الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 7 يوليو 2025

الطعن 212 لسنة 1 ق جلسة 3 / 12 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 27 ص 224

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وعلي بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(27)
القضية رقم 212 لسنة 1 القضائية

(أ) كادر العمال 

- الأصل أن يقتصر تطبيقه على عمال الحكومة المركزية وفروعها دون عمال المجالس البلدية والقروية ما لم يوجد نص بسريان أحكامه - النص على سريان أحكامه عليهم فيما تعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر - تقييد ذلك بالقدر الذي تحتمله ميزانية هذه المجالس.
(ب) طعن 

- أمام المحكمة الإدارية العليا - حق هيئة المفوضين في تقديم طلبات وأسباب جديدة لم ترد في صحيفة الطعن - مناطه - حق المحكمة العليا في عدم التقيد بالطلبات أو الأسباب المقدمة من هيئة المفوضين - أساس ذلك - مثال.
(ج) كادر العمال 

- العمال الموجودون بالخدمة وقت صدوره وقامت بهم شروطه في ذلك الوقت - تسوية حالاتهم عن الماضي دون توقف على وجود درجات خالية أو اعتماد مالي أو تقيد بنسبة معينة - العمال الذين سيطبق عليهم مستقبلاً ولو كانوا معينين قبل صدوره - خضوعهم للشروط والقيود التي يقررها.

--------------------
1 - إن كادر العمال إنما قصد منه أن يطبق على عمال الحكومة المركزية وفروعها، ولما كانت المجالس البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية باعتبارها من الأشخاص الإدارية العامة، فإن استقلالها في الشخصية المعنوية يقتضي في الأصل عدم سريان الأحكام الخاصة بموظفي الحكومة وعمالها على موظفي هذه الأشخاص المعنوية الإدارية وعمالها إلا إذا نص على ذلك. وإذا كانت لائحة استخدام موظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 قد نصت في مادتها الأولى الخاصة بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر على أن "تتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية جميع القواعد المقررة والتي ستقرر لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر وذلك بغير إخلال بالأحكام الخاصة الواردة في هذه اللائحة" فإن هذه المادة قد قصرت تطبيق القواعد الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة على أمثالهم بالمجالس البلدية والقروية على ما يتعلق منها بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر؛ والمراد بذلك بداهة هو الشروط والقواعد الأساسية التي تحكم التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل وما إلى ذلك كأصول عامة مشتركة بقصد توحيد الأسس التي تنظم هذه الأوضاع ولكن بالقدر الذي تستطيع ميزانية هذه المجالس أن تحتمله حتى لا تختل أو تضطرب؛ ذلك أن الموارد المالية لميزانية هذه المجالس محدودة بما نصت عليه المواد من 21 إلى 35 من القانون رقم 145 لسنة 1944 الخاص بتنظيم المجالس البلدية والقروية. وقد نصت المادة 55 من هذا القانون على أن "يعين رئيس المجلس الموظفين والمستخدمين والعمال طبقاً للاعتمادات التي وافق عليها المجلس في الميزانية المعتمدة...." ومن ثم كان التزام حدود هذه الاعتمادات أمراً واجباً، وكان تطبيق أو عدم تطبيق أحكام كادر عمال الحكومة على عمال المجالس البلدية رهيناً بالمقدرة المالية التي للمجالس المذكورة بحسب مواردها وطاقة ميزانياتها وتقدير الملاءمة بوساطة المجلس في هذا الشأن. ولذا احتفظت هذه المجالس بنظمها المالية التي تتأثر بإمكانيات ميزانياتها مما قد يترتب عليه أن يكون لها قواعد التوظيف الخاصة بها التي قد يخضع لها موظفوها ومستخدموها وعمالها طالما أنهم يعملون في خدمتها. فإذا نقلوا منها إلى جهة أخرى جرت في حقهم النظم الخاصة بالجهة الجديدة متى توافرت فيهم الشروط اللازمة لانطباق هذه النظم عليهم.
2 - إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة سالفة الذكر، فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن. ولما كانت تلك المادة إذ ناطت برئيس هيئة المفوضين وحده، سواء من تلقاء نفسه أم بناء على طلب ذوي الشأن إن رأى هو وجهاً لذلك، حق الطعن أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية، قد أقامت ذلك على حكمة تشريعية تتعلق بالمصلحة العامة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه باعتبار أن رأي هيئة المفوضين "تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا" فإنه يتفرع على ذلك أن لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في عريضة الطعن ما دامت ترى في ذلك وجه المصلحة العامة بإنزال حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية، كما أن للمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون على هذا الوجه، غير مقيدة بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، ما دام المرد هو إلى مبدأ الشرعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص. ومن ثم إذا كان الثابت أن رئيس هيئة مفوضي الدولة قد قصر طعنه على ما قضى به الحكم المطعون فيه من أحقية المدعي في تسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر عمال الحكومة دون ما قضى به من أحقية المذكور في تطبيق هذا الكادر على حالته اعتباراً من تاريخ حدده، فإن هذا لا يمنع المحكمة العليا من البحث في حكم القانون الصحيح بالنسبة للشق الأخير.
3 - إن كادر عمال اليومية تضمن ضربين من الأحكام: أحكاماً وقتية تعالج بأثر رجعي ينسحب إلى الماضي وعلى أسس افتراضية ميسرة تسوية حالة العمال الموجودين في الخدمة فعلاً وقت تنفيذ هذا الكادر، ثم ينتهي مفعولها بمجرد إعمالها واستنفاد غرضها، فيقف أثرها بعد أول مايو سنة 1945 بحيث لا تتناول أية حالة جديدة لم تكن لتنطبق عليها في ذلك التاريخ. وأحكاماً أخرى دائمة تنظم الأوضاع الخاصة بالعمال على أسس واقعية منضبطة وقواعد ثابتة بالنسبة إلى المستقبل. ومن ثم فإن تطبيق هذه الأحكام وتلك ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية لكل منهما وضع متباين عن الأخرى. أما الطائفة الأولى فهي طائفة العمال الموجودين في الخدمة بالفعل وقت تنفيذ كادر العمال وقامت بهم شروطه، وهؤلاء يطبق عليهم بأثر رجعي، ومقتضى هذا الأثر أن تجرى تسوية حالاتهم عن الماضي على أسس افتراضية محضة دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مالية مقررة أو تقيد بنسب معينة فيما يتعلق بكل فئة من فئات الصناع والعمال؛ إذ أن الفروق المالية والتكاليف المترتبة على إجراء هذه التسويات ووجهت في جملتها باعتمادات خاصة. وأما الطائفة الثانية فهي طائفة العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً ولو كان تعيينهم قبل أول مايو سنة 1945 إذا كانت شروطه لا تتوافر فيهم إلا بعد ذلك التاريخ كمن لا يستكملون المدة المقررة لترقيتهم إلا بعد أول مايو سنة 1945، وهؤلاء يخضعون في تحديد أوضاعهم ودرجاتهم وترقياتهم وعلاواتهم للتنظيم الذي استحدثه لهم هذا الكادر بكل ما اشتمل عليه من شروط وقيود؛ ذلك أن المشرع أجاز الخروج على هذه القيود استثناء فيما يتعلق بأفراد الطائفة الأولى بأن جاوز بهم النسب التي حددها ووضعهم على درجات شخصية ودبر نفقات تسوياتهم بمقتضى الاعتماد المالي الذي قرره لذلك خاصة، بينما أوجب التزام تلك القيود بالنسبة إلى الطائفة الثانية بعد الانتهاء من هذه التسويات حتى يضمن بذلك سير الأوضاع الخاصة بهؤلاء في ظل الأحكام التي شرعها لهم على سنن منضبط قائم على الموازنة بين فئات العمال المختلفة موزعة بحسب حاجة العمل بكل قسم في وزارة أو مصلحة، وأجور كل فئة منها، وعدد الوظائف المخصصة لها، وبين الاعتماد المالي الذي يرصد لذلك سنوياً. وذلك كله رعاية لتنظيم العمل وفق مقتضياته، ابتغاء حسن سيره، مع إيجاد التعادل بين طوائف العمال المختلفة وضبط تقدير الاعتمادات المالية المخصصة لهم في الميزانية تحقيقاً للمصلحة العامة. ومن أجل هذه الغاية امتنع إجراء أية تسوية افتراضية بأثر رجعي منعطف على الماضي بالنسبة إلى الحالات المستجدة بعد أول مايو سنة 1945، إذ أن في الرجوع بغير نص خاص، إلى إعمال الأحكام الوقتية التي كانت مقررة لحالات بذواتها وانتهى مفعولها لإجراء مقتضاها على حالات ما كانت لتنطبق عليها وقت تقريرها، إخلالاً بجميع الأسس التي قام عليها التنظيم الدائم الذي تضمنه كادر العمال بالنسبة إلى المستقبل وإهداراً للضوابط التي نص عليها. فإذا كان الثابت أن المطعون عليه، بصفته من عمال مجلس بلدي الجيزة قبل ضمه إلى مجلس بلدي مدينة القاهرة، لم يتقرر حقه في تطبيق كادر العمال على حالته إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1953، فما كانت لتطبق عليه أحكام هذا الكادر قبل ذلك التاريخ، وبوجه خاص لم تكن هذه الأحكام لتسري في حقه في أول مايو سنة 1945. ومن ثم فإن هذا الكادر يطبق عليه بأثره المباشر ابتداء من التاريخ المذكور فحسب بوضعه في الدرجة المقابلة لمهنته وقت الضم ومنحه الأجر المقرر لها دون أية فروق، أما بالنسبة إلى خدمته السابقة بمجلس بلدي الجيزة فليس في قواعد ذلك الكادر ما يسمح بتسوية حالته عنها بأثر رجعي منسحب على الماضي، ولا يجوز إعمال هذا الأثر إلا بنص خاص، وبذا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضى به من استحقاقه لتسوية خدمته السابقة في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر العمال.


إجراءات الطعن

في 17 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون البلدية والقروية والأوقاف بجلسة 20 من يونيه سنة 1955 في الدعوى رقم 2201 لسنة 1 القضائية (محاكم) ورقم 909 لسنة 2 القضائية (لجان) المقامة من السيد/ أحمد علي إبراهيم ضد وزارة الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدي مدينة القاهرة، والقاضي "بأحقية المدعي في تطبيق كادر عمال الحكومة على حالته اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، وتسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس هذا الكادر، على ألا تصرف إليه الفروق المالية إلا من التاريخ المذكور، بلا مصاريف". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين، للأسباب التي استند إليها في عريضته، "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعي في تسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر العمال، والقضاء برفض هذا الشق من دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات المناسبة". وقد أعلنت عريضة الطعن إلى كل من الجهة الإدارية والمطعون عليه في 27 و31 من أغسطس سنة 1955 على التوالي. وفي 15 من سبتمبر سنة 1955 أودع المطعون عليه سكرتيرية المحكمة مذكرة بملاحظاته انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه. ولم تقدم الحكومة مذكرة بملاحظاتها في الميعاد القانوني. وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 12 من نوفمبر سنة 1955، وأبلغ الطرفان في 2 من نوفمبر سنة 1955 بموعد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الإدارية تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه قدم إلى اللجنة القضائية لوزارة الشئون البلدية والقروية في 15 من ديسمبر سنة 1953 تظلماً قيد برقم 909 لسنة 2 القضائية ذكر فيه أنه كان يعمل بمهنة "عربجي" بمجلس بلدي الجيزة الذي أدمج في مجلس بلدي مدينة القاهرة، ولما كان كادر عمال الحكومة لم يطبق عليه فهو يطلب معاملته بأحكامه أسوة بعمال تنظيم بلدية القاهرة. ولما حلت المحاكم الإدارية محل اللجان القضائية قيد هذا التظلم برقم 2201 لسنة 1 القضائية بعد إذ أصبح من اختصاص المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون البلدية والقروية والأوقاف. وقد ردت الحكومة على هذا التظلم بأن المتظلم كان يعمل بمجلس بلدي الجيزة ولا يتقاضى علاوات إلا بقدر ما تسمح به موارد المجلس المالية. ولما صدر القانون رقم 145 في أول سبتمبر سنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي مدينة القاهرة ضم موظفو ومستخدمو وعمال مجلس بلدي الجيزة بدرجاتهم ومرتباتهم وأجورهم التي كانوا يتقاضونها في 30 من يونيه سنة 1952 إلى بلدية القاهرة اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 تاريخ العمل بميزانية السنة المالية 1952/ 1953. وقد ألحق المتظلم بذات المهنة التي كان يعمل بها ووضع في القسم الذي يضم هذه المهنة، ولا يجوز تطبيق كادر العمال على حالته إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 التاريخ الذي أنشئت فيه الدرجات المقابلة لحرفته في ميزانية السنة المالية 1953/ 1954، أما قبل هذا التاريخ فلم تكن توجد درجة يمكن وضعه عليها، والأصل في التعيين أنه لا يجوز إلا إذا وجدت درجة وفقاً لأحكام كادر العمال. أما عن تسوية حالته من بدء خدمته في مجلس بلدي الجيزة فإن مجلس بلدي القاهرة لا يلتزم بهذه التسوية لأن المذكور يعتبر معيناً به تعييناً جديداً، وذلك لاستقلال كل من المجلسين حينذاك عن الآخر وانفراده بميزانية منفصلة، ولاختلاف القوانين واللوائح المنظمة لحالة العمال في كل منهما، ولعدم وجود قواعد تجيز ضم مدة خدمة العامل في أحد المجالس البلدية إلى مدة خدمته في بلدية القاهرة؛ إذ تعتبر خدمته بتلك المجالس منقطعة الصلة بتعيينه في مجلس بلدي مدينة القاهرة، الذي هو تعيين جديد يقتضي وضعه في الدرجة المقررة له بكادر العمال ابتداء من أول يوليه سنة 1953، مع منحه أول مربوط الدرجة أو أجره الحالي أيهما أكبر، على أن يمنح بعد ذلك العلاوة الدورية المقررة بالكادر المذكور بعد سنتين من التاريخ المشار إليه مع مراعاة أول مايو. وعليه فلا حق له في طلب تطبيق كادر العمال قبل أول يوليه سنة 1953، ولا في طلب حساب مدة خدمته السابقة في هذا التطبيق. وخلصت الحكومة من هذا إلى طلب رفض التظلم. وبجلسة 20 من يونيه سنة 1955 قضت المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون البلدية والقروية والأوقاف "بأحقية المدعي في تطبيق كادر عمال الحكومة على حالته اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، وتسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام هذا الكادر، على ألا تصرف إليه الفروق المالية إلا من التاريخ المذكور، بلا مصاريف". وأقامت قضاءها على أن النزاع بين المدعي وبلدية القاهرة ينحصر في نقطتين أساسيتين هما: (1) تاريخ تطبيق كادر عمال الحكومة على المدعي. و(2) مدى هذا التطبيق. أما فيما يتعلق بالنقطة الأولى فقد انتهت إلى أن بدء علاقة عمال مجلس بلدي الجيزة بمجلس بلدي مدينة القاهرة إنما يرجع تاريخه الفرضي إلى أول يوليه سنة 1952 وهو التاريخ الذي اتخذ أساساً لاضطلاع المجلس الجديد بأعباء تلك المرافق البلدية من الناحية المالية، لا إلى أول يوليه سنة 1953 تاريخ إيجاد درجات لهؤلاء العمال في ميزانية السنة المالية 1953/ 1954؛ إذ أن هذه العلاقة قد بدأت فعلاً وفق القانون من الناحية المالية اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، ولا موجب لتعطيلها لهذا السبب المنقطع الصلة ببدئها. وذهبت المحكمة في تكييف علاقة المدعي بمجلس بلدي مدينة القاهرة إلى أنها ليست إلا استمراراً لعلاقته بمجلس بلدي الجيزة، ومن ثم تسري عليه جميع القوانين المعدلة لهذه العلاقة. وأما فيما يختص بالنقطة الثانية فما دامت شخصية بلدية القاهرة لا تعدو أن تكون حلولاً محل شخصية مجلس بلدي الجيزة في مباشرة تخصصها الإقليمي، فلا تختلف النظم القانونية في إحداها عن الأخرى، وإن تعدلت، وبالتالي تكون علاقة المدعي بمجلس بلدي القاهرة امتداداً لعلاقته بمجلس بلدي الجيزة، وتسري عليه جميع القوانين المنظمة لعلاقة مجلس بلدي القاهرة بعماله اعتباراً من تاريخ تتبعه المالي له في أول يوليه سنة 1952. وطبقاً للمادة 48 من القانون رقم 145 لسنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة القاهرة تسري على المدعي جميع الأحكام المنظمة لعلاقة عمال الحكومة المركزية بها. فيطبق عليه اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 كادر عمال الحكومة المركزية برمته، وبذا يستحق قانوناً أن يوضع في الدرجة المقررة لمهنته في هذا الكادر. ولما كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 بوضع كادر للعمال ينص على أن يطبق هذا الكادر على عمال اليومية الموجودين في الخدمة بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة في الكادر فإن من مقتضى سريان هذا الحكم على المدعي ونفاذه بأثر مباشر أن تسوى حالته من بدء خدمته في مجلس بلدي الجيزة، تلك الخدمة المستمرة في مجلس بلدي مدينة القاهرة، على ألا يستحق الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 تاريخ نفاذ القانون على حالته. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 17 من أغسطس سنة 1955، ذكر فيها أنه لا مطعن له على ما انتهى إليه الحكم من أحقية المدعي في تطبيق كادر عمال الحكومة على حالته اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وعدم صرف فروق مالية إلا من التاريخ المذكور. أما ما ذهب إليه الحكم من أحقية المدعي في تسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر العمال فينطوي على مخالفة للقانون؛ ذلك أن قاعدة التسوية التي نص عليها كادر العمال بالنسبة إلى الماضي لا تتضمن إلا حكماً وقتياً قصد به تسوية حالة العمال الموجودين في الخدمة والذين ينطبق عليهم كادر العمال حينذاك. ولا سبيل إلى إحياء هذا الحكم الوقتي ومد مجال تطبيقه إلى حالات جديدة لم يكن لينطبق عليها وقت تقريره. وما دام عمال مجلس بلدي الجيزة لم يثبت حقهم في تطبيق كادر العمال على حالتهم إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 فيتعين، والحالة هذه، تطبيق أحكام الكادر عليهم بأثرها المباشر من التاريخ المذكور، وذلك بوضعهم في الدرجات المقابلة لمهنهم ومنحهم الأجور المقررة لها وفقاً لقواعد الكادر من ذلك التاريخ. أما تسوية حالاتهم عن المدة السابقة فليس في قواعد كادر العمال ما يجيزها. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به من أحقية المدعي في تسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر العمال، وتكون قد قامت به حالة من أحوال الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها في المادة 15 فقرة أولى من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب الحكم "بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعي في تسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر العمال، والقضاء برفض هذا الشق من دعوى المدعي وإلزامه بالمصروفات المناسبة". وقد قدم المطعون عليه مذكرة بملاحظاته أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 15 من سبتمبر سنة 1955 وأبدى فيها أنه عين بمجلس بلدي الجيزة في سنة 1939، وما زال يتقاضى حتى الآن أجراً يومياً قدره 123 مليماً بسبب عدم تطبيق أحكام كادر العمال على حالته رغم تطبيقه على جميع العمال ولا يجوز إيجاد تفرقة في المعاملة بين أبناء المهنة الواحدة الذين يعملون في مكان واحد وفي ظروف متماثلة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه أنه ألحق بخدمة مجلس محلي الجيزة في وظيفة كناس اعتباراً من 13 من ديسمبر سنة 1939 بأجر يومي قدره 30 مليماً، ثم نفر جناين في أول فبراير سنة 1942 بأجر يومي قدره 40 مليماً، ثم عربجي في 30 من يوليه سنة 1944 بأجر يومي قدره 60 مليماً وبلغ أجره اليومي 123 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1952.
ومن حيث إن مدة خدمة المطعون عليه تنقسم إلى فترتين: أولاهما في مجلس بلدي الجيزة قبل إدماجه في مجلس بلدي مدينة القاهرة، والثانية في هذا المجلس الأخير بعد أن ضم إليه موظفو ومستخدمو وعمال مجلس بلدي الجيزة.
ومن حيث إن المطعون عليه ما كانت لتسري في حقه إبان خدمته بمجلس بلدي الجيزة أحكام كادر عمال اليومية الصادر به قراراً مجلس الوزراء في 23 من نوفمبر و28 من ديسمبر سنة 1944 وكتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 في 16 من أكتوبر سنة 1945 وما تلا ذلك من قرارات وكتب دورية أخرى، إذ أن هذا الكادر إنما قصد منه أن يطبق على عمال الحكومة المركزية وفروعها. ولما كانت المجالس البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية باعتبارها من الأشخاص الإدارية العامة، فإن استقلالها في الشخصية المعنوية يقتضي في الأصل عدم سريان الأحكام الخاصة بموظفي الحكومة وعمالها على موظفي هذه الأشخاص المعنوية الإدارية وعمالها إلا إذا نص على ذلك. وإذا كانت لائحة استخدام موظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 9 من يونيه سنة 1945 قد نصت في مادتها الأولى الخاصة بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر على أن "تتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية جميع القواعد المقررة أو التي ستقرر لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر وذلك بغير إخلال بالأحكام الخاصة الواردة في هذه اللائحة" فإن هذه المادة قد قصرت تطبيق القواعد الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة على أمثالهم بالمجالس البلدية والقروية على ما يتعلق منها بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر. والمراد بذلك بداهة هو الشروط والقواعد الأساسية التي تحكم التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل وما إلى ذلك كأصول عامة مشتركة بقصد توحيد الأسس التي تنظم هذه الأوضاع، ولكن بالقدر الذي تستطيع ميزانية هذه المجالس إن تحتمله، حتى لا تختل أو تضطرب. ذلك أن الموارد المالية لميزانية هذه المجالس محدود بما نصت عليه المواد من 21 إلى 35 من القانون رقم 145 لسنة 1944 الخاص بتنظيم المجالس البلدية والقروية. وقد نصت المادة 55 من هذا القانون على أن "يعين رئيس المجلس الموظفين والمستخدمين والعمال طبقاً للاعتمادات التي وافق عليها المجلس في الميزانية المعتمدة.."، ومن ثم كان التزام حدود هذه الاعتمادات أمراً واجباً، وكان تطبيق أو عدم تطبيق أحكام كادر عمال الحكومة على عمال المجالس البلدية رهيناً بالمقدرة المالية التي للمجالس المذكورة بحسب مواردها وطاقة ميزانيتها وتقدير الملاءمة بوساطة المجالس في هذا الشأن. ولذا احتفظت هذه المجالس بنظمها المالية التي تتأثر بإمكانيات ميزانياتها مما قد يترتب عليه أن يكون لها قواعد التوظيف الخاصة بها والتي قد يخضع لها موظفوها ومستخدموها وعمالها طالما أنهم يعملون في خدمتها، فإذا نقلوا منها إلى جهة أخرى جرت في حقهم النظم الخاصة بالجهة الجديدة، متى توافرت فيهم الشروط اللازمة لانطباق هذه النظم عليهم.
ومن حيث إن المطعون عليه قد أتبع لمجلس بلدي مدينة القاهرة بمقتضى قرار مدير عام بلدية القاهرة رقم 143 الصادر في 6 من يونيه سنة 1953 بضم موظفي ومستخدمي وعمال مجلس بلدي الجيزة ومجلس قروي شبرا الخيمة بدرجاتهم ومرتباتهم وأجورهم التي كانوا يتقاضونها في 30 من يونيه سنة 1952 إلى بلدية القاهرة اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وهو تاريخ العمل بميزانية مجلس بلدي مدينة القاهرة للسنة المالية 53/ 1943 التي أدمجت فيها ميزانيتا كل من المجلسين المذكورين. ولئن كان قد اعتبر التاريخ الفرضي لبدء علاقته بمجلس بلدي القاهرة من الناحية المالية راجعاً إلى أول يوليه سنة 1952، إلا أن هذه التبعية لا تستلزم حتماً إفادته حالاً ومباشرة منذ هذا التاريخ من النظم المقررة لموظفي ومستخدمي وعمال مجلس بلدي القاهرة لأن الإفادة من هذه النظم منوطة بانطباقها على من تتوافر فيه شروطها.
ومن حيث إنه ولئن كان رئيس هيئة مفوضي الدولة قد قصر طعنه على ما قضى به الحكم المطعون فيه من أحقية المدعي في تسوية ماضي خدمته في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر عمال الحكومة دون ما قضى به من أحقية المذكور في تطبيق هذا الكادر على حالته اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، إلا أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة سالفة الذكر، فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه، فتبقى عليه وترفض الطعن. ولما كانت تلك المادة إذ ناطت برئيس هيئة المفوضين وحده، سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوي الشأن إن رأى هو وجهاً لذلك، حق الطعن أمام المحكمة العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية، قد أقامت ذلك على حكمة تشريعية، تتعلق بالمصلحة العامة، كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه باعتبار أن رأي هيئة المفوضين "تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا" فإنه يتفرع على ذلك أن لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في عريضة الطعن ما دامت ترى في ذلك وجه المصلحة العامة بإنزال حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية، كما أن للمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون على هذا الوجه، غير مقيدة بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، ما دام المرد هو إلى مبدأ الشرعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يتعين البحث (أولاً) فيما إذا كانت أحكام كادر عمل الحكومة، وهي من النظم المتبعة في مجلس بلدي القاهرة، تنطبق على حالة المطعون عليه اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 أو من أول يوليه سنة 1953. و(ثانياً) في مدى تطبيق هذا الكادر بالنسبة إلى خدمته السابقة في مجلس بلدي الجيزة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالنقطة الأولى فإن إلحاق المطعون عليه بمجلس بلدي مدينة القاهرة لا يترتب عليه حالاً ومباشرة تطبيق كادر العمال عليه من تاريخ هذا الإلحاق، بل الإفادة من ذلك منوطة بتوافر جميع الشروط اللازمة لذلك، طبقاً لأوضاع ميزانية المجلس أو تطبيقاً لأحكام كادر العمال. وقد بان من الأوراق أن هذه الشروط لم تتحقق إلا في ميزانية 53/ 1954 اعتباراً من أول يوليه سنة 1953؛ ذلك أن هيئة المجلس الإدارية المؤقتة وافقت في 25 من فبراير سنة 1953 على مشروع ميزانيتي كل من مجلس بلدي الجيزة ومجلس قروي شبرا الخيمة وإلحاقهما بميزانية بلدية القاهرة عن السنة المالية 52/ 1953، ورفع السيد وزير الشئون البلدية والقروية في مارس سنة 1953، مذكرة إلى مجلس الوزراء طالباً فيها الموافقة على مشروع هاتين الميزانيتين، على أن تتولى البلدية إدماجهما في السنة المالية المذكورة، فأقر المجلس في 29 من إبريل سنة 1953 ما جاء بهذه المذكرة، وأبلغ السيد الوزير رئيس الهيئة الإدارية لبلدية القاهرة ذلك في 7 من مايو سنة 1953، فصدر قرار مدير عام بلدية القاهرة رقم 143 في 6 من يونيه سنة 1953 بضم موظفي ومستخدمي وعمال مجلس بلدي الجيزة ومجلس قروي شبرا الخيمة إلى بلدية القاهرة بدرجاتهم ومرتباتهم وأجورهم التي كانوا يتقاضونها في 30 من يونيه سنة 1952 اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 تاريخ العمل بميزانية مجلس بلدي مدينة القاهرة للسنة المالية 52/ 1953 التي أدمجت فيها ميزانيتا كل من المجلسين المذكورين، لأن الدرجات المقابلة لمثل حرفة المطعون عليه لم تنشأ إلا في ميزانية 53/ 1954، ولم يكن لها وجود قبل أول يوليه سنة 1953. وإفادة هؤلاء من النظام القانوني الجديد منوطة، كما سلف القول، بأن تتوافر فيهم شروط انطباقه عليهم، ولا تنطبق أحكام كادر العمال التي يتضمنها هذا النظام إلا بتوافر الشروط المتطلبة فيه، ومنها وجود درجات خالية مقابلة للحرف المختلفة في اعتماد مالي مقسم إلى درجات. فقد جاء في قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 بشأن إنصاف عمال اليومية في باب التعيينات أنه "تحقيقاً لمصلحة العمال الموجودين الآن في خدمة الحكومة لا يعين في وظائف مساعدي الصناع والصناع والصناع الممتازين والأسطوات والملاحظين من الخارج إلا في حدود 20% من الخلوات على الأكثر في كل فئة.." وفي البند "1" من باب القواعد العامة أنه "تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسب ما تقتضيه حالة العمل، وأن يكون متوسط هذه الفئات مضروباً في عدد الوظائف لا يجاوز الاعتماد المقرر". وقد ردد هذا كتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 في البند السابع منه الخاص بالتعيينات وكذا في البند الثالث عشر المتضمن للقواعد العامة. ولما كانت الدرجات المقابلة للحرف المختلفة لم تنشأ إلا في ميزانية المجلس للسنة المالية 53/ 1954، ولا توجد قواعد تقضي بضم مدد خدمة العمال في المجالس الأخرى إلى مدة خدمتهم فيه، فلا يحق تطبيق كادر العمال على المطعون عليه إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 بوضعه في الدرجة المقررة لحرفته فيه ومنحه أجرها من ذلك التاريخ. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى بأحقية المذكور في تطبيق كادر عمال الحكومة على حالته اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، ويتعين إلغاؤه في هذا الشق منه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالنقطة الثانية فإن سريان أحكام كادر عمال الحكومة على المطعون عليه اعتباراً من أول يوليه سنة 1953، حسبما تقدم، وإن كان يستتبع إفادته من هذا التاريخ من مزايا الكادر المذكور كنظام قانوني أصبح نافذاً في حقه بعد إذا أصبحت شروط هذه الإفادة متوافرة في حالته، إلا أنه ليس من شأنه إفادته من أحكام وقتية كانت تعالج حالات معينة مقصوراً تطبيق هذه الأحكام عليها، فاستنفذت أغراضها بهذا التطبيق؛ ذلك أنه يبين من مذكرة اللجنة المالية رقم ف 234 - 1/ 302 المرفوعة إلى مجلس الوزراء برأي وزارة المالية في شأن إنصاف عمال اليومية والتي وافق عليها المجلس في 23 من نوفمبر سنة 1944 أنه جاء بها في باب كيفية تطبيق قواعد ذلك الكادر أن "يطبق الكادر المقترح على عمال اليومية الموجودين بالخدمة بأثر رجعي من تاريخ شغلهم الوظائف المقابلة للدرجات المقترحة في الكادر"، وفي باب تكاليف هذه التسوية أنه "تبلغ جملة أجور عمال اليومية بالبابين الأول والثاني من الميزانية نحو مليونين ونصف مليون من الجنيهات، فلو أنه وضع حداً أقصى لما يصرف لأي عامل واحتسب هذا الحد من باب الفرض فقط بمقدار 25% من أجره الحالي لكان المبلغ اللازم لهذا التحسين 625.000 ج في السنة على الأكثر. أما والإنصاف والمساواة في المعاملة يستوجبان عدم وضع حد أقصى لزيادة المرتب فسيزيد المبلغ اللازم على هذا القدر بكثير، ولا بد لتحديده من الرجوع إلى الوزارات والمصالح المختلفة. ومهما يكن مقدار المبلغ اللازم لهذا التحسين فلا بد من فتح اعتماد إضافي به". كما ورد في مقدمة هذه المذكرة أن الحكومة "ستضطر إلى فتح اعتمادات جديدة لمواجهة نفقات إنصاف العمال والخدمة السايرة وصغار الموظفين والأئمة وحملة الشهادات المتوسطة وغيرهم ممن لم يلحقهم الإنصاف أصلاً أو كاملاً من قبل، سيما وأن وزارة المالية ترى التسوية بين جميع فئات المنصفين الحديثين منهم والسابقين، فيرجع كل تعديل في مرتباتهم إلى بدء تعيينهم". وقد أوضحت مذكرة اللجنة المالية ملف رقم ف 234 - 1/ 302 التي وافق مجلس الوزراء في 28 من ديسمبر سنة 1944 على رأي وزارة المالية المبين بها أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 نص فيه "على تطبيق هذا الكادر على العمال الموجودين الآن في الخدمة بأثر رجعي...". هذا إلى أن كتاب وزارة المالية الدوري ملف ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 بشأن كادر عمال اليومية استهل بقوله "إشارة إلى قراري مجلس الوزراء الصادرين في 23 من نوفمبر و28 من ديسمبر سنة 1944 وإلى كتب المالية الدورية رقم ف 234 - 9/ 53 المؤرخة 19 من ديسمبر سنة 1944 و6 من يناير و28 من فبراير سنة 1945 بشأن كادر عمال اليومية والصبية والشراقات، ترجو وزارة المالية موافاتها ببيان ما يتكلفه تنفيذ هذا الكادر عن سنة حسب القواعد المبينة فيما بعد، على أن يكون حصر التكاليف من واقع ملفات خدمة العمال. ويراعى في إعداد البيان ما يأتي: "أ" - مقدار الأجور الحالية للعمال في أول مايو سنة 1945 لكل فريق على حدة... وذلك عن مدة سنة. "ب" - مقدار الأجرة التي تستحق في أول مايو سنة 1945 بتطبيق القواعد المشار إليها لكل فريق على حدة عن مدة سنة. "جـ" - مقدار الزيادة التي تستحق لكل فريق محسوبة عن مدة سنة". كما جاء به فيما يتعلق بالصبيان "ترجو وزارة المالية إعداد بيانين عن تسوية حالتهم: الأول - ويكون عنوانه تكاليف إنصاف الصبيان "أ" وتحسب التكاليف على النحو الموضح فيما يلي: تسوى حالة الموجودين منهم في الخدمة كالآتي... الثاني - ويكون عنوانه تكاليف إنصاف الصبيان "ب"...". وفيما يختص بالشراقات "ترجو وزارة المالية إعداد البيانات الخاصة بهم على النحو الآتي: البيان الأول - ويكون عنوانه تكاليف إنصاف الشراقات "أ" وتحصر في تكاليف إنصاف الشراقات الموجودين بالخدمة... والإشراق الذي لم يكمل لغاية الآن خمس سنوات يأخذ أجره حسب البيان المتقدم. البيان الثاني - ...". وهكذا الحال بالنسبة إلى باقي فئات العمال وهم مساعدو الصناع والصناع والعمال الفنيون والصناع الممتازون والأسطوات والملاحظون والعمال الكتبة والعمال العاديون ورؤساء العمال العاديين، إذ تناول هذا الكتاب بيان طريقة تسوية حالة الموجودين من كل هذه الطوائف في الخدمة وقت تنفيذ كادر العمال، وذلك على أسس فرضية بالنسبة إلى أوضاعهم في الماضي، حيث جاء به مثلاً عن الصناع الممتازين: "تسوى حالة الصناع الممتازين الموجودين الآن في الخدمة بافتراض تعيين كل منهم في الدرجة الفرعية من درجات الصناع الممتازة التي تحدد له وتدرج أجرته بالعلاوات في هذه الدرجة الفرعية.." وعن الأسطوات "تسوى حالة الأسطوات الموجودين الآن في الخدمة بافتراض تعيين كل منهم في الدرجة.." وعن الملاحظين "تسوى حالة الملاحظين الموجودين الآن في الخدمة بافتراض تعيين كل منهم في الدرجة..". وعن العمال الكتبة "تسوى حالة العمال الكتبة الموجودين الآن في الخدمة بوضعهم من تاريخ التعيين في الدرجة...". وعن العمال العاديين "وتسوى حالة العمال العاديين الموجودين في الخدمة بافتراض تعيينهم ابتداء في الدرجة..." وعن رؤساء العمال العاديين "وتسوى حالة رؤساء العمال العاديين الموجودين في الخدمة بافتراض منحهم..". وكذلك ورد في ختام الكتاب المشار إليه "وترجو وزارة المالية إعداد البيانات المتقدمة في صورة كشف تحت عنوان تكاليف إنصاف العمال حسب كشوف الحرف "أ"، ومرافق لهذا نوع آخر من الكشوف تحت عنوان كشوف "ب". وترجو وزارة المالية إعداد بيان آخر بتكاليف إنصاف العمال يطلق عليه عنوان تكاليف إنصاف العمال حسب الكشوف حرف "ب" - ويراعى عند تسوية حالة العمال الموضحة حرفهم في الكشف رقم 6 من كشوف "ب" أن تكون تسوية حالة كل منهم على أساس منحه أجرة يومية قدرها 300 مليم من تاريخ دخوله الخدمة إذا كان قد دخل الخدمة بامتحان - هذا ونرجو التنبيه مشدداً لكي تصل هذه البيانات لوزارة المالية في خلال عشرة أيام من تاريخ هذا الكتاب الدوري".
ومن حيث إنه يتضح بجلاء من كل ما تقدم أن كادر عمال اليومية تضمن ضربين من الأحكام: أحكاماً وقتية تعالج بأثر رجعي ينسحب إلى الماضي وعلى أسس افتراضية ميسرة تسوية حالة العمال الموجودين في الخدمة فعلاً وقت تنفيذ هذا الكادر، ثم ينتهي مفعولها بمجرد إعمالها واستنفاد غرضها، فيقف أثرها بعد أول مايو سنة 1945 بحيث لا تتناول أية حالة جديدة لم تكن لتنطبق عليها في ذلك التاريخ. وأحكاماً أخرى دائمة تنظم الأوضاع الخاصة بالعمال على أسس واقعية منضبطة وقواعد ثابتة بالنسبة إلى المستقبل. ومن ثم فإن تطبيق هذه الأحكام وتلك ينصرف إلى طائفتين متميزتين من عمال اليومية لكل منهما وضع متباين عن الأخرى: أما الطائفة الأولى فهي طائفة العمال الموجودين في الخدمة بالفعل وقت تنفيذ كادر العمال وقامت بهم شروطه، وهؤلاء يطبق عليهم بأثر رجعي، ومقتضى هذا الأثر أن تجرى تسوية حالاتهم عن الماضي على أسس افتراضية محضة دون توقف على وجود درجات خالية أو ارتباط باعتمادات مالية مقررة أو تقيد بنسب معينة فيما يتعلق بكل فئة من فئات الصناع والعمال؛ إذ أن الفروق المالية والتكاليف المترتبة على إجراء هذه التسويات ووجهت في جملتها باعتمادات خاصة. وقد نص البند الثالث عشر من كتاب وزارة المالية الدوري ملف رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 في باب القواعد العامة على أن "تحدد كل وزارة أو مصلحة عدد كل فئة من فئات الصناع في كل قسم حسبما تقتضيه حالة العمل وحسب الوارد في الكشوف المرفقة وبمراعاة النسب المبينة في البند ثالثاً - وبعد الانتهاء من تسوية حالة العمال الموجودين الآن في الخدمة يجب أن يكون متوسط فئات أجور كل قسم مضروباً في عدد الوظائف لا يتجاوز الاعتماد المقرر. وبما أنه قد يترتب على تسوية حالة الصناع الموجودين الآن في الخدمة أن يزيد عدد الصناع في درجة ما عن العدد المقرر بحسب النسب المبينة في البند ثالثاً فيوضع العمال الزائدون بأجورهم التي يصلون إليها بالتسوية بصفة شخصية على الدرجات الأقل". وأما الطائفة الثانية فهي طائفة العمال الذين سيطبق عليهم الكادر مستقبلاً ولو كان تعيينهم قبل أول مايو سنة 1945 إذا كانت شروطه لا تتوافر فيهم إلا بعد ذلك التاريخ، كمن لا يستكملون المدة المقررة لترقيتهم إلا بعد أول مايو سنة 1945، وهؤلاء يخضعون في تحديد أوضاعهم ودرجاتهم وعلاواتهم للتنظيم الذي استحدثه لهم هذا الكادر بكل ما اشتمل عليه من شروط وقيود؛ ذلك أن المشرع أجاز الخروج على هذه القيود استثناء فيما يتعلق بأفراد الطائفة الأولى بأن جاوز بهم النسب التي حددها ووضعهم على درجات شخصية ودبر نفقات تسوياتهم بمقتضى الاعتماد المالي الذي قرره لذلك خاصة، بينما أوجب التزام تلك القيود بالنسبة إلى الطائفة الثانية بعد الانتهاء من هذه التسويات حتى يضمن بذلك سير الأوضاع الخاصة بهؤلاء في ظل الأحكام التي شرعها لهم على سنن منضبط قائم على الموازنة بين فئات العمال المختلفة موزعة بحسب حاجة العمل بكل قسم في وزارة أو مصلحة، وأجور كل فئة منها، وعدد الوظائف المخصصة لها، وبين الاعتماد المالي الذي يرصد لذلك سنوياً. وذلك كله رعاية لتنظيم العمل وفق مقتضياته، ابتغاء حسن سيره، مع إيجاد التعادل بين طوائف العمال المختلفة، وضبط تقدير الاعتمادات المالية المخصصة لهم في الميزانية تحقيقاً للمصلحة العامة. ومن أجل هذه الغاية امتنع إجراء أية تسوية افتراضية بأثر رجعي منعطف على الماضي بالنسبة إلى الحالات المستجدة بعد أول مايو سنة 1945؛ إذ أن في الرجوع، بغير نص خاص، إلى إعمال الأحكام الوقتية التي كانت مقررة لحالات بذواتها وانتهى مفعولها لإجراء مقتضاها على حالات ما كانت لتنطبق عليها وقت تقديرها، إخلالاً بجميع الأسس التي قام عليها التنظيم الدائم الذي تضمنه كادر العمال بالنسبة إلى المستقبل، وإهداراً للضوابط التي نص عليها.
ومن حيث إن المطعون عليه، بصفته من عمال مجلس بلدي الجيزة قبل ضمه إلى مجلس بلدي مدينة القاهرة، لم يتقرر حقه في تطبيق كادر العمال على حالته إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1953، وما كانت لتطبق عليه أحكام هذا الكادر قبل ذلك التاريخ، وبوجه خاص لم تكن هذه الأحكام لتسري في حقه في أول مايو سنة 1945، ومن ثم فإن هذا الكادر يطبق عليه بأثره المباشر ابتداء من التاريخ المذكور فحسب بوضعه في الدرجة المقابلة لمهنته وقت الضم ومنحه الأجر المقرر لها دون أية فروق، أما بالنسبة إلى خدمته السابقة بمجلس بلدي الجيزة فليس في قواعد ذلك الكادر ما يسمح بتسوية حالته عنها بأثر رجعي منسحب على هذا الماضي، ولا يجوز إعمال هذا الأثر إلا بنص خاص. وبذا يكون الحكم المطعون فيه قد أخطا في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضى به من استحقاقه لتسوية خدمته السابقة في مجلس بلدي الجيزة على أساس أحكام كادر العمال، ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض طلبات المدعي في هذا الشق منه أيضاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم الطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق