جلسة 11 من مايو سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.
-----------------
(118)
في القضية رقم 178 لسنة 11 القضائية
هيئة عامة "الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية". موظف "تأديب"
تطبق في شأن العاملين بالهيئة أحكام لائحة الجزاءات الصادر بها قرار وزير المواصلات رقم 108 في 18 من ديسمبر سنة 1960 - أساس ذلك القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة السكك الحديدية بوصفه تنظيماً خاصاً في شأن طائفة معينة من العاملين - لا تسري في شأنهم الجزاءات الواردة في كادر العمال أو في القانون رقم 46 لسنة 1964 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة إذ القاعدة أن الخاص يقيد العام لا عكس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 3 من أغسطس سنة 1965 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية بالإسكندرية أوراق الدعوى التأديبية رقم 71 لسنة 7 القضائية ضد السادة زكي يوسف مينا وجرجس حبيب غطاس ومحمد الصادق جاد والسيد محمد عبد القادر العاملين بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية.. ونسبت إليهم في تقرير الاتهام أنهم في المدة من أول مارس سنة 1963 إلى أول يونيه سنة 1963 بمنطقة القباري للسكة الحديد بدائرة محافظة الإسكندرية:
الأول: 1 - أثبت اسم العامل إبراهيم أحمد مطر في كشوف الأجرية عن المدة من مارس إلى يونيه سنة 1963 وبكشفي منحة عيدي الفطر والأضحى رغم انقطاعه عن العمل وعدم صدور أمر بتشغيله أخذاً من أمر تشغيل سابق لعدم مروره على منطقة العمل للتحقق من حضوره.
2 - أثبت بكشف المدة من أول مايو سنة 1963 إلى آخره حضور العمال رضوان عباس في 11، 12، 13 من الشهر المذكور وإبراهيم إبراهيم جمعة في 15، 16 من ذات الشهر وحسين أحمد مصطفى في 30 منه رغم تغيبهم في تلك الأيام وأثبت غيابهم بالسراكي مما ترتب عليه حصولهم على أجر عن هذه الأيام دون وجه حق.
3 - قصر في المحافظة على كشوف الصورة الخاصة بالدربسة مما ترتب عليه فقدها.
الثاني:
1 - لم يصدر أوامر تشغيل خاصة بعمال منطقة الإسكندرية عن المدة من مارس إلى يونيه سنة 1963 وسمح لكاتب الأجرية أن يفتح كشوف الأجرية دون إصدار هذه الأوامر مما ترتب عليه إثبات اسم العامل إبراهيم أحمد مطر بهذه الكشوف رغم انقطاعه عن العمل.
2 - لم يراع إثبات بيانات المبالغ والعمليات وتوزيع العمال عليها بظهر كشوف الصورة ولم يعتمد كشوف الصورة الخاصة بشهر مايو سنة 1963.
3 - لم يطابق سراكي العمال رضوان عباس وإبراهيم جمعة وحسين أحمد مصطفى على كشوف الأصل لدى صرف أجور شهر مايو سنة 1963 مما ترتب عليه حصولهم على أجر عن أيام تغيبوا فيها عن العمل دون وجه حق.
الثالث والرابع:
لم يتحر أولهما الدقة في مراجعة كشوف الأجرية بمنطقة الإسكندرية عن شهور مارس وإبريل ويونيه سنة 1963. ولم يتحر الثاني الدقة في مراجعة تلك الكشوف عن شهر مايو سنة 1963 مما ترتب عليه عدم إثبات اسم العامل إبراهيم أحمد مطر بكشوف المدد من مارس إلى يونيه سنة 1963 دون أن تصدر أوامر بتشغيله.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بالتطبيق للمواد 44، 46 فقرة 1، 2، 3 من القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بنظام موظفي هيئة سكك حديد مصر، 63، 72 رابعاً وخامساً من القرار الجمهوري رقم 1640 لسنة 1960 باللائحة التنفيذية له وأحكام لائحة الأجرية الصادر في عام 1957 والبند 10 من المجموعة الثالثة والبند 5 من المجموعة الرابعة من جدول المخالفات الملحق بلائحة جزاءات موظفي هيئة السكة الحديد الصادر بالقرار الوزاري رقم 108 بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1960.
وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1965 قضت المحكمة التأديبية بمجازاة المتهم الأول بخصم عشرة أيام من راتبه والثاني بخصم خمسة أيام وكل من الثالث والرابع بخصم يومين من مرتب كل منهما.. وأقامت قضاءها على أن المتهمين المذكورين قد ارتكبوا المخالفات المنسوبة إليهم وأن ارتكابهم لها كان وليد الإهمال وعدم مراعاة أحكام القوانين واللوائح وعدم قيامهم بالعمل المنوط بهم بدقة... واستندت في توقيع العقوبات التي أوقعتها على المتهمين الأول والثالث والرابع إلى أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 - بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة - دون أحكام لائحة الجزاءات التأديبية لموظفي وعمال هيئة السكك الحديدية الصادر بها قرار السيد وزير المواصلات رقم 108 في 18 من ديسمبر سنة 1960. واستندت في ذلك إلى أن القانون رقم 46 لسنة 1964 أصبح هو المطبق في شأن العمال المذكورين اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 بعد إلغاء أحكام كادر العمال التي كانت سارية في شأنهم وأنهم قد نقلوا تبعاً لذلك إلى الدرجات الملحقة بالقانون المشار إليه الأمر الذي يتعين معه تطبيق الجزاءات الواردة بالقانون المذكور في شأن المخالفات المنسوبة إليهم دون أحكام لائحة الجزاءات الصادر بها قرار السيد وزير المواصلات رقم 108 آنف الذكر.
وقد طعنت هيئة مفوضي الدولة في الحكم المذكور بصحيفة أودعتها سكرتارية هذه المحكمة في 25 من ديسمبر سنة 1965 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المتهمين الأول والثالث والرابع على مقتضى أحكام لائحة الجزاءات الصادر بها قرار السيد وزير المواصلات رقم 108 في 18 من ديسمبر سنة 1960... وبنت طعنها على أن الحكم المذكور قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله..... وقالت الهيئة - في بيان ذلك - أن نص المادة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة سكة حديد مصر، وإن كان قد ترك أمر تنظيم ما يتعلق بشئون المستخدمين والعمال بالهيئة المذكورة إلى قرار خاص يصدره السيد وزير المواصلات بعد موافقة مجلس الإدارة، إلا أن السيد الوزير لم يتدخل بتنظيم شئون هؤلاء العمال طبقاً للتفويض التشريعي المشار إليه إلا تدخلاً جزئياً فيما يتعلق ببيان الجزاءات الجائز توقيعها على العمال المذكورين عن المخالفات المختلفة التي تنسب إليهم تاركاً ما يتعلق بشئونهم الأخرى لأحكام كادر العمال الذي كان مطبقاً عليهم في ذلك الحين أصدر سيادته القرار رقم 108 في 18 من ديسمبر سنة 1960 بلائحة الجزاءات التأديبية لموظفي هيئة سكك حديد مصر.... ونص فيها على أن "يقصد بالموظف في تطبيق هذه اللائحة الموظف أو المستخدم أو العامل". كما قسمت المخالفات التي تنسب إلى الموظفين والعمال إلى مجموعات خمس حددت لكل مجموعة منها جزاءات خاصة... ثم قالت هيئة المفوضين إنه لا يخل بنص المادة الرابعة من القرار الجمهوري سالف الذكر أو ينسخه صدور أي قانون من القوانين العامة التي تطبق بالنسبة إلى سائر موظفي الدولة... ومن ثم فإن أحكام تلك اللائحة هي الواجبة التطبيق في شأن العمال المذكورين دون الجزاءات الواردة في كادر العمال أو في القانون رقم 46 لسنة 1964 التي حلت أحكامه محل أحكام هذا الكادر.
ومن حيث إن الطعن مقدم من هيئة مفوضي الدولة ومقصور على ما قضى به الحكم المطعون فيه من مجازاة المتهمين الأول والثالث والرابع. ولم يشمل ما قضى به من مجازاة المتهم الثاني... ولما كان المتهم لم يطعن في الحكم.... ومن ثم فإن الطعن يكون مقصوراً على ما قضى فيه من مجازاة المتهمين الأول والثالث والرابع فقط.
ومن حيث إن المادة 4 من قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 2190 لسنة 1959 - بنظام الموظفين بهيئة سكك حديد مصر - تنص على أنه: "يعتبر موظفاً في تطبيق هذا النظام كل من يعين في إحدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقرار من السلطة المختصة. وفيما يختص بالموظفين المؤقتين فيكون تعيينهم بمقتضى عقود تحرر طبقاً للقواعد والشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية. أما المستخدمون والعمال فينظم قواعد تعيينهم وترتيب وظائفهم وكذلك كافة شئونهم الأخرى بقرار من وزير المواصلات بعد موافقة مجلس الإدارة. أما تحديد مرتباتهم وأجورهم فيكون بقرار من رئيس الجمهورية"... وهذا النص - وإن كان قد ترك ما يتعلق بشئون المستخدمين والعمال بهيئة السكك الحديدية إلى قرار خاص يصدره السيد وزير المواصلات بعد موافقة مجلس الإدارة - إلا أن السيد الوزير لم ينظم شئون هؤلاء المستخدمين والعمال إلا تنظيماً جزئياً اقتصر على بيان الجزاءات الجائز توقيعها عليهم عن المخالفات المختلفة التي تنسب إليهم، تاركاً ما يتعلق بشئونهم الأخرى لأحكام كادر العمال الذي كان مطبقاً عليهم في ذلك الحين، إذ صدر القرار رقم 10 في 18 من ديسمبر سنة 1960 بلائحة الجزاءات التأديبية لموظفي هيئة سكك حديد مصر - الذي نص في مادته الأولى على أن "يعمل بأحكام لائحة الجزاءات المرافقة في شأن المخالفات التي يرتكبها موظفو السكك الحديدية. ويقصد بالموظف في هذه اللائحة الموظف أو المستخدم أو العامل"... كما نص في المادة الثامنة منه على أن "تقسم المخالفات إلى خمس مجموعات حسب جسامتها على الوجه المبين بالجدول المرافق، ويحدد لكل مجموعة عقوبة موحدة"... ويبين من الرجوع إلى العقوبات الواردة بلائحة الجزاءات المشار إليها أن بعضها كان له مثيل في القانون رقم 210 لسنة 1951.. ثم صدر القانون رقم 46 لسنة 1946 - بنظام العاملين المدنيين بالدولة - وقد ألغي بعض هذه العقوبات وعدل بعضها الآخر.. ومن ثم فإن البحث يثور، بعد العمل بأحكام هذا القانون، حول شرعية العمل بأحكام لائحة الجزاءات الصادر بها قرار السيد وزير المواصلات سالف الذكر.
ومن حيث إن القرار رقم 2190 لسنة 1959 السابق الإشارة إليه بوصفه تنظيماً خاصاً في شأن طائفة معينة من العاملين، لا يقوم التعارض بينه وبين القوانين العامة للتوظف والسارية المفعول بالنسبة إلى سائر موظفي الدولة إذ يحتفظ هذا القرار الجمهوري بقوته في تنظيم شئون هذه الطائفة. كما تسري قوانين الوظائف العامة على من عدا هؤلاء من الموظفين المعاملين بأحكام تلك القوانين العامة.... وقد جرت قوانين التوظف - ومن بينها القانون رقم 46 لسنة 1964 - على النص على أن أحكامها لا تسري على طوائف الموظفين التي تنظم شئونهم قوانين خاصة فيما تضمنته هذه القوانين.... ولما كان القرار الجمهوري المذكور قد فوض - في مادته الرابعة التي سبق إيراد نصها - وزير المواصلات، بعد موافقة مجلس الإدارة، في إصدار القرارات المنظمة لشئون عمال هيئة السكك الحديدية، فإنه لا يخل بهذا النص الخاص المتعلق بصلاحية السيد الوزير لإصدار القرارات المنظمة لشئون هؤلاء العمال أو ينسخه صدور أي قانون من القوانين العامة التي تطبق بالنسبة إلى سائر موظفي الدولة - ولما كان السيد الوزير قد أصدر - تنفيذاً لهذه المادة - لائحة الجزاءات التي تسري في شأن العمال المذكورين، تاركاً ما عدا ذلك من شئونهم الوظيفية الأخرى لقواعد كادر العمال التي كانت مطبقة في ذلك الحين، والتي حل القانون رقم 46 لسنة 1964 محلها، فإن أحكام هذه اللائحة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق في شأن العمال المذكورين - دون الجزاءات الواردة في كادر العمال أو في القانون رقم 46 لسنة 1964... ذلك لأن أحكام القانون المذكور أو غيره مما عسى أن يكون واجب التطبيق فيما يتعلق بالشئون الوظيفية الأخرى الخاصة بهؤلاء العمال لا تسري فيما يرد بشأنه تنظيم خاص من السيد وزير المواصلات طبقاً لنص المادة الرابعة سالفة الذكر، إذ القاعدة أن الخاص يقيد العام ولا عكس.
ومن حيث إنه لذلك فإن الحكم المطعون فيه - إذ أوقع بالمتهمين الأول والثالث والرابع الجزاءات الواردة بالقانون رقم 46 لسنة 1964 دون الاعتداد بتلك الواردة بلائحة الجزاءات الصادر بها قرار السيد وزير المواصلات رقم 108 في 18 من ديسمبر سنة 1960 - فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن المخالفتين الأولى والثانية المنسوبتين إلى المتهم الأول مما يدخل تحت أحكام البند 5 من مخالفات المجموعة الرابعة من لائحة الجزاءات المشار إليها وقد نصت المادة الرابعة من هذه اللائحة على أن "يعاقب كل من يرتكب إحدى المخالفات الواردة بالمجموعة الرابعة بخصم أجر يومين من راتبه..." والمخالفة الثالثة المنسوبة إلى هذا المتهم مما يدخل تحت أحكام البند 10 من مخالفات المجموعة الثالثة. وقد نصت المادة الثالثة من اللائحة المذكورة على أن "يعاقب كل من يرتكب إحدى المخالفات الواردة بالمجموعة الثالثة بالخصم من راتبه مدة لا تقل عن أربعة أيام ولا تجاوز عشرة أيام..." ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بمجازاة هذا المتهم بخصم عشرة أيام من مرتبه وهذا الجزاء مما يدخل فيما نصت عليه المادتان الثالثة والرابعة من اللائحة فإن الحكم المذكور يكون سليماً فيما انتهى في شأن هذا المتهم.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى المتهمين الثالث والرابع مما يدخل ضمن مخالفات المجموعة الخامسة باعتبار أنهما لم يتحريا الدقة في المراجعة أسوة بالبنود أرقام 36، 43، 51 من هذه المجموعة... وقد نصت المادة 5 من اللائحة على أن "يعاقب كل من يرتكب إحدى المخالفات الواردة في المجموعة الخامسة بخصم أجر يوم من راتبه..." ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمجازاة كل منهما بخصم يومين من مرتب كل منهما فإنه يكون قد خالف نص هذه المادة الأخيرة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضي به من مجازاة المتهمين الثالث والرابع يومين من مرتب كل منهما والاكتفاء بمجازاتهما بخصم يوم واحد من هذا المرتب. وتأييد الحكم المطعون فيه فيما عدا ذلك بلا مصروفات لأن الطعن مقدم من هيئة مفوضي الدولة.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى من مجازاة المتهمين الثالث والرابع بخصم يومين من مرتب كل منهما والاكتفاء بمجازاتهما بخصم يوم واحد من هذا المرتب وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق