جلسة 10 من أكتوبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد العكازي ، عبد الله فتحي ، حسين حجازي ومحمد وئام عبد الله نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(68)
الطعن رقم 10017 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) قتل عمد . قصد جنائي .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاصه . موضوعي .
(3) إثبات " معاينة " " اعتراف " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إجراءات " إجراءات التحقيق " .
المعاينة التصويرية التي تجريها النيابة العامة لكيفية ارتكاب المتهم للجريمة وفق الاعتراف الصادر منه أمامها . قرينة على صدوره بمحض إرادته وليست دليلاً مستقلاً على إدانته . غايتها : توثيق ذلك الاعتراف ليكون حجة عليه إن عدل عنه أو جحده أو أنكر صدوره منه عقب تمثيله كيفية ارتكابها بالتفصيل الوارد بها .
استناد الحكم في الإدانة إلى الأدلة القولية والفنية الواردة حصراً بمدوناته واستدلاله من المعاينة التصويرية على صحة الاعتراف دون إيراد مؤداها . صحيح .
عدم حضور محام حال إجراء المعاينة التصويرية . لا بطلان .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
عدم التزام المحكمة بنص الاعتراف وظاهره . لها تجزئته واستنباط الحقيقة منه . وروده على الواقعة بكافة تفاصيلها . غير لازم . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(5) محاماة . استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " .
لكل متهم في جناية دعوة محاميه لحضور الاستجواب أو المواجهة وإلا ندب له المحقق محامياً . المادة 124 إجراءات جنائية .
عدم إعلان الطاعن عن اسم محاميه وإثبات النيابة العامة اتخاذها الوسيلة الممكنة لندب أحد المحامين وتعذر ذلك لغلق النقابة . أثره : صحة الاستجواب وإجراءات المحقق . علة ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . إكراه .
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه . متى اطمأنت لصحته . لها تقدير صحة الادعاء بأنه اُنتزع بالإكراه . مؤداه ؟
سلطان الوظيفة في ذاته والخشية واستطالة زمن التحقيق أو إجرائه متأخراً ليلاً . لا يعد إكراهاً ولا يؤثر في إرادة المتهم ولا يعيب الاعتراف . حد ذلك ؟
(7) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بصدور الإذن بعد القبض . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له أو عدم قيد المأمورية بالدفتر المعد لذلك . لا ينال من سلامة أقواله .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
اطراح المحكمة طلب الطاعن سماع الشهود . لا إخلال بحق الدفاع . أساس وعلة ذلك ؟
للمحكمة الإعراض عن طلب الطاعن سماع شهود النفي . ما دام لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون بالمادة 214 مكرراً إجراءات جنائية .
طلب سماع شهود النفي . وجوب تعلقه بالفصل في موضوع الدعوى .تأجيل المحكمة الدعوى لسماع الشهود ثم عدولها . قرار تحضيري . لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب العمل على تنفيذه .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى . موضوعي .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بكافة الطرق القانونية . جائز . إلا ما استثني بنص خاص . مؤداه ؟
النعي بتناقض صورة الواقعة وأنها لا تعدو ضرب أفضى إلى موت وعدم وجود شاهد رؤية . جدل موضوعي . غير جائز لدى محكمة النقض .
(10) إثبات " اعتراف " " خبرة " .
تطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماعهما غير متناقض تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
مثال .
(11) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات . موضوعي .
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب الدفاع استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته . ما دامت الواقعة وضحت لديها .
(12) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(13) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام وتوقيعها بتوقيع مقروء . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(14) ظروف مشددة . اقتران . قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الاقتران " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تغليظ العقوبة عملاً بالفقرة الثانية للمادة 234 عقوبات . شرطه : إثبات الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما . تقديره موضوعي .
مثال لتدليل سائغ على توافر ظرف الاقتران في جريمة قتل عمد .
(15) رابطة السببية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليها ووفاتها . لا قصور .
(16) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
(17) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها . أثره ؟
(18) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله " على أثر خلافات مالية بين المتهم " الطاعن " وخاله " والد المجني عليها " أخذ الأخير إيصالات أمانة على المتهم وطالبه بسدادها ولم يفي بها الأخير فهداه تفكيره في هدوء وروية إلى الحصول على تلك الإيصالات من والد المجني عليها والانتقام منه في شخص نجلته المجني عليها فغادر مدينة " .... " وذهب إلى " .... " حيث محل إقامة المجني عليها وتقابل معها واستضافته إلى مسكنها هي وزوجها وأحسنت استضافته وضيافته إلا أنه عقد العزم على جرمه ، وما أن غادر زوجها المسكن انفرد بها وشرع في مواقعتها بغير رضاها بأن جذبها من يدها عنوة وكتم فيها وطرحها بمرقدها وجثم فوقها واستطال بيداه إلى مواطن عفتها محاولاً مواقعتها وأوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادته له فيه وهو مقاومة المجني عليها له حفاظاً على عفتها وكرامتها ، ثم أحضر أوراق سندية وحاول إكراهها على التوقيع عليها بالقوة والتهديد مستخدماً سلاحاً أبيض وضعه على جيدها وأوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجني عليها له ، ولما فشل في كل ذلك أحضر " سكين " وذبحها به محدثاً إصابتها الذبحية بالعنق وما أحدثته من تهتكات قطعية حادة بالأوعية الدموية الرئيسية بيمين العنق وبالقصبة الهوائية والمريء ونزيف دموي غزير أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية وحدوث صدمة الوفاة كل ذلك بنية القتل وخشية افتضاح أمره ثم سرق تليفونها المحمول وباعه إلى أن تم ضبطه واعترافه تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة وضبط الأداة " السكين " وكذا التليفون المحمول الخاص بالمجني عليها بإرشاد المتهم " ، ودلل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بأدلة استمدها من الإقرار الصادر منه بتحقيقات النيابة العامة وسائر الشهود ومما أثبتته النيابة من ملاحظات بقائمة أدلة الثبوت ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها ، وقد بين الحكم فيما سلف وجه استشهاده بتلك الأدلة على ثبوت التهمة في حق الطاعن - على خلاف زعمه - وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وكان مجمل ما أورده الحكم - فيما تقدم بيانه - كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة قد ألمت بالواقعة وظروفها ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها ، وهو ما تنحسر به قالة القصور التي يرمي بها الطاعن الحكم في هذا الصدد ، ويكون معه ما يثيره في هذا الصدد غير سديد .
2- لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى توافر نية القتل في حق الطاعن ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
3- لما كانت الغاية من المعاينة التصويرية التي تجريها النيابة العامة لكيفية ارتكاب المتهم للجريمة وفق الاعتراف الصادر منه أمامها هي توثيق لذلك الاعتراف الذي أفضى به لتكون حجة عليه إن عدل عنه أو جحده أو إذا أنكر صدوره منه بريئاً مما يشوبه من عيب البطلان ، فالمعاينة التصويرية بهذه المثابة لا تعتبر دليلاً مستقلاً على إدانة المتهم ، بل هي قرينة على أن الاعتراف الذي أفضى به في التحقيقات قد صدر منه بمحض إرادته ولا يشوبه شائبة في هذا الخصوص ، بدلالة أنه أعقب الإدلاء به تمثيله لكيفية ارتكاب الجريمة وفق التفصيل الوارد بالاعتراف في المعاينة التصويرية ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه وأفصح عنه في مدوناته بأن اعتمد في قضائه بالإدانة على الأدلة القولية والفنية والتي أوردها حصراً بمدوناته ولم يبن قضائه بصفة أصلية على المعاينة التصويرية للاعتراف الذي أدلى به الطاعن في الإدانة ، وإنما استدل بها على صدور ذلك الاعتراف بريئاً مما يشوبه ليظاهر بذلك الرد الذي اطرح به دفاع الطاعن ببطلان ذلك الاعتراف لكونه وليد إكراه وقع عليه ، فمن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور لعدم إيراده مؤدى المعاينة التصويرية لاعتراف المتهم ومن بطلانها لعدم حضور محام مع الطاعن إجراءات تلك المعاينة يكون غير سديد وغير قادح في سلامة استدلال الحكم .
4- لما كانت المحكمة غير ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الاعتراف الذي أدلى به الطاعن ورد نصاً على الاعتراف بالجريمة واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع ، فلا يعتبر من إنتاجه عدم اشتماله على نية القتل ، كما وأنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه - إن وجد - لحضور الاستجواب أو المواجهة وإلا وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً ، لما كان ذلك ، وكان الثابت من المفردات أن الطاعن لم يعلن عن اسم محاميه سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه في قلم الكتاب أو أمام مأمور القسم ، فإن استجوابه في تحقيقات النيابة العامة من هذه الناحية يكون صحيحاً وذلك بعد أن أثبتت اتخاذها من جانبها الوسيلة الممكنة لندب أحد السادة المحامين استجواب الطاعن بأن أرسلت في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة حضور استجواب الطاعن ولكنها عجزت عن تنفيذ ذلك لسبب غلق النقابة فصار ندب المحامي أمراً غير ممكن - وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته - فلا تثريب على النيابة - من بعد - إن هي استمرت في استجواب الطاعن ولا يعتبر المحقق قد أخطأ في الإجراءات ، إذ إن المحقق غير ملزم بانتظار المحامي أو تأجيل الاستجواب لحين حضوره ، والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها ، كما أن الواقعة بحالتها الراهنة كانت تحمل في طياتها من الأدلة التي يخشى عليها من الضياع ، مما يستلزم السير في إجراءاتها على وجه السرعة ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير قويم .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى طرح الدفاع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للواقع ، وكان سلطان الوظيفة في ذاته لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً ، كما أن الخشية لا تعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ، كما إن استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجراءاته أو حصوله في وقت متأخر من الليل لا يؤثر في سلامة إرادة المتهم ولا يعيب اعترافه ، وهو ما لم يغب أمره عن الحكم المطعون فيه وتناوله بالرد ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون له محل.
7- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد القبض يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، ولما كانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن - في هذا الصدد - واطرحته برد كاف وسائغ ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً ، ولا تثريب على المحكمة - من بعد - إن هي أخذت بشهادة الضابط الذي تولى القبض على الطاعن بعد أن أفصحت عن اطمئنانها لما تضمنته من حصول القبض بناءً على الإذن الصادر من النيابة العامة بذلك ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له أو عدم قيد المأمورية التي تم القبض فيها على الطاعن بالدفتر المعد لذلك لا ينال من سلامة أقواله ولا يذهب بصلاحيتها والتعويل عليها في الإدانة ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يتمخض جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل واستنباط معتقدها منه لا يثار لدى محكمة النقض .
8- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الأخيرة بتاريخ .... أن النيابة العامة والدفاع قد اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات ، فترافع الدفاع عن المتهم " الطاعن " وتمسك بسماع شهادتهم أمام المحكمة ، إلا أنه يبين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه وفي مقام اطراح المحكمة لطلب الطاعن في هذا الخصوص أنها قد استعملت حقها المقرر في نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية والمعدلة في نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 والمعمول به اعتباراً من 28 من أبريل من نفس السنة وفق ما جاء بالمادة التاسعة منه - والذي جرت إجراءات المحاكمة في ظل سريان أحكامه - والذي يخول للمحكمة تقدير من لا ترى لزوم لسماع شهادته ، وقد انتهت بأسباب سائغة إلى رفض طلب الدفاع في هذا الصدد وذلك بما يتفق وحقها المقرر في القانون - المار بيانه - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من دعوى بطلان الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لعدم سماع شهود الإثبات والنفي يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً/أ من قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب سماعهم أمام محكمة الجنايات ، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب الطاعن سماع شهود النفي ، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى ، أي يكون لازماً للفصل في الموضوع ذاته ، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة - كما الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن في هذا الوجه من النعي غير مقبول ، ولا يقدح فيما تقدم أن تكون المحكمة قد أجلت الدعوى لسماع الشهود ثم عدلت عنه ، لأن هذا القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق .
9- من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها ، ولها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، فلا يصح مطالبتها بالتقيد في تكوين عقيدتها بدليل معين . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لما أدلى به المتهم من اعتراف ولأقوال الشهود وكفايتها كدليل في الدعوى واستخلصت منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ، وكان هذه الاستخلاص سائغاً لا يتناقض مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ومن أن الصورة التي استخلصتها المحكمة للواقعة تناقض مادياتها الثابتة في الأوراق ومن أن حقيقتها إن صحت لا تعدو الضرب المفضي إلى الموت ومن افتقار الأوراق إلى شاهد رؤية على الواقعة لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض .
10- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى بناء الأدلة على يقين ثابت لا على افتراض لم يصح ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً ، بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصى عن الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية بل يتفق ويتطابق معه ، فمن ثم فإن دعوى التعارض بين الدليلين التي يدعي بها الطاعن في أسباب طعنه تكون ولا محل لها ، هذا إلى أن البين من مدونات تقرير الصفة التشريحية أنه ولئن خلص إلى جواز حصول الواقعة وفقاً لأقوال الضابط مجري التحريات عنها ، إلا أنه يبين من مطالعة أقواله بتحقيقات النيابة أنها جاءت متطابقة مع ما أورده الحكم من الاعتراف الصادر من الطاعن ، بل زادت عنه بأن اشتملت على تفصيل لأفعال الاعتداء التي وقعت من الطاعن على المجني عليها قبل إزهاق روحها ، وبذلك فإنه لا تعارض بين الدليلين على خلاف زعم الطاعن بأسباب الطعن .
11- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منه والالتفات عما عداه ، ولما كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي ، وهي غير ملزمة - من بعد - بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، كما عرض الحكم لطلب الطاعن في هذا الشأن واطرحه برد سائغ وكاف لاطراحه ، فإن ما يثيره بشأن إعراض المحكمة عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي يكون غير سديد .
12- لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين ، فليس له - من بعد - أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة وفق ما أدلى به الطاعن من اعتراف وعلى نحو ما رواه شهود الإثبات .
13- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها موقعاً عليها من رئيس نيابة بتوقيع غير مقروء انتهت فيه إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه ودون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وتوقيعها بتوقيع غير مقروء من رئيس نيابة بالمخالفة للقانون سالف الذكر المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 - والذي يوجب توقيعها من محام عام - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .
14- لما كان الحكم المعروض قد استظهر أن الطاعن قد قارف جناية الشروع في إكراه المجني عليها على التوقيع على مستندات مثبتة لدين وكذا الشروع في مواقعتها كرهاً عنها ، ثم أتبع ذلك بقتلها عمداً بأفعال مستقلة عن الجنايتين الأولى والثانية ، وقد ارتكبت الجنايات الثلاثة في فترة قصيرة من الزمن وفي مسرح واحد ، فإن ما انتهى إليه الحكم يتحقق به معنى الاقتران كما هو معرف به في القانون ، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن ، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه - كالحال في هذه الدعوى - فإن ما أثاره المدافع عن الطاعن أمام محكمة الموضوع من دفاع في هذا الصدد يكون غير سديد .
15- لما كان البين من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليها والتي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها ، فإن الحكم ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب ، ويكون معه بريئاً مما يشوبه في هذا الخصوص .
16- لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي عولت عليه في الإدانة ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المعروض – ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن الحكم يكون بريئاً من ثمة شائبة في هذا الخصوص .
17- لما كان يكفي لاطراح دفاع المحكوم عليه الثابت بمحضر الجلسة القائم على عدم معقولية الواقعة وخلوها من شهود رؤية وانتفاء الباعث على ارتكابها وكيدية الاتهام وتلفيقه والمنازعة في زمان ومكان وقوع الجريمة اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها .
18- لما كان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترنة بجنايتي الشروع في وقاع أنثى بغير رضاها والشروع في إكراهها على التوقيع على مستندات مثبتة لدين وكذا جريمتي إحراز سلاح أبيض دون مسوغ والسرقة اللاتي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وساق عليها أدلة سائغة ترتد إلى أصل ثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تكوين عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافر شرائط توقيعها على مقترف الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تناول دفاع المحكوم عليه الموضوعي الذي أثاره ورد عليه بما يفنده ، وكان الحكم قد صدر بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل صدور الحكم وفقاً للفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون بريئاً من الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قانون أصلح له ، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : قتل المجني عليها / .... عمداً من غير سبق إصرار أو ترصد بأن جثم فوق ظهرها لشل حركتها وقام بنحرها مستخدماً سلاح أبيض فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتي أودت بحياتها ، وقد اقترنت تلك الجناية بجنايتين آخرتين تقدما أولهما وثانيهما بأنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر :-
1- شرع في مواقعة المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها بأن جذبها من يدها عنوة عنها وطرحها بمرقدها وجثم فوقها واستطال بيده مواطن عفتها محاولاً مواقعتها إلا أنه أوقف أثر جريمته وخاب أثرها لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليها له .
2- شرع في إكراه المجني عليها سالفة الذكر بالقوة والتهديد لإمضاء أوراق سندية مثبتة لحالة قانونية " إيصالات أمانة " مستخدماً في ذلك سلاحاً أبيض آنف البيان بأن وضعه على جيدها لتهديدها إلا أنه أوقف أثر جريمته وخاب أثرها لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليها له .
3- سرق المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر وذلك من مسكنها على النحو المبين بالأوراق .
4- أحرز سلاحاً أبيض " سكين " بدون مسوغ قانوني وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة .... لورود التقرير والنطق بالحكم ، وبجلسة .... قضت المحكمة وعملاً بالمواد 45 /1 ، 46 /1 - 2 ، 234 /1 - 2 ، 267 /1 ، 317/ أولاً ، 325 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم " 6 " من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، حضورياً وبإجماع الآراء بمعاقبة .... بالإعدام شنقاً عما نسب إليه مع إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها بطلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه بإعدامه / .... :-
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجنايتي الشروع في مواقعة المجني عليها بغير رضاها والشروع في إكراهها على التوقيع على مستندات مثبتة لدين والسرقة وإحراز سلاح أبيض " سكين " بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه بطلان في الإجراءات أثر فيه وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن جاء قاصراً عن بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دين من أجلها ، وجاء استعراضه للأدلة ومؤداها على نحو لا يكفي في الإثبات وقاصراً عن إثبات توافر نية القتل في حق الطاعن ، واعتمد الحكم - ضمن ما اعتمد - في الإدانة على المعاينة التصويرية لاعتراف الطاعن دون أن يورد مؤداها ، فضلاً عن بطلان الدليل المستمد منها لعدم حضور محام مع الطاعن أثناء إجرائها ، كما اجتزأ الحكم من اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة انتفاء نية إزهاق روح المجني عليها لديه ونسب إليه أنه كان يقصد قتلها وأنه استعمل سكين في إجبار المجني عليها على التوقيع على مستندات وذلك على خلاف ما تضمنه الإقرار الصادر منه ، وقد خلع عليه الحكم وصف الاعتراف رغم عدم وروده على الجريمة بكافة أركانها ، واطرح الحكم برد قاصر دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف لعدم حضور محام معه وقت الإدلاء به في تحقيقات النيابة ، ولكون ذلك الاعتراف وليد إكراه ولحصوله في ساعة متأخرة من الليل وتحت وطأة وتهديد سلطان وظيفة ضابط الواقعة ، كما دفع بحصول القبض عليه وتفتيشه قبل صدور الأمر بهما من النيابة العامة بدلالة انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط دون أفراد القوة المرافقة له عليها وعدم قيده مأمورية القبض بالدفتر المعد لذلك بجهة عمله ، وتمسك الدفاع عن الطاعن بطلب سماع شهود الإثبات والنفي وأجلت المحكمة الدعوى لحضورهم ثم قضت في الدعوى دون سماعهم ، واعتنق الحكم تصوير للواقعة يخالف مادياتها الثابتة في الأوراق والتي قد خلت من وجود شاهد رؤية عليها ، وهي لا تعدو في حقيقتها جناية الضرب المفضي إلى الموت وذلك على خلاف ما أثبته الحكم عنها ، فضلاً عن قيام التناقض بين الدليلين القولي المتمثل في الاعتراف الصادر من الطاعن وبين الدليل الفني وهو تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها وقد جمع الحكم بين الدليلين في الإدانة دون أن يرفع ما بينهما من تعارض ، ولم تجب المحكمة الطاعن إلى طلبه سؤال الطبيب الشرعي في هذا الخصوص وذلك بعد أن أثبت في تقريره أن الإصابات المشاهدة بجثة المجني عليها جائزة الحدوث وفق رواية الضابط مجري التحريات عن الواقعة والتي تختلف مع التصوير الوارد باعتراف الطاعن ، وأمسكت المحكمة عن تحقيق ذلك الدفاع جميعه واطرحه الحكم برد قاصر ، ذلك بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله " على أثر خلافات مالية بين المتهم " الطاعن " وخاله " والد المجني عليها " أخذ الأخير إيصالات أمانة على المتهم وطالبه بسدادها ولم يفي بها الأخير فهداه تفكيره في هدوء وروية إلى الحصول على تلك الإيصالات من والد المجني عليها والانتقام منه في شخص نجلته المجني عليها فغادر مدينة " .... " وذهب إلى " .... " حيث محل إقامة المجني عليها وتقابل معها واستضافته إلى مسكنها هي وزوجها وأحسنت استضافته وضيافته إلا أنه عقد العزم على جرمه ، وما أن غادر زوجها المسكن انفرد بها وشرع في مواقعتها بغير رضاها بأن جذبها من يدها عنوة وكتم فيها وطرحها بمرقدها وجثم فوقها واستطال بيداه إلى مواطن عفتها محاولاً مواقعتها وأوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادته له فيه وهو مقاومة المجني عليها له حفاظاً على عفتها وكرامتها ، ثم أحضر أوراق سندية وحاول إكراهها على التوقيع عليها بالقوة والتهديد مستخدماً سلاحاً أبيض وضعه على جيدها وأوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجني عليها له ، ولما فشل في كل ذلك أحضر " سكين " وذبحها به محدثاً إصابتها الذبحية بالعنق وما أحدثته من تهتكات قطعية حادة بالأوعية الدموية الرئيسية بيمين العنق وبالقصبة الهوائية والمريء ونزيف دموي غزير أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية وحدوث صدمة الوفاة كل ذلك بنية القتل وخشية افتضاح أمره ثم سرق تليفونها المحمول وباعه إلى أن تم ضبطه واعترافه تفصيلاً بتحقيقات النيابة العامة وضبط الأداة " السكين " وكذا التليفون المحمول الخاص بالمجني عليها بإرشاد المتهم " ، ودلل الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن بأدلة استمدها من الإقرار الصادر منه بتحقيقات النيابة العامة وسائر الشهود ومما أثبتته النيابة من ملاحظات بقائمة أدلة الثبوت ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها ، وقد بين الحكم فيما سلف وجه استشهاده بتلك الأدلة على ثبوت التهمة في حق الطاعن - على خلاف زعمه - وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وكان مجمل ما أورده الحكم - فيما تقدم بيانه - كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة قد ألمت بالواقعة وظروفها ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها ، وهو ما تنحسر به قالة القصور التي يرمي بها الطاعن الحكم في هذا الصدد ، ويكون معه ما يثيره في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى توافر نية القتل في حق الطاعن ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت الغاية من المعاينة التصويرية التي تجريها النيابة العامة لكيفية ارتكاب المتهم للجريمة وفق الاعتراف الصادر منه أمامها هي توثيق لذلك الاعتراف الذي أفضى به لتكون حجة عليه إن عدل عنه أو جحده أو إذا أنكر صدوره منه بريئاً مما يشوبه من عيب البطلان ، فالمعاينة التصويرية بهذه المثابة لا تعتبر دليلاً مستقلاً على إدانة المتهم ، بل هي قرينة على أن الاعتراف الذي أفضى به في التحقيقات قد صدر منه بمحض إرادته ولا يشوبه شائبة في هذا الخصوص ، بدلالة أنه أعقب الإدلاء به تمثيله لكيفية ارتكاب الجريمة وفق التفصيل الوارد بالاعتراف في المعاينة التصويرية ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه وأفصح عنه في مدوناته بأن اعتمد في قضائه بالإدانة على الأدلة القولية والفنية والتي أوردها حصراً بمدوناته ولم يبن قضائه بصفة أصلية على المعاينة التصويرية للاعتراف الذي أدلى به الطاعن في الإدانة ، وإنما استدل بها على صدور ذلك الاعتراف بريئاً مما يشوبه ليظاهر بذلك الرد الذي اطرح به دفاع الطاعن ببطلان ذلك الاعتراف لكونه وليد إكراه وقع عليه ، فمن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور لعدم إيراده مؤدى المعاينة التصويرية لاعتراف المتهم ومن بطلانها لعدم حضور محام مع الطاعن إجراءات تلك المعاينة يكون غير سديد وغير قادح في سلامة استدلال الحكم . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة غير ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الاعتراف الذي أدلى به الطاعن ورد نصاً على الاعتراف بالجريمة واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع ، فلا يعتبر من إنتاجه عدم اشتماله على نية القتل ، كما وأنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هي وجوب دعوة محاميه - إن وجد - لحضور الاستجواب أو المواجهة وإلا وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً ، لما كان ذلك ، وكان الثابت من المفردات أن الطاعن لم يعلن عن اسم محاميه سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه في قلم الكتاب أو أمام مأمور القسم ، فإن استجوابه في تحقيقات النيابة العامة من هذه الناحية يكون صحيحاً وذلك بعد أن أثبتت اتخاذها من جانبها الوسيلة الممكنة لندب أحد السادة المحامين استجواب الطاعن بأن أرسلت في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة حضور استجواب الطاعن ولكنها عجزت عن تنفيذ ذلك لسبب غلق النقابة فصار ندب المحامي أمراً غير ممكن - وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته - فلا تثريب على النيابة - من بعد - إن هي استمرت في استجواب الطاعن ولا يعتبر المحقق قد أخطأ في الإجراءات ، إذ أن المحقق غير ملزم بانتظار المحامي أو تأجيل الاستجواب لحين حضوره ، والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها ، كما أن الواقعة بحالتها الراهنة كانت تحمل في طياتها من الأدلة التي يخشى عليها من الضياع ، مما يستلزم السير في إجراءاتها على وجه السرعة ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى طرح الدفاع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للواقع ، وكان سلطان الوظيفة في ذاته لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً ، كما أن الخشية لا تعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً ، كما إن استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجراءاته أو حصوله في وقت متأخر من الليل لا يؤثر في سلامة إرادة المتهم ولا يعيب اعترافه ، وهو ما لم يغب أمره عن الحكم المطعون فيه وتناوله بالرد ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد القبض يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، ولما كانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن - في هذا الصدد - واطرحته برد كاف وسائغ ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً ، ولا تثريب على المحكمة - من بعد - إن هي أخذت بشهادة الضابط الذي تولى القبض على الطاعن بعد أن أفصحت عن اطمئنانها لما تضمنته من حصول القبض بناءً على الإذن الصادر من النيابة العامة بذلك ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له أو عدم قيد المأمورية التي تم القبض فيها على الطاعن بالدفتر المعد لذلك لا ينال من سلامة أقواله ولا يذهب بصلاحيتها والتعويل عليها في الإدانة ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يتمخض جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل واستنباط معتقدها منه لا يثار لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، ولئن كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الأخيرة بتاريخ .... أن النيابة العامة والدفاع قد اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات ، فترافع الدفاع عن المتهم " الطاعن " وتمسك بسماع شهادتهم أمام المحكمة ، إلا أنه يبين من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه وفي مقام اطراح المحكمة لطلب الطاعن في هذا الخصوص أنها قد استعملت حقها المقرر في نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية والمعدلة في نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 والمعمول به اعتباراً من 28 من أبريل من نفس السنة وفق ما جاء بالمادة التاسعة منه - والذي جرت إجراءات المحاكمة في ظل سريان أحكامه - والذي يخول للمحكمة تقدير من لا ترى لزوم لسماع شهادته ، وقد انتهت بأسباب سائغة إلى رفض طلب الدفاع في هذا الصدد وذلك بما يتفق وحقها المقرر في القانون - المار بيانه - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من دعوى بطلان الإجراءات والإخلال بحق الدفاع لعدم سماع شهود الإثبات والنفي يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه اتبع الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً/أ من قانون الإجراءات الجنائية لإعلان الشهود الذي يطلب سماعهم أمام محكمة الجنايات ، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب الطاعن سماع شهود النفي ، فضلاً عن أن سماعهم يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى ، أي يكون لازماً للفصل في الموضوع ذاته ، وإلا فالمحكمة تكون في حل من الاستجابة لطلب سماعهم أو الرد على ذلك صراحة - كما الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن في هذا الوجه من النعي غير مقبول ، ولا يقدح فيما تقدم أن تكون المحكمة قد أجلت الدعوى لسماع الشهود ثم عدلت عنه ، لأن هذا القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها ، ولها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثني بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، فلا يصح مطالبتها بالتقيد في تكوين عقيدتها بدليل معين . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لما أدلى به المتهم من اعتراف ولأقوال الشهود وكفايتها كدليل في الدعوى واستخلصت منها أن الواقعة حدثت على الصورة المبينة بها ، وكان هذه الاستخلاص سائغاً لا يتناقض مع العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ومن أن الصورة التي استخلصتها المحكمة للواقعة تناقض مادياتها الثابتة في الأوراق ومن أن حقيقتها إن صحت لا تعدو الضرب المفضي إلى الموت ومن افتقار الأوراق إلى شاهد رؤية على الواقعة لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى بناء الأدلة على يقين ثابت لا على افتراض لم يصح ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً ، بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصى عن الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقرير الصفة التشريحية بل يتفق ويتطابق معه ، فمن ثم فإن دعوى التعارض بين الدليلين التي يدعي بها الطاعن في أسباب طعنه تكون ولا محل لها ، هذا إلى أن البين من مدونات تقرير الصفة التشريحية أنه ولئن خلص إلى جواز حصول الواقعة وفقاً لأقوال الضابط مجري التحريات عنها ، إلا أنه يبين من مطالعة أقواله بتحقيقات النيابة أنها جاءت متطابقة مع ما أورده الحكم من الاعتراف الصادر من الطاعن ، بل زادت عنه بأن اشتملت على تفصيل لأفعال الاعتداء التي وقعت من الطاعن على المجني عليها قبل إزهاق روحها ، وبذلك فإنه لا تعارض بين الدليلين على خلاف زعم الطاعن بأسباب الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها الأخذ بما تطمئن إليه منه والالتفات عما عداه ، ولما كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي ، وهي غير ملزمة - من بعد - بإجابة الدفاع إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، كما عرض الحكم لطلب الطاعن في هذا الشأن واطرحه برد سائغ وكاف لاطراحه ، فإن ما يثيره بشأن إعراض المحكمة عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة إجراء تحقيق معين ، فليس له - من بعد - أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة وفق ما أدلى به الطاعن من اعتراف وعلى نحو ما رواه شهود الإثبات . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس خليقاً للقضاء برفضه موضوعاً .
ثانياً : عن عرض النيابة العامة للقضية :-
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها موقعاً عليها من رئيس نيابة بتوقيع غير مقروء انتهت فيه إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه ودون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وتوقيعها بتوقيع غير مقروء من رئيس نيابة بالمخالفة للقانون سالف الذكر المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 - والذي يوجب توقيعها من محام عام - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، ويستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية .
وحيث إن الحكم المعروض قد استظهر أن الطاعن قد قارف جناية الشروع في إكراه المجني عليها على التوقيع على مستندات مثبتة لدين وكذا الشروع في مواقعتها كرهاً عنها ، ثم أتبع ذلك بقتلها عمداً بأفعال مستقلة عن الجنايتين الأولى والثانية ، وقد ارتكبت الجنايات الثلاثة في فترة قصيرة من الزمن وفي مسرح واحد ، فإن ما انتهى إليه الحكم يتحقق به معنى الاقتران كما هو معرف به في القانون ، لما هو مقرر من أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن ، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما يسوغه - كالحال في هذه الدعوى - فإن ما أثاره المدافع عن الطاعن أمام محكمة الموضوع من دفاع في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليها والتي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها ، فإن الحكم ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب ، ويكون معه بريئاً مما يشوبه في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن الأدلة التي عولت عليه في الإدانة ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المعروض – ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن الحكم يكون بريئاً من ثمة شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان يكفي لاطراح دفاع المحكوم عليه الثابت بمحضر الجلسة القائم على عدم معقولية الواقعة وخلوها من شهود رؤية وانتفاء الباعث على ارتكابها وكيدية الاتهام وتلفيقه والمنازعة في زمان ومكان وقوع الجريمة اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها . لما كان ما تقدم ، وكان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترنة بجنايتي الشروع في وقاع أنثى بغير رضاها والشروع في إكراهها على التوقيع على مستندات مثبتة لدين وكذا جريمتي إحراز سلاح أبيض دون مسوغ والسرقة اللاتي دان بها المحكوم عليه بالإعدام وساق عليها أدلة سائغة ترتد إلى أصل ثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة التي رصد عقوبة الإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تكوين عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بعقوبة الإعدام متى توافر شرائط توقيعها على مقترف الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تناول دفاع المحكوم عليه الموضوعي الذي أثاره ورد عليه بما يفنده ، وكان الحكم قد صدر بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل صدور الحكم وفقاً للفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقاً للقانون وجاء الحكم متفقاً وصحيح القانون بريئاً من الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قانون أصلح له ، ومن ثم فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق