جلسة 27 من سبتمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل ونجاح نصار ومحمد محمد يحيى نواب رئيس المحكمة وحسن سيد حمزة.
----------------
(127)
الطعن رقم 3690 لسنة 58 القضائية
(1) اختلاس. جريمة "أركانها". موظف عام.
دفاع الطاعنين بانحسار صفة الموظف العام عنهما. جوهري. إعمال المادة 112 عقوبات يوجب أن يكون المتهم موظفاً أو مستخدماً عمومياً.
(2) اختلاس أموال أميرية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب إقامة أحكام الإدانة في المواد الجنائية على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
(3) حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". اشتراك. اتفاق. ارتباط. نقض "أثر الطعن".
إدانة الحكم الطاعن بجريمة الاشتراك في الاختلاس يوجب عليه استظهار عناصر هذا الاشتراك وطريقته وبيان الأدلة على ذلك من واقع الدعوى وظروفها.
مجرد قيام الطاعن الثاني بالاشتراك مع الطاعن الأول في تقديم المستند المزور إلى المختصين لا يفيد في ذاته المساهمة في جريمة الاختلاس.
عدم بيان الحكم ما يدل على توافر المساهمة في مقارفة جريمة الاختلاس. قصور.
نقض الحكم في تهمة يوجب نقضه بالنسبة لما ارتبط بها من تهم أخرى.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهمان بصفتهما موظفين عموميين الأول أمين صندوق جمعية....... ذات النفع العام لأهالي...... اختلسا مبلغ 5081.250 جنيه المملوك للجهة سالفة الذكر والذي وجد في حيازتهما بسبب وظيفتهما حالة كون المتهم الأول من مندوبي التحصيل والصيارف وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر: ( أ ) ارتكب المتهم الأول تزويراً في محررات إحدى الجمعيات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً والمعتبرة قانوناً ذات نفع عام هي إيصالات استلام التبرعات لجمعية الرعاية الاجتماعية المبين بالتحقيقات بأن أثبت بصورها على خلاف الحقيقة مبالغ أقل من المبالغ المسلمة إليه والمدونة بأصولها ومهرها بخاتم الجمعية. (ب) استعملا المحررات المزورة سالفة الذكر بأن قدماها للمختصين بالجمعية للمحاسبة على أساسها مع علمهما بتزويرها. ثانياً: المتهم الأول بصفته سالفة الذكر أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بأن قام بشراء السيارة المبينة بالتحقيقات غير مستوفية لجميع الملحقات الكهربائية وغير صالحة للاستعمال وتعتبر مستهلكة بأزيد من قيمتها الحقيقة بمبلغ 2500 جنيه مما ألحق بجمعية..... ضرراً مالياً قدره 2500 جنيه. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة أمن الدولة العليا ببور سعيد قضت حضورياً عملاً بالمواد 211، 214/ 1 مكرراً، 112/ أ -ب، 116 مكرراً، 118، 119/ هـ، 119/ هـ مكرراً، 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزلهما من وظيفتهما وبرد مبلغ 5081.250 جنيه وبغرامه مساوية لهذا المبلغ وببراءة المتهم الأول عن التهمة الأخيرة.
فطعنت الأستاذة/........ المحامية نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما - بصفتهما موظفين عموميين بجمعية....... للرعاية الاجتماعية ذات النفع العام - بجرائم اختلاس مال مملوك للجمعية المذكورة والذي وجد في حيازتهما بسبب وظيفتهما وتزوير واستعمال محرراتها مع علمهما بتزويرها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب ذلك أن المدافع عن الطاعنين دفع أمام المحكمة أن ما أسند إليهما لا يكون جناية الاختلاس إذ أن الجمعية المجني عليها ليست من الجمعيات ذات النفع العام ومن ثم فإن أموالها لا تعد أموالاً عامة ولا يعتبر موظفوها في حكم الموظفين العموميين وقد جاءت أقوال....... رئيس اللجنة التي قامت بعرض أعمال الجمعية في محضر جلسة المحاكمة مؤيدة لهذا الدفع بما قرره من أن الجمعية المذكورة ليست من الجمعيات الخاصة ذات النفع العام غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفع استناداً إلى ما قرره شهود آخرون من أن تلك الجمعية تعتبر من الجمعيات الخاصة ذات النفع العام كما أن الحكم جاء مبهماً مجهلاً في أسبابه إذا اعتبر الطاعن الثاني مرتكباً لجريمة الاختلاس تلك دون أن يدلل على ذلك بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "..... أن المتهمين.... و.... وهما موظفين عموميين الأول منهما أمين صندوق جمعية....... للرعاية الاجتماعية ذات النفع العام والثاني سكرتيراً لها والتي من اختصاصها جمع التبرعات وتوزيعها على الأهالي المستحقين قاما بالتلاعب في دفاتر التحصيل وتمكنا من اختلاس مبلغ - 5081.250 جنيه المملوك للجهة سالفة الذكر حالة كون المتهم الأول من مندوبي التحصيل والصيارف وسلم إليه المال بهذه الصفة وارتكب المتهم الأول تزويراً في إيصالات استلام التبرعات للجمعية التي يعمل بها بأن أثبت بها مبالغ أقل من المبالغ المسلمة إليه ومهرها بخاتم الجمعية وقدم والمتهم الثاني تلك الإيصالات للمختصين بالجمعية للمحاسبة على أساسها - وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة مستمدة من أقوال رئيس لجنة الفحص وعرض لدفاع الطاعنين الذي يردداه في وجه طعنهما وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى - تأسيساً على أن المتهمين ليسا من الموظفين العموميين كما أن أموال الجمعية ليست أموالاً عامة - فمردود بأنه طبقاً لنص المادة 119/ هـ من قانون العقوبات والتي تقضي باعتبار المقصود بالأموال العامة مما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات التي....... ومنها المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام وتلك التي تساهم فيها إحدى الجهات السابقة الأمر الذي يعتبر معه أموال هذه الجمعية أموالاً عامة طبقاً لمفهوم النص سالف الذكر ومن ثم فالواقعة المنسوبة للمتهمين تعد جناية مما يخضع لاختصاص هذه المحكمة الأمر الذي يعدو معه هذا الدفع على غير سند متعين الرفض" وانتهى الحكم في قضائه إلى إدانة الطاعنين ومعاقبتهما وفقاً لنصوص المواد 112/ 1، 2 أ - ب، 118، 119/ هـ مكرراً، 211، 214/ 1، 2 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان ما تمسك به الطاعنان في دفاعهما الثابت بمحضر جلسة المحاكمة من أن صفة الموظف العام قد انحسرت عن الطاعنين وأن أموال الجمعية المجني عليها ليست أموالاً عامة - مما يعد في خصوصية هذه الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لمساسه بصحة التكييف القانوني للوقائع التي أسند إليهما ارتكابها، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الشاهدين.....، ...... رئيس اللجنة التي قامت بفحص أعمال الجمعية....... عضو اللجنة - قد تضاربا في أقوالهما في هذا الشأن فقد قرر أولهما أن الجمعية المجني عليها لا تعد من الجمعيات الخاصة ذات النفع العام وأن مالها خاص، في حين قرر ثانيهما أن أموال الجمعية المذكورة تعتبر أموالاً عامة إلا أن موظفيها لا يعتبرون في حكم الموظفين العموميين، ومن ثم فإنه لا يستطاع من واقع هذه الأقوال الجزم بحقيقة الوضع القانوني للجمعية المجني عليها، مما يختلف أثره في مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات وباقي المواد المطبقة على واقعة الدعوى - والتي يجب لإعمالها نصوصها أن يكون المتهم موظفاً أو مستخدماً عمومياً - أو ممن يعد في حكم الموظف - لما كان ذلك، وكانت المحكمة على الرغم من التضارب القائم في الأوراق قد انتهت إلى مساءلة الطاعنين وفقاً للمواد 112، 118، 119/ هـ، 119/ هـ مكرراً، 112، 214 من قانون العقوبات عن الوقائع المسندة إليهما إلى أسباب قاصرة فضلاً عن إنها ردت على الدفع بعدم الاختصاص بما لا يصلح رداً، وذلك دون أن تجرى من جانبها تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر فإن حكمها فوق قصوره يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال، ذلك بأن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال - لما كان ذلك، وكان الحكم قد دان الطاعن الثاني بجريمة الاختلاس على النحو السالف بيانه - فقد كان عليه أن يستظهر عناصر مساهمته في ارتكاب تلك الجريمة وأن يبين الأدلة على ذلك بياناً موضحاً ويكشف عن قيامها، وذلك من واقع الدعوى وظروفها، بيد أن ما أورده الحكم من مجرد قيام الطاعن الثاني بالاشتراك في تقديم الإيصالات المزورة مع الطاعن الأول إلى المختصين بالجمعية المجني عليها للمحاسبة على أساسها، لا يفيد في ذاته المساهمة في مقارفة جريمة الاختلاس وهو ما لم يدلل الحكم على توافره في حقه وهو ما يعدو معه الحكم قاصر البيان. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعنين معاً، وعن جميع الجرائم التي رفعت بها لأن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها، وهي جناية اختلاس المال العام عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق