الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023

الطعن 950 لسنة 7 ق جلسة 30 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 55 ص 541

جلسة 30 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(55)

القضيتان رقما 950 و954 لسنة 7 القضائية

(أ) براءة اختراع - شرط الجدة فيها 

- أن يكون الاختراع أو الابتكار جديداً لم يسبق إليه أحد - حكمته أن الحق الاستشاري المخول لمالك البراءة هو مقابل لما أهداه للهيئة الاجتماعية من أسرار صناعية - أخذ المشرع الفرنسي بمبدأ الجدة المطلقة في الزمان والمكان - نطاق الجدة وضوابطها في القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية.
(ب) براءة اختراع 

- علنية - الصفة العلنية في الاستعمال السابق للاختراع والتي تنال من شرط الجدة - هي عدم بقائه سراً محجوباً عن الأنظار - بحيث لا يكون ثمة حائل دون تسربه للجمهور وكشفه عنه - عدم علم المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول بنشاط المطعون ضده الصناعي - لا يمس من العلانية المستخلصة من المستندات والتي قوامها أن الأمر كان محل صناعة مفتوح باب التعامل فيها في وجه الجميع.

-------------------
1 - تنص المادة الأولى من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية على يأتي "تمنح براءة الاختراع وفقاً لأحكام هذا القانون عند كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطرق أو وسائل صناعية مستحدثة أم بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية معروفة" وواضح من هذا النص أنه يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون الاختراع أو الابتكار جديداً لم يسبق إليه أحد, وهو ما اصطلح على تسميته بشرط الجدة, والحكمة في هذا الشرط أن ما خوله القانون لمالك البراءة من حق استئثاري مقصور عليه في استغلال الاختراع إن هو إلا مقابل لما أهداه للهيئة الاجتماعية من أسرار صناعية فإذا لم يظفر منه بالجديد منها انقضى المقتضى لتخويله الاستئثار بالاستغلال وحرمان غيره منه, على أن الشارع المصري لم يشأ أن تكون هذه الجدة المتطلبة مطلقة, على غرار ما انتهجه الشارع الفرنسي الذي أخذ بمبدأ الجدة المطلقة في الزمان وفي المكان, بل قيد نطاقها ورسم ضوابطها بما نص عليه في المادة الثالثة من القانون التي جرى نصها بما يلي "لا يعتبر الاختراع جديداً, كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا كان في الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال الاختراع بصفة علنية في مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه في نشرات أذيعت في مصر وكان الوصف أو الرسم الذي نشر من الوضوح بحيث يكون في إمكان ذوي الخبرة استغلاله.
2 - إذا كان في خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عن الاختراع أو جزء منه لغير المخترع أو لغير من آلت إليه حقوقه أو كان قد سبق للغير أن طلب براءة عن الاختراع ذاته أو عن جزء منه في المدة المذكورة".
3 - إن الطاعن إذ يذهب إلى القول بأنه إذا كانت صناعة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها قد ابتدأ استعمالها في مصر قبل تقديم طلب براءة اختراعه فإن ذلك كان كما قال الخبير في تقريره دون علم المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر مما يقطع بأن ذلك الاستعمال لم يكن لصفة علنية وبالتالي لا يفقد الاختراع شرط الجدة وفقاً لصريح نص المادة الثانية فقرة أولى من القانون, وقوله هذا مردود بأن المقصود من الصفة "العلنية" في الاستعمال السابق للاختراع هو عدم بقائه سراً مكتوماً محجوباً عن الأنظار بحيث لا يكون ثمة حائل دون تسربه للجمهور وكشفه عنه, وترى المحكمة في ضوء وقائع الدعوى وما قدمه المطعون ضده من مستندات أن القول بأن استعماله في مصنعه لطريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها لم يكن بصفة علنية هو قول في غير محله, إذ لم يكن الأمر سراً مكتوماً أو محجوباً عن الأنظار إنما كان أمر صناعة مفتوح باب التعامل فيها في وجه الجميع ويعمل من أجل رواجها وجلب المزيد من العملاء لها وهؤلاء قد يرون المعاينة والدرس قبل التعاقد فلا يصدون عن ذلك كما حدث مع سلاح الطيران البريطاني على ما تقدمت الإشارة إليه, ولا يقدح في هذا أن المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر لم تكن تعلم بنشاط المطعون ضده الصناعي, إذ أن عدم العلم هذا لا يعني أكثر من أن هذه المصالح والهيئات بعيدة عن هذا النوع من النشاط الصناعي والتجاري أو لا تعيره شيئاً من اهتمامها دون أن يمس هذا علانيته المستخلصة من المستندات وفق ما تقدم.


إجراءات الطعن

في 9 من مارس سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الاقتصاد بوصفه الرئيسي الأعلى لمصلحة التسجيل التجاري تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 10 من يناير سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 326 لسنة 13 قضائية المقامة من السيد/ ميركو بوتشيانتي ضد السيد/ عبد الحليم محمود علي ووزير التجارة, وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وأصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام ميركو بوتشيانتي بالمصاريف واحتياطياً إخراج الطاعن بصفته من الدعوى دون مصروفات، وقيد الطعن بسجل المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 905 لسنة 7 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما في 14/ 3/ 1961.
وفي 11 من مارس سنة 1961 أودع الأستاذ راغب حنا المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ عبد الحليم محمود علي تقرير طعن في ذات الحكم السابق بيانه, وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى السيد ميركو بوتشيانتي وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقيد الطعن بسجل المحكمة الإدارية العليا تحت رقم 954 لسنة 7 القضائية وأعلن تقرير الطعن إلى وزير التجارة في 15/ 3/ 1961 وإلى ميركو بوتشيانتي في 21/ 3/ 1961.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة أول فبراير سنة 1964 وفيها قررت الدائرة ضم الطعنين معاً, وتداولا في الجلسات حتى جلسة 9/ 5/ 1964 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا وعين لنظره أمامها جلسة 31/ 10/ 1964 وتداولت بالجلسات إلى جلسة 30/ 1/ 1965.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين - اللذين سبق تقرير ضمهما - قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 326 لسنة 13 ضد السيدين عبد الحليم محمود علي وزير التجارة بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1958 وقال بياناً للدعوى إنه في 23 من فبراير سنة 1952 قدم المدعى عليه الأول إلى إدارة براءات الاختراع بوزارة التجارة طلباً للحصول على براءة اختراع أصلية عن طريقة لتكرير الزيوت المعدنية المستعملة أو بعبارة أخرى لإعادة هذه الزيوت إلى أصلها وبرر المدعى عليه الأول الطلب المذكور بقوله إن هذا الاختراع عبارة عن طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها وكانت الفكرة السائدة أنه لا يمكن إعادة الزيوت المعدنية إلا مرة واحدة إذ تكون قد استنفدت الغرض منها، غير أن الأبحاث أثبتت أنه يمكن إعادتها إلى أصلها بعد الاستعمال وهذه العملية تتكرر إلى ما لا نهاية وأصبح من الممكن إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها بواسطة طريقته المبتكرة التي شرحها في طلبه، وقد ظل الطلب في إدارة براءات الاختراع أربع سنوات وأخيراً صدرت عنه لمصلحة المدعى عليه الأول في أول يوليه سنة 1956 براءة اختراع قيدت برقم 794 فئة رقم 3 وقد جاء في هذه البراءة تحت عنوان "العناصر الجديدة موضوع الحماية" ما يأتي "طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها باستعمال المواد الكيماوية والمعدنية الموضحة فيما بعد بالنسبة الآتية:
(1) حامض السلفريك بنسبة بين 3% و7% بدرجة حرارة من 45 إلى 50 سنتيجريد.
(2) ومادة التونسيل بنسبة بين 5% و7% بدرجة حرارة من 90 إلى 110 سنتيجريد.
(3) ومادة الجير بنسبة بين 1% و2% بدرجة حرارة من 90 إلى 110 سنتيجريد.
(4) وباستعمال الأجهزة والطريقة المشروحة في الوصف.
وقد سهل للمدعى عليه الأول فرصة الحصول على براءة الاختراع المشار إليها أن القانون المصري الخاص ببراءات الاختراع وهو القانون رقم 132 لسنة 1949 لم يتبع طريقة الفحص السابق، وهي الطريقة التي توجب على إدارة براءات الاختراع التحقق من كون الاختراع مبتكراً قبل أن تصدر عنه براءة الاختراع, وذلك كما قررت وزارة التجارة في المذكرة الإيضاحية التي قدمتها لتعديل القانون رقم 132 لسنة 1949 المذكور بالقانون رقم 650 لسنة 1955, واستطرد المدعي قائلاً إنه تأسيساً على هذه الحقيقة وتقديراً لاحتمال صدور براءة اختراع مخالفة لأحكام القانون وأجازت المادة 35 من القانون 132 لسنة 1949 لإدارة براءات الاختراع ولجميع ذوي الشأن طلب الحكم ببطلان مثل هذه البراءة وأنه تطبيقاً لهذه المادة يرفع دعواه هذه لإبطال براءة الاختراع الممنوحة للمدعى عليه الأول عن طريقة مألوفة وشائعة لإعادة الزيوت المعدنية إلى أصلها, فصناعة تكرير الزيوت المستعملة أو إعادتها إلى أصلها هي صناعة قديمة معروفة منذ خمسين سنة على الأقل وادعاء المدعى عليه الأول بابتكارها هو ادعاء باطل يدل على ذلك (أولاً) أن طريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها بالكيفية التي أوضحها المدعى عليه الأول في طلبه هي طريقة معروفة منذ خمسين سنة على الأقل وادعاء المدعى عليه الأول بابتكارها المؤلفات الفنية المعروضة للبيع في كل المكتبات المصرية وفي كثير من المكتبات الفنية للشركات أو الجمعيات المعنية بهذه الصناعة, من ذلك كتاب Inbreficants de graissaga et ďusinge المطبوع في باريس سنة 1947 والنشرة الفرنسية المعنونة Actisil (وقد أورد المدعي في صحيفة دعواه فقرات من هذين الكتابين مع ترجمتها إلى العربية) ومحاضرة عن زيوت التزييت المعدنية أو البترولية ألقاها في ديسمبر سنة 1955 الأستاذ الكيماوي إبراهيم يوسف مصطفى الخبير الاستشاري لشئون البترول الذي كان يعمل وقتها عند المدعى عليه الأول كمستشار فني. (ثانياً) أن طريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها طريقة معروفة في مصر منذ مدة طويلة سابقة على تاريخ الطلب الذي قدمه المدعى عليه الأول للحصول على البراءة موضوع النزاع فقد بدأ هذه الصناعة في مصر في سنة 1936 شخص يدعى Harus وكون شركة لهذا الغرض وأنشأ مصنعاً في السبتية ثم في الإسكندرية واستمر في عملية تكرير الزيوت المستعملة حتى مايو سنة 1946 إذ باع صناعته ومؤسسته إلى شركات شل بالقاهرة مقابل مبلغ أربعين ألف جنيه مع تعهده بعدم منافسة الشركة في استغلال هذه الصناعة في مصر, وفي سنة 1948 أسس المدعي في شارع الخليج المصري رقم 53 بالقبة مصنعاً لإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها وبدأ هذا المصنع نشاطه في سنة 1949 أي قبل تقديم طلب براءة الاختراع بثلاث سنوات ولعلم المدعي بأن الطريقة التي يستعملها طريقة شائعة لا فضل له فيها ولا يجوز أن تكون محلاً لبراءة اختراع وفق حكم المادة الثالثة من القانون رقم 132 لسنة 1949 فقد أمسك عن طلب براءة اختراع عنها, وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإبطال براءة الاختراع رقم 794 فئة 3 الممنوحة خطأ للمدعى عليه الأول عن طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها مع إلزام المدعى عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وقد قدم ضمن حافظة الكتاب والنشرة والمحاضرة المشار إليها في عريضته.
وردت وزارة الاقتصاد على الدعوى بمذكرة أعدتها إدارة البراءات بمصلحة التسجيل التجاري وتضمنت أن المدعى عليه الأول قدم طلب البراءة في 23 من فبراير سنة 1952 وقيد برقم 73 لسنة 1952 وبتاريخ أول يوليه سنة 1952 تم قبول الطلب بعد فحصه من الناحيتين الفنية والقانونية ونشر عن قبوله بجريدة براءات الاختراع في العدد 62 السنة الخامسة شهر أكتوبر سنة 1956 وانقضت مدة المعارضة وقدرها شهران وفي 12 من يناير سنة 1958 صدرت البراءة رقم 794 ونشر عن ذلك بالجريدة سالفة الذكر في عدد إبريل سنة 1958، وأن ما أورده المدعي من أن القانون رقم 132 لسنة 1949 لم يتبع طريقة الفحص السابق مردود بأن المذكرة الإيضاحية لهذا القانون قد أوضحت أسباب الأخذ بنظام وسط بين نظام الإيداع المطلق المتبع في فرنسا ونظام الفحص السابق المتبع في بريطانيا وأن المشرع أخذ بالنظام الذي يلاءم درجة النهضة الصناعية وهو النظام الوسط حتى يمكن التدرج به نحو نظام الفحص الكامل وأن القانون نظم في المواد 18 وما بعدها واجبات إدارة براءات الاختراع فيما يتعلق بالرقابة على توافر الشروط المنصوص عنها في شأن الاختراعات التي تمنح عنها البراءات والشهر عنها وفتح باب المعارضة لذوي الشأن أمام لجنة تشكل بقرار من وزير الاقتصاد وأن المصلحة راعت من جانبها المواعيد القانونية عند القيام بالإجراءات حتى صدرت البراءة موضوع النزاع دون أن يتقدم عنها أية معارضة، وفيما يتعلق بالنشرات التي أشار إليها المدعي في صحيفة دعواه ونقل منها بعض المقتطفات للتدليل على أن الاختراع موضوع البراءة معروف في بلاد أوروبا وأمريكا وبذلك لا يكون جديداً، أوردت مذكرة الحكومة فقرة من المذكرة الإيضاحية تقول "يعتبر عنصر الجدة متوافراً إذا لم يكن قد نشر عن الاختراع في مصر وفي هذه الخطة تشجيع لطلب براءات في مصر عن اختراعات جرى النشر عنها في الخارج حتى تستفيد البلاد في نهضتها الصناعة من الاختراعات" ثم عرضت مذكرة الحكومة للمحاضرة التي ألقيت في ديسمبر سنة 1955 فقالت إن نصوص القانون تحمي الاختراع من تاريخ تقديم الطلب فلا يؤثر عليه أن يستغل أو يعرف أو ينشر عنه بعد تاريخ تقديم الطلب ولما كانت المحاضرة المذكورة قد ألقيت في تاريخ لاحق لتقديم الطلب فإنها لا تؤثر على جدة الاختراع، وقد قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة أخرى لا يخرج ما جاء بها عما تضمنته مذكرة إدارة البراءات وقد طلبت الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ورد المدعى عليه الأول على الدعوى بأن الفكرة التي كانت سائدة هي أنه لا يمكن استعمال الزيوت المعدنية إلا مرة واحدة إذ تكون قد استنفدت الغرض منها وأصبحت غير صالحة للاستعمال، ولازدياد الحاجة إلى الزيوت المعدنية فكر في ابتكار طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها ومن ثم سافر إلى ألمانيا واستعان بالعالم الألماني الدكتور فردريك ارهد في ابتكار طريقة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها بحيث تتكرر هذه العملية إلى ما لا نهاية، وفي سنة 1951 اشترى من ألمانيا الآلات اللازمة لإخراج اختراعه إلى حيز الوجود واستقدم بعض الخبراء الألمان لإنشاء مصنع وقد تكلف في هذا السبيل نحو ثلثمائة ألف جنيه، وفي 23 من فبراير سنة 1952 تقدم بطلب براءة الاختراع وقبل طلبه، وقد علم بأن المدعي وآخر يدعى إمام محمد عوض (وكان عاملاً بمصنعه) وثالثاً يدعى الخواجة فلورانس بالإسكندرية يقلدون اختراعه فأبلغ النيابة للتحقيق معهم كما استصدر أمراً من رئيس محكمة القضاء الإداري بتوقيع الحجز التحفظي على ما يستخدم في جريمة التقليد بمصانعهم ووقع الحجز فعلاً على مصنعين بالقاهرة ومصنع بالإسكندرية ورفضت تظلماتهم من هذا الحجز، وقد رفع في 8، 9، 10 من نوفمبر سنة 1958 - ثلاث جنح مباشرة ضدهم ما زالت منظورة بالجلسات، ثم استعرض المدعى عليه الأول أوجه دفاعه فذكر أنه يبين من نص المادتين الأولى والثالثة من القانون رقم 132 لسنة 1949 أنه يشترط لمنح براءة اختراع توافر شرطين أولهما: أن يوجد ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي ويكون الابتكار جديداً ولو كان بتطبيق جديد لطرق أو وسائل صناعية مستعملة بحيث تمنح البراءة والحماية حتى ولو كان الهدف موجوداً من قبل ووسائله معروفة واقتصر الابتكار الجديد على مجرد تطبيق جديد لطرق ووسائل صناعية مستعملة. وثانيهما: ألا تكون الطريقة أو الابتكار سبق أن استعمل في مصر في الخمسين سنة السابقة بصفة علنية أو أذيعت عنه نشرات وكان النشر من الوضوح بحيث يكون في إمكان ذوي الخبرة استغلاله. وهذان الشرطان متوافران في حالته إذ أنه قد ابتكر طريقة جديدة لإعادة الزيوت المعدنية إلى أصلها باستعمال مواد كيماوية بنسب معينة وفي درجة حرارة معينة وبأجهزة خاصة - وهذه الطريقة الجديدة لم يسبق لأحد استعمالها في مصر مطلقاً ولم تذع عنها نشرات من الوضوح بحيث يمكن استعمالها، ولا حجة فيما أورده المدعي عما جاء في المؤلف المطبوع في باريس سنة 1947 لأن هذا المؤلف طبع ونشر في باريس ولم يطبع أو ينشر بأي طريقة من طرق النشر في مصر. ولأن ما ورد فيه يعتبر كلاماً نظرياً بحتاً لا يضع طريقة عملية محددة. وحتى الطريقة التي تكلم عنها المؤلف انتقدها هو نفسه وأبرز عيوبها. كما أنها ليست الطريقة محل الحماية في براءة الاختراع المطعون عليها فهي تشير إلى استعمال ماء النار والاليوم والقطران وهي غير المواد التي ابتكر المدعى عليه لأول استعمالها، هذا إلى أن المؤلف لم يبين الآلات والأجهزة التي تستعمل، وفيما يتعلق بالنشرة الفرنسية Actisil فإنها وإن تكلمت عن إمكان إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها كمبدأ عام أو كنظرية إلا أنها لم تضع قاعدة ثابتة يمكن اتباعها عملياً كما لم تضع نسباً ثابتة لمواد كيمائية معينة ولم تبين درجات الحرارة والأجهزة الخاصة، وفيما يتعلق بمحاضر الأستاذ إبراهيم يوسف مصطفى فإن المحاضر أشاد بالطريق التي يستعملها المدعى عليه الأول في مصانعه "ووصفها بأنها أحدث الطرق وأفضلها وقال إنها تشبه طريقة إنتاج الزيوت الأصلية من زيوت البترول وليس معنى هذا أنها نفس الطريقة فهناك أوجه خلاف بين الطريقتين كما قال إن عملية تكرير الزيوت ليست مستحدثة وتقوم بها حالياً أمريكا وأوروبا غير أنه لم يقل إنهما تستعملان لهذا الغرض نفس طريقة المدعى عليه الأول هذا إلى أن ما يتبع في هاتين القارتين لا يعتبر معروفاً بالطريقة التي تمنع منح براءة الاختراع، واستطرد المدعى عليه الأول قائلاً إن تكرير الزيوت المعدنية أو إعادتها إلى أصلها وإن كانت نظرية قديمة تناولها كثير من المؤلفين وبذلوا في سبيل تحقيقها المحاولات إلا أن أحداً لم يصل إلى ابتكار طريقة محددة تطابق طريقته التي تعتمد على مواد كيماوية معينة ودرجات حرارة محددة وأجهزة وآلات خاصة والتي هي محل الحماية في براءة اختراعه والتي لم يثبت مطلقاً أن أحداً سبق أن استعملها كما أنها تختلف عن الطرق التي أشارت إليها المراجع التي ذكرها المدعي، هذا إلى أن المدعي لم يرفع دعواه الحالية إلا بعد اتهامه بتقليد الطريقة محل الحماية في براءة اختراع وبعد توقيع الحجز ضده ولو كان جاداً فيما يدعيه لقدم معارضة في الميعاد الذي حددته اللائحة التنفيذية للقانون 132 لسنة 1949 كما أنه لو كان يقوم بإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها قبل تقديم طلب البراءة لتقدم بطلب براءة اختراع خلال سنتين من وقت العمل بالقانون المذكور وفقاً لحكم المادة 55 منه، وانتهى المدعى عليه الأول إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة المفوضين تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى رفضها وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بناء على أن المدعي لم يقم الدليل على أن الطريقة التي يستعملها، المدعى عليه الأول كانت مستعملة في مصر منذ مدة طويلة.
وعقب المدعي على تقرير هيئة المفوضين متمسكاً بأن براءة الاختراع الممنوحة للمدعى عليه الأول تمثل فكرة شائعة سبق المدعي الأول في استعمالها في مصر كثيرون كان من بينهم المدعي، وقدم لتأييد قوله عدة أوراق من بينها صورة من حكم محكمة جنح الوايلي في الدعوى المباشرة رقم 9330 سنة 1958 وصورة من تقرير الخبير المنتدب في هذه الدعوى، وقد قضى هذا الحكم ببراءة المدعي من تهمة التقليد وتضمن أنه قد أنشأ مصنعاً لاستخراج الزيوت المعدنية في سنة 1949 وكان يستغل صناعياً الاختراع موضوع البراءة الممنوحة للمدعى عليه الأول قبل تاريخ صدورها ومن ثم يكون من حقه الاستمرار في استغلاله لصالح منشأته عملاً بأحكام المادة 11 من القانون رقم 132 لسنة 1949، وأورد المدعي فقرات من أسباب حكم محكمة الجنح المستأنفة القاضي بتأييد حكم محكمة الوايلي.
ورد المدعى عليه الأول على استناد المدعي إلى حكم محكمة جنح الوايلي بأن هذا الحكم لم يؤسس على بطلان براءة اختراعه ولم يشر من قريب أو من بعيد إلى عدم توافر عنصر الجدة أو إلى أن الطريقة التي منحت عنها البراءة سبق استعمالها بصفة علنية في مصر أو شهر عن وصفها أو عن رسمها في نشرات أذيعت في مصر، وإنما بني الحكم على سبب وحيد هو نص المادة 11 من قانون براءات الاختراع الذي لا يجعل لبراءة الاختراع حجية على من كان يشغل الاختراع بحسن نية قبل تقديم طلب البراءة وخلص المدعى عليه الأول إلى أن الحكم المذكور لا أثر له مطلقاً على الدعوى الحالية.
وفي 10 من يناير سنة 1961 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى قاضياً بإلغاء القرار الصادر من إدارة البراءات والنماذج الصناعية بوزارة التجارة بمنح المدعى عليه عبد الحليم محمود علي براءة الاختراع رقم 794 لسنة 1958 فئة 3 عن طريقة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأوردت المحكمة في أسباب حكمها أنها استبانت من الاطلاع على الأوراق وعلى ملف براءة الاختراع المطلوب إبطالها وملف القضية 670 جنح استئناف القاهرة لسنة 1960 (التي كانت مضمون للدعوى) أن المدعى عليه عبد الحليم محمود علي أقام الدعوى الجنائية بالطريق المباشر ضد المدعي أمام محكمة جنح الوايلي وتقيدت بجدولها تحت رقم 9330 لسنة 1958 الوايلي واتهمه فيها بأنه في خلال المدة من أول يناير إلى 31 من أكتوبر سنة 1958 قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة اختراع وطلب عقابه بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 مع الحكم بإلزامه بأن يدفع له واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ودفع المدعي الاتهام الموجه إليه بعدم الاعتداد ببراءة الاختراع القائم عليها ذلك الاتهام لما هو ثابت من المستندات التي قدمها من أنه يملك مصنعاً لتكرير الزيوت المستعملة عن طريق إعادتها إلى أصلها منذ نوفمبر سنة 1949 وهي ذات الطريقة التي منح عنها المدعى عليه عبد الحليم محمود براءة اختراع ومن ثم يستفيد من الوجهة الجنائية من حكم المادة 11 من القانون فيما يقضي به من عدم سريان حكم براءة الاختراع على من كان يشغل الاختراع صناعياً بحسن نية قبل تقديم طلب البراءة كما دفع من ناحية أخرى ببطلان براءة الاختراع لمخالفتها للمادة الثالثة من القانون وقال إن دعوى البطلان منظورة أمام محكمة القضاء الإداري وفي جلسة 28 من مايو سنة 1959 قررت محكمة جنح الوايلي قبل الفصل في الموضوع ندب كبير المهندسين الكيميائيين بمصلحة الوقود بوزارة الصناعة وحددت مأموريته بالانتقال إلى مصنع المدعى عليه عبد الحليم محمود ومصنع المدعي ومعاينتهما وفحص الطريقة التي يستعملها كل منهما لإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها وذلك لبيان ما إذا كانت الطريقة التي يستعملها المدعي هي ذات الطريقة الممنوح عنها براءة الاختراع للمدعى عليه عبد الحليم محمود من عدمه، وإذا تبين له أن الطريقة واحدة فعليه أن يبين على وجه الدقة تاريخ استعمال المدعي لهذه الطريقة لبيان ما إذا كان سابقاً على منح البراءة أم لاحقاً عليه وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره وانتهى فيه إلى نتيجة مؤداها أن طريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها لدى كل منهما واحدة ومطابقة لبراءة الاختراع موضوع النزاع وأن هذه الطريقة ابتدأ استعمالها قبل 23 من فبراير سنة 1952 تاريخ طلب البراءة وفي جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959 ناقشت محكمة الوايلي الخبير فأكد ما جاء في تقريره وفي 21 من يناير سنة 1960 قضت محكمة جنح الوايلي حضورياً ببراءة المدعي ورفض الدعوى المدنية قبله وأقامت قضاءها على ما ثبت لديها من وقائع الدعوى أن المدعي قد أنشأ مصنعاً لاستخراج الزيوت المعدنية في سنة 1949 حسبما هو واضح من سجله التجاري وأنه باشر العمل فيه وحقق أرباحاً دفع عنها الضرائب المستحقة كما كانت مصلحة الإنتاج تطالبه بالرسوم المستحقة على الزيوت المجددة منذ أول ديسمبر سنة 1949 فضلاً عن الشهادات المختلفة التي قدمها دالة على أنه كان يمارس عملية تكرير الزيوت المستعملة وإعادتها إلى أصلها في تاريخ سابق على صدور البراءة موضوع النزاع وخلصت من ذلك إلى أن لا يسري عليه حكم القانون في حماية براءة هذا الاختراع بالتطبيق للمادة 11 منه وقد استأنف المدعى عليه عبد الحليم محمود ذلك الحكم وتقيد استئنافه برقم 760 جنح مستأنفة مصر سنة 1960 وفي جلسة 5 من مارس سنة 1960 قضت محكمة الجنح المستأنفة بتأييد الحكم المستأنف وأخذت بأسبابه وأضافت إليها رداً على ما أثاره المدعى عليه عبد الحليم محمود من محاولة النيل من الشهادات التي قدمها المدعي منسوبة إلى بعض شركات البترول والنقل والمؤسسات الصناعية والتي تشهد بسبق تكليفها المدعي بعملية تكرير وتجديد زيوتها المعدنية من تاريخ سابق على تاريخ منح براءة الاختراع فقالت "ومما يجعل المحكمة تطمئن إلى صحة تلك المستندات وتأخذ بما جاء بها.... ذلك المستند الذي لم ينكره المستأنف (المدعى عليه عبد الحليم محمود) والذي هو عبارة عن صورة فوتوغرافية من عقد اتفاق بين مصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال والشركة المصرية الأمريكية لتكرير الزيوت بشارع الشيخ حمزة 18 بمصر والذي يستفاد منه أن فكرة تكرير الزيوت المعدنية وتجديدها كانت فكرة معروفة من تاريخ هذا التعاقد على الأقل والذي يرجع إلى 11 يناير سنة 1947 أي في تاريخ سابق على منح البراءة للمستأنف ومما يزيد هذه الحقيقة تأكيداً صورة كتاب مصلحة الجمارك المصرية المؤرخ 31/ 10/ 1948 إلى الشركة المصرية الأمريكية لتكرير الزيوت والذي بمقتضاه تنهي إلى الشركة أن رسوم الإنتاج على الزيوت المعدنية المجددة تستحق ابتداء من 8/ 8/ 1943 وهذان المستندان يقطعان بأن فكرة تجديد الزيوت المعدنية إنما هي فكرة قديمة وكانت معروفة في مصر قبل تاريخ منح البراءة للمستأنف.." وبعد أن استعرضت أسباب الحكم المطعون فيه بعض نصوص القانون رقم 132 لسنة 1949 خلصت إلى "أن الثابت مما سبق شرحه في سياق وقائع هذه الدعوى ومن ملف القضية 670 جنح س مصر لسنة 1960 المضمومة أن المدعي يملك في القاهرة مصنعاً لتكرير الزيوت بطريق إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها منذ سنة 1949 على الأقل وهو التاريخ الذي بدأ فيه بدفع ضرائب عن أرباحه من هذه الصناعة وسداده رسوم الإنتاج عن إنتاجه من الزيوت المكررة بهذه الطريقة وهي ذات الطريقة موضوع براءة الاختراع الممنوحة للمدعى عليه الأول والمطلوب إبطالها وأن ذلك الاستعمال كان بطريقة علنية في مصر منذ ذلك التاريخ أي قبل 22 فبراير سنة 1952 تاريخ تقديم المدعى عليه الأول طلبه رقم 73 لسنة 1952 لمصلحة الملكية الصناعية بوزارة التجارة ومن ثم يكون الاختراع موضوع هذه البراءة قد فقد شرط الجدة المنصوص عليه في المادة الأولى من القانون وذلك طبقاً للفقرة الأولى من المادة الثالثة منه، كما قالت المحكمة إنه لا مقنع فيما ذهب إليه المدعى عليه الأول في مذكرته الختامية من أن الحكم الصادر في دعواه الجنائية لم يتعرض لإبطال براءة الاختراع الممنوحة له وإنما استند إلى المادة 11 التي تقضي بعدم سريان الحماية التي فرضها القانون 132 لسنة 1949 في حق من استغل الاختراع بحسن نية قبل طلب البراءة، لا مقنع في ذلك إذ أن المحكمة الجنائية لا تملك التصدي لبطلان البراءة من عدمه ومن ثم فلا مناص لها لتمارس اختصاصها الجنائي من أن تستند في حكمها ببراءة المدعي من التهمة الجنائية إلى المادة 11 سالفة الذكر.
وفي 9 من مارس سنة 1961 طعنت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الاقتصاد التنفيذي بوصفه الرئيس الأعلى لمصلحة التسجيل التجاري في الحكم سالف الذكر، وقيد الطعن تحت رقم 950 لسنة 7 القضائية، وطلب الطاعن القضاء بقبول الطعن شكلاً وطلب بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف واحتياطياً إخراج الطاعن بصفته من الدعوى دون مصروفات، وقد بني الطعن على أن الواضح من ملف طلب البراءة أن أحكام القانون قد اتبعت، فقد نشر عن الطلب بالجريدة ولم تقدم بشأنه أية معارضة فاستصدرت إدارة البراءات البراءة، وأن المحكمة ألزمت الطاعن بالمصاريف في حين أن الوزارة الطاعنة لا شأن لها بالنزاع وهي قد قامت بتنفيذ أحكام القانون الأمر الذي يدعو إلى إخراجها من الدعوى بلا مصاريف.
وفي 11 من مارس سنة 1961 طعن وكيل السيد/ عبد الحليم محمود علي في الحكم، وقيد الطعن تحت رقم 954 لسنة 7 القضائية، وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده الأول وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد أورد الطاعن أسباب طعنه على نحو مفصل مردداً ما أبداه من أوجه دفاع أمام محكمة القضاء الإداري على ما سبق بيانه، وذكر أن الخبير الذي ندبته محكمة جنح الوايلي لمعاينة مصنعه ومصنع المطعون ضده الأول وفحص الطريقة المستعملة لدى كل منهما قد بنى النتيجة التي انتهى إليها في تقريره على أساس صحة المستندات والشهادات المقدمة من المطعون ضده الأول بملف القضية دون علم المصالح الحكومية المختصة كمصلحة الوقود وغيرها من المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر ومؤدى هذا إنه إذا صحت تلك المستندات والشهادات وكانت صناعة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها قد ابتدأ استعمالها في مصر قبل تقديم طلب البراءة، فإن ذلك كان دون على المصالح والهيئات المذكورة مما يقطع في أن ذلك الاستعمال لم يكن بصفة علنية وبالتالي لا يفقد الاختراع عنصر الجدة وفقاً لصريح نص المادة الثالثة فقرة أولى من قانون براءات الاختراع، وأنه فيما يتعلق بحكم محكمة جنح الوايلي فإنه غير ذي أثر مطلقاً على الدعوى الحالية لأنه لم يؤسس على أن الاختراع قد شرط الجدية كما أنه لا حجية له قانوناً لدى القاضي الإداري، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه قد تقيد به وأقام قضاءه على أساسه، هذا إلى أنه قد وردت في أسباب حكم الجنح المذكور عبارات صريحة قاطعة ليس لها إلا معنى واحد هو أن محكمة الجنح ترى أن براءة الاختراع لا زالت قائمة صحيحة منتجة لآثارها القانونية وسارية في حق الكافة مع استثناء المطعون ضده الأول الذي يبقى له فقط بصفة استثنائية وفقاً للمادة 11 من القانون حق استغلال الاختراع لحاجات منشأته دون أن يكون له نقل هذا الحق مستقلاً عن المنشأة ذاتها إلى الغير، وأن ما جاء في حكم محكمة الجنح المستأنفة من أن "فكرة تجديد الزيوت المعدنية إنما هي فكرة قديمة وكانت معروفة في مصر قبل تاريخ منح البراءة" هو قول لا يقدم ولا يؤخر في توافر شرط الجدة في الطريقة المعينة التي حصل الطاعن على براءة اختراع عنها, ذلك أن هذه البراءة ليست عن فكرة أو صناعة تجديد الزيوت المعدنية عموماً بل هي تنصب على "طريقة فنية معينة" لإعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها على أسس كيماوية بمواد خاصة ونسب محددة وأجهزة معينة وهذه الطريقة بالذات هي موضوع الحماية.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين المتقدمي الذكر (950 و954 لسنة 7 القضائية) وقد انتهت فيه إلى قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الوزارة بالمصروفات مع تحميلها إلى السيد/ عبد الحليم محمود علي الطاعن والمدعى عليه الأول في الحكم المطعون فيه.
وقدمت مصلحة التسجيل والرقابة التجارية (إدارة البراءات والنماذج الصناعية) مذكرة ختامية طلبت فيها الحكم بقبول الطعن رقم 950 لسنة 7 القضائية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الحكومة بالمصاريف مع المطعون ضده الثاني والقضاء بهذه المصروفات على من ترى المحكمة إلزامه بها من المطعون ضدهما مع إلزام المطعون ضده الأول مصاريف هذا الطعن وأتعاب المحاماة عنه.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية قد نصت على ما يأتي "تمنح براءة الاختراع وفقاً لأحكام هذا القانون عند كل ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي سواء أكان متعلقاً بمنتجات صناعية جديدة أم بطرق أو وسائل صناعية معروفة" وواضح من هذا النص أنه يشترط لمنح براءة الاختراع أن يكون الاختراع أو الابتكار جديداً لم يسبق إليه أحد, وهو ما اصطلح على تسميته بشرط الجدة, والحكمة في هذا الشرط أن ما خوله القانون لمالك البراءة من حق استئثار مقصور عليه في استغلال الاختراع إن هو إلا مقابل لما أهداه للهيئة الاجتماعية من أسرار صناعية, فإذا لم تظفر منه بالجديد منها انقضى المقتضى لتخويله الاستئثار بالاستغلال وحرمان غيره منه, على أن الشارع المصري لم يشأ أن تكون هذه الجدة المتطلبة مطلقة, على غرار ما انتهجه الشارع الفرنسي الذي أخذ بمبدأ الجدة المطلقة في الزمان وفي المكان, بل قيد نطاقها ورسم ضوابطها بما نص عليه في المادة الثالثة من القانون التي جرى نصها بما يلي "لا يعتبر الاختراع جديداً كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين:
(1) إذا كان في الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال الاختراع بصفة علنية في مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه في نشرات أذيعت في مصر وكان الوصف أو الرسم الذي نشر من الوضوح بحيث يكون في إمكان ذوي الخبرة استغلاله.
(2) إذا كان في خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عن الاختراع أو جزء منه لغير المخترع أو لغير من آلت إليه حقوقه أو كان قد سبق للغير أن طلب براءة عن الاختراع ذاته أو عن جزء منه في المدة المذكورة.
وظاهر من هذا النص أن الاختراع يفقد شرط الجدة - ولا يكون بالتالي حقيقاً بمنح براءة يحميها القانون - في حالات إحداهما سبق استعمال الاختراع بصفة علنية في مصر خلال الخمسين سنة السابقة لتاريخ تقديم طلب البراءة وهي الحالة التي اقتصر الحكم المطعون فيه على بحثها وخلص من هذا البحث إلى أن الاختراع الممنوح عنه براءة للطاعن عبد الحليم محمود علي قد فقد شرط الجدة.
ومن حيث إنه دون خوض في بحث ما إذا كانت طريقة الطاعن عبد الحليم محمود علي لتكرير الزيوت المستعملة وإعادتها إلى أصلها (وهي موضوع براءة اختراعه) تعد ابتكار أم أنها لا تعدو أن تكون من قبيل التنقيحات أو التحسينات التي لا تضيف جديداً إلى الفن الصناعي القائم والتي يعتبرها بعض رجال الفقه داخلة في نطاق الصناعة لا في نطاق الاختراع, دون خوض في هذا البحث فإنه يكفي أن.. يثبت أن الاختراع موضوع البراءة فاقد شرط الجدة المتقدم ذكره لتحرم هذه البراءة من الحماية التي قررها القانون رقم 132 لسنة 1949 وليقضي ببطلانها, وهو ما انتهى إليه بحق الحكم المطعون فيه للأسباب التي بني عليها والتي تقررها هذه المحكمة, ومن الرجوع إلى التقرير الذي وضعه كبير المهندسين الكيمائيين بمصلحة الوقود الذي ندبته محكمة جنح الوايلي خبيراً في دعوى اتهام المطعون ضده ميركو بوتشيانتي بتقليد اختراع الطاعن عبد الحليم محمود علي, على أن تكون مأموريته الانتقال إلى مصنعيهما ومعاينتهما وفحص الطريقة المستعملة لدى كل منهما لإعادة الزيوت المعدنية إلى أصلها وذلك لبيان ما إذا كانت الطريقة التي يستعملها أولهما هي نفس الطريقة الممنوح عنها براءة الاختراع الثاني من عدمه, وإذا ثبت للخبير أن الطريقة واحدة فعليه أن يبين على وجه الدقة تاريخ استعمال الأول لهذه الطريقة لبيان ما إذا كان سابقاً على منح البراءة للطاعن عبد الحليم محمود علي أم لاحق عليه مع التصريح للخبير في سبيل أداء مأموريته بالاطلاع على مستندات الطرفين وسماع أقوال شهودهما بغير حلف يمين واتخاذ كافة ما يراه موصلاً للحقيقة. من الرجوع إلى التقرير الذي وضعه هذا الخبير يبين أنه خلص إلى ما يأتي:
(1) الطريقة المستعملة لإعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها واحدة في مصنع عبد الحليم محمود علي وميركو بوتشيانتي ومطابقة للطريقة المنصوص عليها في براءة الاختراع رقم 794 بتاريخ 23/ 2/ 1952.
(2) طريقة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها ابتدأ استعمالها بمصر قبل 23 من فبراير سنة 1952 وذلك دون إخطار الجهات الحكومية المختصة والمشرفة على صناعة البترول في مصر, وهذا الذي انتهى إليه الخبير يقدم به الدليل الكافي على انتفاء شرط الجدة في الاختراع موضوع البراءة الممنوحة للطاعن عبد الحليم محمود علي لاسيما وأن هذا الخبير لا يطعن على الخبير أو يجرحه بشيء ما, ولا يغير من الأمر شيئاً قول الطاعن عبد الحليم محمود علي أن الأمر موضوع الحماية في اختراعه هو الطريقة الفنية المعينة التي ابتدعها والتي تقوم على استعمال مواد كيمائية بذاتها بنسب معينة وفي درجات حرارة محددة... وبأجهزة خاصة, ذلك أن الخبير قد استعرض في تقريره المراحل التي تمر بها طريقة تكرير الزيت المستعمل في كل من مصنعي ميركو بوتشيانتي وعبد الحليم محمود علي على نحو يكشف في جلاء عن دقة ما انتهى إليه من أن الطريقة واحدة في المصنعين, وقد أورد وصفاً لهذه المراحل - وعددها خمسة - في كل من المصنعين, وذكر أنها تبدأ بتخزين الزيوت المستعملة في مستودعات, يليها سحب الزيت من هذه المستودعات إلى الفرن لتسخينه بقصد فصل المياه العالقة والمواد الخفيفة التي تتطاير بالتبخير وبعد ذلك ينقل الزيت إلى المستودعات للتبريد ثم يضاف إليه حامض الكبريتيك لترسيب المواد الإسفلتية منه, ويعالج الزيت بعد ذلك بالجير لإزالة آثار حامض الكبريتيك التي لا تزال عالقة بالزيت ثم تضاف إليه البودرة لتحسين لونه، وأخيراً تفصل البودرة عن الزيت في المرشحات "فلتر" ثم استطرد قائلاً "من هذه المقارنة يتبين جلياً أن الطريقة المستعملة في المصنعين واحدة ولكنها على شكل مصغر في حالة مصنع المتهم أي ميركو بوتشيانتي" - وفضلاً عن ذلك فإنه يبين من المستند رقم 9 من حافظة مستندات المطعون ضده ميركو بوتشيانتي المقدمة لمحكمة القضاء الإداري تحت رقم 14 دوسيه أن سلاح الطيران البريطاني كان في 23 من أغسطس سنة 1950, أي قبل تقديم طلب براءة الاختراع بأكثر من سنة, قد عاين مصنع المطعون ضده ميركو بوتشيانتي لبحث مدى صلاحيته لتكرير الزيت المستعمل لهذا السلاح ووضع تقريراً لعرضه على سلطاته المختصة وتضمن هذا التقرير وصفاً تفصيلياً لطريقة تكرير الزيت المستعمل في المصنع المذكور وللمراحل التي تمر بها بما لا يخرج عما أوضحه في هذا الشأن كبير المهندسين الكيميائيين بمصلحة الوقود في تقرير على نحو سالف إيراده.
ومن حيث إنه يبقى بعد ذلك أن الطاعن إذ يذهب إلى القول بأنه إذا كانت صناعة إعادة الزيوت المعدنية المستعملة إلى أصلها قد ابتدأ استعمالها في مصر قبل تقديم طلب براءة اختراعه فإن ذلك كان - كما قال الخبير في تقريره - دون علم المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر مما يقطع بأن ذلك الاستعمال لم يكن لصفة علنية وبالتالي لا يفقد الاختراع شرط الجدة وفقاً لصريح نص المادة الثالثة فقرة أولى من القانون, وقوله هذا مردود بأن المقصود من "الصفة العلنية" في الاستعمال السابق للاختراع هو عدم بقائه سراً مكتوماً محجوباً عن الأنظار بحيث لا يكون ثمة حائل دون تسربه للجمهور وكشفه عنه, وترى المحكمة في ضوء وقائع الدعوى وما قدمه المطعون ضده من مستندات أن القول بأن استعماله في مصنعه لطريقة إعادة الزيوت المستعملة إلى أصلها لم يكن بصفة علنية هو قول في غير محله, إذ لم يكن الأمر سراً مكتوماً أو محجوباً عن الأنظار إنما كان أمر صناعة مفتوح باب التعامل فيها في وجه الجميع ويعمل من أجل رواجها وجلب المزيد من العملاء لها وهؤلاء قد يرون المعاينة والدرس قبل التعاقد فلا يصدون عن ذلك كما حدث مع سلاح الطيران البريطاني على ما تقدمت الإشارة إليه, ولا يقدح في هذا أن المصالح والهيئات المشرفة على صناعة البترول في مصر لم تكن تعلم بنشاط المطعون ضده الصناعي, إذ أن عدم العلم هذا لا يعني أكثر من أن هذه المصالح والهيئات بعيدة عن هذا النوع من النشاط الصناعي والتجاري أو لا تعيره شيئاً من اهتمامها دون أن يمس هذا علانيته المستخلصة من المستندات وفق ما تقدم.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من إبطال براءة الاختراع الممنوحة للسيد/ عبد الحليم محمود علي في غير محله قانوناً.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما طلبته الحكومة من عدم إلزامها بالمصاريف فإن المحكمة ترى في ضوء موقف الحكومة من الخصومة سواء أمام محكمة القضاء الإداري أو صحيفة طعنها أمام هذه المحكمة رفض طلبها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون الطعنان متعيني الرفض مع إلزام كل طاعن بمصاريفه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وألزمت كل طاعن بمصاريف طعنه.

الطعن 1250 لسنة 8 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 54 ص 528

جلسة 24 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت محمد حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-----------------

(54)

القضية رقم 1250 لسنة 8 القضائية

موظف 

- المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - فترة اختبار - وضع الموظف القانوني أثناءها وضع وظيفي معلق - الصلاحية تتخصص بالزمان ونوع العمل المسند إليه - هي ليست صفة لازمة بل قد تزايل صاحبها - هي شرط لازم للبقاء في الوظيفة - امتناع الترقية إلى الدرجة التالية قبل قضاء فترة الاختبار بنجاح - المادة 24 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - لا تغير القواعد المقررة لضم مدد الخدمة السابقة من ذلك - لهذه القواعد مجالها الخاص في التطبيق ولا يتعدى أثرها نطاق التسوية التي تتم على مقتضاها.
إن مثار النزاع هو ما إذا كان يسوغ ترقية الموظف أثناء فترة الاختبار وإذ كان للموظف فترة مضاها في خدمة الحكومة بمكافأة تساوي أو تجاوز مدة الاختبار المقررة فهل من شأنها أن تؤثر في لزوم قضاء هذه الفترة.

----------------
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نصت على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادر الفني العالي والإداري، ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجتين السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة أو التاسعة وذلك مع عدم الإخلال بما جاء بالفقرة الأخيرة من المادة 40 - ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإذا لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته" - كما نصت المادة 24 من القانون المذكور على أنه إذا كان للمعينين في الخدمة مدد عمل في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة المشار إليها حسبت لهم هذه المدد كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة وفقاً للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وذلك بمراعاة أحكام الفقرة الأخيرة من المادة السابقة "وقد صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 منظماً لشروط ضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، أنها وضعت لكي تسري على الموظفين المعينين على وظائف دائمة سواء أكانوا مثبتين أم غير مثبتين وهم الذين تسري عليهم أحكام الباب الأول من القانون 210 لسنة 1951، ومقتضى نص المادة 19 المذكورة بأن تعيين الموظف لأول مرة في أدنى وظائف الكادر العالي والإداري أو أدنى وظائف الكادر الفني المتوسط والكتابي ينبغي أن يلازمه بالضرورة وضعه تحت الاختبار وإذا كان مقتضى الحكمة التي تقوم عليها هذا الاختبار أن الشارع أراد أن يظل عمل الموظف خلالها تحت نظر الإدارة وفحصها ومحوراً لمراقبتها واختبارها فترة من الزمن حتى يتسنى لها بعد ذلك الحكم على مدى صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته هي على بصيرة من حقيقة كفايته. فإن هذه المدة يجب أن يقضيها الموظف بصفة فعلية في ذات الوظيفة الداخلة في الهيئة التي يعين أو يعاد تعيينه فيها فلا يغني عنها أية مدة خدمة سابقة كان قد قضاها على غير درجة أو بمكافأة شهرية.
ومن حيث إنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن اللياقة للنهوض بأعباء الوظيفة العامة هي شرط الصلاحية للبقاء فيها، وهو شرط مقرر للمصلحة العامة، يجري إعماله طوال فترة الاختبار، وأن مصير الموظف يكون رهيناً بتحقيق هذا الشرط، فإذا اتضح عدم لياقته قبل انقضاء هذه المدة ساغ فصله، ويقع الفصل في هذه الحالة نتيجة تخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير التعيين، ولما كانت صلاحية الموظف تتخصص بالزمان ونوع العمل المسند إليه، فإن المرجع في تقرير هذه الصلاحية هو إلى الوقت الذي يتم فيها وزنها والحكم عليها، دون اعتداد بما قد يكون من أمرها في الماضي، لأن الصلاحية ليست صفة لازمة بل قد تزايل صاحبها وقد تختلف باختلاف نوع العمل المنظور إلى الصلاحية فيه، وواضح مما تقدم أن موقف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفي معلق أثناء تلك الفترة، إذ لا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد قضاء فترة التعليق، وانحسام الموقف بإقرار من الجهة الإدارية من حيث صلاحية البقاء فيها أو عدمها، ومتى كان الأمر معلقاً على هذا الوضع، وكان قضاء فترة الاختبار على ما يرام شرطاً لازماً للبقاء في الوظيفة، فإن الترقية إلى الدرجة التالية قبل قضاء هذه الفترة واستقرار وضع الموظف بصفة نهائية باجتيازه إياها بنجاح تكون ممتنعة؛ إذ يترتب عليها إخراج الموظف من أدنى الدرجات وإعفاؤه من فترة الاختبار التي لا تكون في هذه الدرجة الدنيا، والإقرار له بالكفاية وبالصلاحية قبل الأوان ولما تكتمل له أسبابها بعد، وأخصها عنصر الخدمة الفعلية وعامل الزمن، وغل يد الإدارة عن ممارسة حقها المقرر لها بمقتضى المادة 19 من قانون نظام موظفي الدولة في تثبيته أو في فصله من وظيفته لعدم الصلاحية إذا ما ثبت لها أنه لم يمض فترة الاختبار على وجه مرض يسمح ببقائه في الخدمة ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 24 من القانون المذكور من حساب مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ذلك أن إعمال أثر هذا الضم في الترقية إلى الدرجة التالية بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار لا يكون إلا بعد ثبوت صلاحيته أولاً للبقاء في الوظيفة بعد قضائه فترة الاختبار على ما يرام، وليس من شأن التسوية التي تتم في هذه الحالة أن يتعدى أثرها هذا النطاق إلى تعطيل الحكمة التي قامت عليها المادة 19 من القانون، أو تغيير الشروط أو القواعد المقررة للترقية أو إنشاء قرينة قاطعة في صالح الموظف على اكتسابه في العمل السابق خبرة ومراناً في عمله الجديد ولو على خلاف الواقع، وجملة القول أن نظام الاختبار له مجاله الواجب إعماله فيه، ولضم مدد الخدمة السابقة مجاله الواجب إعماله فيه كذلك، كما أن التسويات التي تتم بناء على هذا الضم دون نظر إلى التقارير السنوية إن هي إلا تسويات فرضية، ولا تعارض بين المجالين، وغاية الأمر أن إعمال المجال الثاني بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار فيما يتعلق بالترقية إلى الدرجة التالية لا ينتج أثره إلا بعد انحسام الوضع في المجال الأول وثبوت صلاحيته للبقاء في الوظيفة، وعلى مقتضى ما تقدم فليس للموظف الذي ما زال في فترة الاختبار بأن يتحدى بأقدميته في الدرجة بضم مدد خدمة سابقة له لتوصل بذلك إلى وجوب ترقيته على أساس أقدميته بعد هذا الضم وذلك أنه خلال هذه الفترة يعتبر غير صالح للترشيح للترقية سواء بالأقدمية أو الاختبار قبل قضائه تلك الفترة على ما يرام وثبوت صلاحيته فيها، إذ أن بقاءه في الوظيفة موقوف على ثبوت هذه الصلاحية كما سلف القول، كما أن المفروض في المرشحين للترقية في الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري وهي التي تخصم ابتداء لنظام الاختبار إلى الدرجة التالية أن يكونوا جميعاً في مركز متساو من ناحية استقرار بقائهم فيها، وهذا لا يتأتى إلا بعد انحسام الموقف المعلق وثبوت صلاحيتهم جميعاً بعد قضاء فترة الاختبار حسبما سلف الإيضاح.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11 من يونيو سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الاقتصاد أوراق الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 835 لسنة 15 القضائية والقاضي برد أقدمية المدعي إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية إلى 30 من نوفمبر سنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات, وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بعريضة الطعن قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10 من مايو سنة 1964 وفي هذه الجلسة قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث نظر بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1964 وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل في أن المطعون ضده أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 1128 لسنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية، وباستحقاقه الترقية إلى الدرجة المذكورة اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية التجارة سنة 1957 وفي 16 من سبتمبر سنة 1957 صدر قرار من وزير التجارة بتعيينه بمكافأة شهرية قدرها 18 جنيه بالخصم على بند المكافآت والمصروفات الخاصة بمشروع التنمية الاقتصادية بميزانية الديوان العام اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل في 6 من أغسطس سنة 1957، ثم ألحق بوزارة الاقتصاد على بند المكافآت أيضاً، ثم تقدم لامتحان المسابقة رقم 65 الذي عقده ديوان الموظفين عام 1959 لخريجي التجارة، ونجح في هذا الامتحان فرشحه الديوان للتعيين في الدرجة السادسة العالية في هيئة صندوق توفير البريد، ثم أعيد ترشيحه لوزارة الاقتصاد، وبتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 صدر قرار وزارة الاقتصاد رقم 672 لسنة 1960 بتعيينه موظفاً بالدرجة السادسة الفنية العالية في وظيفة باحث فني ووضعه تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، وذلك اعتباراً من تاريخ صدور قرار التعيين، وقال المدعي إنه تقدم بطلب لضم مدة خدمته السابقة بالمكافأة إلى أقدميته في الدرجة السادسة، وبتاريخ 25 من يناير سنة 1961 صدر القرار الوزاري رقم 107 لسنة 1961 بضم مدة خدمته في أقدمية التعيين وتدرج الماهية وصرف الفروق المستحقة، وذلك عن المدة من 6 من أغسطس سنة 1957 إلى 9 من أغسطس سنة 1960 وذلك بعد الرجوع إلى الإدارة العامة للشئون الاقتصادية التي أفادت بأن المدعي اكتسب خبرة وأظهر كفاية أثناء مدة خدمته السابقة، ثم قال المدعي إنه بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1960 تقدم بمذكرة إلى مراقبة المستخدمين بالوزارة طلب فيها وضعه في الترتيب في كشف أقدمية الدرجة السادسة بما يتفق ومدة خدمته السابقة ومراعاة ذلك عند النظر في الترقية إلى الدرجة الخامسة حيث إن فترة الاختبار المحددة في المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة لا ينطبق على حالته وبالتالي لا يقوم أي مانع قانوني من ترقيته إلى الدرجة الخامسة، إلا أنه ترامى إلى علمه فيما بعد أن قراراً وزارياً برقم 1128 لسنة 1960 صدر بترقية بعض موظفي الديوان العام بالوزارة اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960، وأن الوزارة تخطته في هذه الترقية استناداً إلى عدم تقضيته فترة الاختبار، مما يحق للطالب معه الطعن في هذا القرار استناداً إلى ما صرحت به المحكمة العليا في حكمها الصادر في 27 من يونيه سنة 1959 في القضية رقم 82 لسنة 4 القضائية "التي قالت بصريح العبارة أنه إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة الزمنية المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه، فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة 19 من نظام موظفي الدولة يستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مدد أخرى، واستطرد المدعي قائلاً إن هذه الخبرة التي يفترض الشارع أن المرشح قد اكتسبها خلال فترة عمله السابق في الحكومة أو في خارجها تتنافى مع وضعه عند إعادة تعيينه في خدمة الحكومة تحت الاختبار، وانتهى المدعي في أقواله إلى أنه تظلم إلى السيد مفوض الدولة بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1961 طلب فيه إلغاء القرار المطعون فيه وانتهى المفوض إلى إجابته لطلباته، ولكن جهة الإدارة لم تذعن لهذا الرأي، الأثر الذي دفعه إلى رفع الدعوى الحالية وقررت الوزارة بأنها تخطت المدعي في حركة الترقيات التي تمت اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 مستندة في ذلك إلى أنه لم يمض على تعيينه المدة القانونية التي تجيز إنهاء فترة الاختبار الأمر الذي لا يجوز معه النظر في ترقيته إلى الدرجة الخامسة، فقضت محكمة القضاء الإداري برد أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الفنية العالية إلى 30 نوفمبر سنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار - وأقامت قضاءها بعد استعراضها للمادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951، أن تعيين الموظف لا يكون في مدة الاختبار المنصوص عليها في المادة 19 من القانون 210 لسنة 1951 نهائياً وباتاً، بل إن بقاءه في الوظيفة بعد تعيينه فيها يكون منوطاً بقضائه فترة الاختبار على ما يرام، ولا يكون هذا كله إلا في حالة تعيين الموظف لأول مرة، أما إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة تستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى وأيدت المحكمة المذكورة رأيها بنص المادة (24) من القانون المذكور التي تقضي بأنه إذا كان للمعينين في خدمة الحكومة مدد عمل في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات وحسبت لهم هذه المدة كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة إلخ... وأردف الحكم أنه في ضوء ما سبق فإنه إذا كان للمدعي مدة خدمة سابقة هي التي قضاها على بند المكافآت في ذات الوظيفة التي عين فيها بالدرجة السادسة وبذلك أرجعت أقدميته في هذه الدرجة إلى 9 من أغسطس سنة 1957 بمقتضى القرار رقم 107 لسنة 1960، فإن وضع المدعي يصبح مستقراً في الدرجة السادسة اعتباراً من التاريخ المذكور وينقضي بالنسبة له الوضع المعلق - وإذ تضمن القرار المطعون ترقية كل من ترجع أقدميته في الدرجة السادسة الفنية العالية إلى 27 من نوفمبر سنة 1957 وكانت أقدمية المدعي في الدرجة السادسة راجعة إلى 9 من أغسطس سنة 1957 فإن القرار المطعون فيه إذ تخطى المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 13 من نوفمبر سنة 1960 يكون قد تنكب وجه الصواب ويتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية المذكورة - فطعنت الجهة الإدارية على هذا الحكم مؤسسة طعنها على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون حين قضى بأن المطعون ضده سبق أن أمضى فترة الاختبار قبل تعيينه بالدرجة السادسة بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 ذلك أنه لم يقض أية فترة اختبار سابقة، كما لا يمكن القول بأن تعيين المطعون ضده في الدرجة السادسة بعد أن قضى فترة بالمكافأة، فيه إقرار بصلاحيته للعمل الذي يعين فيه بالدرجة السادسة الفنية العالية يعفيه من تمضية هذه الفترة على ما يرام، كما قالت الطاعنة إن الحكم أخطأ كذلك فيما قرره من أن ضم مدد الخدمة السابقة يفترض فيها اكتساب الموظف خبرة في العمل الجديد تقطع بصلاحيته لهذا العمل مما يعفيه من قضاء فترة الاختبار لأنه ليس للموظف الذي ما زال في هذه الفترة أن يتحدى بأقدميته في الدرجة وضم مدة خدمة سابقة له، ذلك أنه خلال هذه الفترة المذكورة لا يعتبر صالحاً للترقية سواء بالأقدمية أو بالاختبار قبل قضائه هذه الفترة - فقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها خلصت فيه، إلى تأييد الحكم المطعون فيه للأسباب الواردة به، وأضافت إليها أن المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 27 من يونيه سنة 1959 في القضية رقم 82 لسنة 4 القضائية. حسمت هذا الموقف مقررة أنه إذا كان للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة الزمنية المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه، فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة يستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى، وانتهت إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فقدم المدعي مذكرة ردد فيها أقواله ودفاعه السابق وأضاف إليها أن تعيينه بالمكافأة إنما تم استناداً إلى حكم المادة (26) من القانون (210) لسنة 1951 ونصها "يسري على الموظفين المؤقتين الشاغلين وظائف دائمة جميع الأحكام الواردة في هذا القانون، أما الموظفون المؤقتون المعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال وقتية فأحكام توظيفهم وتأديبهم وفصلهم يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين" وأضاف المدعي أنه تنفيذاً لهذه المادة أعدت صيغة العقد الواجب إبرامه مع الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة ووافق عليه مجلس الوزراء في 31 من ديسمبر سنة 1952. وأنه قد تضمن هذا العقد "القواعد الخاصة بنظام التعاقد وطريقة إنهائه ونظام التعيين سواء كان بالمكافأة أو الدرجة وشروط اللياقة الصحية للاستمرار في الخدمة والإجازات الجائز الترخيص بها والعقوبات التأديبية الجائز توقيعها على الموظف وجهة الاختصاص، ثم نصت المادة السادسة على أن يكون الموظف من جميع الوجوه خاضعاً للقوانين واللوائح الخاصة بالموظفين الجاري العمل بها أو التي سيعمل بها في الحكومة المصرية - ثم أردف المدعي يقول إن ذلك يعني أن الموظف الذي يعين في وظيفة مؤقتة كما هو الحال بالنسبة إلى مدة تعيينه بمكافأة تسري في شأنه القواعد الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951 - كما أنه لا محل للقول بأنه لم يطعن على قرار تعيينه في الدرجة السادسة تحت الاختبار وذلك في المواعيد المقررة، لا مجال لهذا القول، ذلك أن قرار وضع الموظف تحت الاختبار بطبيعته لا يطعن فيه استقلالاً وإنما تبعاً للطعن في قرار التخطي في الترقية الذي يركن فيه إلى أن تخطي الموظف كان سببه هو أنه ما زال في فترة الاختبار، ثم قال المدعي إنه غني عن البيان أن مواعيد الطعن في قرار التخطي وقرار وضع الموظف تحت الاختبار لا تبدأ إلا اعتباراً من تاريخ صدور قرار ضم مدة الخدمة السابقة، وأضاف المدعي أنه علاوة على ذلك فإنه لم يعلن بقرار تعيينه بالدرجة السادسة الصادر في 10 من أغسطس سنة 1960 محتوياً على وضعه تحت الاختبار، وإنما علم فيما بعد بمحتويات القرار المشار إليه، وأنه تقدم عقب ذلك مباشرة بالطلب المؤرخ 28 من نوفمبر سنة 1961 إلى مراقبة المستخدمين بالوزارة لوضعه في الترتيب بكشوف أقدمية الدرجة السادسة بما يتفق مع مدة خدمته كاملة ريثما يصدر قرار بضم هذه المدة، مع مراعاة هذه الأقدمية عند النظر في الترقية إلى الدرجة الخامسة نظراً إلى أن فترة الاختبار المحددة في المادة (19) سالفة الذكر لا تنطبق على حالته وبالتالي فلا يوجد ما يمنع من ترقيته إلى الدرجة الخامسة وأضاف أنه تظلم من قرار تخطيه في الترقية بمجرد علمه به في 20 من فبراير سنة 1960 وقبل صدور ستين يوماً على صدور قرار ضم مدة خدمته السابقة وهو القرار المنشئ لحقه في الطعن.
ومن حيث إنه بمطالعة ملف خدمة المدعي (المطعون ضده) يبين أنه قد صدر قرار وزاري برقم 324 لسنة 1957 في 16 من سبتمبر سنة 1957 نص في ديباجته على قانون نظام موظفي الدولة، وموافقة الوزير ونص في هذا القرار على أن يعين علي عبد العزيز علي السيد الحاصل على بكالوريوس التجارة عام 1957 بمكافأة شهرية قدرها 18 جنيه شاملة إعانة الغلاء وبعقد لمدة تنتهي في 30 من يونيه سنة 1958 بالخصم على بند المكافآت والمصروفات اللازمة للجان ودراسة وبحث تقارير لجنة التنظيم الخاص بمشروع التنمية الاقتصادية بميزانية الديوان اعتباراً من تاريخ استلامه العمل وقد حرر معه العقد بتعيين موظف مؤقت ولمدة سنة يتجدد العقد لمدة أخرى مساوية لتلك المدة ما لم يعلن أحد الطرفين الآخر قبل نهاية المدة بشهر برغبته في إنهاء هذا العقد - ثم صدر بعد ذلك قرار وزاري برقم 672 لسنة 1960 بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1960 بتعيين المدعي في وظيفة من الدرجة السادسة العالية الدائمة (بديوان) الوزارة المذكورة ومنحه ماهية شهرية قدرها 15 جنيه ووضعه تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر وذلك اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار وأشير في ديباجة هذا القرار إلى كتاب ديوان الموظفين رقم 111/ 1/ 4 المؤرخ 17 من يوليه سنة 1960 والخاص بتعديل ترشيح المدعي الناجح في مسابقة الإعلان رقم 65 لسنة 1959 لحملة بكالوريوس التجارة إلى وزارة الاقتصاد وعلى قرار القومسيون الطبي العام رقم 71 بجلسة 2 من أغسطس سنة 1960 ثم صدر قرار وزاري برقم 107 لسنة 1961 بتاريخ 25 من يناير سنة 1961 بضم مدة خدمة المدعي وغيره من موظفي الديوان العام في أقدمية درجة التعيين فسويت حالته بضم المدة من 6/ 8/ 1957 إلى 9/ 8/ 1960 التي قضاها بمكافأة شاملة بالإدارة العامة للشئون الاقتصادية كاملة، واعتبر مرتبه 15 جنيه من 6/ 8/ 1957، 17 جنيه من 1/ 5/ 1960 وبصرف الفروق المستحقة اعتباراً من 10/ 8/ 1960. ثم صدر قرار وزاري رقم 900 لسنة 1961 بترقيته إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31 من يوليه سنة 1961.
ومن حيث إن مثار النزاع هو ما إذا كان يسوغ ترقية الموظف أثناء فترة الاختبار وإذا كان للموظف فترة أمضاها في خدمة الحكومة بمكافأة تساوي أو تجاوز مدة الاختبار المقررة فهل من شأنها أن تؤثر في لزوم قضاء هذه الفترة.
ومن حيث إن المادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة نصت على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفني العالي والإداري، ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجتين السابعة أو الثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة أو التاسعة وذلك مع عدم الإخلال بما جاء (بالفقرة) الأخيرة من المادة 40 - ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإذا لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته" - "كما نصت المادة (24) من القانون المذكور "إذا كان للمعينين في الخدمة مدد عمل في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة المشار إليها حسبت لهم هذه المدد كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة وفقاً للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وذلك بمراعاة أحكام الفقرة الأخيرة من المادة السابقة" وقد صدر القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 منظماً لشروط ضم مدد الخدمة السابقة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951. في شأن نظام موظفي الدولة، أنها وضعت لكي تسوي على الموظفين المعينين على وظائف دائمة سواء أكانوا مثبتين أم غير مثبتين وهم الذين تسري عليهم أحكام الباب الأول من القانون رقم 210 لسنة 1951 ومقتضى نص المادة (19) المذكورة بأن تعيين الموظف لأول مرة في أدنى وظائف الكادر الفني العالي والإداري أو أدنى وظائف الكادر الفني المتوسط والكتابي ينبغي أن يلازمه بالضرورة ووضعه تحت الاختبار، وإذا كان مقتضى الحكمة التي يقوم عليها هذا الاختبار أن الشارع أراد أن يظل عمل الموظف خلالها تحت نظر الإدارة وفحصها ومحوراً لمراقبتها واختبارها فترة من الزمن حتى يتسنى لها بعد ذلك الحكم على مدى صلاحيته للنهوض بأعباء وظيفته وهي على بصيرة من حقيقة كفايته. فإن هذه المدة يجب أن يقضيها الموظف بصفة فعلية في ذات الوظيفة الداخلة في الهيئة التي يعين أو يعاد تعيينه فيها فلا يغني عنها أية مدة خدمة سابقة كان قد قضاها على غير درجة أو بمكافأة شهرية.
ومن حيث إنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن اللياقة للنهوض بأعباء الوظيفة العامة هي شرط الصلاحية للبقاء فيها، وهو شرط مقرر للمصلحة العامة، يجري إعماله طوال فترة الاختبار، وأن مصير الموظف يكون رهيناً بتحقيق هذا الشرط، فإذا اتضح عدم لياقته قبل انقضاء هذه المدة ساغ فصله ويقع الفصل في هذه الحالة نتيجة تخلف شرط من الشروط المعلق عليها مصير التعيين، ولما كانت صلاحية الموظف تتخصص بالزمان ونوع العمل المسند إليه، فإن المرجع في تقرير هذه الصلاحية هو إلى الوقت الذي يتم فيها وزنها والحكم عليها، دون اعتداد بما قد يكون من أمرها في الماضي، لأن الصلاحية ليست صفة لازمة بل قد تزايل صاحبها، وقد تختلف باختلاف نوع العمل المنظور إلى الصلاحية فيه، وواضح بما تقدم أن موقف الموظف المعين تحت الاختبار هو موقف وظيفي معلق أثناء تلك الفترة، إذ لا يستقر وضعه القانوني في الوظيفة إلا بعد قضاء فترة التعليق وانحسام الموقف بإقرار من الجهة الإدارية من حيث صلاحية البقاء فيها أو عدمها، ومتى كان الأمر معلقاً على هذا الوضع، وكان قضاء فترة الاختبار على ما يرام شرطاً لازماً للبقاء في الوظيفة فإن الترقية إلى الدرجة التالية قبل قضاء هذه الفترة واستقرار وضع الموظف بصفة نهائية باجتيازه إياها بنجاح تكون ممتنعة، إذ يترتب عليها إخراج الموظف من أدنى الدرجات وإعفاؤه من فترة الاختبار التي لا تكون إلا في هذه الدرجة الدنيا، والإقرار له بالكفاية وبالصلاحية قبل الأوان ولما تكتمل له أسبابها بعد وأخصها عنصر الخدمة الفعلية وعامل الزمن، وغل يد الإدارة عن ممارسة حقها المقرر بمقتضى المادة (19) من قانون نظام موظفي الدولة في تثبيته أو في فصله من وظيفته لعدم الصلاحية إذا ما ثبت لها أنه لم يمض فترة الاختبار على وجه مرضي يسمح ببقائه في الخدمة، ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 24 من القانون المذكور من حساب مدد العمل السابقة في الحكومة أو في الهيئات أو المؤسسات أو الأعمال الحرة كلها أو بعضها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ذلك أن إعمال أثر هذا الضم في الترقية إلى الدرجة التالية بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار لا يكون إلا بعد ثبوت صلاحيته أولاً للبقاء في الوظيفة بعد قضائه فترة الاختبار على ما يرام، وليس من شأن التسوية التي تتم في هذه الحالة أن يتعدى أثرها هذا النطاق إلى تعطيل الحكمة التي قامت عليها المادة 19 من القانون، أو تغيير الشروط أو القواعد المقررة للترقية أو إنشاء قرينة قاطعة في صالح الموظف على اكتسابه في العمل السابق خبرة ومراناً في عمله الجديد ولو على خلاف الواقع، وجملة القول أن نظام الاختبار له مجاله الواجب إعماله فيه، ولضم مدد الخدمة السابقة مجاله الواجب إعماله فيه كذلك، كما أن التسويات التي تتم بناء على هذا الضم دون نظر إلى التقارير السنوية إن هي إلا تسويات فرضية ولا تعارض بين المجالين، وغاية الأمر أن إعمال المجال الثاني بالنسبة إلى الموظف المعين تحت الاختبار فيما يتعلق بالترقية إلى الدرجة التالية لا ينتج أثره إلا بعد انحسام الوضع في المجال الأول وثبوت صلاحيته للبقاء في الوظيفة، وعلى مقتضى ما تقدم فليس للموظف الذي ما زال في فترة الاختبار بأن يتحدى بأقدميته في الدرجة بضم مدد خدمة سابقة له ليتوصل بذلك إلى وجوب ترقيته على أساس أقدميته بعد هذا الضم وذلك أنه خلال هذه الفترة يعتبر غير صالح للترشيح للترقية سواء بالأقدمية أو الاختبار قبل قضائه تلك الفترة على ما يرام وثبوت صلاحيته فيها، إذ أن بقاؤه في الوظيفة موقوف على ثبوت هذه الصلاحية كما سلف القول، كما أن المفروض في المرشحين للترقية في الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري وهي التي تخضع ابتداء لنظام الاختبار إلى الدرجة التالية أن يكونوا جميعاً في مركز متساو من ناحية استقرار بقائهم فيها، وهذا لا يتأتى إلا بعد انحسام الموقف المعلق وثبوت صلاحيتهم جميعاً بعد قضاء فترة الاختبار حسبما سلف الإيضاح.
ومن حيث إنه بتطبيق المبادئ سالفة الذكر على واقع المنازعة حسبما يستظهر من ملف خدمة المدعي يبين أن المدعي (المطعون ضده) وقد عين بالقرار رقم 324 في 16 من سبتمبر سنة 1957 بمكافأة شاملة قدرها 18 جنيه ثم عين لأول مرة في الدرجة السادسة الفنية العالية الدائمة بالقرار الوزاري رقم 672 لسنة 1960 في 10 من أغسطس سنة 1960 وكان يتعين وفقاً للمادة (19) من القانون رقم 210 لسنة 1950 أن يكون هذا التعيين الثاني تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل أو سنتين على الأكثر، وهذا ما اتخذته جهة الإدارة في شأنه يشهد بذلك ما أفصحت عنه الإدارة في قرار التعيين من كونه قد تم بناء على نجاح المدعي في مسابقة ديوان الموظفين وترشيح هذا الديوان إياه استناداً إلى قرار القومسيون الطبي العام بصلاحيته للتعيين في الدرجة السادسة الدائمة ويترتب على ذلك لزوماً أنه إذا كانت جهة الإدارة أجرت ترقيات إلى الدرجة الخامسة بالقرار رقم 1128 لسنة 1960 اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 خلال فترة اختبار المدعي فلا وجه لطلب المدعي إلغاء تخطيه بهذا القرار لأن مركزه آنذاك كان ما يزال معلقاً لا يسمح بترقيته كما سلف الإيضاح ولا يغير من ذلك أن تكون جهة الإدارة قد استجابت بالقرار الوزاري رقم 107 لسنة 1961 لطلب ضم مدة خدمة المدعي السابقة التي قضاها بمكافأة شهرية ثم رقته على هذا الأساس إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1961 مكتفية بفترة اختبار عدتها سنة لأنها إنما رقت المدعي على كل حال بعد أن انقضت مدة الاختبار الواجبة قانوناً، وبعد أن ثبتت لها صلاحيته للبقاء في الوظيفة ومن ثم يكون طلب المدعي إلغاء القرار الوزاري رقم 1128 لسنة 1960 الصادر من وزير الاقتصاد فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية واستحقاقه لهذه الترقية اعتباراً من 30 من نوفمبر سنة 1960 تاريخ صدور حركة الترقيات المطعون فيها على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم الحكم بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 15 لسنة 8 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 53 ص 521

جلسة 24 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح بيومي نصار وحسنين رفعت محمد حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(53)

القضية رقم 15 لسنة 8 القضائية

موظف - ترقية 

- وظيفة متميزة - يمتنع على غير من توافر فيه التأهيل الخاص استحقاق الترقية إليها - مثال - مصلحة الأرصاد الجوية - إذا خلت درجة في القسم الخاص بأعمال الرصد فإنه لا يجوز الترقية إليها إلا من بين الموظفين التابعين للقسم المذكور لأنهم وحدهم هم الذين تتوافر فيهم الصلاحية المطلوبة - وظيفة كبير المراجعين بمصلحة الأرصاد الجوية لا يتولاها إلا من تقلب في وظائف الرصد الجوي.

----------------- 
إن مصلحة الأرصاد الجوية قد راعت منذ العمل بالميزانية عن السنة المالية 1955/ 1956 ترتيب الوظائف في الميزانية يجرى على أساس طبيعة الأعمال بالوظائف الموجودة بالمصلحة المذكورة وطبقاً لما تقدم جعلت وظائف الكادر الفني المتوسط قسمين:
القسم الأول - فئة ( أ ) ويشمل الوظائف المخصصة للقائمين بأعمال الرصد الجوى المختلفة والقسم الثاني فئة (ب) ويتناول الوظائف الفنية الأخرى كوظائف الميكانيكيين والرسامين وغيرها وذلك لاختلاف طبيعة الوظائف في هذين القسمين على النحو السابق إيضاحه, وهذا التوزيع واضح في تخصيص وظائف عمليات الرصد تخصيصاً متميزاً بطبيعته, ويؤكده ما جرى عليه العمل في هذه المصلحة من اشتراط تأهيل خاص ومراناً معيناً فيمن يتولى وظائف الرصد الجوي, وهي صلاحية غير متحققة فيمن يشغل وظائف القسم الثاني والوظيفة - مثار المنازعة - مخصصة لكبير المراجعين فلا يتولاها إلا من تقلب في وظائف الرصد الجوي وتهيأت له الخبرة العملية المطلوبة لتقلدها, وما دامت هذه الوظيفة بحسب تخصيص الميزانية لها - مميزة تمييزاً خاصاً بجعل اقتضاء تأهيل معين فيمن يتولاها أمراً لا مندوحة منه, فإنه يمتنع على غير من يتوافر فيه هذا التأهيل الخاص باستحقاق الترقية إليها, ولو انتظمته مع المتنافسين عليها أقدمية مشتركة في وحدة إدارية واحدة, وعلى مقتضى ما تقدم إذا خلت درجة في القسم - أ - الخاص بأعمال الرصد, فإنه لا يجوز الترقية إليها إلا من بين الموظفين التابعين للقسم المذكور لأنهم وحدهم هم الذين تتوافر فيهم الصلاحية المطلوبة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الدرجات موضوع النزاع هي من درجات القسم الأول فئة أ - وظائف عمليات الرصد - ومخصصة من ثم لوظيفة كبير مراجعين فإنه لا يحق للمدعي وهو يشغل وظيفة رسام بالقسم الثاني فئة ب - الوظائف الفنية الأخرى - أن يطالب بالترقية إلى إحداها ويكون طلبه إلغاء القرار الصادر بترقية ثلاثة من المراجعين الذين يشغلون الدرجة السادسة في القسم الأول فئة أ بحسب ترتيب أقدميتهم غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون مستوجب الرفض.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 2 من نوفمبر سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد/ وزير الحربية تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 3 من سبتمبر سنة 1961 من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية رقم 313/ 8 القضائية المقامة من السيد/ إبراهيم عدلي أحمد حسن ضد وزارة الحربية والقاضي بإلغاء القرار رقم 183 الصادر في 31/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المطعون ضده في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبعد اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 313/ 8 القضائية ضد وزارة الحربية - مصلحة الأرصاد الجوية - بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 18/ 2/ 1961 بناء على قرار المعافاة الصادر لصالحه بجلسة 21/ 12/ 1960 في طلب الإعفاء رقم 726/ 7 القضائية طالباً الحكم "بإلغاء القرار الصادر تحت رقم 183 بتاريخ 31/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط) مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل الأتعاب....." وقال المدعي شرحاً لدعواه إن القرار المطعون فيه صدر متضمناً ترقية ثلاثة من موظفي مصلحة الأرصاد الجوية بالأقدمية المطلقة، لما كان المدعي سابقاً المطعون عليهم في ترتيب الأقدمية فيما كان يحق تخطيه في الترقية بحجة أن الدرجات الفنية بالمصلحة المذكورة مقسمة إلى قسمين يستقل كل منهما (بموظفيه) ودرجاته ما دام لم يصدر بهذا التقسيم قرار من رئيس الجمهورية وبناء على اقتراح وزارة الخزانة بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وذلك على مقتضى الأوضاع التي تطلبتها المادة 40 من قانون موظفي الدولة وقد (أودعت) الوزارة مذكرتين بدفاعها أوضحت فيهما أن مصلحة الأرصاد الجوية راعت عند إعداد مشروع ميزانيتها لعام 1955 - 1956 ترتيب الوظائف في الكادر الفني المتوسط على أساس تقسيمها قسمين بحسب طبيعة العمل في كل منهما: القسم الأول - فئة ( أ ) ويشمل الوظائف اللازمة للقيام بعمليات الرصد الجوي المختلفة والقسم الثاني - فئة (ب) ويشمل الوظائف الفنية الأخرى مثل وظائف الميكانيكيين والرسامين والخطاطين وغيرها، وذلك لأن طبيعة عمليات الرصد - الفئة أ. تختلف عن طبيعة الأعمال الفنية الأخرى كالأعمال الميكانيكية وأعمال الرسم والكتابة وغيرها في الكادر المذكور (ويتعذر) على من يقوم بالأعمال الفنية الفئة (ب) القيام بأعمال الرصد الجوي في أي مرحلة (رصد) ومراجعة - تفتيش) لأن عمليات الرصد تتطلب فيمن يقوم بها وحسبما توصي به الهيئات الدولية أن يكون على مستوى معين من الثقافة نظراً إلى ما تحتاجه تلك الأعمال من ضرورة الإلمام باللغات الأجنبية وعلوم الطبيعة والرياضة، وقد أنشأت المصلحة مركزاً لتدريب الراصدين الجويين تتلقى منه هذه الفئة لمدة ستة شهور محاضرات في علم الأرصاد الجوية وكيفية استعمال الأجهزة الالكترونية، ويلحق من يجتاز فترة التدريب بنجاح بالمحطات المختلفة التابعة للمصلحة ومتى اكتسب الراصد الجوي خبرة عملية تؤهله بجانب مؤهله العلمي للقيام بأعمال الرصد واطمأنت المصلحة إلى قدرته على القيام بها وفقاً لقرارات الهيئات الدولية المعنية بالأرصاد الجوية أسندت إليه القيام بهذه الأعمال وهي أعمال تتميز تميزاً خاصاً، الأمر الذي حدى بالمصلحة أن تجعلها فئة مستقلة عن باقي الوظائف الفينة الأخرى بها، ويتدرج تحت هذه الفئة مساعد راصد جوي وراصد جوي ومراجع وكبير مراجعين ومفتش بحسب ترتيب تسلسلها في سلم الدرجات، هذا وأن طبيعة أعمال الرصد التي يقوم بها موظفو هذه الفئة تتطلب الإقامة في محطات الأرصاد الجوية مثل محطات السلوم ومرسى مطروح والعريش وغزة وأسوان والمحطات الواقعة في الواحات، كما تتطلب هذه الأعمال درجة لياقة طبية خاصة، أما الوظائف الفنية الأخرى في الفئة - ب - وتشمل وظائف الرسامين والميكانيكيين والخطاطين والمطبعجية فإن طبيعة أعمالها تختلف اختلافاً كلياً مع طبيعة أعمال الرصد في الفئة ( أ ) ولا تستلزم من شاغليها الإقامة خارج القاهرة، ولما كان المدعي يحمل - دبلوم المدارس الصناعية ويعمل طوال مدة خدمته بالمصلحة رساماً ولم يسبق له القيام بأعمال الرصد الجوي ويشغل الدرجة السادسة الفنية بالكادر الفني المتوسط في الفئة (ب) المخصصة للوظائف الفنية الأخرى، وكانت الدرجات الخامسة التي صدر القرار المطعون فيه بالترقية إليها من درجات الرصد في الفئة ( أ ) المخصصة لكبير مراجعين فقد صدر القرار المذكور بترقية ثلاثة من المراجعين إليها بحسب ترتيب أقدميتهم وما كان يجوز ترقية المدعي وهو موظف في الفئة (ب) إلى درجة من درجات الفئة ( أ )، وبجلسة 3 سبتمبر 1961 حكمت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 183 الصادر في 31/ 1/ 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني المتوسط وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش - مقابل أتعاب المحاماة وأقامت المحكمة قضاءها على أن الأصل طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة إجراء الترقية بين الموظفين الذين تجمعهم وحدة واحدة في الميزانية، ما لم يصدر قرار جمهوري بتحديد المصالح والوظائف التي لا يجري عليها هذا الحكم، ولما كان الثابت أن مصلحة الأرصاد الجوية لم تستصدر القرار الجمهوري الذي اشترطت صدور المادة 40 من قانون الموظفين فيتعين أن تبقى وظائف الكادر الفني المتوسط بالمصلحة المذكورة وحدة واحدة ينتظم موظفيه جميعاً كشف أقدمية واحد ويكون لهم جميعاً تبعاً لأقدميتهم الحق في الترقية إلى الدرجات التي تخلو به دون التقيد بالتقسيم الذي تتمسك به المصلحة، وأنه لا وجه للتحدي بأن وجود هذا التقسيم في الميزانية يعني موافقة وزارة المالية وديوان الموظفين عليه، ذلك أن العبرة ليست بموافقة هاتين الجهتين وإنما العبرة بصدور قرار رئيس الجمهورية وبغير هذا القرار يبقى التقسيم مجرد توزيع للعمل لا يترتب عليه إيجاد ذاتية خاصة لكل قسم من الأقسام، يؤيد هذا ما تبين للمحكمة من أن التقسيمات الواردة بالميزانية تشتمل على وظائف لا ينظمها كادر كامل مما يؤكد أن كلاً من القسمين اللذين تنقسم إليهما الوظائف الفنية العادية بميزانية المصلحة لا يكون وحدة مستقلة بذاتها في الترقية، ولما كان المدعي أسبق في أقدمية الدرجة السادسة الفنية المتوسطة من المطعون ضدهم فمن ثم يكون القرار المطعون فيه إذ تخطى المدعي في الترقية مشوباً بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة المذكورة وتأسيساً على ذلك انتهت المحكمة بحكمها المطعون فيه إلى إلغاء القرار محل الطعن على الوجه سالف البيان.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن ميزانية مصلحة الأرصاد الجوية لسنة 1955/ 1956 قد صدرت بالتقسيم الموضح في رد الوزارة وقد اقتنعت وزارة الخزانة وديوان الموظفين بالمبررات التي بني عليها هذا التقسيم وأنه ضرورة يقتضيها الصالح العام وعلى هذا صدر القانون رقم 327 لسنة 1955 بربط ميزانية السنة المذكورة, وقد راعت مصلحة الأرصاد عند تقسيم درجات كل من الكادرين الفنيين العالي والمتوسط إلى فئتين أ, ب - ما تنص عليه المادة 22 من القانون 210 لسنة 1951 من أن كل من يعين أو يرقى إلى درجة مخصصة لوظيفة يجب أن يقوم بعملها فعلاً, ولما كانت طبيعة عمليات الرصد في الفئة ( أ ) مختلفة اختلافاً تاماً عن طبيعة أعمال الفئة الأخرى كأعمال الرسم والأعمال الميكانيكية وغيرها في الكادر الفني المتوسط ويتعذر على الموظفين المدرجين في الفئة (ب) بل لا يمكنهم القيام بأعمال الرصد الجوي في أي مرحلة من مراحلها (رصد - مراجعة - تفتيش) فإنه لا يجوز ترقية المدعي وهو رسام في الفئة (ب) إلى أحدى الدرجات الخامسة الشاغرة في الفئة ( أ ) والمخصصة لكبير مراجعين, إذ أن في هذا المسلك مخالفة للمادة 22 آنفة الذكر, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به إحدى حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن النقطة القانونية مثار النزاع تنحصر فيما إذا كانت الترقية إلى الدرجة الخامسة في خصوصية الدعوى يجب أن تتم بالأقدمية على إطلاقها وفقاً لأحكام المادتين 39, 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أم أن طبيعة الوظيفة بحسب تخصيص الميزانية لها تقتضي أعمال الأقدمية بين المرشحين على نحو ينسق ولا يتعارض مع هذا التخصيص.
ومن حيث إن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلقة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة ومصلحة, إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة وفقاً لاحتياجات المرافق وبما يكفل سيرها على الوجه الأمثل, غير أنه يبين بالنظر للميزانية أن من الوظائف ما هو متميز بطبيعته بما يقتضي - بحسب تخصيص الميزانية له - تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة بحيث لا يقوم الأفراد المرشحين بحسب دورهم في الأقدمية بعضهم مقام البعض الآخر في هذا الشأن, ومنها ما ليس متميزاً بطبيعته بهذا التمييز الخاص - مما لا مندوحة معه من مراعاة هذا الفارق الطبيعي عند إجراء الترقية حتى بالنسبة لما يجب أن يتم منها بالأقدمية بالتطبيق للمواد 38, 39, 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, ذلك أن إعمال الأقدمية في الترقية على إطلاقه لا يكون بداهة إلا في النوع الثاني من الوظائف, أما بالنسبة إلى النوع الأول فلا يمكن إعمال الأقدمية على إطلاقها وإلا كان ذلك متعارضاً مع وجه المصلحة العامة الذي قصدت إليه الميزانية من هذا التخصيص, بل تجد الأقدمية حدها الطبيعي في إعمال أثرها بين المرشحين الذين يتوافر فيهم التأهيل الخاص والصلاحية المعينة اللذان يتطلبهما تخصيص الميزانية للوظيفة, فلا يرقى مثلاً المهندس حيث تتطلب الوظيفة قانونياً, أو يرقى كيميائي حيث تتطلب مهندساً, أو مجرد مهندس حيث تتطلب الوظيفة تخصيصاً في نوع معين في الهندسة وهكذا. ولو انتظمتهم جميعاً أقدمية مشتركة في وحدة إدارية قائمة بذاتها في خصوص الترقية كل ذلك مرده إلى طبائع الأشياء, لتحقيق الغرض الذي استهدفته الميزانية من تميز الوظيفة هذا التميز الخاص.
ومن حيث إنه يتضح مما سلف بيانه في مجال سرد وقائع الدعوى أن مصلحة الأرصاد الجوية قد راعت منذ العمل بالميزانية عن السنة المالية 1955/ 1956 ترتيب الوظائف في الميزانية يجري على أساس طبيعة الأعمال والوظائف الموجودة بالمصلحة المذكورة وطبقاً لما تقدم جعلت وظائف الكادر الفني المتوسط قسمين: القسم الأول - فئة ( أ ) ويشمل الوظائف المخصصة للقائمين بأعمال الرصد الجوي المختلفة والقسم الثاني فئة (ب) ويتناول الوظائف الفنية الأخرى كوظائف الميكانيكيين والرسامين وغيرها وذلك لاختلاف طبيعة الوظائف في هذين القسمين على النحو السابق إيضاحه, وهذا التوزيع واضح في تخصيص وظائف عمليات الرصد تخصيصاً متميزاً بطبيعته, ويؤكده ما جرى عليه العمل في هذه المصلحة من اشتراط تأهيل خاص ومرانة معينة فيمن يتولى وظائف الرصد الجوي, وهي صلاحية غير متحققة فيمن يشغل وظائف القسم الثاني. والوظيفة - مثار المنازعة - مخصصة لكبير المراجعين فلا يتولاها إلا من تقلب في وظائف الرصد الجوي وتهيأت له الخبرة العملية المطلوبة لتقلدها, وما دامت هذه الوظيفة بحسب تخصيص الميزانية لها - مميزة تمييزاً خاصاً يجعل اقتضاء تأهيل معين فيمن يتولاها أمراً لا مندوحة منه, فإنه يمتنع على غير من يتوافر فيه هذا التأهيل الخاص استحقاق الترقية إليها, ولو انتظمته مع المتنافسين عليها أقدمية مشتركة في وحدة إدارية واحدة, وعلى مقتضى ما تقدم إذا خلت في القسم - أ - الخاص بأعمال الرصد, فإنه لا يجوز الترقية إليها إلا من بين الموظفين التابعين للقسم المذكور لأنهم وحدهم هم الذين تتوافر فيهم الصلاحية المطلوبة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الدرجات موضوع النزاع هي من درجات القسم الأول فئة ( أ ) وظائف عمليات الرصد ومخصصة من ثم لوظيفة مراجعين فإنه لا يحق للمدعي وهو يشغل وظيفة رسام بالقسم الثاني فئة (ب) الوظائف الفنية أن يطالب بالترقية إلى إحداها ويكون طلبه إلغاء القرار الصادر بترقية ثلاثة من المراجعين الذين يشغلون الدرجة السادسة في القسم الأول فئة ( أ ) بحسب ترتيب أقدميتهم غير قائم - والحالة هذه - على أساس سليم من القانون مستوجب الرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 8234 لسنة 58 ق جلسة 8 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ق 58 ص 364

جلسة 8 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان ووفيق الدهشان.

---------------

(58)
الطعن رقم 8234 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تزوير.
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
حق القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ما لم يقيده القانون بدليل معين. جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(2) اشتراك. جريمة "أركانها". تزوير "أوراق الرسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك في التزوير تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها لأسباب سائغة.
مثال.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في بيان تاريخ الواقعة. لا يعيبه. طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
(4) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في عقيدته. لا يعيبه.

----------------
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
2 - لما كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو بدل نموذج 51 مرور واستعماله اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وهي شهادة كل من..... و...... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ثم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه في قوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم..... وتلتفت عما تذرع به من دفاع ذلك أن مناط مسئولية الشريك في جريمة تزوير الورقة الرسمية توافر علمه بتغيير الحقيقة في المحرر مع انتوائه استعماله في الغرض الذي من أجله غير الحقيقة فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قام بتدوين بيانات المحرر المزور المضبوط ووقع عليه باسم المتهمة الثانية وعهد إلى مجهول بتقليد خط وتوقيع الشاهد الثاني لإعفاء المتهمة الثانية من تقديم المستندات اللازمة ثم قدم هذا المحرر للموظفين المختصين بإدارة مرور الإسكندرية رغم علمه بتزويره مما يدل على اشتراكه في تزوير المحرر المضبوط "فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله، وأطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يسوغ إطراحه، ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
4 - من المقر أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تعيب الحكم هي التي تقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أخطأ فيما أورده من أنه اشترك في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة بشأن رخصة تسيير سيارة، لا يعدو أن يكون - بفرض وقوعه - خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله اللتين دانه بهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو بدل "نموذج 51" مرور باسم المتهمة الثانية بأن اتفقا معه على ذلك وساعداه بأن أمدت الثانية المتهم الأول بالبيانات الخاصة بها فدونها الأخير بالمحرر سالف الذكر ثم عهد به لذلك المجهول فدون عليه عبارة "بالإدارة وتعتمد البيانات" ومهرها بتوقيع نسبه زوراً لمدير إدارة مرور الإسكندرية فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهم الأول أيضاً استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه لموظفين بإدارة مرور الإسكندرية للاعتداد بما ورد به وإحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وذلك عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق، ذلك بأن المحكمة عولت في إدانته على جملة فروض تفتقر إلى الدلائل القوية وقد خلت الأوراق من أي دليل على اشتراكه في تزوير المحرر أو استعماله سيما بعد أن اتضح من التقرير الطبي الشرعي أن التوقيع المنسوب لمدير المرور لم يحرر بخط الطاعن وأن ما حرر بخطه هو صلب المحرر وهو لا يشكل جريمة، كما أن الحكم لم يبين تحديداً تاريخ الواقعة واكتفى بقوله إنها وقعت في تاريخ سابق على 3/ 12/ 1985 هذا فضلاً عن أنه أورد أن الطاعن وأخرى اشتركا مع مجهول في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة خاصة برخصة تسيير سيارة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، ويكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي هو بدل نموذج 51 مرور واستعماله اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة - لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وهي شهادة كل من..... و..... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، ثم عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن ورد عليه في قوله "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم..... وتلتفت عما تذرع به من دفاع ذلك أن مناط مسئولية الشريك في جريمة تزوير الورقة الرسمية توافر علمه بتغيير الحقيقة في المحرر مع انتوائه استعماله في الغرض الذي من أجله غير الحقيقة فيه، ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهم الأول قام بتدوين بيانات المحرر المزور المضبوط ووقع عليه باسم المتهمة الثانية وعهد إلى مجهول بتقليد خط وتوقيع الشاهد الثاني لإعفاء المتهمة الثانية من تقديم المستندات اللازمة ثم قدم هذا المحرر للموظفين المختصين بإدارة مرور الإسكندرية رغم علمه بتزويره مما يدل على اشتراكه في تزوير المحرر المضبوط" فإنه يكون قد دلل بأسباب سائغة على ما استنتجه من اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة مع فاعل أصلي مجهول في جريمة تزوير محرر رسمي وقيامه باستعماله، وأطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يسوغ إطراحه، ويتمخض ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الصدد جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خطأ الحكم في تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تعيب الحكم هي التي تقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم أخطأ فيما أورده من أنه اشترك في تزوير نموذج خاص برخصة قيادة رغم أن الواقعة بشأن رخصة تسيير سيارة، لا يعدو أن يكون - بفرض وقوعه - خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن جريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله اللتين دانه بهما، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.

الطعن 1364 لسنة 7 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 52 ص 516

جلسة 24 من يناير 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(52)

القضية رقم 1364 لسنة 7 القضائية

موظف - عامل يومية 

- تعيين - اللياقة الطبية شرط جوهري للتعيين والاستمرار في الخدمة - حكمته - قرار مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922 والتعليمات المالية الصادرة عام 1922 رددت هذا الشرط - إنهاء الإدارة لخدمة العامل الدائم لعدم توافر اللياقة الطبية ثم إلحاقه بعمل مؤقت رأفة به في محله - الإعفاء من هذا الشرط يجب أن يصدر بقرار صريح في الشكل المقرر من السلطات المختصة - تطاول العهد على التعيين وتسوية الحالة لا يفيد بذاته الإعفاء.

----------------
إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية للتعيين والاستمرار في خدمة الحكومة معاً, وهذا الشرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة المعين فيها بكفاية واقتدار, وقد رددت هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين ومن قبل صدور كادر العمال تعليمات المالية الصادرة في عام 1922, والمتضمنة الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922 إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ما يلي: "لا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة طبية ينتدبها القومسيون لهذا الغرض. ومن ثم فإنه إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه قد كشف عليه طبياً وتبين عدم لياقته طبياً للخدمة, فإن الإدارة قررت إنهاء خدمته كعامل دائم ورأت رأفة بحاله إلحاقه بعمل مؤقت بذات الأجر الذي كان يتقاضاه وهو العمل الذي تنتهي بانتهائه خدمة العامل ولا يتطلب في شاغله الشروط الواجب توافرها في العامل الدائم, تكون في الحق قد تصرفت في شأن المدعي على مقتضى أحكام القانون ويكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد صدر سليماً لا مطعن عليه, وليس صحيحاً ما قام عليه الحكم المطعون فيه من أن تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على وصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه يعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي إذ الأصل أن يتجسم مثل هذا القصد في صورة قرار صريح يعبر عن إرادة مصدره في الشكل الذي رسمه القانون, ويصدر عن الجهة التي خولها القانون رخصة الإعفاء أما تطاول العهد على تعيين المدعي دون استيفاء شرط اللياقة الطبية فلا يفيد إعفاءه ضمنياً من هذا الشرط.
ومن حيث إن إنهاء الإدارة لخدمة المدعي بالقرار المطعون فيه مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة لا يعدو أن يكون إنفاذاً صائباً للحكم القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته. فالعجز قائم به بثبوت عدم لياقته الطبية وعدم إذعانه لطلب الإدارة إعادة الكشف عليه لتقرير هذه اللياقة وإسقاط قرينة العجز المبرر لانتهاء خدمته الدائمة, ولا شبهة في أن اللياقة الجسمية كشرط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً لتعليمات المالية هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 6/ 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد/ وزير الأشغال قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1364 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بتاريخ 24/ 4/ 1961 في الدعوى رقم 627 لسنة 7 القضائية والقاضي بإلغاء القرار الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويل المدعي من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن الطعن للمدعي بتاريخ 2/ 7/ 1961 وبعد استيفاء إجراءاته أحيل لهذه الدائرة لنظره بجلسة 29/ 11/ 1964. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 627 لسنة 7 القضائية. أمام المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال طالباً الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر في 1/ 5/ 1959 بتحويله من اليومية المستديمة إلى اليومية المؤقتة ومنحه العلاوات المستحقة إليه بعد صدور القرار المذكور وكافة ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه إنه عين باليومية المستديمة بتفتيش قناطر الدلتا من عام 1941. وظل يتقاضى أجره وعلاواته إلى أن فوجئ في عام 1955 بامتناع الإدارة عن منحه العلاوات الدورية المستحقة إليه, وفي أول مايو سنة 1959 فصل من الخدمة وذلك بتحويله إلى عامل باليومية المؤقتة بمقولة إنه لم يكشف طبياً عند التعيين, ولما كان هذا القرار قد صدر مخالفاً للقانون فقد تظلم منه إلى الجهة الإدارية ولما لم يجد تظلمه نفعاً اضطر إلى إقامة هذه الدعوى طالباً إلغاءه, وقد طلبت الجهة الإدارية رفض الدعوى تأسيساً على أن المدعي بعد أن سوت لجنة تطبيق كادر العمال حالته على وصف أنه عامل دائم أصبح من الضروري استيفاء مسوغات تعيينه وضمنها ثبوت لياقته الطبية، وقد طولب وزملاؤه مراراً بقبول توقيع الكشف الطبي عليهم. وبعد المراوغة الطويلة تم توقيع الكشف الطبي على المدعي واتضح عدم لياقته طبياً للخدمة, وعلى هذا تقرر تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة بأجره الذي كان قد وصل إليه وذلك بالقرار محل الطعن. وبجلسة 24/ 4/ 1961 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 22/ 4/ 1959 بتحويل المدعي من سلك اليومية المستديمة إلى سلك اليومية المؤقتة. وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه وإن كانت الوظائف العامة تتطلب قدراً من اللياقة الطبية إلا أن عدم توافر هذا الشرط لا يعتبر عيباً جسيماً في قرار تعيين الموظف ينحدر به إلى درجة الانعدام وعلى هذا لا يجوز للإدارة أن تسحب قرار تعيين هذا الموظف بعد فوات ستين يوماً على صدوره, وأنه وإن كانت الإدارة تملك فصل الموظف لعدم اللياقة الطبية بل إن ذلك سبب من أسباب انتهاء الخدمة بحكم القانون إلا أن مناط ذلك ألا يكون الموظف قد أعفى من شرط اللياقة الطبية سواء بقرار صريح أو ضمناً كما لو عين الموظف أو العامل باليومية المستديمة دون أن يتوفر فيه شرط اللياقة الطبية أو يطلب منه استيفاءه عند التعيين أو بعده بوقت قصير، وإن كان الثابت أن المدعي التحق باليومية المؤقتة قبل صدور كادر العمال, وبعد صدور الكادر قررت لجنة تطبيق الكادر اعتباره ضمن العمال الدائمين وطبقت عليه أحكام الكادر دون استيفاء شرط اللياقة الطبية مما يعتبر إعفاء ضمنياً من الكشف الطبي فلا يجوز فصله بعد ذلك إذا تبين عدم لياقته الطبية للخدمة ويكون القرار الصادر بتحويله من سلك اليومية الدائمة إلى سلك اليومية المؤقتة قد وقع والحالة هذه مخالفاً القانون متعين الإلغاء وعلى أساس ما تقدم انتهت المحكمة إلى إلغاء القرار المطعون فيه على الوجه آنف الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التكييف القانوني السليم للقرار المطعون فيه هو في حقيقته قرار بفصل المدعي من الخدمة ثم إعادة تعيينه في سلك اليومية المؤقتة, وسبب الفصل هو عدم استيفاء المدعي شرط اللياقة الطبية وهذا الشرط من الشروط الجوهرية اللازمة للاستمرار في الوظيفة وتخلفه سبب من أسباب انتهاء الخدمة بحكم القانون, ولا سند للقول بأن المدعي قد أعفي ضمناً من الكشف الطبي لأن الإعفاء من هذا الشرط يجب أن يكون صريحاً وبقرار من الجهة التي تملك ذلك, هذا وقد نص منشور وزارة المالية رقم 63/ 31/ 13 ( أ ) الصادر في سبتمبر سنة 1950 على فصل من لم ينجح في الكشف الطبي من عمال اليومية الذين كانوا يعينون فيما مضى بدون مسوغات, على أن الجهة الإدارية رأفة بالمدعي أعادت تعيينه باليومية المؤقتة وبأجره الذي كان يتقاضاه عند الفصل, وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به إحدى حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن ثبوت لياقة الموظف الطبية للخدمة هو شرط من الشروط الجوهرية للتعيين والاستمرار في خدمة الحكومة معاً, وهذا الشرط يقتضيه بداهة ضمان التثبت من قدرة الموظف على النهوض بأعباء الوظيفة المعين فيها بكفاية واقتدار, وقد رددت هذا الأصل بالنسبة لعمال اليومية الدائمين تعليمات المالية الصادرة في عام 1922. والمتضمنة الأحكام التي وافق عليها مجلس الوزراء في 8/ 5/ 1922 إذ نصت الفقرة 29 من هذه التعليمات على ما يأتي: "لا يعاد إلى الخدمة أحد عمال اليومية المفصولين لعدم اللياقة الطبية ما لم يقرر لياقته القومسيون الطبي العام أو أية سلطة طبية ينتدبها القومسيون لهذا الغرض". ومن ثم فإنه إذا كان الثابت من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه قد كشف عليه طبياً وتبين عدم لياقته طبياً للخدمة, فإن الإدارة إذ قررت إنهاء خدمته كعامل دائم ورأت رأفة بحاله إلحاقه بعمل مؤقت بذات الأجر الذي كان يتقاضاه وهو العمل الذي تنتهي بانتهائه خدمة العامل ولا يتطلب في شاغله الشروط الواجب توافرها في العامل الدائم, تكون في الحق قد تصرفت في شأن المدعي على مقتضى أحكام القانون ويكون القرار الصادر منها في هذا الشأن قد صدر سليماً لا مطعن عليه, وليس صحيحاً ما قام عليه الحكم المطعون فيه من أن تسوية حالة المدعي طبقاً لأحكام كادر العمال على وصف أنه عامل دائم دون توقيع الكشف الطبي عليه يعتبر بمثابة إعفاء ضمني له من الكشف الطبي إذ الأصل أن يتجسم مثل هذا القصد في صورة قرار صريح يعبر عن إرادة مصدره في الشكل الذي رسمه القانون, ويصدر عن الجهة التي خولها القانون رخصة الإعفاء، أما تطاول العهد على تعيين المدعي دون استيفاء شرط اللياقة الطبية فلا يفيد إعفاءه ضمنياً من هذا الشرط.
ومن حيث إن إنهاء الإدارة لخدمة المدعي بالقرار المطعون فيه مع تحويله إلى سلك اليومية المؤقتة لا يعدو أن يكون إنفاذاً صائباً للحكم القاضي بإنهاء خدمة العامل الدائم عند ثبوت عدم لياقته الطبية وبالتالي عجزه عن القيام بأعباء وظيفته. فالعجز قائم به بثبوت عدم لياقته الطبية وعدم إذعانه لطلب الإدارة إعادة الكشف عليه لتقرير هذه اللياقة وإسقاط قرينة العجز المبرر لانتهاء خدمته الدائمة, ولا شبهة في أن اللياقة الجسمية كشرط لبقاء العامل في وظيفته الدائمة طبقاً لتعليمات المالية - هي من الأمور التي يتعين اعتبارها مكملة لأحكام كادر عمال اليومية ما دام لم يرد في هذه الأحكام ما يتعارض معها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 860 لسنة 7 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 51 ص 506

جلسة 24 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

----------------

(51)

القضية رقم 860 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - ترقية بالاختيار

- مقتضى تعديل الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - لا إلزام على لجنة شئون الموظفين بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار - لا إلزام على لجنة شئون الموظفين بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها - لا يجوز النعي على اللجنة بأنها لم تلتزم ترتيب الأقدمية - في ذلك إضافة قيد رخص القانون للجنة التحلل منه - الطعن في قراراتها لا يكون إلا لعيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل.
(ب) موظف - ترقية بالاختيار 

- المؤهلات الدراسية وحدها ليست مدار رجحان الكفاية.

---------------
1 - كان نص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 73 سنة 1957 يجري كالآتي "أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها وتكون ترقيتهم بالأقدمية فيما بينهم, ومن هذا النص يبين أنه إذا كانت الدرجات المخصصة للترقية بالاختيار تقل عن عدد المرشحين ذوي الكفاية فلا مناص عند الترقية من إتباع ترتيب الأقدمية فيما بينهم: ثم جاء المشرع بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وعدل نص تلك الفقرة على الوجه الآتي:
"أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز... إلخ".
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على النص الجديد أنه رؤى "جعل مرد التقدير في هذه الترقية إلى لجنة شئون الموظفين تجريه دون قيد عليها من الأقدمية فيما بين المرشحين" وغني عن البيان أن الاختيار في هذه المنطقة أيضاً لا يقيد بقيود الأقدمية بين المرشحين.
ومن حيث إن الذي تستخلصه المحكمة في ضوء النص الجديد أن لجنة شئون الموظفين لا إلزام عليها بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار فإن أخلت بهذا الترتيب فلا تكون بذلك قد خالفت القانون فلا يجوز النعي عليها بهذا الوجه من وجوه الطعن "والمشرع إذ وسع في سلطة لجنة شئون الموظفين في هذا الشأن إنما هدف إلى رعاية اعتبارات مشروعة تقع في حس تلك اللجنة وقد لا تنطق بها الأرقام, وإلا لو ثبت أنها جرت على غير هذا النهج لاتسمت قرارات اللجنة في هذا الصدد بعيب إساءة استعمال السلطة وخضعت لرقابة مجلس الدولة وينبني على ذلك القول بأن الأصل هو أن لجنة شئون الموظفين ليست ملزمة إطلاقاً بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها وعندئذ لا يجوز النعي عليها بأنها لم تلتزم في قراراتها ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين إذ في ذلك إضافة لقيد رخص لها القانون صراحة في التحلل منه ولا يجوز الطعن في قراراتها في هذه الحالة بعيب مخالفة القانون وإن كان يجوز الطعن عليها بعيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل على ذلك. فإذا ما جاءت اللجنة ووضعت قاعدة تنظيمية عامة تجري على سننها عند الترقية بالاختيار فلا جناح في ذلك ما دامت تلك القاعدة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وإلا وقعت في عيب الانحراف وخضعت القاعدة ذاتها لرقابة مجلس الدولة.
2 - إن المؤهلات ليست وحدها مدار رجحان الكفاية عند الترقية بالاختيار بل هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة وتستخلص منها استخلاصاً معقولاً هذه الأفضلية عند الاختيار وتقديرها في كل ذلك سليم سائغ ما دام قد تبين لهذه المحكمة أنه محمول على عناصر وقرائن تسمح به وأنه مستند إلى اعتبارات مقبولة تسانده, وما دام أن المدعي لم يستطيع إثبات أن تقدير لجنة شئون الموظفين كان صادراً عن الغرض والهوى.


إجراءات الطعن

بتاريخ 20 من فبراير سنة 1961 أودع الدكتور عبد الغني محمود داعس عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 1196 لسنة 13 القضائية المرفوعة من الدكتور عبد الغني محمود داعس ضد وزارة التربية والتعليم القاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الإداري المؤرخ 6/ 4/ 1959 الصادر به الأمر التنفيذي رقم 221 بتاريخ 15/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية بالاختيار للدرجة الثانية بالكادر العالي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى. وقد أعلن الطعن للوزارة في 26 من فبراير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من نوفمبر سنة 1963 وأخطرت الحكومة والمدعي في 21 من أكتوبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 3 من مايو سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء قرار الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار الصادر في 6/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقال في بيان المدعي إنه حاصل على بكالوريوس من كلية العلوم بالجامعة وعلى درجة الماجستير في الكيمياء الطبيعية ومسجل في 8/ 10/ 1956 رسالة للتحضير لدرجة الدكتوراه في الكيمياء الكهربائية وهو على وشك الانتهاء منها كما أنه حاصل على الدرجة الثالثة العالية اعتباراً من 29/ 4/ 1954 ويعمل أستاذاً مساعداً بكلية المعلمين من هذا التاريخ وقد نقل إليها منذ إنشائها عام 1952 وكان من الطبيعي أن يرقى إلى الدرجة الثانية بيد أن حركة الترقيات الصادرة في 2/ 4/ 1959 تخطته في الترقية إلى هذه الدرجة بالاختيار على الرغم من شمولها اثنين من زملائه في الكلية هما السيدان محمد أحمد التوبهى ومحيي الدين عبد الله أبو النجار وعلى الرغم من وجود أسباب عدة تجعله أحق منهما بالترقية ولهذا تظلم من القرار المطعون فيه في 7/ 4/ 1959 وانقضت المواعيد القانونية دون أن يصله رد ومن ثم أقام دعواه للطعن في القرار المذكور لمخالفة القانون, إذ يستفاد من نص المادة 38 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن أساس الترقية بالاختيار هو الكفاية سواء أخذ بالأقدمية أم بالاختيار فإنه كان من المتعين ترقيته لأن أقدميته في الدرجة الثالثة ترجع إلى 29/ 4/ 1954 في حين أن زميليه المذكورين أحدث منه في أقدمية هذه الدرجة ومن ثم يكون تخطيه في الترقية وترقيتهما مخالفاً لنص المادة 38 من القانون وهو ما جرى عليه القضاء الإداري إذ قضت المحكمة الإدارية العليا بأن الشارع قيد سلطة الإدارة في الترقية لغاية الدرجة الثانية بقيود هي التزام نسبة معينة للأقدمية والبدء بهذه النسبة وعدم تخطي صاحب الدور بالأقدمية إلا إذا قدم عنه تقريران بدرجة ضعيف وأن تكون الترقية على هذا الأساس - وأضاف المدعي أنه فيما يتعلق بالاختيار فإنه يمتاز على زميليه المذكورين فقد نقل إلى كلية المعلمين قبلهما بحوالي عامين ويشغل بها وظيفة أستاذ مساعد ويحمل فوق البكالوريوس درجة الماجستير في الكيمياء والطبيعة وزميلاه لا يحملان سوى البكالوريوس ولأن اسمه مسجلاً منذ 8/ 10/ 1956 للتحضير لدرجة الدكتوراه في الكيمياء الكهربائية وهذه من العلوم النادرة في مصر وقد أوشك على الانتهاء منها حسبما هو ثابت من خطاب مدير عام المركز القومي للبحوث إلى عميد كلية المعلمين في 14/ 10/ 1958 برقم 4873 كما طلب المركز منحه إجازة دراسية لإتمام بحوثه العلمية للحصول على الدكتوراه ووافق على ذلك مجلس الكلية في 22/ 10/ 1958 كما وافقت إدارة الأبحاث واستطرد المدعي يقول إنه نشرت به أبحاث في السجلات العلمية بأوروبا وأمريكا فضلاً عن بحوث أخرى نشرت له في المجلة العلمية المصرية وأنه اشترك مع بعض أساتذة الجامعة في تأليف أول مراجع باللغة العربية في الكيمياء يرجع إليها طلبة الجامعات والمعاهد العليا - ولما كانت الجامعات تضع دائماً مثل هذه البحوث الجديدة موضع الاعتبار عند ترقية أساتذتها إلى الوظائف الأعلى, لكن وزارة التربية لم تعن لذلك وإنما أغفلت كل هذه الاعتبارات ومما يوضح مدى مخالفتها للقانون أنه سبق أن تخطت الوزارة الطالب وزميليه في حركة الترقيات إلى الدرجة الثانية السابقة على الحركة المطعون فيها فرفع عميد الكلية مذكرة إلى وكيل الوزارة المساعد في 24/ 9/ 1958 بناء على تظلم مقدم من المدعي وزميليه ورفعها وكيل الوزارة إلى الوزير في 29/ 9/ 1958 مؤكداً أحقيتهم في الترقية بالاختيار ووافق عليها السيد الوزير وأشر عليها بترقيتهم في أقرب حركة قادمة ورغم ذلك تخطته لجنة شئون الموظفين بالوزارة دون زميليه بدون حق أو مسوغ قانوني مما يجعل قرارها مشوباً بعيب سوء استعمال السلطة وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقد أجابت الوزارة على الدعوى بأن المادة 40 من قانون التوظف نصت على أنه "أما النسبة المخصصة للاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من بين الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين..." ومفهوم هذا أن العبرة في الترقية بالاختيار هو حصول الموظف على مرتبة ممتاز في التقرير السري عن العامين السابقين على الترقية وأن يقع عليه اختيار لجنة شئون الموظفين ولا اعتداد بما يذكره المدعي من أقدمية في الدرجة أو في الوظيفة ولما كان المدعي والمطعون في ترقيتهما وهما من ذكرهما في عريضة الدعوى قد حصلوا على مرتبة ممتاز عن العامين السابقين على الترقية وللجنة شئون الموظفين مطلق التقدير في الترقية بالاختيار من الحائزين على هذه المرتبة فإذا ما وقع اختيارها على المطعون في ترقيتهما ولم يقع على المدعي فإن اختيارها يكون قد صادف وجه القانون ولذلك تطلب الوزارة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 19 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الترقية بالاختيار المطعون فيها قد قدمت في ظل القانون رقم 73 لسنة 1957 الذي عدل المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على الوجه الآتي:
أما النسبة المخصصة (للترقية) بالاختيار تكون خاضعة (لتقرير) لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد...." وأنه يستفاد من هذا النص أن رأي المشرع إعطاء لجنة شئون الموظفين سلطة الاختيار في ذات مرتبة الكفاية الواحدة دون التقيد بالأقدمية ولا يرد على سلطتها هذه من قيد سوى التزام البدء بترقية الحائزين على درجة ممتاز في العامين الأخيرين ثم إن بقيت بعد ذلك درجات يختار لها من بين الحائزين لمرتبة (جيد) ويلحق بهؤلاء الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين. ومتى كان الأمر كذلك فإن الرقابة القضائية تقتصر على مجرد التحقق من أن اللجنة وهي تباشر اختصاصها التقديري قد (استمدت) اختيارها من عناصر قائمة وأنها لم تنحرف بسلطاتها عن الهدف الذي رسمه القانون - ولما كانت التقارير السرية الموضوعة عن المدعي والمطعون في ترقيتهما عن عامي سنة 1957, سنة 1958 وهما العامان السابقان على إجراء الحركة المطعون فيها يبين أنها استوفت جميع مراحلها القانونية التي نصت عليها المادة 31 من قانون التوظف بعد تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والتي تقضي بأن "يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها..." ويبين من مطالعة التقارير المذكورة أنهم حصلوا جميعاً على مرتبة ممتاز. ولما كان الثابت من محضر لجنة شئون الموظفين الخاص بالقرار المطعون فيه أن اللجنة قد اطلعت على التقارير السرية المذكورة وانتهت في تقريرها إلى اختيار المطعون عليهما ولم يقدم المدعي دليلاً على أن الإدارة أساءت استعمال السلطة أو انحرفت بها ولا يجوز التحدي بأن اللجنة لم تراعي الأقدمية في الدرجة الثالثة إذ أنه وإن كان المدعي أسبق من المطعون في ترقيتهما في أقدمية الدرجة الثالثة إلا أنهما يسبقانه في جميع الدرجات السابقة وفي تاريخ التخرج والتعيين كما أنه لا يجوز التحدي بأنه يفوقهم في المؤهلات الدراسية إذ أنهما يسبقانه في الحصول على المؤهل الدراسي الأعلى وهو بكالوريوس العلوم إذ حصلا عليه في سنتي 1931, 1933 في حين أن المدعي حصل عليه سنة 1937 كما أن أحدهما حصل على دبلوم معهد التربية العالي سنة 1935 وعلى كل فالمؤهل ليس هو العنصر الوحيد للترقية بل هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة عند الاختيار ولها فيها مطلق التقدير ما دام يجئ هذا التقدير منسقاً مع الواقع وبعيداً عن الغرض والهوى ولذلك انتهت محكمة القضاء الإداري إلى القضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي يمتاز عن المرقيين في القرار المطعون فيه من جميع العناصر التي تراعى في الترقية بالاختيار ذلك أنه فضلاً عن حصوله على تقدير ممتاز في السنتين السابقتين على حركة الترقيات المطعون فيها فهو يفوق الباقين من ناحية مسئولية الوظيفة والمؤهلات الدراسية العالية وباقي العناصر الشخصية الأخرى وأن لجنة شئون الموظفين وقد انتهت من حيث المبدأ في ترقية الحائزين على 90 درجة فأكثر بالاختيار وتركت إلى مراقبة المستخدمين تحضير الكشوف بذلك فإنها تكون بذلك حددت سلطتها في هذا المبدأ ويجب عليها أن تلزم حدوده وكان يتعين تبعاً لذلك أن ترتب الأسماء حسب الأقدمية في الدرجة ومجموع درجات التقدير عن السنتين وهو ما لم يحصل, هذا فضلاً عن أن الوزير سبق أن قرر في سبتمبر سنة 1958 ضرورة ترقية الطاعن في أول حركة ترقيات تالية بالاختيار وذلك بعد فحص حالته، وهذا القرار يعتبر قراراً نهائياً موقوف تنفيذه على شرط خلو درجات تشغل بالاختيار, وقد خلت هذه الدرجات فعلاً في أول حركة كما نفذ قرار للسيد الوزير بالنسبة لزميلي الطاعن دونه هو وأضاف الطاعن في طعنه أن الحكم المطعون فيه خالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من وجوب قيام الترقية بالاختيار على أسس سليمة وأن تكون لجنة شئون الموظفين قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه. وأن الطاعن ينفرد دون سائر زملائه بأبحاثه الهامة ومواهبه كما يمتاز بكفايته وحسن دراسته والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته وأن لجنة شئون الموظفين لم تعمل أي مفاضلة بينه وبين زملائه بل اقتصرت على مبدأ ترقية الممتازين فحسب مع تكليف مراقب المستخدمين بوضع كشف بأسمائهم مرتباً حسب عناصر الاختيار وهو ما لم يحصل فيما ترتب عليه أن وقع الاختيار على غير أسس محددة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة انتهت فيه إلى أن لجنة شئون الموظفين لم تراع بقية العناصر التي يتميز بها الطاعن لاختياره للترقية ولم تبرر اختيارها لهم دونه بأي عنصر مرجح, هذا فضلاً عن أنه لو طبقت أحكام القرار الجمهوري الخاص باللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العليا التابعة لوزارة التربية والتعليم والذي لم تطبقه الإدارة للأسباب التي ذكرتها لكانت الشروط التي تتطلبها اللائحة متوافرة في حالة الطاعن دون المطعون فيهم ولذلك ترى هيئة المفوضين إلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر في 2/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية بالاختيار للدرجة الثانية بالكادر الفني العالي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن دفاع الحكومة يقوم على أن أحكام اللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العالية التابعة لوزارة التربية والتعليم لا تطبق على حركة الترقية المطعون فيها لأنها ليست خاصة بشغل وظائف هيئة التدريس بل هي خاصة بالتعيين في درجات مالية داخلة في حدود هذه الوظائف ولذلك فإنها تخضع للأحكام الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951. هذا فضلاً عن أنه لم يكن مخصصاً للمعاهد والكليات العالية في ميزانية 58/ 59 درجات مستقلة بها وإنما كانت درجاتها مندمجة مع درجات الديوان العام بالوزارة والمحافظات الأمر الذي يؤكد خضوع التعيين في هذه الدرجات المالية أو الترقية إليها إلى أحكام قانون التوظف دون سواه. أما عن سلامة تطبيق حكم المادة 40 من قانون التوظف فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحقيقة فيما انتهى إليه من رفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن لجنة شئون الموظفين لم تنحرف بسلطتها عند اختيارها للمطعون ضدهما دون الطاعن للترقية بالاختيار.
ومن حيث إن هذه المحكمة ترى سلامة دفاع الحكومة في الشق الخاص بعدم سريان أحكام اللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العالية التابعة لوزارة التربية والتعليم على النزاع المطروح أمامها للأسباب التي ساقتها في هذا الشأن دون حاجة إلى الإفاضة في تفصيلها.
كان نص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 73 سنة 1957 يجري كالآتي "أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها وتكون ترقيتهم بالأقدمية فيما بينهم" ومن هذا النص يبين أنه إذا كانت الدرجات المخصصة للترقية بالاختيار تقل عن عدد المرشحين ذوي الكفاية فلا مناص عند الترقية من اتباع ترتيب الأقدمية فيما بينهم "ثم جاء المشرع بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وعدل نص تلك الفقرة على الوجه الآتي "أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتازة..... إلخ.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على النص الجديد أنه رؤى "جعل مرد التقدير في هذه الترقيات إلى لجنة شئون الموظفين تجريه دون قيد عليها من الأقدمية فيما بين المرشحين" وغني عن البيان أن الاختيار في هذه المنطقة أيضاً لا يقيد بقيود الأقدمية بين المرشحين.
ومن حيث إن الذي تستصلحه المحكمة في ضوء النص الجديد أن لجنة شئون الموظفين لا إلزام عليها بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار فإن أخلت بهذا الترتيب فلا تكون بذلك قد خالفت القانون فلا يجوز النعي عليها بهذا الوجه من وجوه الطعن. والمشرع إذ وسع في سلطة لجنة شئون الموظفين في هذا الشأن إنما هدف إلى رعاية اعتبارات مشروعة تقع في حس تلك اللجنة وقد لا تنطق بها الأرقام, وإلا لو ثبت أنها جرت على غير هذا النهج لاتسمت قرارات اللجنة في هذا الصدد بعيب إساءة استعمال السلطة وخضعت لرقابة مجلس الدولة، ينبني على ذلك القول بأن الأصل هو أن لجنة شئون الموظفين ليست ملزمة إطلاقاً بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها وعندئذ لا يجوز النعي عليها بأنها لم تلتزم في قراراتها ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين إذ في ذلك إضافة لقيد رخص لها القانون صراحة في التحلل منه ولا يجوز الطعن في قراراتها في هذه الحالة بعيب مخالفة القانون وإن كان يجوز الطعن عليها بعيب إساءة استعمال السلطة إذ قام الدليل على ذلك. فإذا ما جاءت اللجنة ووضعت قاعدة تنظيمية عامة تجري على سننها عند الترقية بالاختيار فلا جناح في ذلك ما دامت تلك القاعدة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وإلا وقعت في عيب الانحراف وخضعت القاعدة ذاتها لرقابة مجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ردد في أسبابه أن لجنة شئون الموظفين قد اطلعت على التقارير السرية الخاصة بالطاعن والمطعون فيهما وانتهت في تقريرها إلى اختيار المطعون فيهما ولم يقدم المدعي دليلاً على أن الإدارة قد أساءت استعمال السلطة بهذا الاختيار, ولا يجوز التحدي بأن اللجنة لم تراع الأقدمية في الدرجة الثالثة إذ أنه ولئن كان المدعي سبق المطعون في ترقيتهما في أقدمية الدرجة الثالثة إلا أنهما يسبقانه في جميع الدرجات السابقة وفي تاريخ التخرج والتعيين كما أنه لا يجوز التذرع بأنه يفوقهما في المؤهلات الدراسية إذ أنهما يسبقانه في الحصول على المؤهل الجامعي الأصلي وهو بكالوريوس العلوم إذ حصلا عليه في سنة 1931 و1933 في حين أن المدعي حصل عليه في سنة 1937 كما أن أحدهما حصل على دبلوم المعهد العالي للتربية سنة 1935 فالمؤهلات ليست وحدها مدار رجحان الكفاية عند الترقية بالاختيار مع ذلك بل إن هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة وتستخلص منها استخلاصاً معقولاً هذه الأفضلية عند الاختيار وتقديرها في كل ذلك سليم سائغ ما دام قد تبين لهذه المحكمة أنه محمول على عناصر وقرائن تسمح به وأنه مستند إلى اعتبارات مقبولة تسانده وما دام أن المدعي لم يستطع إثبات أن تقدير لجنة شئون الموظفين كان صادراً عن الغرض والهوى.
ومن حيث إنه لم تثبت أية مخالفة للقانون في القرار محل الطعن كما لم يقم أي دليل على إساءة استعمال السلطة فيكون الحكم المطعون وقد ذهب هذا المذهب سديداً مستوفي الأسباب ويتعين تأييده ورفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات..