الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 387 لسنة 37 ق جلسة 8 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 32 ص 175

جلسة 8 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين.

---------------

(32)
الطعن رقم 387 لسنة 37 القضائية

(1) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب" حيازة. "شروط وضع اليد".
الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم. شروطها. عدم لزوم علم المالك بها علم اليقين. كفاية أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها.
(2) محكمة الموضوع. نقض. "سلطة محكمة النقض". حيازة.
سلطة محكمة الموضوع في التحقق من استيفاء الحيازة لشروطها. لا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3 و4) حيازة.
(3) كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري. عدم إخلاله بصفة الاستمرار.
(4) العبرة - في الحيازة - بالحيازة الفعلية، وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.
(5) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم "التقادم المكسب". حيازة. إيجار.
استئجار المطعون عليه أرض النزاع من مصلحة الأملاك في سنة 1943. شراؤه هذه الأرض من مورثه بعقد مسجل في سنة 1948. تمسكه بملكية البائع بالتقادم الطويل. قضاء الحكم المطعون فه بثبوت هذه الملكية تأسيساً على أن البائع حاز تلك الأرض بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع وأن عقد الاستئجار لم ينفذ بالتسليم. لا خطأ.
(6) دعوى. "مصروفات الدعوى".
مصاريف الدعوى يحكم بها على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها. م 357 مرافعات سابق. الخصم المدخل للحكم في مواجهته والذي لم يكن له شأن بالنزاع. عدم جواز إلزامه بالمصروفات.

---------------
1 - الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم، وإن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء أو اللبس في قصد التملك بالحيازة، كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته، وبقدر الحاجة إلى استعماله، إلا أنه لا يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين، وإنما يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها، ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء في كل الأوقات دون انقطاع، وإنما يكفي أن يستعمله كما يستعمله المالك في العادة، على فترات متقاربة منتظمة.
3 - كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري لا يفيد أن الحيازة متقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار.
4 - العبرة - في الحيازة - بالحيازة الفعلية، وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.
5 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى من الأسباب السائغة التي أوردها إلى أن مورث المطعون عليه قد حاز الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بنية التملك وبصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه في سنة 1948، وأن عقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليه في سنة 1943 لم ينفذ بالتسليم، وكان هذا العقد حجة على المتعاقدين لا ينصرف أثره إلى المورث الذي لم يكن طرفاً فيه، ولا يعتبر صفته ولا يجعل حيازته عرضية، وهو لم يقترن بتسليم العين للمستأجر وحيازتها لحساب مصلحة الأملاك، فلا يكون له تأثير على حيازة المورث الأصلية، وتظل مع استمرارها صحيحة، لا هي عرضية وقتية، ولا هي مفقودة أو مقطوعة ويترتب عليها أثرها في كسب الملك، ولا يحول العقد دون تمسك المستأجر بحق سلفه في كسب الملك بالتقادم، لأنه لا يدعي حيازة لنفسه على خلاف سنده، وإنما يدعي بحق في الحيازة اكتمل لسلفه، ولا وجه للتحدي باعترافه بالملكية لمصلحة الأملاك بمقتضى عقد الإيجار، لأنه لا يملك النزول عن حق سلفه قبل انتقاله إليه، وكان الثابت أن مورث المطعون عليه باع الأرض المتنازع عليها إلى المطعون عليه بعقد مسجل بتاريخ 13/ 4/ 1948 وأن المطعون عليه تمسك بملكية البائع لهذه الأرض بالتقادم الطويل، ولم يتمسك بحيازة يدعيها لنفسه على خلاف عقد الإيجار، فإن الحكم إذ قضى بثبوت ملكية البائع بالتقادم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
6 - مصاريف الدعوى لا يحكم بها - على مقتضى المادة 357 من قانون المرافعات السابق إلا على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها. وإذ كان الثابت أن الطاعن الأول أقام الدعوى على المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته للأرض المبينة بصحيفتها، وببطلان عقود البيع الصادرة لهم عن هذه الأرض. وشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة عليها، وأنه أدخل فيها الطاعن الثاني بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته، وأن الطاعن الثاني لم يدفع الدعوى بشيء، ولم يكن له شأن في النزاع الذي دار فيها أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامه مع الطاعن الأول بالمصروفات، فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزير الشئون البلدية والقروية أقام الدعوى رقم 242 سنة 1957 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم وطلب في مواجهة الطاعن الثاني الحكم (أولاً) بثبوت ملكية الحكومة إلى قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى الكائنة بزمام بندر المطرية وتسليمها خالية مما يشغلها وإزالة ما عليها من غراس ومنشآت وغيرها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم وإلا قام بإزالتها على نفقتهم. (ثانياً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم بتاريخ 13/ 4/ 1948 والذي بمقتضاه باع مورث المدعى عليهم من الثاني حتى العاشر هذه القطعة إلى المدعى عليه الأول (ثالثاً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2224 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وهو الذي بمقتضاه باع المدعى عليه الأول 65 متراً من هذه القطعة إلى المدعى عليه الحادي عشر (رابعاً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2225 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وهو الذي بمقتضاه باع المدعى عليه الأول 130 متراً من هذه القطعة إلى المدعى عليهما الثاني عشر والثالث عشر (خامساً) إلغاء التأشيرات والتسجيلات المترتبة على هذه العقود الباطلة (سادساً) إلزام المدعى عليهم عدا الأخير بالمصروفات والأتعاب. وقال بياناً للدعوى إن الحكومة تملك ببندر المطرية قطعة أرض مساحتها 780 متراً مربعاً برقمي 344 و345 في المربع 124 وهي واردة في سجل مساحة فك الزمام باسم الحكومة ضمن القطعة 1 بحوض/ 1 في زمام العصافرة المتداخلة في كردون بندر المطرية وكانت الحكومة تباشر عليها كافة حقوقها وتقوم بتأجيرها للأفراد، وأن المدعى عليه الأول استأجرها بعقد مؤرخ 27/ 4/ 1943 لمدة سنة يبدأ من 1/ 1/ 1943 إلا أنه تواطأ مع والده إضراراً بالحكومة على أن بيعه والده هذه القطعة بموجب عقد مسجل برقم 2620 بتاريخ 3/ 4/ 1948 نص فيه على أن البائع تملكها بوضع اليد المدة الطويلة قبل سنة 1924، وقام المدعى عليه الأول ببيع جزء منها مساحته 65 متراً مربعاً إلى المدعى عليه الحادي عشر بعقد مسجل تحت رقم 2224 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وببيع جزء مساحته 130متراً مربعاً إلى المدعى عليهما الثاني عشر والثالث عشر بعقد مسجل تحت رقم 2225 بتاريخ 24/ 4/ 1952، وانتهى من ذلك إلى طلب الحكم له بالطلبات، وبتاريخ 14/ 2/ 1961 حكمت المحكمة بندب خبير لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه، ثم عادت بتاريخ 17/ 11/ 1964 فحكمت بثبوت ملكية المدعي إلى هذه القطعة وببطلان عقود البيع المشار إليها وإلغاء التأشيرات والتسجيلات المترتبة عليها، وذلك في مواجهة المدعى عليه الرابع عشر وألزمت المدعى عليه الأول بالمصروفات. واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 311 سنة 16 قضائية. وبتاريخ 4/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن مورث المستأنفين العشرة الأول والبائع للمستأنف الأول وضع يده على الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للتملك بشروطها القانونية، وبعد أن نفذت هذا الحكم وبتاريخ 9/ 5/ 1967 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهما وإلزامهما بصفتهما بالمصروفات عن الدرجتين ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت نقض الحكم نقضاً جزئياً وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل الأسباب الثلاثة الأولى أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن الأول مستنداً في ذلك إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون عليهم وما جاء بتقرير الخبير من أن والد المطعون عليهم تملك الأرض موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وهو من الحكم قصور وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون من وجوه (أولها) أن أقوال شاهدي المطعون عليهم وتقرير الخبير لا تتضمن مظاهر وضع اليد من جانب والد المطعون عليه الأول لأن قيامه بردم الأرض موضوع النزاع منذ أربعين سنة دون اتخاذ أي مظهر آخر أو القيام بنزع بعض الأعشاب منها والحصول على شهادة من الجيران بوضع يده عليها لتقديمها إلى الشهر العقاري لا يدل على حيازة قانونية تؤدي إلى اكتساب ملكيتها بالتقادم (وثانيها) أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة بأن ردم الأرض - إن صح حدوثه - يعتبر من قبيل التسامح لأن الثابت بالأوراق أن أرض النزاع كانت جزءاً من بحيرة المنزلة، وأن مجرد ردمها في مدة شهر لاستغلالها لا يفيد استمرار الحيازة وإنما هو سبيل لبدء حيازتها بالزراعة أو البناء إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الذي يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف، واعتمد على قيام والد المطعون عليه الأول بردم الأرض موضوع النزاع دون بحث العناصر والصفات القانونية الواجب توافرها في الحيازة (وثالثها) أن الحكم قرر أن وضع اليد اكتملت مدته قبل رفع الدعوى، في حين أن الثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن الأول أمام محكمة أول درجة أن لجنة تقدير الإيجار المشكلة من مندوب الحكومة ورجال السلطة المحليين أثبتت في محاضرها بتاريخ 21/ 9/ 1936 و23/ 4/ 1939 أن الأرض موضوع النزاع تغمرها مياه البحيرة، وهو ما يفيد أن الأرض لم تكن في حيازة المورث حتى ذلك التاريخ، كما أن الثابت بعقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك الأميرية للمطعون عليه الأول بتاريخ 27/ 4/ 1943 أن الأرض المؤجرة فضاء وبها غاب وحشائش وهو ما يستبعد وضع يد المورث عليها عن طريق الزراعة أو البناء حتى أبرم المطعون عليه الأول عقد البيع في 13/ 4/ 1948، وأعقبه هذا الأخير بإقامة البناء على أرض النزاع في سنة 1953 إلا أن الحكم اعتبر وضع يد المورث سابقاً على إبرام هذا العقد وأغفل بحث هذه المستندات اكتفاء بأقوال شاهدي المطعون عليهم وهي أقوال مرسلة يشوبها الاضطراب والغموض (ورابعها) أن الحكم قرر أن الحكومة لم تنفذ عقد الإيجار المؤرخ 27/ 4/ 1943 ولم تطالب المستأجر بأي مبلغ في حين أن الثابت من تقرير الخبير أن المطعون عليه الأول قام بسداد الأجرة المستحقة عن سنة 1943 ولم يذكر المطعون عليه الأول أو الشاهدان أن العقد لم ينفذ، كما قدم الطاعن أمام محكمة أول درجة الإيصال المؤرخ 29/ 5/ 1943 والثابت فيه قيام المطعون عليه الأول بسداد الأجرة عن هذه السنة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم وإن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء. أو اللبس في قصد التملك بالحيازة كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته وبقدر الحاجة إلى استعماله إلا أنه لا يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين وإنما يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء في كل الأوقات دون انقطاع وإنما يكفي أن يستعمله كما يستعمله المالك في العادة وعلى فترات متقاربة منتظمة. ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون، ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وإذ كان الواقع في الدعوى أن الأرض موضوع النزاع كانت جزءاً من بحيرة المنزلة وأصبحت قطعتين على شارع بمدينة المطرية، وأن الخبير المنتدب في الدعوى أثبت في معاينته أنه مقام عليها مبان للسكن بالطوب الأحمر والأسمنت المسلح، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله "إنه يبين من التحقيق الذي أجرته المحكمة أن المستأنف...... أشهد..... و....... فشهد كل منهما أن...... اشترى من والده........ وأن الأخير كان يمتلك الأرض المبيعة إلى المستأنف منذ أربعين سنة تقريباً وأن أحداً لم ينازع البائع في وضع يده وأن مظهر وضع يد....... البائع أنه هو الذي قام بردم الأرض المبيعة بنفسه وأنه عندما أراد واضع اليد أن يبيع لوالده المستأنف الأول طلب منه الشهر العقاري مستندات التمليك فأحضر شهادة من الجيران وكبار السن ومن مشايخ البلد ومن رجال الإدارة بوضع يده" وأنه "ثبت من تقرير الخبير أن والد المستأنف الأول قام بردم الأرض المتنازع عليها منذ أربعين سنة ووضع اليد عليها، ثم تصرف فيها بالبيع إلى ابنه المستأنف الأول بموجب عقد مسجل في سنة 1948، وقد قام هذا الأخير بالتصرف فيها وكذلك بموجب عقود مسجلة أيضاً وذلك في سنة 1952" وأنه "يبين من الاطلاع على العقد المسجل رقم 2742 المؤرخ 8/ 4/ 1948 أنه ثبت فيه بالبند الرابع أن البائع يقر بأنه تملك الأرض المذكورة بطريق وضع اليد المدة الطويلة من قبل سنة 1924 وضع يد هادئ بموجب الشهادة الإدارية الموقع عليها من كبار السن والمجاورين ومن رجال الحكومة المحليين ومعتمدة من مركز المنزلة بتاريخ 8/ 5/ 1947 قسيمة رقم 904471 -" ومن ذلك يبين أن الحكم اعتمد على أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والقرائن التي ساقها في ثبوت حيازة والد المطعون عليه الأول لأرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة ومستمرة وبنية التملك قبل تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه الأول في سنة 1948، وهي أدلة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتواجه دفاع الطاعن الأول بما أوردته من بيان مظاهر الحيازة طوال هذه المدة وهو ما ينفي عن الحيازة مظنة التسامح وشبهة الخفاء ويتضمن الرد على ما ورد بمحاضر لجنة الإيجارات من أن الأرض كانت تغمرها البحيرة في سنة 1939، لأن كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري لا يفيد أن الحيازة منقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار، كما يتضمن الرد على ما تمسك به الطاعن الأول من تأجير هذه الأرض إلى المطعون عليه الأول في سنة 1943 واقتضاء الأجرة عن هذه السنة لأن العبرة بالحيازة الفعلية وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة. إذ كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من أقوال الشهود ومن تقرير الخبير أن عقد الإيجار لم ينفذ بالفعل بحسب ما هو ثابت بالأوراق في محضر التحقيق وفي تقرير الخبير فإن الحكم إذ رتب على ذلك تملك والد المطعون عليه الأول لأرض النزاع وصحة عقود البيع الصادرة منهما فإنه لا يكون مشوباً بالقصور أو الفساد في الاستدلال أو الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه عول على حيازة المطعون عليه الأول في اكتساب ملكية الأرض موضوع النزاع بالتقادم وهو خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن حيازة مورثه كانت على سبيل التسامح ويشوبها عيب الخفاء وعدم الاستمرار فتنتقل إلى خلفه المطعون عليه الأول بصفاتها التي تحول دون اكتساب الملكية بالتقادم، ولأن المطعون عليه الأول وقد استأجر الأرض موضوع النزاع من مصلحة الأملاك الأميرية بمقتضى عقد مؤرخ 27/ 4/ 1943 يكون قد اعترف بملكيتها للأرض فلا يجوز له أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده ولو لم تحصل منه الأجرة عن السنوات التالية لأن السكوت عن تحصيلها يرتب سقوط الحق فيها بالتقادم إذا توافرت شروطه ولا يترتب عليه زوال العقد، بل يظل العقد قائماً منتجاً لكافة آثاره ولا يغير من ذلك عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليه الأول بالتواطؤ إضراراً بحق الجهة الإدارية مالكة الأرض لأن عقد الإيجار يخوله الحق في الانتفاع فتكون الحيازة مشوبة بالغموض ولا يتوافر فيها ركن القصد اللازم لكسب الملك بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه انتهى من الأسباب السائغة التي أوردها على ما سلف البيان إلى أن مورث المطعون عليه الأول قد حاز الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بنية التملك وبصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه الأول في سنة 1948، وأن عقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليه الأول في سنة 1943 لم ينفذ بالتسليم، وإذ كان هذا العقد حجة على المتعاقدين لا ينصرف أثره إلى المورث الذي لم يكن طرفاً فيه ولا يغير صفته ولا يجعل حيازته عرضية وهو لم يقترن بتسليم العين للمستأجر وحيازتها لحساب مصلحة الأملاك فلا يكون له تأثير على حيازة المورث الأصلية، وتظل مع استمرارها صحيحة لا هي عرضية وقتية ولا هي مفقودة أو مقطوعة ويترتب عليها أثرها في كسب الملك ولا يحول العقد دون تمسك المستأجر بحق سلفه في كسب الملك بالتقادم، لأنه لا يدعي حيازة لنفسه على خلاف سنده وإنما يدعي بحق في الحيازة اكتمل لسلفه، ولا وجه للتحدي باعترافه بالملكية لمصلحة الأملاك بمقتضى عقد الإيجار، لأنه لا يملك النزول عن حق سلفه قبل انتقاله إليه. إذ كان ذلك، وكان الثابت أن مورث المطعون عليهم باع الأرض المتنازع عليها إلى المطعون عليه الأول بعقد مسجل بتاريخ 13/ 4/ 1948 وأن المطعون عليه الأول تمسك بملكية البائع لهذه الأرض بالتقادم الطويل ولم يتمسك بحيازة يدعيها لنفسه على خلاف عقد الإيجار، فإن الحكم إذ قضى بثبوت ملكية البائع بالتقادم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن الثاني بالمصروفات قد خالف القانون، ذلك أن الطاعن الثاني أدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهته بشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة على عقود البيع المشار إليها بالصحيفة كما لم توجه إليه طلبات أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مصاريف الدعوى لا يحكم بها على مقتضى المادة 357 من قانون المرافعات السابق إلا على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها، وإذ كان الثابت أن الطاعن الأول أقام الدعوى على المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته للأرض المبينة بصحيفتها وببطلان عقود البيع الصادرة لهم عن هذه الأرض وشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة عليها وأنه أدخل فيها الطاعن الثاني بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته، وأن الطاعن الثاني لم يدفع الدعوى بشيء ولم يكن له شأن في النزاع الذي دار فيها أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامه مع الطاعن الأول بالمصروفات فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلزام المستأنف عليه الأول والذي يمثله الطاعن الأول بالمصروفات عن الدرجتين.

الطعن 384 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 127 ص 875

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(127)
الطعن رقم 384 لسنة 34 القضائية

(أ) وقف. "مسئولية ناظر الوقف".
تقصير ناظر الوقف نحو أعيانه أو غلاته. ضمان ما ينشأ من تقصيره الجسيم. لا يسأل عن التقصير اليسير إلا إذا كان له أجر على النظر.
(ب) وقف. "مسئولية ناظر الوقف". "الغبن الفاحش في إيجار الوقف". إجارة.
اختلاف فقهاء الشريعة الإسلامية في ضمان متولي الوقف الغبن الفاحش في أجر عقار الوقف من عدمه. غالبية المتأخرين من الفقهاء يرون ضمان الغبن الفاحش ولو كان متعمداً أو عالماً به. هذا الرأي تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر. تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به. اعتباره تقصيراً جسيماً يسأل عنه دائماً.
(ج) إجارة. "إجارة الوقف". "مسئولية ناظر الوقف". وقف.
عدم صحة إجارة الوقف بالغبن الفاحش. عدم بيان المادة 631 من القانون المدني مسئولية ناظر الوقف عن هذا الغبن. خلو المواد الأخرى في القانون المدني من تحديد هذه المسئولية.

--------------
1 - إذا قصر ناظر الوقف نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامناً دائماً لما ينشأ عن تقصيره الجسيم أما ما ينشأ عن تقصيره اليسير فلا يضمنه إلا إذا كان له أجر على النظر. وهو ما نصت عليه المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946.
2 - اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية فيما إذا كان متولي الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه وإنما يلزم المستأجر أجر المثل وقال البعض من هؤلاء أن المتولي يلزمه تمام أجر المثل وذهب رأي ثالث إلى أن المتولي يضمن نصفه ونصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولي يضمن الغبن الفاحش لو كان متعمداً وعلى قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون جناية تستوجب عزله. وهذا الرأي الأخير هو ما تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائماً.
3 - اقتصرت المادة 631 من القانون المدني على تقرير أن إجارة الوقف بالغبن الفاحش لا تصح، دون أن تبين مسئولية ناظر الوقف عن هذا الغبن كما خلت المواد الأخرى الواردة في القانون المدني في الباب الخاص بإيجار الوقف من تحديد هذه المسئولية لأن موضعها خارج عن نطاق هذا الباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الأوقاف "المطعون ضدها الأولى" أقامت الدعوى رقم 514 سنة 1959 كلي طنطا على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وقالت في بيانها إنه بموجب عقد تاريخه 21/ 9/ 1951 أجر الطاعن بصفته ناظراً على وقف عبد اللطيف فايد الخيري إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث أرضاً زراعية للوقف المذكور مساحتها 84 ف و13 ط و10 س لمدة ثلاث سنوات تنتهي في آخر سنة 1954 الزراعية بإيجار سنوي قدره 1353 ج أي بواقع 16 ج للفدان الواحد سنوياً وقد تبين لوزارة الأوقاف بعد حلولها بمقتضى القانون رقم 247 سنة 1952 محل الطاعن في النظر على هذا الوقت أن هذه الإجارة فيها غبن فاحش لأن أجر المثل للفدان من الأرض المؤجرة لا يقل عن 130 جنيهاً سنوياً في عام 1951 و1952 الزراعية ولا عن 27 ج و440 م في كل من السنتين التاليتين، وأنه إذ كانت المادة 362 من القانون المدني توجب على المستأجر لأرض الوقف في حالة استئجاره لها بغبن فاحش تكملة الأجرة إلى أجر المثل وكان يحق للوزارة أن تطالب بصفتها ناظرة للوقف مستأجري الأرض بقيمة الفرق بين الإيجار المتفق عليه وأجر المثل عن المدة الواردة بالعقد وقدره 3118 ج و538 م كما أن الطاعن يعتبر مسئولاً شخصياً عن هذا المبلغ لإساءته إدارة الوقف وتأجيره لأعيانه بغبن فاحش فقد انتهت الوزارة إلى طلب الحكم أصلياً بإلزام المطعون عليهما الثاني والثالث المستأجرين متضامنين بأن يدفعا لها بصفتها المبلغ سالف البيان واحتياطياً بإلزام الطاعن بأدائه لها على سبيل التعويض. وفي 27/ 12/ 1960 حكمت المحكمة (أولاً) في الطلب الأصلي برفض الدعوى قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث على أساس أنه لا يجوز مطالبتهما بتكملة الأجرة بعد انتهاء عقد الإيجار. (ثانياً) وفي الطلب الاحتياطي وقبل الفصل في موضوعه بندب أحد خبراء وزارة العدل للانتقال إلى الأطيان موضوع الدعوى ومعاينتها وتقدير أجر المثل لها في 21/ 9/ 1951 تاريخ تحرير عقد الإيجار - وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 17 إبريل سنة 1962 برفض الدعوى قبل الطاعن - فاستأنفت الوزارة قضاءها لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 281 سنة 12 قضائية وفي 14/ 4/ 1964 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للوزارة بصفتها مبلغ 2166 ج و780 م فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتين دفعت في الأخيرة منهما ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث وبرفضه موضوعاً بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثاني.
وحيث إن النيابة أسست الدفع ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث على عدم قيام الطاعن بإعلانه بالطعن.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 13 يونيو سنة 1965 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون وقد خلت الأوراق مما يثبت قيام الطاعن بإعلان تقرير الطعن للمطعون ضده الثالث خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ العمل بذلك القانون وحتى انقضى الميعاد الذي منحه إياه القانون رقم 4 لسنة 1967 ومن ثم يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة له ولما كان هذا الطعن موجهاً إلى قضاء الحكم في الطلب الاحتياطي الذي تنحصر الخصومة فيه بين الطاعن والمطعون ضده الأول بصفته الذي أعلن بالطعن ولم يكن المطعون ضده الثالث الذي لم يعلن طرفاً في هذه الخصومة ولم يقض له الحكم المطعون فيه بشيء مما يجعل اختصامه في هذا الطعن غير لازم بل وغير جائز فإن بطلان الطعن بالنسبة إليه لا يترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة لمن أعلن من الخصوم.
وحيث إن الطعن غير مقبول أيضاً بالنسبة للمطعون ضده الثاني لأنه كالمطعون ضده الثالث لم يكن طرفاً في الطلب الاحتياطي الذي اقتصر الطعن على قضاء الحكم فيه ولم يقض له هذا الحكم بشيء مما يجعل اختصامه في هذا الطعن غير جائز.
وحيث إنه بالنسبة للمطعون ضده الأول "وزير الأوقاف بصفته" فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور لم يبين السند القانوني الذي يوجب إلزامه وهو ناظر الوقف السابق بأن يدفع من ماله الخاص قيمة الغبن الفاحش وهي الفرق بين الأجرة التي أجر بها أعيان الوقف وبين أجر المثل إذ أن الحكم المطعون فيه بعد أن خطأ محكمة أول درجة في عدم أخذها بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير الذي عينته من حيث اعتبار الإيجار الصادر من الطاعن بغبن فاحش وأورد الأسباب التي تجعله يأخذ بهذه النتيجة انتهى إلى القول "بأنه لما تقدم ولأن المادة 631 من القانون المدني تنص على أنه لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش يتعين إلزام الطاعن بما ضاع على الوقف بسبب تفريطه" - وهذا الذي ذكره الحكم ليس فيه بيان للسند القانوني الذي استند إليه في إلزام الطاعن بقيمة الغبن لأن المادة 631 التي أشار إليها الحكم لا تلزم ناظر الوقف بشيء في حالة تأجيره أعيانه بالغبن الفاحش وإنما تلزم المستأجر بتكملة الأجرة إلى أجر المثل ومن ثم فلا تصلح هذه المادة سنداً قانونياً لإلزام الطاعن بما ألزمه به الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك لأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأصلي الذي كان موجهاً إلى المستأجرين عرض للطلب الاحتياطي الموجه إلى الطاعن وأورد الأسباب التي تجعله يخالف الحكم الابتدائي ويأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير من اعتبار أجر المثل للفدان من الأرض المؤجرة من الطاعن بصفته ناظراً للوقف 25 ج مما يعتبر معه الإيجار حاصلاً بالغبن الفاحش ثم قال الحكم "وحيث إنه لما تقدم وكانت المادة 631 مدني تنص على أنه لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش وكان يبين من أوراق الدعوى أن المستأنف عليه الثالث (الطاعن) الناظر السابق على الوقف وإن كان قد نشر في إحدى الجرائد عن مزايدة لتأجير أطيان الوقف إلا أنه لم يقدم ما يدل على قيامه بإجراء المزايدة وأجر أطيان الوقف للمستأنف عليهما الأول والثاني مع أن ناظر الوقف يلزمه التحري في تصرفاته حتى تكون موافقة لصالح الوقف مما يترتب عليه ضياع غلة الوقف بتفريطه ومن ثم فعليه ضمانها" - ولما كانت المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 التي تحدد مسئولية ناظر الوقف تنص على أنه "يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين.. والناظر مسئول عما ينشأ عن تقصيره الجسيم نحو أعيان الوقف وغلاته وهوة مسئول أيضاً عن تقصيره اليسير إذا كان له أجر على النظر" وحكم هذه المادة إن هو إلا ترديد لحكم المادة 521 من القانون المدني الملغي وإعمال لحكم المادة 704 من القانون المدني القائم وهما المادتان اللتان تحددان مسئولية الوكيل بصفة عامة - ومفاد ذلك أن ناظر الوقف إذا قصر نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامناً دائماً لما ينشأ عن تقصيره الجسيم أما ما ينشأ عن تقصيره اليسير فلا يضمنه إلا إذا كان له أجر على النظر - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن سجل على الطاعن التفريط إلا أنه لم يبين ما إذا كان هذا التفريط الذي أسنده إليه يصل إلى حد التقصير الجسيم الذي يجعل الناظر ضامناً دائماً أم هو من قبيل التقصير اليسير الذي لا يسأل عنه إلا إذا كان يعمل في الوقف بأجر وفي هذه الحالة يجب التثبت من وجود الأجر وعدمه وهو الأمر الذي غفل الحكم أيضاً عن إظهاره - لما كان ذلك وكانت أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية ليس فيها ما يغني هذه المحكمة عن بيان الحكم للأمور المتقدمة فقد اختلفوا فيما إذا كان متولي الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه وإنما يلزم المستأجر أجر المثل وقال البعض من هؤلاء إن المتولي يلزمه تمام أجر المثل لأنه كالأب على مال الصغير ليس لأيهما ولاية الحط وذهب رأي ثالث إلى أن المتولي يضمن نصفه ونصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولي يضمن الغبن الفاحش لو كان متعمداً وعلى قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون خيانة تستوجب عزله وهذا الرأي هو ما تأخذ به هذه المحكمة لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائماً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد غفل فيما غفل عن بيانه عن إظهار ما إذا كان الطاعن متعمداً التأجير بالغبن الفاحش أو عالماً به أو أنه كان حسن النية في ذلك - وكان لا غناء في استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة 631 من القانون المدني لأنها اقتصرت على تقرير أن إجارة الوقف بالغبن الفاحش لا تصح دون أن تبين مسئولية الناظر عن هذا الغبن كما خلت المواد الأخرى الواردة في القانون المدني في الباب الخاص بإيجار الوقف من تحديد هذه المسئولية لأن موضعها خارج عن نطاق هذا الباب - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا من بيان السند القانوني لقضائه وأعجز محكمة النقض عن ممارسة وظيفتها في مراقبة صحة تطبيقه للقانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن رقم 8401 لسنة 86 ق جلسة 26 / 9 / 2019

باسم الشعب

محكمـة النقـض

الدائرة الجنائية

جلسة الخميس( د )الموافق 26من سبتمبر سنة 2019

الطعن رقم 8401لسنة 86 قضائية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد المستشار/ عمر بريك"نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة االمستشارين/ محمد العكازي، عبد الله فتحي ،جلال عزت ومحمد وئام عبد الله"نواب رئيس المحكمة"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)حكم " حجيته". دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها الفصل فيها " .نقض " مالا يجوز الطعن فيه من أحكام". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

انتهاء الحكم الاستئنافي بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإعادة القضية لمحكمة أول درجة . غير منه للخصومة . علة وأساس ذلك؟.

وجب على المحكمة أن تعيدها لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها.

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وأخرين في قضية الجنحة رقم ..... لسنة 2011 اقتصادية القاهرة (والمستأنفة برقم .... لسنة 2015) بأنهم في غصون الفترة من 20 من سبتمبر سنة 2010 حتى 2 من ديسمبر سنة 2010 بدائرة قسم شرطة قصر النيل – محافظة القاهرة:-

أولاً:- المتهمون من الأول حتى الثالث:-

لم يسجلوا أوامر العملاء فور ورودها بكافة البيانات من تسجيل اسم مُصدر الأمر وصفته وساعة وكيفية وروده على النحو المبين بالأوراق.

ثانياً:-المتهمان الثاني والرابع:-

1-قاما بإجراء عمليات بيع وشراء من شأنها الإضرار بمصالح عملائها على النحو المبين بالأوراق.

2-لم يقوما بتنفيذ أوامر العملاء بحسب تاريخ وساعة ورودها للشركة على النحو المبين بالأوراق.

ثالثاً:-المتهم الثالث أيضاً:-

-لم يضمن اللائحة الداخلية للشركة بياناً بنظام الرقابة الداخلية لها بما يؤدي إلى سرعة اكتشاف أي مخالفة على النحو المبين بالأوراق.

رابعاً:-المتهم الرابع أيضاً:-

1-لم يقم بإبرام عقد فتح حساب عملاء الشركة تتضمن البيانات التي حددها القانون على النحو المبين بالأوراق.

2-قام بالتعامل لحساب أحد العاملين لديه وهي المدعوة/ ...... بدون إخطار الهيئة العامة للرقابة المالية.

خامساً:- المتهمان الثالث والرابع أيضاً:-

-قاما بإجراء تعاملات على حساب عملائها بدون إذن أو تفويض منهم على النحو المبين بالأوراق.

سادساً:-المتهمين من الأول وحتى الرابع:-

-لم يتأكدوا من مطابقة العمليات التي يجرونها لأحكام القانون على النحو المبين بالأوراق.

سابعاً:-المتهمين جميعاً:-

-قاموا بالتأشير على سعر الورقة (ركتا 9) بأن قاموا بتنفيذ عمليات بيع وشراء فيما بينهم بقصد التأثير على تداول الورقة المالية سالفة الذكر وإعطاء صورة غير صحيحة عن حجم ونشاط تلك الورقة في السوق.

وطلبت عقابهم عملاً بالمواد 63/6 ، 67 ، 68/1 من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 والمعدل بالقانون رقم 123 لسنة 2008 ، والمواد 90 ، 91 فقرة أولى ، 95 فقرة ثانية ، 218 بند" 7 " ، 236 فقرة أولى ، 243/2 ، 256 ، 319 ، 261 ، 321/1، 2 ، 7 ، 9 من لائحته التنفيذية.

وقضت المحكمة حضورياً في 26 من مايو سنة 2013 قبل المتهمين جميعاً عدا المتهمين الخامس والسادس والثامن والحادي عشر -غيابياً بالنسبة لهم- بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.

وأعادت النيابة العامة تقديم ذات الدعوى أمام محكمة أول درجة وبجلسة 27 من ديسمبر لسنة 2014 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية.

واستأنفت النيابة العامة وقيد استئنافها برقم .... لسنة 2015 جنح اقتصادي ومحكمة القاهرة الاقتصادية بهيئة استئنافية قضت بجلسة 8 من إبريل سنة 2015 حضورياً للمتهمين الأول والثاني والثالث والسابع والعاشر والثاني عشر وغيابياً للمتهمين الخامس والسادس والثامن والتاسع والحادي عشر بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للحكم في موضوعها.

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض في 26 من مايو سنة 2015.

وطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض في 3 من يونية سنة 2015.

وطعن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض في 7 من يونية سنة 2015.

وطعن المحكوم عليه الرابع في هذا الحكم بطريق النقض في 3 من يونية سنة 2015.

وطعن المحكوم عليه الخامس في هذا الحكم بطريق النقض في 21 من مايو سنة 2015.

وطعن المحكوم عليه السادس في هذا الحكم بطريق النقض في 21 من مايو سنة 2015.

وطعن المحكوم عليه السابع في هذا الحكم بطريق النقض في 4 من يونية سنة 2015.

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض من الطاعن الأول في 26 من مايو سنة 2015 موقع عليها من الأستاذ/ المحامي.

وأودعت مذكرتين بأسباب الطعن بالنقض من الطاعن الثاني والرابع في 3 من يونية سنة 2015 موقع عليهما من الأستاذ/ المحامي.

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض من الطاعن الثالث في 7 من يونية سنة 2015 موقع عليها من الأستاذ/ المحامي.

وأودعت مذكرتين بأسباب الطعن بالنقض من الطاعن الخامس والسادس في 21 من مايو سنة 2015 موقع عليهما من الأستاذ/ المحامي.

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض من الطاعن السابع في 4 من يونية سنة 2015 موقع عليها من الأستاذ/ المحامي.

وتداول الطعن أمام محكمة استئناف القاهرة دائرة طعون نقض الجنح وبجلسة 28 من يونية سنة 2018 قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن.

وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا:

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إنما فصل في الاستئناف المرفوع من النيابة العامة عن الحكم الصادر في الدفع الفرعي والمتعلق بإجراءات المحاكمة وقبل الفصل في الموضوع والذي قضى بإلغاء الحكم المستأنف بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، وذلك للأدلة والقرائن التي ساقها وانتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها الفصل فيها ، وإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها عملاً بالفقرة الثانية من المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يقضى إلا برفض الدفع بعدم الجواز نظر الدعوى لسابقة الحكم فيه فهو - على خلاف ظاهرة - لم ينهِ الخصومة أمام محكمة الموضوع ولم ينبني عليه منع السير في الدعوى ، إذ مازال موضوعها معروضاً على محكمة أول درجة ولم يصدر فيها حكم نهائي بعد ، فإنه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً ، لأنه حكم مقصور على مسألة فرعية ولم ينه الخصومة في الدعوى عملاً بنص المادة 31 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ولا محل للقول بأن هذا الحكم سوف يقابل من محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها باعتبار أنها قد استنفدت ولايتها ، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه إذا حكمت المحكمة الاستئنافية برفض الدفع الفرعي بنظر الدعوى الذي قبلته محكمة الدرجة الأولى وجب عليها أن تعيد القضية لها للحكم في موضوعها مما لا يتسنى لها معه أن تحكم بعدم جواز نظرها. وحيث إنه لما كان ما تقدم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن و مصادرة الكفالة و تغريم الطاعنين مبلغاً مساوياً لها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بعدم قبول الطعن مع مصادرة الكفالة وتغريم الطاعنين مبلغاً مساوياً لها.