جلسة 22 من نوفمبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وكمال مراد.
-----------------
(209)
الطعن رقم 741 لسنة 54 القضائية
(1) حكم "حجية الحكم الجنائي". دعوى "وقف الدعوى".
تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي. شرطه. أن يكون الفعل المكون للجريمة سابقاً في وقوعه على رفع الدعوى المدنية. الفعل اللاحق لا يعد أساساً مشتركاً بين الدعويين. مؤداه. لا محل لوقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
تقدير أدلة الدعوى والموازنة بينها وترجيح بعضها على البعض الآخر مما تستقل به محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد استقلالاً على ما لم تأخذ به منها. حسبها إقامة قضاءها على ما يكفي لحمله.
(3) إثبات "شهادة الشهود". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
محكمة الموضوع. حقها في الأخذ ببعض أقوال الشهود دون البعض الآخر. شرطه. ألا تخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها. عدم التزامها بالرد على ما لم تأخذ به منها.
(4) إيجار "إيجار الأماكن: التزامات المستأجر". التزام "محل الالتزام".
الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية. وجوب بيان الأجرة على المستأجر أداؤها. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 409 لسنة 1982 أمام محكمة قنا الابتدائية "مأمورية الأقصر" على الطاعن وطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينهما عن المحل المبين بصحيفة الدعوى اعتباراً من 9/ 4/ 1980 وقال بياناً لذلك أنه استأجر من الطاعن محلاً بشارع سيدي محمود بميدان السوق بالأقصر ورغم تسليمه إياه ومباشرة نشاطه فيه وسداده الأجر للطاعن فقد رفض الأخير تحرير عقد إيجار له أو تسليمه إيصالات بالأجرة المدفوعة، ومن ثم أقام دعواه بطلبه سالف البيان. وأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، ثم حكمت بإثبات العلاقة الإيجارية بين الطرفين عن محل النزاع بأجرة شهرية قدرها تسعة جنيهات استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 174 لسنة 2 قضائية. وبتاريخ 12/ 1/ 84 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، حاصل أولها أن الطاعن طلب وقف الدعوى استناداً لنص المادة 129 من قانون المرافعات حتى يفصل في الجنحة رقم 2444 لسنة 1982 قسم الأقصر المتهم فيها المطعون ضده بدخول محل النزاع بغير حق ورفضه الخروج منه لأن موضوع هذه الجنحة يتصل بموضوع الدعوى المدنية ومن ثم يكون للحكم الجنائي الذي يصدر في الجنحة حجيته في هذه الدعوى إعمالاً لنص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات إلا أن الحكم المطعون فيه رفض ذلك الطلب على سند من أن المحكمة المدنية هي المختصة بنظر المنازعة في إثبات العلاقة الإيجارية وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون وفي فهم الواقع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها" يدل على أن مبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات يستلزم أن يكون الفعل المكون للجريمة سابقاً في وقوعه على رفع الدعوى المدنية إذ لا يتأتى أن يكون أساساً مشتركاً بين الدعويين إذا كان لاحقاً على رفع هذه الدعوى، وكان وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 مرافعات هو أمر جوازي للمحكمة التي عليها أن تعرض لتصفيه كل نزاع يقوم على أن عنصر من عناصر الدعوى يتوقف الحكم فيها على الفصل فيه. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أنها أقيمت من المطعون ضده في 21/ 4/ 1982 بطلب إثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين الطاعن عن محل النزاع وكانت الجنحة رقم 2444 لسنة 1982 قسم الأقصر أقيمت على المطعون ضده لأنه في يوم 5/ 6/ 1982 دخل محلاً لحفظ المال - محل النزاع - ولم يخرج منه بناء على تكليفه ممن لهم الحق في ذلك، وكان هذا الفعل الجنائي المنسوب إلى المطعون ضده لاحقاً في وقعه على رفع الدعوى المطعون في حكمها ومن ثم لا يعتبر أساساً مشتركاً بين الدعوى الجنائية المقامة عنه وبين الدعوى المدنية التي رفعت من قبله حتى يوجب وقف هذه الدعوى الأخيرة، وكان الفصل في طلب إثبات العلاقة الإيجارية بين طرفي الدعوى المطروح على المحكمة المدنية هو مما تختص بالفصل فيه وكان الحكم المطعون فيه إذ التفت عن طلب الطاعن وقف الدعوى حتى يفصل في الجنحة المشار إليها لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو في فهم الواقع في الدعوى.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم عول في قضائه على شهادة شاهدي المطعون ضده رغم تناقضها ومخالفتها للثابت في الأوراق وخرج بها عن مدلولها إذ بينما يقرر المطعون ضده في صحيفة الدعوى أن الطاعن رفض تحرير عقد الإيجار له يذهب الشاهد الأول إلى أن الطرفين حررا هذا العقد يقرر الثاني منهما أنه لم يشاهد هذه الواقعة رغم تواجدهما سوياً بمجلس العقد، هذا فضلاً على أن الحكم لم يورد مضمون أقوال شاهدي الطاعن المؤيدة لدفاعه بشأن اغتصاب المطعون ضده لمحل النزاع وهو ما تحرر عنه المحضر الإداري رقم 736 لسنة 1982 قسم الأقصر الذي صدر بشأنه قرار النيابة العامة بتمكين الطاعن من المحل والمؤيد من قاضي الحيازة ومع ذلك التفت الحكم عما جاء بتحقيقات هذا المحضر وأطرح أقوال شاهديه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان تقرير الأدلة في الدعوى والموازنة بينهما وترجيح بعضها على البعض الآخر مما تستقل به محكمة الموضوع وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على ما لم تأخذ به منها وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله، كما أن لها أن تأخذ ببعض أقوال الشهود دون البعض الآخر حسبما يطمئن إليه وجدانها ولا سلطان لأحد عليها في ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها ولا عليها بعد ذلك أن تعرض لمناقشة أقوال الشهود التي لم تأخذ بها أو ترد عليها. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضده التي اطمأن إليها من أن هذا الأخير استأجر محل النزاع من الطاعن بأجرة قدرها تسعة جنيهات شهرياً وقام بمباشرة تجارته فيه وكان هذا الذي استخلصه الحكم له أصلة الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه ولا عليه بعد ذلك إن التفت عن أقوال شاهدي الطاعن أو ما جاء بتحقيقات المحضر الإداري رقم 726 لسنة 1982 قسم الأقصر لأن في إطراحه لها ما يعني أنه لم يجد فيها ما يغير من النتيجة التي خلص إليها واقتنع بها، ومن ثم فإن النعي بما ورد بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن طلبات المطعون ضده اقتصرت على إثبات العلاقة الإيجارية بينه والطاعن عن محل النزاع وردت تحديد لأجرتها ومع ذلك في الحكم بتحديد أجرة للمحل قدرها تسعة جنيهات ولم يتقيد بالطلبات المعروضة عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه لما كان إثبات العلاقة الإيجارية بين طرفي عقد الإيجار يقتضي بيان محل التزام كل من الطرفين، وكانت الأجرة هي محل التزام المستأجر في هذا العقد بما لازمه بيان الأجرة الواجب على المستأجر أداؤها عند إثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين المؤجر له، فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ قضى بإثبات العلاقة الإيجارية بين طرفي الدعوى عن محل النزاع لقاء تسعة جنيهات شهرياً التي ثبت له اتفاق الطرفين عليها لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق