الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 يناير 2024

الطعن 7 لسنة 47 ق جلسة 21 / 3 / 1979 مكتب فني 30 ج 1 أحوال شخصية ق 166 ص 897

جلسة 21 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر؛ إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(166)
الطعن رقم 7 لسنة 47 "أحوال شخصية"

(1، 2) حكم "الأحكام القابلة للطعن". وصية. تنفيذ.
(1) الأحكام غير المنهية للخصومة كلها. عدم جواز الطعن فيها إلا مع الحكم المنهي للخصومة. الاستثناء. م 212 مرافعات. الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري. المقصود بها.
(2) الحكم بصحة ونفاذ الوصية وندب خبير لتحديد الأعيان التي ينفذ فيها. حكم غير منه للخصومة كلها أو قابلاً للتنفيذ الجبري. عدم جواز الطعن فيه إلا مع الحكم المنهي للخصومة.
(3، 4) وصية. دعوى. "سماع الدعوى". أوراق. "أوراق رسمية".
(3) الوصية. انعقادها بإرادة الموصي المنفردة دون اشتراط شكل خاص. ما أوجبته المادة 2 ق 71 لسنة 1946 من شكل خاص للوصايا الواقعة بعد سنة 1911. هو شرط لسماع الدعوى بها عند الإنكار.
(4) دعوى الوصية. شرط سماعها. وجود أوراق رسمية تدل عليها. كفاية الإشارة إلى وجودها في تحقيق رسمي دون استلزام وجود ورقة الوصية ذاتها.
(5) وصية. دعوى. "سماع الدعوى". أوراق. "أوراق رسمية". إثبات.
الشهادة الصادرة من واقع دفاتر الشهر العقاري. إيرادها إقرار الموصى بالإيصاء بثلث تركته وتوقيعه بالدفتر. صلاحيتها كمسوغ لسماع دعوى الوصية. كفايتها في إثبات صحة صدور الوصية منه.
(6) محكمة الموضوع. إثبات. "مبدأ الثبوت بالكتابة".
مبدأ الثبوت بالكتابة. استقلال محكمة الموضوع بتعدد ما إذا كانت الورقة المراد اعتبارها كذلك من شأنها أن تجعل المراد إثباته قريب الاحتمال من عدمه.

----------------
1 - مؤدى نص المادة 212 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها، فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم المنهي لها جميعها، سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات وحتى ولو كانت منهية لجزء من الخصومة، ولئن استثنى المشرع أحكاماً أجاز فيها الطعن المباشر ولو لم تنته بها الخصومة كلها، من بينها الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، فإنه قصد بها تلك التي تصدر في طلب موضوعي متضمنة إلزام المحكوم عليه أداء معيناً يقوم فيه بعمل أو أعمال لصالح المحكوم له يمكن للسلطة العامة في حالة نكوله عن أدائه إضفاء الحماية القانونية عليه عن طريق التنفيذ بوسائل القوة الجبرية، فيخرج من عدادها الأحكام التي تقتصر على تقرير حق "مركز قانوني أو واقعة قانونية" ولا تتضمن التزاماً بأداء معين.
2 - إذ كان البين من الأوراق أن الطلبات في الدعوى مكونة من شقين أولهما صحة ونفاذ الوصية وثانيهما تحديد الأعيان التي تنفذ فيها من تركة المورث، وكان مؤدى ذلك أن هدفها الأصيل والوحيد من الشق الأول من الطلبات هو تقرير صحة الوصية وصولاً إلى تثبيت ملكيتها لتلك الأعيان سالفة البيان، وإذ اقتصر الحكم الصادر في... على القضاء بصحة ونفاذ إقرار الوصية دون تحديد للأعيان التي ينفذ فيها، فهو بهذه المثابة لا يعد منهياً للخصومة كلها، كما لا يعتبر من أحكام الإلزام القابلة للتنفيذ الجبري وليس من بين الأحكام الأخرى التي استثناها المشرع على سبيل الحصر وأجاز الطعن فيها على استقلال، فيكون الطعن عليه غير جائز إلا مع الطعن في الحكم المنهي للخصومة برمتها.
3 - مؤدى نص المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 إن المشرع فرق بين انعقاد الوصية وبين شرط سماع الدعوى بها، فاعتبرها تصرفاً ينشأ بإرادة منفردة، تنعقد بتحقق وجود ما يدل على إرادة الشخص لتصرف أو التزام معين يترتب عليه تحمل تركته بعد وفاته بحق من الحقوق. ولا يشترط في الإيجاب ألفاظاً مخصوصة بل يصح بكل ما يفصح عنه، سواء كانت صيغته بالعبارة الملفوظة أو بالكتابة أو بالإشارة الدالة عليه. وما شرعه النص من وجوب أن تتخذ الوصية الواقعة بعد سنة 1911 شكلاً معيناً بأن تحرر بها ورقة رسمية أو تحرر بها ورقة عرفية مصدق فيها على إمضاء الموصي أو ختمه، أو تحرر بها ورقة عرفية مكتوبة كلها بخط الموصي وموقع عليها بإمضائه، مطلوب لجواز سماع الدعوى بالوصية عند الإنكار، وليس ركناً في الوصية ولا صلة له بانعقادها.
4 - يشترط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتضمن مسوغ سماع الدعوى ما ينبئ عن صحتها، درءاً لافتراء الوصايا وتحرزاً من شبهة تزويرها، ومفاد تطلب أوراق رسمية تدل على الوصية كمسوغ لسماع الدعوى بها، يكفي فيه مجرد ذكرها عرضاً في محرر رسمي، أو الإشارة إلى وجودها في تحقيق رسمي أدلى فيه الموصي بقوله على يد موظف مختص أو نحو ذلك، ومن ثم فإنه لا يلزم وجود ورقة الوصية ذاتها حتى تسمع الدعوى.
5 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قدمت شهادة صادرة من محفوظات التوثيق بمصلحة الشهر العقاري تفيد أنه اثبت بدفاترها حضور الموصي مورث الطاعنة، وطلب التصديق على توقيعه على محرر موضوعه إقرار منه بأن يوصي بعد وفاته بثلث تركته من منقول وعقار إلى بنت شقيقه المطعون عليها وأنه وقع بإمضائه في نهاية ما أثبت بالدفتر عن موضوع المحرر بالإضافة إلى توقيع شاهدين، فإن هذه الشهادة، وهي ورقة رسمية لم تنازع الطاعنة في مطابقتها للأصل تصلح مسوغاً لسماع الدعوى بها. لما كان ما تقدم، وكان القانون لم يشترط لانعقاد الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمي من الموصي وإنما اعتبر الكتابة من صيغ الوصية مسوياً بين أن تكون بخط الموصي أو خط سواه، وكانت الشهادة الرسمية المشار إليها والصيغة الواردة بها تظهر إرادة الموصي وبين مقصوده منها وتوضح الموصى إليه والموصى به وقدره، فإن الحكم إذ خلص إلى أنها كما تكفي مسوغاً لسماع الدعوى تقوم سنداً أيضاً على صحة صدور الوصية، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
6 - تقدير ما إذا كانت الورقة التي يراد اعتبارها - مبدأ ثبوت بالكتابة - من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال، هو اجتهاد في فهم الواقع يستقل به قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 10258 سنة 1970 - أحوال شخصية أمام محكمة القاهرة الابتدائية - والتي أحيلت إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وقيدت برقم... - ضد الطاعنة عن نفسها وبصفتها، بطلب صحة ونفاذ إقرار الوصية الصادر من مورث الطاعنة بالإيصاء لها بثلث الأعيان المبينة بالصحيفة، وقالت شرحاً للدعوى أنه بموجب إقرار مصدق عليه بمكتب توثيق القاهرة في 26/ 5/ 1957 أوصى مورث الطاعنة لها بثلث تركته من عقار ومنقولات، وإذ توفى الموصي بتاريخ 22/ 10/ 1968 مصراً على وصيته ودون أن يعدل عنها، وخلف تركة موضحة بالصحيفة تملك ثلثها طبقاً للوصية قد أقامت الدعوى، دفعت الطاعنة بعدم سماع الدعوى. وبتاريخ 29/ 4/ 1974 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم السماع وبندب مكتب الخبراء لبيان الأعيان التي خلفها المورث - وقيمتها وسبب ملكيتها، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت في 19/ 10/ 1972 بصحة ونفاذ إقرار الوصية، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم... القاهرة بطلب بطلانه والقضاء أصلياً بعدم سماع الدعوى واحتياطياً برفضها، وبتاريخ 18/ 5/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف وبرفض الدفع بعدم سماع الدعوى، وسماعها، وبصحة ونفاذ إقرار الوصية الصادر من مورث الطاعنة وبإحالة الأوراق إلى الدائرة المدنية المختصة بنظر دعوى المال، وحكم بتاريخ 20/ 12/ 1976 باعتبار تركة المورث التي ينفذ في ثلثها إقرار وصيته الصادرة إلى المطعون عليها هي الأعيان الموضحة في تقرير الخبير. طعنت الطاعنة على هذين الحكمين بطريق النقض، دفعت المطعون عليها بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي موضوع الطعن برفضه وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليها، إن الدعوى رفعت بطلب صحة ونفاذ إقرار الوصية محل المنازعة وأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 18/ 5/ 1975 بصحته ونفاذه يعتبر قضاء منهياً للخصومة وقابلاً للتنفيذ الجبري، ومن ثم كان يتعين الطعن عليه على استقلال وإذ تقاعست الطاعنة عن ذلك فإنه لا يجوز أن يشمله الطعن الماثل.
وحيث إن الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادة 212 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها، فلا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم المنهي لها جميعها، سواء كانت تلك الأحكام موضوعية، فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات وحتى ولو كانت منهية لجزء من الخصومة، ولئن استثنى المشرع أحكاماً أجاز فيها الطعن المباشر ولو لم تنته بها الخصومة كلها، من بينها الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، فإنه يقصد بها تلك التي تصدر في طلب موضوعي متضمنة إلزام المحكوم عليه أداء معيناً يقوم فيه بعمل أو أعمال لصالح المحكوم له يمكن للسلطة العامة في حالة نكوله عن أدائه إضفاء الحماية القانونية عليه عن طريق التنفيذ بوسائل القوة الجبرية فيخرج من عدادها الأحكام التي تقتصر على تقرير حق "مركز قانوني" ولا تتضمن التزاماً بأداء معين. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطلبات في الدعوى مكونة من شقين أولهما صحة ونفاذ الوصية وثانيهما تحديد الأعيان، التي تنفذ فيها من تركة المورث، وكان مؤدى ذلك أن هدفها الأصيل والوحيد من الشق الأول من الطلبات هو تعزيز صحة الوصية وصولاً إلى تثبيت ملكيتها لثلث الأعيان سالفة البيان، وإذ اقتصر الحكم الصادر في 18/ 5/ 1975 على القضاء بصحة ونفاذ إقرار الوصية دون تحديد للأعيان التي ينفذ فيها، فهو بهذه المثابة لا يعد منهياً للخصومة كلها، كما لا يعتبر من أحكام الإلزام القابلة للتنفيذ الجبري، وليس من بين الأحكام الأخرى التي استثناها المشرع على سبيل الحصر وأجاز الطعن فيها على استقلال، فيكون الطعن عليه غير جائز إلا مع الطعن مع الحكم المنهي للخصومة برمتها، ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 18/ 5/ 1975 مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أسس قضاءه برفض الدفع بعدم سماع الدعوى على سند من أن المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 لا تجعل تقديم أصل سند الوصية ذاته مسوغاً لسماع الدعوى، ويكتفي بكونه متضمناً مجرد وجود ما ينبئ عن صحتها في أحد الأشكال الثلاثة التي حددتها المادة، وأن المقصود باشتراط المسوغ هو خلو الدعوى من شبهة التزوير، وإن الشهادة الرسمية المحررة من واقع دفتر التصديق تقوم سنداً أيضاً على صحة صدور الوصية لأنها دالة دلالة نسبية على الموصي والموصى به والموصى له الوصية بما يؤكد انعقادها وتحقق ركنها. في حين أن الفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها صريحة في أن ورقة الوصية المصدق على توقيع الموصى عليها من بين الأشكال الثلاثة التي حددتها المادة وأنها هي المسوغ لسماع الدعوى بها. هذا إلى أن الحكم انتهى إلى صحة ونفاذ الوصية دون أن يقدم إليه محررها أو تطلع عليه للتحقيق من توافر شروطها أو ما عساه يكون قد اقترن بها أو علقت عليه من شروط تهدرها بالإضافة إلى أن الشهادة الصادرة من مكتب التوثيق لا تعدو أن تكون مصادقة على الإمضاء والاستيثاق من شخصية من يراد التصديق على إمضائه ولا شأن له بصلب المحرر وموضوعه ومحتوياته وما يكون قد انطوى عليه من أوضاع وشروط تتطلبه وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 على أنه "تنعقد الوصية بالعبارة أو بالكتابة، فإذا كان الموصي عاجزاً عنهما انعقدت الوصية بإشارته. ولا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية... وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنجية فلا تسمح فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك علاوة على ما ذكر أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع عنها مصدقاً على توقيع الموصى عليها "يدل على أن المشرع فرق بين انعقاد الوصية وبين شرط سماع الدعوى بها فاعتبرها تصرفاً ينشأ بإرادة منفردة، تنعقد بتحقق وجود ما يدل على إرادة شخص لتصرف أو التزام معين يترتب عليه تحمل تركته بعد وفاته بحق من الحقوق. ولا يشترط في الإيجاب ألفاظ مخصوصة، بل يصح بكل ما يفصح عنه، سواء كانت صيغته بالعبارة الملفوظة أو بالكتابة أو بالإشارة الدالة عليه. وما شرعه النص من وجوب أن تتخذ الوصية الواقعة بعد سنة 1911 شكلاً معيناً، بأن تحرر بها ورقة رسمية أو تحرر بها ورقة عرفية مصدق فيها على إمضاء الموصي أو ختمه، أو تحرر بها ورقة عرفية مكتوبة كلها بخط الموصي وموقع عليها بإمضائه، مطلوبة لجواز سماع الدعوى بالوصية عند الإنكار ليس ركناً في الوصية ولا صلة له بانعقادها. ولما كان يشترط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتضمن مسوغ سماع الدعوى ما ينبئ عن صحتها، درءاً لافتراء الوصايا وتحرزاً من شبهة تزويرها، وكان مفاد طلب أوراق رسمية تدل على الوصية كمسوغ لسماع الدعوى بها، يكفي فيه مجرد ذكرها عرضاً في محرر رسمي، أو الإشارة إلى وجودها في تحقق رسمي أدلى فيه الموصي بقوله على يد موظف مختص، أو نحو ذلك، فإن ذلك لا يستلزم وجود ورقة الوصية ذاتها حتى تسمع الدعوى. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها قدمت شهادة صادرة من محفوظات التوثيق بمصلحة الشهر العقاري تفيد أنه أثبت بدفاترها بتاريخ 26/ 5/ 1957 حضور الموصي مورث الطاعنة، وطلبه التصديق على توقيعه على محرر موضوعه إقرار منه بأنه يوصي بعد وفاته بثلث تركته من منقول وعقار إلى بنت شقيقه المطعون عليها، وأنه وقع بإمضائه في نهاية ما أثبت بالدفتر عن موضوع المحرر بالإضافة إلى توقيع شاهدين، فإن هذه الشهادة، وهي ورقة رسمية لم تنازع الطاعنة في مطابقتها للأصل تصلح مسوغاً لسماع الدعوى بها، لما كان ما تقدم، وكان القانون لم يشترط لانعقاد الوصية أن يصدر بها إشهاد رسمي من الموصي، وإنما اعتبر الكتابة - وعلى ما سلف بيانه - من صيغ الوصية مسوياً بين أن تكون بخط الموصي أو خط سواه، وكانت الشهادة الرسمية المشار إليها والصيغة الواردة بها تظهر إرادة الموصي وتبين مقصوده منها وتوضح الموصى إليه والموصى به وقدره، فإن الحكم إذ خلص إلى أنها كما تكفي مسوغاً لسماع الدعوى تقوم سنداً أيضاً على صحة صدور الوصية فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت بأن الموصي باع قبل وفاته جزءاً من ملكه لابنتيه القاصرتين، وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات التصرف باعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة لتحريره بخط البائع، مما ترتب عليه صدور حكم في 9/ 2/ 1976 باستجواب الخصوم، إلا أن المحكمة عدلت عن تنفيذه بغير بيان لأسباب العدول بالمخالفة لنص المادة التاسعة من قانون الإثبات، بالإضافة إلى أن الحكم أهدر دلالة العقد بمقولة أن الطاعنة لم يسبق لها التمسك به، وأنه غير مسجل وغير موقع عليه من المورث، مع أن التراخي في إبداء الدفاع لا يبرر إطراحه، وخلو الورقة من توقيع من تشهد عليه لا يمنع من اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة متى كانت مكتوبة بخطه، والتصرف العرضي ببيع المورث عقاراً حجة على الوارث والموصى له بغير حاجة إلى تسجيل، مما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بأنه لما كانت الطاعنة لم تودع ملف الطعن صورة من حكم الاستجواب المنوه عنه، فإن النعي أياً كان وجه الرأي فيه يكون عارياً عن الدليل. وهو مردود في شقه الثاني بأن البين من الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 20/ 12/ 1976 أنه حصل في منطق سليم له مأخذه من أوراق الدعوى أن التعاقد المشار إليه بسبب النعي لم يتم، وأن الورقة المتمسك بها كمبدأ ثبوت بالكتابة إنما تشير إلى مشروع قد عدل عنه، وكان تقدير ما إذا كانت الورقة التي يراد اعتبارها كذلك من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال هو اجتهاد في فهم الواقع يستقل به قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً فإن هذا كاف لحمل قضاء الحكم، ويكون ما تزيد فيه بشأن التسجيل. وأياً كان وجه الرأي فيه غير مؤثر على جوهر قضائه، فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق