جلسة 8 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين محمد المهدي ومحمد الباجوري وصلاح نصار وإبراهيم هاشم.
----------------
(317)
الطعن رقم 31 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "ولاية على المال". دعوى "نظر الدعوى". حكم "بيانات الحكم". إثبات "عبء الإثبات".
وجوب نظر قضايا الولاية على المال في غرفة مشورة. وجوب النطق بالحكم علانية. لا يلزم تضمينه بيان النطق به في علانية. الأصل في الإجراءات أنها روعيت. على من يدعي المخالفة عبء إثباتها.
(2) أحوال شخصية. حكم "بيانات الحكم". نيابة عامة.
إغفال الحكم بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية. لا بطلان. كفاية إبداء النيابة رأيها. والإشارة إلى ذلك في الحكم.
(3) حكم "التوقيع على مسودة الحكم. "بطلان الحكم". بطلان.
حكم توقيع الرئيس والقضاة على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه. مادة 175 مرافعات. لا يغني ذلك عن وجوب التوقيع على الورقة المتضمنة الحكم وحده. التوقيع على الورقة المشتملة على جزء من الأسباب اتصل بها منطوق الحكم. لا بطلان.
(4) حكم "إصدار الحكم".
وجوب صدور حكم من ذات الهيئة التي سمعت المرافعة. مادة 167 مرافعات. تخلف أحد أعضاء الهيئة وحضور آخر جلسة تأجيل النطق بالحكم لإتمام المداولة. لا يفيد اشتراكه في المداولة.
(5) حكم "بيانات الحكم". بطلان. "بطلان الحكم".
النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى. عدم ترتيب بطلان الحكم. مادة 178 مرافعات.
(6) أحوال شخصية "ولاية على المال". التزام "التزام قانون". إثبات "القرائن".
التزام الولي الشرعي إيداع قائمة بأموال القاصر قلم كتاب المحكمة في مدى شهرين من تاريخ بدء الولاية أو أيلولة المال إلى الصغير دون توقف على طلب النيابة أو المحكمة. عدم إيداع القائمة أو التأخر في إيداعها. قرينة غير قاطعة على تعريض أموال القاصر للخطر. جواز سلب الولاية أو الحد منها.
(7) أحوال شخصية "ولاية على المال".
سلب الولاية أو الحد منها بسبب تعريض مال القاصر للخطر. اختلاف نطاقها عن نطاق مسئولية الأب عن أعمال الولاية في حالة الخطأ الجسيم.
(8) نقض "أسباب الطعن". أحوال شخصية "ولاية على المال".
التمسك بعدم انقضاء المهلة القانونية لإيداع الولي قلم كتاب المحكمة قائمة أموال القاصر. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقارير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 17/ 4/ 1973 تقدمت المطعون عليها إلى نيابة أسيوط للأحوال الشخصية بطلب لسلب ولاية الطاعن على ابنه...... وتعيينها وصية عليه مستندة إلى أن ابنتها المتوفاة كانت زوجة للطاعن ورزقت منه بالقاصر المشار إليه والموجود في حضانتها بصفتها جدته لأمه، وقد استولى الطاعن باعتباره ولياً شرعياً على أمواله واستحقاقه الشهري في المعاش ولم يقم بالإنفاق عليه أو رعاية مصالحه، وبعد أن حققت النيابة العامة الطلب قدمته إلى محكمة أسيوط الابتدائية، وقيدت الدعوى برقم 9 ب لسنة 1973 أحوال شخصية "مال" أسيوط. حكمت المحكمة بتاريخ 12/ 6/ 1974 بسلب ولاية الطاعن على ابنه..... وتعيين المطعون عليها وصية عليه بدون أجر وتكليفها بمقاضاة المسلوب ولايته بإيداع مستحقات القاصر في المعاش الخاص به. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 لسنة 49 ق أحوال شخصية أسيوط، وبتاريخ 3/ 12/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه البطلان من وجوه خمسة: (أولها) أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه خلا مما يفيد صدوره بجلسة علنية فيقع باطلاً طبقاً لما تقضي به المادة 174 من قانون المرافعات. (ثانيها) خلو الحكم المطعون فيه من بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في الدعوى خلافاً للمادة 178 من قانون المرافعات (ثالثها) عدم توقيع أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم على كل ورقة من أوراق مسودته رغم انفصالها واكتفائهم بالتوقيع على الورقة الأخيرة في نهاية المنطوق (رابعها) اشتراك من لم يسمع المرافعة في الدعوى من القضاة في المداولة، إذ تخلف أحد أعضاء الدائرة التي استمعت إلى المرافعة وحجزت الدعوى للحكم وبالجلسة المحددة لإصداره حل محله آخر وتقرر فيها مد أجل النطق به إلى جلسة تالية لإتمام المداولة مما يفيد مشاركة الأخير فيها رغم عدم سماعه المرافعة في الدعوى. (خامسها) صدور الحكم المطعون فيه بوصف أن المطعون عليها وصية على القاصر....... في حين أنها خاصمت الطاعن أمام محكمة أول درجة بصفتها الشخصية واختصمها هو في الاستئناف بهذه الصفة.
وحيث إن النعي غير سديد في كافة وجوهه، فهو مردود في الوجه الأول بأنه وإن كان مفاد المادة 871 الواردة بالكتاب الرابع من قانون المرافعات أن تنظر محكمة الولاية على المال ما يعرض عليها من طلبات في غرفة مشورة على خلاف الأصل المقررة من أن جلسات المحاكم علنية، إلا أنه يتعين أن ينطق القاضي بالحكم الصادر فيها علانية وإلا شابه البطلان عملاً بنص المادة 174 من ذات القانون، اعتباراً بأن علانية النطق بالحكم قاعدة جوهرية تجب مراعاتها إلا ما استثنى بنص صريح تحقيقاً للغاية التي توخاها المشرع وهي تدعيم الثقة في القضاء والاطمئنان إليه، ولما كان تضمين الحكم بيان النطق به في علانية أمر لم توجبه المادة 178 من قانون المرافعات التي حددت البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم، وكان الأصل في الإجراءات أنها تكون قد روعيت، وعلى من يدعي أنها خولفت إقامة الدليل على ذلك، وكان الطاعن قد استند إلى مجرد خلو الحكم من بيان النطق به علناً فإن النعي في هذا الشق يكون عارياً عن دليله.
وهو مردود في الوجه الثاني بأن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس من البيانات الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم ولما كان الثابت أن النيابة قد أبدت رأيها في القضية وأثبت ذلك في الحكم وأن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس. والنعي في الوجه الثالث مردود بأن النص في المادة 175 من قانون المرافعات على أنه "يجب في جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان باطلاً"، يدل على أن المشرع أوجب أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من جميع أعضاء الهيئة التي أصدرته وإلا كان الحكم باطلاً، ولا يغني عن هذا الإجراء توقيعهم جميعاً على الورقة المتضمنة منطوق الحكم وحده متى كانت هذه الورقة منفصلة عن الأوراق المشتملة على أسبابه، أما إذا حررت الأسباب على أوراق منفصلة اشتملت الأخيرة منها على جزء من هذه الأسباب اتصل بها منطوق الحكم ثم وقع عليها جميع القضاة الذين أصدروه فإن التوقيع على هذه الورقة إنما هو توقيع على المنطوق والأسباب معاً يتحقق به غرض الشارع فيما استوجبه من توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فلا يكون الحكم باطلاً، لما كان ذلك وكان ما أورده الطاعن في نعيه من أن الورقة الأخيرة من أوراق مسودة الحكم اشتملت على توقيعات أعضاء الهيئة التي أصدرته في نهاية المنطوق، لا يفيد خلو هذه الورقة من جزء من الأسباب وهو مناط البطلان في هذه الحالة فإن النعي في هذا الوجه يكون مجهلاً. والنعي مردود في وجهه الرابع أنه لما كان النص في المادة 167 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً"، يدل على أن الحكم يبطل إذا اشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة ولو كان المشترك قاضياً في ذات المحكمة وحل محل آخر في نفس الدائرة، بمعنى أن يكون الحكم صادراً من نفس الهيئة التي سمعت المرافعات التي سبقت وانتهت به، وكان البين من الاطلاع على الصورة الرسمية المقدمة لمحاضر الجلسات أن المحكمة انعقدت يوم 3/ 11/ 1974 برئاسة وعضوية المستشارين..... وقررت حجز القضية للحكم لجلسة 2/ 12/ 1974 وفي هذا اليوم تخلف عضو اليسار وحضر بدلاً عنه المستشار...... فقررت المحكمة مد أجل الحكم لليوم التالي لإتمام المداولة حيث انعقدت المحكمة بذات هيئتها الأصلية التي سمعت المرافعة وأصدرت حكمها المطعون فيه، فإن هذا لا يبين منه البتة مشاركة المستشار إبراهيم كدواني في المداولة، وإنما يفيد أنه استكمل الهيئة بدلاً من العضو الأصلي الغائب واقتصر دوره على مجرد تأجيل الدعوى لجلسة مقبلة لإفساح المجال أمام الهيئة الأصلية التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للحكم لإتمام المداولة بمعرفتها وبذلك ينتفي الأساس الذي أقيم عليه هذا الوجه من النعي. وهو مردود في وجهه الأخير بأن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي يصدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه، وإذ رتبت هذه المادة البطلان على "النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما عنت النقص أو الخطأ اللذين يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته مما قد يؤدي إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بآخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى وإذن فمتى كان النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المردودة في الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما يترتب عليه البطلان المنصوص عليه في المادة المشار إليها، ولما كان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء بطلب مقدم من المطعون عليها بصفتها الشخصية طلبت فيه سلب ولاية الطاعن على ابنه القاصر وتعيينها وصية عليه، وقضى الحكم الابتدائي لها بطلباتها فاستأنفه الطاعن واختصمها بصفتها المشار إليها، فإن الإشارة في ديباجة الحكم المطعون فيه إلى أن المطعون عليها وصية على القاصر لا يؤدي إلى التشكيك في صفتها الحقيقية من حيث اتصالها بالخصومة المرددة في الدعوى ولا يترتب عليه البطلان. ويكون النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أقام قضاءه بسلب ولايته على سند من تحقق الخطر على مال ابنه لأنه تخلف عن تقديم قائمة بأموال القاصر في الميعاد القانوني ولم يودع ما تحت يده منها إلا بعد تقديم الطلب بسلب ولايته، في حين أن قائمة أموال القاصر الموقع عليها من وكيل المطعون عليها لم تشتمل إلا على المبلغ الذي أودعه الطاعن بالبنك وقدره 665 جنيهاً والمعاش الشهري وقدره 15 جنيهاً، وتضمن المبلغ المودع ما استحقه القاصر من تعويض بالإضافة إلى ما تبقى من المعاش بعد الإنفاق على شئونه، ولم يكن الإيداع وليداً لالتزام قانوني وإنما قصد به مجرد الإفصاح عن احتفاظه بأموال القاصر، ورغم إثارته هذا الدفاع الذي من شأن ثبوته نفي شبهة الخطر عن مال القاصر فإن المحكمة لم تتناوله بالتحقيق أو الرد. هذا إلى أن الحكم وقد قرر تخلف الطاعن عن تقديم قائمة بأموال القاصر في الميعاد القانوني لم يبين تاريخ أيلولة المال للقاصر الذي يبدأ منه سريان الميعاد المذكور. بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي رغم ما شابها من قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، حين اعتمد في قضائه على إساءة الطاعن التصرف في مال القاصر وعدم إنفاقه عليه واستئثاره دونه بأثاث منزل الزوجية واختيار القاصر البقاء مع جدته المطعون عليها، حالة إنه لم يبين التصرفات الضارة بمال القاصر والتي يتوفر بها ركن الخطأ الجسيم الموجب لمساءلة الأب في مباشرته الولاية طبقاً لنص المادة 24 من قانون الولاية على المال، ولم يحقق واقعة عدم الإنفاق أو الاستيلاء على المفروشات، كما أن تفضيل القاصر بقاءه مع جدته لا يصح التذرع به في مجال الولاية على المال، وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن مفاد ما تقضي به المادتان 16 و20 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال أن المشرع ألزم الولي أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو مما يؤل إليه وأن يودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التي يقع بدائرتها موطنه في مدى شهرين من تاريخ بدء الولاية أو من تاريخ أيلولة المال إلى الصغير، وذلك ابتغاء الحد من إعمال الأحكام المقررة في شأن موت الولي مجهلاً. فطالما قيد القانون من حرية الولي في التصرف وشرط إذن المحكمة لإتمام العديد من التصرفات فإن ذلك يستلزم بداهة أن تكون أموال القاصر معلومة لدى المحكمة، وهو التزام فرضه القانون على الولي من تلقاء نفسه دون توقف على تكليف بذلك من النيابة أو المحكمة. وتكلفت المادة ببيان الجزاء على التخلف عن عدم القيام بهذا التكليف فأجازت اعتبار عدم إيداع القائمة أو التأخير في إيداعها بمثابة تعريض مال القاصر للخطر، وأقامت قرينة غير قاطعة يكون للمحكمة كامل السلطان في تقديرها، بحيث إذا ما رتبت أثرها وقدرت الأخذ بها بمناسبة ملابسات التخلف أو التأخير كان لها أن تعتبر ذلك الفعل من الولي تعريضاً لمال القاصر للخطر ويكون لها بالتالي سلب ولايته والحد منها. ولما كان الحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص قوله "... وكان الثابت من الأوراق أن السيدة...... والدة القاصر...... توفيت إثر حادث جنائي وكانت موظفة بوزارة التربية والتعليم وقامت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات بصرف 508 جنيهاً و375 مليماً قيمة التعويض المستحق لابنها الصغير المشمول بولاية والده المستأنف - الطاعن - كما تقرر لهذا الابن معاش شهري قدره 15 جنيهاً و180 مليماً اعتباراً من 1/ 3/ 1970 ولم يقم المستأنف بتحرير قائمة بأموال القاصر وإيداعها قلم كتاب بالمحكمة وفقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 119 لسنة 1952، هذا بالإضافة إلى أنه ثبت على إثر قيام المستأنف ضدها - المطعون عليها - بتقديم البلاغ للنيابة العامة بسلب ولاية المستأنف أن كان قد أودع باسمه خاصة مبلغ 665 جنيهاً في بنك الإسكندرية فرع أسيوط ولم يقم بتحويل هذا المبلغ لاسم القاصر إلا في 19/ 5/ 1973 ومن ثم فإن المحكمة تأخذ من ذلك أن بقاء أموال القاصر تحت يد المستأنف في خطر ومن مصلحة القاصر سلب ولاية المستأنف على ابنه ميخائيل... "وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أنه أقام قضاءه بسلب ولاية الطاعن على ابنه القاصر على ما ثبت من تخلفه عن تحرير قائمة بأموال القاصر واحتفاظه بهذه الأموال في حساب باسمه الشخصي وعدم إيداعها باسم القاصر إلا بعد تقديم طلب سلب الولاية، واتخذ من ذلك قرينة على تعريضه أموال القاصر للخطر تخول له سلب ولايته، وكان لا مجال للتذرع في هذا النطاق بالمادة 24 من المرسوم بقانون رقم 119 التي تعرض لمسئولية الأب عن التعويضات عن أعمال الولاية وتقصرها على حالة الخطأ الجسيم لما بين الأب والابن من روابط ينبغي أن تكون شفيعة في يسير الخطأ، لأنها منبتة الصلة بما للمحكمة من مطلق الحرية في تقدير ما تستلزمه مصلحة القاصر من سلب الولاية أو الحد منها تبعاً لسوء تصرف الولي أو لأي سبب آخر يجعل أموال القاصر في خطر، إذ أن الولاية منوطة بالمصلحة فمتى انتفت وجب أن تزول، لما كان ذلك وكانت أسباب الحكم سائغة ولها مأخذها من الأوراق وتكفي وحدها لحمل قضائه فإنه لا على الحكم إذا لم يتتبع الطاعن في مختلف مناحي أقواله وحججه أو يرد استقلالاً على كل منها. ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أخذه بما خلص إليه الحكم الابتدائي من أسانيد لسلب الولاية قوامها نسبة عدم الإنفاق للطاعن واستيلائه على أثاث منزل الزوجية والاعتداد بإيثار القاصر البقاء مع الجدة دون الأب - بفرض صحته - غير منتج لأن هذه الدعامات لم تكن ذات أثر في قضائه. لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بأن مهلة الشهر المحددة لإيداع قائمة بمال القاصر لم تكن قد انقضت منذ تاريخ أيلولة المال إليه، فلا يجوز له إثارة هذا الأمر ولأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يتعين عرضه على قضاء الموضوع، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق