جلسة 8 من يوليو سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / ممدوح يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ربيع لبنه، محمد خالد، محمود عاكف ورفعت سند نـواب رئيس المحكمة .
---------------
(53)
الطعن رقم 8819 لسنة 87 القضائية
(1) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الحكم توافر نية القتل لدى الطاعن الأول . مؤداه : انسحاب ذلك بطريق اللزوم على الطاعن الثاني وعلى جريمتي الشروع في القتل اللتين دانه بهما . ما دام قد أثبت أنهما فاعلان أصليان في الجريمة .
مثال لتدليل سائغ لاستظهار نية القتل في جريمتي قتل عمد وشروع في قتل .
(2) اتفاق . سبق إصرار . قتل عمد . فاعل أصلي .
مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين . يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق لمن لم يقارف بنفسه الجريمة من المصرين عليها . أثر ذلك ؟
إثبات الحكم تصميم المتهمين على قتل المجني عليهما . كفايته لمؤاخذتهم كفاعلين أصليين فيها . بصرف النظر عن الفعل الذي قارفه كل منهم ومساهمته في النتيجة .
ما يكفي قانوناً لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة ؟
مثال لتدليل سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إغفال الحكم الإشارة إلى نص تعريفي . لا يبطله .
مثال .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن .ما لا يقبل منها " .
اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وتحصيلها بما لا تناقض فيه. النعي عليها بهذا الشأن. جدل موضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(6) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه .
(7) دستور . استعراض القوة . دفوع " الدفع بعدم الدستورية " .
نص الإعلان الدستوري الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعطيل العمل بدستور 1971 واختصاصه بإصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية . أثره : اختصاصه بإصدار المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 بإضافة المادتين رقمي 375 مكرراً و 375 مكرراً (أ) إلى قانون العقوبات . سبق قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتهما . لا ينسحب أثره إليهما بعد إضافتهما إلى قانون العقوبات . الدفع بعدم دستوريتهما لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . بقاء القوانين واللوائح الصادرة قبل صدور دستوري 2012 ، 2014 صحيحة ونافذة . أساس وعلة وأثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى ، وإيراده لأقوال شهود الإثبات ، واستظهاره لنية القتل من استعمال الطاعنين لسلاح ناري قاتل بطبيعته ، وتعمد الأول تصويبه في صدر المجني عليه ومن مسافة قريبة جداً بقصد إزهاق روحه ، ولم يتركه إلا بعد أن سقط أرضاً ، كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين ، هذا إلى أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن الثاني أنه فاعل أصلى في جريمة القتل العمد التي دانه بها مع الطاعن الأول ، بما جمع بينهما من وحدة القصد على ارتكابها والظهور على مسرحها وإتيانه دوراً مباشراً في تنفيذها ، بإطلاقه عياراً نارياً من بندقيته الخرطوش صوب المجني عليه فأخطأه وأصاب المجني عليه الثاني ، فإن تدليل الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعن الأول ، ينسحب بطريق اللزوم على الطاعن الثاني ، وعلى جريمتي الشروع في القتل اللتين دانه بهما ، فإن ما يثيره هذا الأخير في شأن القصور في تسبيب نية القتل والشروع فيه لديه يكون على غير أساس .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين متمثلاً في رفض المجني عليه تسليم الطاعن الأول ما لديه من أوراق موقعة من الأول ضماناً لصلح عرض مع آخر ، وبعد تدبره الأمر في هدوء وروية واتفاقه مع الطاعن الثاني عادا بعد عدة ساعات حاملين بندقيتين خرطوش أطلق الأول صوبه عياراً نارياً قاصداً قتله تجاه صدره ، وأطلق صوبه الثاني عياراً نارياً أخطأه وأصاب آخر ، وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها ، وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار ، وإذ كان الحكم – على السياق المتقدم – قد أثبت تصميم الطاعنين على قتل المجني عليه ، فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية ، يستوى في ذلك أن يكون الفعل الذى قارفه كل منهما محدداً بالذات أم غير محدد ، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه ، إذ يكفي ظهورهما معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهما في الاعتداء على المجني عليه ، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كافٍ بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن الثاني مع الطاعن الأول على قتل المجني عليه من معيته في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح اعتبار الطاعن الثاني فاعلاً أصلياً في جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لذلك التصميم أو هذا الاتفاق ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في غير محله .
3- لما كان إغفال إشارة الحكم إلى نص تعريفي – كما هو الشأن في المادة 39 من قانون العقوبات - لا يبطله ، ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزماً بالإشارة إلى هذه المادة عند بيانه لمواد القانون التي حكم بمقتضاها .
4- لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وحصلتها بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع والمستندات التي أغفل الحكم المطعون فيه التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير مقبول .
6- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة السادس إلى أقوال الشاهد الثالث فيما اتفقا فيه من أقوال دون ما زاده الشاهد الثالث من أقوال – بفرض صحة ذلك – ما دام أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد يكون غير سديد .
7- لما كان ما يثيره الطاعن الثاني من عدم اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 بإضافة المادتين رقمي 375 مكرراً ، 375 مكرراً (أ) إلى قانون العقوبات مردوداً بما تضمنه الإعلان الدستوري الصادر من ذلك المجلس في 13 من فبراير سنة 2011 ، من تعطيل العمل بدستور سنة 1971 واختصاصه بإصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية ، هذا إلى أن سبق قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية هاتين المادتين والمضافتين بالقانون رقم 6 لسنة 1998 ، لا ينسحب أثره إليهما بعد إضافتهما إلى قانون العقوبات بالمرسوم بقانون – المار ذكره – كما أن المحكمة الدستورية العليا قضت في القضية رقم 13 لسنة 37 قضائية دستورية بتاريخ 3 من يونيو سنة 2017 برفض الدعوى بعدم دستورية المادة 375 مكرراً المضافة بالمرسوم سالف البيان ، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع بعدم دستورية ذلك المرسوم ، ولم يطلب أجلاً لرفع دعوى بعدم دستوريته ، فليس له – من بعد – إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عما تضمنته المادتين 222 ، 224 من دستوري عامي 2012 ، 2014 من إبقاء كل ما قررته القوانين واللوائح الصادرة قبل صدورهما صحيحة ونافذه ، ومن ثم فإن المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 يبقى صحيحاً ونافذ المفعول ، ويكون ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد بعيداً عن محجة الصواب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم : استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف واستخدموه ضد المجني عليهم المبينة أسمائهم بالتحقيقات وذلك بقصد ترويعهم وتخويفهم وإلحاق أذى مادي ومعنوي بهم لفرض السطوة عليهم وتكدير الأمن والسكينة العامة ، وكان من شأن تلك الأفعال إلقاء الرعب في نفوس المجني عليهم وتكدير أمنهم وسكينتهم وطمأنينتهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وإلحاق الضرر بهم وبمصالحهم . وقد اقترنت تلك الجريمة بجريمة أخرى تلتها هي أنهم في ذات الزمان والمكان : قتلوا المجني عليه / .... مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم وبيتوا النية علي قتله وأعدوا لذلك الغرض الأسلحة النارية والذخائر محل الاتهامات التالية وتوجهوا للمكان الذي أيقنوا سلفاً وجوده فيه وما أن شاهده الأول حتى أطلق صوبه عيارين ناريين فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته حال تواجد المتهمين الآخرين معه على مسرح الجريمة للشد من أزره والتعدي علي مرافقيه وقد اقترنت بتلك الجناية جنايتان هما أنهم في ذات الزمان والمكان : أولاً : شرعوا في قتل المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن أطلق المتهم الثاني عياراً نارياً صوب المجني عليه / .... فأخطأه ليصيب المجني عليه الأول فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ، وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج ، وذلك حال تواجد باقي المتهمين معه على مسرح الجريمة للشد من أزره والتعدي علي المتواجدين معه . ثانياً : شرعوا في قتل المجني عليها / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن أطلق المتهمين عدة أعيرة نارية صوب المجني عليها فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ، وقد أوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركه المجني عليها بالعلاج . المتهم الأول : أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " بندقية خرطوش " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . أحرز ذخائر " طلقات خرطوش " مما تستعمل على السلاح الناري محل الاتهام السابق حال كونه غير مرخص له في حيازته أو إحرازه . المتهم الثاني : أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " بندقية خرطوش " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . أحرز ذخائر " طلقات خرطوش " مما تستعمل على السلاح الناري محل الاتهام السابق . المتهم الثالث : أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " كباس خرطوش " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . أحرز ذخائر " طلقات خرطوش " مما تستعمل علي السلاح الناري محل الاتهام السابق . أحرز بغير ترخيص أسلحة بيضاء " سيفين - سكينتين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى نجل المجني عليه الأول / .... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مليون وواحد جنيه على سبيل التعويص المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 /1 ، 46 /1 ، 230 ، 231 ، 234 /2 ، 375 مكرر ، 375 مكرر أ /2 من قانون العقوبات ، والمواد 1 /1 ، 6 ، 25 مكرر /1 ، 26 /1-4 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والمرسوم بقانون 6 لسنة ۲۰۱۲ والجدول الثاني والبندين ۱ ، 6 من الجدول الأول الملحقين بالقانون المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ۲۰۰۷ ، مع إعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة كلّ من / .... ، .... بالسجن المؤبد عما أسند إليهما وبوضعهما تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات عقب تنفيذهما العقوبة وألزمتهما المصاريف الجنائية . ثانياً : بمعاقبة / .... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية عن تهم إحراز سلاح ناري وذخيرة وأسلحة بدون ترخيص وببراءته مما أسند إليه عن التهم الأخرى . ثالثاً : ببراءة / .... مما أسند إليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة والأسلحة البيضاء المضبوطة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالشروع فيه ، وإحراز سلاح ناري غير مششخن دون ترخيص ، وذخائر مما تستعمل فيه ، واستعراض القوة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والبطلان ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن الحكم لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل في حق الطاعن الأول ، وفاته التدليل على توافرها وعلى نية الشروع في القتل في حق الطاعن الثاني ، وأن ما استدل به على توافر ظرف سبق الإصرار لا ينتجه في حقهما ، وبما لا يوفر مسئولية الطاعن الثاني التضامنية ، سيما أنه لم يساهم في ارتكاب جريمة القتل ، ولم يدلل الحكم على اتفاقه مع الطاعن الأول على اقترافها ، ولم يبين نص المادة 39 من قانون العقوبات ، واعتنق الحكم تصوير شهود الإثبات لواقعة الدعوى رغم عدم معقوليته ، وتناقضه مع أقوال الشاهدين السادس والثاني عشر ، والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعن الأول المؤيد بمستنداته ولم تعرض له ، وأضاف الطاعن الثاني أن الحكم أحال في بيان شهادة الشاهد السادس إلى أقوال الشاهد الثالث رغم الخلاف بينهما ، ودانه بالمادتين 375 مكرراً ، 375 مكرراً (أ) المضافتين إلى قانون العقوبات بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 ، رغم عدم اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصداره ، وسبق القضاء بعدم دستوريتها ، ونسخ أحكامهما بدستوري عامي 2012 ، 2014 ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى ، وإيراده لأقوال شهود الإثبات ، واستظهاره لنية القتل من استعمال الطاعنين لسلاح ناري قاتل بطبيعته ، وتعمد الأول تصويبه في صدر المجني عليه ومن مسافة قريبة جداً بقصد إزهاق روحه ، ولم يتركه إلا بعد أن سقط أرضاً ، كافياً وسائغاً في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعنين ، هذا إلى أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعن الثاني أنه فاعل أصلى في جريمة القتل العمد التي دانه بها مع الطاعن الأول ، بما جمع بينهما من وحدة القصد على ارتكابها والظهور على مسرحها وإتيانه دوراً مباشراً في تنفيذها ، بإطلاقه عياراً نارياً من بندقيته الخرطوش صوب المجني عليه فأخطأه وأصاب المجني عليه الثاني ، فإن تدليل الحكم على توافر نية القتل لدى الطاعن الأول ، ينسحب بطريق اللزوم على الطاعن الثاني ، وعلى جريمتي الشروع في القتل اللتين دانه بهما ، فإن ما يثيره هذا الأخير في شأن القصور في تسبيب نية القتل والشروع فيه لديه يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بأسباب سائغة على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين متمثلاً في رفض المجني عليه تسليم الطاعن الأول ما لديه من أوراق موقعة من الأول ضماناً لصلح عرض مع آخر ، وبعد تدبره الأمر في هدوء وروية واتفاقه مع الطاعن الثاني عادا بعد عدة ساعات حاملين بندقيتين خرطوش أطلق الأول صوبه عياراً نارياً قاصداً قتله تجاه صدره ، وأطلق صوبه الثاني عياراً نارياً أخطأه وأصاب آخر ، وكان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها ، وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينه من الوقائع المفيدة لسبق الإصرار ، وإذ كان الحكم – على السياق المتقدم – قد أثبت تصميم الطاعنين على قتل المجني عليه ، فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية ، يستوى في ذلك أن يكون الفعل الذى قارفه كل منهما محدداً بالذات أم غير محدد ، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه ، إذ يكفي ظهورهما معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهما في الاعتداء على المجني عليه ، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كافٍ بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن الثاني مع الطاعن الأول على قتل المجني عليه من معيته في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح اعتبار الطاعن الثاني فاعلاً أصلياً في جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لذلك التصميم أو هذا الاتفاق ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في غير محله . لما كان ذلك ، وكان إغفال إشارة الحكم إلى نص تعريفي – كما هو الشأن في المادة 39 من قانون العقوبات - لا يبطله ، ومن ثم فإن الحكم لم يكن ملزماً بالإشارة إلى هذه المادة عند بيانه لمواد القانون التي حكم بمقتضاها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وحصلتها بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ذلك الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع والمستندات التي أغفل الحكم المطعون فيه التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة السادس إلى أقوال الشاهد الثالث فيما اتفقا فيه من أقوال دون ما زاده الشاهد الثالث من أقوال – بفرض صحة ذلك – ما دام أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن الثاني من عدم اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإصدار المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 بإضافة المادتين رقمي 375 مكرراً ، 375 مكرراً (أ) إلى قانون العقوبات مردوداً بما تضمنه الإعلان الدستوري الصادر من ذلك المجلس في 13 من فبراير سنة 2011 ، من تعطيل العمل بدستور سنة 1971 واختصاصه بإصدار مراسيم بقوانين خلال الفترة الانتقالية ، هذا إلى أن سبق قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية هاتين المادتين والمضافتين بالقانون رقم 6 لسنة 1998 ، لا ينسحب أثره إليهما بعد إضافتهما إلى قانون العقوبات بالمرسوم بقانون – المار ذكره – كما أن المحكمة الدستورية العليا قضت في القضية رقم 13 لسنة 37 قضائية دستورية بتاريخ 3 من يونيو سنة 2017 برفض الدعوى بعدم دستورية المادة 375 مكرراً المضافة بالمرسوم سالف البيان ، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع بعدم دستورية ذلك المرسوم ، ولم يطلب أجلاً لرفع دعوى بعدم دستوريته ، فليس له – من بعد – إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عما تضمنته المادتين 222 ، 224 من دستوري عامي 2012 ، 2014 من إبقاء كل ما قررته القوانين واللوائح الصادرة قبل صدورهما صحيحة ونافذه ، ومن ثم فإن المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 يبقى صحيحاً ونافذ المفعول ، ويكون ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق