جلسة 28 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد الودود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله وعطية أحمد عطية نائبي رئيس المحكمة ومحمود عاصم درويش ومحمد عبد الحكم .
---------------
(106)
الطعن رقم 21554 لسنة 89 القضائية
(١) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
امتداد ميعاد الطعن بالنقض وتقديم الأسباب إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة . أساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وإيراده أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثبات المحكمة ماهية المحررات المزورة محتوى الأحراز التي قامت بفضها . غير لازم .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . تزوير " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه . تقديره موضوعي . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه . التزام الحكم هذا النظر . كفايته لاطراح دفاع الطاعن بانتفاء ركني جريمة التزوير .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . تزوير " أوراق رسمية " . اشتراك . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون بدليل معين .
جريمة التزوير . لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه : دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
مثال .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . خارج عن رقابة محكمة النقض .
(11) محاماة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
عقوبة منع المحامي من مزاولة المهنة وفق المادة 98 من قانون المحاماة . تأديبية . يختص بتوقيعها المجلس المشكل بالمادة 107 منه . قضاء الحكم بها . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلغائها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ الخامس من أغسطس سنة ۲۰۱۹ وقرر الطاعن الأول / .... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ الخامس من أكتوبر سنة ۲۰۱۹ وقدم مذكرة بأسبابه في التاريخ ذاتـه ، ولمَّا كانت المادة ٣٤ من القانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹5۹ بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالمادة التاسعة من القانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بُني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في الرابع من أكتوبر سنة ۲۰۱۹ ، بيْد أنَّه لمَّا كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثمَّ فإنَّ ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي فإنَّ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تمَّا في الميعاد ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّـن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقِّهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من الاطلاع على مفردات الدعـوى رقم .... لسنة .... مدني جزئي .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها وأورد الحكم مؤدى كلٍ منها في بيانٍ وافٍ ممَّا يُشير إلى أنَّ المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصرٍ وبصيرة . لمَّا كان ذلك . وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثمَّ تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .
3- لمَّا كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة التي مثَّل بها الطاعن الثاني والمدافع عنه أنَّ المحكمة قامت بفض الأحراز فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تُثبت ماهية المحررات المزورة التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة وفي مدونات الحكم ، فإنَّ ما يُثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنَّ الحكم المطعون فيه قد عيَّـن المحرر المزور وأوضح مضمونه - خلافاً لما يـزعُمه الطاعن الثاني - ومن ثم َّفإنَّ النعي بإغفال بيان مضمون المحرر المزور يكون في غير محله .
4- من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازمٍ أن يتحدث الحكم عنه صراحةً وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما ساقه الحكم في بيانه واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها في حق الطاعنين على النحو سالف البيان يتوافر به في حقِّهما القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانهما بها ويستقيم به اطراح ما أثاراه في دفاعهما أمام المحكمة بانتـفاء علمهما بالتزوير ، فإنَّ ما يُثيره الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعـوى وتقديـر أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أنَّ الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يُكوِّن عقيدته من أي دلـيلٍ أو قرينةٍ يرتاح إليها إلَّا إذا قيده القانون بدليلٍ معينٍ ينص عليه ولمَّا كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يُشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليلٍ منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يُكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليـلٍ بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانـها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أيضاً أنَّ الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثمَّ يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تُبرره الوقائع التي بيَّنها الحكم ، وأن َّإثبات الحكم إسهام الطاعـن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعنين بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير بناءً على اعتقادٍ سائغٍ من المحكمة لم يُخطئ الحكم في تقديـره وبما يتوافر به علمهما بتزوير المحرر حال استعماله فإنَّ كل ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ممَّا لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض .
6- لمَّا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلةٍ ترتد إلى أصلٍ صحيحٍ في الأوراق واستخلصت في منطقٍ سائغٍ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزمٍ ويقيـنٍ ولم يكنْ حكماً مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان ، فإنَّ ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لمَّا كان نفي التهمة وما ساقه الطاعن الأول من قرائن تشير إلى انتفاء صلته بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أن َّالمحكمة غير ملزمة بتعقُّب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل جزئية يثيرهـا واطمئنانها إلى الأدلة التي عوَّلت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمةً ببيان علَّة اطراحها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم إعراضه عمَّا أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة يكون في غير محله .
8- من المقرر أن َّالتناقض الذي يعيب الحكم ويُبْطِـله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يُعرَفْ أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أنه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة من جماع أقوال شهود الإثبات حاصلها أنَّ الطاعن الثاني وباقي المحكوم عليهم قد اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم السابق محاكمته على تـزوير الحكم رقم .... لسنة .... - مدني .... - بطريق الاصطناع وتمَّ استعماله في الدعوى رقم .... لسنة .... مدني .... مع علمهم بتزويره وهو استخلاصٌ سائغٌ لا تناقض فيه ، فإنَّ ما يُثيره الطاعن الثاني من دعوى التناقض في هذا الصدد غير سديد .
9- لمَّا كان البيِّـن من محاضر جلسات المحاكمة أنَّ الطاعن الثاني لم يطلب إلى المحكمة الاطلاع على ملف الدعـوى فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخـاذ إجراءٍ لم يُطلب منها ولم ترْ هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها فإنَّ ما ينعاهُ الطاعن الثاني على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنَّ الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أنَّ المحكمة تلت أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات وأنَّ الحاضر مع الطاعن الثاني قد اكتفى بتلاوتها كما أنَّ دفاع الطاعن الأول قد أشار إلى أنَّ التحريات لم تتوصل لواقعة التزوير ودور كل متهم في الجريمة وهو ما ينطوي على التسليم بأنه الشاهدين الثاني والثالث قد تمَّ سؤالهما بالتحقيقات بشأن تحرياتهما حول الواقعة ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل .
10- من المقرر أنَّ للمحكمة أن تُعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلةٍ أساسيةٍ ، فإنَّ ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة على الرغم من أنها مجرد رأي لمُجريـها ولا تصلح دليلاً للإدانة ينحل إلى جدلٍ موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعـوى ممَّا يخرج عن رقابة محكمة النقض .
11- لمَّا كان الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن الثاني - المحامي – عقوبة المنع من مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات استناداً للمادتين ٦٢ ، ۹۸ من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ وكانت تلك العقوبة وفق ما نصت عليه المادة الأخيرة من العقوبات التأديبية والتي يختص بإيقاعها مجلسٌ معيـنٌ مبيَّن تشكيله بالمادة ۱۰۷ من ذات القانون ووفق إجراءات وضوابط محددة بذلك القانون ، فإنَّ الحكم المطعون فيه يكون قد خالف صحيح القانون ممَّا يتعيَّن معه نقضه نقضاً جـزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة المنع من مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات المقضَي بها على الطاعن الثاني ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... 2- .... 3- .... ( طاعن ) 4- .... ( طاعن ) بأنهم :
المتهم الأول : بصفته موظفاً عاماً ( أمين حفظ بمحكمة .... الجزئية ) اختلس أوراقاً رسمية وهي الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة .... مدني .... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وارتبطت جريمته بجريمة تزوير حكم محكمة آخر بذات الرقم ووضعه مكان الحكم الأصلي ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
المتهمون الثاني والثالث والرابع : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول بصفته موظفاً عاماً ( أمين حفظ محكمة .... الجزئية ) في تزوير محرر رسمي وهو حكم في الدعوى رقم .... لسنة .... مدني .... وذلك أثناء تأدية وظيفته بأن قاموا بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بطريق اصطناع الحكم سالف البيان بالكامل عقب اقتراف المتهم الأول للجريمة محل الاتهام السابق واتفقوا معه على إنشاء الحكم بناءً على المعلومات والبيانات اللازمة والتي أمدهم بها فقاموا بتزويره ووقع عليه بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بإصدار ذلك الحكم بمحكمة .... الجزئية وقد تمَّت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
المتهمون جميعا ً: استعملوا الحكم رقم .... لسنة .... المزور – موضع الاتهام السابق - حال كونهم عالمين بتزويره بأن قاموا بتقديمه كسند ملكية في القضية رقم .... لسنة .... مدني .... .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الوارديـن بأمر الإحالة .
والـمحكمة المذكورة قضت غيابياً ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وغرامة ألفي جنيه مع عزل الأول والثاني من وظيفتيهما وحرمان الرابع من مزاولة مهنة المحاماة لمدة ثلاث سنوات والمصادرة وألزمتهم المصاريف الجنائية .
وإذ أعيدت إجراءات محاكمة المتهمين الثالث والرابع ، وقضت محكمة جنايات .... حضورياً عملاً بالمواد 30 ، ٤٠/ ثانياً ، ثالثاً ، ٤١ ، ۲۱۱ ، ۲۱۲ ، ۲۱٤ من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة ٣٢ من ذات القانون ، بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة وبحرمان الطاعن الثاني ( المتهم الرابع) من مزاولة مهنة المحاماة لمدة ثلاث سنوات وألزمتهما المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما .... ، .... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إنَّ الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ الخامس من أغسطس سنة ۲۰۱۹ وقرر الطاعن الأول / .... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ الخامس من أكتوبر سنة ۲۰۱۹ وقدم مذكرة بأسبابه في التاريخ ذاتـه ، ولمَّا كانت المادة ٣٤ من القانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹5۹ بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالمادة التاسعة من القانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بُني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في الرابع من أكتوبر سنة ۲۰۱۹ ، بيْد أنَّه لمَّا كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ، ومن ثمَّ فإنَّ ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي فإنَّ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تمَّا في الميعاد ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث ينعى الطاعنان - بمذكرتي أسبابهما - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله مع العلم بتزويره قد اعتوره القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك يقولان بأنَّ الحكم جاء قاصراً في بيان أدلة الإدانة وشابه الإجمال في تحصيله لواقعة الدعوى على نحوٍ ينم على اخـتلال صورتها في عقيدة المحكمة ، ويضيف الطاعن الثاني بأنَّ الحكم خلا من بيان مضمون المحرر المزور وشواهد التزوير ، ولم يُدلل على توافر أركان جريمة التزوير في حقِّهما خاصةً القصد الجنائي وعلمهما بالتزوير ، ولم يستظهر عناصر اشتراكهما في الجريمة وإسهامهما فيها ، وأنَّ المحكمة افترضت وجود اتفاق سابق بينهما دون سندٍ من الواقع بدلالة أنَّ الطاعن الثاني اقتصر دوره على كونه محامي عن الطاعن الأول وكان حضوره بالجلسات بناءً على توكيـلٍ صحيحٍ صادرٍ إليه ، وخلو الأوراق من أي دليل على ارتكاب الطاعن الأول للواقعة وعدم وجود علاقة له بباقي المحكوم عليهم ممَّا يدل على انقطاع صلته بالواقعة ، هذا وقد أورد الحكم في مدوناته لدى تحصيله لأقوال شهود الإثبات أنَّ الطاعن الثاني هو من اصطنع الحكم المـزور وأثبت في موضع ٍآخرٍ بأنه مجرد شريك في جريمة التزوير ، ويذهب الطاعن الثاني إلى أنَّ الحكم تساند في الإدانة إلى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني رغم خلو الأوراق من أقوالهما بدلالة أنَّ الصورة التي تحصَّل عليها قد خلت من ذلك وعلى فرض وجودها فإنَّ المحكمة لم تُمكِّنه من الاطلاع عليها ، ويضيف الطاعن الأول أنَّ الحكم استند إلى التحريات مع أنها مجرد رأي لمُجريها ولا تصلُح وحدها دليلاً على ثبوت التهمة ، وأخـيراً أنَّ الحكم دان الطاعن الثاني بعقوبة الحرمان من مزاولة مهنة المحاماة لمدة ثلاث سنوات دون بيان نص القانون الذي دانـه بموجبه ، كل ذلك ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقِّهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من الاطلاع على مفردات الدعـوى رقم .... لسنة .... مدني جزئي .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها وأورد الحكم مؤدى كلٍ منها في بيانٍ وافٍ ممَّا يُشير إلى أنَّ المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصرٍ وبصيرة . لمَّا كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثمَّ تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لمَّا كان ذلك ، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة التي مثَّل بها الطاعن الثاني والمدافع عنه أنَّ المحكمة قامت بفض الأحراز فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تُثبت ماهية المحررات المزورة التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة وفي مدونات الحكم ، فإنَّ ما يُثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنَّ الحكم المطعون فيه قد عيَّـن المحرر المزور وأوضح مضمونه - خلافاً لما يـزعُمه الطاعن الثاني - ومن ثم َّفإنَّ النعي بإغفال بيان مضمون المحرر المزور يكون في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه هو من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحةً وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما ساقه الحكم في بيانه واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها في حق الطاعنين على النحو سالف البيان يتوافر به في حقِّهما القصد الجنائي في جريمة الاشتراك في التزوير التي دانهما بها ويستقيم به اطراح ما أثاراه في دفاعهما أمام المحكمة بانتفاء علمهما بالتزوير ، فإنَّ ما يُثيره الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعـوى وتقديـر أدلتها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان المقرر أنَّ الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يُكوِّن عقيدته من أي دلـيلٍ أو قرينةٍ يرتاح إليها إلَّا إذا قيده القانون بدليلٍ معينٍ ينص عليه ولمَّا كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يُشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليلٍ منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يُكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليـلٍ بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أيضاً أنَّ الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثمَّ يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تُبرره الوقائع التي بيَّنها الحكم ، وأن َّإثبات الحكم إسهام الطاعـن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعنين بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير بناءً على اعتقادٍ سائغٍ من المحكمة لم يُخطئ الحكم في تقديـره وبما يتوافر به علمهما بـتزوير المحرر حال استعماله ، فإنَّ كل ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقديـر أدلة الدعوى ممَّا لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلةٍ ترتد إلى أصلٍ صحيحٍ في الأوراق واستخلصت في منطقٍ سائغٍ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزمٍ ويقيـنٍ ولم يكنْ حكماً مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنان ، فإنَّ ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان نفي التهمة وما ساقه الطاعن الأول من قرائن تشير إلى انتفاء صلته بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أن َّالمحكمة غير ملزمة بتعقُّب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل جزئية يثيرهـا واطمئنانها إلى الأدلة التي عوَّلت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمةً ببيان علَّة اطراحها ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم إعراضه عمَّا أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة يكون في غير محله . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن َّالتناقض الذي يعيب الحكم ويُبْطِـله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يُعرَفْ أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أنه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة من جماع أقوال شهود الإثبات حاصلها أنَّ الطاعن الثاني وباقي المحكوم عليهم قد اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم السابق محاكمته على تـزوير الحكم رقم .... لسنة .... مدني .... بطريق الاصطناع وتمَّ استعماله في الدعوى رقم .... لسنة .... مدني .... مع علمهم بتزويره وهو استخلاصٌ سائغٌ لا تناقض فيه فإنَّ ما يُثيره الطاعن الثاني من دعوى التناقض في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان البيِّـن من محاضر جلسات المحاكمة أنَّ الطاعن الثاني لم يطلب إلى المحكمة الاطلاع على ملف الدعـوى ، فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخـاذ إجراءٍ لم يُطلب منها ولم ترْ هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها ، فإنَّ ما ينعاهُ الطاعن الثاني على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنَّ الثـابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ .... أنَّ المحكمة تلت أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات وأنَّ الحاضر مع الطاعن الثاني قد اكتفى بتلاوتها ، كما أنَّ دفاع الطاعن الأول قد أشار إلى أنَّ التحريات لم تتوصل لواقعة التزوير ودور كل متهم في الجريمة وهو ما ينطوي على التسليم بأنه الشاهدين الثاني والثالث قد تمَّ سؤالهما بالتحقيقات بشأن تحرياتهما حول الواقعة ، ومن ثمَّ فإنَّ النعي على الحكم في كل ذلك لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ للمحكمة أن تُعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلةٍ أساسيةٍ ، فإنَّ ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة على الرغم من أنها مجرد رأي لمُجريـها ولا تصلح دليلاً للإدانة ينحل إلى جدلٍ موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعـوى ممَّا يخرج عن رقابة محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن الثاني – المحامي- عقوبة المنع من مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات استناداً للمادتين ٦٢ ، ۹۸ من قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ وكانت تلك العقوبة وفق ما نصت عليه المادة الأخيرة من العقوبات التأديبية والتي يختص بإيقاعها مجلسٌ معينٌ مبيَّن تشكليه بالمادة ۱۰۷ من ذات القانون ووفق إجراءات وضوابط محددة بذلك القانون ، فإنَّ الحكم المطعون فيه يكون قد خالف صحيح القانون ممَّا يتعيَّن معه نقضه نقضاً جـزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة المنع من مزاولة المهنة لمدة ثلاث سنوات المقضَي بها على الطاعن الثاني ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق