الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 25 يونيو 2023

الطعن 12789 لسنة 91 ق جلسة 28 / 2 / 2023

باسم الشعـب

محكمة النقـض

دائرة الثلاثاء (د)

الدائرة الجنائية

===

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عادل الكناني نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة المستشارين / سامح صبـري نائب رئيس المحكمة ومحمد سعيـد البنا وأمير إمبابي ومحمـد رجب عطوان

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد عبد الوهاب .

وأمين السر السيـد / عماد عبد اللطيف.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الثلاثاء 8 من شعبان سنة 1444 هـ الموافق 28 من فبراير سنة 2023 م.

أصدرت الحكم الآتــي

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 12789 لسنــة 91 القضائيــة .
المرفــوع مــن
1- محمود أحمد السيد محمود سالم عوض 2- كامل أحمد السيد محمود سالم عوض
3- محمد أحمد السيد محمود سالم عوض
4- أحمد السيد محمود سالم عوض المحكوم عليهم
ضــــد
النيابة العامة

--------------
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعنين في قضية الجناية رقم 10226 لسنة 2019 جنايات مركز شرطة منشأة القناطر (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 4600 لسنة 2019 كلي شمال الجيزة) بأنهم في 27 من يوليو سنة 2019 - بدائرة مركز شرطة منشأة القناطر - محافظة الجيزة:-
المتهم الأول - تعدي بالضرب علي المجني عليه / محمد فرحات سيد أحمد سالم مستخدماً سلاح أبيض جنزير وذلك بأن كال له ضربه بالسلاح - انف البيان - علي مؤخرة رأسه محدثاً إصابته الواردة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يصعب برؤها تتمثل في كسر منخسف بالجدارية اليمني والتي تقدر بحوالي عشرين بالمائة .
المتهم الثاني : ـــ تعدي بالضرب علي المجني عليه / عبد النبي أبو الحديد أحمد سالم مستخدماً أداة معجلة الاشتعال مولوتوف بأن قام بإلقائها صوبه فأحدثت اصابته بقدمه اليمني المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً .
-  المتهمان الأول والثالث ـــ تعديا بالضرب علي المجني عليه / احمد ابو الحديد احمد سالم باستخدام سلاحين أبيضيين سنجة ، حديده محدثين اصابته الواردة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بالأوراق .
المتهم الرابع :ــ تعدي بالضرب علي المجني عليه / محمد فرحات سيد أحمد سالم باستخدام سلاح أبيض ماسورة بأن كاله ضربة استقرت بذراعه الايسر محدثاً اصابته الواردة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق.
المتهمون جميعاً :- -حازوا واحرزوا أسلحة بيضاء وأدوات ) سنجة ، جنزير ، مولتوف ، حديدة ، ماسورة ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى محامي بصفته وكيلا ًعن الوالي الطبيعي للمجني عليه الأول وعن المجنى عليه الثاني قبل المتهم الثالث بمبلغ عشرة الاف وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت وقبل المتهمين جميعاً بمبلغ عشرة الاف وواحد جنيه على سبيل التعريض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة 28 من يونيه سنة 2021 – وعملاً بالمواد 55 ، 56 ، 240/1 ، 241 / 1 – 2 ، 242/1- 3 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرر /1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل والبند رقم ٧ من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون مع إعمال مقتضي نص المادتين ١٧ ، 32 من قانون العقوبات حضورياً : بمعاقبة / محمود أحمد السيد محمود سالم عوض بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند اليه ، وبمعاقبة كل من كامل أحمد السيد محمود سالم عوض ، محمد أحمد السيد محمود سالم عوض ، أحمد السيد محمود سالم عوض بالحبس مع الشغل لمدة سنة عما اسند إليهم وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وألزمتهم بالمصاريف الجنائية واحالة الدعويين المدنيين الي المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض في 14 من أغسطس سنة 2021 . وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في 14 ، 24 ، 25 من أغسطس سنة 2021 موقع عليها من المحامي/..... ، ...... .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

----------------
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدان الأول بجريمة الضرب المفضي إلى العامة ، وأدانهم جميعاً بجريمة الضرب البسيط باستخدام أدوات ، وحيازة وإحراز أدوات وأسلحة بيضاء مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والبطلان ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة خلت من بيان كاف لواقعة الدعوى ودور كل منهم على حدة ، ولم يستظهر القصد الجنائي في جريمة الضرب لديهم وأركان جريمة احراز وحيازة الأسلحة البيضاء بغير مسوغ رغم منازعتهم في توافرهما ، ولم يشر إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، واكتفى في بيان أقوال شهود الاثبات بترديد ما ورد بقائمة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، وأحال في بيان أقوال الضابط مجرى التحريات إلى ما حصله من أقوال شهود الإثبات الثلاثة الأول رغم ما بينهم من خلاف واكتفى بإيراد نتيجة التقرير الطبي الشرعي ولم يورد مضمونه والأسانيد التي أقيم عليها في بيان واف ، واستند إلى ذلك التقرير في إدانة الأول رغم بطلانه لعدم اتباع الأصول العلمية في تحديد العاهة ولم يرد على دفاعه في هذا الخصوص المؤيد بالتقرير الاستشاري المقدم منه ، وعلى الدفاع القائم على انتفاء الصلة بين ما وقع من اعتداء وبين العاهة لكون الإصابة التي نشأت عنها العاهة نتيجة حادث مروري سابق على الواقعة ، وبتلفيق الاتهام وكيديته والمؤيد بالمستندات التي لم يشر اليها ، ودون أن تجر المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن بسؤال المختص فنياً وصولاً إلى وجه الحق في الدعوى ، ولم يعن برفع التناقض بين الدليلين القولي والفني ، واعتنق تصوير المجني عليهم للواقعة رغم عدم معقوليته وتعدد رواياتهم وتناقضها مع بعضها بشأن كيفية حدوث الواقعة وعدم وجود شهود رؤية تؤيد أقوالهم ، واستند إلى تحريات الشرطة رغم عدم صلاحيتها كدليل إدانة لجهالة مصدرها وعدم جديتها لشواهد عددوها ولم يرد على الدفع بعدم جديتها ، وإلى أقوال الشاهدين الرابع والخامس دون أن يكون لها أصل بالأوراق ، وإلى التقارير الطبية رغم أنها دليل إصابة وليست دليل إدانة ، ولم يدلل على وجود اتفاق بين الطاعن الأول وبين باقي الطاعنين على ارتكاب جريمة العاهة ، والتفت عن أقوال شهود النفي التي تفيد أن المجنى عليهم هم من بادروا بالاعتداء عليهم ، ولم يستظهر الباعث على ارتكابهم الواقعة ، وأدانهم رغم عدم مثولهم بالتحقيقات ، وخلو الأوراق من دليل يقيني على الادانة مستنداً إلى أدلة ظنية بما ينبيء عن أن المحكمة قد استبدت بها الرغبة في الإدانة ، وأدان الرابع بإحداث إصابة المجنى عليه الأول رغم أن أقوال الأخير قد خلت من أي اتهام له ، وخلا مشروع الإحالة المقدم من المحقق من ذكر اسمه بما يفصح عن إن ما جاء بأمر الإحالة بشأنه لا سند له من الأوراق ، وأغفل دفاعهم القائم على شيوع الاتهام وانتفاء صلتهم بالواقعة وعدم معقولية تصويرها وبتناقض أقوال شهود الاثبات، والتفت عن طلبهم بدفاعهم المسطور سؤال شهود نفى ، وعرضهم على الطب الشرعي لبيان ما بهم من إصابات ، وأورد بمدوناته أن التحريات توصلت الى صحة الواقعة على خلاف الثابت بها من أن الواقعة مجرد تشابك بالأيدي ولم يكن بحوزة أي من المتهمين أسلحة أو أدوات ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي أدان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي والتقرير الطبي الصادر من مستشفى منشأة القناطر المركزي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ولما كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته - قد بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان كاف ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعنين بما يفصح عن الدور الذي قام به كل منهم في الجريمة التي دانهم الحكم بها ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام و هو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة و عن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه مساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى - كما أوردها الحكم - و هو ما تحقق في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفى لتحقق جريمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص مجرد الحيازة المادية - طالت أم قصرت - وأيا كان الباعث عليها ولو كان لأمر عارض أو طارىء ، لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذى يتحقق بمجرد حيازة أو إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص عن علم وإدراك ، وإذ كان الثابت من وقائع الدعوى وأقوال شهود الإثبات أن الطاعنين كان بحوزتهم أسلحة بيضاء ، فإن ذلك ما يكفى للدلالة على قيام جريمة حيازة أسلحة بيضاء في حقهم، ولا يقدح في سلامة استدلال الحكم ، عدم ضبط الأسلحة البيضاء المستخدمة في ارتكاب الجريمة، ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن الطاعنين كانوا محرزين لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذ الطاعنين بها بقوله : الأمر الذى يتعين معه عملا بالمادة 304/2 ، 309، 313 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبتهم بالمواد 17 ، 32 ، 55 ، 56 ، 240 /1 ، 241/1-2 ، 242/1-3 من قانون العقوبات ، والمواد ۱/۱ ، ۲5 مكرر / ١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل والبند رقم ( ۷ ) من الجدول رقم ( ۱ ) الملحق بالقانون . فان ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، وإذ كان الطاعنون لا يجادلون في أن ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات الثلاثة الأول له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهم فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الرابع مجر التحريات إلى ما أورده من أقوال الشهود المذكورين ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهم قد اختلفت بشأن بعض التفصيلات التي لم يحصلها الحكم ، اذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد الرابع إلى ما حصله من أقوال الشهود الثلاثة سالفي الذكر فيما اتفقوا فيه أنه التفت عن تلك التفصيلات ، مما ينحسر معه عن الحكم دعوى القصور في التسبيب والخطأ في التحصيل في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الطب الشرعي الموقع على المجنى عليهم وبين الإصابات التي لحقت بهم ووصفها وأنه قد تخلف لدى المجنى عليه / محمد فرحات سيد من جرائها عاهة مستديمة ونسبتها وسببها فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ولا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه التقرير الطبي الشرعي وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية - التقرير الطبي الاستشاري ، وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة الطبيب الشرعي في تقريره ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، فإن النعي على الحكم في ذلك الشأن لا يكون سديداً ، هذا فضلاً عن انعدام مصلحة الطاعن الأول من نفى مسؤوليته عن إحداث العاهة مادامت العقوبة المقضي بها عليه تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب البسيط ، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة ۱۷ من هذا القانون ، ذلك بأن المحكمة إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني ، ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها تقتضي بالنزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما أورده من دليل قولي لا يتعارض مع ما حصله من التقرير الفني بل يتلاءم معه فإن هذا حسبه كيما يستقيم قضاؤه بغير تناقض بين الدليلين . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن تلفيق الاتهام وكيديته والتفات الحكم عن المستندات المقدمة منهم لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي والذي لا يقبل أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود و تقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ، و كان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً ، و كانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها و أوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه ، و من ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تناقض أقوالهم . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت الجريمة والحكم على مرتكبها وجود شاهد رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال المجنى عليهم والضابط مجرى التحريات وتقرير الطب الشرعي وتقرير مستشفى منشأة القناطر المركزي ، وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصح عن اطمئنانها إليه فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من سياق الحكم المطعون فيه أنه عول في الإدانة على أقوال المجنى عليهم - شهود الإثبات من الأول إلى الثالث - والضابط مجرى التحريات وتقريري الطب الشرعي ومستشفى منشأة القناطر المركزي ، فإن ما أورده الحكم - في موضع آخر منه - بشأن أقوال الشاهدين الرابع والخامس المشار إليهما في أسباب الطعن لا يقدح في سلامته ، إذ هو مجرد خطأ مادى و زلة قلم لا تخفى. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم ، إلا أنها تصح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعنين من الثاني إلى الأخير بجريمة إحداث عاهة مستديمة التي أدان بها الطاعن الأول وحده فان ما يثيرونه في شأن عدم تدليل الحكم على اتفاقهم مع الأول على ارتكابها يكون وارداً على غير محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به و هى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الباعث على إرتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون في خصوص عدم سؤالهم بتحقيقات النيابة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذ نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام أن له مأخذه من الأوراق ، وكان ما يثيره الطاعنون في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة ظنية الدلالة ، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليهم كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن الرابع في التمسك بما عسى أن يكون الحكم قد وقع فيه من خطأ في الإسناد فيما يتعلق بواقعة الضرب البسيط التي أدين بها مع تهمة إحراز سلاح أبيض دون مسوغ قانوني مادام الحكم قد عاقبه عن الجريمتين بعقوبة واحدة تطبيقاً للمادة ۳۲ من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح الأبيض دون مسوغ قانوني باعتبارها الجريمة الأشد التي أثبتها في حقه ، فإنه لا جدوى للطاعن سالف الذكر فيما يثيره تعييباً للحكم بشأن جريمة الضرب البسيط . لما كان ذلك ، وكان رأى وكيل النيابة بالنسبة للتصرف في الجنايات لا يعدو أن يكون اقتراحاً خاضعاً لتقدير المحامي العام المختص وحده - أو من يقوم مقامه - والذي من حقه إطراح رأى وكيل النيابة وعدم الأخذ به، ومن ثم فإنه لا يجدى الطاعن الرابع ما يثيره بشأن خلو مشروع الاحالة الذي أعده وكيل النيابة المحقق من ذكر اسمه - بفرض صحته - طالما أن أمر المحامي العام بإقامة الدعوى الجنائية قبله قد تم صحيحاً في القانون وهو ما لا يمارى فيه الطاعن سالف الذكر ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان . ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة و لا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام ، وبانتفاء صلة الطاعنين بالواقعة وبعدم معقوليتها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب سؤال شهود نفى وعرض الطاعنين على مصلحة الطب الشرعي لا يتجهان إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة ، وإنما الهدف منهما مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنهما والتفتت عن إجابتهما ، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الاسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت اليها، وكان ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم فيما نقله عن التحريات على النحو الوارد بأسباب الطعن - بفرض صحته - لم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجرائم التي أدانهم بها ، ومن ثم فان دعوى الخطأ في الاسناد تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بالغرامة بالإضافة إلى عقوبة الحبس المقضي بها على الطاعنين الثاني والثالث والرابع إعمالاً لنص المادة ٢٥ مكرر / ١ من القانون رقم ۳۹٤ لسنة ١٩٥٤ المضافة بالقانون رقم ١٦٥ لسنة ١٩٨١ والمستبدلة بالقانون رقم 5 لسنة ٢٠١٩ بحسبان أن جريمة احراز وحيازة الأدوات والأسلحة البيضاء بغير مسوغ هي الجريمة ذات العقوبة الأشد، إلا أنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ إذ أن الطعن مرفوع من المحكوم عليهم ، و لا يُضار الطاعنون بطعنهم ، لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 11 لسنة ۲۰۱۷ في شأن تعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد اختص محكمة النقض بنظر موضوع الدعوى إذا نقضت الحكم المطعون فيه ، ولما كان تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع و محصلته النهائية ، ومن ثم فإنه من غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن رقابة محكمة النقض - بعد التعديل الذي سنه الشارع بالقانون المشار إليه والمعمول به في الأول من شهر مايو سنة ۲۰۱۷ ، ومن ثم فقد بات متعيناً بسط رقابة هذه المحكمة - محكمة النقض - على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة ، دون حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع وتأسيساً على ذلك ، فإن هذه المحكمة - تقضى لما ارتأته من ظروف الطعن - بتعديل الحكم المطعون فيه الساري عليه التعديل المذكور لصدوره بعده ، وذلك بجعل العقوبة المقضي بها على الطاعن الأول الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها على الطاعن الأول محمود أحمد السيد محمود سالم عوض الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ورفض الطعن فيما عدا ذلك

الطعن 69 لسنة 50 ق جلسة 13 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 378 ص 2032

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبحي رزق داود، عبد العاطي إسماعيل، جهدان حسين عبد الله ورابح لطفي جمعة.

---------------

(378)
الطعن رقم 69 لسنة 50 القضائية

إيجار. "إيجار الأماكن". خبرة. "مهمة الخبير". حكم. ما يعد قصوراً.
تكييف الرابطة بين الخصوم مسألة قانونية لا يجوز للخبير التطرق إليها ولا للمحكمة النزول عنها. وصف الخبير للعلاقة بين الخصوم بأنها تأجير من الباطن وليست مشاركة في الاستغلال. اعتداد المحكمة بالتقرير دون أن تعرض بأسباب مستقلة لتكييف العلاقة خطأ وقصور.

----------------
إذ كان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنين بملف الطعن أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع مؤداه أن الرابطة القانونية بينهم وبين آخر هي مشاركته في استغلال وإدارة جزء من الورشة المقامة على أرض النزاع وأن هذه المشاركة تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في النتيجة التي خلص إليها على ما ساقه الخبير في تقريره للتدليل على أن التصرف القانوني الذي أجراه الطاعن الأول وهو تأجير من الباطن وأن عقد الشركة المقدم هو عقد صوري ورتب الحكم على ذلك قضاءه بفسخ العقد حالة أن وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانوني عليها - وهي مسألة قانونية بحتة - فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها، ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها ولايتها وحدها، هذا إلى أن الحكم لم يتناول دفاع الطاعنين بالبحث والتمحيص، ولم يورد أسباباً تكفي لحمل ما انتهى إليه من رفض ما تحاجوا به رغم أن مثل هذا الدفاع لو صح فإنه يؤثر في النتيجة ويتغير به وجه الرأي مما مقتضاه أن تواجهه محكمة الموضوع صراحة وتفرد أسباباً للرد عليه، وما أغنى عنه استنادها لما أورده الخبير في هذا الصدد، وإذ لا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنه، وإذ كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عما أثاره الطاعنون من دفاع جوهري فإنه يكون مشوباً بقصور في التسبيب جره إلى خطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3483 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن وآخرين للحكم بإخلائهم من قطعة الأرض المبينة بصحيفتها وقال بياناً لذلك أن مورث الطاعنين وآخر استأجرا منه بعقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1967 قطعة أرض فضاء مسورة، وبتاريخ 1/ 11/ 1968 أبرموا ملحقاً لذلك العقد نص فيه على استمرار العلاقة الإيجارية بين مورث الطاعنين والمطعون عليه، وإذ توفي المورث، وعين الطاعن الأول وصياً خاصاً على أولاده القصر قام بتأجير جزء من الأرض لآخر دون موافقة كتابية من المطعون عليه بالمخالفة لعقد الإيجار وملحقة ولذلك أقام دعواه. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بفسخ عقد الإيجار المؤرخ في 1/ 2/ 1967 وملحقه المؤرخ 1/ 11/ 1968 وإخلاء الطاعنين من عين النزاع. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 6005 سنة 95 قضائية القاهرة، وبتاريخ 17/ 12/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي استند إلى ما أورده الخبير في تقريره من أن الوصي الخامس (الطاعن الأول) أجر من الباطن جزءاً من الورشة، ورتب على ذلك تحقق شروط المادة 157/ 1 من القانون المدني في حق الطاعنين، وانتهى لذلك إلى القضاء بفسخ عقد الإيجار والإخلاء، في حين أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم بأنهم لم يخلوا بالتزامهم العقدي، وأن التصرف القانوني الذي أجراه الطاعن الأول (الوصي الخاص) لا يعدو أن يكون إشراك آخر معه في الأعمال الصناعية والتجارية التي أنشئت الورشة بغرض القيام بها، وهو ذات النشاط الذي كان يمارسه مورثهم مما يحق معه للورثة الاستمرار في القيام بذات النشاط استقلالاً أو بطريق المشاركة، وقد آثر الطاعن طريقة المشاركة لما تحققه للقاصر وباقي الورثة من نفع، إلا أن الحكم المطعون فيه استند إلى تقرير الخبير سالف البيان ولم يعن بتمحيص ما أبدوه من دفاع جوهري والتفت عن الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يحق لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تحيط بها معارضة والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها فحسب، إلا أنه يتعين عليه أن يكون عقيدته في فهم الواقع في الدعوى استمداداً من العناصر المطروحة عليه جميعها وألا يغفل بحث ما يثيره الخصوم من دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. ثم ينزل الصحيح من الأوصاف والكيوف على الدعوى ويطبق عليها حكم القانون، لما كان ذلك وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنين بملف الطعن أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها مؤداه أن الرابطة القانونية بينهم وبين آخر هي مشاركة في استغلال مع إدارة جزء من الورشة المقامة على أرض النزاع إن هذه المشاركة لا تعد تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في النتيجة التي خلص إليها على ما ساقه الخبير في تقريره للتدليل على أن التصرف القانوني الذي أجراه الطاعن الأول هو تأجير من الباطن وأن عقد الشركة المقدم هو عقد صوري، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بفسخ العقد حالة أن وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانون عليها وهي مسألة قانونية بحته فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها ولايتها وحدها إلا أن الحكم لم يتناول دفاع الطاعنين بالبحث والتمحيص، ولم يورد أسباباً تكفي لحمل ما انتهى إليه من رفض ما تحاجوا به رغم أن مثل هذا الدفاع لو صح فإنه يؤثر في النتيجة ويتغير به وجه الرأي مما مقتضاه أن تواجهه محكمة الموضوع صراحة وتفرد أسباباً للرد عليه وما أغنى عنه استنادها لما أورده الخبير في هذا الطعن وإذ لا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عما أثاره الطاعنون من دفاع جوهري، فإنه يكون مشوباً بقصور في التسبيب جره إلى خطأ في تطبيق القانون لما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 12654 لسنة 91 ق جلسة 28 / 2 / 2023

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

الثلاثاء ( هـ )

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عبد الرسول طنطاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد زغلول ومحمد فريد بعث الله وعبد الحميد جابر ووائل صلاح الدين الأيوبي نواب رئيس المحكمة

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ عمر تاج .

وأمين السر السيد/ محمد دندر .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الثلاثاء 8 من شعبان سنة 1444 ه الموافق 28 من فبراير سنة 2023 م .

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 12654 لسنة 91 القضائية .
المرفوع من:
مينا عادل فليب رمزي . محكوم عليه
ضد
النيابة العامة

------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 3151 لسنة ٢٠٢٠ جنايات قسم شبرا المقيدة رقم ٧٣٩ لسنة ۲۰۲۰ كلي شمال القاهرة . بأنه في غضون عام ۲۰۱۸ بدائرة قسم شبرا - محافظة القاهرة :-
1 - هدد المجني عليها / ...... كتابة عن طريق تطبيق - الواتس اب - بإفشاء أمور مخدشة بالشرف تمثلت في نشر صور خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي وكان ذلك مصحوباً بتكليف تمثل في طلب مبالغ مالية من المجني عليها نظير عدم النشر، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
۲ - استعمل صور المجني عليها / ...... وذلك حال نقلها عن طريق الهاتف الخاص به إلى شقيقها وهدده بإفشاء ونشر الصور آنفة البيان للعامة لحمله على الاستجابة لمطلبه .
3 - تعدى على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها / ...... وذلك بأن نشر بأحدي وسائل تقنية المعلومات تطبيق الواتس أب معلومات وصور تنتهك خصوصيتها دون رضائها على النحو المبين بالتحقيقات .
4 - تعمد إزعاج ومضايقة المجني عليها/ ...... بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالاتهام السابق.
٥ - سب المجني عليها / ...... بأن أسند لها ألفاظ من شأنها تقليل من مقدار احترامها وتحط من كرامتها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 28 من يونيه سنة ۲۰۲1 عملاً بالمواد 32 ، 166 مكرر ، 171/3 ، 306 ، 309 مكرر 1/أ ، 327/1 من قانون العقوبات والمادة ٢٥ من القانون رقم ١٧٥ لسنة ۲۰۱٨ بشأن جرائم تقنية المعلومات ، والمواد ١ ، ٧٠ ، ٧٦/2 من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ الخاص بتنظيم الاتصالات مع إعمال نص المادة 32 من القانون الأول ، بمعاقبة / مينا عادل فليب رمزي بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية.
فقرر الأستاذ / ...... المحامي - بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 31 من يوليو سنة ۲۰۲۱.
وأودعت مذكرة أسباب طعنه في 2 من أغسطس سنة ۲۰۲۱ موقع عليها من ذات الأستاذ المحامي المقرر بالطعن .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التهديد بإفشاء أمور خادشة للشرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي – فيس بوك – والمصحوب بطلب مبالغ نقدية واستعمال صور المجني عليها والتهديد بنشرها للعامة وانتهاك حرمة حياتها الخاصة بغير رضاها وتعمد إزعاجها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وسبها بألفاظ تخدش شرفها واعتبارها ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع واعتراه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين الأدلة التي أقام عليها قضاءه بالإدانة وأركان جريمة التهديد بما يخالف نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وأغفل الرد على دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 257 لسنة 2019 جنح شبرا المقضي فيها بالبراءة ورد بما لا يصلح رداً على دفاعه بعدم انطباق قيد ووصف النيابة العامة على الواقعة لشواهد أوردها تفيد أنه لم يقم بتهديد المجني عليها وأنها هي التي نشرت صورها عبر موقع التواصل الاجتماعي ، والتفت عن المستندات المقدمة منه بجلسة المحاكمة والتي تفيد براءته من التهم المسندة إليه بما يدل على كيدية الاتهام وتلفيقه ، فضلاً عن أن الحكم اطمأن إلى أن الهاتف المملوك للطاعن هو المستخدم في ارتكاب الجريمة رغم أن الأوراق قد خلت من دليل يفيد ملكيته لهذا الهاتف ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن على الحكم بأنه لم يبين الأدلة وأركان جريمة التهديد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الركن المادي في جناية التهديد المنصوص عليها في المادة 327 من قانون العقوبات يتوافر إذا وقع التهديد كتابة وكان التهديد مصحوباً بطلب أو تكليف بأمر، وكان الحكم قد أورد بأسبابه قيام الطاعن بتهديد المجني عليها وشقيقها عبر المحادثات التي تمت بينهما على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق التليفون المحمول الخاص به بنشر صورة مخدشة بشرفها واعتبارها ، وقد اقترن تهديده بطلب مبالغ مالية جراء عدم نشر هذه التسجيلات . لما كان ذلك ، وكان مصطلح الكتابة قد ورد في المادة 327 سالفة الذكر على سبيل البيان في صيغة عامة لتشمل كافة وسائل الكتابة المختلفة سواء كانت بالطرق التقليدية أو بإحدى الوسائل الالكترونية الحديثة ، فإذا أثبت الحكم على الطاعن إرساله عبارات التهديد عبر المحادثات على أحد مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق التليفون المحمول الخاص به بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليها لحملها على أداء ما هو مطلوب ، فإنه يكون قد استظهر أركان جريمة التهديد كما هي معرفة به في القانون ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس ، كما أن القصد الجنائي في الجريمة المذكورة يتوافر متى ثبت لمحكمة الموضوع أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليها مما قد يكرهه على أداء المطلوب منه – وهو ما لم يخطئ الحكم في استظهاره مدللاً عليه بأدلة سائغة تؤدي إلى ما خلص إليه الحكم منها ، فإن دعوى القصور في التسبيب المدعى بها تكون لا أساس لها . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض ، وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أنه سبق القضاء نهائياً ببراءته في القضية التي أشار إليها في أسباب طعنه ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه ، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاءها في ذلك سليم – كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، هذا فضلاً عن أن الحكم رد على هذا الدفاع واطرحه برد سائغ . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن نعي الطاعن على الحكم التفاته عما ورد بالمستندات المقدمة بجلسة المحاكمة تفيد بكيدية الاتهام وتلفيقه له – على فرض صحتها – يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن من كيدية الاتهام وتلفيقه ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه – وخلافاً لما يذهب إليه الطاعن بأسباب الطعن – قد أورد في مدوناته أن شركة أورانج أفادت بأن الهاتف الخاص بالطاعن هو المستخدم في ارتكاب الجريمة ، كما جاء ذلك أيضا بأقوال الضابط شاهد الإثبات وبتقرير الفحص الفني للهاتف الخاص بشقيق المجني عليها من أن الطاعن هو مستخدم الهاتف المستعمل في ارتكاب الجريمة ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.


الطعن 6581 لسنة 90 ق جلسة 28 / 2 / 2023

باسم الشعــــــب

محكمــــــــــــة النقـــض

دائرة الثلاثاء (د)

الدائرة الجنائية

===

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عـادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشاريـن / سـامح صبري نائب رئيس المحكمـــة محمـد سعيد البنـا وصالح محمد حجاب ومحمـد رجب عطـوان

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد عبد الوهاب .

وأمين السر السيـد / عماد عبد اللطيف.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الثلاثاء 8 من شعبان سنة 1444 هـ الموافق 28 من فبراير سنة 2023 م.

أصدرت الحكم الآتــي

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 6581 لسنــة 90 القضائيــة .
المرفــوع مــن
نبيل فرحات خليل جرجس المحكوم عليه
ضــــد
النيابة العامة

------------
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة كل من 1- عبير محمد زكريا صادق ، 2- نبيل فرحات خليل جرجس ( الطاعن ) فـي قـضـية الجنايـة رقـم 13508 لسـنـة ٢٠١5 قسم شرطة الرمل أول
( المقيدة بالجدول الكلى برقم 2948 لسنة 2015 كلي شرق الإسكندرية ) بأنـهما في يوم 11 من أغسطس سنة 2014 ، 25 من أكتوبر سنة 2014 ــــ بدائرتي قسم منشآه ناصر والرمل أول ــــ محافظتي القاهرة والإسكندرية :ــــــ
- قتلاً عمداً مع سبق الإصرار المجني عليها الطفلة / فايزة وليد سعيد بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتلها بأن قام المتهم الثاني بالتعدي عليها بالضرب والضغط على صدرها بقصد إزهاق روحها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياتها في حينه حال تواجد المتهمة الأولي للشد من أزره وعلى النحو المبين بالتحقيقات. وقد تقدمت تلك الجناية وارتبطت بها جناية وجنحة أخرى أنه في ذات الزمان والمكان :
- قاما بخطف المجني عليها الطفلة / فايزة وليد سعيد محمد والتي لم تبلغ اثنتي عشر عاماً بطريق التحايل بقصد طلب فدية مالية من أهليتها وعلى النحو المبين بالأوراق .
- تحصلا على المبلغ المالي المبين قدراً بالأوراق خمسة ألاف جنيه والمملوك للمجني عليه وليد سعيد محمد وكان ذلك بطريق التهديد بارتكاب الجريمة ضد المجني عليها سالفة الذكر وعلى النحو المبين بالأوراق.
- أخفيا جثة المجني عليها سالفة الذكر بأن قاما بدفنها عقب أن نسب أهليتهما إليها زوراً .
وأحالتـــهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعـاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى وغيابياً للثاني في 10 من أبريل سنة 2017 وبإجماع الآراء بمعاقبتهما بالإعدام شنقاً والزمتهما المصاريف الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها بطريق النقض قيد بجدولها برقم 12884 لسنة 87 ق ومحكمة النقض قضت بجلسة 13 من مايو سنة 2018 بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليها شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم وإعادة القضية الى محكمة الإسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخري .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قررت حضورياً بجلسة 30من نوفمبر سنة 2019 وبإجماع الآراء بإحالة أوراق المتهم إلى فضيله مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي في الاتهام المسند للمتهم نبيل فرحات خليل جرجس وحددت جلسة 9 من يناير سنة 2020 للنطق بالحكم. وبتلك الجلسة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، والمواد 230 ، 231 ، 234/2 ، 239 ، 289 ، 326 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات . أولا: بمعاقبة المتهم الثاني / نبيل فرحات خليل جرجس بالإعدام شنقاً عما أسند إليه ، والزمته المصاريف الجنائية. ثانياً : بمعاقبة المتهمة الأولى / عبير محمود زكريا صادق بالسجن المشدد لمدة خمسة عشرة سنة عما اسند اليها وألزمتها المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه الثاني فـي هـذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 2019.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

--------------
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
أولاً : الطعن المقدم من المحكوم عليه :
حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم فيه غير مقبول شكلاً ، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد المحدد في القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه . لما كان ما تقدم، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً.
ثانياً عرض النيابة العامة للقضية :-
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها خلصت فيها إلى طلب اقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه / نبيل فرحات خليل جرجس، إعمالاً لنص المادة ٤٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩، بتوقيع غير مقروء منسوب لرئيس نيابة شرق الإسكندرية الكلية، ومؤشر عليها بالنظر بتوقيع غير مقروء - أيضاً - من المحامي العام الأول، ودون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة ميعاد الستين يوماً المحدد في المادة ٣٤ من هذا القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد ، وعدم التوقيع على المذكرة بتوقيع مقروء لمحام عام على الأقل وفقاً للتعديل الوارد على المادة سالفة البيان بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧، وعلى ما جري به قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، يستوي في ذلك
أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته أو تم بمذكرة لم تستوف بعض أوضاعها الشكلية، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله: إن المتهم الثاني في غيبة من الضمير واتسامه بأخلاق متردية والتحلي بصفات رزيلة بث الشيطان ريح خبثه فيه واعطى لوسواسه لجام سوقه أن يسلب من والدى المجنى عليها فايزة وليد سعيد المال من خلال خطفها وهي تبلغ من العمر سنة وتهديدهما بالأم بعدها وفراقهما لأعز وأغلي ما يملك الأنسان وهي إحدى زين الحياة الدنيا إلا أن المتهم الثاني / نبيل فرحات خليل جرجس وبقساوة قلب وارتداع في حماة الجريمة وبنفس بين برديه ملؤها فتنة المال وهوان صلة الرحم راح يخطط مع زوجته المتهمة الأولي/ عبير محمود زكريا صادق لخطف الطفلة المذكورة ومساومة والدها على ردها إليه نظير مبلغ مالي وتحقيق ثروة من جراء ذلك وبعد أن اتفقا على خطفها وتلاقي قصدهما على ذلك وحددوا دور كل منهما وفق خطة وضعوها لتنفيذ جريمتهما ونفاذاً لذلك الاتفاق الذي اتجهت فيه إرادتهما إلى خطف المجني عليها ومساومة ذويها لدفع مبلغ نقدي حيث قصد كل منهم قصد الآخر في تنفيذ ذلك الجرم حيث توجهت المتهمة الأولى عبير محمود ذكريا إلى منزل والد المجني عليها بمصر يوم 11/8/2014 بمنطقة منشأة ناصر وطرقت الباب ففتحت لها والدة المجني عليها فايزة وليد سعيد وتدعي/ سحر عبده زكريا وقامت باستضافتها وأحسنت وفادتها لوجود علاقة سابقة بينهم وقامت بخطف المجنى عليها بعد أن أخبرت والدتها أنها سوف تشتري لها بعض الحلوى وذلك طبقاً لاتفاقها مع زوجها المتهم الثاني وتوجهت بها إلى الشقة التي ينتظرها فيها الأخير ثم قاما بمساومة أهلية المجني عليها والحصول منهما على مبالغ مالية مقابل إرجاع المجني عليها لهما فقاما بتحويل مبلغ خمسة آلاف جنيه لهما عن طريق كروت الشحن وتمادي المتهم الثاني في إبعاد المجنى عليها عن والديها هو والمتهمة الأولي غير عابئين بآلامهما النفسية من جراء فراق ابنتهما فلذة كبدهما وقرة عينهما غير منصتين إلى لسان حالهما الصارخ ( اللهم منك العدل من خلقك الجور- اللهم وهبتنا قرة العين فلا تحرمنا منها ) وأصبح فؤاد أم المجني عليها فارغاً تود ملؤه بنظرة إلى نجلتها أو ضمها إلى صدرها بينما أخذ المتهم الثاني في مطالبة والدها بمزيد من المال، ولما أبلغه بعدم قدرته على تحويل ذلك المال وفي غير اتفاق مع المتهمة الأولي أو مشاركة منها أو علمها بما ينوي زوجها فعله طوعت له نفسه قتل المجني عليها فقتلها بأن أرقد المجني عليها على السرير وراح يضربها بعنف ويضغط بكلتا يديه القويتين على صدرها النحيل الضعيف ثم قام برفعها من على السرير وهوي بها على الأرض فارتطم جسدها ورأسها بالأرض بقصد قتلها والتخلص منها وهو ما نتج عنه وفاتها وتم إبلاغ القسم بواقعة الوفاة وأدعي المتهم الثاني أنه والدها وقدم بطاقة باسم مختلف لاستخراج تصريح دفن لها وقاما بدفن المجني عليها بمقابر أبو النور، وثبت من تقرير الصفة التشريحية أنه باستخراج جثة المجني عليها فايزة وليد سعيد البالغة من العمر سنة وأربعة أشهر وجود كسر مشاهد بالضلع الخامس الأيسر من الجهة الأمامية حيوي حديث راضي ينشأ عن المصادمة بجسم صلب راضي أياً كان ويجوز حصوله وفق اعتراف المتهمة الأولي ويعزي وفاتها إلى تلك الإصابة الراضية بما أدت إليه من كسر بالضلع الخامس ونزيف بالتجويف الصدري تبين أثره بالجثة . وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من اعتراف المحكوم عليها الأولى وأقوال الشاهدين سحر عبده زكريا رمضان ووليد سعيد محمد السيد والنقيب / عمرو زيدان أمام سعيد معاون مباحث قسم منشأة ناصر والعميد / إبراهيم علي مبارك على وكيل المباحث الجنائية بقطاع شرق الإسكندرية والمقدم / ياسر محمود شلبي مفتش مباحث الفرقة ومما أورده تقرير الصفة التشريحية ، وحصَّل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المحكوم عليه بالجرائم التي دانه بها وأنزل عليه العقاب بالمواد المنطبقة من قانون العقوبات . لما كان ذلك، وكان الحكم - على السياق المتقدم - قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية، فانه يكون قد سلم من القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم المعروض من أقوال شهود الاثبات واعتراف المحكوم عليها الأخرى بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية - على ما يبين من المفردات المضمومة - له صداه واصله الثابت في الأوراق ولم يحد الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة الخطأ في التحصيل والفساد في التدليل في هذا الصدد . لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنها وإن أشارت في معرض بيان الأدلة التي تساندت إليها المحكمة في ثبوت الواقعة إلى شهادة الشاهد الخامس / ياسر محمود شلبي إلا أنها خلت من التعويل على شيء مما جاء بشهادته، وكان مؤدى ذلك أن المحكمة التفتت عن شهادته ولم يكن لها تأثير في قضائها، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من القصور في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد استظهر قيام علاقة السببية بين إصابة المجني عليها - التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية - وبين وفاتها، فأورد من واقع ذلك التقرير أن المجني عليها البالغة من العمر سنة وأربع أشهر وجد بها كسر مشاهد بالضلع الخامس الأيسر من الجهة الأمامية حيوي حديث راضي ينشأ عن المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة أيا كان ويجوز حصولها وفق اعتراف المتهمة الأولى وتعزى وفاتها إلى الإصابة الراضية بما أدت إليه من كسر بالضلع الخامس ونزيف بالتجويف الصدري تبين أثره عند استخراج الجثة، ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنهما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله لما كان ذلك وكان الثابت أن المتهم الثاني يعلم يقيناً بأن والدي المجني عليها يعلمان تمام العلم بشخص من قام باختطاف نجلته وأمر من ساومه على دفع فدية إطلاق سراحها لوجود علاقة بين المتهمة الأولى وأسرة المجني عليها الأمر الذي يصبح معه كشف هويته وافتضاح أمره أمام والدي المجني عليها أمراً مؤكداً - قام المتهم الثاني بقتل الطفلة الصغيرة المجني عليها بأن أوسعها ضرباً بكلتا يديه ثم قام بإرقادها على السرير وضغط بكلتا يديه القويتين على صدر الطفلة ذات العام من عمرها ثم أمسكها بين يديه ورفعها إلى أعلى وهوي بجسدها الضعيف على الأرض فارتطمت بها ونتج عن ذلك كسر في الضلع الخامس الأيسر من الجهة الأمامية وحدوث نزيف في التجويف الصدري أدي إلى وفاتها ولم يعبأ بوهن جسدها وصغر سنها ولم يستجب لبكائها ويرحم ضعفها وهو ما تستدل منه المحكمة بنية المتهم الثاني قتل الطفلة المجني عليها لستر جريمة خطفها على أثر تعرف والدي المجني عليها على شخصه والمتهمة الأولي وهما معلومان لديهما وذلك أخذاً بالأدلة المار بيانها في ذلك الخصوص الأمر الذي يتوافر معه لدي المتهم الثاني نية إزهاق روح المجني عليها ويتوافر معه في حقه جريمة القتل العمد للمجني عليها . فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه بقوله : " إنه لما كان من المقرر أن مناط توافر ظرف سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني جريمته وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية فهو ظرف متعلق بالقصد ووصف من أوصافه يقصد به تروي الجاني وتدبره قبل إقدامه على ارتكاب جريمته وتفكيره فيها تفكيراً هادئاً لا يشوبه اضطراب وهو على هذا من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوي وعناصرها. لما كان ذلك ، وكان الثابت لدي المحكمة ومن اعتراف المتهمة الأولى محل ثقة المحكمة واطمئنانها أن المتهم الثاني احتجز الطفلة المجني عليها بمسكنه فترة طويلة وأنه على أثر علمه باكتشاف أمره والمتهمة الأولى لدي أهلية الطفلة المجني عليها وأنه لا مناص من التخلص منها لستر جريمة اختطافها فأخذ المتهم الثاني يفكر فيما أعتزم بتنفيذه وهو هادى البال وأخذ يتدبر عواقبه مستعرضاً احتمالات ضبطه وإلقاء القبض عليه أو التنصل من تلك الجريمة في تبصر وتروي وأتاه إلى أن خلص من ذلك إلى ضرورة وحتمية الخلاص من الطفلة المختطفة وقتلها وأقدم على تنفيذ تلك الجريمة تنفيذاً لهذا التصـميم الأمر الذي تري معه المحكمة من ظروف الدعوي وأدلتها المقدمة فيها توافر ركن سبق الإصرار في حق المتهم الثاني وأنه يعد مرتكباً لجريمة القتل عمداً مع سبق الإصرار ". وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى - على السياق الذي سلف بيانه - وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق المحكوم عليه . لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله : " إنه من المقرر قانوناً أن المادة ۲۳٤ عقوبات قد غلظت عقوبة القتل العمدي متي تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن مؤدي نفس تلك المادة هو تشديد العقوبة إلى الإعدام إذا ارتكب الجاني علاوة على فعل القتل العمدي أي فعل مستقل يتميز عنه يكون في ذاته جناية أخري على أن يكون مصاحباً زمنياً لجناية القتل سواء تقدمتها تلك الجريمة أو اقترنت بها أو تلتها زمنياً والعبرة في ذلك التميز هو اعتبار كل جريمة من جريمتي القتل والجريمة المصاحبة لها زمنياً جريمة مستقلة ولا ينال من تلك المصاحبة الزمنية اللازمة لقيام حالة الاقتران أن تكون الجريمة التي سبقت جريمة القتل هي جريمة خطف المجني عليها قد وقعت منذ فترة زمنية بعيدة عن تاريخ وقوع جريمة القتل ، إذ إن جريمة الخطف هي جريمة مستمرة تمتد الحالة الجنائية فيها وتتجدد بتدخل إرادة الفاعل في بقاء المخطوف في الموضع الذي أخفاه فيه فإذا قام الجاني أثناء استمرار الحالة الجنائية للخطف بقتل المخطوف يتوافر في حقه ظرف الاقتران . لما كان ذلك ، وكان الثابت لدي المحكمة أن المتهم الثاني قد قام بقتل المجني عليها على النحو المار بيانه وسبق جريمته تلك ارتكابه مع المتهمة الأولي لجريمة خطف المجني عليها والتي جاءت جريمة مستقلة بأفعالها عن جريمة قتل المجني عليها أخذا بالأدلة أنفة البيان الأمر الذي يتوافر معه ظرف الاقتران في حق المتهم الثاني المنصوص عليه في المادة سالفة البيان ولا يدحض ذلك القول بأن خطف المتهمين للمجني عليها كان سابقاً على قتل المتهم الثاني للمجني عليها بعدة أيام على نحو لا تقوم به المصاحبة الزمنية بين الجريمتين ، إذ إن جريمة الخطف التي ارتكبها المتهمين هى جريمة مستمرة امتدت الحالة الجنائية فيها وتجددت بتدخل إرادة المتهمين في بقاء المجني عليها المخطوفة في شقة المتهمين التي أخفياها فيها وكانت جريمة قتل المتهم الثاني لها أثناء استمرار تلك الحالة الجنائية للخطف بما يتوافر معه في حق المتهم الثاني ظرف الاقتران بجناية سابقة والمشدد لعقوبة القتل العمد . وكان يكفي لتغليظ العقاب عملا ًبالمادة 234/ ٢ عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع،". وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا ًبالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلاً عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل ارادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في ايقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم بياناً للواقعة وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المحكوم عليهما على جريمة الخطف التي أدينا بها من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهه واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من ايقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كلاً منهما فاعلاً اصلياً في تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما أثاره المحكوم عليه من أن للواقعة صورة أخرى ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، فإن ما يثار بشأن استدلال الحكم باعتراف المحكوم عليها الأولى بارتكاب المحكوم عليه الثاني للجريمة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان الحكم المعروض قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات وأقوال مجريها وأطرحه استناداً إلى اطمئنان المحكمة لما جاء بتلك التحريات وأقوال محريها بالتحقيقات وجديتها وكفايتها للأسباب السائغة التي أوردها، فإن ما يثار في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود - أو اعترافات المتهم - ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقض يستعصى على الملاءمة، وكان الحكم قد عرض لما أثاره المحكوم عليه من قيام تعارض بين الدليلين الفني والقولي واطرحه في استدلال سائغ، ومن ثم يكون الحكم قد برئ مما يشوبه في هذا المنحى . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بخلو الأوراق من دليل على ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يكون الحكم قد برئ مما يشوبه في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهود رؤية حال وقوع الفعل منه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما ورد باعتراف المحكوم عليها الأخرى من أن المحكوم عليه يتعاطى المواد المخدرة واطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن المحكوم عليه قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وهو رد كافٍ وسائغ في اطراح ما أثير في هذا الشأن ويكفي لسلامة الحكم . لما كان ذلك، وكان من حق المحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات، وأن المحكمة أمرت بتلاوتها فتليت، ولم يعترض المحكوم عليه على مسلك مدافعه، ومن ثم يكون الحكم المعروض قد سلم من الخطأ في هذا الصدد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، وإذ كان البين من محاضر جلسات المرافعة أن المحكمة وإن أجلت نظر الدعوى كطلب الدفاع عن المحكوم عليه لإعلان شهود نفي إلا أنه اقتصر في جلسة المرافعة الأخيرة على طلب البراءة ولم يتمسك بطلب سماعهم في طلباته الختامية، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن إجابته إلى طلبه. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع ، إلا أنه لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكوم عليه قرر بأنه ليس لديه محام وطلب من المحكمة ندب محام للدفاع عنه فانتدبت له محام ترافع في الدعوى وابدى دفاعه على النحو الثابت بمحضر الجلسة، فان المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع . لما كان ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم ما جاء بكتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامية التي تولت الدفاع عن المحكوم عليه لم يستدل على درجة قيدها بنقابة المحامين لوجود أكثر من اسم متشابه مع اسمها، لما هو مقرر من الأصل في الإجراءات أنها رُوعيت، واذ لم يثبت أن المحامية المنتدبة والتي ترافعت عن المحكوم عليه غير مقيدة أمام المحاكم الابتدائية ، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونا قد تما وفق صحيح القانون . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم مادام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بإطلاق المادة ۲۸۹ من قانون العقوبات دون تخصيصها بفقرتيها الأولى والثالثة لا يعيبه، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم وذلك بتخصيص المادة ۲۸۹ من قانون العقوبات بفقرتيها الأولى والثالثة عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكم النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹5۹ . لما كان ذلك، وكان يبين إعمالاً لنص المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي أدان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ووفقاً للإجراءات التي نص عليها القانون ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه نبيل فرحات خليل جرجس.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة:ــــ أولاً:- بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً . ثانياً :- بقبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه نبيل فرحات خليل جرجس.

السبت، 24 يونيو 2023

الطعن 19625 لسنة 89 ق جلسة 28 / 2 / 2023

باسم الشعــــــب

محكمــــــــــــة النقــــــــــــض

دائرة الثلاثاء (د)

الدائرة الجنائية

===

المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشاريـن / أيمن العشري وسامح صبـري نائبي رئيس المحكمـــة ومحمد سعيد البنا وصالح محمد حجاب

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد عبد الوهاب.

وأمين السر السيـد / عماد عبد اللطيف.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الثلاثاء 8 من شعبان سنة 1444 هـ الموافق 28 من فبراير سنة 2023 م.

أصدرت الحكم الآتــي

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 19625 لسنــة 89 القضائيــة .
المرفــوع مــن
..... المحكوم عليه
ضــــد
النيابة العامة
---------------
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 27101 لسنة 2018 جنايات قسم شرطة الرمل ثان ( والمقيدة بالجدول الكلي برقم 2538 لسنة 2018 كلي شرق الإسكندرية ) بأنه في يوم 1 من أكتوبر سنة 2018 بدائرة قسم شرطة الرمل ثان - محافظة الإسكندرية :-
- خطف بنفسه المجني عليه الطفل / ..... والذي لم يبلغ من العمر ثماني عشر سنه ميلادية كاملة وكان ذلك بدون تحايل أو إکراه بأن طلب منه إحضار بعض المنقولات من المخزن خاصته وما أن دلف المجني عليه المخزن فاحتجزه المتهم بداخله فباعد بذلك بينه وبين ذويه علي النحو المبين بالتحقيقات . وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهى أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان : ـــ
ـــ هتك عرض المجني عليه سالف الذكر والذى لم يبلغ من العمر ثماني عشر سنة ميلادية كاملة بدون قوة أو تهديد بأن نزع عنه سرواله وحسر المتهم ملابسه وأولج قضيبه بدبر المجني عليه على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل والد المجني عليه بصفته ولي طبيعي مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضـورياً في 27 من أغسطس سنة 2019 عملاً بالمادة 289/1-3 من قانون العقوبات والمادة 116 مكرر من القانون 12 لسنة 1996 المضافة بالقانون رقم 126 لسنة 2008 – مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن لمدة ست سنوات وألزمته المصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 18 من سبتمبر سنة 2019. وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 22 من أكتوبر سنة 2021 موقع عليه من المحامي/ .......
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

---------------
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة خطف طفل لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة بغير تحايل ولا إكراه المقترن بهتك عرضه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة ، واستند إلى استدلالات لا ترقى الى مستوى الدليل ولا تؤدى إلى ما رتبه
عليها ، إذ عول على أقوال المجنى عليه استدلالاً ووالديه بالتحقيقات رغم عدم صدقها وتناقضها مع بعضها البعض في مواضع عددها ومع التقرير الطبي الشرعي في شأن تعدد واقعات هتك عرض المجني عليه وكونها سماعية ، وعلى تقرير الطب الشرعي رغم عدم صلاحيته كدليل ادانة لتناقضه مع أقوال شاهدي الاثبات الأول والثانية والتحريات ولقرائن أخرى أوردها ودون أن يورد مضمونه مكتفياً بإيراد نتيجته ، وإلى إقراره بمحضر جمع الاستدلالات رغم صدروه عن إرادة غير حرة لإصابته بمرض الفصام والذهان حسبما ثبت من تقرير المجلس القومي للصحة النفسية وتناقضه مع أقوال المجنى عليه ، وإلى التحريات على الرغم من عدم صلاحيتها كدليل ادانة لجهالة مصدرها وعدم جديتها لشواهد عددها وأطرح دفاعه في هذا الخصوص بما لا يفنده و دون أن تجر المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن بلوغاً الى غاية الأمر فيه، واعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى بشأن حصول هتك العرض بالإكراه أو بدونه بما ينبئ عن أن واقعة الدعوى لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ، ورد على دفاعه بعدم توافر أركان جريمة الخطف في حقه ، وبانتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته بمرض الفصام والاضطراب الشديد في الشخصية، وبتناقض نتيجة تقرير المركز الإقليمي للصحة النفسية بشأن مسئوليته عن أفعاله مع ما ورد بمدوناته من اصابته بمرض الفصام والذهان ودون أن يبين أثر تلك الحالة المرضية على أفعاله بما لا يسوغ، ولم يرد على باقي دفوعه وأوجه دفاعه الجوهرية التي أثارها بالجلسة ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الخطف المقترن بهتك العرض التي أدان الطاعن بها ، وأقام الدليل على صحة الواقعة وإسنادها إلى المتهم من أقوال والدى المجنى عليه وأقوال الضابط مجرى التحريات وما قرره المجنى عليه استدلالاً بالتحقيقات وما ثبت بتقرير الطب الشرعي ومن وثيقة ميلاد المجنى عليه وإقرار المتهم بمحضر الاستدلالات وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى ، وكان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر ، متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عمن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكانت محكمة الموضوع قد افصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه وشاهدي الاثبات وحصلت أدلة الدعوى بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعن في خصوص القوة التدليلية لأقوال المجني عليه وشاهدي الاثبات الأول والثانية لا يكون مقبولاً وينحل في حقيقته إلى مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الطب الشرعي كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عول عليه في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أن المحكمة عولت على تقرير الطب الشرعي رغم أنه لا يعد دليلاً على نسبة الاتهام إليه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المرافعة الأخيرة والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً مما أورده بوجه النعي من قاله التناقض بين تقرير الطب الشرعي وأقوال الشهود والتحريات ، ومن ثم لا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لكونه دفاعاً موضوعياً ، هذا إلى أنه لا يلزم أن تتطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني تطابقاً تاماً ، بل يكفى أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الإقرار في المسائل الجنائية بنوعيه - القضائي وغير القضائي - بوصفه طريقاً من طرق الإثبات إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من عدم صحة الإقرار المعزو إليه ، وكانت المحكمة قد تحققت - للأسباب السائغة التي أوردتها - من أن إقرار الطاعن لرئيس المباحث سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والوقائع ، فلا تثريب عليها إن هي عولت عليه - بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها - وإن كان الطاعن قد عدل عنه بعد ذلك ، هذا
إلى أنه لا يبين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم صحة إقراره لضابط المباحث أو تناقضه مع أقوال المجنى عليه ، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض . لما يتطلبه ذلك من إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة . لما كان
ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة الى التحريات وإنما أقام قضاءه على أقوال المجنى عليه ووالديه وضابط المباحث وتقرير الطب الشرعي وأن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها
إليه ، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن في شأن التحريات يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة اجراء تحقيق ما في الدعوى، فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجه لإجرائه ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها أن المتهم قام باستدراج المجنى عليه إلى المخزن الخاص بمحل التنجيد الذي يعمل به ولا يرتاده العملاء ليحضر له كمية من القطن فتوجه المجنى عليه إلى المخزن ثم تبعه المتهم وحال وصوله قام بحمله وأرقده على منضدة وحسر عنه بنطاله وأولج به من دبر حتى أمنى به وهدده بالقتل إن هو أخبر والديه بما فعل به ، ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض على النحو المبين بمدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفى لقيام واقعة الخطف التي تتحقق بها هذه الجريمة انتزاع الطفل من بيئته ، وقطع صلته بأهله ، وأن القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من يد ذويه الذين لهم حق رعايته ، وقطع صلته بهم ، مهما كان غرضه من ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء أركان جريمة الخطف في حقه ، وأطرحه في قوله ............ وكان الثابت من الأوراق قيام المتهم باستدراج الطفل المجنى عليه من أمام مسكنه وطلب منه التوجه إلى المخزن الخاص بالمحل الذي يعمل به بعيداً عن رقابة والديه وتعمد المتهم إبعاده عن المكان الذي خطفه منه واستغل ضعف المجنى عليه وحداثة سنه في تحقيق مأربه بخطفه إلى حيث المخزن المذكور بعيداً عن المارة والعملاء ورعاية والديه لينفرد به ويستغل ضعفه ليحمله على المنضدة ويحسر عنه بنطاله ويولج به من دبر مستغلاً بعده عن أعين الرقباء وأهله ومن ثم يبين أن هذه الجريمة قد استكملت أركانها في حق المتهم سيما وأن المادة ۲۸۹ المستبدلة بالقانون رقم ٥ لسنة ۲۰۱۸ لم تشترط لتطبيقها في واقعة الخطف التحايل أو الإكراه ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع في هذا الشأن يضحي في غير محله وتعرض عنه المحكمة . وهو من الحكم رد كاف وسائغ لإطراح هذا الدفع ، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الشأن يكون على أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب
سائغة ، وكان المرض العقلي الذى يوصف بأنه جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً على ما تقضى به المادة ٦٢ من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذى من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأحوال النفسية التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية إنما هى مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحه استناداً إلى ما ورد بتقرير لجنة فحص المتهم عقلياً والذي أفاد بأن المتهم رغم إصابته باضطراب الفصام إلا أن ذلك الاضطراب لم يفقده أو ينقص لديه أي من الإدراك أو الاختيار حال ارتكابه للواقعة مما يجعله مسئولاً عما ارتكبه فيها ، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته كافياً وسائغاً ، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المركز الإقليمي للصحة النفسية واستندت إلى رأيه الفني من مسئولية المتهم عن أفعاله فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبیناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن الدفوع وأوجه الدفاع التي أثارها ولم يعرض الحكم لها بل جاء ما آثاره مرسلاً مجهلاً ، ومن ثم فان منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .