جلسة 21 من سبتمبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/
محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين
الشافعي ومحمود شريف فهمي وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(145)
الطعن رقم 17047 لسنة 63
القضائية
(1)اتفاق.
جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات
"بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
جريمة الاتفاق الجنائي
المنصوص عليها في المادة 48 عقوبات. تمامها. باتحاد إرادة شخصين أو أكثر على
ارتكاب جناية أو جنحة. سواء وقعت الجريمة المقصودة في الاتفاق أو لم تقع.
استخلاص العناصر
القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى. موضوعي.
عدم تقيد المحكمة بالأدلة
المباشرة. حقها استخلاص الحقائق القانونية مما يقدم إليها من أدلة ولو غير مباشرة.
ما دام ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل
على توافر عنصر جريمة اتفاق جنائي.
(2)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه".
إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل
الجنائية. من عناصر الاستدلال. البحث في صحة ما يدعيه المتهم من انتزاع الاعتراف
منه بالإكراه. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد
على الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه في جريمتي اتفاق جنائي وإتلاف عمدي.
(3)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات.
تقدير الأدلة بالنسبة لكل
متهم. حق لمحكمة الموضوع وحدها. لها الاطمئنان إليها. ولها التعويل في تكوين
عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
---------------
1 - لما كان لا يشترط
لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر
من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء وقعت الجريمة
المقصودة من الاتفاق أو لم تقع، وأنه يكفي أن تستخلص المحكمة العناصر القانونية
لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ
الاعتقاد بوقوعه وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص
الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما
حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كان الحكم
المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى التي ترد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب
مؤدية إلى ما رتبه عليها أن اتفاقاً مسبقاً قد تم بين الطاعن الأول وباقي الطاعنين
على ارتكاب جريمة إتلاف وإحراق بعض السيارات المملوكة.... وأمدهم الطاعن الأول
بالأدوات والمواد اللازمة لذلك ثم قاموا جميعاً بإحراق هذه السيارات فعلاً فإن ما
يثيره الطاعنون من نعي على الحكم بدعوى القصور في التسبيب واختلال فكرة الجريمة في
ذهن المحكمة يكون غير سديد.
2 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان الاعترافات المنسوبة إليهم
لكونها وليدة إكراه ورد عليه في قوله بأن "الثابت من تحقيق النيابة وجود آثار
إصابية بالمتهم الرابع، وقد كانت محوراً لتلك التحقيقات، وتنوه المحكمة إلى أنها
لم تعول على أقوال هذا المتهم عند استعراض أدلة الثبوت ومن ثم يكون هذا القول في
غير محله. أما بالنسبة لاعتراف.... و.... و.... فلم يدع أحدهم بأن إكراهاً وقع
عليه اللهم إلا الأول وقد ثبت من التحقيقات عدم صحة هذا الزعم فإذا ما اعتمدت
المحكمة على هذه الاعترافات في إدانة من صدرت عنهم وعولت عليها في إدانة الآخرين
فلا تثريب عليها - لأن هذا كله مما يدخل في إطلاقاتها، كما أن لها أن تأخذ
بالاعتراف ولو عدل عنه صاحبه في أي مرحله تالية من إجراءات التحقيق أما القول بأن الاعترافات
هذه لا تطابق الوقائع، إذ ثبت أن إحدى هذه السيارات قد احترقت بسائل التنر فهذا لا
ينال من هذه الأقوال، إذ الثابت من الأوراق أن المتهم الأول هو الذي أعد المادة
الحارقة وهو الذي سلمها للمجموعة التي أسند إليها إحراق سيارة... ومما لا شك فيه
أن أول ما يتبادر للذهن أن المادة هي البنزين فإذا ما ثبت وجود اختلاف بين المادة
الحارقة والاعتراف فإن هذا لا يعدو إلا خلف في أمر تفصيلي محض لا يفسد الاعتراف
ولا ينال منه" فإن ما ردت به المحكمة على هذا الدفع يكون كافياً وسائغاً
لإطراحه وبما يكفل حمل النتيجة التي خلص إليها الحكم، وإذ كان الاعتراف في المسائل
الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها
وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة
والواقع، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف
المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على
أسباب سائغة.
3 - لما كان تقدير الأدلة
بالنسبة لكل متهم في الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين
عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها، ولها أن تعول في عقيدتها على ما جاء
بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، - كما هو الحال في الدعوى
الراهنة - فإن ما يثيره الطاعنون من أخذ الحكم بالتحريات واعتماده على الدليل
المستمد منها - مع باقي أدلة الدعوى - في حقهم لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في
تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا
يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهم. المتهم الأول: حرض وتداخل في إدارة اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب
الجريمة موضوع التهمة الثالثة بأن اجتمع ببقية المتهمين وآخر "حدث" في
تاريخ سابق على ارتكابها وحرضهم على ذلك وحدد لهم زمان ومكان ارتكابها وأمدهم
بالأدوات والوسائل المستخدمة فيها فوقعت الجريمة تنفيذاً لهذا الاتفاق. المتهمون
من الثاني حتى الأخير: اشتركوا في اتفاق جنائي حرض عليه وتداخل في إدارة حركته
المتهم الأول والغرض منه ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الثالثة وتحقيقاً لهذا الغرض
اتحدوا على القيام بها في الزمان والمكان الذي حدده المتهم الأول بالأدوات
والوسائل التي ساعدهم بها فوقعت منهم تنفيذاً لهذا الاتفاق الجريمتين التاليتين: (
أ ) أتلفوا السيارة الرقيمة.... ملاكي قنا المملوكة.... والسيارة الرقيمة.... نقل
القاهرة والمملوكة.... والسيارة الرقيمة.... المملوكة.... والسيارة.... أجرة قنا
المملوكة.... بأن وضعوا فيها النار عمداً لإحراقها فأحدثوا بها التلفيات على النحو
الوارد بتقرير معامل الأدلة الجنائية (قسم الحريق) الذي نجم عنه ضرر مالي يربو على
الخمسين جنيهاً. (ب) أتلفوا نافذة منزل.... بأن امتدت إليها نيران السيارة رقم....
ملاكي قنا فأحدثت بها التلفيات الواردة بتقرير معامل الأدلة الجنائية قسم الحريق.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 48/ 1 - 3، 361/ 1
- 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين الأول
بالسجن ثلاث سنوات وبالحبس للباقين مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليهم في
هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي الاتفاق الجنائي والإتلاف العمدي
لممتلكات الغير قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل على قيام جريمة الاتفاق الجنائي في حق الطاعنين مما يدل
على اختلال فكرتها في ذهن المحكمة وعدم إلمامها بها، وأعرض عن دفعهم ببطلان
الاعتراف المنسوب إليهم لكونه وليد إكراه وأطرحه بما لا يسوغ، وعول في الإدانة على
تحريات الشرطة رغم أنها لا تعدو أن تكون رأياً لمجريها يحتمل الصدق والكذب بما
يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه إثر انتشار شائعة بين العامة مفادها أن...
يقومون برسم... على ملابس الفتيات فقد اجتمع الطاعن الأول مع باقي الطاعنين
واتفقوا على إتلاف السيارات المملوكة لـ... بطريق الحرق وأمدهم الطاعن الأول
بالمواد والأدوات اللازمة لذلك، وقاموا جميعاً بوضع النار عمداً في بعض تلك
السيارات مما أدى إلى إتلافها ونافذة مجاورة لها على النحو الوارد بتقرير قسم
الحريق بمعامل الأدلة الجنائية، وساق الحكم أدلة على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين
استمدها من أقوال شهود الإثبات وهم ضباط الشرطة الذي أجروا التحريات وقاموا بضبط
الواقعة ومن اعترافات بعض الطاعنين وهم... و.... و.... ومن تقرير الأدلة الجنائية
وهي أدلة لا يجادل الطاعنون في أن لها معينها من الأوراق. لما كان ذلك، وكان ما
أورده الحكم في كل ما تقدم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي
كما هي معرفة به في القانون، ذلك بأنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي
المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر
على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع،
وأنه يكفي أن تستخلص المحكمة العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف
الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه وهي في ذلك
ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما
يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا
يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع
الدعوى التي ترد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما رتبه عليها أن
اتفاقاً مسبقاً قد تم بين الطاعن الأول وباقي الطاعنين على ارتكاب جريمة إتلاف
وإحراق بعض السيارات المملوكة لـ.... وأمدهم الطاعن الأول بالأدوات والمواد
اللازمة لذلك ثم قاموا جميعاً بإحراق هذه السيارات فعلاً فإن ما يثيره الطاعنون من
نعي على الحكم بدعوى القصور في التسبيب واختلال فكرة الجريمة في ذهن المحكمة يكون
غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين
ببطلان الاعترافات المنسوبة إليهم لكونها وليدة إكراه ورد عليه في قوله "بأن
الثابت من تحقيقات النيابة وجود آثار إصابية بالمتهم الرابع، وقد كانت محوراً لتلك
التحقيقات، وتنوه المحكمة إلى أنها لم تعول على أقوال هذا المتهم عند استعراض أدلة
الثبوت ومن ثم يكون هذا القول في غير محله. أما بالنسبة لاعتراف... و.... و....
فلم يدع أحدهم بأن إكراهاً وقع عليه اللهم إلا الأول وقد ثبت من التحقيقات عدم صحة
هذا الزعم فإذا ما اعتمدت المحكمة على هذه الاعترافات في إدانة من صدرت عنهم وعولت
عليها في إدانة الآخرين فلا تثريب عليها - لأن هذا كله مما يدخل في إطلاقاتها، كما
أن لها أن تأخذ بالاعتراف ولو عدل عنه صاحبه في أي مرحله تالية من إجراءات التحقيق
أما القول بأن الاعترافات هذه لا تطابق الواقع، إذ ثبت أن إحدى هذه السيارات قد
احترقت بسائل التنر فهذا لا ينال من هذه الأقوال إذ أن الثابت من الأوراق أن
المتهم الأول هو الذي أعد المادة الحارقة والذي سلمها للمجموعة التي أسند إليها
إحراق سيارة... ومما لا شك فيه أن أول ما يتبادر للذهن أن المادة هي البنزين فإذا
ما ثبت وجود اختلاف بين المادة الحارقة والاعتراف فإن هذا لا يعدو إلا خلف في أمر
تفصيلي محض لا يفسد الاعتراف ولا ينال منه" فإن ما ردت به المحكمة على هذا
الدفع يكون كافياً وسائغاً لإطراحه وبما يكفل حمل النتيجة التي خلص إليها الحكم
وإذ كان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع
كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى
صدقه ومطابقة للحقيقة والواقع، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم
من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت
تقيم تقديرها - كالشأن في الطعن المطروح - على أسباب سائغة، فإن ما يثيره الطاعنون
في هذا الشأن لا يكون مجدياً. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم في
الدعوى هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها
واطمئنانها إليها، ولها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة، - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ما يثيره
الطاعنون من أخذ الحكم بالتحريات واعتماده على الدليل المستمد منها - مع باقي أدلة
الدعوى - في حقهم لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة
المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه
أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق