الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يناير 2024

الطعن 1111 لسنة 48 ق جلسة 14/ 2/ 1979 مكتب فني 30 ج 1 ق 101 ص 527

 جلسة 14 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، إبراهيم فراج، صبحي رزق داود ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(101)
الطعن رقم 1111 لسنة 48 القضائية

(1، 2) حكم. "صدور الحكم". بطلان. إثبات. "عبء الإثبات". استئناف.
(1) وجوب صدور أحكام محكمة الاستئناف من ثلاثة مستشارين سمعوا المرافعة وتمت بينهم المداولة دون غيرهم. مخالفة ذلك. أثرها. بطلان الحكم. الأصل هو صحة الإجراءات من واقع ما أثبت بالحكم وبمحضر الجلسة. عبء إثبات العكس على من يدعيه.
(2) تشكيل الدوائر الاستئنافية من أربعة مستشارين. مجرد تنظيم داخلي. إثبات هذا التشكيل بمحضر الجلسة التي حجزت فيها الدعوى. للحكم. لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة عليهم.
(3) محكمة الموضوع. إثبات.
لمحكمة الموضوع استجواب الخصوم. م 106 إثبات. لا يتم ذلك عن إهدارها وسائل الإثبات الأخرى طالما لم تفصح من ذلك صراحة. حقها في العدول عن الاستجواب لتعذر تنفيذه والحكم في الدعوى دون طلب الخصوم.
(4) استئناف. محكمة الموضوع.
التزام محكمة الاستئناف بإعادة النظر في الحكم المستأنف. حقها في مراقبة تقدير محكمة أول درجة لأقوال الشهود.

-----------------
1 - مؤدى المادة السادسة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، وجوب صدور أحكام محكمة الاستئناف من ثلاث مستشارين، وكان التشكيل المنصوص عليه في المادة مما يتعلق بأسس النظام القضائي، ومفاد المادتين 166، 167 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول المداولة بين جميع قضاة الدائرة التي سمعت المرافعة، وألا يشترك فيها غيرهم، وإلا كان الحكم باطلاً، والأصل هو افتراض حصول هذه الإجراءات صحيحة وعلى المتمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقدم دليله، والمناط في هذا الخصوص هو الاعتداد بالبيانات المثبتة بالحكم على أن تكمل بما يرد بمحضر الجلسة في خصوصه.
2 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي تداولت فيه وأصدرته ووقعت على مسودته مشكله برئاسة وعضوية المستشارين....، ....، ....، وكان ثلاثتهم ضمن أعضاء الدائرة التي سمعت المرافعة حسبما هو واضح من محضر الجلسة المؤرخ....، فإن الإجراءات تكون قد روعيت. لا يغير من ذلك أن المستشار.... قد أثبت حضوره في الجلسة التي سمعت فيها المرافعة وحجزت القضية للحكم لأن زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لإصدار الحكم، لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة أو مساهمتهم في إصدار جميع الأحكام فيها، وإنما هو تنظيم داخلي قصد به تيسير توزيع العمل فيما بينهم، بحيث لا تحل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً، وإذ جاءت الأوراق خلواً مما يدحض حصول المداولة قانوناً على النحو الذي أثبته الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه بالبطلان يكون غير سديد.
3 - مفاد المادة 106 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن لمحكمة الموضوع أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم باعتبار أن الاستجواب طريق من طرق تحقيق الدعوى تستهدف به المحكمة تمكينها من تلمس الحقيقة الموصلة لإثبات الحق في الدعوى، دون أن يتم ذلك عن إهدار أية وسيلة أخرى من وسائل الإثبات طالما لم تفصح عن ذلك صراحة، ومؤدى المادة 113 من ذات القانون أنه إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر قانوني جاز للمحكمة أن تقضي في الدعوى دون ما حاجة أن يطلب الخصوم العدول عن حكم الاستجواب، وأن تقبل الإثبات بشهادة الشهود وبالقرائن في غير الأحوال الجائزة.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمحكمة الاستئنافية - بل عليها - أن تعيد النظر في الحكم المستأنف من الناحيتين القانونية والموضوعية، وأنه لا ينبغي أن تحجب نفسها عن ممارسة سلطتها في مراقبة تقدير محكمة الدرجة الأولى لأقوال الشهود.

------------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 34 سنة 1975 مدني أمام محكمة بورسعيد الابتدائية ضد الطاعن بطلب طرده من الأرض الموضحة بالصحيفة. وقال شرحاً لها أنه يستأجر منه بعقد شفوي قطعة أرض مسورة بسور خشبي تقع على الشاطئ الشرقي للقناة بمحافظة بورسعيد لاستعمالها شونة، وإذ انفسخ عقد الإيجار بحكم القانون بعد أن آلت ملكيتها إلى الدولة وأصبحت أموال عامة لا يجوز تأخيرها من الباطن، كما تهدم السور المحيط بها بفعل الأعمال الحربية فانتهت الإجارة بزوال محل العقد، بالإضافة إلى أن الطاعن أنهى العلاقة الإيجارية وسلمه العين المؤجرة، غير أنه عاد ووضع يده عليها غصباً، فقد أقام دعواه، وبتاريخ 23/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن الطاعن أنهى الإجارة الشفوية عن الشونة المؤجرة وأنه قام بتسليمها إليها ثم عاد بعد ذلك واغتصبها بدون سند من القانون وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 22/ 5/ 1977 باستجواب الخصوم في بعض نقاط الدعوى وإذ لم ينفذ الاستجواب فقد عادت وحكمت بتاريخ 27/ 11/ 1977 بطرد الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 سنة 19 ق الإسماعيلية (مأمورية بورسعيد) طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 9/ 4/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 12/ 3/ 1978 أمام محكمة الاستئناف أن الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزتها للحكم كانت مكونة من أربعة مستشارين، خلافاً لما توجبه المادة السادسة من قانون السلطة القضائية رقم 49 سنة 1972 من صدور أحكام محاكم الاستئناف من ثلاثة فقط وأنه يتعين حصول المداولة سراً بين قضاة الدعوى دون أن يشترك فيها غيرهم، وكان من حق المستشارين الأربعة الاشتراك في المداولة طالما سمعوا المرافعة فإن ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن الهيئة التي أصدرته مشكلة من ثلاثة فقط لا يقطع أن رابعهم لم يشترك في المداولة ولم يساهم بقدر في إصدار الحكم المطعون فيه، ومجرد قيام هذا الاحتمال يرتب بطلانه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه علماً كان مؤدى المادة السادسة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وجوب صدور أحكام محكمة الاستئناف من ثلاث مستشارين، وكان التشكيل المنصوص عليه في المادة مما يتعلق بأسس النظام القضائي، وكان مفاد المادتين 166، 167 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول المداولة بين جميع قضاة الدائرة التي سمعت المرافعة، والاشتراك فيها دون غيرهم، وإلا كان الحكم باطلاً، وكان الأصل هو افتراض حصول هذه الإجراءات صحيحة، وعلى التمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقدم دليله. لما كان ذلك وكان المناط في هذا الخصوص هو الاعتداد بالبيانات المثبتة بالحكم على أنه مكمل بما يرد بمحضر الجلسة في خصوصه وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي تداولت فيه وأصدرته ووقعت على مسودته مشكلة برئاسة وعضوية المستشارين... و... و...، وكان ثلاثتهم ضمن أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة حسبما هو واضح من محضر الجلسة المؤرخ 12/ 3/ 1978، فإن الإجراءات تكون قد روعيت، لا يغير من ذلك أن المستشار... قد أثبت حضوره في الجلسة التي سمعت فيها المرافعة وحجزت القضية للحكم لأن زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لإصدار الحكم، لا يفيد اشتراكهم في المداولة في كافة القضايا المعروضة أو مساهمتهم في إصدار جميع الأحكام فيها، وإنما هو تنظيم داخلي معتد به تيسير توزيع العمل فيما بينهم، بحيث لا يخل بالتشكيل المنصوص عليه قانوناً، وإذ جاءت الأوراق خلواً مما يدحض حصول المداولة قانوناً على النحو الذي أثبته الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بالبطلان يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بني قضاءه بطرده من عين النزاع على ما استخلصته من أقوال شاهدي المطعون عليهم من أن عقد الإيجار قد انتهى اتفاقاً وأن الطاعن علم عين النزاع إلى المؤجر، في حين أن محكمة الدرجة الأولى أصدرت بعد سماع الشهود حكماً بتاريخ 22/ 5/ 1977 قضى باستجواب طرفي الخصومة، مما يدل على أنها قررت ضمناً وحتماً أن أقوال الشهود لا يمكن الاطمئنان إليها كوسيلة لحمل ما انتهت إليه من نتيجة، الأمر الذي لم يكن ليجيز لها الحكم بعد ذلك استناداً إلى تلك الأقوال، هذا على أنها تركت الحكم الصادر بالاستجواب معلقاً دون أن يطلب الخصوم العدول عنه وهو ما يعيب الحكم بالتناقض والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان مفاد المادة 106 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن لمحكمة الموضوع أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم باعتبار أن الاستجواب طريق من طرق تحقيق الدعوى تستهدف به المحكمة تمكينها من تلمس الحقيقة الموصلة لإثبات الحق في الدعوى، دون أن ينم ذلك عن إهدار أية وسيلة أخرى من وسائل الإثبات طالما لم تفصح عن ذلك صراحة، ولما كان ذلك، وكان مؤدى المادة 113 من ذات القانون أنه إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب يعتبر عذر مقبول أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر قانوني جاز للمحكمة أن تقضي في الدعوى دون ما حاجة أن يطلب الخصوم العدول عن حكم الاستجواب، وأن تقبل الإثبات بشهادة الشهود وبالقرائن في غير الأحوال الجائزة. لما كان ما تقدم، وكان البين من حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 21/ 5/ 1977 أنها قضت باستجواب طرفي الخصومة في بعض نقاط الدعوى دون أن تفصح عن ما يعنيها، ودون أن تشير إلى أقوال الشهود الذين سبق سماعهم أو تقطع بعدم اطمئنانها إليهم، وكان الثابت من الصورة الرسمية لمحاضر جلسات هذه المحكمة أنها لم تتمكن من تنفيذ حكم الاستجواب لتخلف الطاعن عن الحضور بغير عذر مقبول، رغم تأجيل الدعوى أمامها غير مرة ورغم حضور المطعون عليه في كل مرة، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو استند إلى أقوال الشهود، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم فهم ما نعاه في صحيفة الاستئناف في أن المطعون عليه لم يثر واقعة الفسخ الاتفاقي عند إقامته دعواه؛ وأنه أضافها في إحدى مذكراته بعد أن سلمت الدعوى أمام محكمة أول درجة ردحاً طويلاً، على أنه ينصب على مدى جواز إضافة هذا التكييف الجديد لسبب الدعوى من الناحية القانونية، فذهب إلى أن للخصم الحق في تغيير سبب دعواه أمامها، في حين أن حقيقة قصد الطاعن استبعاد هذه الواقعة المختلفة من أساسها، على سند من أنها لو كانت صحيحة لاكتفى بها دون غيرها، وأنه إنما رمى إلى استبعاد أقوال الشهود، مما حمل محكمة أول درجة إلى إصدار حكم الاستجواب ولو فطن الحكم المطعون فيه إلى دلالة هذا الدفاع ومرماه وواجهته ما يقتضيه لما جاء قاصر البيان. هذا إلى أن الحكم خالف حكم المادتين 232 و233 من قانون المرافعات حين اعتد بأقوال شهود المطعون عليه، وأن مناقشة اعتراضات الطاعن بشأنها أورده عليها، دون أن يتدخل في تقدير محكمة أول درجة بخصوصها، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان يقصد بتسبيب الحكم في معنى المادة 176 من قانون المرافعات إيراد الحجج الواقعية والقانونية المبني هو عليها والمنتجة هي له بحيث يبين منه أن القاضي فهم ما أحاط بالدعوى من مسائل قانونية وأنه كيفها التكييف الصحيح بعد التحقق من توافر شروطه القانونية على واقعة الدعوى، دون إخلال بدفاع جوهري من شأنه لو صح لتغير وجه الرأي فيها. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه وهو بسبيل الرد على ما نعاه الطاعن من أن المطعون عليه كان يؤسس دعواه بداءة على أسباب مغايرة للسبب الذي أثاره مؤخراً - أنه بعد إن أورد أن للخصم أن يغير سبب دعواه مع بقاء ذات موضوعها، أردف بقوله. "لما كان ذلك، وكان المستأنف عليه - المطعون عليه - قد أسس دعواه في مذكرته السابق الإشارة إليها من أن المستأنف - الطاعن - بعد إنهائه عقد الإيجار رضاء وتسليمه مفاتيح العين المؤجرة وانتهاء العلاقة بينهما عاد ووضع يده عليها الأمر الذي يعتبر معه في حكم الغاصب ولا مانع من ذلك قانوناً". وأما عن القول بأن شهادة الشاهدين اطمأنت إليهما المحكمة لا تدعوا إلى الاطمئنان فمردود عليه بأن المحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد الذي يطمئن إليه وجدانها، قد أخذت من أقوال الشهود بما اطمأن إليه وجدانها، وتسايرها في ذلك هذه المحكمة ومن ثم وبالبناء على ما سلف يكون الحكم المستأنف قد أصاب فيما قضى به وأسس عليه من أسباب تأخذ بها هذه المحكمة مضافة إلى ما ورد بهذا الحكم من أسباب". وكان هذا الذي قرره الحكم يفيد أنه لم يلتفت عن دفاع الطاعن بل رد عليه معتداً بما ذهب إليه المطعون عليه وأخذ به الحكم الابتدائي من حدوث تقابل عن عقد الإيجار وإنهائه اتفاقاً، مطرحاً ما يدعيه الطاعن من اختلاق للواقعة وتثريب عليه إن هو تزيد تمهيد لرأيه بالسند القانوني لتغيير سبب الدعوى، طالما حصل فهم الواقع في الدعوى تحصيلاً صحيحاً وأنزل حكم القانون على ما حصله بأسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أي للمحكمة الاستئنافية بل عليها أن تعهد النظر في الحكم المستأنف من الناحيتين القانونية والموضوعية وأنه لا ينبغي أن تحجب نفسها عن ممارسة سلطتها في مراقبة تقدير محكمة الدرجة الأولى لأقوال الشهود وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه - على النسق السابق تجليته - أنه لم يجعل لمحكمة الدرجة الأولى الانفراد بتقدير أقوال الشهود، بل مارس رقابته وأيد مذهبها في هذا الشأن، وكان الطاعن لم ينع على الحكم فساداً فيما استخلصه منها، فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

قرار وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية 90 لسنة 2023 بشأن اعتبار الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص 3500 جنيه اعتبارا من 1 / 1 / 2024

 الوقائع المصرية - العدد 277 - في 11 ديسمبر سنة 2023

وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية
رئيس المجلس القومي للأجور
بعد الاطلاع على الدستور ؛
وعلى قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ ؛
وعلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٦٥٩ لسنة ٢٠٢٠ بشأن إعادة تشكيل المجلس القومي للأجور وتحديد اختصاصاته ؛
وعلى قرار المجلس القومي للأجور في اجتماعه المعقود بتاريخ 26/ 10/ 2023 ؛
قرر :

مادة رقم 1

يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص 3500 جنيه ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه مصري فقط لا غير ، وذلك اعتبارًا من 1/ 1/ 2024 ، ومحسوبًا على أساس الأجر المنصوص عليه في البند ج من المادة 1 من قانون العمل .

 

مادة رقم 2

يكون الحد الأدنى لقيمة العلاوة السنوية الدورية للقطاع الخاص وتسري من العام المالي ٢٠٢٤ حسب السنة المالية المحاسبية لكل منشأة بما لا يقل عن 3٪ من أجر الاشتراك التأميني المنصوص عليه في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات ، وبحد أدنى مائتا جنيه .

 

مادة رقم 3

ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ، ويعمل به اعتبارًا من 1/ 1/ 2024
صدر في 26/ 10/ 2023
وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية
رئيس المجلس القومي للأجور
أ.د / هالة السعيد


الطعن 1932 لسنة 58 ق جلسة 15 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ق 106 ص 630

جلسة 15 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال الدين عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.

-----------------

(106)
الطعن رقم 1932 لسنة 58 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة.
تفتيش النيابة العامة غير المتهم أو منزل غير منزله. غير جائز. إلا في حالات معينة. أساس ذلك؟
ما يجوز للنيابة العامة اتخاذه من إجراءات طبقاً للمادة 206 إجراءات وما يشترط لذلك؟
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي.
استصدار النيابة العامة الأمر بتسجيل المحادثات التي تجرى في مكان خاص من القاضي الجزئي بعد اتصالها بالتحريات وتقدير كفايتها لتسويغ إجرائه. عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذه أو ندبت مأمور الضبط لذلك.
(3) نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. إجراءات "إجراءات التحقيق".
حق عضو النيابة عند مباشرة التحقيق. تكليف أي من مأموري الضبط ببعض ما يختص به. شرط ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي.
عدم اشتراط القانون شكلاً خاصاً للأمر الصادر من النيابة العامة بتكليف أي من مأموري الضبط القضائي بتنفيذ الأمر الصادر من القاضي الجزئي بإجراء التسجيلات.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
قيام مأمور الضبط القضائي بإجراء التسجيلات الصوتية نفاذاً للأمر الصادر من القاضي الجزئي بعد ندبه من النيابة العامة لإجراء ذلك صحيح.
انتهاء الحكم إلى عدم الاطمئنان إلى صحة هذا الإجراء استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد بسط النيابة العامة رقابتها على الأشرطة المسجلة. استدلال معيب.

----------------
1 - لما كانت المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة تنص على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق.
2 - إن استصدار النيابة العامة الأمر بإجراء تسجيل المحادثات من القاضي الجزئي بعد أن كانت قد اتصلت بمحضر التحريات وقدرت كفايتها لتسويغ ذلك الإجراء، وهو عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذ الأمر بعد ذلك بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي لتنفيذه عملاً بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض التحقيق وينتج أثره القانوني بشرط أن يصدر صريحاً ممن يملكه وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها وأن يكون ثابتاً بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط المختصين مكانياً ونوعياً.
4 - لم يشترط القانون شكلاً معيناً أو عبارات خاصة للأمر الصادر من النيابة العامة بتكليف أي من مأموري الضبط القضائي بتنفيذ الأمر الصادر من القاضي الجزئي بإجراء التسجيلات.
5 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - على السياق البادي ذكره أن القاضي الجزئي قد أمر بإجراء التسجيلات بالنسبة لهاتف مسكن المطعون ضدها الأولى - وأن النيابة العامة ندبت مأمور الضبط القضائي - محرر محضر التحريات - لتنفيذ ذلك الأمر - ومن ثم فإن هذا الإجراء يكون قد تم وفق صحيح القانون. ويكون ما ذهب إليه الحكم من عدم الاطمئنان إلى صحة هذا الإجراء استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد أن النيابة العامة قد بسطت رقابتها على الأشرطة المسجلة وأنه لا دليل يؤيد قول محرر المحضر من أنه هو الذي أشرف على المراقبة والتسجيلات، قد انبنى على فهم قانوني خاطئ أسلمه إلى الفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم: المتهمة الأولى: أولاً: أدارت مسكنها للدعارة وذلك على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: سهلت دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: استغلت بغاء المتهمتين سالفتي الذكر على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: عاونت المتهمتين سالفتي الذكر على ارتكاب الفحشاء على النحو المبين بالأوراق. المتهمة الثانية: أولاً: أدارت مسكنها للدعارة وذلك على النحو المبين بالمحضر. ثانياً: سهلت دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو المبين بالمحضر. ثالثاً: استغلت بغاء المتهمتين سالفتي الذكر على النحو المبين بالمحضر. رابعاً: عاونت المتهمتين سالفتي الذكر على ارتكاب الفحشاء على النحو المبين بالمحضر. المتهمين الثالثة والرابع والخامسة والثامن والتاسع: أولاً: اشتركوا مع المتهمة الأولى في تسهيل دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو المبين بالمحضر.
ثانياً: اشتركوا مع المتهمة الأولى في معاونة المتهمتين سالفتي الذكر على ممارسة البغاء على النحو المبين بالأوراق: ثالثاً: اشتركوا مع المتهمة الأولى في استغلال بغاء المتهمتين سالفتي الذكر على النحو المبين بالأوراق. المتهمين الرابع والعاشر: اعتادا ممارسة الفجور مع الرجال بدون تمييز لقاء أجر وذلك على النحو المبين بالأوراق المتهمتين السادسة والسابعة: اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز لقاء أجر وذلك على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ 1، 6/ 1 - ب، 8/ 6، 9/ ج، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمواد 30/ 1، 41، 42، 43 من قانون العقوبات. ومحكمة آداب القاهرة قضت حضورياً للثالثة والسادسة وحضورياً اعتبارياً للباقين ببراءتهم عما هو منسوب إليهم. استأنفت النيابة العامة ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأولى والسادسة وغيابياً للباقين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من جرائم إدارة منزل للدعارة وتسهيلها والمعاونة على ارتكابها واستغلال البغاء واعتياد ممارسة الدعارة والفجور والاشتراك في هذه الجرائم قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك بأنه ركن في قضائه بالبراءة إلى عدم الاطمئنان للدليل المستمد من التسجيلات بمقولة إن النيابة العامة لم تبسط رقابتها على الأشرطة المسجلة وأن ما قرره الضابط محرر المحضر من أنه تولى بنفسه الإشراف على التسجيلات لا يسانده ثمة دليل أو قرينة من الأوراق، في حين أن محرر المحضر قد باشر بنفسه كافة الإجراءات بناء على ندبه من النيابة العامة لهذا الغرض وذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى بما مؤداه أن تحريات قسم الآداب دلت على أن المطعون ضدها الأولى تقوم بتسهيل واستغلال دعارة النسوة الساقطات مستغلة في ذلك هاتف مسكنها بمعاونة آخرين، وقد عرضت النيابة العامة الأمر على القاضي الجزئي الذي أذن وبمراقبة تسجيل المكالمات التي تتم من خلال هذا الهاتف ثم ندبت النيابة العامة محرر محضر التحريات بتنفيذ هذا الإذن، وقد أسفر ذلك عن تأكيد نشاط المطعون ضدها سالفة الذكر وباقي المطعون ضدهم وآخرين، ثم أذنت النيابة العامة لمحرر المحضر بتفتيش مسكن المطعون ضدها الأولى وضبط وإحضار المتهمين، ونفاذاً لذلك تم ضبط المطعون ضدهم، وسئل شاهدان في الواقعة فقررا بأنهما تعرفا على بعض النسوة الساقطات بواسطة هاتف المطعون ضدها آنف الذكر وأنهما مارسا معهن الفجور في مسكنهن ومسكنها. كما أقر المطعون ضدهم الرابع والثامن والتاسع والعاشر بممارسة أفعال الشذوذ الجنسي والفجور مع الرجال دون تمييز بينما أنكرت باقي المطعون ضدهن ما نسب إليهن من اتهام، ثم خلص الحكم إلى القضاء بتبرئة المطعون ضدهم على سند من القول أن الدعوى بحالتها وما سطر فيها من محاضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة وما جرى على لسان محرر المحضر عند مناقشته بالمحكمة لا يطمأن إليه ذلك أن أشرطة التسجيل وهي القرينة الموجودة بالأوراق على صحة الاتهام المسند إلى المتهمين قد أحاطها الشك وفقدت سندها ذلك أن هذه المراقبات التليفونية قد ولدت ولادة شرعية إلا أنه عند التنفيذ تخلف عنها الضمانات القانونية الواجب توافرها فيها حتى ترقى إلى مرتبة القرينة التي تعزز بقرائن أخرى ما يولد في وجدان المحكمة الاطمئنان إليها أما وقد فقدت هذه القرينة الحماية الواجبة قانوناً لها إذ أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد أن النيابة العامة المباشرة للإذن الصادر من السيد القاضي بوضع التليفون تحت المراقبة قد بسطت رقابتها على الأشرطة المسجلة حتى تكون هذه الأشرطة وما دون عليها من تسجيلات سجلته الأجهزة المختصة قد جاء وليداً لما جرى فعلاً، يضاف إلى ذلك أن الضابط محرر المحضر قرر أنه هو الذي أشرف على المراقبة وعلى التسجيلات وهو قول لم يؤيده بالأوراق ثمة دليل، وحيث إنه لما كان ذلك يكون المسند إلى المتهمين جميعاً الاتهام الواضح في اتهام النيابة وأن من بين أدلته التسجيلات سند الاتهام، وهذه قد خلت من الاطمئنان إليها ومن الضمانات الواجب توافرها فيها ومن ثم فإن المحكمة تهدرها ولا تأخذ بها. يضاف إلى ذلك أن المحكمة لما لها من سلطة الاطمئنان لا تطمئن إلى ما سطره محرر المحضر في محضره وتضحى الدعوى بعد ذلك عارية من ثمة دليل يسند الاتهام إلى أي من المتهمين مما ما ترى معه المحكمة عملاً بنص المادة 304/ أ. ج براءة المتهمين مما أسند إليهم". لما كان ذلك، وكانت المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة تنص على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة. ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق". وكان استصدار النيابة العامة الأمر بإجراء تسجيل المحادثات من القاضي الجزئي بعد أن كانت قد اتصلت بمحضر التحريات وقدرت كفايتها لتسويغ ذلك الإجراء، هو عمل من أعمال التحقيق سواء بتنفيذ الأمر بعد ذلك بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي لتنفيذه عملاً بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية التي تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض التحقيق وينتج أثره القانوني بشرط أن يصدر صريحاً ممن يملكه وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها وأن يكون ثابتاً بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط المختصين مكانياً ونوعياً، ولم يشترط القانون شكلاً معيناً أو عبارات خاصة للأمر الصادر من النيابة العامة بتكليف أي من مأموري الضبط القضائي بتنفيذ الأمر الصادر من القاضي الجزئي بإجراء التسجيلات. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - على السياق البادي ذكره - أن القاضي الجزئي قد أمر بإجراء التسجيلات بالنسبة لهاتف مسكن المطعون ضدها الأولى - وأن النيابة العامة ندبت مأمور الضبط القضائي - محرر محضر التحريات - لتنفيذ ذلك الأمر - ومن ثم فإن هذا الإجراء يكون قد تم وفق صحيح القانون. ويكون ما ذهب إليه الحكم من عدم الاطمئنان إلى صحة هذا الإجراء استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد أن النيابة العامة قد بسطت رقابتها على الأشرطة المسجلة وأنه لا دليل يؤيد قول محرر المحضر من أنه هو الذي أشرف على المراقبة والتسجيلات، قد انبنى على فهم قانوني خاطئ أسلمه إلى الفساد في الاستدلال. وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن.

الطعن 842 لسنة 59 ق جلسة 8 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ق 105 ص 626

جلسة 8 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

---------------

(105)
الطعن رقم 842 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان.
ترتيب الشارع البطلان على عدم مراعاة أي إجراء جوهري. دون سواه. عدم إيراده معياراً لتمييز الإجراء الجوهري من غيره من الإجراءات.
متى يكون الإجراء جوهرياً يترتب البطلان على عدم مراعاته؟
(2) أحداث. إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان.
- استماع المحكمة قبل الفصل في أمر الحدث في حالات تعرضه للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح إلى أقوال المراقب الاجتماعي. إجراء جوهري يترتب البطلان على عدم إجرائه.

----------------
1 - إن النص في المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: "يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري" يدل في صريح لفظه وواضح معناه أن الشارع يرتب البطلان على عدم مراعاة أي إجراء من الإجراءات الجوهرية التي يقررها دون سواها، وإذ كان ذلك، وكان الشارع لم يورد معياراً ضابطاً يميز به الإجراء الجوهري عن غيره من الإجراءات التي لم يقصد بها سوى الإرشاد والتوجيه للقائم بالإجراء، فإنه يتعين لتحديد ذلك الرجوع إلى علة التشريع، فإذا كان الغرض من الإجراء المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة للمتهم أو غيره من الخصوم فإن الإجراء يكون جوهرياً يترتب البطلان على عدم مراعاته، أما إذا كان الغرض منه هو مجرد التوجيه والإرشاد للقائم به، فلا يعد جوهرياً ولا يترتب البطلان على عدم مراعاته.
2 - إن النص في المادة 35 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث على أنه: "يجب على المحكمة في حالات التعرض للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الحدث، أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً اجتماعياً يوضح العوامل التي دعت الحدث للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة"، يدل دلالة واضحة على أنه يتحتم على المحكمة - بالنسبة للحالات التي أوردها النص ومنها مواد الجنايات على إطلاقها وهو الحال في الدعوى الماثلة - قبل الحكم على الحدث أن تستمع المحكمة إلى أقوال المراقب الاجتماعي في شأن العوامل التي دعت الحدث إلى ارتكاب الجريمة أو التعرض للانحراف ومقترحات إصلاحه بعد أن يقدم الخبير ذاك تقريره عن الحدث المعني، والغرض الذي رمى إليه الشارع من إيجاب ما تقدم، هو إحاطة قاضي الموضوع بالظروف الاجتماعية والبيئية والعوامل التي دفعت الحدث إلى ارتكاب الجريمة أو نحت به إلى الانحراف أو حفزته إلى ما تقدم، وذلك حتى يكون على بينة من العوامل تلك، وما لها من أثر في تفريد العقاب وفي اختيار التدبير الجنائي الملائم للحدث بغية إصلاحه، وهو ما يجعل الإجراء آنف الذكر - الاستماع إلى المراقب الاجتماعي بعد تقديم تقريره - في تكييفه الحق ووضعه الصحيح - إجراء من الإجراءات الجوهرية التي قصد بها الشارع مصلحة المتهم الحدث فعدم الاستماع إلى المراقب بادي الذكر، يكون قعوداً عن إجراء جوهري وتقصيراً منه يترتب عليه البطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: - قتل.... عمداً بأن طعنه بمطواة قرن غزال طعنتين متفرقتين في صدره قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته. ثانياً: أحدث عمداً...... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام سلاح (سكين) على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: أحرز سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) دون حصوله على ترخيص من الجهة المختصة بذلك. وطلبت عقابه بالمادتين 234/ 1، 242/ 1، 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً ثانياً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والجدول رقم واحد والمادتين 1، 15/ 1 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث. ومحكمة الأحداث بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام مع أعمال المادة 32 عقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس عشرة سنة والنفاذ والمصادرة. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه استأنف. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ والضرب البسيط قد شابه البطلان، ذلك بأنه صدر دون الاستماع لأقوال المراقب الاجتماعي ودون تقديمه تقريراً اجتماعياً بشأن حالة الحدث وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن النص في المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية على أن: "يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري" يدل في صريح لفظه وواضح معناه أن الشارع يرتب البطلان على عدم مراعاة أي إجراء من الإجراءات الجوهرية التي يقررها دون سواها، وإذ كان ذلك، وكان الشارع لم يورد معياراً ضابطاً يميز به الإجراء الجوهري عن غيره من الإجراءات التي لم يقصد بها سوى الإرشاد والتوجيه للقائم بالإجراء، فإنه يتعين لتحديد ذلك الرجوع إلى علة التشريع، فإذا كان الغرض من الإجراء المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة للمتهم أو غيره من الخصوم فإن الإجراء يكون جوهرياً يترتب البطلان على عدم مراعاته، أما إذا كان الغرض منه هو مجرد التوجيه والإرشاد للقائم به، فلا يعد جوهرياً ولا يترتب البطلان على عدم مراعاته. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 35 من القانون رقم 31 لسنة 1974 بشأن الأحداث على أنه: "يجب على المحكمة في حالات التعرض للانحراف وفي مواد الجنايات والجنح وقبل الفصل في أمر الحدث، أن تستمع إلى أقوال المراقب الاجتماعي بعد تقديمه تقريراً اجتماعياً يوضح العوامل التي دعت الحدث للانحراف أو التعرض له ومقترحات إصلاحه، كما يجوز للمحكمة الاستعانة في ذلك بأهل الخبرة، يدل دلالة واضحة على أنه يتحتم على المحكمة - بالنسبة للحالات التي أوردها النص ومنها مواد الجنايات على إطلاقها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - قبل الحكم على الحدث أن تستمع المحكمة إلى أقوال المراقب الاجتماعي في شأن العوامل التي دعت الحدث إلى ارتكاب الجريمة أو التعرض للانحراف ومقترحات إصلاحه بعد أن يقدم ذاك تقريره عن الحدث المعنى، والغرض الذي رمى إليه الشارع من إيجاب ما تقدم، هو إحاطة قاضي الموضوع بالظروف الاجتماعية والبيئية والعوامل التي دفعت الحدث إلى ارتكاب الجريمة أو نحت به إلى الانحراف أو حفزته إلى ما تقدم، وذلك حتى يكون على بينة من العوامل تلك، وما لها من أثر في تفريد العقاب، وفي اختيار التدبير الجنائي الملائم للحدث بغية إصلاحه وهو ما يجعل الإجراء آنف الذكر - الاستماع إلى المراقب الاجتماعي بعد تقديم تقريره - في تكييفه الحق ووضعه الصحيح - إجراء من الإجراءات الجوهرية التي قصد بها الشارع مصلحة المتهم الحدث، فعدم الاستماع إلى المراقب بادي الذكر، يكون قعوداً عن إجراء جوهري وتقصيراً منه يترتب عليه البطلان، لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة ومن مدونات الحكم المطعون فيه أنها خلت من قيام المحكمة بالاستماع للمراقب الاجتماعي على السياق المتقدم، فإن الحكم يكون قد تعيب بالبطلان بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

الطعن 59 لسنة 57 ق جلسة 8 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ق 104 ص 622

جلسة 8 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميرة ومحمد زايد نواب رئيس المحكمة وزكريا الشريف.

---------------

(104)
الطعن رقم 59 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "سقوط الطعن" "سلطة محكمة النقض في الرجوع عن حكم سابق" "سقوط الطعن".
قضاء محكمة النقض بسقوط الطعن لعدم تقدم الطاعن للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن. ثبوت أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ العقوبة وقضى في الإشكال بإيقاف التنفيذ مؤقتاً لحين الفصل في الطعن بالنقض. وجوب الرجوع في الحكم السابق صدور بسقوط الطعن.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان "بطلان الأحكام". جريمة "حيازة أشرطة فيديو منافية للآداب". إثبات "بوجه عام".. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إغفال المحكمة الاطلاع على الحرز المحتوي على الأشرطة المنافية للآداب وعدم عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم يعيب الحكم.

---------------
1 - لما كان قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة..... بسقوط الطعن وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت لنظر طعنه غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ تلك العقوبة وقضى في الإشكال بجلسة....... بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه لحين الفصل في الطعن بالنقض مما مؤداه أن التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن كان قد سقط عنه منذ هذا التاريخ أي قبل صدور الحكم بسقوط الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة.......
2 - لما كان إغفال المحكمة الاطلاع على الأشرطة موضوع الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها عليها إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جريمة حيازة الأشرطة المنافية للآداب يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الأشرطة هي الدليل الذي يحمل أدلة الجريمة. ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن هذه الأشرطة موضوع الدعوى هي التي دارت المرافعة عليها وهو ما فات محكمة أول درجة إجراءه وغاب على محكمة ثاني درجة تداركه لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار والعرض أشرطة كاسيت "فيديو" منافية للآداب العامة، وطلبت عقابه بالمادة 178 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح قسم دمنهور قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة مائة جنيه ومصادرة الأشرطة المضبوطة. استأنف المحكوم عليه، ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم فيما قضى به من عقوبة الحبس والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعاً مع الشغل وتأييده. فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت في...... بسقوط الطعن فتقدم الأستاذ...... المحامي بطلب إلى هذه المحكمة للرجوع في الحكم للأسباب الواردة فيه..... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة...... بسقوط الطعن وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت لنظر طعنه غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ تلك العقوبة وقضي في الإشكال بجلسة...... بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه لحين الفصل في الطعن بالنقض مما مؤداه أن التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن كان قد سقط عنه منذ هذا التاريخ أي قبل صدور الحكم بسقوط الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة......
ومن حيث إن مما ينعاه الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة أشرطه فيديو منافية للآداب العامة بقصد العرض والاتجار قد شابه البطلان في الإجراءات ذلك بأن الحرز المتضمن الأشرطة موضوع الجريمة لم يكن بين أوراق الدعوى أثناء المرافعة بالرغم من أنه من أدلة الجريمة التي يتعين أن تكون تحت نظر المحكمة، وأن تعرض على بساط البحث والمناقشة بالجلسة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة الابتدائية والاستئنافية ولا من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه أو الحكم المطعون فيه أن المحكمة أمرت بضم حرز المضبوطات واطلعت على محتوياته من أشرطة الفيديو موضوع الجريمة في حضور الخصوم. لما كان ذلك وكان إغفال المحكمة الاطلاع على الأشرطة موضوع الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها عليها إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جريمة حيازة الأشرطة المنافية للآداب يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الأشرطة هي الدليل الذي يحمل أدلة الجريمة. ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن هذه الأشرطة موضوع الدعوى هي التي دارت المرافعة عليها وهو ما فات محكمة أول درجة إجراءه وغاب على محكمة ثاني درجة تداركه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 2630 لسنة 36 ق جلسة 28 / 2 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 76 ص 716

جلسة 28 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

----------------

(76)

الطعن رقم 2630 لسنة 36 القضائية

شركات القطاع العام - مجالس إدارتها - انتخابهم - نسبة تمثيل العمال في مجلس الإدارة.
المادة 26 من الدستور، المادتين 1، 3 من القانون رقم 73 لسنة 1973 بشأن تحديد شروط وإجراءات انتخابات ممثلي العمال في مجالس إدارات وحدات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات الخاصة.
اشترط المشرع أن يكون نصف أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين العاملين لتمثيل فئة العمال والنصف الآخر من الفئات لتمثيل الوحدات الإدارية - تبنى الشارع هذا الاتجاه لتأكيد أن يكون من يمثل الغالبية من العمال هم الذين ينتخبونهم من ضمن من يرشح نفسه لشغل هذا المنصب وهم الذين قصد الدستور كفالة وضمان تمثيلهم ووجودهم في مجلس الإدارة بهذه النسبة لضمان مشاركتهم الفعالة والرشيدة في تحقيق الصالح القومي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية نتيجة ذلك: يلزم أن يكونوا ممثلين بهذه النسبة في نتائج الانتخابات التي تجرى لتعيين الأعضاء المنتخبين بمجلس إدارة الشركة - إغفال هذه النسبة أو عدم ترشيحهم يترتب عليه بطلان ما يتم من إعلان لنتيجة الانتخابات لمجالس الإدارة التي تجيء خلواً من أسماء النسبة المقررة من العمال على النحو الذي حدده الدستور والقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 19/ 6/ 1990، أودع الأستاذ إبراهيم متولي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة تقرير طعن أمام المحكمة الإدارية العليا قيد بجدولها برقم 2630 لسنة 36 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 24/ 2/ 1990 في الدعوى رقم 1040 لسنة 42 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وإلزام وزارة القوى العاملة المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه، وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وقد أودع الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن ارتأى فيه - للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصروفات.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 24/ 9/ 1990 حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها قررت بجلسة 6/ 1/ 1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره حيث نظر أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وقررت بجلسة 22/ 11/ 1992 إصدار الحكم فيه بجلسة 3/ 1/ 1993 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 28/ 2/ 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاع قبوله الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهما الثالث والرابع قد أقاما الدعوى رقم 1040 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت قلم كتابها بتاريخ 25/ 11/ 1987 وطلبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء نتيجة انتخابات مجلس إدارة الشركة - المطعون ضدها الثانية - فيما تضمنه من فوز ممثلي العاملين من الفئات فقط دون مراعاة نسبة الـ (50%) من العدد المقرر لتمثيل العاملين بمجلس الإدارة طبقاً لنصوص القانون رقم 73 لسنة 1973.
وقال المدعيان شرحاً لدعواهما أنه بتاريخ 1/ 11/ 1987 أُجريت بالشركة التي يعملون بها وهي "الشركة المصرية للإنشاءات المعدنية مبتالكو" انتخابات لاختيار أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين. وكانا ضمن المرشحين. وقد أسفرت الانتخابات عن فوز أربعة أعضاء "فئات".
ونعى المدعيان على قرار إعلان النتيجة مخالفة القانون حيث لم تراع فيه نسبة تمثيل العمال وهي (50%) من الأعضاء. الأمر الذي يكون القرار معه قد صدر مخالفاً للقانون ومتعيناً الإلغاء.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بإيداع حافظة مستندات تفيد أن الشركة عبارة عن "شركة مقاولات صناعية" تختص في تصنيع الأثاث والإنشاءات المعدنية. كما قدمت نقابة العاملين بالصناعات الهندسية كتاب صادر عن الشركة المذكورة يتضمن أن الشركة تابعة لهيئة القطاع العام للصناعات الهندسية.
وبجلسة 24/ 4/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدته على سند من القول بأنه يبين من مطالعة أحكام القانون رقم (73) لسنة 1973 في شأن تحديد شروط وإجراءات انتخاب ممثلي العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام وفي الشركات المساهمة الخاصة أن المادة (3) منه تتطلب أن يمثل العمال بنسبة (50%) من أعضاء مجالس إدارات هذه الشركات.
ولما كان الثابت من الأوراق أن نتيجة انتخابات مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها لم تراع هذه النسبة وأجريت عن ضم نسبة العمال ومقدارها 50% من عدد أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين فإن قرار إعلان النتيجة يكون قد جاء مخالفاً للقانون حرياً بإلغائه. وأصدرت حكمها الطعين بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بأسباب الحكم وألزمت وزارة القوى العاملة المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تأويله وتفسيره ذلك أن:
أولاً: أن المطعون ضدهما الثالث والرابع لم يطعنا على نتيجة الانتخابات إلى وزير القوى العاملة بالمخالفة لنص المادة 6/ 2 من القانون 73 لسنة 1973 سالف الذكر.
ثانياً: أن قرار وزير القوى العاملة رقم 16 لسنة 1974 بشأن تنظيم إجراءات الترشيح والانتخابات لممثلي العاملين في مجالس إدارات وحدات القطاع العام مشيراً إلى استمارتين رقمي 9 للمجالس التي تنطبق عليها نصوص المادة 6 من القانون رقم 73 لسنة 1973 المشار إليه.
ورقم 9 مكرر للمجالس الخارجة عن تطبيق القانون المشار إليه والشركة المذكورة هي ممن لا تنطبق عليها أحكام القانون 73 لسنة 1973 ومن ثم لا يشترط في انتخاباتها توافر النسبة المشار إليها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه صدر دون أن يودع به صورة القرار المطعون فيه مما يصفه بعيب مخالفة القانون.
رابعاً: أن تصنيف الشركة المطعون عليها كشركة صناعية يخالف الواقع من أنها شركة مقاولات ومن ثم لا ينطبق عليها الوصف الذي تضمنه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة (26) من الدستور تنص على أن "للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وفي أرباحها ويلتزمون بتنمية الإنتاج وتنفيذ الخطة في وحداتهم الإنتاجية وفقاً للقانون، والمحافظة على أدوات الإنتاج واجب وطني.
ويكون تمثيل العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام في حدود خمسين في المائة من عدد أعضاء هذه المجالس وتعمل الدولة على أن يكفل القانون لصغار الفلاحين وصغار الحرفيين ثمانين في المائة في عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والجمعيات التعاونية الصناعية".
ومن حيث إن إعمالاً لأحكام الدستور وتحقيقاً للغايات التي استهدفها بالحفاظ على حق العاملين في إدارة المشروعات وفي أرباحها مع إلزامهم بتنمية الإنتاج وتنفيذ خطة التنمية في وحداتهم وإبرازها كفالة التضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص والكفاية والعدل وسيادة الشعب، والتزاماً بسيادة القانون وضماناً للسلام الاجتماعي والمواد 3، 4، 7، 8، 22، 24، 25، 26، 64، 65، 73، 194 من الدستور) فقد نصت المادة الأولى من القانون رقم 73 لسنة 1973 بشأن تحديد شروط وإجراءات انتخابات ممثلي العمال في مجالس إدارات وحدات القطاع العام والشركات المساهمة والجمعيات والمؤسسات الخاصة على أن يتولى العاملون في الوحدات الاقتصادية التابعة للقطاع العام وفي الشركات المساهمة الخاصة وفي الجمعيات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير القوى العاملة انتخاب ممثلهم في مجلس الإدارة طبقاً لأحكام هذا القانون.
كما تنص المادة الثالثة من ذات القانون على أن يقوم الناخبين بانتخاب "نصف عدد أعضاء مجلس الإدارة من بين العاملين على أن يكون خمسون في المائة منهم على الأقل من العمال وذلك في الجهات التي تمارس نشاطاً إنتاجياً في الصناعة أو الزراعة ومن حيث إن المشرع قد قضى بأحكام القانون المذكور.
ومن حيث إن الثابت أن الشركة المصرية للإنشاءات المعدنية شركة مقاولات صناعية تختص بتصنيع الإنشاءات المعدنية التابعة للقطاع العام للصناعات الهندسية تمثيل العمال بها بنسبة (50%) من أعضاء مجالس إدارات شركات القطاع العام لتمثيل القاعدة العريضة من العاملين في هذه الشركات، وذلك إعمالاً لصريح نصوص الدستور وتحقيقاً لغاياته وهي صالح الإنتاج القومي وضمان المشاركة والإسهام من العاملين في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتزام بالخطة المعتمدة في وحداتهم الإنتاجية وحفزهم بهذه المشاركة إلى بذل الجهد الوطني المخلص في هذا السبيل في كفالة الحرص والمحافظة على أدوات الإنتاج التي يملكها الشعب وفي سبيل تحقيق هذه الغايات فإن المشرع اشترط أن يكون نصف أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين العاملين لتمثيل فئة العمال والنصف الآخر من الفئات لتمثيل الوحدات الإدارية. وقد تبنى الشارع هذا الاتجاه لتأكيد أن يكون من يمثل الغالبية من العمال هم الذين ينتخبونهم من ضمن من يرشح نفسه لشغل هذا المنصب وهم الذين قصد الدستور كفالة وضمان تمثيلهم ووجودهم في مجلس الإدارة بهذه النسبة لضمان مشاركتهم الفعالة والرشيدة في تحقيق الصالح القومي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم يلزم أن يكونوا ممثلين بهذه النسبة في نتائج الانتخابات التي تجرى لتعيين الأعضاء المنتخبين بمجلس إدارة الشركة وإغفال هذه النسبة أو عدم ترشيحها يترتب عليه بطلان ما يتم من إعلان لنتيجة الانتخابات لمجالس الإدارة التي تجيء خلواً من أسماء النسبة المقررة من العمال على النحو الذي حدده الدستور والقانون.
ومن حيث إن ثبوت هذه المخالفة تكفي لاعتبار قرار إعلان نتيجة الانتخابات قد جاء مخالفاً لصحيح أحكام الدستور والقانون مما يجعله حرياً بقبول الطعن عليه بالإلغاء دون حاجة لبحث أي من أوجه الطعن الأخرى المشار إليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد جاء متفقاً وصحيح حكم القانون حرياً والحال هذه برفض الطعن عليه بالإلغاء.
وحيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها وفقاً لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.

الطعن 2487 لسنة 59 ق جلسة 6 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ق 103 ص 618

جلسة 6 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري.

----------------

(103)
الطعن رقم 2487 لسنة 59 القضائية

(1) هتك عرض. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الركن المادي في جريمة هتك العرض. تحققه. وقوع أي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل إلى جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها. الكشف عن عورتها. لا يلزم. يكفي. لتوفر هذا الركن بلوغ الفعل الواقع على جسمها من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض.
(2) إثبات "بوجه عام". هتك عرض. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
دفاع الطاعن المستند إلى كبر سن المجني عليها وأنها ليست محلاً لرغبه جنسية. موضوعي. أثر ذلك؟
(3) هتك عرض. دعوى جنائية "التنازل عنها". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تنازل المجني عليها في جريمة هتك العرض أو الصلح مع المتهم. لا أثر لهما على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها.

----------------
1 - من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرض للمجني عليها ويستطيل إلى جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية، ولا يلزم الكشف عن عورة المجني عليها بل يكفي لتوفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسمها قد بلغ من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض سواء أكان بلوغه هذه الدرجة قد تحقق عن طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليها أم عن غير هذا الطريق.
2 - إن ما أثاره الطاعن من دفاع بأن المجني عليها جاوزت الستين من عمرها ومثيلتها لا تكون محلاً لرغبة جنسية إنما هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان القانون لم يرتب على تنازل المجني عليها في جريمة هتك العرض أو الصلح مع المتهم أثراً على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها، فإن ما يثيره الطاعن من تنازل المجني عليها عن شكواها قبله وطلبها عدم تحريك الدعوى الجنائية ضده - بفرض حصولهما - لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه ولا يؤثر في صحته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض.... بالقوة بأن باغتها حال صعودها سلم العقار الذي تقطنه وأمسكها من خصرها واحتضنها عنوة وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة هتك عرض المجني عليها بالقوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن احتضان الطاعن للمجني عليها بعد أن أمسكها من خصرها وعدم ملامسته لعورة في جسدها بسبب ارتداء كلاهما لملابسه فإن مثل هذه الأفعال لا تشكل جريمة هتك العرض. خاصة وأن المجني عليها قد جاوزت الستين من عمرها ومثيلتها لا تكون محلاً لرغبة جنسية. وأخيراً فإن المجني عليها وقد تنازلت عن شكواها وطلبت عدم تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعن فكان على المحكمة أن تستجيب لهذا الطلب، وأغفلت الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص - كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه في مساء يوم 7/ 8/ 1986 وأثناء صعود....... درج السلم إلى مسكنها الكائن بالدور الخامس بالعقار رقم..... شارع...... بباب اللوق وجدت المتهم...... واقفاً على إحدى درجات السلم فظنت أنه يقف ليستريح وتابعت صعودها إلا أنها فوجئت به يصعد خلفها ويمسك بها من خصرها بكلتا يديه ويجذبها نحوه عنوة محتضناً إياها من الخلف فصرخت مستغيثة فوضع يده على فمها لمنعها من الاستغاثة ولما شعر بأن الجيران سمعوا استغاثتها أسرع بالفرار إلا أن....... - أحد سكان العقار - أسرع خلفه واستطاع بمساعدة المارة الإمساك به. "وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال....... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما انتهى الحكم إلى القول "بأن مفاجأة المتهم للمجني عليها بإمساكها من خصرها من الخلف وجذبها نحوه وضمها إليه إرضاء لشهوته يتوافر به عناصر جريمة هتك العرض بالقوة من فعل مادي استطال إلى جسم المجني عليها وخدش عاطفة الحياء عندها ومن قصد جنائي تحقق بانصراف إرادة المتهم إلى هذا الفعل مع علمه بماهيته ومن ركن القوة بارتكابه لفعله وضد إرادة المجني عليها فالمباغتة كالقوة ينعدم بها الرضاء" لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أوضح أن الفعل المادي الذي أتاه الطاعن هو مما يخدش حياء المجني عليها، وكان من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية، ولا يلزم الكشف عن عورة المجني عليها، بل يكفي لتوفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسمها قد بلغ من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض سواء أكان بلوغه هذه الدرجة قد تحقق عن طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليها أم عن غير هذا الطريق. وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر، فإن الطعن عليه بمخالفة القانون يكون غير سديد. ولما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن من دفاع بأن المجني عليها جاوزت الستين من عمرها ومثيلتها لا تكون محلاً لرغبة جنسية إنما هو من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان القانون لم يرتب على تنازل المجني عليها في جريمة هتك العرض أو الصلح مع المتهم أثراً على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها. فإن ما يثيره الطاعن من تنازل المجني عليها عن شكواها قبله وطلبها عدم تحريك الدعوى الجنائية ضده - بفرض حصولهما - لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه ولا يؤثر في صحته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2648 لسنة 34 ق جلسة 28 / 2 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 75 ص 698

جلسة 28 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

------------------

(75)

الطعن رقم 2648 لسنة 34 القضائية

اتحاد الإذاعة والتليفزيون - طبيعة القرارات الخاصة بعرض البرامج.
المادة الثانية من القانون رقم 13 لسنة 1979 في شأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون 

- القرار الصادر بعرض برنامج بعينه هو قرار تنظيمي داخلي يلزم الأجهزة المختصة فنياً وإدارياً باتحاد الإذاعة والتليفزيون لتحديد الخريطة الإذاعية والإرسال المرئي - عرض البرامج أمر منبت الصلة بالمشاهدين - مثل هذه القرارات ليست قرارات إدارية - أثر ذلك: عدم قبول الدعوى المقامة بشأنها أمام القضاء الإداري - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد 10/ 7/ لسنة 1988، أودع الأستاذ/ جلال يوسف الشكعة المحامي بالنقض، بصفته وكيلاً عن الطاعن، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2648 لسنة 34 ق عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، دائرة منازعات الأفراد والهيئات، وبجلسة 28/ 6/ 1988 في الدعوى رقم 3749 لسنة 41 ق. المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده. وذلك فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه - وللأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وفي يوم الاثنين 8/ 8/ لسنة 1988، أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3004 لسنة 34 ق. عليا. في ذات الحكم المشار إليه وطلب في ختام تقرير طعنه - وللأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وقد أعلن الطعنان على الوجه المبين بالأوراق .
وقدم الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني، مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قررت الدائرة، بجلسة 6/ 1/ لسنة 1992، ضم الطعنين لتصدر فيهما حكماً واحداً وبجلسة 17/ 2/ لسنة 1992، قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة.
وقد تم نظرهما أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وتداول أمامها بالجلسات وناقشت المحكمة أدلتهما التفصيلية حيث قررت بجلسة 29/ 10 لسنة 1992 إصدار الحكم فيهما بجلسة 27/ 12/ لسنة 1992 مع مذكرات خلال ثلاثة أسابيع لمن يشاء، ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 28/ 2/ لسنة 1993 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا إجراءات قبولهما الشكلية، ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي قد أقام الدعوى 3749 لسنة 41 ق. بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 5/ 5/ لسنة 1987، وطلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري القاضي بعرض البرامج - الفوازير وألف ليلة وليلة وزهور من نور - عقب الإفطار ليالي شهر رمضان المبارك لما تحويه من رقص خليع وتصرفات مشينة تتعارض مع أبسط ما يجب أن يتوافر لهذا الشهر الكريم من تقدير وتقديس يرتفع به إلى مكانته كشهر القرآن والفضائل في دولة إسلامية وينص دستورها على ضرورة التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية والتزام أخلاقها ومبادئها. فضلاً عما تسببه هذه البرامج بما تحويه من السيئ من الأمور والتصرفات من إفساد للأخلاق وإهدار للقيم ومساس بجوانب العقيدة الإسلامية. وأضاف المدعي قوله أنه فضلاً عما تقدم فالملاحظ لكل مشاهد أن هذه البرامج تذاع في أوقات بعينها تعاصر صلاة العشاء والتراويح أو عقب صلاة المغرب مما يصرف النشئ والشباب عن متابعة إقامة ليالي رمضان بالذكر والعبادة.
كما أن هذه البرامج، بما يتضح فيها من إسراف وتبذير في ملابس الفنانين والديكورات وسائر التجهيزات، تعرض على أبناء شعب غالبيتهم من متوسطي الحال وذوي الحاجات الذين لا يجد غالبيتهم قوت يومهم مما يدفعهم إلى انحراف مؤكد وتبرم واضح وإفساد لا يمكن تدارك آثاره السلبية على مدى حرص الشباب على العقيدة وتمسك الآخرين بالمبادئ والقيم.
وإذ توافرت في الدعوى شروط قبولها فإنه يكون من المتعين الحكم للمدعي بطلباته وبجلسة 28/ 6/ لسنة 1988، أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن التليفزيون يقوم بحكم رسالته الإعلامية الشاملة - بعرض نوعيات مختلفة من البرامج على قنواته الثلاث منها الإخبارية والاجتماعية والعلمية والدينية والثقافية والرياضية..... فضلاً عن العديد من الأفلام العربية والأجنبية. وكل من هذه البرامج أو تلك الأفلام لا تعرض قبل أن تعرض على لجنة فعالة الأداء من المتخصصين كل في مجاله لضمان عدم مساس أي منها بالقيم الدينية أو الأخلاقية وعدم خروجها على الآداب العامة أو تضمنها لمشاهد أو عبارات من شأنها إيذاء مشاعر جمهور المشاهدين.
فضلاً عن أن التليفزيون يعمل دائماً على امتداد المساحة الزمنية المخصصة للبرامج الدينية خلال شهر رمضان عن مثيلاتها في الأشهر الأخرى. ولا يتصور بحال أن يقتصر التليفزيون على عرض هذه النوعية من البرامج الدينية خلال هذا الشهر.
ولما كان الثابت أن البرامج موضوع الدعوى تخضع كغيرها من البرامج للمتابعة والرقابة من الأجهزة المتخصصة قبل عرضها لكفالة عدم مساس أي منها بالمشاعر أو القيم الدينية فإن قرار عرضها يكون قد قام على صحيح سنده من القانون حرياً برفض الطعن عليه بالإلغاء.
وأضافت المحكمة تبياناً لحكمها أنه من حيث إن ما أثاره الطاعن عن ما تمثله هذه البرامج من إسراف مالي دون مبرر فإن الواقع يخالف ذلك حيث إنه من المحقق أن هذه النوعية من البرامج تدر أرباحاً ودخلاً يعتمد عليه في الإنفاق على سائر البرامج.
وخلصت المحكمة إلى إصدار حكمها برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن في كل من الطعنين، أن الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً لصحيح أحكام الدستور والقانون وأخطأ في تطبيقها وتفسيرها حيث ذهب إلى عدم إيقاف هذه البرامج مع ما تتضمنه من خلاعة ورقص وإسفاف يخرج بها عن صحيح قيم المجتمع ومبادئه مما يمثل تعارضاً مع صحيح أحكام المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
كما تنص المادة (12) من الدستور على أن يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها وقد توج المشرع الدستوري مبادرته بحماية قيم المجتمع وأخلاقياته ودعم ما يحفظها ونبذ ما يمسها أو يسئ إليها وحظر أية دعوى تغايرها أو تعمل ضد تأكيدها.
كما أن القانون رقم (13) لسنة 1979 في شأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون يهدف إلى تحقيق رسالة الإعلام الإذاعي المسموع والمرئي سياسة وتخطيطاً تأكيداً لأداء خدمة إعلامية جماهيرية.
كما أن التليفزيون كجهاز إعلامي مؤثر، وبحكم رسالته يلتزم بأن تكون برامجه مرتبطة بالقيم والأخلاق والمبادئ التي تغرس في نفوس النشئ والشباب، بل بأبناء الأسر جميعاً كبيرهم وصغيرهم على أسس من سلامة الذوق واحترام الذات بدلاً من خليع البرامج أو التافه من المعلومات التي لا تفيد ولا تنفع فإذا سايرت المحكمة غير ما تقدم من ادعاءات حول رسالة التليفزيون وحقيقتها وأهدافها، فإنه يكون حكمها خليقاً بالإلغاء ويتعين الحكم بإلغاء قرار إذاعة البرامج موضوع الدعوى خاصة في شهر رمضان المبارك وخلال مواقيت الصلاة.
ومن حيث إن مقطع النزاع في هذا الطعن هو مدى توافر القرار الإداري الذي يؤثر في المركز القانوني للطاعن من عدمه.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كان للخصوم حق تحديد طلباتهم وصياغة عبارتهم بما يتفق مع نيتهم في تحديد ما يقصدونه من الطلبات وسندهم فيها قانوناً. فإنه يتعين على المحكمة أن تحدد على نحو موضوعي الطلبات وفقاً لحقيقة ما يقصده الخصوم من تقديمها وصحيح إرادتهم بشأنها مما يمكنها من إنزال حكم القانون الصحيح على هذه الطلبات، وبصفة خاصة فيما يتعلق بولاية القضاء الإداري بنظرها، أو اختصاص محكمة من بين محاكم مجلس الدولة بذلك، أو بعدم قبول الدعوى شكلاً سواء فيما يتعلق بميعاد رفعها أو غير ذلك من سائر الشروط الشكلية لقبولها وتتولى المحكمة ذلك من تلقاء نفسها. ولو دون طلب من الخصوم لما في تحديد طلبات الخصوم وتكييفها وتحديد طبيعة المنازعة من ارتباط حتمي بالأصول العامة للتنظيم القضائي وبصفة خاصة ولاية محاكم مجلس الدولة التي حددتها المادة (172) من الدستور وأحكام قانون تنظيم مجلس الدولة.
ولما كان الطعن سواء المقدم من رئيس هيئة مفوضي الدولة أو من الطاعن قد استند في تجريح الحكم المطعون فيه إلى أنه قد خالف الدستور والقانون رقم (13) لسنة 1979 بشأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون بعدم إلغاءه لقرار لجنة مراقبة البرامج بالتليفزيون باعتماد عرضه برنامج "فوازير رمضان" "وحلقات ألف ليلة وليلة" استناداً إلى ما تتضمنه من خروج على قيم ومبادئ المجتمع فضلاً عن سوء اختيار إذاعتها على خريطة الإرسال بتوقيتها خلال شهر رمضان المعظم وبصورة خاصة خلال إقامة صلاة العشاء وصلاة القيام.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن القرار الإداري هو تصرف قانوني يصدر عن الإدارة بما لها من سلطة عامة ملزمة لينشئ مركزاً قانونياً جديداً، أو يؤثر في مركز قانوني قديم لفرد محدد أو لعدد من الأفراد محددين أو موصوفين. أو هو - وعلى حد ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - قرار تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة للأفراد بناءً على سلطتها العامة بمقتضى القوانين واللوائح حيث تتجه تلك الإرادة نحو إنشاء مركز قانوني، وتتولى محاكم مجلس الدولة أو القضاء الإداري بصورة عامة رقابة الشرعية وسيادة القانون عن طريق وقف تنفيذ وإلغاء القرارات الإدارية التي بها عيب مخالفة القانون أو التعسف في استعمال السلطة. وتكون الإدارة ملزمة بتنفيذ أحكام القضاء الإداري الصادرة في هذا الشأن عملاً بحجية الأمر المقضى به والتي هي مطلقة بالنسبة لأحكام الإلغاء التي نص قانون تنظيم مجلس الدولة صراحة على أنها حجة على الكافة. كما يلزم في القرار الإداري أن يكون محله هو المركز القانوني الذي تتجه إرادة مصدر القرار إلى إحداثه إلزاماً وحتماً بإرادته المنفردة والأثر القانوني الذي يترتب عليه حالاً ومباشرة، وهذا الأثر هو إنشاء حالة قانونية معينة أو تعديلها أو إلغاؤها بالإرادة المنفردة الملزمة للسلطة الإدارية والتي لا تتقيد قراراتها بالقوة والإكراه إذا اقتضى الأمر ذلك.
وهذا المبدأ هو الذي أرست مبادئه هذه المحكمة باعتبارها قمة قضاء المشروعية والشرعية والحامية لحمى سيادة الدستور والقانون والمبادئ والحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين وفقاً لما حددتها أحكام الدستور ونظمتها القوانين واللوائح المختلفة، وهي الأمينة على الالتزام من الجهات الإدارية بمبدأ الشرعية وسيادة القانون الذي نص الدستور صراحة في المادة (64) منه أنه أساس الحكم في الدولة - كما أكد هذه السيادة والعلو للشرعية وسيادة القانون على كل إرادة في الدولة ما نص الدستور عليه في المادة (65) من أنه تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات - فهذه المحكمة واجبها أن تنزل حكم الدستور والقانون على ما يعرض أمامها من طعون ومسئوليتها كفالة حق أي من المواطنين في كفالة مركزه القانوني من أي عدوان جبري من قرارات أو من تصرفات الإدارة ومن المؤكد مسئوليتها عن حماية الحق في كل ما يمثل مساساً بالتقييد أو المنع من أحد الحقوق الدستورية للمواطنين والتي تتصل بالمواطن وتكون حقاً مقدساً له باعتباره كذلك بما يكفل أن لا تزايله أي من هذه الحقوق إلا على النحو الذي يحكم الدستور أو القانون تنظيمه وبيانه.
فالمنازعات المتعلقة بحق من الحقوق الدستورية العامة وفي مقدمتها حق الطعن ومهما اصطبغت مثل هذه الطعون وبحكم اللزوم بالصبغة الخاصة بالمنازعات الإدارية، بحسبانها في ظاهرها منازعات تمثل الجهة الإدارية أحد أطرافها، فإنه يتعين أن تقوم قانوناً في أساسها على طلب دفع عدوان إلزامي أو جبري بإرادة الإدارة المنفردة على الأفراد، وإعلاء الشرعية بإلزام الإدارة العاملة المطعون في قراراتها بأحكام الدستور والقانون.
والعدوان الإداري على الشرعية وسيادة القانون يجب لوجوده أن يمس القرار مركزاً قانونياً للأفراد أو لفرد بذاته، مما يتوافر له معه الحق في الاعتراض عليه بالطعن أمام محاكم مجلس الدولة لوقف تنفيذه أو إلغاؤه، وإزالة الجبر غير المشروع له على المركز أو الوضع القانوني الذي يتمثل في محل القرار.
ومن حيث إن المادة الثانية من الدستور تنص على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".
وتنص المادة (12) على أن "يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها والتمكين للتقاليد المصرية الأصلية. وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخي للشعب والحقائق العلمية والسلوك الاشتراكي والآداب العامة وذلك في حدود القانون.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم (13) لسنة 1979 في شأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون تنص على أن "يهدف الاتحاد إلى تحقيق رسالة الإعلام الإذاعي المسموع والمرئي، سياسة وتخطيطاً وتنفيذاً في إطار السياسة العامة للمجتمع ومتطلباته الإعلامية. أخذاً بأحدث ما تصل إليه تطبيقات العلم الحديث، وتطوراته في مجالات توظيف الإعلام المرئي والمسموع لخدمة المجتمع وبلوغ أهدافه.
وفي سبيل ذلك يعمل الاتحاد على تحقيق الأغراض الآتية:
1 - أداء الخدمة الإذاعية المسموعة والمرئية بالكفاءة المطلوبة. وضمان توجيههاً لخدمة الشعب والمصلحة القومية، في إطار القيم والتقاليد الأصيلة للشعب المصري، وفقاً للمبادئ العامة التي نص عليها الدستور.
2 - ..................
3 - العمل على نشر الثقافة وتضمين البرامج الجوانب التعليمية والحضارية والإنسانية، وفقاً للرؤية المصرية والعربية والعالمية الرفيعة لخدمة كافة فئات الشعب وتكريس برامج خاصة للطفولة والشباب والمرأة العاملة والعمال والفلاحين إسهاماً في بناء الإنسان حضارياً وعملاً على تماسك الأسرة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية، هي رقابة مشروعية، تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان الدستور والقانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة، أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة قرارات وتصرفات الإدارة العاملة وهي تحقيق الصالح العام، إلى تحقيق غير ذلك من أغراض تخرج عن صحيح ما استهدف تحقيقه من صالح عام، الدستور أو القانون المنظم للنشاط الإداري. كما أن مجلس الدولة لا تلتزم محاكمه في مباشرة رقابتها للمشروعية على قرارات وتصرفات الجهات التنفيذية بالإدارة العامة في أدائها لواجباتها بغير أحكام الدستور والقانون وسيادة القانون، وعلو المصلحة العامة التي يلزم أن تكون الغاية الوحيدة لكل ممارسة للسلطة العامة وسند مشروعية هذه الممارسة ومبررها، ولا تجاوز سلطة وولاية محاكم مجلس الدولة إعلاء الشرعية وسيادة القانون بالنسبة للقرارات الإدارية المخالفة للقانون الحكم بوقف تنفيذها أو إلغائها فولاية محاكم مجلس الدولة باعتبارها ولاية رقابة للمشروعية، ولاية بعدية تنصب على تصرف أو قرار إداري يصدر من الجهة الإدارية المختصة ولا شأن للقضاء الإداري أي محاكم مجلس الدولة بتوجيه الجهات الإدارية المسبق وإلزامها بتصرف محدد أو معين ولو كان سند ذلك أحكام تجد أساس الشرعية في الدستور أو القانون، فهذه المحاكم لا تحل محل الجهات الإدارية المختصة في أدائها لوظيفتها الإدارية في تسيير وإدارة المرافق العامة بانتظام واضطراد في مجال الخدمات أو الإنتاج وذلك بحكم استقلال السلطة القضائية التي تباشرها المحاكم عموماً ومحاكم مجلس الدولة بينها عن السلطتين التنفيذية أو التشريعية بحكم صريح في مواد الدستور، الذي يقوم على احترام مبدأ استقلال السلطات الثلاث في الدولة مع خضوعها لسيادة القانون ( المواد 64، 65، 68، 165، 166، 167، 172 من الدستور) فكما أنه لا سلطان على القضاة المستقلين في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في تحقيق العدالة فلا تتدخل محاكم مجلس الدولة أو قضاتها عند أداء وظيفتهم ومباشرة رسالتهم في الفصل في المنازعات الإدارية في سير النشاط الإداري أو تتولى توجيهه وتسييره بدلاً من الإدارة التي تقوم بذلك على مسئوليتها السياسية والإدارية والمدنية والجنائية وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
ومن حيث إنه بناءً على ما سلف الإشارة إليه من الأحكام الواضحة المعنى والغاية في مواد الدستور وقانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون، التي تحدد وتقرر المبادئ والأصول العامة الحاكمة لحدود رقابة مشروعية القضاء الإداري على القرارات الإدارية من خلال بيانها لأهدافها وغاياتها على وجه القطع واليقين فإنه لا شك أن نشاط اتحاد الإذاعة والتليفزيون يجب أن يهدف إلى تأكيد أن الإنتاج الفني أو العمل المذاع مرئياً أو مسموعاً إنما يكون لتأكيد تحقيق هذا العمل أو ذلك النشاط الارتقاء بالمستوى الفني وليكون مستهدفاً العمل على تأكيد قيم المجتمع الدينية والروحية والخلقية ومساهماً في تنمية الثقافة العامة والمهارات الخاصة لأي من فئات الشعب على اختلاف طبقاته وأنماط سلوكه محققة في ذلك الحفاظ على القيم الدينية التي تتحدد على أساسها مبادئ وحدود الآداب العامة والحفاظ على النظام في إطار الشرعية وسيادة الدستور والقانون وحماية النشئ من الانحراف.
ومن حيث إنه يتعين أن تبين المحكمة أن مفهوم الأخلاق والآداب العامة يخرج عن مجال النظام العام المادي المحسوس والممثل للحالة المناقضة للاضطراب، وباعتبار أن القيم والمبادئ والأخلاق إنما هي تعبير عن أفكار ومعتقدات وأحاسيس يلزم أن يكون لها تأثير ذو مظهر ونشاط خارجي يبرر التدخل لرقابته وتقرير مدى مشروعيته.
ومن ثم فإن مضمون النظام العام الخلقي ومبادئه الاجتماعية تؤكد أن الدستور والقانون لا يتضمن فقط الإشارة إلى أي منها بل إلى بيان وتأكيد الهدف منها وهو حفظ الفضيلة والتي تتحدد من خلال مفهوم المجتمعات نفسها لهذا المعنى من خلال موقفها ومدى تقبلها لعمل ما خضوعاً واتفاقاً مع العادات والتقاليد المستقرة التي تعارف عليها المجتمع قبولاً أو رفضاً في الغالبية العظمى من أفراده، ليس بحسب معيار أو رؤية محددة لقلة منه وفي هذا النطاق فإنه يتعين الالتزام بحماية الاحتشام العام de cens publique أي القيم والمبادئ الأخلاقية العامة التي يتقبلها المجتمع بالأغلبية الساحقة ويعتبرها من تقاليده التي تحمي مصالحه وهي بالتالي تصل إلى الاهتمام العام بالأخلاق العامة بما يتحقق للمجتمع عامة والنشئ والقصر من صغار السن وخاصة قيم ومبادئ عليا تتمثل في إطار من العقيدة وتقاليد المجتمع وهذه كلها مقيدة في إطار من المفهوم المحلي للمجتمع وقد أدى هذا المفهوم إلى صدور العديد من القوانين الرقابية والمبادئ القضائية التي تنظم منع عرض المطبوعات.
التي تصف الجرائم والفضائح وكذلك عرض الأفلام اللاأخلاقية lmmoraux Les films التي تصف الإثارة وتعرض البذيء من الألفاظ أو المثير من الحركات واتسام هذه التشريعات بترك سلطة تقديرية واسعة للسلطة القائمة على الرقابة لتحديد المجال المحمود للأخلاق وأنماط حماية المجتمع وعاداته في المجال الاجتماعي، ويؤكد ذلك أحكام الدستور المصري وقانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون المشار إليه الذي يوضح أن الغاية والهدف هي أن تأدية الرسالة الإعلامية المسموعة أو المرئية يلزم أن تكون موجهة وفقاً للقواعد العامة للشرعية الإسلامية ومبادئها القائمة على رعاية الأخلاق والتقيد بالتقاليد المصرية الأصيلة ومراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخي للشعب والآداب العامة وضماناً لتأكيد خدمتها للشعب ومصالحه القومية بجميع طوائفه، وفي إطار من القيم والتقاليد الأصيلة له إسهاماً في إنماء حضارته وتأكيداً لقيمه وعملاً على تماسك الأسر الخلية الأساسية للمجتمع وأساس وجوده وقوامه الدين والأخلاق والوطنية، والتي يتعين أن تحرص الدولة بجميع أجهزتها وفي جميع أنشطتها وعلى قمتها الإذاعة المسموعة والمرئية التي تتولى إدارتها والهيمنة عليها على الحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيها من قيم وتقاليد وحماية للأمومة والطفولة، ورعاية النشئ والشباب وتوفير الظروف المناسبة لتنمية مواهبهم (المواد 9، 10 من الدستور) وقد تواترت هذه المبادئ العامة في سائر القوانين بالاتفاق مع أحكام الدستور بحكم اللزوم.
وفيما يخص موضوع هذا الطعن فإن القانون رقم (340) لسنة 1955 وتعديلاته بشأن الرقابة على المصنفات الفنية والقانون رقم (109) لسنة 1971 بشأن نظام هيئة الشرطة قد تضمنت النصوص والأحكام التي تقرر اختصاص هيئات الضبط الإداري بحماية النظام العام والآداب العامة وكفالة الاحتشام العام.
ويتعين التأكيد على أنه مع التسليم - على أساس معيار موضوعي يتعلق بالأغلبية العظمى لأفراد المجتمع - بوجود نظام عام خلقي للمجتمع حسبما يقر في ضمير وعقيدة الأغلبية العظمى من أفراده فإنه لا يعني الإطلاق في التصرف أو التقييد كما أن ذلك لا يمنع من التبصر بحقيقة وصعوبة الفصل المطلق بين ما هو خلقي وذاتي وخاص في فهم الفرد وشعوره وما هو قانوني ومشروع حسبما يتضمن النظام القانوني للجماعة وما يترتب على ذلك من إزالة الحواجز بين ما يعتبر من "الفضيلة" وما يتصف "بالمشروعية" وهو إذ ينطوي على خطر جسيم على الفكر والفن وحرية التعبير في كل صورها يتجسد في عدم إمكانية التحديد الدقيق الموضوعي العام لمضمون ماهية الأخلاق تحديداً جامعاً مانعاً بين التوسع في مضمونها بما يوسع المجال وتفتحه أمام الرقابة من الإدارة لتتغول وتفرض وصايتها ورؤيتها ووجهة نظرها على كل عمل فكري أو علمي أو فني بدعوى حماية القيم الخلقية لمن يقومون بالرقابة باسم سلطة الدولة أو لمن يجعلون أنفسهم رقباء أو أوصياء على المجتمع في مجال تطبيق القانون ومبادئ الشريعة وبالتالي يصبح كل فكر ورأي وفن من أي نوع مجالاً لطغيان الإدارة والمواقف الشخصية حيث يحل فيه الأفراد أنفسهم وفقاً لآرائهم ورؤيتهم الخاصة التي تعبر عنهم أو عن قلة لا تتفق مع الجماعة العامة محل سلطة الدولة في التقدير، ويقيمون من القواعد والمعايير الشخصية التي يشرعونها لأنفسهم تحديداً لماهية الأخلاق والقيم والمبادئ التي يحميها الدستور، وينهضون إلى فرض ذلك مباشرة، أو قسراً من خلال القضاء أو غيره من السلطات العامة في الدولة على المجتمع، وعلى جمهور المواطنين، ولذلك فإن هذه الرقابة تجد حدها الطبيعي في رقابة القضاء وفقاً لما يحدده المشرع وأحكام القانون من ماهية المجال الأخلاقي والأدبي في تناوله له باعتبار أن القاعدة القانونية التي بها الحكم الموضوعي الذي يحكم الشرعية، وبين غير القانوني وغير المشروع إنما يمثل الحد الأدنى للفضيلة ذات الأثر الحميد التي يجب على الجميع أن ينتهجوها، والذي يكون له مضمون موضوعي حدده الشارع ونقاط تدور عليه الأحكام خاصة وأن المجتمع في تطوره وتقدمه يجب أن يقوم على مبادئ حقيقة من الأخلاق القويمة التي يحددها القانون بواسطة ممثلي الشعب الذين يشرعون، ويهدف إلى تأكيد المبادئ الأخلاقية ورعايتها في المجتمع دون إزالة الحدود ما بين القانون والأخلاق حيث الأخلاق تمثل الغاية الرفيعة من الدين وهي مسئولية الفرد قبل خالقه وقبل المجتمع وخارجه، والله وحده الرقيب على الضمائر وهو العليم بالسرائر وقد استقرت لذلك آراء الفقه وأحكام القضاء وأن المفهوم الأخلاقي هو ذلك الذي يطابق الحد الأدنى للفكرة الأخلاقية السائدة والمقبولة من الأفراد ومن حيث أن ما سبق كله إنما يتصل بوجوب منع السلوك الخارجي للإنسان الذي يمثل بتصرف منه خروجاً على المألوف وتقاليد المجتمع وإحراجاً للمشاهد ويعتبر فعلاً مؤثماً كجريمة جنائية أو إدارية ترتب المسئولية القانونية لمن تثبت عليه أو المطلع عليها.
ومن حيث إنه بناءً على ما سبق جميعه فإنه يلتزم اتحاد الإذاعة والتليفزيون بمراعاة ما يقدمه من برامج وبصفه خاصة في حلقات فوازير رمضان أو حلقات ألف ليلة وليلة بصحيح وواقع القيم الخلقية السائدة في المجتمع والقيم الدينية الخلقية الرفيعة التي يقوم عليها نظام الأسرة أفرادها وتوقير شهر رمضان المعظم الذي له منزلته في قلوب المسلمين كافة وبينهم غالبية أبناء هذا الوطن باعتباره الشهر المبارك الذي أنزل الله فيه القرآن دستوراً وهدى لحياة البشرية جمعاء، ولكونه جزءً من عقيدتهم الإسلامية التي تعتبر الدين الرسمي للدولة بمقتضى النص الصريح لدستور هذه الشريعة التي ما أنزل الله القرآن فيها على رسوله إلا ليتمم مكارم الأخلاق وهي التي تحترم الأديان والعقائد السماوية بين أبناءها وما يتطلبه ذلك من مراعاة شعائرهم والتزامها بتمكينهم من أداء هذه الشعائر وفق أصولها الدينية وما يتفق مع عادات وتقاليد أغلبية الأفراد ولاشك إنه بناءً على كل تلك المبادئ الدستورية العامة والقيم الخلقية للنظام العام الخلقي الإسلامي الذي جعله الدستور أساساً ومنهاجاً للدولة وتصرفاتها ولسلوك المجتمع وأفراده على جميع فئاتهم وتجمعاتهم يفرض على أخطر الأجهزة الإعلامية الوطنية المصرية تأثيراً في تثقيف وتربية وتوجيه المصريين بل وجميع مشاهديه من الناطقين باللغة العربية في الدول العربية والعالم، وهو التليفزيون أن يقوم بدوره المؤثر الهام والخطير في حياة المجتمع وتطوره والمحدد له وفقاً لأحكام القانون واللوائح مسئولية كبرى توجب على المسئولين عن تخطيط وتدعيم برامجه مراعاة القيم الدينية والخلقية التي يقوم عليها النظام العام للمجتمع، وأن يحافظوا على حرية تمكين الأفراد من أدائهم مناسك صيامهم وعبادتهم في جو من التقديس والتوقير المتلازمين مع ممارسة أي شعيرة دينية وبصفة خاصة خلال شهر رمضان المعظم، وذلك على مسئوليتهم الإدارية والسياسية والجنائية حسبما نظمها الدستور والقانون حيث إن الوزير المسئول عن الإعلام والمشرف على أداء التليفزيون والإذاعة مسئول سياسياً ودستورياً أمام مجلس الشعب عن طريق الاستجواب والسؤال وطرح الثقة وهي وسائل الرقابة البرلمانية عن أي خلل في سياسات البرامج التي تحيد عن التعبير بحق وصدق عن قيم المجتمع الدينية والخلقية، والتي تهبط عن المستوى الرفيع للثقافة الجيدة والترفيه بالفنون الراقية بالذوق والحس الإنساني الذي ينمي قدرات المصري على التقدم والنهوض إلى التقدم والقوة والرخاء بهذا الوطن، كما أن العاملين في أجهزة الإذاعة والتليفزيون خاضعون طبقاً لقوانين ولأنظمة العاملين السارية بشأنهم للمحاسبة إدارياً وتأديبياً عن أي خروج في أي عمل أو تصرف أو أداء للبرامج تخطيطاً وتنفيذاً عن الشرعية وعن القيم الخلقية والثقافية والجمالية الرفيعة التي نص عليها الدستور وقانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون وجرى عليها باستقرار العرف الثقافي والفني الإذاعي المسموع والمرئي في اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري الذي عليه في هذا الإطار العمل والنشاط لتحقيق السياسة الإعلامية بجميع أهدافها تحت إشراف ورئاسة المسئولين والرؤساء المختصين ورقابة أجهزة الرقابة الداخلية والخارجية المختصة وكلهم موظفون عموميون وخاضعون للمحاسبة تأديبياً عن أخطائهم.
كذلك فإن ما يرد في البرامج من خروج على النظام العام أو الآداب العامة يمثل جرائم جنائية يعاقب مرتكبوها وفقاً لأحكام قانون العقوبات، وتتولى رفع الدعوى العمومية قبلهم النيابة العامة بناءً على أية شكوى من أي مواطن أو من السلطات الرئاسية المسئولة في اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وهذا كله مقرر بصفة خاصة وفقاً لأحكام المواد (171)، (178)، (269)، (287) من قانون العقوبات، ومن حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه من تحديد للمبادئ والقيم الخلقية والإنسانية والوطنية الرفيعة والنبيلة التي يلتزم بها اتحاد الإذاعة والتليفزيون والعاملين في إدارته وتسييره وفقاً لأحكام الدستور والقانون وكذلك تعدد أوجه المسئوليات السياسية والإدارية والجنائية التي يخضعون لها ويمكن لأي مواطن تحريكها من خلال أعضاء المجلس الشعبي سياسياً أو النيابة الإدارية وجهات التحقيق الداخلية إدارياً أو النيابة العامة والمحكمة الجنائية جنائياً، فإن مقطع النزاع في هذا الطعن وهو وجود قرار إداري ملزم للطاعن أو لغيره من المواطنين بصفته متفرجاً بما يحدده المختصون في اتحاد الإذاعة والتلفزيون من برامج تعرض على الشاشة في قنواته المختلفة ومدى تأثير القرارات الداخلية بالاتحاد بشأن هذه البرامج - في المركز القانوني للفرد - ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قرار لجنة اتحاد الإذاعة والتليفزيون بعرض برنامج بعينه ليس سوى قرار تنظيمي داخلي ملزم قانوناً فقط للأجهزة المختصة فنياً وإدارياً في اتحاد الإذاعة والتليفزيون لتحديد الخريطة الإذاعية للإرسال المرئي.
وهذه القرارات الداخلية غير ملزمة بمقتضى السلطة الإدارية المنفردة للجهة المختصة باتحاد الإذاعة والتليفزيون لأي فرد من الأفراد من المنتفعين بخدمات الإذاعة والتليفزيون وبرامجهما بل إنها موجهة للقائمين على وضع البرامج وملزمة لهم إدارياً وفنياً بصلاحية إنتاج وعرض هذه البرامج على المشاهدين وهو أمر منبت الصلة قانوناً بأي من مشاهدي التليفزيون حيث لا يترتب على ذلك أي التزام قانوني وحتمي لأي منهم بمشاهدة هذه البرامج، ومن حيث إنه من البديهي إنه ما دام أن قرار اتحاد الإذاعة والتليفزيون بإذاعة برنامج معين لا ينطوي بذاته على إلزام أو قهر أي من المواطنين أو إجباره على مشاهدة هذا البرنامج خاصة وأن الإنسان المشاهد هو صاحب السلطة القانونية والفعلية في ذات الوقت التي تجعله وحده المسيطر على جهاز الاستقبال وليس لاتحاد الإذاعة والتليفزيون أو لأي سلطة في الدولة إكراه أي فرد من الأفراد على فتح الجهاز على قناة معينة وفي موعد محدد لرؤية برنامج بذاته وفي مكنة كل فرد وقدرته الحرة في إطار من العقل والضمير والذوق الذي يحدد له قيمة ومستوى ما يقبله عقله ومستوى ما يرضي نفسه ويحقق له قيمة ويرضي ضميره أن يختار ما يرضيها دون رقابة أو التزام بأي برنامج من برامج التليفزيون الداخلي بل وأصبح له أيضاً أن يختار بالتقدم التكنولوجي والعلمي أي برنامج خارجي بطريق الأقمار الصناعية.
ومن حيث إنه وفقاً لما تقدم فإن قرار اتحاد الإذاعة والتليفزيون بعرض البرنامج موضوع الدعوى والحكم محل هذا الطعن إنما يمثل اعتماداً وتعليمات داخلية بإذاعة برامج معينة وتوجيهاً للجهات القائمة على إعداد البرامج اليومية بإدراج هذه البرامج ضمن البرامج المختلفة والمعتمد إذاعتها.
ولا تملك سلطات اتحاد الإذاعة والتليفزيون ولا غيرها من السلطات العامة فعلاً وعملاً بمقتضى دستورنا وقانوناً إلزام أي أحد من الناس بالمشاهدة لأي برنامج لا يرضاه - الأمر الذي ينتفي معه وجود ما يعد وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة وإجماع الفقه والفقهاء الإداريين - كيان القرار الإداري النهائي الجائز قانوناً الطعن عليه بالإلغاء أمام إحدى محاكم مجلس الدولة المختصة طبقاً لأحكام المادة (172) من الدستور وأحكام المادة (10) خامساً من القانون رقم (47) لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة مما كان يتعين معه على محكمة أول درجة الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري المطعون عليه وحيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد جاء مخالفاً لصحيح أحكام القانون حرياً والحال هذه بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري النهائي الذي يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة رقابة مشروعيته والنظر في وقف تنفيذه وإلغائه.
ومن حيث إنه لا يفوت المحكمة أن تؤكد أنه للطاعن ولغيره من الأفراد الذين لهم رؤية وتوجيه في البرامج محل الطعن فضلاً عن حرية الاختيار لمشاهدة ما يرونه من البرامج على المستوى الخلقي والثقافي والديني الذي يرضيهم في أية قناة أو برنامج يذاع من اتحاد الإذاعة والتليفزيون أو من الخارج بواسطة الأقمار الصناعية دون التزام أو إجبار لأي منهم بمشاهدة أي برنامج من البرامج التي لا تتفق مع رؤيتهم الأخلاقية، فإن لكل منهم أيضاً وفي ذات الوقت لكل فرد الحق في أن يلجأ بالطريق القانوني إلى سلطات الرقابة السياسية ممثلة في مجلس الشعب صاحب الرقابة السياسية على السلطات التنفيذية وإلى وسائل الإعلام المكتوبة بل إلى سلطات الإشراف والرقابة الإدارية الداخلية المتولية أمر اتحاد الإذاعة والتليفزيون أو إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة بحسب الأصول لتحريك المسئولية السياسية والتأديبية أو الجنائية قبل من لا يلتزم من المسئولين أو العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون في برنامج محدد أو عمل محدد بالمبادئ والأسس الدستورية العامة والقانونية التي تحدد النظام العام الخلقي للمجتمع المصري الإسلامي الذي يلتزم به المجتمع متمثلاً في كل مصري وكل سلطة من سلطات الدولة في إطار اختصاصها وولايتها وفقاً لأحكام الدستور والقانون.
وحيث إن من خسر دعواه يلزم بمصروفاتها وفقاً لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى القرار الإداري، وألزمت الطاعن بالمصروفات.

الطعن 954 لسنة 34 ق جلسة 28 / 2 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 74 ص 691

جلسة 28 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين - المستشارين.

-----------------

(74)

الطعن رقم 954 لسنة 34 القضائية

دعوى - شرط الصفة - ارتباطه بالموضوع - كيفية بحثه في الشق العاجل.
(نقابات - نقابة التجاريين - دعوة الجمعية العمومية للنقابة).
متى تبين وجود ارتباط بين شرط الصفة وموضوع الدعوى فإنه يمتنع على المحكمة الفصل في الصفة كمسألة فرعية سابقة على التصدي لطلب وقف التنفيذ - الفصل في الصفة يتطلب البحث في شرط الجدية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 25/ 2/ 1988 أودع الدكتور محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 954 لسنة 34 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 29/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 6474 لسنة 41 ق المرفوعة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وأودع السيد الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بالرفض وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/ 1/ 1992 حيث نظر بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 4/ 5/ 1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وقد تم تداول الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجزه للنطق بالحكم بجلسة 17/ 1/ 1993 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وبهذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 28/ 2/ 1993 لإتمام المداولة وبها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 9/ 1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 6474 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد المطعون ضدهما طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس نقابة القاهرة الفرعية للتجاريين بدعوة الجمعية العمومية لهذه النقابة يومي 25/ 9، 9/ 10/ 1987، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب عليه من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكر الطاعن ( المدعي) بياناً لدعواه أنه قد استصدر أحكاماً عديدة من القضاء الإداري، والمحكمة الإدارية العليا باعتباره نقيباً للتجاريين، إلا أنه لم يمكن من مباشرة اختصاصاته، ولم يوجه بصفته نقيباً للتجاريين الدعوة لعقد أية جمعية عمومية لاعتماد نتيجة انتخابات نقابة القاهرة الفرعية والتي جرت بتاريخ 25/ 7/ 1986 واعتمدها مجلس النقابة بدون حضوره في 30/ 7/ 1986 ومؤدى ذلك أن يكون رئيس النقابة الفرعية بالقاهرة مجرداً من الولاية، وأضاف الطاعن أن رئيس النقابة الفرعية بالقاهرة أصدر قراراً بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد يوم 25/ 9/ 1987 وإذا لم يتوافر النصاب القانوني يؤجل الاجتماع إلى 9/ 10/ 1987 ويكون الاجتماع صحيحاً بحضور مائة عضو على الأقل.
ونعى الطاعن على القرار المذكور مخالفته للقانون لأن رئيس النقابة الفرعية غير مكتمل الأهلية القانونية لاكتساب هذه الصفة فضلاً عن أن الدعوة لعقد جمعية عمومية بالنسبة للنقابة الأم أو النقابات الفرعية لا بد وأن تصدر عنه باعتباره نقيباً للتجاريين، وأن إصدار قرار عن مغتصب للسلطة ومتعد على سلطة النقيب يمثل عدواناً صارخاً على الشرعية وتترتب عليه نتائج يتعذر تداركها، وخلص الطاعن إلى طلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 29/ 12/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وألزمت المدعي المصروفات، وشيدت قضاءها على أنه طبقاً لحكم المادة (24) من قانون نقابة التجاريين رقم 40 لسنة 1972 فإن مدة النقيب هي أربع سنوات تبدأ من تاريخ انتخاب الجمعية العمومية له نقيباً للتجاريين، وإذ كان الثابت أن الجمعية العمومية لنقابة التجاريين قد سبق لها أن انتخبت المدعي (الطاعن) نقيباً للتجاريين بتاريخ 8/ 6/ 1983 فإن مدة انتخابه تنتهي في 7/ 6/ 1987 وتزول عنه هذه الصفة في اليوم التالي أي بتاريخ 8/ 6/ 1987، ولما كان المدعي قد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بصفته نقيباً للتجاريين في الوقت الذي كانت فيه هذه الصفة قد زالت عنه، فمن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لأنه ولئن كان القانون قد نص على أن مدة النقيب المنتخب هي أربع سنوات، وكان الطاعن قد انتخب نقيباً في 8/ 6/ 1983 إلا أنه (الطاعن) لم يمارس حقوقه واختصاصاته كنقيب منذ انتخابه، والمفروض أن الأربع سنوات المحددة للنقيب هي أربع سنوات للممارسة الفعلية لاختصاصاته، وبالتالي فإن صفة الطاعن القانونية تظل قائمة إلى أن تنقضي أربع سنوات ممارسة فعلية، فضلاً عن وجود منازعة حول انقضاء مدة الطعن وما زالت مطروحة على القضاء وخلص الطاعن إلى طلباته الواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه طبقاً لأحكام المادة (49) من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 فإنه يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري أن يتوفر لطلب وقف التنفيذ بحسب ظاهر الأوراق ودون التوغل في بحث وقائع الموضوع ونقاط النزاع القانونية الحاسمة في شأن شرط الجدية وأن يكون لتنفيذ القرار الإداري النافذ بطبيعته واستمراره آثار يتعذر تداركها وتلافي آثارها بما يمنع من إعادة المراكز القانونية إلى أوضاعها الشرعية الصحيحة في تاريخ صدور القرار المطلوب وقف تنفيذه إذا ما تبين للمحكمة المختصة أنه مخالف للقانون وواجب الإلغاء لعدم مشروعيته.
ومن حيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين على محاكم مجلس الدولة قبل التصدي لبحث وقف التنفيذ الذي يتعين أن يتقدم مرتبطاً بطلب إلغاء القرار المطعون فيه باعتبار أن وقف التنفيذ أمر مؤقت يتم بحسب ظاهر الأوراق لمواجهة نتائج يتعذر تداركها أن تفصل صراحة وعلى وجه قاطع في المسائل الضرورية والشكلية الأساسية المتصلة بالخصومة والنظام العام القضائي لمحاكم مجلس الدولة مثل الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم القبول وكلاهما من الأمور التي يتعلق بالنظام العام للدعوى والمنازعة الإدارية وذلك حتى لا يحمل قضاؤها في موضوع الطلب المستعجل قبل البت في هذه المسائل على أنه قضاء ضمني بالاختصاص والقبول، إلا أن هذا الأصل لا يصدق في خصوصية هذه الدعوى إذ أن بحث قبول الدعوى وتوفر صفة الطاعن كنقيب للتجاريين وقت إقامته لها يقتضي بالضرورة التعرض لموضوع الدعوى وهو ما انزلق إليه الحكم الطعين حيث إن نقطة النزاع الأساسية هي مدى حساب مدة النقيب هل من وقت انتخابه سواء باشر مهام منصبه أو لم يباشرها بإرادة منه أو كرهاً عنه فكلا الأمرين يرتبط كل منهما بالآخر ارتباطاً لا فكاك منه بمسألة قانونية أولية ولا يمكن فصل البت في أي من الأمرين دون أن يؤثر ذلك في الأمر الثاني فالفصل في مدى توفر صفة الطاعن كنقيب يمكن رفع الدعوى بهذه الصفة لقبولها شكلاً يقتضى في ذات الوقت البت في الظروف الواقعية محل النزاع بين الطرفين والتي ادعى أنها منعته كرهاً من مباشرة مهامه ومسئوليات منصبة كنقيب للنقابة. ومؤدى ذلك أنه يمتنع على المحكمة إزاء هذا الارتباط الوثيق بين صفة رافع الدعوى كنقيب للتجاريين وموضوعها الفصل في الصفة كمسألة فرعية سابقة على التصدي لطلب وقف التنفيذ حيث إن ذلك الفصل يتضمن حتماً الفصل في شرط الجدية اللازم تحققه لوقف تنفيذ القرار أو عدم وقف هذا التنفيذ سواء من ناحية الواقع أو القانون يؤكد ما سلف بيانه أن صفة الطاعن كنقيب ليست لازمة بذاتها لتوفر الصفة اللازمة شكلاً لقبول دعواه أو طعنه الماثل إذ أنه يكفي لتوفر شرط الصفة المطلوب شكلاً في الدعوى أن يكون من أعضاء النقابة المذكورة.
وحيث يكون لكل عضو صفة في أن يلجأ لقضاء المشروعية بمجلس الدولة لكفالة شرعية نقيب النقابة أو تصرف من تصرفاته أو تصرفات مجلس النقابة فليس ثمة موجب إذن للبحث في الصفة محل الموضوع ومناط النزاع وهي حقه في منصب النقيب في الدعوى كما ذهب الحكم الطعين حيث خلط الصفة اللازمة شكلاً لقبول الخصومة وهي صفة أي عضو بالنقابة بصفة النقيب محل المنازعة في دعوى إلغاءه ووقف تنفيذه وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين الأول توافر شرط الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه، والثاني أن يقوم الطلب بحسب الظاهر على أسباب جدية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد مال عن صحيح حكم القانون فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للمشروعية واجباً إلغائه.
ومن حيث إنه كما سلف البيان فإنه يتعين للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري توفر ركني الجدية والاستعجال حسبما يجرى عليه قضاء هذه المحكمة ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أن الطاعن قد تم انتخابه نقيباً للتجاريين بتاريخ 8/ 6/ 1983 من قبل الجمعية العمومية للنقابة - وأياً ما كان الرأي في موضوع النزاع حول مدى اعتبار بدء سريان المدة من تاريخ إعلان قرار الجمعية العمومية للنقابة بصرف النظر من مباشرة النقيب لمهامه أو عدم مباشرتها طوعاً أو كرهاً أو أن هذه المدة ترتبط بالمباشرة الفعلية من النقيب لمهامه وبصفة خاصة لو كان قد أكره على عدم مباشرة تلك المهام بصورة غير مشروعة، فإن مدة انتخاب الطاعن كنقيب للتجاريين وهي أربع سنوات تكون قد انقضت بالفعل في 7/ 6/ 1987 عندما أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري، ولا يكون هناك ثمة ضرر إذن يمكن تداركه بإجراء وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بدعوة رئيس نقابة القاهرة الفرعية للتجاريين بدعوة الجمعية العمومية لهذه النقابة وفي 25/ 9، 9/ 10/ 1987 عند الفصل في هذا الطعن بعد أن مضى على صدوره هذه السنوات العديدة.
ومن حيث إنه من المسلمات أنه رغم كون رقابة هذه المحكمة تتعلق برقابة صحيح حكم القانون وسلامة استخلاص الحكم المطعون فيه للواقع وقت صدور الحكم، إلا أن ذلك لا ينفي الطبيعة المستعجلة لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وحتمية توفر شرطي الاستعجال والجدية اللازمين للحكم بوقف التنفيذ عند الفصل في الطعن، حيث إذا ما انتفت أية نتائج يتعذر تداركها في هذا التاريخ بأن كان القرار المطلوب وقف تنفيذه قد تم تنفيذه بالفعل منذ فترة طويلة من الزمان وتحققت كل النتائج التي تترتب على ذلك في الواقع بحيث لم يعد لوقف التنفيذ ثمة محل، وتكون قد زالت حالة الاستعجال المبررة له.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن ركن الاستعجال اللازم - للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - يكون غير متوافراً عند الفصل في هذا الطعن الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض هذا الطلب - مع القضاء في ذات الوقت بإلزام الطاعن بالمصروفات وذلك تطبيقاً لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الطاعن بالمصروفات.