جلسة 26 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح محمد أحمد - نائب رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي، حسين محمد حسن ومصطفى حسيب عباس محمود.
---------------
(39)
الطعن رقم 79 لسنة 54 ق "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين" تطليق للضرر. إثبات "قرائن".
اقتران الزوج بأخرى بغير رضاء الزوجة الأولى التي في عصمته. اعتباره ضرراً بها تعفى من إثباته متى طلبت التفريق لأجله. م 6 مكرر فقرة ثانية وثالثة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979. جواز نقض الزوج لهذه القرينة بإثبات رضا زوجته بالزواج الجديد.
(2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: تطليق للضرر".
اقتران الزوج بأخرى دون رضاء الزوجة الأولى يتحقق به الضرر بمجرد وقوعه. مؤدى ذلك. عدم جدوى محاولة الإصلاح التي تقتضي إزالة أسباب الضرر ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق.
(3) دفوع "دفع بعدم الدستورية". نظام عام.
الدفع بعدم الدستورية. غير متعلق بالنظام العام. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 164 لسنة 1983 كلي أحوال شخصية الجيزة ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد المؤرخ 12/ 5/ 1980 وإذ تزوج بأخرى بغير رضاها في 2/ 2/ 1983 ما يعتبر إضراراً بها فقد أقامت الدعوى. وفي 9/ 6/ 1983 حكمت المحكمة بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 399 لسنة 100 ق القاهرة. وفي 9/ 5/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها عليه لزواجه بأخرى على سند من القول بأن طلبها الطلاق في الدعوى دليل على عدم رضاها بالزواج الجديد وأنه لم يقدم دليلاً على رضاها به وهو من الحكم استخلاص غير سائغ ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها في هذا الصدد لأن طلب المطعون عليها ابتداء كان التطليق للضرر - وليس لزواجه بأخرى مما يدل على عدم اعتراضها عليه هذا إلى أن الحكم لم يرد على دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليها كانت راضية باقترانه بأخرى ولم يتح له فرصة إثبات ذلك عن طريق التحقيق. مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال كما أن الحكم قضى بالطلاق دون التثبت من حصول الضرر ومحاولة التوفيق بين الطرفين مخالفاً بذلك نص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929.
وحيث إن النعي مردود ذلك بأنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة السادسة مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 والذي رفعت الدعوى على سند منه - مفاده أن المشرع أقام قرينة قانونية لصالح الزوجة التي هي في عصمة زوجها مؤداها أن اقترانه بأخرى بغير رضاها يعتبر إضراراً بها ويعفيها من إثبات هذا الضرر متى طلبت التفريق لأجله وإذ لم يقض القانون بعدم جواز نقض هذه القرينة فإن للزوج إسقاط دلالتها عليه بإثبات رضا زوجته بزواجه الجديد وكان الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر قد أقام قضاءه بتأييد حكم محكمة أول درجة بالتطليق على ما أورده بأسبابه بقوله....... فإن الحكم المستأنف في محله ولم يأت المستأنف بما يغير وجه الرأي فيه أو يوهن من أسبابه........ ومن ثم فإن على الزوج عبء إثبات الزوجة برضاها عن الزواج الجديد ولم يدع المستأنف أمام محكمة أول درجة أو أمام هذه المحكمة أن الزواج الجديد تم برضا المستأنف عليها بل قرر أنها لم تعترض على هذا الزواج بعد إخطارها وهذا الكلام تناقضه الأوراق الرسمية...... يكون الحكم المستأنف قد أصاب صحيح القانون ويكون الاستئناف قائماً على غير أساس سليم متعين الرفض وتأييد الحكم المستأنف...." وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ مما له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه فإنه لا عليه إن هو لم ير داعياً لإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يناقض الحقيقة التي استخلصها وأورد الدليل الصحيح على قيامها، لما كان ذلك وكان الهدف من إلزام القاضي بالعمل على الإصلاح بين الزوجين قبل قضائه بالتطليق وفقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو محاولة إزالة أسباب الشقاق بينهما وعودة الحياة الزوجية إلى ما كانت عليه من نقاء وسكينة وحسن معاشرة وكان مؤدى نص المادة السادسة مكرراً من هذا القانون والمضافة بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 أن اقتران الزوج بأخرى دون رضاء الزوجة الأولى يتحقق به الضرر بمجرد وقوعه فلا يزول أثره حتى ولو انتهت الزيجة الجديدة بالطلاق فإن محاولة الإصلاح التي تقتضى إزالة أسباب الضرر تكون غير مجدية في هذه الحالة التي أفرد لها المشرع باعتبار ما لها من طبيعة خاصة نصاً مستقلاً وخصها بقواعد مغايرة لتلك التي تحكم صور الضرر الأخرى والواردة بنص المادة السادسة السالفة البيان ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بالتطليق على سند من نص المادة السادسة مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 والمضافة بالقانون رقم 44 لسنة 1979 الذي يعتبر إضراراً بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها وهو نص غير دستوري لأن أحكام الشريعة الإسلامية وهي المصدر الرئيسي للتشريع أباحت للزوج أن يجمع في عصمته بين أربع زوجات مما كان يوجب وقف الدعوى حتى تفصل المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المطروحة عليها بعدم دستورية هذا القانون.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحكمة الدستورية العليا هي المختصة دون غيرها بالفصل في دستورية القانون واللوائح وأن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص المادة السادسة مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 - والمضافة بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 فيما تضمنه من أنه يعتبر إضراراً بالزوجة اقتران زوجها بأخرى بغير رضاها فإن النعي على الحكم تطبيقه على الدعوى نصاً مخالفاً للدستور - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق