الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 22 سبتمبر 2022

الطعن 45 لسنة 35 ق جلسة 14 / 4 / 1990 إدارية عليا مكتب فني 35 ج 1 أحزاب ق 4 ص 113

جلسة 14 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة نواب رئيس مجلس الدولة ومن الشخصيات العامة: السادة الأساتذة خالد طاهر عبد الباري وكيل أول وزارة القوى العاملة وسيد محمد علي موسى رئيس مجلس إدارة هيئة تنشيط السياحة وعبد المنعم أحمد محمد البحيري نائب رئيس مجلس إدارة هيئة القطاع العام لتوزيع القوى الكهربائية والدكتور مراد عبد السلام يوسف مدير عام طب الأسنان بوزارة الصحة وإبراهيم الدسوقي محمد إبراهيم مستشار الرياضيات.

---------------

(4)
الطعن رقم 45 لسنة 35 القضائية

(أ) أحزاب سياسية: تعدد الأحزاب السياسية:
دستور سنة 1971 - القانون رقم 40 لسنة 1977 - تعدد الأحزاب وحرية تكوينها هو الأصل الذي يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي لاعتبارين أولهما: أن هذه الحرية تتفق ومبدأ حرية الرأي التي كفلها الدستور وثانيهما: أن وجود الأحزاب وتعددها يتصل أوثق الصلة بسير المؤسسات الدستورية وطريقة اضطلاعها بالاختصاصات المقررة لها بالدستور والقوانين - تطبيق (1).
(ب) أحزاب سياسية: تميز برنامج الحزب:
المادة الخامسة من الدستور - يتعين تفسير أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بالاستهداء بحكم المادة 5 من الدستور التي أناطت بالمشرع تنظيم الأحزاب السياسية وبغيرها من الأحكام التي وردت بالدستور بشأن المقومات الأساسية للمجتمع والحقوق والواجبات العامة الدستورية - المشرع عندما يتصدى لتنظيم أمور الأحزاب السياسية تنفيذاً لتوجيه المشرع الدستوري إنما يلتزم بالأوضاع العامة والمبادئ الأصولية الواردة في الدستور - تلتزم الأحزاب جميعها سواء عند تكوينها أو ممارستها لعملها بالمقومات الأساسية للمجتمع المصري - القيود التي يكون قد تضمنها التشريع المنظم للأحزاب السياسية إنما يتعين تفسيرها بحسبانها تنظيماً للأصل العام الذي قرره الدستور - يلتزم التنظيم إطار الأصل العام المقرر كقاعدة أعلى في مدارج النصوص التشريعية - لا يجوز أن يخرج التنظيم عن الحدود المقررة له بالتطاول على الأصل الذي يستند إليه في قيامه سواء بالتوسعة فيه أو الانتقاص منه وتقييده - الدستور ومن بعده القانون رقم 40 لسنة 1977 تطلبا إلزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها الاختلاف دستوراً وقانوناً - التميز لا يكون مسموحاً به أو جائزاً إلا في غير تلك الأمور مما يعد مجالاً للعمل السياسي للحزب - التماثل والتطابق مفترض في المقومات الأساسية - عدم التميز في هذا الشأن لا يمكن أن يكون مانعاً أو حائلاً من تأسيس الحزب - التميز لا يمكن أن يكون مقصوداً به أن يكون تميزاً عن كافة ما تقوم عليه برامج الأحزاب كلها - يتحقق التميز إذا توافر في الحزب طالب التأسيس الصفة التي تجعله متبايناً ومختلفاً ومنفرداً عن أي حزب منظوراً إليه على استقلال بحيث لا يكون هناك حزبان متفقان في البرامج - مناداة الحزب طالب التأسيس وقيام برنامجه على أساس تحقيق هدف الوحدة بين شطري وادي النيل يكون مما يتحقق معه تميز الحزب في دعامة من دعاماته الأساسية عما ورد ببرنامج الأحزاب الأخرى - تكفي هذه السمة سبباً للتميز ومدعاة للتفرد - تطبيق (1(


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 16 من أكتوبر سنة 1988 أودع الأستاذ حلمي رجب المحامي عن الأستاذة/ زكية عاشور المحامية بصفتها وكيلة عن السيد/ محمد عبد المنعم إبراهيم ترك بصفته وكيلاً عن مؤسسي الحزب الاتحاد الديمقراطي، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 45 لسنة 35 القضائية (شئون أحزاب) في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1988 بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ محمد عبد المنعم إبراهيم ترك لتأسيس حزب سياسي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي. وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1988 من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي والحكم بالموافقة على قيام الحزب الديمقراطي مع كافة ما يتبع ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة، المشكلة بالتطبيق لحكم المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980، 114 لسنة 1983 جلسة 12 من نوفمبر سنة 1988 وبها تقرر تأجيل نظر الطعن لجلسة 31 من ديسمبر سنة 1988 لتقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها في الطعن وقررت المحكمة تكليف قلم الكتاب بإحالة المستندات المقدمة بالجلسة إلى هيئة مفوضي الدولة. وبالجلسة التي تحدد لنظر الطعن قررت المحكمة التأجيل لجلسة 18 من مارس سنة 1989 بناء على طلب الطرفين ثم لجلسة 13 من مايو سنة 1989 للقرار السابق. وتداول نظر الطعن بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر، حتى قررت بجلسة 30 من ديسمبر سنة 89 إصدار الحكم بجلسة 27 من مارس سنة 1990 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال عشرين يوماً والمدة مناصفة تبدأ بالطاعن وخلال الأجل المصرح به أودع كل من الطاعن والمطعون ضده مذكرة ختامية ضمنها طلباته وأوجه دفوعه ودفاعه وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن لجنة شئون الأحزاب المنصوص عليها بالمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980، 114 لسنة 1983 أصدرت قرارها المطعون فيه بالطعن الماثل، بالاعتراض على تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1988، وتم إخطار وكيل المؤسسين بالقرار بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1988 على ما أبداه بتقرير الطعن، ولم يجادل فيه المطعون ضده، وعلى ذلك ومتى كانت الأوراق خلواً مما يفيد نشر القرار بالجريدة الرسمية في تاريخ سابق على تاريخ علم الطاعن بالقرار المطعون فيه، فإن الطعن الماثل وقد أقيم بإيداع عريضته قلم كتاب هذه المحكمة في 16 من أكتوبر سنة 1988 فإنه يكون قد أقيم في الميعاد المنصوص عليه بالمادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه، وبالترتيب على ذلك ومتى كان الطعن قد استوفى سائر إجراءاته وأوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن الطاعن السيد/ محمد عبد المنعم إبراهيم ترك، أقام الطعن الماثل بصفته وكيلاً عن مؤسسي الحزب الاتحادي الديمقراطي وطلب في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1988 من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي والحكم بالموافقة على قيام الحزب الاتحادي الديمقراطي مع كافة ما يتبع ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات. وقال الطاعن شرحاً لطعنه، أنه كان قد تقدم بتاريخ 4 من يونيه سنة 1988 بصفته وكيلاً للمؤسسين، بطلب مستوف كل الشروط إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية بقصد إنشاء حزب جديد باسم "الحزب الاتحادي الديمقراطي" فقامت اللجنة بدراسة الطلب وأصدرت بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1988 قرارها بالاعتراض على قيام الحزب لعدم توافر الشروط التي يتطلبها قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977. وأقامت اللجنة قرارها على أسباب تنحصر فيما يلي: أولاً: عدم تميز برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى، ثانياً: عدم حفاظ برنامج الحزب على بعض المكاسب الاشتراكية، ثالثاً: مخالفة الفقرة الثالثة من المادة (4) من القانون، رابعاً: مخالفة الفقرة خامساً من المادة (4) من القانون، خامساً: عدم التجديد والنقص والقصور في بعض جوانب برنامج الحزب وينعى الطاعن على قرار اللجنة مفنداً الأسباب التي قام عليها القرار بما محصلته ما يأتي:
أولاً: عن عدم تميز برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى يقول الطاعن أنه مع تسليمه بوجود أهداف وبرامج متشابهة بين برنامج الحزب وبرامج الأحزاب الأخرى فقد تخيرت اللجنة ما تشابه منها وأغفلت تلك التي يتميز بها الحزب طالب التأسيس وتخلو منها أهداف وبرامج الأحزاب الأخرى ويوضح الطاعن أنه لا يعقل أن يتميز كل حزب عن الآخر في كل صغيرة وكبيرة فثمة أمور تلتقي عندها وتنطوي تحت لوائها أهداف وبرامج كافة الأحزاب وعما ينفرد به الحزب طالب التأسيس على سبيل المثال ما تعلق بانتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الانتخاب المباشر، وما يتعلق بتدعيم الفصل بين السلطات أو النهوض بغزو الصحراء أو تجريم تجريف الأراضي الزراعية، ويقول الطاعن أن برنامج الحزب يزخر بالعديد من أوجه التفرد الأمر الذي يكفل له صفة التميز ومن ذلك:
1 - أن ما يعتبره المؤسسون هدفهم الأول هو الدعوة إلى الوحدة مع السودان بحسبان أنه ما كان يجوز قبول انفصال السودان عن مصر أساساً الأمر الذي ترتب عليه انفصام عرى الرابطة للوطن الواحد مصره وسدانه، وأنه ولئن كان ذلك مرده إلى ظروف سياسية أدت إليه وأنتجته إلا أنه تبقى وحدة الوطن، مصر والسودان ووحدة الشعب عقيدة من الجدير اعتناقها والعمل على تحقيقها وهو ما يهدف إليه الحزب طالب التأسيس. ويقول الطاعن أن إبراز هذا الهدف حقيق في حد ذاته، لإسباغ صفة التميز في برنامج الحزب.
2 - وبالنسبة للجانب الاقتصادي في برنامج الحزب فهو ظاهر التميز أيضاً إذ ينطوي على تحليل شامل للمشكلة الاقتصادية لم يرد في برامج أي حزب آخر فضلاً عن أنه يتضمن الأخذ بأساليب ومناهج جديدة للتنمية الاقتصادية: من ذلك ما تضمنه برنامج الحزب من تحليل غير مسبوق، للمشكلة الاقتصادية وبيان أسبابها والكشف عن أساس الخلل الذي أدى إليها وأنتجها، وأهم تلك الأسباب على ما ورد بتحليل برنامج الحزب للمشكلة الاقتصادية يتحصل في خلل هيكل القوى العاملة بحيث إن العمالة المنتجة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من القوى العاملة مما يؤثر سلبياً على الإنتاجية وانطلاقاً من هذا التحليل غير المسبوق على ما يقول الطاعن، فقد قدم برنامج الحزب الاقتراحات الكفيلة بالقضاء على أساس الخلل في توزيع القوى العاملة، بأن يهتم الشعب باقتصاديات الوطن بما يضمن سلامة القرارات الاقتصادية، وبأن يكون العمل الاقتصادي من خلال - إستراتيجية واضحة تقوم على فكر يؤمن به الشعب فلا تكون الإستراتيجية على أساس المنتج الرأسمالي ثم تأتي التطبيقات والمناهج وفق الأسلوب الاشتراكي. وعلى ذلك فقد اختار الحزب الاقتصادي الحر أساساً لإدارة الاقتصاد المصري موضحاً الأسباب التي تدعوه إلى هذا الاختيار بصورة لم يسبق أن أبرزها برنامج أي حزب آخر.
3 - ومن السياسات والمناهج التطبيقية أورد الطاعن أن الحزب أتى بشأنها بأفكار وسياسات جديدة منها منهج تطوير الزراعة بالمحافظات على الأراضي مع وقف التوسع في الإنشاءات على جانبي الطريق الزراعي ومع الأخذ بنمط المباني متعددة الطوابق بالمدن والقرى في أرض الوادي والدلتا. كما يقدم الحزب أفكاراً جديدة بشأن إصلاح هيكل القوى العاملة بحيث يزداد عدد الأفراد المنتجين والتفكير في نشر الزراعات الخفيفة في أواني بالأسطح والشرفات وعلى نشر طرق تربية الحيوانات بطرق ميسرة تقوم أجهزة الإعلام بتوعية المواطنين بشأنها وإرشادهم وتوجيههم كما قدم الحزب أسس برنامج لاقتحام الصحراء وزراعتها بتقسيمها إلى مساحات صغيرة لا تتجاوز خمسة أو عشرة أفدنة تعطى كل منها لشاب يقوم بزراعتها ويستقر وأسرته عليها مما يوفر لمصر إنتاجاً ويوفر للشباب فرص عمل وحياة جديدة، ويخلص الطاعن أنه لما تقدم من أمثلة، يكون اعتراض اللجنة على تشكيل الحزب بمقولة عدم تميزه اعتراضاً بعيداً عن الصحة. وثانياً عن عدم حفاظ برنامج الحزب على بعض المكاسب الاشتراكية يقول الطاعن أن اللجنة أقامت اعتراضها في هذا الشأن تأسيساً على ما جاء ببرنامج الحزب متعلقاً بالتعليم حيث يري الحزب رفعاً لمستوى التعليم، أن تقتصر المجانية على التعليم الابتدائي والإعدادي وأن يكون التعليم بعد تلك المراحل مجانياً بالكامل بالنسبة للتعليم الفني، وتقتصر المجانية على نصف الطلاب بالتعليم الثانوي والدراسة الجامعية بحيث تمنح المجانية لأكثر الطلبة تفوقاً ويكون على الباقين، وهم النصف الآخر تأدية المصروفات وأنه لما كانت اللجنة قد ارتأت في ذلك مساساً بأحد المكاسب الاشتراكية على ما يقول الطاعن إلا أن ذلك ليس صحيحاً إذ أن ما ينادي به الحزب في هذا الشأن إن هو إلا تنظيم وتقنين لوضع قائم فعلاً، وفضلاً عن ذلك فإن الحزب لا يذهب إلى منع المجانية، بل هو يقررها في جميع مراحل التعليم، إنما كل ما يهدف إليه هو أن تكون المجانية في مرحلة الثانوية العامة والجامعية للمجتهدين والراغبين حقيقة في العلم. ويدلل الطاعن على أن ما ورد بالبرنامج لا يتنافر مع ما هو مطبق فعلاً ببيان أن وزارة التعليم لا تتيح فرص الالتحاق بالتعليم الثانوي إلا للمتفوقين من الحاصلين على الشهادة الإعدادية ويلتحق من عداهم بالتعليم الثانوي بالمصروفات بالمدارس الثانوية الخاصة الخاضعة لإشراف الوزارة كما أنه لا يقبل جميع الحاصلين على الثانوية العامة بالجامعات فيقتصر القبول على أعلاهم مجموعاً في الثانوية العامة أما الباقون فيلتحقون، تحت سمع وبصر وزارة التعليم، بل وبإشرافها، بجامعة بيروت حيث يؤدون المصروفات بالعملات الأجنبية، وتصل إلى خمسمائة دولار سنوياً، ويمتحنون بجامعة الإسكندرية ثم ينتقل منهم من يريد بعد ذلك إلى إحدى الجامعات المصرية. وثالثاً: عن مخالفة أحكام الفقرة ثالثاً من المادة (4) من القانون يقول الطاعن أنه ليس صحيحاً ما بررت به اللجنة اعتراضها من أن الحزب ذو طابع محلي وليس له انتشار جغرافي تأسيساً عل أن أغلبية المؤسسين من الإسكندرية ذلك أن مؤسسي الحزب وإن كانت أغلبيتهم من الإسكندرية إلا أنهم حققوا انتشاراً لا بأس به في بداية الدعوة حيث يبين من مذكرة اللجنة ذاتها أن المؤسسين ينتشرون بثماني محافظات، كما أنه ليس صحيحاً أيضاً ما تقول به اللجنة من أن الحزب ذو طابع محلي فلا يوجد في البرامج أو بأوراق الحزب ما يقيم هذا الادعاء، ويؤكد الطاعن أن فكر المؤسسين إنما يصدر عن مشاعر قومية ملؤها الحب الحقيقي للوطن ورابعاً: عن مخالفة أحكام الفقرة خامساً من ذات المادة (4) من القانون، حيث تدعي اللجنة مخالفة الحزب للنهي الوارد بالنص المشار إليه، عن قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسي في الخارج وتأسيساً على ما ورد بمقدمة برنامج الحزب من أن روح الوحدة وروابط الإخوة كيان موجود وكائن يعم الوادي، ولقد كان إخوتنا في السودان سباقين في إبراز هذه الوحدة فأقاموا لهذا الكيان جناحاً عظيماً بالسودان هو الحزب الاتحادي الديمقراطي بالسودان الذي ولد ونما منذ أكثر من خمسين عاماً. وإذا كان قد ولد جناح في السودان منذ ما يزيد على نصف قرن فلا شك أنه قد آن الأوان لأن يقوم للوحدة جناح آخر في مصر ليعلو طائرها ويحلق بإذن الله تعالى ويقول الطاعن أن ادعاء اللجنة في هذا الصدد غير صحيح إذ أن الحزب المطلوب تأسيسه ليس فرعاً للحزب الديمقراطي السوداني كما أنه ليس ثمة ترتيبات أو خطط تجمع بين الحزب السوداني والحزب المطلوب تأسيسه. وكل ما يقصده الحزب على ما يقول الطاعن، هو أن روح الوحدة وروابط الأخوة كيان موجود وقائم يعم الوادي.. فإذا قيل بأن جناحاً للوحدة قام بالسودان، وأنه قد آن أوان الجناح الآخر بمصر، فليس مؤدى ذلك أو مفاده أن الحزب المطلوب إنشاؤه هو فرع للحزب القائم بالسودان. ونفى الطاعن أن يكون للحزب أية علاقة بالحزب أية علاقة بالحزب السوداني وأنهما إنما يلتقيان في وحدة الهدف. وخامساً عن عدم التحديد والنقص والقصور في بعض جوانب برنامج الحزب، يقول الطاعن أن اللجنة أسندت ما قالت به في هذا الصدد إلى حكم المادة (6) من قانون الأحزاب السياسية، إلا أن ما قالت به لا يتفق والحقيقة. مثال ذلك أن اللجنة أدعت أن برنامج الحزب اكتفى، بصدد تعرضه للسد العالي، بالقول بضرورة البدء بإجراء دراسات شاملة وجادة حول السد العالي وآثاره الجانبية، وأنه بنى ما أورده على شائعات واحتمالات مما خلصت منه اللجنة إلى القول بأن ذلك يعد قصوراً إذ لا تبنى البرامج إلا على اليقين، ويعقب الطاعن على ذلك بالقول بأنه فضلاً عن أن ما ورد بالبرنامج بخصوص السد العالي لا يمثل إلا جزئية، فإن موضوع السد العالي موضوع جد خطير إذ أن سلبياته لم تعرض على الشعب بوضوح بل البادي أن ثمة محاولات لإخفائها والتمويه عليها: وهذه المحاولات تحول دون الوصول إلى حقيقة الأوضاع، الأمر الذي يتعين معه بألا يقل إعطاء الموضوع أهمية في الدراسة، حتى يمكن الإسراع بعلاج أية سلبيات قبل فوات الأوان. وإذ كان الحزب يرى الاستعانة في دراسة كافة جوانب السد العالي بخبراء عالميين متخصصين فلا تثريب عليه في هذا الشأن، إذ الأمر يتعلق بمستقبل الحياة في مصر كلها، ومطالبة المؤسسين بدراسة الموضوع لا يمكن الاستدلال منها على أنه يبني رأياً أو ينتهج منهجاً يقوم على الاحتمال والظن والأقاويل. أما عما أوردته اللجنة من أن الحزب أهمل أموراً هامة مثل الديون الخارجية والدعم واستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، يقول الطاعن أن تلك الأمور يعتبرها الحزب أموراً مرحلية، إذ أن الديون الخارجية إن هي إلا نتاج سياسات اقتصادية خاطئة أشار إليها الحزب في مستهل الحديث عن الأمور الاقتصادية وقد وضع الحزب الحلول الكفيلة بالنهوض باقتصاديات البلاد فإذا تم انتهاجها نهضت البلاد وتخلصت من ديونها والدعم أيضاً هو تطبيق لسياسة مرحلية، بحيث إذا زاد متوسط الدخل قل الدعم. وأما عن استخدامات الطاقة النووية في الأغراض السلمية، فإن الالتجاء إلى ذلك أو عدم الالتجاء إليه إنما شرطه تحقق المتخصصين من وجود وفر نتيجة هذا الاستخدام، مع ضمان توفير سبل الأمان اللازمة وكل ذلك أمور بديهية المنطق، وتتصرف بشأنها الحكومات وفق ما تقتنع به تبعاً للظروف. وانتهى الطاعن إلى الطلبات المشار إليها.
ومن حيث إن دفاع هيئة قضايا الدولة باعتبارها نائبة عن المطعون ضده بصفته، يتحصل في أن الأسباب التي ساقها الطاعن تفتقر إلى السند القانوني الصحيح في ضوء الشروط التي تتطلبها التشريعات القائمة لقيام أي حزب أو استمراره وهي:
1 - أن يكون سائراً في فلك تعدد الأحزاب كأساس للنظام السياسي.
2 - ألا يخرج عن المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري.
3 - أن يراعى أن الدستور هو الوثيقة الوحيدة التي يعتمد عليها نظام الدولة.
4 - ألا يكون ثمة تعارض بين مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه وبين مبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 و15 مايو سنة 1971 والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية - وأحكام القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي، وألا يكون قائماً على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة أو انطواء وسائله على إقامة أية تشكيلات عسكرية.
5 - عدم قيام الحزب كفرع لحزب وتنظيم سياسي في الخارج.
تميز برنامج الحزب وسياساته وأساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى. وفصلت هيئة قضايا الدولة ما تقول به على النحو الآتي: فعن السبب الأول الذي قام عليه قرار اللجنة تؤكد بأنه لا صحة لما يقول به الطاعن من تميز برنامج الحزب تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى، وتنفي الهيئة ما يدعيه الطاعن من أن لجنة شئون الأحزاب تطلبت أن يكون الاختلاف بين برنامج الحزب وبرامج الأحزاب الأخرى في كل صغيرة وكبيرة فقد حرصت اللجنة على إيراد أنه وحيث إنه يخلص من الاستعراض السابق لبرنامج الحزب الاتحادي الديمقراطي تحت التأسيس مقارناً ببرامج الأحزاب الأخرى أن جوهر هذا البرنامج وأساسياته ليس فيه جديد يعول عليه وأنه جاء مطابقاً لبرامج بعض الأحزاب ومشابهاً في شق آخر لبرامج البعض الآخر ومن ثم فإنه لا يعدو أن يكون تكراراً لمقتطفات متفرقة من جزئيات تضمنتها برامج الأحزاب القائمة وتجميعاً لخليط منها أفقد هذا البرنامج قوامه المتكامل وذاتية تميزه تميزاً ظاهراً عن غيره من الأحزاب القائمة بالمعنى الذي عناه المشرع في البند ثانياً من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 وتؤكد مذكرة هيئة قضايا الدولة على أن مفهوم اللجنة لمعنى التميز الوارد بالمادة (4) المشار إليها يتفق وحكم المحكمة الدستورية العليا الذي ذهب إلى أنه ضماناً للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية توسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها. (الحكم الصادر بجلسة 7 من مايو سنة 1988 في القضية رقم 44 لسنة 7 ق) وتضيف هيئة قضايا الدولة بأن مرحلة التحول التي تجتازها مصر مليئة بالأخطار وبالتالي فإنها، شأنها في ذلك شأن غيرها من الشعوب النامية، في حاجة إلى توقي هذه الأخطار، وبأن تعدد الأحزاب ذات البرامج المتماثلة يؤدي إلى بلبلة الرأي العام وتشتيت كتلة الناخبين وتفتيتها بين العديد من الأحزاب بما يؤدي إلى الصراع بينها على السلطة، وتهديد الوحدة الوطنية وزعزعة استقرار المجتمع وهذه كلها حقائق ظهرت في مراحل تطور بعض البلاد المتقدمة ومنها فرنسا خلال الجمهورية الثالثة والجمهورية الرابعة. والنص على ضرورة أن يكون برنامج الحزب متميزاً تميزاً ظاهراً يعكس حرص المشرع على تفادي المخاطر المشار إليها التزاماً منه بالديمقراطية السليمة كإحدى الأسس التي يقوم عليها البنيان الاجتماعي. ويكون المقصود بالتميز هو التميز الجاد الذي يقوم على التباين الحقيقي بين الاتجاهات بلا شبهة تماثل أو تقارب وأن يقع هذا التباين في المبادئ والأهداف والسياسات أي في الأمور الأساسية التي لها سمة الثبات وتدور حولها مساعي الحزب لتحقيقها والأساليب الأساسية التي تحدد النظام المعتمد لذلك. أما ما عدا ذلك فلا يندرج تحت مدلول التميز الظاهر لمجرد الاختلاف في الأمور الفرعية أو في الإجراءات المرحلية التي تتسم بطبيعتها بعدم الثبات وعن القول بوجود أمور لا تحتمل الاختلاف عليها، يقول الدفاع بأن هذا القول وإن كان صحيحاً إلا أنه يجب أن يكون مقتصراً على الفرعيات لا في الأساسيات فطريقة اختيار رئيس الجمهورية مثلاً قد تكون عن طريق الاستفتاء أو الانتخاب المباشر أو عن طريق المجلس النيابي وبذلك فليس طريق الانتخاب المباشر هو الطريق الوحيد أو الأسلوب المفرد لاختيار رئيس الدولة. وعما ورد بالطعن بشأن الوحدة مع السودان، تقول مذكرة الدفاع بأن ذلك لا يصلح سبباً لتوافر صفة التميز في الحزب طالب التأسيس: ذلك أن الشعوب العربية تنادي بالوحدة الشاملة بينها وتشمل فيما تشمل السودان. والوحدة بشكلها الدستوري هي آخر مراحل الوحدة بعد أن تتهيأ لها ظروف نجاحها من وحدة في الشئون الخارجية والدفاعية، فضلاً عن أن مصر تعمل على قيام الوحدة مع السودان بصورة متدرجة وميثاق التكامل ومن بعده ميثاق الإخاء دليل ذلك. ويكون مفاد ما تقدم أنه ليس في الدعوة إلى الوحدة مع السودان من جديد أو تميز ينفرد به برنامج الحزب طالب التأسيس، وعن التحليل الاقتصادي الذي تضمنه برنامج الحزب والحلول التي اقترحها فليس في كل ذلك ما هو جديد ومتميز - وعن السبب الثاني تقول هيئة قضايا الدولة بأن ما أوردته اللجنة بأسباب قرارها من أن برنامج الحزب الاتحادي الديمقراطي إذ قصر الحق في التعليم المجاني على المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوي الفني، أما بالنسبة إلى التعليم الثانوي العام والتعليم الجامعي فقد قصر المجانية فيهما على النصف فقط وجعل النصف الآخر بمصروفات فإنه يكون بذلك قد قرر لهذا النصف ميزة استثنائية تقوم على القدرة المالية على تحمل المصروفات الأمر الذي ينطوي على المساس بأحد المكاسب الاشتراكية وهذا الذي أوردته اللجنة يقوم سنداً صحيحاً للقرار بالاعتراض على تأسيس الحزب لمخالفة حكم البند (3) من أولاً من المادة (4) من قانون نظام الأحزاب السياسية التي تتطلب فيما تتطلب عدم مساس برنامج الحزب بالمكاسب الاشتراكية، وعن السبب الثالث ومحصلته أن الحزب إن هو إلا تجمع لمواطنين يقيمون بمدينة الإسكندرية وينادون بقيام حزب ذي طابع محلي ليس له انتشار جغرافي فقد ضمنت اللجنة قرراها هذا السبب نظراً لما استبان لها من أن طالبي تأسيس الحزب بلغ عددهم بعد استبعاد استقال منهم، ستة وخمسين عضواً منهم سبعة وأربعون يقيمون بمدينة الإسكندرية وثلاثة بمحافظة كفر الشيخ واثنان بمحافظة البحيرة وعضواً واحداً في كل من محافظات القاهرة والجيزة والمنوفية وأسوان. مفاد ذلك أن مؤسسي الحزب يتمركزون أساساً بمدينة الإسكندرية فانتهت اللجنة إلى أنه من ثم فإن طالبي التأسيس ليسوا سوى مجرد تجميع لمواطنين تمركزوا في مدينة الإسكندرية ونادوا بقيام حزب ذي طابع محلي ليس له انتشار جغرافي، الأمر الذي يتعارض مع ما تقضي به الفقرة ثالثاً من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية. وتقول مذكرة الدفاع أن استخلاص اللجنة للنتيجة التي انتهت إليها هو استخلاص سائغ ومقبول. وعن السبب الرابع تقول أن اللجنة أوردت بأسباب اعتراضها أن ما ورد ببرنامج الحزب من عبارات عن الرابطة التي تربطه بالحزب الاتحادي الديمقراطي بالسودان تعني أن الحزب المطلوب تأسيسه فرع لحزب قائم في الخارج هو الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني مما تحظره المادة (4) خامساً من قانون الأحزاب السياسية ويكون ولا عبرة بما ورد بذات مقدمة البرنامج من أن الحزب هو حزب نشأ على أرض مصر وفقاً للدستور والقوانين المصرية وليس له أي صلة أو ارتباط مع أي حزب أو هيئة أخرى داخل مصر أو خارجها لا عبرة بذلك إذ أن ما أفصح عنه الحزب صراحة هو أنه الجناح الآخر لحزب سياسي في الخارج هو الحزب الاتحادي الديمقراطي في السودان. وتؤكد مذكرة الدفاع على أن استخلاص اللجنة في هذا الشأن هو استخلاص سائغ من واقع يؤدي إليه وينتجه واقعاً وقانوناً. وعن السبب الخامس تؤكد مذكرة الدفاع على أن اللجنة لم تقم اعتراضها في هذا الصدد من فراغ، فقد شاب برنامج الحزب عدم التحديد والنقص والقصور، وتؤكد مذكرة الدفاع أن استخلاص اللجنة في هذا الشأن استخلاص سائغ يتفق وحكم المادة (2) من قانون الأحزاب السياسية التي تصف الحزب بأنه يقصد به كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم - وانتهت مذكرة الدفاع إلى طلب رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث إن الطاعن قد عقب على ما ورد بتقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرته المقدمة لهذه المحكمة بجلسة 18 من مارس سنة 1989، كما أودع مذكرة ختامية بتاريخ 6 من يناير سنة 1990، وفي فترة حجز الطعن للحكم وخلال الأجل المصرح به. ويتحصل ما أبداه بالمذكرتين المشار إليهما في التأكيد على ما يأتي: أولاً: أنه ليس صحيحاً القول بعدم تميز برنامج الحزب، وفي هذا الشأن أوضح الطاعن بأن النص الذي يستلزم التميز هو نص مقيد لحرية الأفراد في تكوين الأحزاب وعلى ذلك فلا يتوسع في تفسيره ويكفي بالتالي وجود التميز الظاهر بأي صورة من الصور في البرامج والسياسات أو الأساليب حتى يتوافر الشرط المتطلب قانوناً. ويؤكد الطاعن على أن هدف الحزب الأساسي إذ كان الدعوة والعمل من أجل تحقيق وحدة بمصر والسودان فإن هذا مما يسبغ عليه صفة التميز - وفضلاً عن ذلك فإن سياسات الحزب الأخرى وأساليبه تتضمن الكثير من السياسات المتميزة تميزاً ظاهراً والتي من شأن تطبيقها النهوض بمختلف النواحي. ومن ذلك ما ورد ببرنامج الحزب من رؤية لتنظيم الصحافة بحيث يتحقق عدم خضوع مجالس إدارة الصحف للسلطة التنفيذية الأمر الذي يكفل أن تكون الصحافة مرآة حقيقية لضمير الشعب، وأيضاً ما ورد بسياسة الحزب من تنظيم العلاقة بين السلطة التنفيذية وكل من جهازي القوات المسلحة والشرطة لضمان استقلال هذين الجهازين عن تأثير التيارات الحزبية وبما يكفل عدم استخدام السلطة التنفيذية لهذين الجهازين لتقوية نفوذها. وثانياً: ينفي الطاعن القول بأن برنامج الحزب يتضمن مساساً بمكاسب اشتراكية بصدد مجانية التعليم، بل إن ما أتى به هو تنظيم للعملية التعليمية بتوجيه قليل القدرات إلى التعليم الفني والعمل المنتج، والحد من ظاهرة التحايل على النظم المتبعة بإلحاق الطلبة بجامعة بيروت وغيرها بالخارج بمصاريف باهظة بالعملات الأجنبية الأمر الذي يسبب للطلاب وذويهم الكثير من المشقة. وثالثاً: يؤكد الطاعن على عدم صحة الزعم بقيام الحزب على أساس جغرافي ورابعاً: وعن الادعاء بأن الحزب هو في الحقيقة فرع للحزب الاتحادي الديمقراطي بالسودان، ينفي الطاعن ذلك وينعى على هذا القول بأنه من قبيل التخمين والتخيل، كما ينفي الطاعن وجود أي صلة أو ارتباط بين الحزب وبين مثيلة السوداني ويقطع بعدم حدوث أي اجتماع أو اتفاق أو قيام أية علاقة بينهما. ويؤكد الطاعن على أن تشابه الأسماء لا يفيد المعنى الذي افترضت اللجنة قيامه وتحققه وخامساً: وعن الادعاء بأن برنامج الحزب يشوبه النقص والقصور وعدم التحديد، يشير الطاعن إلى أن ما تضمنه برنامج الحزب من ضرورة دراسة الجوانب السلبية للسد العالي للوقوف على حقيقة ما يشاع من أن انقطاع ورود الطمي يؤدي إلى إضعاف التربة بمصر كما يؤدي إلى تآكلها بالنحر وكذلك تراكم الطمي خلف السد سوف يكون خلال خمسين سنة سداً هائلاً من الطمي يمنع وصول النيل نهائياً إلى مصر. وإزاء ذلك فقد طالب الحزب بدراسة جادة لهذا الموضوع. وقدم الطاعن تدليلاً على احتمال قيام الخطورة نسخة من كتاب النيل والمستقبل الصادر عن دار الأهرام وأخطر ما ورد به، على ما يقول الطاعن، أن الطمي سوف لا يملأ كامل بحيرة السد لأن الطمي يترسب بكامله في أحباسها العليا داخل السودان، كما ورد بالكتاب المشار إليه بيان انقطاع ورود الطمي على تآكل الشاطئ الشمالي. وعن ترسب الطمي داخل السودان فقد أشار إلى ذلك حديث صحفي أجرى مع مدير معهد الآثار الجانبية للسد العالي السيد/ محمد المعتصم القطب ومنشور بجريدة الأهرام بعددها الصادر بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1988، كما قدم الطاعن عدد جريدة الأخبار الصادر بتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1988 حيث تضمن موضوعاً بعنوان "تحذير من أربعين عالم دولي: البحر المتوسط سيأكل دلتا النيل" كل ذلك مما يكشف خطورة الموضوع، حيث تكونت دلتا جديدة داخل السودان على بعد حوالي 150 كيلو متراً من الحدود المصرية وتكونت أفرع جديدة للنيل ربما تتجه إلى الصحراء أو البحر الأحمر، مما يتعين معه موالاة الموضوع بالاهتمام اللازم، وهو ما أورده الحزب طالب التأسيس وأما عن عدم تناول برنامج الحزب أمور الدعم والديون الخارجية واستخدامات الطاقة النووية في الأغراض السلمية، فهذا ادعاء لا يصلح سنداً للاعتراض على تأسيس الحزب إذ لا يمكن بحال أن يتناول البرنامج كل الموضوعات التفصيلية أو المرحلية التي قد تعرض في الواقع مرحلياً، ورداً على ما أبدته هيئة قضايا الدولة بمرافعتها من تساؤل عن دور الحزب إذ تعذر قيام الوحدة التي يهدف إليها، يقول الطاعن بأنه إذا لم تقم الوحدة فإن الحزب سوف يظل يدعو ويعمل على تحقيقها بلا يأس ولا كلل ومهما طال الأمر وأن الحزب على يقين من أن جهوده في هذا السبيل ستكلل بالنجاح وتجمع الوحدة بين مصر والسودان في دولة عظيمة، وانتهى الطاعن إلى التأكيد على طلباته.
