الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 يناير 2024

الطعنان 881 ، 1420 لسنة 7 ق جلسة 15 / 6 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 123 ص 1297

جلسة 15 من يونيه سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

------------------

(123)

القضيتان رقما 881، 1420 لسنة 7 القضائية

(أ) قرار إداري 

- بطلان القرار بسبب عيب في الشكل - لا يكون القرار باطلاً في الشكل كإغفال إجراء ما إلا إذا نص القانون على البطلان في هذه الحالة أو كان الإجراء جوهرياً - مثال - إصدار إحدى اللجان الصحية بمركز ما قراراً إدارياً بردم بئر مقامة في أرض بعض الأفراد نظراً لخطورته على الصحة العامة وذلك طبقاً لأحكام القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 - عدم اشتراك ضابط البوليس في حضور اجتماع هذه اللجنة لا يترتب عليه البطلان، ما دام القرار الوزاري لم ينص على البطلان في هذه الحالة، كما أن حضور الضابط ليس إجراء جوهرياً.
(ب) قرار إداري 

- عيب الشكل في القرار الإداري - قصور هذا العيب عن إحداث أثره إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها من استيفاء الشكل دون أن يكون من شأن ذلك التدارك التأثير بتغيير ما في مضمون القرار الإداري أو ملاءمة إصداره - مثال - مخالفة نص المادة الخامسة من أحكام القرار الوزاري الصادر في 11/ 5/ 1895 بعدم أخذ عينة وتحليلها قبل إصدار قرار الردم عيب يجبر بتداركه فيما بعد ما دامت نتيجة التحليل قد جاءت مؤيدة لقرار الردم هذا.

-----------------
1 - لا حجة في النعي على قرار اللجنة الصحية الصادر بالتطبيق للقرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 بالبطلان لعدم صحة اجتماع اللجنة بسبب عدم حضور ضابط البوليس ذلك أن القرار الإداري لا يبطل لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال هذا الإجراء أو كان هذا الإجراء جوهرياً. ولم ينص القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 على البطلان إذا لم يحضر أحد أعضاء اللجنة الصحية. كما أن حضور ضابط البوليس ليس إجراء جوهرياً، لأن حضوره ليس بذي أثر في تغيير مضمون قرار اللجنة أو ملاءمة إصداره، فالواضح - على أساس أن اللجنة لجنة صحية - أن العضو ذا الأثر الحاسم في مضمون قرار اللجنة وملاءمة إصداره هو مفتش الصحة وقد حضر اجتماع اللجنة وإذا كان المقصود هو تمثيل سلطة الأمن في اللجنة. فقد مثلت هذه السلطة في شخص مأمور المركز وهو رئيس لضابط البوليس. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 لم يحدد نصاباً لصحة انعقاد اللجنة وإنما صمت عن هذا التحديد. وإزاء هذا الصمت يلزم الرجوع إلى الأصل في صحة انعقاد اللجان والمجالس. والأصل أن انعقاد يصح إذا حضر الاجتماع أكثر من نصف الأعضاء. وقد حضر اجتماع اللجنة أربعة أعضاء من خمسة وصدر قرار اللجنة بالإجماع.
2 - لا حجة في النعي على قرار اللجنة الصحية المطعون فيه بأن أغفل مراعاة ما تنص عليه المادة الخامسة من القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 من أخذ عينة المياه وتحليلها قبل صدوره ذلك أن نتيجة التحليل جاءت مؤيدة للقرار. وعيب مخالفة الشكل يقصر عن إحداث أثره، إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها من استيفاء الشكل دون أن يكون من شأن ذلك التدارك التأثير بتغيير ما في مضمون القرار الإداري أو ملاءمة إصداره.


إجراءات الطعن

في 22 من فبراير سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد/ وزير الصحة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في طلب وقف التنفيذ في الدعوى رقم 1261 لسنة 14 القضائية المقامة من السادة/ أمين سعد الدين ميهوب ويونس محمود ميهوب ضد وزارة الصحة، والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ورفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقيد الطعن تحت رقم 881 لسنة 7 القضائية، وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهما في 7 من مارس سنة 1961. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من مارس سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 28 من يناير سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة. وفي 6 من يوليه سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد/ وزير الصحة تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 9 من مايو سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في موضوع الدعوى المذكورة. والقاضي بإلغاء القرار الصادر في 2 من مارس سنة 1960 من اللجنة الصحية بمركز أشمنت بردم البئر القائمة في أرض المدعيين بناحية الرياض مركز أشمنت وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقيد الطعن تحت رقم 1420 لسنة 7 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهما في 13 من يوليه سنة 1961. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 16 من مارس سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 28 من يناير سنة 1963، بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة العليا. وعين لنظرهما أمامها جلسة 11 من مايو سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 6 من إبريل سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت ضم الطعن رقم 881 لسنة 7 القضائية إلى الطعن رقم 1420 لسنة 7 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد وإرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات ذوي الشأن، وبعد المداولة.
من حيث إن المحكمة قررت ضم الطعن رقم 881 لسنة 7 القضائية إلى الطعن رقم 1420 لسنة 7 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 1261 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الصحة بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 16 من يوليه سنة 1960 بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 2 مارس سنة 1960 من اللجنة الصحية بمركز أشمنت والذي يقضى بردم البئر القائمة في أرضهما وفي الموضوع بإلغائه. وقالا بياناً للدعوى أن أسرة ميهوب شيدت بناحية الرياض مركز بوش ببني سويف بئراً ارتوازية في أرض يملكانها هما وآخرون من أفراد الأسرة وذلك منذ ما يقرب من خمسين عاماً واتخذت الأسرة هذه البئر مورداً لسقي الزرع والماشية. وحدث أن شجر نزاع بين نفر من أبناء الأسرة فتقدم أحدهم وهو السيد/ أحمد سعد الدين ميهوب بشكوى مؤرخة 15 من نوفمبر سنة 1959 إلى مدير منطقة بني سويف الطبية ادعى فيها أن بعض الاهلين ينزلون إلى مياه البئر أيام الجمعة للاستشفاء من أمراضهم المعدية وغير المعدية وأن مياه البئر راكدة وغير ثابت صلاحيتها وطلب العمل على غلق البئر لتجنب الضرر الذي يحدث من نزول المرضى فيها وانتشار العدوى من جراء عقيدة فاسدة، فأحال مدير المنطقة الطبية هذه الشكوى إلى مفتش صحة أشمنت الذي حرر مذكرة مؤرخة 2 من ديسمبر سنة 1959، وصف فيها موقع البئر وإنها تجاور ضريح ولي الله الشيخ ميهوب وأن إلى جوارها قناة تستمد مياهها من هذه البئر بواسطة شادوف وأن المياه تنصرف إلى مجرى ينتهي إلى بركة واسعة وأضاف أن الاهلين والمشرفين على الضريح افهموه أن البئر أثرية أقيمت من قديم الزمن لسقي الماشية ولكنها الآن وطبقاً لعقيدة في نفوس بعض القرويين تستعمل في الاستحمام لشفاء بعض الإمراض. ووصفا طريقة نزول هؤلاء الملتمسين للعلاج إلى مياه البئر ورأى أن في نزولهم ما ينافي الأخلاق العامة والتقاليد الاجتماعية والقواعد الصحية إذ ينزل الأفراد ولا يسترهم سوى جلباب واحد فوق الجسم. وخلص من ذلك إلى القول بأن تعاقب نزول المرضى في البئر من الجائز أن يسبب انتقال عدوى الأمراض المختلفة من بعضهم البعض علاوة على أن مياه البئر قذرة وغير جارية والمياه المحيطة بالبئر تسهل انتشار الحشرات والذباب. وفي 28 من ديسمبر سنة 1959 أرسلت المذكرة إلى مدير الإدارة العامة لشئون المناطق بوزارة الصحة ورأى قسم البيئة بالوزارة ردم البئر بعد موافقة اللجنة الصحية المشكلة طبقاً للقرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895. وبتاريخ 2 من مارس سنة 1960 اجتمعت لجنة مشكلة برئاسة مأمور مركز بوش وعضوية مفتش صحة أشمنت والسيدين/ محمد سليمان زيدان ومحمد حسنين عشماوي وقررت بالإجماع الموافقة على ردم البئر لضررها على الصحة العامة. فتقدم السيد/ ميهوب محمد ميهوب لوزير الصحة بتاريخ 4 من مارس سنة 1960 بشكوى أوضح فيها أن البئر مملوكة للأسرة لأغراض الري وسقي الماشية وإنها مقدمة في أرضهم الخاصة بجوار ضريح جدهم ولي الله الشيخ ميهوب وإنها تفيد في إقامة الشعائر الدينية وإنه لا حجه إطلاقاً للأضرار الصحية التي وردت الإشارة إليها في مذكرة مفتش صحة أشمنت وأن المذكرة تنطوي على تعصب ديني لمحاربة أسرة ميهوب والعقائد الدينية لأن مياه البئر تستعمل في إقامة الشعائر الدينية والوضوء والاغتسال. وتلقت الوزارة شكاوى أخرى بهذا المعني من لفيف من أفراد الأسرة وأهل البلدة. فأعدت المنطقة الطبية مذكرة مؤرخة 22 من مارس 1960 انتهت فيها إلى أن قرار ردم البئر بني على وجود ضرر صحي من استعمال البئر وليس بسبب وجودها بجوار ضريح فأشر مدير مكتب وزير الصحة على هذه المذكرة بالنظر، فأعيدت جميع الأوراق إلى مصدرها وطلبت المنطقة الطبية ببني سويف بكتابها المؤرخ 9 من مايو سنة 1960 من جهة الإدارة إعلان شيخ الطريقة السعدية إدارياً بقرار اللجنة الصحية مع تكليفه بردم البئر ردماً تاماً في بحر شهر من تاريخ علمه وإعطائه مهلة ثانية مدتها خمسة عشر يوماً إذا انتهت المهلة الأولى دون إتمام الردم. واستطرد المدعيان إلى النعي على قرار اللجنة المطعون فيه بمخالفته للقانون واتسامه بعيب إساءة استعمال السلطة، لأن اللجنة شكلت دون أن تضم ضابط البوليس فيكون تشكيلها باطلاً لمخالفته التشكيل الذي رسمته المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 15 الصادر في 11 من مايو سنة 1895 ولأن اللجنة لم تتبع الإجراءات التي رسمتها المادة الخامسة من القرار الوزاري فلم ترسل عينات من مياه البئر للتحليل. ولأن البئر غير مستعملة للشرب فلا تخضع لأحكام القرار المشار إليه إطلاقاً. ولأنه لم يسبق لمفتش الصحة ولا مراقب الأوبئة ولا المعاون الصحي ولا أي فرد من رجال الأوبئة ولا اللجنة الصحية أن نبه إلى الضرر من قيام تلك البئر أو الإشارة إلى خطورتها على الصحة العامة ولأن هذه البئر شأنها شأن مئات الآبار المنتشرة في طول البلاد وعرضها تصل المياه الجوفية المتجددة وتستخدم استخداماً عادياً لا ضرر منه على الإطلاق. وأجابت الحكومة على الدعوى بأن انعقاد اللجنة بغير اشتراك ضابط البوليس لا يترتب عليه بطلان لأن العيب الشكلي لا يبطل القرار إلا إذا نص على البطلان أو كان الإجراء الذي أغفل جوهرياً في ذاته. واشتراك ضابط البوليس لا يعد في ذاته إجراء جوهرياً لأن اللجنة صحية والعضو الرئيسي فيها هو مفتش الصحة والمادة العاشرة من القرار الوزاري الصادر في سنة 1895 تنص على أن جميع المجاري التي توجد متصلة بالنيل أو بالترع أو التي تصب في البرك يجب غلقها بلا تأخير حسب تعليمات اللجنة الصحية، والثابت من تقرير مفتش صحة أشمنت أن البئر يصب في بركة مياهها راكدة تتجمع فيها القاذورات والقمامات وأن الاهلين ينزلون إليه للاغتسال والاستحمام اعتقاداً منهم أن ذلك يشفى الأمراض نظير أجر يدفع لصاحب الشأن وبطريقة منافية للآداب. ولم يثبت أن البئر تستخدم للري. كما أن الزعم بأن هدم البئر ينطوي على محاربة الشعائر الدينية مردود بأن اللجنة وافقت على الهدم بالإجماع ومن بين أعضائها السيدان محمد سليمان زيدان ومحمد حسنين عشماوي، وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار المطعون وأقامت قضاءها على أن اللجنة مشكلة تشكيلاً غير قانوني إذ كان ينقصها العضو الخامس وهو أحد ضباط البوليس. كما أن قرار اللجنة المذكورة صدر على خلاف ما تقضي به المادة الخامسة من قرار وزير الداخلية الصادر في 11 من مايو سنة 1895 من وجوب إرسال عينة من مياه الآبار إلى المعمل لتحليلها قبل إصدار القرار بغلقها. وبعد تحضير موضوع الدعوى، قضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من مايو سنة 1961 بإلغاء القرار الصادر في 2 مارس سنة 1960 من اللجنة الصحية بمركز أشمنت بردم البئر القائمة في أرض المدعيين بناحية الرياض مركز أشمنت وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأقامت قضاءها على أن اللجنة اجتمعت دون حضور أحد أعضائها وهو ضابط البوليس. فاجتماعها يكون غير صحيح قانوناً وبالتالي يكون القرار الصادر منها في هذا الشأن باطلاً ولم ينص القرار الوزاري على جواز انعقاد اللجنة بأغلبية أعضائها عند تخلف بعضهم كما أن العينة التي أخذت من مياه البئر، أخذت في 18 من سبتمبر سنة 1960 ووردت نتيجة التحليل في 8 من أكتوبر بينما صدر القرار المطعون فيه في 3 من مارس سنة 1960 أي أنه صدر دون مراعاة لحكم المادة الخامسة من القرار الوزاري الآنف الذكر. مما يجعله مخالفاً لحكم جوهري من أحكامه.
ومن حيث إن الطعنين يقومان على أنه لا بطلان إلا بنص وأن القرار الإداري لا يبطل لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على بطلان القرار عند إغفال هذا الإجراء أو كان هذا الإجراء جوهرياً والقرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 لا يتضمن النص على البطلان في حالة عدم اشتراك ضابط البوليس. كما أن حضوره ليس إجراء جوهرياً لأن اللجنة لجنة صحية. وعلى أن العينة المأخوذة من البئر أثبت التحليل الكيماوي أنها غير صالحة للشرب. فضلاً عن أن القرار صادر أيضاً بقصد حماية الآداب والصالح العام والأخلاق. فلم تستند جهة الإدارة في ردم البئر إلى المادة الخامسة من القرار سالف الذكر فقط وإنما استندت كذلك إلى المادة العاشرة من القرار المذكور.
ومن حيث إن القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 ينص على أنه "لما كان من الضروري للمحافظة على الصحة العمومية اتخاذ الاحتياطيات اللازمة لمنع ظهور أمراض وبائية أو معدية في القطر ما هو آت: احتياطيات مستديمة: - 1 - يشكل في كل مديرية أو محافظة أو مركز لجنة صحية مؤلفة بالصفة الآتية:... في المراكز: مأمور المركز رئيس، ضابط البوليس ومفتش صحة المركز واثنان من الأعيان ينتخبهما المأمور أعضاء... وعلى اللجان المذكورة أن تراقب تنفيذ جميع الأحكام الآتية وأحكام اللوائح الصحية الجاري العمل بها بالدقة 5000 - مياه الآبار التي يشتبه فيها ترسل بمعرفة اللجنة الصحية إلى مصلحة الصحة لتحليلها فإذا وجدت غير صالحة للشرب تغلق الآبار بمعرفة اللجنة المذكورة على نفقة المالك لها..."
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن اللجنة الصحية بمركز بوش قد انعقدت بتاريخ 2 من مارس سنة 1960 مشكلة من مأمور المركز ومن مفتش صحة أشمنت الدكتور عبيد شكري والسيدين محمد سليمان زيدان ومحمد حسانين عشماوي أعضاء وانتقلت إلى ناحية الرياض ونظرت كتاب مفتش صحة أشمنت بخصوص البئر الكائنة بجوار ضريح الشيخ ميهوب. وقد رأت اللجنة بالإجماع الموافقة على ردم البئر المذكورة لضررها على الصحة العامة، كما أن الثابت من الأوراق أن عينة من مياه البئر المذكورة أرسلت في 19 من سبتمبر سنة 1960 إلى معامل وزارة الصحة لتحليلها وكانت نتيجة التحليل أن "العينة غير صالحة للشرب من الوجهة الكيماوية والبكتريولوجية لوجود رواسب وطحالب بها".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قرار اللجنة الصحية بمركز بوش الصادر بتاريخ 2 من مارس سنة 1960 المطعون فيه. هو قرار صادر ممن يملكه ويقوم على سببه ولا وجه للطعن فيه قانوناً. إذ لا حجة في النعي عليه بالبطلان لعدم صحة اجتماع اللجنة بسبب عدم حضور ضابط البوليس ذلك أن القرار الإداري لا يبطل لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال هذا الإجراء أو كان هذا الإجراء جوهرياً. ولم ينص القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 على البطلان إذا لم يحضر أحد أعضاء اللجنة الصحية. كما أن حضور ضابط البوليس ليس إجراء جوهرياً، لأن حضوره ليس بذي أثر في تغيير مضمون قرار اللجنة أو ملاءمة إصداره فالواضح - على أساس أن اللجنة لجنة صحية - أن العضو ذا الأثر الحاسم في مضمون قرار اللجنة وملاءمة إصداره هو مفتش الصحة وقد حضر اجتماع اللجنة وإذا كان المقصود هو تمثيل سلطة الأمن في اللجنة. فقد مثلت هذه السلطات في شخص مأمور المركز وهو رئيس لضابط البوليس. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 لم يحدد نصاباً لصحة انعقاد اللجنة وإنما صمت عن هذا التحديد. وإزاء هذا الصمت يلزم الرجوع إلى الأصل في صحة انعقاد اللجان والمجالس. والأصل أن الانعقاد يصح إذا حضر الاجتماع أكثر من نصف الأعضاء. وقد حضر اجتماع اللجنة أربعة أعضاء من خمسة وصدر قرار اللجنة بالإجماع.
ومن حيث إنه لا حجة أيضاً في النعي على قرار اللجنة المطعون فيه بأن أغفل مراعاة ما تنص عليه المادة الخامسة من القرار الوزاري الصادر في 11 من مايو سنة 1895 من أخذ عينة المياه وتحليلها قبل صدوره ذلك أن نتيجة التحليل جاءت مؤيدة للقرار. وعيب مخالفة الشكل يقصر عن إحداث أثره، إذا قامت الإدارة بتدارك ما فاتها من استيفاء الشكل دون أن يكون من شأن التدارك التأثير بتغيير ما في مضمون القرار الإداري أو ملاءمة إصداره.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يبين أن دعوى المدعي بشقيها - طلب وقف التنفيذ والموضوع - على غير أساس سليم من القانون. وإذ أخذ الحكمان المطعون فيهما بغير هذا النظر يكونان قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ويتعين القضاء بإلغائهما ورفض الدعوى وإلزام المدعيين بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المطعون فيهما وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعيين بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق