بعد كل منهم يكون ما هو موقوف عليه خاصة وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف والموقوف عليهم وإذ كانت المادة 33 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 قد نصت على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 16 إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها وإذا كان الوقف مرتب الطبقات وجعل الواقف نصيب من يموت أو يحرم من الاستحقاق أو يبطل استحقاقه فيه لمن في طبقته أو لأقرب الطبقات إليه كان نصيبه لمن يكون في طبقته من أهل الحصة التي يستحق فيها" ولازم هذا النص ومقتضاه أن يعود نصيب العقيم لمن يكون في طبقته الخاصة أو أقرب الطبقات إليه من أقرب قسم كان يتناول استحقاقه منه - وبقي من يستحق فيه بعد وفاته. وهم أهل الحصة التي كان يستحق فيها لا لمن يكون في مثل طبقته أو أقرب الطبقات إليه من أهل الحصص الأخرى التي لم يكن يستحق فيها ويتناول استحقاقه منها وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون بقولها "وقد اختلفت آراء المحاكم في المراد من الطبقة هل هي الطبقة الخاصة أو المراد منها ما يعم المستحقين في درجة واحدة من جميع أهل الوقف أو جميع الحصص وقد اختير الفهم الأول لأنه الأقرب إلى أغراض الواقفين وإلى الأحكام التي تخيرها المشرع" وكان الثابت في الدعوى أن محمد صديق توفى عقيماً في أغسطس سنة 1947 وبعد العمل بالقانون رقم 48 سنة 1946 والحصة التي يستحق فيها هي حصة والدته درية ولم يكن موجوداً من أهل هذه الحصة الخاصة سوى أولاد أخته فتيه، فيعود نصيبه إليهم باعتبارهم أقرب الطبقات إليه من أهل الحصة التي كان يتناول استحقاقه منها ولا يكون شيء منه لمن هو في مثل طبقته من أهل الحصص الأخرى التي لم يكن يستحق فيها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن نصيب محمد صديق يعود إلى أقرب الطبقات إليه من أهل حصة والدته درية مستنداً في ذلك إلى أن "المراد بالوقف في قول الواقفة من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم" هو وقف الحصة والحصة تشمل جميع الأقسام التي تفرعت في كل طبقة وحصة الميت التي كان يستحق فيها العقيم محمد صديق هي حصة والدته درية وهي تعتبر وقفاً مستقلاً يشملها قول الواقفة المذكورة ومن ثم يعود نصيبه إلى أهل الطبقة الخاصة وهي طبقة من فرع أقرب أصل له وهي طبقة أمه درية ويكون المستأنف عليه مستحقاً في هذا النصيب" وإلى ما جاء بالحكم الابتدائي من أن "الترتيب في هذا الوقف ترتيب أفرادي بنص الواقفة وبحكم القانون فهو أوقاف متعددة يتعدد الموقوف عليهم في جميع الطبقات وأن عموم الطبقة وخصوصها كان مثار اختلاف بين فقهاء الحنفية وانبنى عليه اختلاف في الأحكام وعدم استقرار في التوزيع فكانت الحاجة ماسة إلى وضع حد لهذا الاختلاف استقراراً للحقوق واضطراداً للأحكام على وتيرة واحدة فوضع الفقرة الثانية من المادة 33 من القانون رقم 48 لسنة 1946 مختاراً للفهم القائل بخصوص الطبقة لأنه أقرب إلى أغراض الواقفين وإلى الأحكام التي تخيرها هذا القانون فأصبحت الطبقة في كلام الواقف عند الإطلاق هي الطبقة الخاصة وهي طبقة الميت من أهل الحصة التي كان يستحق فيها أي فرع أقرب أصل له وحصة الميت هي أقرب قسم كان يتناول منه استحقاقه وأقرب الطبقات إليه من يشاركه في هذه الحصة الخاصة ما لم يوجد في كلام الواقف ما يدل على غير هذا" وأن أقرب قسم كان يتناول محمد صديق منه استحقاقه فيه هو حصة درية وأهل هذه الحصة الخاصة هم المتناسلون من أصله المباشر أي فروع أقرب أصل له فيموت محمد صديق عقيماً بتاريخ 5/ 8/ 1947 بعد العمل بقانون الوقف المذكور يؤول ما هو موقوف عليه لأقرب الطبقات إليه من أهل هذا الوقف الخاص الذي يستحق فيه وهو الموقوف على والدته درية وأقرب الطبقات إليه من شاركه في هذه الحصة وتناسل من أصله المباشر وهم أولاد أخته فتية الذين من بينهم المدعي فهم وحدهم الطبقة التالية لطبقته من أهل هذا الوقف الخاص ولا يستحق فيه أحد من أهل الأوقاف الأخرى ممن هم في طبقته وقت وفاته مثل عبد العزيز وبهية ولدي محمد فتحي ابن السيدة عائشة الفروجية ومحمد عباس حلمي وآمنة عباس ولدي جميلة هانم فتحي بنت السيدة عائشة الفروجية لأنهم وإن كانوا من طبقته وأقرب الطبقات إليه إلا أنهم ليسوا من أهل طبقته ولا أقرب الطبقات إليه في الحصة التي كان يستحق فيها وهي حصة والدته درية لأن عبد العزيز وبهية من أهل حصة محمد فتحي ومحمد وآمنة من أهل حصة جميلة فتحي فهم فروع لأصل غير مباشر ولا يتناولون شيئاً من القسم الذي كان يتناول منه العقيم، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الرابع - أن الطاعنين تقدموا إلى محكمة الاستئناف بدفاع احتياطي جديد لم يسبق عرضه على محكمة أول درجة مؤداه أنه بفرض أن أولاد "فتيه" يستحقون جزء في نصيب العقيم فقد رفضوا هذا الاستحقاق وارتضوا توزيع الريع على مستحقين آخرين كما تدل على ذلك كشوف الحساب الموقع عليها منهم ولم ينكروها وسكتوا عن المطالبة به من تاريخ وفاة العقيم في سنة 1947 ورفض الاستحقاق على هذا الوجه يعتبر رداً وإسقاطاً له ومن المقرر فقهاً وقضاءاً أنه ليس لمن رد الاستحقاق أن يعود فيطالب به، ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع مستنداً في ذلك إلى أن عدم المطالبة بالاستحقاق فوراً لا يعتبر رداً له وأن جهل المطعون عليه بما تقتضيه شروط الواقفة في نصيب العقيم لا يعتد به وموافقته على أيلولته لآخرين لا جناح عليه فيه، وهذا الذي ذهب إليه الحكم خطأ في تطبيق القانون وتضارب، إذ لم يبين معيار هذه الفورية وإذ أن هذا السكوت الطويل لمدة خمس سنوات مضافاً إلى رضاء المطعون عليه بأيلولة الاستحقاق لغيره دليل قاطع على أنه رد الاستحقاق وأسقطه في هذا النصيب إسقاطاً مجرداً وهو لم يكن يجهل القانون ولا التفسير الصحيح لشرط العقيم.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بأن الفورية ليست شرطاً في طلب الاستحقاق بل يبقى المستحق على حقه في المطالبة ما لم تمض المدة المانعة من سماع الدعوى به مع التمكن وعدم العذر ومردود (ثانياً) بأن الإقرار الناشئ عن خطأ في فهم الشرط لا عبرة به ولا يعول عليه - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بقوله "إن عدم المطالبة بالاستحقاق فوراً لا يعتبر رداً له وأن المستأنف كان يجهل ما تقتضيه شروط الواقفة في شأن أيلولة نصيب العقيم فلما تبين له وجه استحقاقه بادر إلى المطالبة به فلا جناح عليه في ذلك ولا يعتبر سكوته الأول رداً للاستحقاق وإذا كان قد وافق على أيلولة النصيب إلى آخرين فإن جهله بما يقضي به القانون في شأن ما ورد بحجة الوقف يعتبر خطأ في القانون لا يعتد به" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ونقض 28/ 11/ 1962. الطعن رقم 28 لسنة 30 ق "أحوال شخصية" السنة 13 ص 1073.
(2) نقض 20/ 2/ 1964. الطعن رقم 301 لسنة 29 ق "أحوال شخصية". السنة 15 ص 263.

الطعن 82 لسنة 31 ق جلسة 1 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 66 ص 481

جلسة أول مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.
---------------
(66)
الطعن رقم 82 لسنة 31 القضائية
إفلاس. "شروط الدين محل التوقف عن الدفع". "سلطة محكمة الإفلاس".
الدين محل التوقف عن الدفع. شرطه أن يكون خالياً من النزاع. على محكمة الإفلاس أن تستظهر كل ما يثيره المدين بشأن عدم صحة الدين لتقرير مدى جدية المنازعة. لها في هذا الصدد اتخاذ ما تراه لازماً لتحقيق هذه الغاية من إجراءات الإثبات.
------------------
يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع. ويجب على المحكمة عند الفصل في طلب شهر الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين بشأن عدم صحة الدين لتقدير مدى جديتها، وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى. ولئن كان الأصل أن للمحكمة أن تستظهر مدى جدية النزاع في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس من الأوراق المقدمة إليها والقرائن المحيطة بالدعوى إلا أنه لا عليها إذا هي اتخذت أي إجراء من إجراءات الإثبات بالقدر اللازم لتحقيق هذه الغاية، إذ قد يكشف هذا الإجراء عن عدم جدية المنازعة فيفوت بذلك على المدين طريق المنازعة الكيدية الذي قد يهدف به إلى مجرد إسقاط حق الدائن في طلب إشهار إفلاسه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 109 سنة 1957 تجاري كلي طنطا ضد الطاعن بطلب الحكم بإشهار إفلاسه، وقالوا بياناً لدعواهم إنهم يداينون الطاعن بعدة مبالغ من بينها مبلغ 1047 ج بمقتضى سند إذني حرر عن عملية تجارية واستصدروا به أمر أداء في 9/ 11/ 1954 وأن الطاعن عارض في هذا الأمر وقضى برفض معارضته ثم استأنف الحكم الصادر في المعارضة وقضى برفض استئنافه، وأنه إذ توقف الطاعن عن الوفاء بديونه فقد طلبوا الحكم بإشهار إفلاسه. دفع الطاعن بأن النزاع انتهى صلحاً، وقدم عقد صلح تاريخه 26/ 10/ 1957 يحمل توقيعاً منسوباً إلى المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن المطعون ضدهما الثانية والثالثة، فطعن فيه هذا الأخير بالتزوير لأن التوقيع المنسوب إليه ليس توقيعه. وبتاريخ 24/ 3/ 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة بين التوقيع المنسوب للمطعون ضده الأول على عقد الصلح وبين التوقيعات التي على الأوراق الرسمية والأوراق الأخرى التي يتفق عليها الطرفان، وباشر الخبير المنتدب مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع المنسوب إلى المطعون ضده الأول مزور، غير أن الطاعن قدم بدوره تقريراً استشارياً يتضمن صحة هذا التوقيع، فقررت المحكمة استكتاب المطعون ضده الأول وإعادة المأمورية إلى قسم أبحاث التزييف لإجراء المضاهاة بين التوقيعات التي استكتبتها والتوقيع المنسوب إلى المطعون ضده الأول على عقد الصلح وقدم قسم الأبحاث تقريره الثاني مؤيداً للتقرير الأول. وبتاريخ 27/ 10/ 1959 حكمت محكمة الدرجة الأولى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المطعون ضده الأول وقع بنفسه على عقد الصلح، ولينفي المطعون ضده الأول ذلك، وبعد تنفيذ هذا الحكم قضت المحكمة بجلسة 7/ 11/ 1959 برفض دعوى الإفلاس - استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 64 سنة 10 ق طنطا، ومحكمة الاستئناف قضت في 10/ 1/ 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 21/ 11/ 1954 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 9/ 2/ 1961، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث نظر أمامها بجلسة 11/ 1/ 1966، وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل الأول والرابع منها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الدرجة الأولى التزمت حدود سلطتها في الفصل في طلب شهر الإفلاس بأن قصرت بحثها في صحة عقد الصلح أو عدم صحته على القدر الذي تبينت معه مدى جدية النزاع في الدين، ولم تتعرض إلى إجراءات التحقيق التي تمت أمامها إلا بالقدر اللازم للفصل في الدعوى ورتبت على ذلك قضاءها برفض طلب شهر الإفلاس، أما الحكم المطعون فيه فقد جاوز نطاق مهمته المرسومة بالقانون فتناول بحث جميع عناصر التحقيق التي تمت في الدعوى، وذكر في أسبابه أن قسم أبحاث التزوير والتزييف أثبت في تقريرين متواليين أن التوقيع المنسوب إلى المطعون ضده الأول على عقد الصلح مزور، ولم يعول على التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن ولا على التحقيق الذي بنت عليه محكمة أول درجة قضاءها برفض الدعوى، وخلص الحكم من ذلك إلى الاقتناع بأنه عقد مزور وأسس على هذا الاقتناع قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وإشهار إفلاس الطاعن، وإذ كان الدين المطلوب من أجله إشهار الإفلاس ديناً متنازعاً فيه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن قصور أسبابه إذ لا يصلح ما قرره ورتب عليه قضاؤه رداً على أسباب الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع، ويجب على المحكمة عند الفصل في طلب شهر الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين بشأن عدم صحة الدين لتقدير مدى جديتها - وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى. وأنه وإن كان الأصل أن المحكمة تستظهر مدى جدية النزاع في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس من الأوراق المقدمة إليها والقرائن المحيطة بالدعوى، إلا أنه لا عليها إذا هي اتخذت أي إجراء من إجراءات الإثبات بالقدر اللازم لتحقيق هذه الغاية، إذ قد يكشف هذا الإجراء عن عدم جدية المنازعة فيفوت بذلك على المدين طريق المنازعة الكيدية الذي قد يهدف به إلى مجرد إسقاط حق الدائن في طلب إشهار إفلاسه ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه استدل على عدم جدية المنازعة التي أثارها الطاعن لتبرير امتناعه عن الوفاء بالدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس بما حصله مما هو وارد في تقريري قسم أبحاث التزييف والتزوير بمكتب الطب الشرعي من أن التوقيع المنسوب صدوره إلى المطعون ضده الأول على عقد الصلح الذي تمسك به الطاعن هو توقيع مزور، ولم يعول الحكم على التقرير الاستشاري المقدم منه ولا على أقوال شاهديه اللذين سمعا أمام محكمة الدرجة الأولى، وكان مفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لإجراءات الإثبات التي اتخذتها محكمة الدرجة الأولى إلا لمجرد التحقق من مبلغ الجد في النزاع في شأن الدين المطلوب من أجله شهر الإفلاس دون أن يقطع بصحة أو عدم صحة عقد الصلح - لما كان ذلك، وكان ما استخلصه الحكم في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون، ويكفي لحمل قضائه، فإنه لا حاجة له بعد ذلك إلى مناقشة الأسباب التي بني عليها الحكم الابتدائي ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض في التسبيب ذلك أنه وإن قرر أن محكمة الإفلاس لا تملك إصدار الأحكام المتعلقة بالإثبات لأنها تدخل في اختصاص قاضي الموضوع، إلا أنه في موضع آخر من أسبابه ناقش إجراءات الإثبات المتعلقة بصحة أو عدم صحة عقد الصلح، وخلص إلى الاقتناع بعدم صحته، وفي هذا تناقض يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعرض لإجراءات الإثبات التي اتخذتها محكمة الدرجة الأولى بخصوص عقد الصلح المشار إليه بسبب النعي إلا لمجرد تقدير مبلغ الجد في النزاع في شأن الدين دون أن يقطع في أسبابه بصحة أو عدم صحة عقد الصلح. ولما كانت الأسباب التي أوردها الحكم في هذا الخصوص - على ما سبق بيانه في الرد على السبب الأول - من شأنها أن تكفي لحمل قضائه، فإنه لا يعيبه بعد ذلك ما تضمنه من تقريرات قانونية لا تؤثر في جوهر قضائه، لما كان ذلك، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه استند في قضائه باعتبار الطاعن متوقفاً عن دفع ديونه إلى أنه ظل يماطل في سدادها مدة تزيد على ست سنوات رغم إعلانه بأمر الأداء في 22/ 11/ 1954 مما ينبئ عن مركز مالي مضطرب، في حين أن الثابت من الأوراق أن الطاعن عارض في أمر الأداء المذكور وظل النزاع أمام القضاء عدة سنوات ولم يفصل فيه نهائياً إلا في 24/ 4/ 1957 مما تنتفي معه المماطلة لأن الطاعن كان يستعمل حقاً قانونياً وما كان هناك سبيل لرفع دعوى الإفلاس مع قيام الطعن في حكم الدين.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن أقام الدليل على عدم جدية النزاع الذي أثاره الطاعن في شأن الدين، عرض إلى حالة التوقف عن الدفع وقرر بشأنها ما يأتي "إنه متى ثبت كما سلف البيان أن منازعة المستأنف عليه "الطاعن" في دين المستأنفين "المطعون ضدهم" الثابت بأحكام نهائية غير جدية ولا أساس لها وأن توقفه عن هذا الدين ينبئ عن مركز مالي مضطرب يعرض به حقوق دائنيه إلى خطر كبير الاحتمال سيما وقد ماطل في سداده مدة تزيد على الست سنوات رغم إعلانه بأمر الأداء في 22/ 11/ 1954". ولما كان هذا الذي قرره الحكم من أن الطاعن لم يكن محقاً في المنازعات التي أثارها في شأن الدين هو استخلاص موضوعي سائغ لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه من اعتباره متوقفاً عن الدفع ابتداء من 21/ 11/ 1954 فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.