الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 19 يوليو 2025

الطعنان 2707 ، 2716 لسنة 33 ق جلسة 8 / 3 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 106 ص 997

جلسة 8 من مارس سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمود زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(106)

الطعنان رقما 2707، 2716 لسنة 33 القضائية

ضرائب - الضريبة على الاستهلاك - تحديد الخاضع لها - طبع شرائط الكاسيت والفيديو.
القانون رقم 133 لسنة 1981 في شأن الضريبة على الاستهلاك.
القانون هو الذي يحدد أركان الضريبة ووعاءها وسعرها والخاضع لها وكيفية تحصيلها - لا يجوز بغير نص في القانون نقل عبء الضريبة من الممول الملزم بأدائها إلى شخص آخر يتحمل بها - لم يفوض المشرع السلطة التنفيذية باتخاذ أية إجراءات بشأن نقل عبء الضريبة على الاستهلاك - أثر ذلك: أن المنشور رقم 15 لسنة 1986 الصادر من رئيس مصلحة الضرائب بإلزام الأفراد والشركات التي تقوم بطبع شرائط الفيديو بعدم سحبها من معامل الطبع إلا بعد سداد الضريبة نيابة عن المنتج الملتزم بها إذا أراد الحصول على حقه في طباعتها من المالك - هذا المنشور مخالف للقانون - أساس ذلك: تجاوز حدود سلطة رئيس مصلحة الضرائب في جباية هذه الضريبة - منتج الشرائط أو مالكها هو الملتزم بالضريبة على الاستهلاك حتى لو عهد بطباعتها للغير - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 20/ 6/ 1987 أودع الأستاذ/ عدلي جرجس المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2707 لسنة 33 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 21/ 4/ 1987 في الدعوى رقم 853 لسنة 41 ق المقامة من الطاعنتين ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة وإلزام المدعيتين المصروفات.
وفي ذات اليوم أودع الأستاذ/ يوسف فارس المحامي نيابة عن الأستاذ أحمد الخواجة المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنتين أمام هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2716/ 33 ق. ع في ذات الحكم المشار إليه.
وطلبت الطاعنتان - للأسباب الواردة بتقريري طعنيهما - الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مصلحة الضرائب على الاستهلاك والمتخذ شكل منشور يحمل رقم 15 لسنة 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أودع الأستاذ المستشار عادل الشربيني مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني في الطعنين المشار إليهما ارتأى فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في طلب إلغاء هذا القرار مع إلزام الطاعنتين المصروفات.
وقد عين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 15/ 10/ 1990 وبجلسة 7/ 1/ 1991 تقرر ضم الطعنين أحدهما إلى الآخر ليصدر فيهما حكم واحد، وقد تم تداول الطعنين ومناقشة أدلتهما التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر بجلسة 3/ 6/ 1991 إحالتهما إلى هذه المحكمة التي تداولت الطعنين المنضمين بجلسات المرافعة حتى تقرر حجزهما للنطق بالحكم بجلسة 29/ 12/ 1991، وبالجلسة المذكورة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 12/ 2/ 1992 لإتمام المداولة، ثم قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بهذه الجلسة لعدم استكمال التشكيل ونظرتها بجلسة 8/ 3/ 1992 حيث قررت حجزها للحكم في هذه الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 18/ 11/ 1986 أقامت الطاعنتان الدعوى رقم 853 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ابتغاء الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك والمتخذ شكل منشور صدر برقم 15 لسنة 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك تأسيساً على أن رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك قد أصدر المنشور المذكور بشأن التكييف القانوني للجهات التي تقوم بتصنيع سلعة خاضعة لضريبة الاستهلاك، لحساب الغير ومنها الجهات التي تقوم بطبع "شرائط الفيديو كاسيت" وقد تضمن هذا المنشور إلزام من يقوم بطبع هذه الشرائط لحساب الغير بعدم سحبها من معمله أو مصنعه إلا بعد التأكد من أداء ضريبة الاستهلاك المستحقة عليها، وإلا كان شريكاً ومساهماً في عدم تحصيل هذه الضريبة مما يعرضه لحكم المادة 53 من قانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم 133 لسنة 1981، وهو منشور لا يقتصر على مجرد إصدار توجيهات داخلية بل تجاوز ذلك إلى حد إفصاح مصلحة الضرائب عن إرادتها الملزمة في إلزام الشركات بأحكام ليست واردة في القوانين واللوائح الأمر الذي يترتب عليه التأثير في المراكز القانونية لهذه الشركات، وهو بهذه المثابة يعد قراراً إدارياً صدر من غير مختص لأن قانون الضريبة على الاستهلاك ناط بوزير المالية وحده إصدار اللوائح التنفيذية للقانون وقد صدرت اللائحة بالفعل، لا سيما وأن الشركة المدعية غير مخاطبة بأحكام هذا القانون لأنه وفقاً لأحكام المادة 3 منه يسري على كل منتج صناعي وعلى كل مستورد لسلع خاضعة لهذه الضريبة والشركة المدعية يقتصر نشاطها فقط على تعبئة أشرطة الكاسيت لحساب الغير، ومن ثم فلا يجوز للقرار المطعون فيه أن يؤثر في مركزها القانوني بأية صورة وتحت أي مسمى من المسميات، وقد حدد القانون المذكور الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكامه والعقوبات المحددة ولم يرد بهذه الجرائم تلك الجريمة التي افترضها القرار المطعون فيه، وهو اعتبار الطابع الذي يقوم بالطبع لحساب الغير شريكاً ومساهماً في جريمة التهرب المنصوص عليها بالمادة (53) من القانون، ويكون بذلك قد أنشأ جريمة دون سند من القانون، كما أن البند (3) من القرار قد عرف أماكن الإنتاج التي تستحق الضريبة عند السحب منها بأنها الأماكن التي تسحب منها السلعة وهي تامة الصنع، وهو تعريف لا ينطبق على نشاط الشركة الطاعنة إذ يقتصر نشاطها على طبع المادة المسجلة على شريط الكاسيت ثم يقوم المنتج بعد ذلك باستكمال مراحل الإنتاج الأخرى بمعرفته مثل عملية التغليف وتحديد السعر للجملة والمستهلك وغير ذلك من مراحل الإنتاج ومن ثم فلا تستحق الضريبة عند السحب من أماكن الطبع.
وقد دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم قبولها لانتفاء المصلحة لأن المنشور تضمن وضع الضوابط الإجرائية لمنع تهرب منتجي أشرطة الكاسيت من أداء الضريبة، وليس من بينهم المدعيتان لأنهما تقومان بطبع الأشرطة لحساب هؤلاء المنتجين، ومن ثم فلا تكون لهما مصلحة في الطعن على المنشور المذكور، وأنهما لم يحدداه صراحة بصحة الضرر الذي سيصيبهما من جراء العمل به، ولا يقدح في ذلك قولهما بأن العمل بهذا المنشور سيؤدي إلى توقف نشاطهما لأن الضريبة المستحقة على هذه السلعة واجبة الأداء في كل الأحوال، وإذا كانت ثمة مصلحة لهما في الطعن على هذا المنشور فهي مصلحة غير مشروعة لا يقرها القانون، كما دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري لأن المنشور لا يعدو أن يكون توجيهاً للعاملين بمصلحة الضرائب على الاستهلاك تتعلق بكيفية تحصيل تلك الضريبة مما يتضمن الحفاظ على أموال الدولة، كما طلبت الجهة الإدارية احتياطياً رفض الدعوى استناداً إلى أن المنشور المطعون فيه ليس قراراً بفرض ضريبة جديدة أو بتعديلها، وإنما هو منشور مصلحي بتنظيم كيفية تحصيل ضريبة الاستهلاك المقررة على السلع ومكافحة التهرب منها.
وبجلسة 21/ 4/ 1987 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين القاضي بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة وإلزام المدعيتين المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على ما استقرت عليه أحكام القضاء الإداري من أنه يجب أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً في مصلحة ذاتية له تأثيراً مباشراً ويجب أن تكون هذه المصلحة جدية، وأن الطابع لأشرطة الكاسيت والفيديو كاسيت - طبقاً لأحكام القرار المطعون فيه - لا يعتبر قانوناً هو المنتج الملتزم بالضريبة والمكلف بأدائها على ما تم طبعه من شرائط وإنما يقع ذلك على المنتج المالك وأن الالتزام الوحيد الذي يقع على عاتق الطابع في هذه الحالة هو عدم إتمام عملية السحب من معمله أو مصنعه إلا بعد التأكد من سداد الضريبة المستحقة على ما تم طبعه، ويتم ذلك بحالة من الحالات الثلاث أما أن يصله إخطار من المصلحة بأن مالك الشرائط "المنتج" قد قام بسداد ضريبة الاستهلاك على ما تم طبعه، وأما أن يقوم الطابع نيابة عن المالك المنتج وباسمه بسداد القسيمة الدالة على سداد الضريبة، أو يتقدم للإدارة المختصة بطلب الإفراج وسحب ما تم طبعه مرفقاً به القسيمة الدالة على سداد الضريبة، وفي كل تلك الحالات لم يرتب أي التزام على الطابع بوجوب سداد ضريبة الاستهلاك على الشرائط التي يقوم بطبعها وكل ما ألزمه هو عدم إتمام عملية السحب من معمله إلا بعد التأكد من سداد الضريبة المستحقة على ما تم طبعه، ومن ثم فإن المدعيتين لا يكونان في مركز قانوني خاص بالنسبة للقرار المطعون فيه، إذ أن هذا القرار لا يمس أدنى مركز قانوني للمدعيتين يراد حمايته بالدعوى ولم يؤثر بالتالي في مصلحة ذاتية مادية كانت أو أدبية تأثيراً مباشراً.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أن المصلحة في دعاوى الإلغاء - على خلاف الحال في قانون المرافعات لا يلزم أن تستند إلى حق للمدعي بل يكفي أن يكون لرافع الدعوى مجرد مصلحة لا ترقى إلى مرتبة الحق ويتعين في هذا الشأن أن تكون مصلحة طالب الإلغاء شخصية ومباشرة في رفع الدعوى بأن يكون القرار المطعون فيه قد مس حالة قانونية خاصة بالمدعي لأن طلب الإلغاء هو طعن موضوعي يوجه إلى القرار الإداري.
ثانياً: أن القرار المطلوب إلغاؤه يؤثر حتماً في مركز الطاعنتين إذ يقومان بطبع الكاسيت لحساب الغير ولا يخضعان للقانون الخاص بضريبة الاستهلاك وسحب أحكام القانون عليهما يتولد عنه إنشاء مركز قانوني ضار بهما.
ثالثاً: أن القرار المطعون فيه قد رتب ضرائب إضافية على الشركة الطاعنة في حالة عدم الانصياع لأحكامه وسحب وصف التجريم على واقعة الإفراج عما يتم طبعه من أشرطة كاسيت لحساب الغير واعتبر الشركة الطاعنة مساهمة في الجريمة المنصوص عليها في القانون سالف الذكر.
رابعاً: أن مصلحة الضرائب على الاستهلاك قد قامت بالفعل بتطبيق القرار المطعون فيه على الشركة الخاصة بالطاعنتين وحررت لهما محاضر إثبات حالة.
ومن حيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة هي مناط لدعوى الإلغاء أمام محاكم مجلس الدولة وهي أساس قبولها شكلاً بحيث لو تخلفت المصلحة في حق رافع الدعوى كانت دعواه غير مقبولة وتعين على المحكمة القضاء بعدم قبولها إلا أنه لا يشترط في المصلحة المشروعة لطلب إلغاء القرارات الإدارية أن تقوم على حماية حق أهدره القرار الإداري المطلوب إلغاؤه أو وقف تنفيذه بل يكفي أن يمس القرار الإداري حالة قانونية لصاحب الشأن تجعل له مصلحة مادية أو أدبية في إقامة دعواه بأن يكون في مركز قانوني خاص أو حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله - ما دام قائماً - مؤثراً في مصلحة ذاتية للطالب تأثيراً مباشراً شريطة أن تكون هذه المصلحة جدية ومشروعة.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون فيه أنه عبارة عن منشور عام صادر من رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك، نص فيه صراحة على أنه ولئن كان طابعوا شرائط الكاسيت والفيديو كاسيت لا يعتبرون منتجين أو ملاكاً للسلعة المستحق عليها الضريبة، إلا أنه لما كانت واقعة سحب الشرائط من أماكن طبعها هي الواقعة المنشئة للضريبة، فإن الالتزام الذي يقع على عاتق كل منهم هو عدم إتمام عملية السحب من معمله أو مصنعه إلا بعد التأكد من سداد الضريبة المستحقة على ما تم طبعه حتى لا يكون شريكاً أو مساهماً في عدم تحصيل ضريبة الاستهلاك على سلعة خاضعة لها نشأت في شأنها الواقعة المنشئة لها..... وحتى يمكنه الإفراج عن الشرائط المطبوعة يلتزم بما يلي:
(1) أما أن يصله إخطار من المصلحة بأن مالك الشرائط - المنتج - قد قام بسداد ضريبة الاستهلاك على ما تم طبعه.
(2) أو يقوم نيابة عن المالك المنتج وباسمه بسداد ضريبة الاستهلاك على ما تم طبعه.
(3) أو يتقدم للإدارة التنفيذية المختصة بطلب الإفراج وسحب ما تم طبعه مرفقاً به القسيمة الدالة على سداد ضريبة الاستهلاك.
وتنفيذاً لهذا المنشور وجه السيد مدير عام الإدارة العامة لمنطقة القاهرة الكبرى خطاباً إلى الطاعنتين متضمناً ما ورد في المنشور من التزامات طالباً تنفيذها.
ومن حيث إن المنشور العام المشار إليه بمضمونه المتقدم ذكره قد فرض على الطاعنتين واجبات والتزامات جديدة من شأنه - لو جاز تطبيقه - أن يعوق عملهما ويضيف إليهما التزامات من شأنها لو تم تنفيذها طبقاً لما أورده المنشور أن يعرضهما لخسارة سواء في الوقت أو الجهد أو النفقات لأن العمل بالشركة التي يمثلانها يقتصر على طبع شرائط الكاسيت والفيديو لحساب الغير مقابل أجر مادي يتفق عليه، ولا يستحق الأجر كله أو بعضه إلا عند سحب الشرائط بعد الانتهاء من عميلة الطبع ومن ثم فإن الالتزام بالامتناع عن السماح بسحب الشرائط المطبوعة لدى الشركة بعد الانتهاء من طبعها تنفيذاً لمقتضى المنشور المطعون فيه لا يعني سوى حرمان الشركة من الأجر المستحق لها عن الطبع ما لم تقم بجهد إضافي يتمثل في السعي لدى المصلحة للحصول على طلب الإفراج أو الانتظار حتى يصلها إخطار من المصلحة بأن المنتج قد قام بسداد الضريبة وقد لا يصل هذا الإخطار لعدم سداد المنتج للضريبة بالفعل، وفي هذه الحالة فليس لها من خيار سوى أن تحل نفسها محل المنتج في سداد الضريبة بدلاً منه، وقد تفوق في قيمتها الأجر المستحق لها عن الطبع ثم تعود على الملزم بالضريبة بقيمة ما تسدده مما يصيبها بخسائر فادحة، الأمر الذي يجعل القرار المطعون فيه مؤثراً تأثيراً مباشراً في المراكز القانونية للطاعنتين ويجعل لهما مصلحة شخصية مباشرة ومشروعة في طلب وقف تنفيذ القرار وإلغائه، ذلك أن القرار الطعين وأن اعترف بعدم التزام الطابع بسداد الضريبة على الاستهلاك، فقد ألزمهما من ناحية أخرى بسدادها نيابة عن المالك (المنتج) لو أرادا السماح بسحب الشرائط أملاً في الحصول على أجرهما عن الطبع الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى ضياع حقهما في استردادها لتقاعس المنتج عن سداد الضريبة من ناحية بسبب الإفراج عنها، وتقاعس المصلحة عن مطالبته بسدادها لقيام الطابع بسدادها نيابة عنه مما يمس حتماً المركز القانوني للطابع في الصميم، ويجعل طلب الطاعنتين وقف تنفيذ القرار مقبولاً لتوافر شرط المصلحة في حقيهما، ومن ثم يكون الحكم الطعين إذ انتهج غير هذا النهج وقضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة قد أخطأ في تفسير القانون وسلامة تطبيقه على الواقعة المطروحة وأضحى حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن طلب وقف التنفيذ محل الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين قد استكمل أوضاعه الشكلية واستوفى البيانات والمستندات المطلوبة واللازمة لحسم النزاع بشأنه وأضحى مهيأ للفصل فيه على نحو لا يجعل ثمة حاجة معه لإعادة الطعن من جديد إلى محكمة أول درجة للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن طلب وقف التنفيذ - على ما استندت عليه أحكام هذه المحكمة - يقوم على ركنين أولهما ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية ترجع إلغاء القرار. والثاني قيام حالة الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فقد كفل الدستور الحقوق العامة للمواطنين وحظر تكليفهم بأداء الضرائب العامة أو تحميلهم بالأعباء أو الالتزامات المالية إلا بمقتضى القانون وفي الحدود التي يقررها القانون حيث نصت المادة (119) من الدستور صراحة على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون....... ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون" كما نصت المادة (120) من الدستور المذكور على أنه "ينظم القانون القواعد الأساسية لجباية الأموال العامة وإجراءات صرفها"، ومقتضى صريح هذه النصوص الدستورية فإنه يتعين أن يتحدد بالقانون ذاته أركان أية ضريبة عامة سواء من حيث الوعاء الخاضع للضريبة أو شخص الملزم بها أو سعرها وكذلك كيفية وإجراءات تحصيل الضريبة والإجراءات التي يتبعها الملزم بالضريبة والجهة الإدارية المنوط بها تحصيلها من الممول ووسائل السلطة العامة التي تتبعها في هذا الخصوص وبالتالي فإنه لا يجوز بغير نص في قانون تحديد أركان الضريبة العامة فإنه لا يجوز تكليف أحد بتحمل عبء تحصيلها من الممول الملزم بأدائها خصماً عند المنتج من مستحقاته أو نيابة عنه أو بدلاً منه إلا بنص صريح يقضي بذلك في قانون وفي ضوء هذه المبادئ الدستورية الحاكمة لشرعية الضرائب العامة صدر القانون رقم 133 لسنة 1981 في شأن الضريبة على الاستهلاك، وحدد وعائها والملزم بها وسعرها وطريقة جبايتها على سنن منضبطة نص في المادة (2) منه على أن "تفرض الضريبة على السلع الواردة بالجدول المرافق لهذا القانون بالفئات الموضحة قرين كل منها"، ونصت المادة (4) منه على أن "تستحق الضريبة بمجرد بيع السلعة ويعتبر في حكم البيع قيام منتج السلعة باستعمالها في أغراض خاصة أو شخصية، كما يعتبر في حكم البيع سحب السلع من أماكن تصنيعها أو من المخازن"، كما نصت المادة (38) من القانون المذكور على أن "تستحق الضريبة بتحقق الواقعة المنشئة لها وعلى المنتج الملتزم بالضريبة أن يقوم بسدادها فور مطالبته بذلك أولاً بأول وفي جميع الأحوال يلتزم بتوريد حصيلة الضريبة دورياً كل عشرة أيام وذلك طبقاً للقواعد والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية".
وقضت المادة (53) منه على أنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب كل من تهرب من الضرائب أو شرع في ذلك بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ومقتضى النصوص المتقدمة أن المشرع قد حدد على وجه قاطع الأحكام الخاصة بفرض الضريبة والواقعة المنشئة لها والملتزم بسدادها وحدد العقوبة المفروضة على من يتهرب منها، ولم يفوض السلطة التنفيذية في تقديرها أو تحديد الملتزم بها، وما كان ينبغي له دستورياً النص على ذلك، إذ أن اختصاص وولاية السلطة التشريعية بإنشاء الضرائب وتحديد نظامها وكيفية استحقاقها والقواعد الأساسية لجبايتها من الممولين هو اختصاص دستوري لا يملك المشرع التفويض فيه للسلطة التنفيذية، فإذا كان البادي من نصوص القانون المذكور أن المشرع قد جعل منتج السلعة أو مستوردها هو وحده المسئول عن سداد ضريبة الاستهلاك ومن بينها إنتاج شرائط الكاسيت والفيديو كاسيت التي وردت بالجداول المرفقة للقانون المذكور، وأجاز لمنتج هذه الشرائط أو مالكها أن يعهد للغير - شخصاً كان أو شركة - بعملية طباعة المصنف الفني على شرائط يملكها أو يشتريها لهذا الغرض بمقتضى عقد يبرمه مع الطابع فإن المنتج - بصفته مالكاً للشرائط وصاحب حق توزيعها والمسئول عما تضمنه من مصنفات فنية تحمل اسمه في الأسواق - هو وحده الملتزم بسداد الضريبة على استهلاك هذه الأشرطة بالمفهوم الذي عناه الشارع في قانون الضريبة المشار إليها، أما الطابع فلا يعد مالكاً أو منتجاً بل يقتصر دوره على أداء عملية طبع الشرائط لحساب المنتج لقاء أجر مادي يتفق عليه دون أن يكون مالكاً للشريط أو للمصنف المطبوع عليه أو لكليهما، ومن ثم فقد استبعده المشرع بحسب نصوص قانون ضريبة الاستهلاك من الخضوع لأحكام هذا القانون بشأن تحصيل الضريبة، ولا يسوغ لغير المشرع إضافة أية أعباء أخرى أو التزامات مادية كانت أو معنوية تتعلق بالالتزام بالضريبة أو تتصل بالمسئولين عن تحصيلها من الممول وتوريدها بغير نص في القانون أو في الحدود التي يستوجبها تنفيذ القانون سواء على الطابع للشريط أو على غيره ممن يتداول بينهم، فإذا كان البادي من ظاهر الأوراق أن المنشور رقم 15 لسنة 1986 الصادر من رئيس مصلحة الضرائب على الاستهلاك قد تجاوز حدود سلطته في جباية الضريبة وألزم الأفراد والشركات التي تقوم بطبع شرائط الفيديو بعدم سحبها من معامل الطبع إلا بعد سداد الضريبة نيابة عن المنتج الملتزم بها إذا أراد الحصول على حقه في طباعتها من المالك وإلا امتنع عن السماح للمنتج بسحبها من معمله حتى تتوافر لديه المستندات الدالة على سداد الضريبة بما يعقبه ذلك من عدم إمكان حصوله على أجره عن طباعتها خلال الفترة التي لا تتوافر فيها هذه المستندات فضلاً عن تعرضه لحرمانه من أجر طباعة الأشرطة فيما لو امتنع المالك عن سداد الضريبة المستحقة لأي سبب لا يد للطابع فيه ولا مسئولية عليه بشأنه الأمر الذي قد يهدده بالتوقف عن العمل، ومن ثم فإن المنشور المطعون عليه ينطوي على التكليف بأعباء والتزامات جديدة للطابع للأشرطة لا سند له من أحكام الدستور أو القانون وبالتالي يكون القرار المطعون فيه غير قائم بحسب الظاهر على أساس سليم من الدستور أو القانون مرجح الإلغاء، ومن ثم تكون دعوى الطاعنتين بطلب وقف تنفيذه قائمة بحسب الظاهر على أسباب جدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار حتماً من آثار يتعذر تداركها فيما لو انتظرت الطاعنتين الحكم بإلغائه على النحو الذي يهددهما بالاضطراب في أداء العمل أو بالتوقف عنه وهو يمثل مورد رزقهما، الأمر الذي يتعين معه - والحال هذه - إعلاءً للشرعية وسيادة الدستور والقانون القضاء بوقف تنفيذه.
ولا يؤثر في صحة ما سلف بيانه صدور قانون ضريبة المبيعات بما ترتب عليه من إلغاء قانون ضريبة الاستهلاك والمنشور الصادر تنفيذاً لها أو أن ذلك لا يترتب عليه تلقائياً زوال القرار المطعون فيه الذي يمس المراكز الفردية لذوي الشأن.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد خسرت الطعن فتلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الدعوى، وبقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات، وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" للفصل في موضوع طلب الإلغاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق