جلسة 21 من مايو سنة 1986
برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي ومحمود بهي الدين عبد الله نواب رئيس المحكمة.
---------------
(111)
الطعن رقم 2566 لسنة 56 القضائية
(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع واستجابتها له. ليس لها العدول عنه إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول.
مثال:
(2) تهريب جمركي. جمارك. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار. من الجرائم ذات القصود الخاصة. وجوب استظهار القصد الخاص فيها. إطلاق القول بتوافر التهريب الجمركي دون استظهار ذلك القصد. قصور.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (أولاً): هرب السيارة المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق بأن أدخلها إلى أراضي جمهورية مصر العربية دون سداد الرسوم الجمركية على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً): استعمل لوحات معدنية غير المنصرفة الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 125/ 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والمواد 1، 2، 3، 4/ 5، 75/ 4، 78، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1980 وقرار وزير الداخلية. ومحكمة جنح العريش قضت غيابياً..... عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وتغريمه ألف جنيه والمصادرة وأداء ضعف الرسوم الجمركية المستحقة. عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم ألف جنيه والمصادرة وأداء ضعف الرسوم الجمركية المستحقة. استأنف الطاعن والنيابة العامة، ومحكمة شمال سيناء الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً: بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم سنتين وتغريمه ألف جنيه ومصادرة السيارة المضبوطة المبينة بالتحقيقات وصفاً وقيمة وسداد ضعف الرسوم الجمركية المستحقة عن التهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي التهريب الجمركي واستعمال لوحات معدنية غير خاصة بالسيارة قيادته، قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعن طلب سماع الشهود، وقد استجابت المحكمة الاستئنافية لهذا الطلب وأجلت الدعوى أكثر من مرة لتنفيذه، إلا أنها عادت من بعد وفصلت فيها دون إجابته لطلبه، وخلا الحكم من استظهار قصد الاتجار لدى الطاعن ولم يورد الأدلة على توافره، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة، أن المدافع عن الطاعن طلب سماع الشهود، وقد استجابت المحكمة إلى طلبه، وأجلت الدعوى أكثر من مرة لهذا الغرض، مما ينبئ عن أنها قدرت جدية هذا الطلب لتعلقه بواقعة الدعوى، وقد ينبني على تحقيقه تغيير وجه الرأي فيها، إلا أنها عادت - ورغم إصرار الدفاع عليه - ونظرت الدعوى وأصدرت حكمها فيها، دون إجابته إلى طلبه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى قدرت المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له، فإنه لا يجوز لها أن تعدل عنه إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يبرر عدول المحكمة عن تنفيذ قرارها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بعيب الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - فضلاً عما تقدم - قد أخذ الطاعن بجريمة تهريب سيارة بدون أداء الضرائب الجمركية المقررة، وذلك بقصد الاتجار وأوقع عليه العقوبة المقررة لذلك، عملاً بنص المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 لسنة 1963، والمضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والتي تنص على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضى بها قانون آخر، يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار، أو الشروع فيه، أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وتطبيق سائر العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 122...". لما كان ذلك، وكان الشارع في المادة 124 مكرراً المضافة إلى قانون الجمارك والتي تحكم واقعة الدعوى، قد جعل الجريمة المنصوص عليها فيها، من الجرائم ذات القصود الخاصة، حين اختط في تقديره للعقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها، ووازن بين ماهية القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة تهريب البضائع الأجنبية دون أداء الضرائب الجمركية المقررة عليها، وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، بما يوجب استظهار القصد الجنائي الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم، حيث لا يكفي إطلاق القول بتوافر التهريب الجمركي، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة التهريب الجمركي بقصد الاتجار وطبقت عليه المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980، دون أن تستظهر توافر القصد الجنائي الخاص قبل الطاعن، وهو قصد الاتجار، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب الذي يبطله ويوجب نقضه لهذا السبب أيضاً. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، دون حاجة لبحث سائر وجوه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق