برئاسة السيد المستشار / د . رفعت محمد عبد المجيد نائب
رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / على محمد على ، محمد خليل درويش ، د . خالد أحمد عبد
الحميد ومحمد حسن العبادي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(1) دعوى " الخصوم في الدعوى " . ضرائب " صاحب الصفة في تمثيل مصلحة
الضرائب على المبيعات " . نقض " الخصوم في الطعن " " شروط
قبول الطعن : الصفة " .
الوزير هو صاحب الصفة في تمثيل وزارته
والمصالح والإدارات التابعة لها أمام القضاء . عدم منح الشخصية الاعتبارية لمصلحة
الضرائب على المبيعات . أثره . وزير المالية دون غيره الممثل لها أمام القضاء .
(
2 – 4 ) جمارك .دستور " المحكمة الدستورية العليا ". قانون "
دستورية القوانين" " سريان القانون من حيث الزمان " . نظام
عام . نقض " أسباب الطعن : الأسباب المتعلقة بالنظام العام " .
(2) المسائل
المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها وللخصوم إثارتها . شرطه .
(3) الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو
لائحة . أثره . عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية .
انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى لو أدرك
الدعوى أمام محكمة النقض . م 49 ق المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بق 168
لسنة 1998 . إلتزام جميع المحاكم من تلقاء ذاتها بإعمال هذا الأثر . علة ذلك .
(4) صدور حكم بعدم دستورية الفقرتين
الأولى والأخيرة من م 111 ق الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وبسقوط الفقرة الثانية منها
وقرارى وزير المالية رقمى 255 لسنة 1993 ، 123 لسنة 1994 أثناء نظر الطعن أمام
محكمة النقض . أثره . وجوب
إعمال أثره . علة ذلك .
( 5 – 13 ) دستور . ضرائب
" فرض الضريبة : الضريبة العامة على المبيعات " . قانون " تفسيره :
التفسير القضائى " " سريان القانون من حيث الزمان " " إصدار
القانون : التفويض التشريعى " . حكم " ما يُعيب تسبيبه " .
(5) لا ضريبة بغير قانون . م 119/1 من
الدستور .
(6) إيراد القانون ألفاظ وعبارات لتحديد المقصود منها . دلالته .
(7) السلع المستوردة في صورة آلات أو معدات . مناط خضوعها لضريبة المبيعات .
استيرادها بقصد الاتجار . علة ذلك .
(8) الآلات
والمعدات أو أجزائها المستوردة بقصد الاتجار . الأصل فيه . اعتبارها من السلع
الخاضعة لضريبة المبيعات . استخدامها في تشغيل مصنع أو توسيع مشروعات إنتاجية بما
يحقق ميزة تنافسية . مؤداه . عدم اعتبارها سلعاً خاضعة للضريبة . علة ذلك .
(9) إضافة المشرع بق 9 لسنة 2005 م 23
مكرراً لق 11 لسنة 1991 وصدور قرارى وزير المالية رقمى 295 ، 296 لسنة 2005 . مفاده . استحداثه
مبدأ إخضاع الآلات والمعدات المستوردة اللازمة لإنتاج سلعة للضريبة العامة على
المبيعات . أثره . سريانه من اليوم التالى لتاريخ نشرهما .
(10) تلمس القاضى الحكم الواجب التطبيق . وسيلته . نصوص التشريع . تخلف ذلك . أثره .
له الأخذ بالاجتهاد . سبيله . تقصى روح النص بالكشف عن حقيقة مفهومه ودلالته
بالرجوع إلى طرق الدلالة المقررة في اللغة . م 2 الدستور و م 1 ق المدنى . علة ذلك
.
(11)
فهم النص القانونى متعدد المعانى . سبيله . الأخذ
بالمعنى المستمد من عباراته وحروفه أو من إشارته أو من دلالته أو من
اقتضائه .
(12)
إشارة النص . ماهيتها . ما لا تدل عليه ألفاظه بذاتها ولكنه يفهم من سياقها . مؤداه . تحميل النص معانى إشارية
. شرطه . أن تكون لازمة لمعنى من معانيه لزوماً لا انفكاك له . علة ذلك . اعتبار
الدال على الملزوم دال على لازمه .
(13)
إخضاع الآلات والمعدات المستوردة بغرض الإنتاج لضريبة المبيعات . سريانه على ما
يستورد منها اعتباراً من 21/4/2005 . مخالفة
الحكم هذا النظر . خطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقرر -
في قضاء محكمة النقض - أن الأصل أن الوزير هو الذي يمثل وزارته والمصالح والإدارات
التابعة لها فيما يرفع منها أو ضدها من دعاوى وطعون إلاّ إذا منح القانون الشخصية
الاعتبارية لأية جهة إدارية منها وأسند صفة النيابة عنها لغير الوزير فتكون له
عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون . لما كان ذلك ، وكان قانون
الضريبة العامة على المبيعات لم يمنح مصلحة الضريبة العامة على المبيعات الشخصية
الاعتبارية المستقلة ، ولم يسلب وزير المالية حق تمثيلها أمام القضاء فإن اختصام
المطعون ضده الثانى في الطعن بصفته الممثل القانونى لهذه المصلحة يكون غير مقبول
لرفعه على غير ذى صفة.
2- المقرر
- في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز للخصوم ، كما يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها
أن يثيروا في الطعن أسباباً جديدة تتعلق بالنظام العام متى كانت واردة على الجزء
المطعون عليه من الحكم .
3 - مفاد نص المادة 49 من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بالقرار بقانون رقم
168 لسنة 1998 – على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أنه يترتب على صدور حكم من
المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم
التالى لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات
الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن
تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على
صدور هذا الحكم باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب
لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أى أثر من تاريخ نفاذه ، ولازم
ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في قانون يترتب عليه عدم جواز تطبيقه من اليوم
التالى لتاريخ نشره ما دام قد أدرك الدعوى قبل الفصل فيها ولو كانت أمام محكمة
النقض ، وهو أمر متعلق بالنظام العام تُعمله محكمة النقض من تلقاء ذاتها .
4 - إذ كانت
المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 175 لسنة 22 ق دستورية بجلسة 5
سبتمبر سنة 2004 المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 38 تابع (أ) في 16 سبتمبر
سنة 2004 بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون
الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وبسقوط الفقرة الثانية منها وكذا قرارى وزير المالية
رقمى 255 لسنة 1993 ، 123 لسنة 1994 الخاصين بتقرير رسوم الخدمات الجمركية محل
النزاع ، وإذ أدرك هذا القضاء الدعوى أثناء نظر الطعن الحالى أمام هذه المحكمة
فإنه يتعين عليها إعماله من تلقاء ذاتها لتعلقه بالنظام العام .
5 - المقرر وفقاً للفقرة الأولى من
المادة 119 من الدستور أن " إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها
لا يكون إلا بقانون . . . " .
6 - متى تضمن القانون ألفاظاً وعبارات
تفصح عن مقصوده بغرض رفع اللبس والغموض فإنه يتعين عند تفسير نصوصه مراعاة التناسق
فيما بينها على نحو يوجب أن لا يفسر نص بمعزل عن آخر .
7 – مفاد النص في المادة الأولى من الباب الأول المتعلق
بالأحكام التمهيدية للقانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة العامة على المبيعات والنص في الفقرة الأولى من المادة
الثانية منه يدل على أن مناط خضوع ما يستورد من سلع صناعية من الخارج في صورة آلات
أو معدات أو أجزاء منها لقانون الضريبة على المبيعات – عدا ما يستثنى منها بنص خاص
- أن تكون بغرض الإتجار ، فإذا ما تغاير الغرض فلا تخضع لهذه الضريبة ، وذلك وفقاً
لظاهر تعريف المشرع لكل من المكلف والمستورد والبيع والسلعة ، وما جاء في مواده من
أحكام تتعلق بكل منها ، وهو ما أكدته أحكام اللائحة التنفيذية وقرارات وزير
المالية الصادرة نفاذاً لأحكام هذا القانون - والتي لا تتغاير أحكامها بالنسبة
للسلع المستوردة في أى من تلك الصور أو المستورد سواء قبل سريان المرحلتين الثانية
والثالثة بالقانون رقم 17 لسنة 2001 أو بعده فقد جاء
بقرار وزير المالية رقم 116 لسنة 1991 - الذي سرت أحكامه في تاريخ نفاذ قانون
الضريبة على المبيعات في الثالث من مايو
سنة 1991 – أنه ضمن المكلفين بالتسجيل وما يتعين اتخاذه من إجراءاته كل مستورد
لسلعة صناعية أو خدمة من الخارج بغرض الإتجار خاضعة للضريبة مهما بلغت قيمة
معاملاته وما عرفته المادة الأولى من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير
المالية رقم 161 لسنة 1991 للبيع الأول للمستورد بأنه " بيع المستورد إلى
آخرين سلعاً مستوردة سبق له سداد ضريبة المبيعات عليها عند الإفراج الجمركي "
وما تناولته المادة الرابعة في البند 2/ب من اللائحة التنفيذية التي أصدرها وزير المالية تحت رقم 749 لسنة 2001 وما جاء بالمادة
الرابعة بند/ 2 منها والتي لا يتصور تطبيق أحكام هذه المادة إلاّ بالنسبة
لسلعة مستوردة بغرض الإتجار ، وهو ما يؤكد أن
السلع التي يستوردها المستورد وتخضع للضريبة العامة على المبيعات والتي قد تكون في
صورة آلات أو معدات أو أجزاء منها يتعين أن تكون بغرض الإتجار . ويتفق كذلك مع ما
جاء بالمادة 13 من هذا القانون في خصوص ما أوجبته من إضافة قيمة الضريبة إلى السلع
المحلية أو المستوردة عند بيعها ، وما قررته المادة 23 منه من أحقية المسجل
المستورد المكلف من خصم ما سبق أن تحمله من ضريبة المبيعات على مدخلاته من الضريبة
المستحقة على قيمة مبيعاته ، والتي أبانتها المادة 17 من اللائحة سالفة الذكر في البند
ثانياً " المدخلات والمشتريات بغرض الإتجار : 1 - ... 2 - ما سبق سداده من
ضريبة على السلع المستوردة . . ." وهو ما لا يتفق على وجه القطع مع استيراد
معدة أو آلة بغير غرض الإتجار وإنما بقصد إنشاء مصنع أو تطويره أو قدرات إنتاجه
ولو أطلقت المصلحة المطعون ضدها عليها مسمى ( سلع رأسمالية ) بغرض إخضاعها لضريبة
المبيعات ، وأوردت الفقرة الرابعة من المادة 25 من اللائحة التنفيذية الصادرة
بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991 ما ينبئ عن خضوعها بما نصت عليه من منح رئيس
المصلحة الإفراج المؤقت عنها وفقاً للشروط والقواعد والضمانات التي يصدر بها قرار
منه - ذلك دون سند من التشريع يظاهره - والذي من شأنه أن يتناقض مع مفهوم هذه
الضريبة باعتبارها ضريبة غير مباشرة على المبيعات يتحمل عبئها النهائي مستهلك
السلعة ، ويغاير بنيان هذه الضريبة من أساسه القائم على أن الواقعة المنشئة لها
إنما تتكرر بتعدد الوقائع التي تنشأ عنها ، ويؤدى إخضاع هذه الآلات والمعدات إلى
عبء تراكمي بعدم السماح بالخصم الفوري والكامل لهذه الضريبة ، وما يتبع ذلك من
آثار ومنها تعذر الاهتداء على وجه عادل لعلاج كيفية خصم الضريبة السابق تحميلها
على هذه الآلات والمعدات من إجمالي الضريبة المستحقة على المبيعات أو إطلاق يد
مصلحة الضرائب على المبيعات في الانفراد بتقديره .
8 – المستقر – في قضاء محكمة النقض
– على أنه وإن كان يمكن قبول وصف السلع على الآلات والمعدات أو أجزائها التي يستوردها
الشخص الطبيعي أو المعنوي بغرض الإتجار إلا أنه لا يمكن القول بإطلاق هذا الوصف
على هذه الآلات والمعدات متى كان الغرض من استيرادها تشغيل مصنع هذا الشخص أو
توسيع مشروعاته الإنتاجية وتطويرها باستخدام الأساليب الحديثة والأخذ بالتطورات التكنولوجية – بما يحقق له
ميزة تنافسية – وفقاً للنشاط المرخص به لمستوردها باعتبار أنها لا تعد وفقاً لهذا
الغرض سلعة بالمفهوم الدقيق الذي عناه المشرع بشأن الضريبة العامة على المبيعات
وأخضعها لها مرتباً على ذلك عدم خضوع الآلات أو المعدات أو أجزائها التي يستوردها
الشخص الطبيعي أو المعنوي لتشغيل مصنعه وفقاً للغرض المرخص له به بقصد إنتاج سلعة
خاضعة لتلك الضريبة .
9 - فطن المشرع اهتداءً بما استقر عليه قضاء محكمة النقض على نحو ما سلف
بيانه من خلو قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم11 لسنة 1991 من نص يخضع
الآلات والمعدات وأجزاءها التي تستخدم في إنتاج سلعة للضريبة وهو ما كان يستتبع
بالضرورة وجوب خضوعها لقواعد الخصم المقررة فيه أسوة بباقي السلع الخاضعة له فقد
استحدث القانون رقم 9 لسنة 2005 المادة 23 مكرراً ليستكمل بها ما اعترى أحكام
المادة 23 من القانون 11 لسنة 1991 من نقص تشريعي يعالج قواعد الخصم واجبة التطبيق
على هذه الآلات والمعدات مع تفويض وزير المالية في وضع قواعد سداد الضريبة تصحيحاً
لما ورد في المادة 25 من اللائحة التنفيذية بهذا الخصوص - دون سند من التشريع يظاهره على نحو ما
سلف بيانه – فنص فيها على أن " للمسجل عند حساب الضريبة أن يخصم من الضريبة
المستحقة عن قيمة مبيعاته من السلع والخدمات ما سبق تحميله من هذه الضريبة على
الآلات والمعدات وأجزائها وقطع الغيار التي تستخدم في إنتاج سلعة أو تأدية خدمة
خاضعة للضريبة . . . ويضع وزير المالية قواعد سداد الضريبة على الآلات والمعدات
" ثم أصدر وزير المالية القرارين رقمي 295 ، 296 لسنة 2005 المنشورين
بالجريدة الرسمية في 20 أبريل سنة 2005 المعمول بهما في اليوم التالي هذا التاريخ
نفاذاً لأحكام هذه المادة مورداً في أولهما قواعد الخصم والإفراج المؤقت وضمانات
سداد الضريبة المستحقة على الآلات والمعدات ومنها المستوردة وإذ جاءت أحكام
المادتين 23 مكرراً من القانون 17 مكرراً من اللائحة التنفيذية المضافة وكذا مواد
قواعد سداد الضريبة على المعدات والآلات المذكورة في القرار الأخير آنف الذكر
قاصرة على تنظيم قواعد الخصم والإفراج المؤقت وضمانات سداد الضريبة على ما سبق تحميله منها على الآلات والمعدات
المحلية والمستوردة وأجزائها وقطع الغيار التي تستخدم في إنتاج سلعة خاضعة للضريبة
ثم بيان قواعد سدادها إلا أنها لم تورد نصاً صريحاً يقطع بخضوع هذه الآلات
والمعدات وأجزائها المستوردة من الخارج لتلك الضريبة .
10 – مفاد
المادة الثانية من الدستور أنه يتعين على القاضي أن يلتمس الحكم الذي يطبق على
النزاع المعروض عليه من نصوص التشريع أولاً ومتى وجد الحكم فيه أو استخلصه منه
تعين أن يمضيه وامتنع عليه الأخذ بأسباب الاجتهاد وإلا كان له أن يتقصى روح النص
بالكشف عن حقيقة مفهومه ودلالته بالرجوع إلى طرق الدلالة المقررة في اللغة وذلك
إسلاساً لتطبيق القواعد التشريعية وتيسيراً للأسباب المؤدية لها .
11 - النص القانوني قد يدل على معانٍ متعددة وفقاً لطرق الدلالة المقررة في
اللغة ذلك أن دلالته ليست قاصرة على ما يفهم من عباراته وحروفه بل قد تكون له
معانٍ تفهم من إشارته ومن دلالته ومن اقتضائه وعلى ذلك فكل ما يفهم من النص من
المعاني بأي طريق من هذه الطرق يكون من مدلولاته ويكون دليلاً وحجة عليه ويجب
العمل به .
12- المراد بما
يفهم من إشارة النص المعنى الذي لا يتبادر فهمه من ألفاظه ولكن يكون لازماً لمعنى
متبادر من ألفاظه وغير مقصود من سياقه أي هو مدلول اللفظ بطريق الإلزام أو يكون
لازماً لمعنى من معانى النص لزوماً لا فكاك له باعتبار أن الدال على الملزوم دال
على لازمه .
13- صياغة الأحكام المستحدثة بالمادة 23 مكرراً بالقانون رقم 9 لسنة 2005
وما تضمنه القراران سالفا الذكر الصادران نفاذاً للتفويض التشريعي الوارد في هذه
المادة من خضوع الآلات والمعدات المستوردة اللازمة لإنتاج سلعة لقواعد خصم ما سبق
تحميله عليها من الضريبة مع بيان قواعد سدادها ليس فيها من الألفاظ ما يدل صراحة
على خضوعها في الأصل للضريبة العامة على المبيعات إلا أن مدلول معانيها بطريق الإلزام
الذي لا انفكاك له يقطع بأن المشرع قد استحدث بذلك النص مبدأ إخضاع هذه الآلات
والمعدات المستوردة واللازمة لإنتاج سلعة للضريبة العامة على المبيعات فتسرى من 21 أبريل سنة 2005 تاريخ نفاذ القرارين الوزاريين رقمي
295 ، 296 لسنة 2005 والذي أرجئ سريان أحكام النص المستحدث على صدورهما ، وإذ جاء
الحكم المطعون فيه مخالفاً لهذا النظر ، وأيد الحكم الابتدائي فيما
انتهى إليه من خضوع السلعة محل النزاع للضريبة العامة على المبيعات التي استوردت
قبل العمل بالقرارين الوزاريين سالفي الذكر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه حجبه عن التحقق من أن الآلات محل النزاع قد استوردت لإنتاج سلعة
خاضعة للضريبة العامة على المبيعات وفقاً للغرض المرخص به وليس بغرض الإتجار
لإعمال حكم القانون على نحو ما سلف بيانه بما يوجب نقضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير
الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث
إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن
الطاعن أقام الدعوى رقم ...... لسنة ....... الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتيهما
بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 22463 جنيه قيمة ضريبة المبيعات المقررة على
ماكينة صنع الرقاق المستوردة ، وأحقيته في استرداد مبلغ 7301,38 جنيه الذي سبق أن
سدده من مجمل هذه الضريبة عند الإفراج عن السلعة ومبلغ 6115,38 جنيه الذي سدده
للمطعون ضده الثاني كرسوم خدمات جمركية مع الفوائد القانونية عن هذين المبلغين
بمقدار 5٪ من تاريخ المطالبة ، وقال بياناً لها إنه حال إفراجه عن هذه الماكينة المستوردة لزوم تشغيل منشأته أخضعتها مصلحة الجمارك
لضريبة المبيعات التي سدد منها دفعة مقدمة وتم تقسيط الباقي ، كما ألزمته المصلحة
المذكورة بدفع مبلغ 38,6115 جنيه كرسوم خدمات جمركية – نظير معاينة وحصر وتصنيف ومراجعة
السلعة المستوردة – ولما كانت هذه الماكينة لا تخضع للضريبة العامة على المبيعات
لكونها سلعة رأسمالية تستخدم في الإنتاج ولم يتم استيرادها بغرض الإتجار ، كما أن مصلحة الجمارك لم تقم بأداء الخدمات التي حصلت
الرسوم من أجلها فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 30 ديسمبر سنة 1997 حكمت المحكمة
برفضها . استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة – مأمورية شمال -
بالاستئناف رقم ..... لسنة ..... ق ، وبتاريخ 14 أبريل سنة 1999 قضت بتأييد الحكم
المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة
دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني لرفعه على غير ذي صفة وأبدت
الرأى – فيما عدا ذلك - بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه ، وإذ عُرض الطعن على
هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها أضاف الحاضر عن الطاعن لأسباب
الطعن سبباً جديداً متعلقاً بالنظام العام حاصله عدم مشروعية تحصيل رسوم الخدمات
الجمركية المنوه عنها بالصحيفة بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم
175 لسنة 22 ق بعدم دستورية المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 التي رخصت
لوزير المالية الحق في فرض هذه الرسوم ، والتزمت النيابة العامة رأيها .
وحيث
إن حاصل الدفع المبدى من النيابة العامة أن وزير المالية هو الذي يمثل مصلحة
الضرائب بما فيها الإدارة العامة للضريبة على المبيعات في التقاضي ، وأن اختصام
رئيس هذه المصلحة في الطعن بالنقض يكون غير مقبول لرفعه على غير ذي صفة .
وحيث
إن هذا الدفع في محله ، ذلك بأن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل أن
الوزير هو الذي يمثل وزارته والمصالح والإدارات التابعة لها فيما يرفع منها أو
ضدها من دعاوى وطعون إلاّ إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لأية جهة إدارية
منها وأسند صفة النيابة عنها لغير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي
يعينها القانون . لما كان ذلك ، وكان قانون الضريبة العامة على المبيعات لم يمنح
مصلحة الضريبة العامة على المبيعات الشخصية الاعتبارية المستقلة ، ولم يسلب وزير
المالية حق تمثيلها أمام القضاء فإن اختصام المطعون ضده الثاني في الطعن بصفته
الممثل القانوني لهذه المصلحة يكون غير مقبول لرفعه على غير ذي صفة دون حاجة لذكره
بالمنطوق .
وحيث إن الطعن
بالنسبة للمطعون ضده الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً .
وحيث إن
الطاعن ينعى بالسبب الرابع من الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ
في تطبيقه ، ذلك بأنه ألزمه بدفع رسوم الخدمات الجمركية الخاصة بمعاينة وحصر
وتصنيف ومراجعة البضائع المستوردة المقررة لمصلحة الجمارك عملاً بحكم المادة 111
من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 ، وقراري وزير المالية رقمي 255 لسنة 1993 و123
لسنة 1994 رغم عدم قيام مصلحة الجمارك بأداء أي من هذه الخدمات ، هذا إلى أن
المادة 111 من القانون رقم 66 لسنة 1963 قد قضى بعدم دستوريتها بالحكم الصادر في الطعن
رقم 175 لسنة 22 ق دستورية المنشورة في الجريدة الرسمية بالعدد 38 بتاريخ 16
سبتمبر سنة 2004 ، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا
النعي في محله ، ذلك بأن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز للخصوم ، كما
يجوز لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها أن يثيروا في الطعن أسباباً جديدة تتعلق بالنظام
العام متى كانت واردة على الجزء المطعون عليه من الحكم . لما كان ذلك ، وكان مفاد
نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
المعدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998 – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه
يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم
جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية ، وهذا
الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع
والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم
باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر
من تاريخ نفاذه ، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في قانون يترتب عليه
عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره ما دام قد أدرك الدعوى قبل الفصل
فيها ولو كانت أمام محكمة النقض ، وهو أمر متعلق
بالنظام العام تُعمله محكمة النقض من تلقاء ذاتها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة
الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 175 لسنة 22 ق دستورية بجلسة 5 سبتمبر سنة
2004 المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 38 تابع (أ) في 16 سبتمبر سنة 2004
بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66
لسنة 1963 وبسقوط الفقرة الثانية منها وكذا قراري وزير المالية رقمي 255 لسنة 1993
، 123 لسنة 1994 الخاصين بتقرير رسوم الخدمات الجمركية محل النزاع ، وإذ أدرك هذا
القضاء الدعوى أثناء نظر الطعن الحالي أمام هذه المحكمة فإنه يتعين عليها إعماله
من تلقاء ذاتها لتعلقه بالنظام العام . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد
بالحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية مصلحة الجمارك في تحصيل رسوم الخدمات الجمركية
المقررة بالمادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقراري وزير المالية رقمي
255 لسنة 1993 و123 لسنة 1994 الذي قضى بعدم دستوريتها على النحو السالف بيانه
فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يوجب نقضه .
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب من الأول إلى
الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه أيد الحكم المستأنف في قضائه برفض الدعوى في شقه
الخاص ببراءة الذمة واسترداد ما سبق سداده من ضريبة المبيعات تأسيساً على أن هذه
الضريبة تستحق بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين وفقاً
لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1991 ، وهى تستحق بالنسبة للسلع المستوردة في مرحلة
الإفراج عنها من الجمارك بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة الجمركية في حين أن تدخل
المشرع لتعريف المكلف بأداء هذه الضريبة على النحو المبين بالفقرة الخامسة من
المادة الأولى من هذا القانون مؤداه أن مناط فرض ضريبة المبيعات على السلع
المستوردة هي أن يكون بقصد الإتجار ، أماّ السلع الرأسمالية التي تستورد بغرض
إنشاء مصنع أو تحسين خطوط الإنتاج في المشروعات القائمة فإنها لا تخضع لهذه
الضريبة مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في أساسه
سديد ، ذلك بأن المقرر وفقاً للفقرة الأولى من المادة 119 من الدستور أن "
إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون ...... " وأنه
متى تضمن القانون ألفاظاً وعبارات تفصح عن مقصوده بغرض رفع اللبس والغموض فإنه
يتعين عند تفسير نصوصه مراعاة التناسق فيما بينها على نحو يوجب أن لا يفسر نص
بمعزل عن آخر ، والنص في المادة الأولى من الباب الأول المتعلق بالأحكام التمهيدية
للقانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة العامة على المبيعات على أنه " يقصد
في تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات الآتية ، التعريفات الموضحة قرين
كل منها ..... المكلف : الشخص الطبيعي أو المعنوي المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة
للمصلحة سواء كان منتجاً صناعياً ..... وكذلك كل مستورد لسلعة ...... بغرض الإتجار
مهما كان حجم معاملاته ، السلعة : كل منتج صناعي سواء كان محلياً أو مستوّرداً .... ،..... البيع : هو انتقال ملكية السلعة أو أداء الخدمة من البائع ،
ولو كان مستورداً إلى المشترى ..... ، ...... المستورد : كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم باستيراد
سلع صناعية أو خدمات من الخارج خاضعة للضريبة بغرض الإتجار " ، والنص في الفقرة الأولى من
المادة الثانية منه على أن " تفرض الضريبة العامة على المبيعات على السلع المصنعة المحلية
والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص " يدل على أن مناط خضوع ما يستورد من سلع صناعية من الخارج في صورة آلات أو معدات
أو أجزاء منها لقانون الضريبة على المبيعات - عدا ما يستثنى منها بنص خاص - أن
تكون بغرض الإتجار ، فإذا ما تغاير الغرض فلا تخضع لهذه الضريبة ، وذلك وفقاً لظاهر تعريف المشرع لكل من المكلف والمستورد
والبيع والسلعة ، وما جاء في مواده من أحكام تتعلق بكل منها ، وهو ما أكدته أحكام
اللائحة التنفيذية وقرارات وزير المالية الصادرة نفاذاً لأحكام هذا القانون والتي لا
تتغاير أحكامها بالنسبة للسلع المستوردة في أي من تلك الصور أو المستورد سواء قبل
سريان المرحلتين الثانية والثالثة بالقانون رقم 17 لسنة 2001 أو بعده فقد جاء
بقرار وزير المالية رقم 116 لسنة 1991 - الذي سرت
أحكامه في تاريخ نفاذ قانون الضريبة على المبيعات في الثالث من مايو سنة
1991 – أنه ضمن المكلفين بالتسجيل وما يتعين اتخاذه من إجراءاته كل مستورد لسلعة صناعية أو خدمة من الخارج بغرض الإتجار
خاضعة للضريبة مهما بلغت قيمة معاملاته وما عرفته المادة الأولى من اللائحة
التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991 للبيع الأول للمستورد
بأنه " بيع المستورد إلى آخرين سلعاً مستوردة سبق له سداد ضريبة المبيعات
عليها عند الإفراج الجمركي " وما تناولته المادة الرابعة في البند 2/ب من
اللائحة التنفيذية التي أصدرها وزير المالية تحت رقم 749 لسنة 2001 وما جاء
بالمادة الرابعة بند/ 2 منها على أنه " مع عدم الإخلال بأحكام الخصم المنصوص
عليها في المادة (23) من القانون تستحق الضريبة على مبيعات المكلفين بتحقق إحدى
الوقائع الآتية : أ - بيع السلعة المصنعة المحلية أو المستوردة في السوق المحلى ..... " والتي لا يتصور تطبيق أحكام هذه المادة
إلاّ بالنسبة لسلعة مستوردة بغرض الإتجار ، وهو ما يؤكد أن السلع التي يستوردها
المستورد وتخضع للضريبة العامة على المبيعات والتي قد تكون في صورة آلات أو معدات
أو أجزاء منها يتعين أن تكون بغرض الإتجار . ويتفق كذلك مع ما جاء بالمادة 13 من
هذا القانون في خصوص ما أوجبته من إضافة قيمة الضريبة إلى السلع المحلية أو
المستوردة عند بيعها ، وما قررته المادة
23 منه من أحقية المسجل المستورد المكلف من خصم ما سبق أن تحمله من ضريبة المبيعات
على مدخلاته من الضريبة المستحقة على قيمة مبيعاته ، والتي أبانتها المادة 17 من
اللائحة سالفة الذكر في البند ثانياً " المدخلات والمشتريات بغرض الإتجار: 1
- .... 2 - ما سبق سداده من ضريبة على السلع المستوردة ..." وهو ما لا يتفق
على وجه القطع مع استيراد معدة أو آلة بغير غرض الإتجار وإنما بقصد إنشاء
مصنع أو تطويره أو زيادة قدرات إنتاجه ولو أطلقت المصلحة المطعون ضدها عليها مسمى
(سلع رأسمالية) بغرض إخضاعها لضريبة المبيعات ، وأوردت الفقرة الرابعة من المادة
25 من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991 ما ينبئ عن
خضوعها بما نصت عليه من منح رئيس المصلحة الإفراج المؤقت عنها وفقاً للشروط
والقواعد والضمانات التي يصدر بها قرار منه - ذلك دون سند من التشريع يظاهره -
والذي من شأنه أن يتناقض مع مفهوم هذه الضريبة
باعتبارها ضريبة غير مباشرة على المبيعات يتحمل عبئها النهائي مستهلك
السلعة ، ويغاير بنيان هذه الضريبة من أساسه القائم على أن الواقعة المنشئة لها إنما تتكرر بتعدد الوقائع التي تنشأ عنها ،
ويؤدى إلى إخضاع هذه الآلات والمعدات إلى عبء تراكمي بعدم السماح بالخصم الفوري
والكامل لهذه الضريبة ، وما يتبع ذلك من آثار ومنها تعذر الاهتداء على وجه عادل
لعلاج كيفية خصم الضريبة السابق تحميلها على هذه الآلات والمعدات من إجمالي
الضريبة المستحقة على المبيعات أو إطلاق يد مصلحة الضرائب على المبيعات في الانفراد
بتقديره وهو ما كان من أثره أن استقر قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كان يمكن قبول
وصف السلع على الآلات والمعدات أو أجزائها التي يستوردها الشخص الطبيعي أو المعنوي
بغرض الإتجار إلا أنه لا يمكن القول بإطلاق هذا الوصف على هذه الآلات والمعدات متى
كان الغرض من استيرادها تشغيل مصنع هذا الشخص أو توسيع مشروعاته الإنتاجية
وتطويرها باستخدام الأساليب الحديثة والأخذ بالتطورات التكنولوجية – بما يحقق له
ميزة تنافسية – وفقاً للنشاط المرخص به لمستوردها باعتبار أنها لا تعد وفقاً لهذا
الغرض سلعة بالمفهوم الدقيق الذي عناه المشرع بشأن الضريبة العامة على المبيعات
وأخضعها لها مرتبا على ذلك عدم خضوع الآلات أو المعدات أو أجزائها التي يستوردها
الشخص الطبيعي أو المعنوي لتشغيل مصنعه وفقاً للغرض المرخص له به بقصد إنتاج سلعة
خاضعة لتلك الضريبة ، وإذ فطن المشرع اهتداءً بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة على
نحو ما سلف بيانه من خلو قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم11 لسنة 1991 من نص
يخضع الآلات والمعدات وأجزاءها التي تستخدم في إنتاج سلعة للضريبة وهو ما كان
يستتبع بالضرورة وجوب خضوعها لقواعد الخصم المقررة فيه أسوة بباقي السلع الخاضعة
له فقد استحدث القانون رقم 9 لسنة 2005 المادة 23 مكرراً ليستكمل بها مع ما اعترى
أحكام المادة 23 من القانون 11 لسنة 1991 من نقص تشريعي يعالج قواعد الخصم واجبة
التطبيق على هذه الآلات والمعدات مع تفويض وزير المالية في وضع قواعد سداد الضريبة
تصحيحاً لما ورد في المادة 25 من اللائحة التنفيذية بهذا الخصوص - دون سند من
التشريع يظاهره على نحو ما سلف بيانه – فنص فيها على أن " للمسجل عند حساب
الضريبة أن يخصم من الضريبة المستحقة عن قيمة مبيعاته من السلع والخدمات ما سبق
تحميله من هذه الضريبة على الآلات والمعدات وأجزائها وقطع الغيار التي تستخدم في إنتاج سلعة أو تأدية خدمة خاضعة
للضريبة ... ويضع وزير المالية قواعد سداد الضريبة على الآلات والمعدات " ثم
أصدر وزير المالية القرارين رقمي 295 ، 296 لسنة 2005 المنشورين بالجريدة الرسمية
في 20 أبريل سنة 2005 المعمول بهما في اليوم التالي لهذا التاريخ نفاذاً لأحكام
هذه المادة مورداً في أولهما قواعد الخصم والإفراج المؤقت وضمانات سداد الضريبة
المستحقة على الآلات والمعدات ومنها المستوردة وإذ جاءت أحكام المادتين 23 مكرراً
من القانون ، 17 مكرراً من اللائحة التنفيذية المضافة وكذا مواد قواعد سداد الضريبة
على المعدات والآلات المذكورة في القرار الأخير آنف الذكر قاصرة على تنظيم قواعد
الخصم والإفراج المؤقت وضمانات سداد الضريبة على ما سبق تحميله منها على الآلات
والمعدات المحلية والمستوردة وأجزائها وقطع الغيار التي تستخدم في إنتاج سلعة
خاضعة للضريبة ثم بيان قواعد سدادها إلا أنها لم تورد نصاً صريحاً يقطع
بخضوع هذه الآلات والمعدات وأجزائها المستوردة من الخارج لتلك الضريبة . لما كان
ذلك ، وكانت المادة الثانية من الدستور تنص على أن " الإسلام دين الدولة ،
واللغة العربية لغتها الرسمية . ." وفى الفقرة الأولى من المادة الأولى من
القانون المدني على أن " تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها
هذه النصوص في لفظها أو في فحواها " مفاده أنه يتعين على القاضي أن يلتمس
الحكم الذي يطبق على النزاع المعروض عليه من نصوص التشريع أولاً ومتى وجد الحكم
فيه أو استخلص منه تعين أن يمضيه وامتنع عليه الأخذ بأسباب الاجتهاد وإلا كان له
أن يتقصى روح النص بالكشف عن حقيقة مفهومه ودلالته بالرجوع إلى طرق الدلالة
المقررة في اللغة وذلك إسلاساً لتطبيق القواعد التشريعية وتيسيراً للأسباب المؤدية
لها ، وكان النص القانوني قد يدل على معانٍ متعددة وفقاً لطرق الدلالة المقررة في اللغة
ذلك أن دلالته ليست قاصرة على ما يفهم من عباراته وحروفه بل قد تكون له معانٍ تفهم
من إشارته ومن دلالته ومن اقتضائه وعلى ذلك فكل ما يفهم من النص من المعاني بأي
طريق من هذه الطرق يكون من مدلولاته ويكون دليلاً وحجة عليه ويجب العمل به ، على
أن المراد بما يفهم من إشارة النص المعنى الذي لا يتبادر فهمه من ألفاظه ولكن يكون
لازماً لمعنى متبادر من ألفاظه وغير مقصود من سياقه أي هو مدلول اللفظ
بطريق الإلزام أو يكون لازماً لمعنى من معانى النص لزوماً لا فكاك له باعتبار أن
الدال على الملزوم دال على لازمه ، وكانت صياغة الأحكام المستحدثة بالمادة 23
مكرراً بالقانون رقم 9 لسنة 2005 وما تضمنه القراران سالفا الذكر الصادران نفاذاً
للتفويض التشريعي الوارد في هذه المادة من خضوع الآلات والمعدات المستوردة اللازمة
لإنتاج سلعة لقواعد خصم ما سبق تحميله عليها من الضريبة مع بيان قواعد سدادها ليس
فيها من الألفاظ ما يدل صراحة على خضوعها في الأصل للضريبة العامة على المبيعات
إلا أن مدلول معانيها بطريق الإلزام الذي لا انفكاك له يقطع بأن المشرع قد استحدث
بذلك النص مبدأ إخضاع هذه الآلات والمعدات المستوردة واللازمة لإنتاج سلعة للضريبة
العامة على المبيعات فتسرى من 21 أبريل سنة 2005 تاريخ نفاذ القرارين الوزاريين
رقمي 295 ، 296 لسنة 2005 والذي أرجئ سريان أحكام النص المستحدث على صدورهما .
وإذ جاء الحكم المطعون فيه مخالفاً لهذا
النظر ، وأيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من خضوع السلعة محل النزاع للضريبة
العامة على المبيعات التي استوردت قبل العمل بالقرارين الوزاريين سالفي الذكر فإنه
يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه حجبه عن التحقق من أن الآلات محل
النزاع قد استوردت لإنتاج سلعة خاضعة للضريبة العامة على المبيعات وفقاً للغرض
المرخص به وليس بغرض الإتجار لإعمال حكم القانون على نحو ما سلف بيانه بما يوجب
نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه بالنسبة
لرسوم الخدمات الجمركية ، ولما تقدم ، فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف في
هذا الخصوص والقضاء مجدداً بأحقية الطاعن في استرداد مبلغ 6115,38 جنيه الذي سبق
أن سدده للمطعون ضده مقابل رسوم الخدمات الجمركية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