جلسة 26 من نوفمبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين فراج.
-----------------
(214)
الطعن رقم 224 لسنة 54 القضائية
(1 - 3) حيازة. تقادم "التقادم المكسب". ملكية "أسباب كسب الملكية". "التقادم الخمسي".
(1) الحيازة التي يعتد بها لكسب الملكية بالتقادم الخمسي. ماهيتها. العبرة فيها بالحيازة منذ معاصرتها للسبب الصحيح. التمسك بعيب في الحيازة سابق على قيام السبب الصحيح. غير منتج.
(2) حسن النية يفترض دائماً لدى الحائز ما لم يقم الدليل على العكس. سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي. مناطه.
(3) استخلاص حسن نية الحائز وانتفاء سوء نيته. من سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2913 سنة 1979 مدني كلي أسيوط على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي للطاعنين الستة الأول مبلغ 10698 جنيهاً ولباقي الطاعنين مبلغ 28230 جنيهاً، وقالوا بياناً لذلك أنهم يمتلكون الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وأدخلتها الشركة المطعون ضدها ضمن منشآتها وأقامت عليها مبان دون أن تتخذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة وأنه لما كان يتعذر رد الأرض عيناً فإن الشركة المذكورة تلزم بتعويضهم عنها فأقاموا الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم. دفعت الشركة المطعون ضدها بسقوط حق الطاعنين في المطالبة بالتعويض بالتقادم الثلاثي كما وجهت طلباً عارضاً قبل الطاعنين بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها للأرض محل النزاع لوردها بالعقد المسجل رقم 735 لسنة 1971 توثيق الموسكي المتضمن شرائها لها ضمن مساحة أكبر واقترن ذلك بوضع اليد بحسن نية لمدة خمس سنوات متصلة، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 25/ 4/ 1982 برفض الدعوى وبتثبيت ملكية الشركة المطعون ضدها للمساحة محل النزاع - استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 207 سنة 57 قضائية طالبين إلغاءه والقضاء لهم بطلباتهم ورفض الطلب العارض المبدى من المطعون ضدها، بتاريخ 28/ 11/ 1983 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأبيد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجهين وفي بيان أولهما يقول الطاعنون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن حيازة الشركة المطعون ضدها للأرض محل التداعي إنما كان مردها إلى قرار محافظ أسيوط بالاستيلاء عليها والذي يعد بمثابة الغصب لعدم موافقته أحكام القانون فلا يكون سند هذه الحيازة هو عقد البيع المسجل برقم 735 لسنة 1971 توثيق الموسكي الصادر من السيدة... والتي ثبت من تقرير الخبير أنها غير مالكة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في الرد على هذا الدفاع بقوله أن العبرة في مجال تطبيق التقادم الخمسي يكون باجتماع الحيازة مع السبب الصحيح فلا يعتد بوضع اليد بناء على قرار الاستيلاء طالما قد انضم السبب الصحيح إلى الحيازة وكان هذا القول من الحكم لا يصلح رداً على دفاع الطاعنين إذا السبب الصحيح لم يكن في واقع الدعوى الأداة التي مكنت الشركة المطعون ضدها من الحيازة فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه، وحاصل الوجه الثاني أن الطاعنين دفعوا بانتفاء حسن نية الشركة المطعون ضدها في الحيازة المؤدية إلى التملك إذ هي إحدى الشركات الكبرى للقطاع العام وبها جهاز قانوني من موظفين متعددين فكان من الميسور بذل قليل من الجهد في التحري للتوصل إلى الحقيقة التي كشف عنها الخبير في تقريره من أن صاحب التكليف لا يملك شيئاً في الأرض محل التداعي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اجتزأ من الرد على ذلك الدفع قوله أن إنذار الطاعنين الموجه إلى الشركة المطعون ضدها في 11/ 2/ 1972 كان تالياً لتلقي الحق بعقد البيع المسجل في 10/ 2/ 1971، وهو ما لا يعتبر من الحكم رداً صائباً لما أظهره الطاعنون من خطأ جسيم وقع من الشركة يرقى إلى مرتبة سوء النية فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في الوجه الأول غير سديد ذلك أن الحيازة التي يعتد بها في اكتساب الملكية بالتقادم الخمسي هي الحيازة التي تجتمع مع السبب الصحيح - وتستطيل إلى مدة خمس سنوات، فإن بدأت الحيازة قبل قيام السبب الصحيح يلحقها عيب ما، فإن التمسك بهذا العيب الذي اعترى الحيازة في تاريخ سابق على قيام هذا السبب لا يكون منتجاً ولا مجدياً طالما كان المعول عليه في نطاق التقادم الخمسي هي الحيازة منذ أن تجتمع بالتصرف المسجل الصادر من غير مالك فيكون عندئذ هو سببها الصحيح الذي يركن إليه الحائز في حيازته ويتمكن بمقتضاه من التملك أن اقترنت حيازته بحسن النية وقت تلقي الحق تطبيقاً لما تقضي به المادة 969 من القانون المدني، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين لم يتمسكوا أمام محكمة الموضوع بعيوب شابت حيازة الشركة المطعون ضدها بعد قيام السبب الصحيح، وحتى انقضاء مدة السنوات الخمس، وإنما اقتصر دفاعهم على إظهار عيب في الحيازة التي كانت سابقة على نشوء السبب الصحيح بمقولة أن سندها هو قرار محافظ أسيوط في سنة 1970 الذي جاء متجرداً من الشرعية، وكان الحكم المطعون فيد قد واجه هذا الدفاع بما أورده بأسبابه من أن مدة السنوات الخمس المقررة للتقادم لا تبدأ في السريان إلا من وقت اجتماع السبب الصحيح والحيازة معاً في سنة 1971 انضم إلى الحيازة في هذا العام والتي اقترنت بحسن النية عند تلقي الحق وظلت قائمة متصلة حتى انقضت الخمس سنوات ولم يرفع الطاعنون دعواهم إلا في عام 1979، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم يتوافق مع صحيح القانون ويحمل رداً سائغاً ينطوي على عدم الاعتداد بما قد يكون لحق لحيازة من عيب الغصب في تاريخ سابق على قيام السبب الصحيح ما دام هذا السبب أصبح دون غيره سند الحيازة خلال الخمس سنوات التالية، ومن ثم فإن النعي الذي يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس والنعي في الوجه الثاني مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة تطبيقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 965 من القانون المدني والفقرة الثانية من المادة 969 من هذا القانون من حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس وأن مناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي هو ثبوت علم المنصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المنصرف غير مالك لما يتصرف فيه، والفصل في توافر حسن نية الحائز وانتفاء سوء نيته من مسائل الواقع التي يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ولا يخضع حكمه لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه توافر حسن نية الشركة المطعون ضدها في حيازتها والرد على دفاع الطاعنين الذي تمسكوا فيه بسوء النية مقرراً أن حسن النية يجب توافره وقت تلقي الحق وهو مفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس ولا يطلب من الحائز إثبات حسن نيته وبحث إثبات سوء النية يقع على عاتق من يدعي أنه المالك الحقيقي، ثم أردف الحكم قائلاً "أن الثابت من الأوراق أن الشركة المستأنف عليها قد اشترت أرض النزاع بعقد مسجل صالح لكسب الملكية بوضع اليد عليها مدة خمس سنوات متتالية ما دامت حيازتها للعقار مقترنة بحسن النية ومستنده إلى السبب الصحيح وهو العقد المسجل الذي ورد به أن البائعة لها تملكت ما باعته للشركة بعقد مسجل بدوره برقم 3233 في 25/ 6/ 1946 مما يجعلها تعتقد وقت تلقيها الحق وعند تسجيل السند أنها تشترى من مالك وقد انتقلت إليها الملكية على هذا النحو بالتسجيل... ولم يقدم المستأنفون دليلاً على عكس ذلك سوى القول بوجود جهاز للقضايا بالشركة به عدد من العاملين في حقل القانون ولا يكفي ذلك لنفي حسن النية عن الشركة.." وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم المطعون فيه هو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم فإن النعي بهذا الوجه ينحل إلى جدل في مسألة تخضع لسلطة محكمة الموضوع التقديرية مما تنحسر عنها رقابة محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق