الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 يناير 2017

الطعن 37030 لسنة 72 ق جلسة 21 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 9 ص 60

جلسة 21 من يناير سنة 2010 
برئاسة السيد المستشار/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان, أحمد عبد القوي أحمد ومصطفى الصادق نواب رئيس المحكمة وجمال حليس.
--------------
(9)
الطعن 37030 لسنة 72 ق
(1)  رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الوساطة في الرشوة المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟ 
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على الوساطة في جريمة الرشوة.
(2)  إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات. أمر الدفاع. متروك للمحامي يتصرف فيه بما يرضي ضميره وما تهديه خبرته القانونية. 
مثال.
(3)  اختصاص "الاختصاص الولائي" "اختصاص القضاء العسكري". قانون "تفسيره". قرارات وزارية. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". قضاء عسكري. محكمة عادية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة. مفادها؟ 
قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بشأن تنظيم القضاء العسكري. مؤداه؟ 
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. شرطه؟ 
التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية. أثره: وجوب تطبيق النص الأول باعتباره أصلاً للائحة. 
خروج قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 عن حدود التفويض المرسوم له في القانون. أثره: عدم سلبه اختصاصات النيابة العامة أو المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام أو بقانون خاص. حد وأساس ذلك؟ 
التشريع. لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أو أعلى منه أو مساو له. شرط ذلك؟ 
دفع الطاعن القانوني بصدور قانون يستثني أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام. غير مقبول. علة ذلك؟
(4)  دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(5) قانون "تفسيره". دفوع "الدفع بعدم الدستورية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية".
نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية. مفاده؟ 
اطراح المحكمة الدفع بعدم الدستورية استثناء لعدم جديته لأسباب سائغة. النعي عليه بشأن ذلك. غير صحيح.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً. 
نعي الطاعن بإعراض المحكمة عن مستنداته التي قدمها دون إفصاحه عن ماهيتها ووجه استدلاله بها. غير مقبول. علة ذلك؟
-------------
1 - من المقرر أن جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى ولأدلة الثبوت أن المتهم الثالث - الطاعن الأول - والمتهم الرابع - مستخدم المتهم الثاني - سعيا لدى موظف عمومي هو المتهم الأول - الطاعن الثاني - واتفقا معه على أن يرفع اسم المتهم الثاني من قوائم الممنوعين من السفر في مقابل رشوة يحصل عليها مقدارها خمسين ألف جنيه نصفها معجل والآخر مؤجل إلى ما بعد عودة المتهم الثاني من سفره وأن يحصل الطاعن الأول في مقابل سعيه هذا على ثلاثة آلاف جنيه من المتهم الرابع وخمسة آلاف جنيه من الطاعن الثاني وإن جريمة الرشوة وقعت نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك يتحقق به العناصر القانونية لجريمة الوساطة في الرشوة ودور الطاعن الأول فيها ويكون منعاه على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن القانون قد أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحامي "...." الموكل الذي حضر مع الطاعن الأول قد حضر إجراءات المحاكمة من أولها إلى نهايتها وترافع في موضوع الدعوى وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بمحضر جلسة .... فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره هذا الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول.
3 - لما كانت المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة تنص على أنه "يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم، وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة" فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص - أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب وليس أدل على ذلك من النص على أن توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عليه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وجنود الدرجة الأولى وكذلك الفقرة 11 من المادة 96 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين ولا يقدح في ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه "...... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي ...." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968 بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذه المادة والتي جاء بها "احتفظت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الوارد في المادة 1 من القانون رقم 61 لسنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية، فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليست جهازاً عسكرياً إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة مدنية نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته" وإذن فمتى كان ذلك وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون وإذ كان قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بتاريخ 24 من أبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكري متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية" اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 لسنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون، فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقا بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضارب بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة، كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثني بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص. وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد يكون غير مقبول بل يعد منه دفعاً قانونياً ظاهر البطلان.
4 - لما كان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم .... لسنة ..... مركزية تأسيساً على اختلاف موضوعها عن موضوع وقائع الدعوى الراهنة باعتبار أن الواقعة التي تمت محاكمة الطاعن الثاني عنها في تلك الدعوى هي مخالفة أوامر وتعليمات الضبط والربط العسكري في شأن استخدامه لجهاز غير خاص به في حين أن موضوع الاتهام المسند إليه في الدعوى الراهنة - محل الطعن - هو الارتشاء وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع ذلك الطاعن في هذا الشأن.
5 - لما كان مفاد الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي وردت عليه بأسباب سائغة تتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون غير سديد.
6- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها ولم تعرض لها المحكمة ووجه استدلاله بها حتى يتبين مدى أهميتها في الدعوى فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- ... (طاعن) 2- ... 3- ... (طاعن) 4- ... بأنهم: أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً. "أمين شرطة ثاني بقسم التحديث الآلي بإدارة القوائم بمصلحة الجوازات والهجرة الجنسية" طلب وأخذ لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثاني بواسطة المتهمين الثالث والرابع مبلغ خمسين ألف جنيه أخذ منه مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل قيامه برفع اسم المتهم الثاني المدرج على قوائم الممنوعين من السفر من الحاسب الآلي المعد لذلك.
ثانياً: المتهم الثاني: قدم رشوة لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم للمتهم الأول مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه مقابل قيامه برفع اسمه المدرج على قوائم الممنوعين من السفر من الحاسب الآلي المعد لذلك.
ثالثاً: المتهمين الثالث والرابع: توسطا في جريمة الرشوة موضوع التهمة الواردة بالبند أولاً.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثالث والرابع وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 104، 107 مكرراً، 110 من قانون العقوبات مع إعمال أحكام المادة 17 من القانون ذاته: أولاً: بمعاقبة كل من .... الأول و... الثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريم كل منهما مبلغ خمسة آلاف جنيه ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط.
ثانياً: بمعاقبة ... الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه.
ثالثاً: ببراءة ... الرابع مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثالث في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان ثانيهما بجريمة طلب وأخذ رشوة وأولهما بجريمة الوساطة فيها، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه خلا من بيان دور الطاعن الأول - المتهم الثالث - في الواقعة والذي لم يحظ بدفاع جدي يتحقق به غرض الشارع من إيجاب حضور محام مع كل متهم بجناية، وردت المحكمة برد غير سائغ على دفوع الطاعن الثاني - المتهم الأول - بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص بنظرها للقضاء العسكري باعتباره أحد أفراد هيئة الشرطة، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبعدم دستورية نص المادة 107 من قانون العقوبات، ولم تعرض للمستندات المقدمة منه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهمين الأول - الطاعن الثاني - والرابع وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى ولأدلة الثبوت أن المتهم الثالث - الطاعن الأول - والمتهم الرابع - مستخدم المتهم الثاني - سعياً لدى موظف عمومي هو المتهم الأول - الطاعن الثاني - واتفقا معه على أن يرفع اسم المتهم الثاني من قوائم الممنوعين من السفر في مقابل رشوة يحصل عليها مقدارها خمسين ألف جنيه نصفها معجل والآخر مؤجل إلى ما بعد عودة المتهم الثاني من سفره وأن يحصل الطاعن الأول في مقابل سعيه هذا على ثلاثة آلاف جنيه من المتهم الرابع وخمسة آلاف جنيه من الطاعن الثاني وإن جريمة الرشوة وقعت نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك يتحقق به العناصر القانونية لجريمة الوساطة في الرشوة ودور الطاعن الأول فيها ويكون منعاه على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحامي "...." الموكل الذي حضر مع الطاعن الأول قد حضر إجراءات المحاكمة من أولها إلى نهايتها وترافع في موضوع الدعوى وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بمحضر جلسة ... فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره هذا الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة تنص على أنه "يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم، وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة" فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص - أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب وليس أدل على ذلك من النص على أن توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عليه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وجنود الدرجة الأولى وكذلك الفقرة 11 من المادة 96 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين ولا يقدح في ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه "..... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي ...." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968* بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا المادة والتي جاء بها "احتفظت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الوارد في المادة 1 من القانون رقم 61 لسنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية، فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليست جهازاً عسكرياً إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة مدنية نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته" وإذن فمتى كان ذلك وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون وإذ كان قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بتاريخ 24 من أبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكرية متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية" اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 لسنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون، فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقاً بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضارب بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثني بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص. وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد يكون غير مقبول بل يعد منه دفعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم ...... مركزية تأسيساً على اختلاف موضوعها عن موضوع وقائع الدعوى الراهنة باعتبار أن الواقعة التي تمت محاكمة الطاعن الثاني عنها في تلك الدعوى هي مخالفة أوامر وتعليمات الضبط والربط العسكري في شأن استخدامه لجهاز غير خاص به في حين أن موضوع الاتهام المسند إليه في الدعوى الراهنة - محل الطعن - هو الارتشاء وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع ذلك الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان مفاد الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي وردت عليه بأسباب سائغة تتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها ولم تعرض لها المحكمة ووجه استدلاله بها حتى يتبين مدى أهميتها في الدعوى فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1352 لسنة 78 ق جلسة 17 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 7 ص 45

جلسة 17 من يناير سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي وحسين الصعيدي نائبي رئيس المحكمة وحسين حجازي وخالد صالح.
---------------
(7)
الطعن 1352 لسنة 78 ق
(1)  إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الأحكام في المواد الجنائية. تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة. 
للدفاع إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق. طالما أن باب المرافعة لا زال مفتوحاً. 
طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً إجراء تحقيق معين. يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه بأسباب سائغة. متى كانت لم تنته إلى البراءة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(2)  دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. جوهري. وجوب تعرض محكمة الموضوع له إيرادا وردا. ما دام الدفاع قد تمسك به. إغفال الحكم المطعون فيه ذلك. قصور. أثره؟
(3)  ظروف مخففة. عقوبة "تقديرها" "العقوبة المبررة". محكمة الموضوع "سطتها في تقدير العقوبة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إنزال محكمة الموضوع حكم المادة 17 عقوبات دون الإشارة إليها. لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود المرسومة قانوناً وأن تقدير العقوبة من إطلاقاتها دون التزامها ببيان علة ذلك.
(4) غرامة. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "سلطتها".
إدانة الحكم المطعون فيه المطعون ضده عن جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها وإغفاله الحكم عليه بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. مخالفة للقانون. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. ما دامت قد قضت بنقضه. علة ذلك؟
-------------
1 - من المقرر أن الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً إجراء تحقيق معين يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى البراءة. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة ... أن الحاضر مع المتهم طلب أجلا لمناقشة اللجنة واضعة التقرير فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة .... لمناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير وعلى النيابة إعلان خبراء اللجنة الثلاثية بها، وبتلك الجلسة لم يحضر الشهود وتمسك الحاضر عن المتهم بمناقشة واضع التقرير في شأن سنده في القول أن المتهم قد استحصل من العملاء على المبالغ المزعوم إسناد الاستيلاء عليها إليه وتواريخ هذا الاستحصال وسنده ودليله وانتهى في مرافعته أنه يطلب أصلياً البراءة واحتياطياً يصمم على طلبه، إلا أن المحكمة أغفلته ولم تستجب إليه وقضت في الدعوى بحكمها المطعون فيه دون أن تعرض له إيراداً ورداً. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه في ختام مرافعته بطلب مناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير يعد في صورة هذه الدعوى. طلباً جوهرياً يتعلق بصحة إجراءات المحاكمة. فقد كان لزاماً على المحكمة أن تجيبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى اطراحه، أما وهي لم تفعل فقد بات حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
(2) لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع المتهم دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق التنازل عنها ولعدم وجود ضرر على المدعي المدني والالتزام المكتوب بعدم مطالبته بتعويضات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وتقسطه حقه إيراداً له ورداً عليه ما دام الدفاع قد تمسك به، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع ولم يقل كلمته فيه رغم إثارته أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون معيباً بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة في الدعويين الجنائية والمدنية، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
3 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى معاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ وقدره 2668310 جنيه "ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وعشرة مليماً" وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ وقدره 501 جنيه "خمسمائة وواحد جنيه" على سبيل التعويض المدني المؤقت، وذلك عن الجرائم المسندة إليه. الاستيلاء المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة. وهي المنصوص عليها في المواد 113/ 1-2، 118، 118 مكرراً، 119 مكرراً/ أ، 214 مكرراً من قانون العقوبات مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المطعون ضده بالسجن المؤبد أو المشدد. إلا أنه لما كان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله.
4 - لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه: "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة, 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وأغفل الحكم عليه بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين تصحيحه، إلا أنه لما كان ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون الموجب للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أغفله من عقوبة الغرامة إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عاماً "......." استولى بغير حق على المبلغ النقدي البالغ قدره (32064100 جنيه) اثنان وثلاثون ألفاً وأربعة وستون جنيهاً ومائة مليم والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات لإحدى الشركات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب واستعمالها فيما زورت من أجله ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في إيصالات 24 ح بإضافة مبالغ بالزيادة وسدادها في فيشات العملاء وبالسداد بالتكرار الوهمي بأن أثبت بحسابات العملاء السداد على خلاف الحقيقة واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن أودعها جهة عمله كدليل على السداد الصحيح فتمكن بذلك من الاستيلاء على هذا المبلغ لنفسه.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليه ..... مدنياً قبله بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمواد 113 /1-2، 118، 118 مكرراً، 119 /2، 119 مكرراً/أ، 214 مكرراً من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ قدره 26683 جنيه ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بطلب مناقشة أعضاء اللجنة واضعة التقرير الأخير في الدعوى والذي اعتمدت عليه المحكمة في الإدانة لاستجلاء ظروف استيلاء الطاعن على أموال من العملاء وسندهم في القول بارتكابه جرائم التزوير والاستعمال وكيفية ارتكابها والدليل على ذلك إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه رغم جوهريته ولم ترد عليه بما يدفعه، كما التفت الحكم إيراداً ورداً عن دفعه بعدم قبول الدعوى المدنية لسابقة التنازل عنها وعدم وجود ضرر بدلالة الإقرار الصادر من المدعي بالحقوق المدنية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً إجراء تحقيق معين يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى البراءة. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة .... أن الحاضر مع المتهم طلب أجلا لمناقشة اللجنة واضعة التقرير فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة ..... لمناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير وعلى النيابة إعلان خبراء اللجنة الثلاثية بها وبتلك الجلسة لم يحضر الشهود وتمسك الحاضر عن المتهم بمناقشة واضع التقرير في شأن سنده في القول أن المتهم قد استحصل من العملاء على المبالغ المزعوم إسناد الاستيلاء عليها إليه وتواريخ هذا الاستحصال وسنده ودليله وانتهى في مرافعته أنه يطلب أصلياً البراءة واحتياطياً يصمم على طلبه، إلا أن المحكمة أغفلته ولم تستجب إليه وقضت في الدعوى بحكمها المطعون فيه دون أن تعرض له إيراداً ورداً. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه في ختام مرافعته بطلب مناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير يعد في صورة هذه الدعوى. طلباً جوهرياً يتعلق بصحة إجراءات المحاكمة. فقد كان لزاماً على المحكمة أن تجيبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى اطراحه، أما وهي لم تفعل فقد بات حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع. ومن ناحية أخرى فإنه لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع المتهم دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق التنازل عنها ولعدم وجود ضرر على المدعي المدني والالتزام المكتوب بعدم مطالبته بتعويضات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وتقسطه حقه إيراداً له ورداً عليه ما دام الدفاع قد تمسك به، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع ولم يقل كلمته فيه رغم إثارته أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون معيباً بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة في الدعويين الجنائية والمدنية، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:-
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها وقضى بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ وقدره 2668310 جنيه "ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وعشرة مليماً" وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه نزل بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحد الأدنى المقرر لها وكان يتعين توقيع عقوبة السجن المؤبد أو المشدد سيما وأنه لم يستعمل الرأفة طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، كما أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى معاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ وقدره 2668310 جنيه "ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وعشرة مليماً" وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ وقدره 501 جنيه "خمسمائة وواحد جنيه" على سبيل التعويض المدني المؤقت، وذلك عن الجرائم المسندة إليه. الاستيلاء المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة. وهي المنصوص عليها في المواد 113/1-2، 118، 118 مكرراً، 119 مكرراً/أ، 214 مكرراً من قانون العقوبات مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المطعون ضده بالسجن المؤبد أو المشدد إلا أنه لما كان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله. وحيث إن المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه: "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وأغفل الحكم عليه بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين تصحيحه، إلا أنه لما كان ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون الموجب للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أغفله من عقوبة الغرامة إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن.

الطعن 18086 لسنة 73 ق جلسة 17 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 6 ص 40

جلسة 17 من يناير سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي عبد العظيم, وسعيد فنجري, وصفوت أحمد عبد الحميد, ومجدي تركي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(6)
الطعن 18086 لسنة 73 ق
(1)  نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك؟
(2)  اختصاص "الاختصاص المحلي". قتل عمد. جريمة "أركانها". دفوع "الدفع ببطلان التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أثر الطعن".
الأماكن الموجبة لاختصاص المحكمة بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة 217 إجراءات. قسائم متساوية. 
مكان وقوع جريمة القتل العمد. ماهيته؟ 
تحديد مكان ارتكاب الجريمة. العبرة فيه؟ 
مكان إخفاء جثة المجني عليه. ليس من ضمن الركن المادي للجريمة ولا يحدد مكان ارتكابها. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر في اطراحه الدفع ببطلان تحقيقات النيابة لعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى. فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون. أثره: وجوب نقضه والإعادة لجميع الطاعنين بمن فيهم الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً. علة ذلك؟
-----------
1 - لما كان الطاعن الأول .... الشهير ...... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يُقدم أسباباً لطعنه، فيكون الطعن المُقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بُنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية، لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر، ولا يغني عنه.
2 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات نيابة مركز .... لعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع الحاضر مع المتهمين الثاني والثالثة ببطلان تحقيقات النيابة العامة استناداً إلى أن الواقعة حدثت بقرية ... مركز ... التي يقيم بها المتهمين، إلا أن التحقيقات تمت في نيابة مركز ...، وهي غير مختصة طبقاً لنص المادة 217 إجراءات جنائية، فهذا الدفع مردود بما هو ثابت من الأوراق من أن مكان اكتشاف الجريمة كان بزمام قرية .... مركز .....، الأمر الذي تكون معه نيابة مركز ..... مختصة بتحقيق الواقعة باعتبار أن أحد الأفعال الداخلة في ارتكاب الجريمة وهو التخلص من جثة المجني عليه كانت بدائرة مركز ....، واكتشاف الجثة بذات المكان الذي ألقاها به المتهمان الأول والثاني مما يعد من الجرائم المتتابعة، والذي يُعتبر مكاناً للجريمة كل محل يقع فيه أحد الأفعال الداخلة فيها عملاً بالمادة 218 إجراءات جنائية ويكون هذا الدفع في غير محله خليقاً برفضه". لما كان ذلك، وكانت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه"، وهذه الأماكن قسائم متساوية في إيجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاضل بينها، ويعتبر مكان وقوع جريمة القتل العمد هو المكان الذي تحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والعبرة في تحديد مكان ارتكاب الجريمة هي بعناصر الركن المادي، دون ما يسبقها من نشاط لا يدخل في كيان هذا الركن، أو ما يلحق بها من آثار لا تدخل في هذا الكيان، ولذا فإن المكان الذي ارتكبت فيه الأعمال التحضيرية للجريمة والمكان الذي أخفيت فيه آثار الجريمة – كمكان إخفاء جثة القتيل – لا يحددان مكان الجريمة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة وإن سلمت بأن الطاعنين يقيمان بدائرة مركز .... وارتكبا الجريمة بها في لحظة وقتية واحدة، بمكان واحد بتلك الدائرة، إلا أنها انتهت أن نيابة مركز .... هي المختصة بمباشرة التحقيقات بالدعوى استناداً إلى أن إخفاء جثة المجني عليه تم بها واعتبرته جزءً من النشاط الإجرامي للجريمة موضوع التداعي وأنها تعد جريمة متتابعة الأفعال. لما كان ذلك، وكان مكان إخفاء جثة المجني عليه – على النحو السالف – ليس من ضمن الركن المادي للجريمة ولا يحدد مكان ارتكابها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان تحقيقات نيابة مركز .... لعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى بما يخالف هذا النظر فإنه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق هذا الدفع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة وذلك بالنسبة لجميع الطاعنين بما فيهم الأول الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: قتلوا ...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعد المتهمان الأول والثاني لذلك آلة صلبة راضة "ماسورة حديدية" وحبل وكمن له المتهم الأول خارج باب الشقة محل الواقعة والتي أيقن تواجده بها وعند محاولته الخروج عاجله بضربة على رأسه بالماسورة الحديدية فسقط مغشياً عليه فقام المتهمون بسحبه إلى داخل إحدى غرف الشقة وقام المتهمان الأول والثاني بخنقه بالحبل بعد أن وضعا قطعة من القماش في فمه لمنعه من الاستغاثة حال قيام المتهمة الثالثة بمراقبة المكان لهما قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ثانياً: المتهم الأول: أحرز آلة صلبة راضة "ماسورة حديدية" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 25 مكرراً/1، 30 /1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم "11" من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 مع إعمال المادتين 17، 32/2 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة لما نسب إليهما. ثانياً: بمعاقبة المتهمة الثالثة بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لما نسب إليها. ثالثاً: بمصادرة الأدوات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن الطاعن الأول ..... الشهير ...... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية، لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر، ولا يغني عنه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عنهما دفع ببطلان تحقيقات نيابة مركز ... لعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى لأن الجريمة لم تقع بدائرتها، ولا إقامة للطاعنين فيها، ولم يقبض عليهما بها بيد أن الحكم اطرح هذا الدفع بما لا يسوغ اطراحه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المُبدى من الطاعنين ببطلان تحقيقات نيابة مركز ... لعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع الحاضر مع المتهمين الثاني والثالثة ببطلان تحقيقات النيابة العامة استناداً إلى أن الواقعة حدثت بقرية ..... مركز ... التي يقيم بها المتهمين، إلا أن التحقيقات تمت في نيابة مركز ...، وهي غير مختصة طبقاً لنص المادة 217 إجراءات جنائية، فهذا الدفع مردود بما هو ثابت من الأوراق من أن مكان اكتشاف الجريمة كان بزمام قرية ..... مركز .....، الأمر الذي تكون معه نيابة مركز ..... مختصة بتحقيق الواقعة باعتبار أن أحد الأفعال الداخلة في ارتكاب الجريمة وهو التخلص من جثة المجني عليه كانت بدائرة مركز ....، واكتشاف الجثة بذات المكان الذي ألقاها به المتهمان الأول والثاني مما يعد من الجرائم المتتابعة، والذي يُعتبر مكاناً للجريمة كل محل يقع فيه أحد الأفعال الداخلة فيها عملاً بالمادة 218 إجراءات جنائية ويكون هذا الدفع في غير محله خليقاً برفضه". لما كان ذلك، وكانت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه"، وهذه الأماكن قسائم متساوية في إيجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاضل بينها، ويعتبر مكان وقوع جريمة القتل العمد هو المكان الذي تحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والعبرة في تحديد مكان ارتكاب الجريمة هي بعناصر الركن المادي، دون ما يسبقها من نشاط لا يدخل في كيان هذا الركن، أو ما يلحق بها من آثار لا تدخل في هذا الكيان، ولذا فإن المكان الذي ارتكبت فيه الأعمال التحضيرية للجريمة والمكان الذي أخفيت فيه آثار الجريمة - كمكان إخفاء جثة القتيل - لا يحددان مكان الجريمة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة وإن سلمت بأن الطاعنين يقيمان بدائرة مركز .... وارتكبا الجريمة بها في لحظة وقتية واحدة، بمكان واحد بتلك الدائرة، إلا أنها انتهت أن نيابة مركز .... هي المختصة بمباشرة التحقيقات بالدعوى استناداً إلى أن إخفاء جثة المجني عليه تم بها واعتبرته جزء من النشاط الإجرامي للجريمة موضوع التداعي وأنها تعد جريمة متتابعة الأفعال. لما كان ذلك، وكان مكان إخفاء جثة المجني عليه - على النحو السالف - ليس من ضمن الركن المادي للجريمة ولا يحدد مكان ارتكابها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان تحقيقات نيابة مركز .... لعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى بما يخالف هذا النظر فإنه يكون قد شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق هذا الدفع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة وذلك بالنسبة لجميع الطاعنين بما فيهم الأول الذي قُضي بعدم قبول طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

الطعن 33478 لسنة 72 ق جلسة 17 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 5 ص 35

جلسة 17 من يناير سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي وحسين الصعيدي وعادل الحناوي وهاني عبد الجابر نواب رئيس المحكمة.
---------------
(5)
الطعن 33478 لسنة 72 ق
(1)  حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره".
عدم حضور أحد قضاة الهيئة التي سمعت المرافعة تلاوة الحكم المطعون فيه. لا يعيبه. ما دامت تلك الهيئة هي التي سمعت المرافعة منذ بدايتها وحتى نهايتها وأصدرت الحكم ووقعت على قائمته ومنطوقه.
(2)  إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات في المواد الجنائية والبحث في صحة ادعاء المتهم بأن اعترافه كان وليد إكراه. ما دام سائغاً. 
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض. 
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاعتراف.
(3)  دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع القبض بناء على الإذن رداً عليه.
(4) إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان القبض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييب رد الحكم بإدانته على دفعه ببطلان القبض. ما دام لم يعول على دليل مستمد منه ولا يلتزم بالرد عليه استقلالاً. 
استناد الحكم لتحريات الضابط مجري القبض والسابقة عليه كقرينة معززة لما ساقته من أدلة. لا يعيبه. ما دامت قد اطمأنت إليها.
(5)  قانون "تطبيقه" "القانون الأصلح".
صدور القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية. أصلح للمتهم. علة وأساس وأثر ذلك؟
--------------
1 - لما كان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الهيئة التي سمعت المرافعة منذ بدايتها وحتى نهايتها والمشكلة برئاسة المستشار .... وعضوية المستشارين .... و.... هي التي أصدرت الحكم ووقعت على قائمته ومنطوقه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً بمنأى عن البطلان ولا يعيبه من بعد أن أحد قضاة الهيئة التي سمعت المرافعة لم يحضر تلاوته.
2 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى سلامته ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة لما وقر في يقين المحكمة من أن الطاعن لم يتعرض لأي نوع من الإكراه مادياً كان أو أدبياً على نحو ما أثاره في دفاعه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى للدفع ببطلان القبض على الطاعن لكونه سابقاً على صدور الإذن به من النيابة العامة واطرحه على سند من القول باطمئنان المحكمة إلى أن القبض على الطاعن كان لاحقاً على إذن النيابة وتنفيذاً له وإلى عدم الاعتداد بدفاع الطاعن وما ساقه تدليلاً على صحة هذا الدفع، وهو ما يكفي رداً عليه ويسوغ به اطراحه.
4 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على دليل مستمد من هذا القبض المدعى ببطلانه، فلا مصلحة للطاعن في تعييب رد الحكم على هذا الدفع لأنه لم يكن ملزماً بالرد عليه استقلالاً، ولا يعيب الحكم من بعد استناده في الإدانة إلى أقوال الضابط الذي أجرى هذا القبض لأن ما نقله الحكم عن هذه الأقوال لا تعدو تحريات مستقلة عن هذا القبض وسابقة عليه من حق المحكمة أن تأخذ بها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ما دامت قد اطمأنت إليها.
5 - لما كان قد صدر بعد الحكم المطعون فيه القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أن تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي آخر ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة وبالسجن المشدد إذا كانت مؤقتة، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بجعل العقوبة المقضي بها السجن المؤبد.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل المجني عليه ..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم وبيت النية على ذلك وأعد لذلك "منجل حديد" وتربص له بحقله وما أن ظفر به بمفرده حتى انهال عليه ضرباً بالمنجل في رأسه ثم قام بذبحه من رقبته قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه ...... "بصفته" مدنياً قبله بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
----------------
المحكمة
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن عضو اليمين بالدائرة التي سمعت المرافعة لم يكن عضواً في الدائرة التي أصدرت الحكم ودون أن يوقع بالمخالفة لنص المادة 170 من قانون المرافعات، وعول الحكم على الاعتراف المعزو إليه رغم تمسكه بأن هذا الاعتراف وليد إكراه وقع عليه واطرح الحكم دفاعه في هذا الشأن مما لا يصلح ودون تحقيقه، كما اطرح الدفع ببطلان القبض عليه قبل صدور إذن النيابة العامة رغم تقديمه برقيتين دالتين على صحة هذا الدفع وعول على أقوال الضابط الذي قام بإجرائه رغم بطلان هذا الإجراء، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي لما رتبه عليها، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الهيئة التي سمعت المرافعة منذ بدايتها وحتى نهايتها والمشكلة برئاسة المستشار ..... وعضوية المستشارين ..... و..... هي التي أصدرت الحكم ووقعت على قائمته ومنطوقه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً بمنأى عن البطلان، ولا يعيبه من بعد أن أحد قضاة الهيئة التي سمعت المرافعة لم يحضر تلاوته. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المواد الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى سلامته ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة لما وقر في يقين المحكمة من أن الطاعن لم يتعرض لأي نوع من الإكراه مادياً كان أو أدبياً على نحو ما أثاره في دفاعه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للدفع ببطلان القبض على الطاعن لكونه سابقاً على صدور الإذن به من النيابة العامة واطرحه على سند من القول باطمئنان المحكمة إلى أن القبض على الطاعن كان لاحقاً على إذن النيابة وتنفيذاً له وإلى عدم الاعتداد بدفاع الطاعن وما ساقه تدليلاً على صحة هذا الدفع، وهو ما يكفي رداً عليه ويسوغ به اطراحه، هذا فضلاً عن أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على دليل مستمد من هذا القبض المدعي ببطلانه، فلا مصلحة للطاعن في تعييب رد الحكم على هذا الدفع لأنه لم يكن ملزماً بالرد عليه استقلالاً، ولا يعيب الحكم من بعد استناده في الإدانة إلى أقوال الضابط الذي أجرى هذا القبض لأن ما نقله الحكم عن هذه الأقوال لا تعدو تحريات مستقلة عن هذا القبض وسابقة عليه من حق المحكمة أن تأخذ بها كقرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى ما دامت قد اطمأنت إليها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان قد صدر بعد الحكم المطعون فيه القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أن تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي آخر ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة وبالسجن المشدد إذا كانت مؤقتة، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بجعل العقوبة المقضي بها السجن المؤبد ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

الطعن 11838 لسنة 60 ق جلسة 13 / 4 / 1997 مكتب فني 44 هيئة عامة ص 5

جلسة 13 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض محمد إبراهيم جادو ونجاح سليمان نصار ومحمد نبيل رياض ومحمد حسين لبيب ومحمد أحمد حسن وناجى إسحق نقديموس ومحمد يحيى رشدان ود/ عادل قورة ومقبل شاكر محمد كامل شاكر نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

---------------

(هيئة عامة)
الطعن رقم 11838 لسنة 60 قضائية

(1) إيجار أماكن. مقدم إيجار. محكمة دستورية. حكم "حجيته". قانون "بطلانه".
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا قبل الكافة والملزمة لجميع سلطات الدولة. مقصورة على تلك الصادرة بعدم دستورية النص التشريعي أو بدستوريته. أساس ذلك؟
الأصل في النصوص التشريعية. هو حملها على قرينة الدستورية. إبطالها لا يكون إلا بقضاء من المحكمة الدستورية العليا. مؤدى ذلك؟

(2)
محكمة دستورية. قانون "تفسيره". محكمة النقض "سلطتها".
اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية. لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير تلك النصوص وتطبيقها على الواقعة المعروضة. ما دام لم يصدر تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية طبقاً للأوضاع المقررة في قانونها.
التفسيرات والتقريرات القانونية التي ترد في مدونات حكم المحكمة الدستورية العليا. لا تقيد محكمة النقض أو غيرها من أعمال اختصاصها في تفسير هذه النصوص. ما دام لم ينته الحكم إلى دستورية أو عدم دستورية النصوص المطعون عليها.
محكمة النقض. لا تعلوها محكمة. ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما وظيفتها: توحيد تفسير القوانين وسلامة تطبيقها واستقرار المبادئ القانونية
.
(3)
 قانون "قانون أصلح" "تطبيقه" "سريانه من حيث الزمان".

قاعدة شرعية الجريمة والعقاب. مقتضاها؟.
أعمال الأثر الرجعي للقانون الأصلح للمتهم. رهن بأن يكون القانون الجديد قد ألغى القانون السابق صراحة أو ضمناً
.
(4)
قانون "إلغاؤه".
إلغاء النص التشريعي. غير جائز. إلا بتشريع لاحق له. أعلى منه. أو مساو له. حالات إلغاء النص التشريعي؟.
(5)
إيجار أماكن. مقدم إيجار. قانون "تفسيره" "تطبيقه".
الأماكن الخالية وقت نفاذ القانون 4 لسنة 1996 أو التي تخلو بعد نفاذه. خضوعها لأحكام القانون المدني. أساس ومؤدى ذلك؟.
الجرائم التي وقعت في ظل العمل بأحكام القانونين 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981. استمرار خضوعها لأحكامها رغم صدور القانون 4 لسنة 1996. علة ذلك؟
.
 (6)
إيجار أماكن. مقدم إيجار. حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقضه أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب إيراد الأدلة التي يستند إليها الحكم وبيان مؤداها.
تعويل الحكم في القضاء بالإدانة على عقد الإيجار الصادر من الطاعن للمجني عليه. دون بيان مضمونه. قصور.

---------------
1 - إن الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها جميع سلطات الدولة هي - فحسب - للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس، ذلك أن علة عينية الدعوى الدستورية، والحجية المطلقة للحكم الصادر في موضوعها، والتزام الجميع به، لا تتحقق إلا في هذا النطاق باعتبار أن قوامه مقابلة النصوص التشريعية المدعي مخالفتها للدستور بالقيود التي فرضها لضمان النزول إليها، والكشف عن مدى دستورية النصوص التشريعية، سواء بتقرير سلامتها من جميع العيوب الشكلية والموضوعية الدستورية فلا يكون لأحد من بعد أن يدعي خلاف ما قررته، أو ببطلانها فلا يجوز من بعد تطبيقها. وإذ اقتصر حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" المشار إليه على القضاء بعدم قبول الدعوى، دون أن يفصل في موضوعها بدستورية أو بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادتين 6 و23 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وكان الأصل في النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية، فإبطالها لا يكون إلا بقضاء من المحكمة الدستورية العليا إذا ما قام الدليل لديها، ولازم ذلك أن النصوص التشريعية التي لا تبطلها المحكمة الدستورية العليا لا يجوز بحال وقف سريانها.
2 - إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانونها وجرى عليه قضاؤها - لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية صدر طبقاً للأوضاع المقررة في قانونها بشأن طلبات التفسير. ولا يغير من ذلك أن تكون - التفسيرات والتقريرات القانونية قد وردت في مدونات حكم المحكمة الدستورية العليا ما دام أن الحكم لم ينته إلى دستورية أو عدم دستورية النصوص المطعون عليها. ومن ثم لا يقيد هذه المحكمة أو غيرها ما ورد في مدونات حكم المحكمة الدستورية المشار إليه من تقريرات قانونية بشأن تفسير الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات وانطباقها على الأفعال المؤثمة بمقتضى نصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981، ويكون الاختصاص للهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض في تفسير هذه النصوص وتطبيقها على الوجه الصحيح، وذلك بعد أن أحالت إليها إحدى دوائر المحكمة الطعن الماثل - طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972 - كي تؤدي محكمة النقض بهذا وظيفتها في توحيد تفسير القوانين وسلامة تطبيقها، واستقرار المبادئ القانونية بما يكفل تقارباً في الحلول القضائية التي تخلص إليها محاكم الموضوع، ويحقق اجتماعها على قواعد واحدة. وتلك هي وظيفة المحكمة التي اقتضت ألا توجد في الدولة إلا محكمة نقض واحدة، على قمة النظام القضائي، فلا تعلوها محكمة، ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما.
3 - لما كان مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم ما لم يصدر تشريع لاحق أصلح للمتهم، وكان مناط أعمال الأثر الرجعى للقانون الجنائي - بحسبانه أصلح للمتهم - أن يكون القانون الجديد قد ألغى القانون السابق صراحة أو ضمناً، باعتبار أن هذه القاعدة تتصل بفض التنازع بين القوانين من حيث الزمان، فلا مجال لإعمالها إلا إذا ألغى تشريعاً آخر.
4 - من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.
5 - لما كان نص المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996، المشار إليه، على أن "لا تسري أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلها على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها ولا على الأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده لأي سبب من الأسباب دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقاً للقانون" ونص المادة الثانية منه على أن "تطبق أحكام القانون المدني في شأن تأجير الأماكن المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون خالية أو مفروشة أو في شأن استغلالها أو التصرف فيها" تدلان - في صريح لفظهما وواضح دلالتهما - على أن المشرع حدد نطاق تطبيق القانون رقم 4 لسنة 1996، وقصر استبعاد سريان القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده، بما مفاده أنه استثنى الأماكن الخالية من المستأجر وقت نفاذه أو التي تخلو بعد نفاذه من تطبيق أحكام قانوني إيجار الأماكن المشار إليهما وأخضع العلاقات الإيجارية الجديدة وعقود الاستغلال التي تتم بشأنها بعد نفاذه لأحكام القانون المدني، ولازم ذلك أن أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 تظل سارية بجميع نصوصها، المدنية والجنائية، على العلاقات الإيجارية القائمة والتي أبرمت في ظل هذين القانونين قبل العمل بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1996، ومن بينها النصوص التي أثمت تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانوناً، ذلك أن القانون الأخير، إذ يؤكد استمرار سريان أحكام القانونين المذكورين على تلك العلاقات الإيجارية، لم يتضمن نصاً بإلغاء أي من نصوص التجريم فيهما أو يعدل في أحكامها. ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1996 بإلغاء كل نص من أي قانون آخر يتعارض مع أحكامه إذ أن أحكامه لا تنطبق إلا على عقود إيجار الأماكن الخالية أو التي تخلو بعد نفاذه، وهى التي أخضعها دون غيرها لأحكام القانون المدني وحده، فألغى تطبيق أي قانون آخر في شأنها، ومن ثم فإن الجرائم التي وقعت طبقاً لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 تظل قائمة، خاضعة لأحكامهما، حتى بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والعمل بأحكامه، ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعى لتخلف مناط أعمال هذا الأثر على ما سلف بيانه.
6 - من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة، وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً، فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول - ضمن ما عول عليه - في إدانة الطاعن على عقد الإيجار الصادر منه للمجني عليه دون أن يبين مضمونه وما به من بيانات والتزامات، فإن استناد الحكم إلى العقد على هذا النحو لا يكفى في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذي استنبطت منه معتقدها في الدعوى، مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تقاضى من المستأجر المبلغ المبين بالمحضر خارج نطاق عقد الإيجار كمقدم إيجار. وطلبت عقابه بالمادتين 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالمادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والمادة 336 من قانون العقوبات. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما نسب إليه. استأنفت النيابة العامة ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 9360 جنيهاً وأداء مثله لصندوق الإسكان بمحافظة الجيزة وألزمته برد مبلغ 4680 جنيهاً للمجني عليه.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
وبجلستي.....، ..... نظرت المحكمة الطعن (منعقدة في هيئة غرفة المشورة) وقررت التأجيل لجلسة...... وفيها أحالته للهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه.


الهيئة

من حيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قضى بمعاقبة الطاعن بغرامة قدرها 9360 جنيهاً وأداء مثلها لصندوق الإسكان بمحافظة الجيزة وإلزامه برد مبلغ 4680 جنيهاً للمجني عليه، وذلك عن جريمة تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانوناً. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وإذ رأت الدائرة الجنائية التي نظرت الطعن العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته أحكام سابقة وهو اعتبار القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها أصلح للمتهم بارتكاب جريمة تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانوناً المنصوص عليها في المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والمادة 6 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
ومن حيث إن مبنى الأحكام السابقة المراد العدول عن المبدأ القانوني الذي قررته هو أن القانون رقم 4 لسنة 1996 المشار إليه إذ أخرج عقود تأجير الأماكن واستغلالها والتصرف فيها من نطاق تطبيق أحكام قوانين إيجار الأماكن المشار إليها، وأخضعها لأحكام القانون المدني يكون قد أسقط صفة التجريم عن الأفعال التي جرمتها قوانين الإيجار السالف ذكرها - ومنها الجريمة محل الطعن - وأن القول بغير ذلك يؤدي إلى تعطيل تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات الخاصة بتطبيق القانون الأصلح للمتهم، وتأباه مقتضيات العدالة إذ يظل مداناً من ارتكب الفعل في حين أن من يرتكبه في ظل القانون رقم 4 لسنة 1996 يكون بمنأى عن العقاب.
ومن حيث إنه بتاريخ 22 من فبراير سنة 1997 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" بعدم قبول الدعوى، المقامة للحكم بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه والمادتين 6 و23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه، تأسيساً على انتفاء المصلحة في الدعوى، لما كان ذلك، وكانت الحجية المطلقة قبل الكافة للأحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية والتي تلتزم بها جميع سلطات الدولة هي - فحسب - للأحكام التي انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه أو إلى دستوريته ورفض الدعوى على هذا الأساس، ذلك أن علة عينية الدعوى الدستورية، والحجية المطلقة للحكم الصادر في موضوعها، والتزام الجميع به، لا تتحقق إلا في هذا النطاق باعتبار أن قوامه مقابلة النصوص التشريعية المدعي مخالفتها للدستور بالقيود التي فرضها لضمان النزول إليها، والكشف عن مدى دستورية النصوص التشريعية، سواء بتقرير سلامتها من جميع العيوب الشكلية والموضوعية الدستورية فلا يكون لأحد من بعد أن يدعي خلاف ما قررته، أو ببطلانها فلا يجوز من بعد تطبيقها، وإذ اقتصر حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 48 لسنة 17 قضائية "دستورية" المشار إليه على القضاء بعدم قبول الدعوى، دون أن يفصل في موضوعها بدستورية أو بعدم دستورية المادتين 26 و77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادتين 6 و23 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وكان الأصل في النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية، فإبطالها لا يكون إلا بقضاء من المحكمة الدستورية العليا إذا ما قام الدليل لديها، ولازم ذلك أن النصوص التشريعية التي لا تبطلها المحكمة الدستورية العليا لا يجوز بحال وقف سريانها. لما كان ذلك، وكان اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانونها وجرى عليه قضاؤها - لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير القوانين وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها ما دام لم يصدر بشأن النص المطروح أمامها تفسير ملزم من السلطة التشريعية أو من المحكمة الدستورية صدر طبقاً للأوضاع المقررة في قانونها بشأن طلبات التفسير. ولا يغير من ذلك أن تكون - التفسيرات والتقريرات القانونية قد وردت في مدونات حكم المحكمة الدستورية العليا ما دام أن الحكم لم ينته إلى دستورية أو عدم دستورية النصوص المطعون عليها. ومن ثم لا يقيد هذه المحكمة أو غيرها ما ورد في مدونات حكم المحكمة الدستورية المشار إليه من تقريرات قانونية بشأن تفسير الفقرة الثانية من الخامسة من قانون العقوبات وانطباقها على الأفعال المؤثمة بمقتضى نصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981، ويكون الاختصاص للهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض في تفسير هذه النصوص وتطبيقها على الوجه الصحيح، وذلك بعد أن أحالت إليها إحدى دوائر المحكمة الطعن الماثل - طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1972 - كي تؤدي محكمة النقض بهذا وظيفتها في توحيد تفسير القوانين وسلامة تطبيقها، واستقرار المبادئ القانونية بما يكفل تقارباً في الحلول القضائية التي تخلص إليها محاكم الموضوع، ويحقق اجتماعها على قواعد واحدة. وتلك هي وظيفة المحكمة التي اقتضت ألا توجد في الدولة إلا محكمة نقض واحدة، على قمة النظام القضائي، فلا تعلوها محكمة، ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما.
ومن حيث إنه لما كان مقتضى قاعدة شرعية الجريمة والعقاب أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظلة من جرائم ما لم يصدر تشريع لاحق أصلح للمتهم، وكان مناط إعمال الأثر الرجعي للقانون الجنائي - بحسبانه أصلح للمتهم - أن يكون القانون الجديد قد ألغى القانون السابق صراحة أو ضمناً، باعتبار أن هذه القاعدة تتصل بفض التنازع بين القوانين من حيث الزمان، فلا مجال لإعمالها إلا إذا ألغى تشريع تشريعاً آخر. وكان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نصوص تشريعي إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996، المشار إليه، على أنه "لا تسري أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلها على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها ولا على الأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده لأي سبب من الأسباب دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقاً للقانون" ونص المادة الثانية منه على أن "تطبق أحكام القانون المدني في شأن تأجير الأماكن المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون خالية أو مفروشة أو في شأن استغلالها أو التصرف فيها" تدلان - في صريح لفظهما وواضح دلالتهما - على أن المشرع حدد نطاق تطبيق القانون رقم 4 لسنة 1996، وقصر استبعاد سريان القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها والأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده، بما مفاده أنه استثنى الأماكن الخالية من المستأجر وقت نفاذه أو التي تخلو بعد نفاذه من تطبيق أحكام قانوني إيجار الأماكن المشار إليهما وأخضع العلاقات الإيجارية الجديدة وعقود الاستغلال التي تتم بشأنها بعد نفاذه لأحكام القانون المدني، ولازم ذلك أن أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 تظل سارية بجميع نصوصها، المدنية والجنائية، على العلاقات الإيجارية القائمة والتي أبرمت في ظل هذين القانونين قبل العمل بأحكام القانون رقم 4 لسنة 1996، ومن بينها النصوص التي أثمت تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانوناً، ذلك أن القانون الأخير، إذ يؤكد استمرار سريان أحكام القانونين المذكورين على تلك العلاقات الإيجارية، لم يتضمن نصاً بإلغاء أي من نصوص التجريم فيهما أو يعدل في أحكامها. ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1996 بإلغاء كل نص من أي قانون آخر يتعارض مع أحكامه إذ أن أحكامه لا تنطبق إلا على عقود إيجار الأماكن الخالية أو التي تخلو بعد نفاذه، وهى التي أخضعها دون غيرها لأحكام القانون المدني وحده، فألغى تطبيق أي قانون آخر في شأنها، ومن ثم فإن الجرائم التي وقعت طبقاً لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 تظل قائمة، خاضعة لأحكامها، حتى بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والعمل بأحكامه، ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي لتخلف مناط إعمال هذا الأثر على ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وإزاء صراحة نص القانون رقم 4 لسنة 1996 في وجوب سريان أحكام قانوني إيجار الأماكن رقمي 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 على العلاقات الإيجارية السابقة على نفاذه، فإن سائر الاعتبارات الأخرى، وإن صلحت كي يستهدى بها المشرع عند النظر في ملاءمة إلغاء بعض نصوص التجريم في القانونين المشار إليهما، إلا أنها لا تصلح سنداً لتأويل النصوص مع صراحتها.
ومن حيث إنه لما تقدم، فإن الهيئة العامة تنتهي بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية إلى العدول عن الأحكام التي صدرت على خلاف النظر المتقدم.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانوناً قد شابه قصور في التسبيب ذلك أنه لم يورد مضمون الأدلة التي استند إليها في إدانته مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة، وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً، فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول - ضمن ما عول عليه - في إدانة الطاعن على عقد الإيجار الصادر منه للمجني عليه دون أن يبين مضمونه وما به من بيانات والتزامات، فإن استناد الحكم إلى العقد على هذا النحو لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذي استنبطت منه معتقدها في الدعوى، مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور. لما كان ما تقدم، فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الثلاثاء، 17 يناير 2017

الطعن 1387 لسنة 73 ق جلسة 11 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 3 ص 26

جلسة 11 من يناير سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن هيكل, رفعت حنا, مهاد خليفة نواب رئيس المحكمة وأيمن الصاوي.
--------------
(3)
الطعن 1387 لسنة 73 ق
(1)  مواد مخدرة . إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد أسماء عملاء الطاعن وأماكن اتجاره في المواد المخدرة وبيانات السيارة المستخدمة في ذلك وكنه المادة المخدرة في محضر الاستدلالات. لا يقدح في جدية التحريات. 
مثال لتسبيب سائغ لإطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
(2)  تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "إذن التفتيش. بياناته".
عدم اشتراط القانون عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش. استعمال عبارة إن صحت. تنصرف إلى نتيجة التفتيش الاحتمالية. علة ذلك؟
(3)  إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن. موضوعي. حسب المحكمة اطراحه بما تطمئن إليه من الأدلة السائغة التي توردها.
(4)  إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي دون الإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها صراحة في زمان الضبط ومكانه. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي بينتها. دلالته: اطراحها.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع باستحالة حدوث الواقعة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع باستحالة حدوث الواقعة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد عليه ضمناً من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم. 
الجدل الموضوعي في صورة الواقعة. غير جائز لدى محكمة النقض.
(6)  إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير مقبول. 
مثال.
-------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بياناً كافياً ودلل عليها بما ينتجها من وجوه الأدلة عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات منعدمة واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وهو - من بعد - يكفي رداً على هذا الدفع، وكان مجرد عدم إيراد أسماء عملاء الطاعن وأماكن اتجاره في المواد المخدرة وبيانات السيارة المستخدمة في ذلك وكنه المادة المخدرة في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
2 - من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش، فلا يؤثر في سلامته أن يستعمل عبارة "إن صحت" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن عدم اطمئنان النيابة العامة للتحريات، وهو معنى لم تسايره فيه المحكمة، هذا فضلاً عن أن تلك العبارة في سياقها الذي وردت فيه - على ما أورده الطاعن من بيانات إذن التفتيش بمذكرة أسباب الطعن - لا تنصرف إلى ما أراده الطاعن لها، وإنما تنصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - لما كان الحكم قد تصدى للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن ورفضه بما أفصح عنه من اطمئنانه إلى ما ثبت من أوراق الدعوى من أن وقائع الضبط والتفتيش قد تمت بعد صدور الإذن بهما، وهو من الحكم رد سائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفض هذا الدفع الذي يعد دفاعاً موضوعياً حسب المحكمة في إطراحه أن تطمئن إلى الأدلة السائغة التي أوردتها.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات في زمان الضبط ومكانه وتعرض عن قالة شهود النفي في هذا الخصوص، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن الدفع باستحالة حدوث الواقعة وفق ما صوره الضابط من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في صورة الواقعة حسبما اطمأنت إليها المحكمة، وهو ما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض.
6 - لما كان ما أثاره الطاعن من أن المحكمة لم تجر تحقيقا للوقوف على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى فمردود بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق في هذا الخصوص, فإنه لا يكون له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه:
1- أحرز بقصد الاتجار "جوهر الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
2- أحرز بقصد الاتجار "جوهر الأفيون المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
3- حاز بقصد الاتجار "نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبنود أرقام 9، 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحقين بالقانون الأول والمستبدل أولهما وثانيهما بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المضبوطات. باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
--------------
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهري الأفيون والحشيش المخدرين وبجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد بما لا يصلح رداً على دفعي الطاعن ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات منعدمة، وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما على النحو الوارد بأقوال الطاعن وأقوال شاهدي النفي، كما اطرح دفاع الطاعن باستحالة حدوث الواقعة وفق ما جاء بتصوير ضابطها بما لا يسوغ اطراحه، ولم تجر المحكمة تحقيقاً تستجلي به الحقيقة في هذا الخصوص. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بياناً كافياً ودلل عليها بما ينتجها من وجوه الأدلة عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات منعدمة واطرحه بأسباب قوامها أن المحكمة اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وهو – من بعد – يكفي رداً على هذا الدفع، وكان مجرد عدم إيراد أسماء عملاء الطاعن وأماكن اتجاره في المواد المخدرة وبيانات السيارة المستخدمة في ذلك وكنه المادة المخدرة في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات. ولما كان القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش، فلا يؤثر في سلامته أن يستعمل عبارة "إن صحت" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن عدم اطمئنان النيابة العامة للتحريات، وهو معنى لم تسايره فيه المحكمة، هذا فضلاً عن أن تلك العبارة في سياقها الذي وردت فيه – على ما أورده الطاعن من بيانات إذن التفتيش بمذكرة أسباب الطعن – لا تنصرف إلى ما إرادة الطاعن لها، وإنما تنصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم. ومن ثم فإن النعي علي الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. كما تصدى الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن ورفضه بما أفصح عنه من اطمئنانه إلى ما ثبت من أوراق الدعوى من أن وقائع الضبط والتفتيش قد تمت بعد صدور الإذن بهما، وهو من الحكم رد سائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفض هذا الدفع الذي يعد دفاعاً موضوعياً حسب المحكمة في اطراحه أن تطمئن إلى الأدلة السائغة التي أوردتها. كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات في زمان الضبط ومكانه وتعرض عن قالة شهود النفي في هذا الخصوص، دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها اطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها، ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع باستحالة حدوث الواقعة وفق ما صوره الضابط من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن مجرد جدل موضوعي في صورة الواقعة حسبما اطمأنت إليها المحكمة، وهو ما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض. وأما ما أثاره الطاعن من أن المحكمة لم تجر تحقيقاً للوقوف على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى فمردود بأن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق في هذا الخصوص، فإنه لا يكون له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 824 لسنة 73 ق جلسة 10 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 2 ص 23

جلسة 10 من يناير سنة 2010
برئاسة السيد القاضي/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مجدي أبو العلا, أحمد عمر محمدين, عابد راشد نواب رئيس المحكمة وخالد حسن.
------------
(2)
الطعن 824 لسنة 73 ق
قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن" "التفتيش بقصد التوقي". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم "تنفيذه" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تعويل الحكم المطعون فيه في رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش وبطلان التفتيش الوقائي على وجود حكم قضائي صادر ضد الطاعن دون بيان ماهيته إذا كان حضورياً أو غيابياً صادراً بالغرامة أو مقيداً للحرية ومدى نهائيته للوقوف على قابليته للتنفيذ تبريراً للقبض عليه وما تبعه من تفتيش وقائي. قصور. أساس وأثر ذلك؟
-------------
لما كان الحكم المطعون فيه قد حَصَّل واقعة الدعوى في قوله: "إنه أثناء تنفيذ الملازم أول .... معاون مباحث قسم ... لحكم قضائي صادر ضد المتهم حيث توجه إلى مسكنه فأبصره واقفاً أمام العقار سكنه وتبدو عليه علامات الارتباك الشديد وبضبطه وبتفتيشه وقائياً عثر بجيب بنطاله الأيمن على لفافة ورقية بفضها تبيَّن أن بداخلها نباتاً عشبياً أخضر اللون يشبه نبات البانجو المخدر وبمواجهته للمتهم بالمضبوطات أقر له بإحرازه لها، وأثبت تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي أن المضبوطات لنبات الحشيش المخدر وتحتوي على المادة الفعالة له". وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي أقام عليها قضاءه عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لعدم وجود سند له وبطلان التفتيش الوقائي الحاصل على المتهم بقوله: "فلما كان الثابت بالأوراق أن ضابط الواقعة الملازم أول .... معاون مباحث قسم .... كان قد توجه إلى مسكن المتهم لتنفيذ حكم قضائي صادر ضده فأبصره واقفاً أمام العقار سكنه وتبدو عليه علامات الارتباك الشديد فقام بتفتيشه وقائياً فعثر بجيب بنطاله الأيمن على لفاقة ورقية بفضها تبين أن بداخلها نباتاً عشبياً أخضر اللون يشبه نبات البانجو المخدر ومن ثم فإن تلك المشاهدة وإلقاء القبض على المتهم وتفتيشه لهذا السبب لها سندها الصحيح في القانون ويكون هذا الدفع في غير محله وترفضه المحكمة". لما كان ذلك، وكانت المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية، ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك". وكان الحكم المطعون فيه قد عوَّل في رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش على وجود حكم قضائي صادر ضد الطاعن دون أن يبيِّن ماهية هذا الحكم حضورياً أو غيابياً وما إذا كان صادراً بالغرامة أو مقيداً للحرية ومدى نهائيته، وذلك للوقوف على قابليته للتنفيذ وعلى قيام مبررات القبض على الطاعن بخصوصه حتى يصح من بعد التفتيش ولو كان وقائياً، فإن الحكم المطعون فيه يكون على السياق المتقدم قاصراً مما يعجز محكمة النقض من أن تقول برأي في وجه الطعن وسلامة الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار "نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 29, 37/ 1, 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعدَّل والبند رقم "2" من الجدول رقم "5" الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي.
فطعن المحكوم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
--------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام مبرراته قانوناً ولانتفاء حالة التلبس غير أن الحكم اطرح هذا الدفع برد قاصر وغير سائغ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حَصَّل واقعة الدعوى في قوله: "إنه أثناء تنفيذ الملازم أول .... معاون مباحث قسم ..... لحكم قضائي صادر ضد المتهم حيث توجه إلى مسكنه فأبصره واقفاً أمام العقار سكنه وتبدو عليه علامات الارتباك الشديد وبضبطه وبتفتيشه وقائياً عثر بجيب بنطاله الأيمن على لفافة ورقية بفضها تبيَّن أن بداخلها نبات عشبي أخضر اللون يشبه نبات البانجو المخدر وبمواجهته للمتهم بالمضبوطات أقر له بإحرازه لها، وأثبت تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي أن المضبوطات لنبات الحشيش المخدر وتحتوي على المادة الفعالة له". وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي أقام عليها قضاءه عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لعدم وجود سند له وبطلان التفتيش الوقائي الحاصل على المتهم بقوله: "فلما كان الثابت بالأوراق أن ضابط الواقعة الملازم أول .... معاون مباحث قسم ...... كان قد توجه إلى مسكن المتهم لتنفيذ حكم قضائي صادر ضده فأبصره واقفاً أمام العقار سكنه وتبدو عليه علامات الارتباك الشديد فقام بتفتيشه وقائياً فعثر بجيب بنطاله الأيمن على لفافة ورقية بفضها تبين أن بداخلها نبات عشبي أخضر اللون يشبه نبات البانجو المخدر ومن ثم فإن تلك المشاهدة وإلقاء القبض على المتهم وتفتيشه لهذا السبب لها سندها الصحيح في القانون ويكون هذا الدفع في غير محله وترفضه المحكمة". لما كان ذلك، وكانت المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية، ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك". وكان الحكم المطعون فيه قد عوَّل في رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش على وجود حكم قضائي صادر ضد الطاعن دون أن يبيَّن ماهية هذا الحكم حضورياً أو غيابياً وما إذا كان صادراً بالغرامة أو مقيداً للحرية ومدى نهائيته، وذلك للوقوف على قابليته للتنفيذ وعلى قيام مبررات القبض على الطاعن بخصوصه حتى يصح من بعد التفتيش ولو كان وقائياً، فإن الحكم المطعون فيه يكون على السياق المتقدم قاصراً مما يعجز محكمة النقض من أن تقول برأي في وجه الطعن وسلامة الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، فإنه يَتعيَّن نقض الحكم المطعون فيه والإعادة