جلسة 29 من مايو سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، ومحمود عطيفة، وابراهيم الديوانى، ومصطفى الأسيوطى.
----------------
(191)
الطعن رقم 410 لسنة 42 القضائية
(أ، ب، ج، د، هـ) إثبات: "بوجه عام". "شهود". "قرائن". جريمة: "أركان الجريمة". باعث. محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". مواد مخدرة. استدلال. قرائن. نقض: "المصلحة فى الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن: "المصلحة فى الطعن".
(أ) الجرائم على اختلاف أنواعها. جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها البينة وقرائن الأحوال. إلا ما استثني بنص خاص.
جريمة زراعة وإحراز نبات الحشيش بقصد الاتجار. لا يشملها استثناء.
(ب) تمام الإحراز بمجرد الاستيلاء المادي على المخدر مع علم الجاني بأن الاستيلاء واقع على مخدر يحظر القانون إحرازه بغير ترخيص.
(ج) الباعث. لا تأثير له فى قيام الجريمة.
(د) حق محكمة الموضوع في استمداد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى.
(هـ) وزن أقوال الشهود. موضوعي.
الوقائع
إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 16 ديسمبر سنة 1970 بدائرة مركز البدارى محافظة أسيوط: زرع وأحرز نباتا ممنوعا زراعته (نبات الحشيش) وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 28 و29 و34/ أ - ب و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول 5 الملحق. فقرر ذلك بتاريخ 23 مايو سنة 1971. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1971 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة بلا مصروفات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه، إذ دان الطاعن بجريمة زراعة وإحراز نبات الحشيش بقصد الاتجار قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم أسند إلى الطاعن زراعته شجيرات الحشيش مع أنه ليس مستأجرا ولا حائزا الأرض القائمة عليها الزراعة وأن أحدا من الشهود لم يره وهو يزرع ذلك النبات كما وأنه من غير المستساغ من رجال الضبط قولهم بأنه قد سارع إلى مكان الزراعة واقتلع بعض شجيرات الحشيش لدى مشاهدته إياهم وأن الحكم عول على المعاينة مع أنه ثبت من معاينة النيابة العامة خلو الأرض من أى أثر لنبات الحشيش، كما عول عند إطراح إنكار الطاعن على ما شهد به نائب عمدة الناحية ووكيل شيخ الخفراء فى حين أن أقوالهما جاءت نافية للاتهام كما أطرح الحكم دفاعه بمقولة أنه لم يقم الدليل على استحالة زراعته للشجيرات المضبوطة مع أن عبء الإثبات يقع على النيابة العامة فهى المكلفة بتقديم الدليل على اقتراف الطاعن الجريمة، هذا إلى ثبوت خلاف كبير من حيث مساحة الأرض فيما جاء بمحضر الضبط وما ورد بمعاينة النيابة العامة مما لا يمكن معه الاطمئنان إلى حصول الضبط المقول به مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة زراعة وإحراز نبات الحشيش بقصد الاتجار التى دان الطاعن بها استند فى ثبوتها فى حقه إلى ما استخلصه واطمأن إليه من تحريات رئيس وحدة المباحث بمركز البدارى التى ثبت له منها أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة ويقوم بزراعة نبات الحشيش وما شهد به فى التحقيقات هو والشرطيان..... و...... من مشاهدتهم الطاعن يعدو من ناحية مسكنه إلى ناحية الزراعة القائمة ويقتلع نحو ربع المساحة القائم عليها شجيرات الحشيش ومن اعترافه للضابط بحيازته الشجيرات المضبوطة، ومما شهد به نائب العمدة ووكيل شيخ الخفراء من أن الأرض المزروعة نبات الحشيش من أراضى المنفعة العامة المملوكة للدولة وأنها تقع فى جهة غير معمورة وليس فيها من مساكن سوى مسكن الطاعن وعائلته وما ثبت من تقرير التحليل بمصلحة الطب الشرعى - وهى أدلة فى مجموعها مردودة إلى أصولها الثابتة فى الأوراق، وهو ما لا ينازع فيه الطاعن، من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها إلا ما استثنى منها بنص خاص - جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال وكانت الجريمة التى دين بها الطاعن لا يشكلها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ولمحكمة الموضوع كامل الحرية فى أن تستمد إقتناعها بثبوتها من أى دليل تطمئن إليه ما دام أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى وإذ ما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما استخلصته واطمأنت إليه من الأدلة سالفة البيان فإنها لا تكون قد خالفت القانون فى شئ. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن ضبطه وهو يباشر زراعة نبات الحشيش أو أن أحدا من الشهود لم يره فى تلك الحال ليس من شأنه أن يقدح فى سلامة استدلال الحكم ما دام أنه اقتنع من الأدلة السائغة التى أوردها من أن الطاعن كان زارعا محرزا النبات المضبوط، وكانت المنازعة فى القوة التدليلية لشهادة بعض الشهود وما يثيره الطاعن بشأن الخلاف فى مساحة الأرض لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى العناصر التى استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها بما لا تناقض فيه مما لا يقبل معاودة التصدى له أمام محكمة النقض لما هو مقرر من سلطة محكمة الموضوع فى وزن أقوال الشهود وتقديرها. لما كان ما تقدم، وكان ما استطرد إليه الحكم فى شأن دحض إنكار الطاعن وقول الحكم أنه لم يقم دليل على استحالة زراعة الطاعن للنبات المحرم، فإنه فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون تزيدا من الحكم لا يؤثر فى منطقه وصحة النتيجة التى انتهى إليها، فإنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره فى وجه الطعن إذ الإحراز فى صحيح القانون يتم بمجرد الاستيلاء على الجوهر المخدر استيلاء ماديا مع علم الجانى بأن الاستيلاء واقع على مخدر يحظر القانون إحرازه بغير تصريح، وكانت هذه العناصر قد توافرت فى حق الطاعن فلا يجديه بعد ذلك كون الباعث على إرتكاب جريمته هو محاولة إخفاء أدلة الجريمة التى وقعت من غيره أو لأى غرض آخر لأن البواعث لا تؤثر فى قيام الجريمة لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق