جلسة 29 من مارس سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم أحمد بركة نائب رئيس المحكمة، طلعت أمين صادق، محمد عبد القادر سمير وعبد العال السمان.
---------------
(105)
الطعن رقم 1662 لسنة 52 القضائية
(1) حكم "تسبيب الحكم". استئناف.
أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم الابتدائي والإحالة إليها دون إضافة. لا عيب.
(2) عمل "إدارات قانونية: تأديب".
إجراءات تأديب أعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة. خضوعها لأحكام القانون 48 لسنة 1978. علة ذلك.
(3) نقض "أسباب الطعن: النعي المجهل".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة. عدم بيان سبب النعي بياناً دقيقاً والمستندات ودلالتها التي ينعى الطاعن على الحكم إغفالها. أثره. اعتبار النعي مجهلاً وغير مقبول.
(4) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
عدم تقديم الطاعن المستندات التي يحتج بها لمحكمة الموضوع. التمسك بدلالتها لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 986 سنة 1979 عمال كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها طالباً الحكم (أولاً) بإلغاء قرار تخفيض المرتب. (ثانياً) باسترداد رسوم القيد في الاستئناف وقيمة الاشتراك عن سنة 1980. (ثالثاً) باعتبار أيام غيابه في 22، 27، 31/ 12/ 1979 أجازات مدفوعة الأجر ورد قيمتها إليه. (رابعاً) بإلغاء الجزاء الموقع عليه بخصم ربع يوم من المرتب. (خامساً) بإلزامها أن تدفع له تعويضاً قدرة 5000 جنيهاً، وقال بياناً لدعواه أنه من العاملين لدى المطعون ضدها، وإذ قامت الأخيرة بنقله للعمل محامياً بإدارتها القانونية ثم دأبت على الإساءة إليه بأن خصصت لعمله مكاناً لا يتناسب ووظيفته وخفضت مرتبه بمقولة أن إلحاقه بالإدارة القانونية يعد تعييناً جديداً يقتضي سحب ترقياته اللاحقة والتي تمت لوظيفة خارج هذه الإدارة وخصم مستحقاتها من مرتبه، كما رفضت أن ترد إليه رسوم قيده بالاستئناف وحالت دون منحه أجازات لحضور جلسات المرافعة رغم أن رصيد أجازاته يسمح بذلك، وأوقعت عليه دون وجه حق جزاء بخصم ربع يوم من مرتبه، وأصيب من جراء ذلك بأضرار مادية وأدبية، فقد أقام الدعوى بطلبات آنفة البيان. كما أقام الطاعن على ذات الشركة الدعوى رقم 608 لسنة 1980 عمال كلي الإسكندرية بطلبات ختامية هي الحكم أصلياً بوقف الخصم من مرتبه واحتياطياً بأحقيته في قيمة الضرائب والتأمينات المخصومة من مرتبه قبل تخفيضه، وبتاريخ 25/ 11/ 81 حكمت المحكمة (أولاً): في الدعوى رقم 986 لسنة 1979: 1 - برفض طلب تخفيض المرتب. 2 - برفض طلب رد رسوم القيد بالاستئناف. 3 - باعتبار أيام غيابه في 22، 27، 31/ 12/ 1979 أجازات مدفوعة الأجر خصماً من رصيده ورد قيمتها إليه. 4 - بعدم اختصاصها ولائياً بنظر طلب إلغاء الجزاء 5 - بقبول طلب التعويض وإلزام المطعون ضدها أن تؤدي للطاعن مبلغ 5000 جنيهاً (ثانياً) في الدعوى رقم 608 لسنة 1980. 1 - برفض طلب وقف الخصم من المرتب. 2 - بأحقية الطاعن في استرداد قيمة الضرائب وأقساط التأمينات المخصومة من المرتب قبل تخفيضه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالنسبة لما رفض من طلباته في الدعوى رقم 986 لسنة 1979 - أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 576 لسنة 37 ق، كما استأنفته المطعون ضدها بالنسبة لما قضى به في طلب التعويض وطلب اعتبار أيام الغياب أجازات مدفوعة الأجر - أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 8 لسنة 38 ق، وبتاريخ 10/ 4/ 1982 حكمت المحكمة في الاستئناف رقم 576 لسنة 37 ق بتأييد الحكم المستأنف، وفي الاستئناف رقم 8 لسنة 38 ق، بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به للطاعن من تعويض ومن اعتبار أيام 22، 27، 31/ 12/ 1979 أجازات مدفوعة الأجر ورد قيمتها إليه ورفض دعواه في هذين الشقين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لإغفاله الرد على ما تمسك به في صحيفة الاستئناف من إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب تخفيض المرتب، ورفض طلب رد رسوم قيده بالاستئناف واشتراكه بنقابة المحامين عن سنة 1980.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم الاستئنافي أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنه أسباب حكمها وليس فيه ما يدعوها إلى إيراد أسباب جديدة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد عن استئناف الطاعن بقوله إنه "بالنسبة للاستئناف المرفوع من المدعي - الطاعن - فإن الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الطلبات المدعي... في محله للأسباب التي أوردها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وقد تكفل الحكم المستأنف بأسباب سليمة ساندها القانون في الرد على دفاع المستأنف... ومن ثم يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف" وهو ما مؤداه أن الحكم رأى فيما أثاره الطاعن في استئنافه - بالنسبة لطلب إلغاء تخفيض المرتب، وطلب رد رسوم قيده بالاستئناف واشتراكه بنقابة المحامين عن سنة 1980 ترديداً لما تكفل الحكم المستأنف بالرد عليه، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو لم يفرد له أسباباً خاصة، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أعمل على طلب إلغاء الجزاء الموقع عليه بخصم ربع يوم من المرتب أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، في حين أن هذا الطلب يخضع لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 الخاص بالإدارات القانونية باعتباره عضواً بالإدارة القانونية للمطعون ضدها، وقد أورد هذا القانون في المادة 21 منه وما بعدها الأحكام الخاصة بالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وأعضائها مما كان يقتضي أعمالها التزاماً بالقاعدة التي تقضي بعدم الرجوع إلى أحكام القانون العام إلا فيما لم يرد في شأنه نص في القانون الخاص.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة، والهيئات العامة والوحدات التابعة لها قد أناطت بوزير العدل - بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة السابعة من هذا القانون - إصدار لائحة بتنظيم الأحكام الخاصة بالتحقيق وبالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وأعضائها وبإجراءات ومواعيد التظلم مما قد يوقع عليهم من جزاءات، كما أجازت له أن يضمن هذه اللائحة بياناً بالمخالفات الفنية والإدارية التي تقع منهم والجزاءات المقررة لكل منها والسلطة المختصة بتوقيعها، وإذ لم تصدر بعد هذه اللائحة، فإنه يتعين إعمال التشريعات السارية بشأن العاملين بالقطاع العام بالتطبيق لنص المادة 24 من ذات القانون والتي تنص على أن "يعمل فيما لم يرد به نص في هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام حسب الأحوال" مما مقتضاه خضوع طلب إلغاء الجزاء الموقع على الطاعن بخصم ربع يوم من مرتبه لأحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 باعتباره القانون الساري وقت توقيع الجزاء، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون لعدم إعماله أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973، ويكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق من وجهين:
(أولهما) إن الحكم أورى بأسبابه: إن محكمة الدرجة الأولى استندت إلى تقرير الخبير لما تضمنه من وقائع مادية اعتبرت أنه سلم بصحتها مع أنها مجرد ادعاء من المستأنف "الطاعن" لم يقدم الدليل على صحتها، ورتب الحكم على ذلك رفض طلب التعويض، في حين أن هذه الوقائع تكفي لثبوت خطأ المطعون ضدها لعدم اعتراضها عليها وقت إدلائه بها أمام الخبير بمحضر أعماله المؤرخ 16/ 11/ 1980، كما أنه قدم العديد من المستندات التي تؤيد دفاعه بشأن ثبوت هذا الخطأ، وأغفل الحكم الرد عليها، ولو كان قد عني بفحصها لتغير وجه استخلاصه لوقائع الدعوى (وثانيهما) أن الحكم خلص إلى انتفاء خطأ المطعون ضدها، رغم أن تقرير الخبير قد تكفل ببيان الوقائع المادية الدالة على ثبوت قصدها في إهانته والإساءة إليه ومنها ما وصفه الخبير في تقريره من أن أرضية الغرفة المخصصة لمباشرة عمله كمحام منزوعة الخشب ومليئة بالمخلفات والأدوات والقاذورات ويتواجد بها بعض العاملات.
وحيث إن النعي في وجهة الأول غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان الطعن باطلاً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها وجه العيب الذي يعيبه الطاعن على الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين في وجه النعي الوقائع التي أدلى بها أمام الخبير والمقول أنها تكفي لثبوت خطأ المطعون ضدها لعدم اعتراضها عليها، وكان لا يكفي في ذلك الإشارة إلى محضر أعمال الخبير دون بيان لها في صحيفة الطعن مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة، كما أن الطاعن لم يبين المستندات التي ينعى على الحكم إغفاله الرد عليها رغم كفايتها في ثبوت هذا الخطأ، ولم يفصح عن دلالة تلك المستندات وأثر إغفالها في قضاء الحكم، فإن النعي بهذا الوجه يكون مجهلاً وغير مقبول. والنعي في وجهه الآخر مردود بما أورده الحكم من أنه "بالنسبة للاستئناف المرفوع من الشركة عن الحكم بالتعويض للمستأنف... فإن الحكم المستأنف قد جانب الصواب إذ قضى بالتعويض مفترضاً وقوع خطأ من الشركة أضر بالمستأنف على غير سند من الحقيقة أو دليل يؤيده في أوراق الدعوى إذ استند إلى تقرير الخبرة لما تضمنه من وقائع مادية مسلماً بصحتها رغم أنها مجرد ادعاء من المستأنف فضلاً عن أنه لم يقدم الدليل على صحتها فإن هذه الوقائع التي ساقها الخبير في تقريره على لسان المستأنف وانساق وراءه الحكم المستأنف متردياً في نفس الخطأ، هذه الوقائع المزعومة على فرض صحتها لا يمكن اعتبارها خطأ من الشركة يبرر الحكم عليها بالتعويض ذلك أن عدم تخصيص مكتب مستقل في أحد مصانع الشركة لتشغله الإدارة القانونية ممثله في مندوب التحقيقات وإعداد مكتب مستقل له، وتخصيص مكتب له بمعمل المصنع ووجود بعض المخلفات بهذا المعمل لا يمكن اعتباره خطأ مقصوداً من الشركة يلحق المهانة بالمستأنف وأن المستأنف وهو المسئول عن التحقيقات الداخلية بالمصنع كان من مكنته أن يأمر أحد عمال النظافة بإزالة هذه المخلفات وتنظيف مكتبه كل يوم وأنه إذ تقاعس عن ذلك فإن الخطأ يكون خطأه وليس خطأ إدارة الشركة، كما أن سماح المستأنف لبعض العاملات بخلع ملابسهن في مكتبه مسئوليته شخصياً وما كان يجوز له أن يقبل أو يسمح به وأن قبوله تبادل الحديث والحوار مع بعض هؤلاء العاملات دون أن يلتزم الحزم معهن وهو المسئول عن التحقيقات في المصنع مما يفقده الاحترام منهن بخطئه هو وتهاونه في احترام نفسه ووظيفته ولا يمكن القول بأن الشركة مسئولة عن متابعة ما يجري في مكتبه أو عن حوار يجري بينه وبين بعض العاملات كما أن الشركة حرة في تحديد أماكن عمل العاملين بها وأنه لا ضير ولا خطأ منها إذا حددت عمله بمصنع نادلر أحد مصانع الشركة كمسئول عن التحقيقات وأن مسئولية المحافظة على كرامته كمحام مرهون بمدى حزمه في تعامله مع العمال والعاملات..." وإذ كانت هذه الأسباب تكفي لحمل الحكم ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه من رفض طلب التعويض لانتفاء خطأ المطعون ضدها، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض طلب اعتبار أيام غيابة أجازات مدفوعة الأجر خصماً من رصيده ورد قيمتها إليه على سند من أن تلك الأيام لم تحدد فيها جلسات لنظر دعاوى أقامها على المطعون ضدها, في حين أن الثابت بالمستندات التي أودعها ملف الطعن بالنقض أنه قد تحدد فيها جلسات لنظر هذه الدعاوى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن لم يعرض على محكمة الموضوع المستندات التي استدل بها على أن أيام غيابه كان قد تحدد فيها جلسات لنظر الدعاوى التي أقامها على المطعون ضدها، فإن التمسك بالدلالة المستمدة منها يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق