الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 6 يوليو 2025

الطعن 289 لسنة 1 ق جلسة 19 / 11 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 19 ص 147

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

---------------

(19)
القضية رقم 289 لسنة 1 القضائية

(أ) طعن 

- أمام المحكمة العليا - عدم توقيع الطاعن على صورة صحيفته - لا بطلان.
(ب) طعن 

- أمام المحكمة العليا - حساب ميعاده - لا يحسب يوم صدور الحكم - يحسب اليوم الأخير من الميعاد - تطبيق المادة 20 من قانون المرافعات.
(ج) حكم 

- صدوره من محكمة القضاء الإداري كدرجة ثانية - جواز الطعن فيه أمام المحكمة العليا - عمومية نص المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955.

--------------------
1 - ليس في نصوص القانون ما يوجب أن تكون صورة صحيفة الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا التي تعلن لذوي الشأن موقعة من الطاعن.
2 - إن المادة 74 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة تقضي بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وبتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، كما توجب المادة 15 من هذا القانون المشار إليه رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. ولما كانت المادة 20 من قانون المرافعات تنص على أنه: "إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين فلا يحسب منه ميعاد التكليف أو التنبيه أو حصول الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد، وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه إذا كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء...". فإن مفاد هذا النص ألا يحسب في ميعاد هذا الطعن يوم صدور الحكم المطلوب رفع الطعن عنه، وأن ينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير.
3 - إن المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 قد خولت رئيس هيئة مفوضي الدولة، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن، الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية وذلك في الأحوال المنصوص عليها في تلك المادة. ونص المادة المذكورة لم يخصص الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بتلك التي تصدرها تلك المحكمة في دعاوى مرفوعة إليها ابتداء دون الأحكام التي تصدرها في دعاوى مرفوعة إليها طعناً في قرار لجنة قضائية أو في حكم لمحكمة إدارية، بل المناط في ذلك هو كون الحكم المطعون فيه صدر من أيهما وقامت به حالة أو أكثر من حالات الطعن المنصوص عليها في المادة المذكورة؛ فالدفع، والحالة هذه، يقوم على تخصيص بغير مخصص من النص.


إجراءات الطعن

في 22 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 23 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 6405 لسنة 8 ق المرفوعة من وزير العدل ضد جاد الكريم محمد أبو الحسن طعناً في القرار الصادر من اللجنة القضائية لوزارة العدل في 31 من يناير سنة 1954 في التظلم رقم 1030 سنة 2 ق "برفض الدفع بعدم الاختصاص وفي الموضوع باستحقاق المتظلم لضم المدة التي قضاها باليومية إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن، "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) المطعون فيه والذي قضى برفض الطعن المرفوع من وزارة العدل وكذلك قرار اللجنة القضائية ورفض تظلم المدعى عليه". وأعلن وزير العدل بالطعن في أول سبتمبر سنة 1955، وأعلن به المطعون عليه في 27 من أغسطس سنة 1955. وقد أودع المطعون عليه مذكرة في 24 من سبتمبر سنة 1955 برده على صحيفة الطعن دفع فيها "أولاً" بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد، و"ثانياً" ببطلان أصل الطعن لأن صورته المعلنة إليه في أول سبتمبر سنة 1955 خالية من توقيع السيد رئيس هيئة المفوضين، وفي الموضوع طلب الحكم برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة القضائية الصادر في 31 من يناير سنة 1954 في التظلم رقم 1030 سنة 2 ق وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 23 من يونيه سنة 1955 في القضية رقم 6405 سنة 8 ق للأسباب التي بني عليها كلاهما. وقال، بياناً للدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، إن الحكم المطعون فيه صدر في 23 من يونيه سنة 1955 وطعن فيه في 22 من أغسطس سنة 1955 أي بعد انقضاء الستين يوماً المقررة للطعن في الأحكام. وقال، شرحاً للدفع ببطلان أصل الطعن، إن صحيفة الطعن المعلنة إليه قد خلت من توقيع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة، ومن ثم تكون صحيفة الطعن باطلة حسب نص القانون. وقال في الموضوع، بعد أن أسهب في شرحه، إنه لا يجوز نظر طعنين في موضوع واحد سبق الفصل فيه.
وقد أودع السيد رئيس هيئة المفوضين في 9 من أكتوبر سنة 1955 مذكرة برده على مذكرة المطعون ضده قال فيها، عن الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد، إن المادة 24 من قانون مجلس الدولة تقضي بتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي، وتنص الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون مجلس الدولة أيضاً على أن "يرفع الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم". والقاعدة، وفقاً للمادة 20 من قانون المرافعات، أنه إذا عين القانون لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام فلا يحسب منه يوم حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه إذا كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء. وتطبيقاً للقاعدة المتقدمة يكون اليوم التالي لصدور الحكم هو تاريخ بدء ميعاد الستين يوماً التي أوجب القانون رفع الطعن خلالها، وبذلك يبدأ الميعاد يوم 24 من يونيه سنة 1955، ومن ثم تكون صحيفة الطعن قد أودعت في الميعاد ويكون الدفع غير مستند إلى أساس سليم. وقال رداً على الدفع ببطلان صحيفة الطعن لعدم توقيع رئيس هيئة المفوضين على الصورة المعلنة للمطعون عليه، إن الثابت أن أصل صحيفة الطعن موقع عليها من السيد رئيس هيئة المفوضين، وليس في نصوص القانون ما يوجب التوقيع على صورة صحيفة الطعن أو يرتب على إغفال هذا الإجراء بطلان الطعن.
ثم رد على ما قيل من عدم جواز نظر طعنين في موضوع واحد فقال إن جميع الأحكام التي تصدر من محكمة القضاء الإداري في ظل قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا بالتطبيق لنص المادة 15 من القانون دون تفرقة بين الأحكام الصادرة في الدعاوى المرفوعة ابتداء أمام المحكمة أو تلك التي رفعت طعناً في قرارات اللجان القضائية - وفي الموضوع صمم على الطلبات المبينة بصحيفة الطعن.
وقد عين لنظر الطعن جلسة 15 من أكتوبر سنة 1955 وفيها سمعت إيضاحات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
عن الدفع ببطلان إعلان صحيفة الطعن:
من حيث إن مبنى هذا الدفع أن صورة صحيفة الطعن المعلنة إلى المطعون عليه قد خلت من توقيع الطاعن.
ومن حيث إنه ليس في نصوص القانون ما يوجب أن تكون هذه الصورة التي تعلن لذوي الشأن موقعة من الطاعن فمن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس سليم من القانون.
عن الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد:
من حيث إن المادة 74 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة تقضي بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وبتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، كما توجب المادة 15 من القانون المشار إليه رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 20 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين فلا يحسب منه ميعاد التكليف أو التنبيه أو حصول الأمر المعتبر في نظر القانون مجرياً للميعاد وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه إذا كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء..." ومفاد هذا النص ألا يحسب في الميعاد يوم صدور الحكم المطلوب رفع الطعن عنه، وأن ينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 23 من يونيه سنة 1955 فمن ثم يبدأ ميعاد الطعن فيه يوم 24 من يونيه سنة 1955، وإذ ثبت أن الطعن قد رفع بإيداع صحيفة سكرتارية هذه المحكمة في 22 من أغسطس سنة 1955 أي في اليوم الستين فيكون قد رفع في الميعاد، ويكون الدفع على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
عن الدفع بعدم جواز الطعن:
من حيث إن هذا الدفع يقوم على أنه لا يجوز الطعن أمام هذه المحكمة في حكم صادر من محكمة القضاء الإداري في طعن رفع إليها في قرار لجنة قضائية أو استئناف لحكم محكمة إدارية.
ومن حيث إن المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 قد خولت رئيس هيئة مفوضي الدولة، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن، الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية وذلك في الأحوال المنصوص عليها في تلك المادة.
ومن حيث إن نص المادة المذكورة لم يخصص الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بتلك التي تصدرها تلك المحكمة في دعاوى مرفوعة إليها ابتداء دون الأحكام التي تصدرها في دعاوى مرفوعة إليها طعناً في قرار لجنة قضائية أو في حكم لمحكمة إدارية، بل المناط في ذلك هو كون الحكم المطعون فيه صدر من أيهما وقامت به حالة أو أكثر من حالات الطعن المنصوص عليها في المادة المذكورة. فالدفع، والحالة هذه، يقوم على تخصيص بغير مخصص من النص.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
عن موضوع الطعن:
من حيث إن عناصر هذه المنازعة الإدارية، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أنه في 24 من مايو سنة 1951 وافق مجلس الوزراء على حساب المدد التي قضيت في وظيفة مندوب محضر في المعاش لعدد من موظفي وزارة العدل بلغ 112. وعلى أثر صدور هذا القرار تقدمت وزارة العدل إلى وزارة المالية بطلب الموافقة على تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على طائفة من موظفي وزارة العدل عددهم ثلاثون لهم مدة خدمة سابقة باليومية وتماثل حالتهم حالة من شملهم قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من مايو سنة 1950. وعرض الأمر على اللجنة المالية فوافقت عليه ثم تقدمت وزارة المالية إلى مجلس الوزراء بطلب الموافقة على رأي اللجنة المالية فوافق عليه بجلسته المنعقدة في 19 من أغسطس سنة 1951. وقد تظلم جاد الكريم محمد أبو الحسن إلى اللجنة القضائية لوزارة العدل طالباً تسوية حالته على أساس حساب مدة خدمة قضاها باليومية ضمن المدة المحسوبة له في المعاش بحجة أن حقه تعلق بضمها استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 الذي حوي قاعدة تنظيمية يفيد منها الموظفون الذين لهم مدد خدمة باليومية قبل أغسطس سنة 1919، فأجابته اللجنة إلى طلبه بجلسة 31 من يناير سنة 1954 مؤسسة قرارها على أن مجلس الوزراء، بقراره الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951، قد أقر قاعدة تنظيمية عامة من مقتضاها حساب مدة الخدمة باليومية ضمن المدة المحسوبة في المعاش لكل من لم يسبق تسوية حالته وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 24 من مايو سنة 1950. فطعنت وزارة العدل في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت سكرتارية هذه المحكمة في 10 من إبريل سنة 1954 واستندت في طعنها إلى أن أحكام قانون المعاشات الذي يعامل على أساسه المطعون عليه لا تجيز ضم مدد خدمة باليومية في حساب المعاش. وإذا كان مجلس الوزراء - استثناء من أحكام القانون - قد رأى معاملة بعض الموظفين معاملة استثنائية، فلا يجوز إجراء حكم هذا الاستثناء على موظفين آخرين غير من عناهم بقراره، ولا يصح اعتبار الوارد بقراراته قاعدة تنظيمية عامة؛ إذ لا يملك مجلس الوزراء، وهو سلطة أدنى من السلطة التي أصدرت القانون، وضع قواعد تنظيمية عامة بالمخالفة لأحكام هذا القانون. وقد قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها الصادر في 23 من يونيه سنة 1955 "برفض الطعن وألزمت الحكومة بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 قد وضع قاعدة تنظيمية عامة تسري في حق من تماثل حالتهم حالة من خصهم قرار 24 من مايو سنة 1950 بمعاملة فردية، وقد جاء بأسباب حكمها في هذا الصدد "أنه غير مجد في الدعوى ما يثار من نقاش حول سلطة مجلس الوزراء في إصدار قرار 19 من أغسطس سنة 1951 بعد أن صدر القانون رقم 86 لسنة 1951، الذي اعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون في 21 من مايو سنة 1951، وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش، سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929. ونص القانون في مادته الأولى على أن تظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها" وأنه "لا شبهة في أن ما رمى إليه القانون رقم 86 لسنة 1951 هو إقرار حالتين الأولى منهما خاصة بما صدر من قرارات من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 حتى تاريخ العمل بهذا القانون في 21 من مايو سنة 1951، والثانية خاصة بالقرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش وذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات أو من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922. واعتبر القانون في حكم الصحيحة ما صدر من قرارات قبل صدوره، ونص على أن تظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها، كما نص على أن كل القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش تظل نافذة صحيحة، وهذه الحالة الأخيرة ليست مقصورة الأثر على ما صدر من قرارات قبل صدور القانون بل تمتد إلى القرارات التي تتضمن هذه التدابير ما دام القانون قائماً، ولا سبيل إلى سحب أحكام هذه الحالة إلى الماضي استناداً إلى الصياغة الحرفية لكلمة "تضمنت" فلو كان هذا قصد الشارع لاكتفى بما أفصح عنه من اعتبار كل ما صدر من قرارات قبل العمل به صحيحة نافذة ولما عنى بالنص على الحالة الثانية" وأن القانون رقم 86 لسنة 1951 وقد اعتبر في حكم الصحيحة قرارات لمجلس الوزراء صدرت قبل صدوره رمى إلى وضع حد فيما أثير من جدل حول مطابقتها لحكم القانون. وهذا القانون، عندما اعتبر ما يصدر من قرارات تتضمن تدابير خاصة بجواز احتساب مدد خدمة في المعاش صحيحة نافذة، قصد إلى منح مجلس الوزراء سلطة إصدار مثل هذه القرارات. "وأن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 24 من مايو سنة 1950 و19 من أغسطس سنة 1951 تناول أولهما الموظفين والمستخدمين الذين حسبت لهم مدد الخدمة باليومية في المعاش بالفعل فأقر ما تم من احتساب مدة خدمتهم المؤقتة في المعاش وأفصح مجلس الوزراء عن نيته، بما لا يدع مجالاً للشك، بأن قراره هذا مقصور الأثر على أشخاص معينين بذواتهم فلا يتعداهم إلى غيرهم وتناول ثانيهما وضع قاعدة تنظيمية عامة تسري في حق من تماثل حالتهم حالة من خصهم قرار مجلس الوزراء الأول بمعاملة فردية، ومقتضى هذه القاعدة حساب مدد الخدمة باليومية التي اعتبرتها لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 بماهية شهرية في المعاش".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 قد وضع قاعدة تنظيمية عامة في شأن ضم مدد الخدمة باليومية في حساب المعاش، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله؛ ذلك أن القوانين الخاصة بالمعاشات لم تكن تجيز ضم مدد الخدمة باليومية إلى المدة المحسوبة في المعاش. بيد أن مجلس الوزراء كان قد درج على إصدار قرارات مختلفة - عامة وفردية - من شأنها إفساح المجال أمام الموظفين لإدخال مدد في المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين. فرغبة في تصحيح هذا الوضع الخاطئ صدر القانون رقم 86 لسنة 1951 ناصاً في مادته الأولى على أنه "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يناير سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929، وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها" وأنه ظاهر من عبارة هذا النص ومن استعمال لفظ "تضمنت" في صدد وصف الفئة الثانية من القرارات أن الحكم الوارد بالمادة الأولى سالفة الذكر إنما ينصرف إلى القرارات التي سبقت صدوره، وأنه يبين من تتبع الأعمال التحضيرية للقانون رقم 86 لسنة 1951 أن المشرع لم يتعد دائرة تصحيح القرارات السابقة ولم ينصرف قصده بحال من الأحوال إلى تخويل مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات تنظيمية عامة من هذا القبيل في المستقبل.
ومن حيث إنه في 15 من إبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية، وقد نصت المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التي لم يجر على مرتبها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش في أي حال من الأحوال... ويستثنى من ذلك مدة الاختبار المقررة في اللائحة العمومية لقبول وترقية المستخدمين الملكيين فإن هذه المدة تحسب في المعاش..." واستمر العمل بأحكام هذا القانون، فيما يتعلق بحساب مدد الخدمة في المعاش، إلى 8 من مايو سنة 1922 حيث صدر القانون رقم 22 لسنة 1922 وقد نصت المادة الأولى منه على أنه "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفي الحكومة ومستخدميها يكون مقيداً من قبل أو يعين فيما بعد في سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهيتهم يجوز أن يدخل في حساب معاشه طبقاً للمواد الآتية، مدد خدماته السابقة التي لم يستقطع عنها شيء مما ذكر على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة......" وفي 28 من مايو سنة 1929 صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، ونص في المادة التاسعة منه على أن "الخدمات التي لا يجرى على ماهيتها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش أو المكافأة في حال من الأحوال" واستثنت المادة من ذلك "مدة الاختبار المقررة في اللائحة لقبول وترقية المستخدمين الملكيين" وكذلك "المدة التي تقضي في البعثات التي ترسلها الحكومة إلى الخارج..." ونصت المادة الثامنة والثلاثون على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو منح مكافآت استثنائية للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من الخدمة". وفي 28 من مايو سنة 1929 أيضاً صدر المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 ملغياً القانون رقم 22 لسنة 1922 ومضيقاً من نطاق تطبيق أحكامه، فقد نصت المادة الثانية منه على أنه "تدخل فقط في حساب المعاش المدد، التي في أثنائها كانت ماهية الموظف أو المستخدم محسوبة على وظيفة دائمة على أنه إذا تخللت مدة خدمته فترات قيد في أثنائها بمقتضيات مصلحية على وظائف مؤقتة دون أن يغير طبيعة عمله ثم أعيد قيده على وظيفة دائمة فهذه الفترات تحسب مدة خدمة في وظائف دائمة" ثم صدر بعد ذلك المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 1935 مبطلاً العمل بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 سالف الذكر.
ومن حيث إنه على الرغم من أنه يبين بجلاء من استقراء نصوص القوانين المشار إليه أنها ما كانت تجيز حساب مدد خدمة باليومية في المعاش إلى في الحدود التي رسمتها حسبما سلف بيانه فإن مجلس الوزراء درج على إصدار قرارات مختلفة - عامة وفردية - تقضي بحساب مدد خدمة في المعاش ما كانت تجيزها تلك القوانين، فلم يكن محيص من العمل على تصحيحها، فتقدمت الحكومة في أوائل سنة 1951 إلى البرلمان بمشروع قانون نص في مادته الأولى على أنه "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى 14 من فبراير سنة 1945 وتضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد خدمة مؤقتة في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها وذلك بدون إخلال بحق مجلس الوزراء في تعديلها أو إلغائها في المستقبل" وقد بحثت لجنة الشئون المالية بمجلس النواب مشروع القانون المشار إليه وأبدت على مادته الأولى الملاحظات الآتية:
"1 - إن القرارات التي يراد اعتبارها في حكم الصحيحة هي التي صدرت في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى 14 من فبراير سنة 1945 وهو التاريخ الذي بدئ فيه في التفكير في تصحيح هذه القرارات، وأن ثمة قرارات صدرت بعد ذلك، ولذلك رأت أن تمتد هذه الفترة إلى تاريخ العمل بهذا القانون...".
"2 - إن القرارات العامة التي يراد اعتبارها في حكم الصحيحة ستتخذ صفة قانونية تجعلها متممة لهذا التشريع، ومن أجل ذلك لا بد من أن يلحق بيانها بهذا القانون. أما القرارات الفردية، فيكفي لكي تعتبر صحيحة، أن يكون صدورها في حدود الفترة التي سبقت الإشارة إليها".
"3 - إن القرارات التي أشار إليها القانون ليست قاصرة على مدد الخدمة المؤقتة، بل تناول بعضها مدداً دراسية أو مدد فصل سياسي، ولذلك لم يكن بد من تعميم النص".
"4 - إن هذه القرارات، ما دامت قد أصبحت أحكاماً تضمنها القانون، لا يجوز أن يستمر حق مجلس الوزراء قائماً في تعديلها أو إلغائها لأن أحكام القانون لا تعدل إلا بقانون ولذلك حذفت اللجنة العبارة الأخيرة من الفقرة الأخيرة، وبذلك أصبح نص المادة الأولى كما يلي "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من فبراير سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها".
ومن حيث إن اللجنة المالية راعت في صياغتها للنص الجديد أن ثمة نوعين من القرارات: قرارات عامة وهذه سيلحق بيانها بالقانون، وأخرى فردية وهذه تكفي، لاعتبارها صحيحة، أن يكون صدورها في حدود الفترة التي نص عليها في القانون. ومن ثم فلم تقصد اللجنة بهذا النص المعدل أن تمنح مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات من نوع القرارات التي أعد مشروع القانون لتصحيحها كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، بل إن اللجنة أكدت في وضوح صدق هذا النظر؛ إذ قالت في البند 4 من ملاحظاتها - السابق الإشارة إليها - "إنه ما دامت القرارات التي صدر في شأنها القانون قد أصبحت أحكاماً تضمنها القانون فلا يجوز أن يستمر حق مجلس الوزراء قائماً في تعديلها أو إلغائها لأن القانون لا يعدل إلا بقانون". ولما أحيل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ قامت اللجنة المالية ببحثه ثم أعدت تقريراً استهلته بالإشارة إلى ما سبق بيانه من قوانين، ثم قالت "وقد درج مجلس الوزراء - بعد عرض من وزارة المالية - على إصدار قرارات مختلفة مبنية بالكشف المرافق من شأنها إفساح المجال أمام الموظفين لإدخال مدد خدمة مختلفة في المعاش ما كانت تجيزها القوانين المعمول بها. لذلك رأى مجلس الدولة وجوب تصحيح الوضع بإصدار التشريع المعروض..." ثم أضافت بعد ذلك "كذلك لما تبين أن ما يهدف إليه هذا المشروع من تصحيح وضع خاطئ جرى عليه مجلس الوزراء فلا يجوز الترخيص له في الاسترسال في إصدار قرارات هي في الواقع تعديل لأحكام القانون، ولذا حذفت العبارة الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى وهي "وذلك بدون إخلال بحق مجلس الوزراء في تعديلها أو إلغائها في المستقبل" لوقفه عن إصدار مثل هذه القرارات وإلا تصبح باطلة ولا يترتب عليها أي أثر في التنفيذ" وانتهت اللجنة إلى الموافقة على مشروع القانون كما عدله مجلس النواب، فصدر بذلك القانون رقم 86 لسنة 1951 متضمناً المادة الأولى معدلة على النحو الذي أقره المجلسان، وأرفق به كشف ببيان قرارات مجلس الوزراء التي اعتبرت صحيحة بمقتضى القانون المذكور ومن بينها القرار الصادر في 24 من مايو سنة 1950 بالموافقة على حساب مدد خدمة باليومية في المعاش لمائة واثني عشر موظفاً بوزارة العدل.
ومن حيث إنه يظهر، مما تقدم وعلى هدي الأعمال التحضيرية للقانون رقم 86 لسنة 1951، أن الحكم المطعون فيه - إذ ذهب إلى أن المادة الأولى منه قد تضمنت إقرار حالتين: أولاهما خاصة بما صدر من مجلس الوزراء من قرارات في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بذلك القانون، وهذه اعتبرها القانون صحيحة نافذة منتجة لآثارها، والثانية خاصة بالقرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش، وهذه تظل نافذة وصحيحة وتمتد إلى كل ما يصدر من قرارات مماثلة ما دام القانون رقم 86 لسنة 1951 قائماً - إن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إن المادة 38 من القانون رقم 37 لسنة 1929 إذ نصت على أنه "يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر بناء على اقتراح وزير المالية ولأسباب يكون تقديرها موكولاً إلى المجلس منح معاشات استثنائية أو زيادات في المعاشات أو مكافآت استثنائية للموظفين والمستخدمين المحالين إلى المعاش أو الذين يفصلون من الخدمة" - إنما خولت المجلس تلك السلطة الاستثنائية لإعمالها في حالات فردية بالنسبة لموظفين أو مستخدمين انتهت مدة خدمتهم ويرى، لأسباب خاصة قائمة بهم يكون تقديرها موكولاً إليه، منحهم تلك المعاشات أو الزيادات في المعاشات أو المكافآت الاستثنائية، ولا يمكن أن ترقى هذه السلطة إلى حد تقرير قواعد تنظيمية عامة مجردة يكون من مقتضاها نسخ الحكم التشريعي المنصوص عليه في المادة التاسعة من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1951 قد صدر في حالات فردية لموظفين أو مستخدمين بذواتهم، فلا يجوز التحدي بإفادة المطعون عليه منه وهو لم يصدر في شأنه كما أنه لا يجوز التحدي كذلك بأنه قرر قاعدة تنظيمية عامة تطبق في الحالات المماثلة؛ إذ فضلاً عن أنه لم يصدر على هذا النحو فإنه لا يملك تقرير مثل هذه القاعدة العامة المجردة الناسخة لحكم المادة التاسعة من القانون المشار إليه حسبما سلف بيانه.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ومن ثم يتعين إلغاؤه ورفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض التظلم، وألزمت المتظلم بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق