المبدأ رقم (181)
جلسة 15 من يونيو سنة 2005
موظف - مرتب - الحجز على المرتب - أجاز القانون الحجز على راتب الموظف
في حدود الربع - وفاء لديون محدودة على سبيل الحصر - من بينها النفقة الشرعية التي
يلتزم بها الموظف تجاه زوجته أو مطلقته أو أبنائه أو والديه - المقصود بالنفقة
الشرعية هي المبلغ اللازم لسد الحاجات الضرورية لهؤلاء - نفقة
المتعة المستحقة
للمطلقة تعد تعويضاً لها بسبب الفراق - لا تدخل ضمن النفقات الشرعية التي يجوز
الحجز على راتب الموظف سداداً لها
فقد اطلعنا على كتاب رئيس المرکز القومي للبحوث رقم 947 بتاريخ
27/4/2004 الموجه إلى إدارة الفتوى لوزارات التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي
والجامعات بطلب الرأي في مدى جواز تنفيذ حكم المتعة عن طريق الحجز على الراتب.
وحاصل الوقائع - حسبما يبين من الأوراق ــ أن السيدة/ ..... مطلقة من
الدكتور/ ..... - الباحث بالمركز القومي للبحوث - صدر لصالحها حكم في الدعوى رقم
1085 لسنة 1993 أحوال شخصية كلي جنوب القاهرة بأحقيتها في متعة مقدارها 4200 جنيه،
وتأيد استئنافيا بجلسة 17/8/1995 بالاستئنافين رقمي 1012، 1704 لسنة 111 ق وتقدمت
لجهة عمله بطلب لتنفيذ هذا الحكم بطريق الحجز على راتبه، فثار خلاف في الرأي حول
ما إذا كانت المتعة من النفقات التي يجوز الحجز على المرتب لأجلها، أم هي تعويض لا
يجوز الحجز على المرتب وفاءً له، لذا عرض الموضوع على إدارة الفتوى التي أحالته
إلى اللجنة الثانية لقسم الفتوى والتي أحالته إلى الجمعية العمومية لأهميته.
ونفيد أن الموضوع عرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
بجلستها المنعقدة بتاريخ 15 من يونية سنة 2005 الموافق 8 من جمادي الأول سنة
1426هـ، فتبين لها أن المادة (1) من القانون رقم 111 لسنة 1951 بشأن عدم جواز
توقيع الحجز على مرتبات الموظفين والمستخدمين أو معاشاتهم أو مكافآتهم أو حوالتها
إلا في أحوال خاصة والمعدلة بالقانون رقم 20 لسنة 1975 تنص على أنه "لا يجوز
إجراء خصم أو توقيع حجز على المبالغ الواجبة الأداء من الحكومة والمصالح العامة
والمحافظات ومجالس المدن والمجالس القروية والهيئات العامة والمؤسسات العامة
والوحدات الاقتصادية التابعة لها إلى العامل مدنياً كان أو عسكرياً بصفة مرتب أو
أجر أو راتب إضافي أو حق في صندوق ادخار أو معاش أو مكافأة أو تأمين مستحق طبقاً
لقوانين التأمين والمعاشات أو أي رصيد من هذه المبالغ إلا بمقدار الربع، وذلك
وفاءً لنفقة محكوم بها من جهة الإختصاص أو لأداء ما يكون مطلوباً لهذه الجهات من
العامل بسبب يتعلق بأداء وظيفته أو لاسترداد ما صرف إليه بغير وجه حق من المبالغ
المذكورة أو بصفة بدل سفر أو اغتراب أو بدل تمثيل أو ثمن عهدة شخصية وعند التزاحم
تكون الأولوية لدين النفقة ......".
وأن القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في
مسائل الأحوال الشخصية ينص في المادة (76) منه على أنه:ـ "استثناءً مما تقرره
القوانين في شأن قواعد الحجز على المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها،
يكون الحد الأقصى لما يجوز الحجز عليه منها وفاءً لدين نفقة أو أجر أو ما في حكمها
للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين، في حدود النسب الآتية ...... وفي جميع
الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي يجوز الحجز عليها على (50%) تقسم بين
المستحقين بنسبة ما حكم به لكل منهم."
وأن المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة
1985 بشأن بعض أحكام الأحوال الشخصية ينص في المادة (18 مكرراً) منه على أن
"الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها دون رضاها ولا بسبب من
قبلها تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل وبمراعاة حال المطلق
يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يرخص للمطلق في سداد هذه المتعة
على أقساط"
واستظهرت الجمعية العمومية مما تقدم - وعلى ما جرى به إفتاؤها - أنه
استثناء من الأصل العام الذي يعتبر الذمة المالية للمدين ضامنة بجميع عناصرها
للوفاء بما عليه من إلتزامات، فقد أضفى المشرع حماية خاصة على مرتب العامل
باعتباره مصدر رزقه مستهدفاً بذلك مصلحة عامة قوامها سير العمل الحكومي وما يقتضيه
ذلك من توفير حياة هادئة مستقرة للعامل بتمكينه من الاستفادة بمرتبه، إذ حظر ـ
بالقانون رقم 111 لسنة 1951 وتعديلاته ـ الحجز على المبالغ الواجبة الأداء للموظف
مدنياً كان أو عسكرياً سواءً بصفة مرتب أو معاش أو مكافأة مالية أو الخصم منه إلا
في حدود قدر معين ووفاء لديون معينة على سبيل الحصر، فإذا ما كان الدين الذي شغلت
به ذمة العامل خارجاً عن هذه الديون امتنع الحجز أو الخصم من المرتب، وتلك الديون
التي عينها المشرع حصراً وأجاز الحجز على المرتب والخصم منه لاستيفائها هي دين
النفقة المحكوم بها من جهة الاختصاص أو ما يكون مستحقاً على العامل للحكومة بسبب
يتعلق بأداء وظيفته أو لاسترداد ما صرف إليه بغير وجه حق.
واستبان للجمعية العمومية أن النفقات الشرعية هي ـ على ما جرى به
الفقه والقضاء - الأموال التي يدفعها شخص الملتزم بها شرعاً وقانوناً إلى من تقررت
بسببهم أو لمصلحتهم سواءً كانت الزوجة أو المطلقة أو الأبناء أو الوالدين ابتغاء
سد الحاجات الضرورية المستقبلة لهم بما يضمن بقاءهم واستمرار حياتهم، في حين أن
المتعة فقهاً وقضاء هي مال يعطيه الزوج لمطلقته زيادة على صداقها وعلى نفقة عدتها
ليس بغرض التعيش به وإنما تعويضاً لها بسبب الفراق بينهما، ومن ثم فهي تخرج من
عداد النفقات الشرعية على النحو الآنف بيانه.
واستهداء بما تقدم ولما كان مبلغ المتعة المقضي به لصالح مطلقة
المعروض حالته السيدة/ ...... في الدعوى رقم 1085 لسنة 1993 أحوال شخصية كلي جنوب
القاهرة المؤيد استئنافياً بالاستئنافين رقمي 1012، 1704 لسنة 111 ق لا يندرج في
عداد النفقات ومن ثم لا يجوز إجراء الخصم من مرتبه أو توقيع الحجز عليه وفاءً لها.
لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى عدم جواز الخصم من راتب
المعروض حالته وفاءً لدين المتعة المحكوم به لصالح مطلقته، وذلك على النحو المبين
بالأسباب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق