جلسة 23 من سبتمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة وجاب الله محمد جاب الله.
------------------
(126)
الطعن رقم 16939 لسنة 64 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشاهد في أقواله أو اختلافها في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير مقبول أمام النقض.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
تعييب التحقيق والإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصلح سبباً للطعن.
(5) سرقة "سرقة بإكراه". شروع. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
تحقق جريمة الشروع في السرقة. ليس رهناً بوجود المال. ما دامت نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.
(6) سرقة "سرقة بإكراه". شروع. ظروف مشددة. جريمة "أركانها".
إتيان الجاني شطراً من الأفعال المكونة للظروف المشددة. كفايته لاعتباره شارعاً في جريمة السرقة المصحوبة بظروف مشددة.
(7) سرقة "سرقة بإكراه". جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. قوامه؟
تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً. غير لازم. ما دامت مدوناته تنبئ به.
استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الجاني وإثبات الارتباط بينها وبين الإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) سرقة "سرقة بإكراه". سلاح. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التهديد باستعمال سلاح - بطبيعته أو بالتخصيص - يتحقق به الإكراه في مجال المادة 314 عقوبات. استخلاص ذلك. موضوعي.
(9) سرقة "سرقة بإكراه". سلاح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تغليظ العقاب على السرقة. إذا كان مرتكبها يحمل سلاحاً. علته. توافر هذه العلة ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال أو كان مجرد مسدس صوت.
مثال لتسبيب سائغ في توافر ركن الإكراه في السرقة باستعمال سلاح "مسدس صوت".
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - من المقرر أن تناقض الشاهد أو اختلاف روايته في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما قرره الطاعن بالتحقيقات وما ثبت من التقرير الفني لفحص السلاح المضبوط، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره بشأن صورة الواقعة وأقوال المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر ما ينعاه من عدم إجراء عملية عرض قانونية لاستعراف المجني عليه على المتهم بمعرفة سلطة التحقيق ولم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه، بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة، ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً للتحقيق والإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
5 - من المقرر أنه ليس بشرط في جريمة الشروع في السرقة أن يوجد المال فعلاً ما دام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.
6 - من المقرر أن إتيان الجاني شطراً من الأفعال المكونة للظروف المشددة يكفي لاعتباره شارعاً في جريمة السرقة المصحوبة بظروف مشددة.
7 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل أنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها، وما رد به على دفاع الطاعن يكشف عن توفر هذا القصد لديه، وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أنه إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. وكان ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في السرقة بإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الطاعن على النحو السالف بيانه، وكذا إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصهما مما ينتجهما.
8 - لما كان القانون وإن لم ينص في المادة 314 من قانون العقوبات على التهديد باستعمال السلاح وعلى عده بمنزلة الإكراه كما فعل في بعض المواد الأخرى، إلا أنه ما دام التهديد باستعمال السلاح هو في ذاته ضرب من ضروب الإكراه لأن شأنه شأن الإكراه تماماً من حيث إضعاف المقاومة وتسهيل السرقة، وما دام القانون لم يخصه بالذكر في المواد التي ذكره فيها مع الإكراه إلا لمناسبة ما اقتضاه مقام التحدث عن وجود السلاح مع الجاني كظرف مشدد، ولم يقصد التفريق بينه وبين الإكراه، بل قصد تأكيد التسوية بينهما في الحكم، فإن مفاد ذلك، أن تعطيل مقاومة المجني عليه كما يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه، يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح، وفي إشارة المادة 314 من قانون العقوبات إلى الإكراه إطلاقاً، ما يكفي لأن يندمج في الإكراه كل وسيلة قسرية تستعمل لغل يد المجني عليه عن المقاومة والحيلولة بينه وبين منع الجاني عن مقارفة جريمته، ويستوي في الأداة المهدد بها أن تكون سلاحاً بطبيعته أو بالتخصيص متى ثبت أن الجاني قد حملها عمداً لمناسبة السرقة ليشد بها أزره وليتخذ منها وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليه في ارتكاب السرقة، وهو ما يستخلصه قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينة في الدعوى في حدود سلطته التقديرية.
9 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن ارتكاب جناية الشروع في السرقة بإكراه على الصورة آنفة البيان، وكانت العلة التي من أجلها غلظ الشارع العقاب على السرقة إذا كان مرتكبها يحمل سلاحاً إنما هي مجرد حمل مثل هذا السلاح ولو كان الجاني لم يقصد من حمله الاستعانة به واستخدامه في الجريمة، وذلك لما يلقيه مجرد حمله من رعب في نفس المجني عليه، وهذه العلة تتوافر ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال أو كان مجرد مسدس صوت طالما أن مظهره يؤدي إلى الغرض المقصود من حمله ويحقق العلة من تغليظ العقاب في هذه الحالة، وإذ كان الثابت أن الطاعن قد اتخذ التهديد باستعمال السلاح وهو مسدس الصوت وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليه في ارتكاب جريمة السرقة، فإن الإكراه الذي يتطلبه القانون في المادة 314 من قانون العقوبات يكون متحققاً على ما استقر عليه قضاء النقض، ولا يكون الحكم قد خالف القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في سرقة حافظة نقود..... بطريق الإكراه بأن استدرجه بسيارته وأشهر في وجهه مسدس صوت وهدده به فأوقع الرعب في نفسه وعطل مقاومته وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو خلو الحافظة من النقود واستغاثة المجني عليه. وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 3، 314 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات مصادرة مسدس الصوت المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في سرقة بالإكراه قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن عول على أقوال المجني عليه حال أن تصويره للواقعة غير مقبول عقلاً ومنطقاً ورغم تناقض أقواله بشأن تفتيش الطاعن له وإخراجه حافظة نقوده من ملابسه، وأن سلطة التحقيق لم تجر عملية عرض قانونية للطاعن على المجني عليه للتعرف عليه، هذا فضلاً عن أن واقعة الدعوى كما صورها الحكم تشكل جريمة نصب وليست سرقة بإكراه لأن تسليم حافظة النقود للطاعن - وقد وجدت خالية من النقود - كان بإرادة المجني عليه بناء على الاحتيال بعد أن أوهمه بأنه من رجال الشرطة بما ينتفي معه الركن المادي للجريمة وهو الاختلاس والركن المعنوي المتمثل في نية السرقة وركن الإكراه سيما وأن السلاح مسدس صوت واستطاع المجني عليه انتزاعه من الطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما يجمل في أن الطاعن انتوى الاستيلاء على مال الغير ولو تحت تأثير الإكراه، وفي سبيل ذلك انطلق إلى الطريق الزراعي قائداً سيارة ملاكي والتقى بالمجني عليه خارجاً من مزرعته فدعاه للركوب معه بزعم أنه يحمل أقمشة يبغي توزيعها على الفقراء وطلب معاونته في ذلك، فاستجاب له ثم توقف بالسيارة جانباً وأوهمه بأنه من رجال المباحث وأخرج مسدس صوت من جيبه وهدد به المجني عليه الذي تملكه الرعب ثم دس يده في جيب الأخير وانتزع حافظة نقوده إلا أن تبين أنه خالية من النقود فأعادها إليه وتصادف مرور سيارة يعرف المجني عليه قائدها فحاول انتزاع المسدس من الطاعن وغادر السيارة مسرعاً وتمكن مع قائد السيارة الأخرى وبعض الأهالي من ضبط الطاعن وتسليمه لضابط مرور المنطقة الذي تولى تسليمه إلى مركز الشرطة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف روايته في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما قرره الطاعن بالتحقيقات وما ثبت من التقرير الفني لفحص السلاح المضبوط، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيره بشأن صورة الواقعة وأقوال المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر ما ينعاه من عدم إجراء عملية عرض قانونية لاستعراف المجني عليه على المتهم بمعرفة سلطة التحقيق ولم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه، بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة، ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً للتحقيق والإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أثبت على الطاعن بالوقائع التي بينها من أنه أدخل يده في جيب المجني عليه بقصد سرقة ما به بعد أن هدده باستعمال مسدس صوت، ثم عاقبه على جناية الشروع في السرقة بطريق الإكراه وبين واقعتها بما تتوافر به جميع عناصرها القانونية من نية معقودة لديه وأفعال مادية وقعت تؤدي إلى الجريمة مباشرة، وأنه لم يحل بينه وبين إتمام مقصده إلا سبب لا دخل لإرادته فيه بينته في حكمها، وأثبتت ذلك على المتهم بناء على اعتبارات ذكرتها، وكان من المقرر أنه ليس بشرط في جريمة الشروع في السرقة أن يوجد المال فعلاً ما دام أن نية الجاني قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة، وكان إتيان الجاني شطراً من الأفعال المكونة للظروف المشددة يكفي لاعتباره شارعاً في جريمة السرقة المصحوبة بظروف مشددة، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل أنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها، وما رد به على دفاع الطاعن يكشف عن توفر هذا القصد لديه، وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أنه إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. وكان ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في السرقة بإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الطاعن على النحو السالف بيانه، وكذا إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصهما مما ينتجهما، فإن ما يجادل فيه الطاعن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان القانون وإن لم ينص في المادة 314 من قانون العقوبات على التهديد باستعمال السلاح وعلى عده بمنزلة الإكراه كما فعل في بعض المواد الأخرى، إلا أنه ما دام التهديد باستعمال السلاح هو في ذاته ضرب من ضروب الإكراه لأن شأنه شأن الإكراه تماماً من حيث إضعاف المقاومة وتسهيل السرقة، وما دام القانون لم يخصه بالذكر في المواد التي ذكره فيها مع الإكراه إلا لمناسبة ما اقتضاه مقام التحدث عن وجود السلاح مع الجاني كظرف مشدد، ولم يقصد التفريق بينه وبين الإكراه، بل قصد تأكيد التسوية بينهما في الحكم، فإن مفاد ذلك، أن تعطيل مقاومة المجني عليه كما يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه، يصح أيضاً أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح، وفي إشارة المادة 314 من قانون العقوبات إلى الإكراه إطلاقاً، ما يكفي لأن يندمج في الإكراه كل وسيلة قسرية تستعمل لغل يد المجني عليه عن المقاومة والحيلولة بينه وبين منع الجاني عن مقارفة جريمته، ويستوي في الأداة المهدد بها أن تكون سلاحاً بطبيعته أو بالتخصيص متى ثبت أن الجاني قد حملها عمداً لمناسبة السرقة ليشد بها أزره وليتخذ منها وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليه في ارتكاب السرقة، وهو ما يستخلصه قاضي الموضوع من أي دليل أو قرينة في الدعوى في حدود سلطته التقديرية. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن ارتكاب جناية الشروع في السرقة بإكراه على الصورة آنفة البيان، وكانت العلة التي من أجلها غلظ الشارع العقاب على السرقة إذا كان مرتكبها يحمل سلاحاً إنما هي مجرد حمل مثال هذا السلاح ولو كان الجاني لم يقصد من حمله الاستعانة به واستخدامه في الجريمة، وذلك لما يلقيه مجرد حمله من رعب في نفس المجني عليه، وهذه العلة تتوافر ولو كان السلاح فاسداً أو غير صالح للاستعمال أو كان مجرد مسدس صوت طالما أن مظهره يؤدي إلى الغرض المقصود من حمله ويحقق العلة من تغليظ العقاب في هذه الحالة، وإذ كان الثابت أن الطاعن قد اتخذ التهديد باستعمال السلاح وهو مسدس الصوت وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليه في ارتكاب جريمة السرقة، فإن الإكراه الذي يتطلبه القانون في المادة 314 من قانون العقوبات يكون متحققاً على ما استقر عليه قضاء النقض، ولا يكون الحكم قد خالف القانون، فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.