ومن حيث إن هيئة قضايا الحكومة ضمنت مذكرتها المودعة بتاريخ 18 من يناير سنة 1990، في فترة حجز الطعن للحكم وخلال الأجل المصرح به، التأكيد على صحة القرار الصادر بالاعتراض على تأسيس الحزب وأبدت بأنه ليس صحيحاً القول بأن لجنة الأحزاب تميل إلى وأد كل حزب جديد، ولا يعدو هذا القول أن يكون استخلاصاً غير صحيح. وأن تحقيق شرط التميز وحسب مفاد حكم المحكمة الدستورية العليا، يقتضي تميزاً ظاهراً في أمرين معاً: برنامج الحزب ذاته وسياسات الحزب أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج. وظهور التميز يعني الوضوح الملموس دون حاجة إلى البحث والتعمق بحسبان أن البرنامج يخاطب عامة الناس لا فئة معينة منهم. والأقرب إلى الدقة القول بظهور التميز، لذلك فهو المعنى المقصود بعبارة النص، مما يستتبع حتمية انسحاب التميز على الأساسيات والركائز لا الفرعيات والتفاصيل التي قد تتلاقى مع العديد من برامج الأحزاب الأخرى وتستطرد المذكرة بيان أن التجارب الإنسانية أثبتت أن تعدد البرامج المتماثلة يعد مسخاً مكرراً ويؤدي إلى بلبلة الرأي العام وتشتيت كتلة الناخبين مما يؤدي إلى الصراع بينها على السلطة وتهديد كيان المجتمع، وتفادياً لذلك حرص المشرع، التزاماً بالديمقراطية على إيراد شرط التميز واضعاً في حسبانه أن مرحلة التحول التي تجتازها الشعوب النامية ومنها مصر مليئة بالأخطار ومن ثم فحاجتها إلى توقي هذه الأخطار أكبر من حاجة غيرها من الشعوب الأمر الذي يستوجب الالتزام بالجدية البناءة في البرامج للمساهمة في تكوين رأي عام مستقر لا يحول دون تكاتف وتنمية البلاد لا أن يؤدي إلى الصراعات والبلبلة والتشتيت لفئات هذا المجتمع الواحد ويحول دون استقراره. وفضلاً عن ذلك - على ما جاء بالمذكرة المشار إليها - فإن إبراز الوحدة مع السودان كهدف للحزب طالب التأسيس ليس أمراً جديداً إذ تنادي جميع الشعوب العربية بالوحدة الشاملة ومن بينها السودان. والوحدة بشكلها الدستوري هي آخر مراحل الوحدة. وتكون بعدما تتهيأ لها ظروف نجاحها من وحدة في الشئون الخارجية والدفاعية. فضلاً عن أن مصر تعمل على قيام الوحدة مع السودان بصورة متدرجة ومدروسة ودليل ذلك ميثاق التكامل - ميثاق الإخاء - مما لا يجعل من هدف تحقيق هذه الوحدة على ما جاء ببرنامج الحزب طالب التأسيس، أمراً يتميز به الحزب. وعن تنظيم العلاقة بين السلطة التنفيذية وجهازي القوات المسلحة والشرطة، فما أورده الحزب طالب التأسيس لا يعدو أن يكون جزئية، وليس عنصر تميز، وهو يعد تنظيماً ورد مثله ببرنامج حزب العمل وحزب الوفد الجديد، وعن تنظيم إدارة الصحف القومية فما ورد ببرنامج الحزب في هذا الشأن، تضمنته برامج حزبي الوفد الجديد والعمل الاشتراكي وفضلاً عن ذلك فما ورد ببرنامج الحزب طالب التأسيس بشأن اتباع أنماط معينة للمباني فقد تناوله برنامج الحزب الوطني الديمقراطي والوفد الجديد والعمل الاشتراكي وعن توظيف جهود موظفي الدولة بجانب أعمالهم، مما يدخل في مجال التنمية الاقتصادية، فقد ورد ببرنامج الحزب الوطني والوفد الجديد والعمل - وعن التخفيف من القيود على النقد الأجنبي فقد ورد مثله ببرامج الحزب الوطني والوفد الجديد والأحرار، وعن تبسيط إجراءات حصول المصانع على التراخيص، فيتشابه مع برنامج حزب الأحرار الاشتراكيين. وتخلص المذكرة إلى أن كل ذلك يكشف عن أن برنامج الحزب يتشابه أو يكاد يتماثل مع برامج الأحزاب الأخرى في كافة النواحي الكليات منها والجزئيات ومن ثم يتخلف بشأنه شرط التميز الظاهر بكل ضوابطه الواردة بنص القانون. وعن عدم الحفاظ على بعض المكاسب الاشتراكية، تقول المذكرة أن الأوراق تثبت ذلك بصفة قاطعة فالبرنامج يرى أن تقتصر المجانية على التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي الفني ونصف الثانوي العام ونصف الجامعي، الأمر الذي يخالف نصاً دستورياً قرر مجانية التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية في مراحله المختلفة واعتبر مجانية التعليم من المكاسب الاشتراكية كما أكدت المذكرة على أن الحزب قام على أساس جغرافي ذلك أن تسعين في المائة من مؤسسيه يقيمون بمدينة الإسكندرية كما أن مما يقطع بمخالفة الحزب لحكم البند (خامساً) من المادة (4) من قانون الأحزاب ما قرره الطاعن بصفته أمام لجنة شئون الأحزاب، على النحو الثابت بمحضر اجتماعها بتاريخ 29 من أغسطس سنة 1988، من أنه تم الالتقاء ببعض الأخوة السودانيين حيث شرحت لهم مبادئ الحزب وأنه إذا تمت الوحدة فسوف يندمج الحزبان في حزب واحد. وأخيراً تناولت بيان أن برنامج الحزب مشوب بعدم التحديد والقصور في بعض الجوانب، وأوردت أن مقتضيات تأسيس حزب جديد يجب أن تنبثق من الرغبة في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولازم ذلك أن يتناول البرنامج أو ما يتناول السياسات والأساليب لمعالجة المشاكل العامة والمعاصرة التي يعاني منها المواطن ويكون إغفال ذلك مخلاً بأصل حكمة تقرير تعدد الأحزاب. ولا يكون مستساغاً القول بعدم اشتراط شمول البرامج لمجالات محددة بعينها لأن هذا القول إذا أخذ به، من شأنه إجازة انطواء برامج الأحزاب على أمور تلهي المواطنين عن أهم قضاياهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى غيرها من الأمور غير الجادة. وانتهت المذكرة إلى طلب الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة شئون الأحزاب قد أصدرت بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1988 قراراً بالاعتراض على الطلب المقدم لتأسيس حزب سياسي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي" وبالاطلاع على قرار اللجنة بالاعتراض يبين أنه قام على أساس عدم توافر الشروط التي يتطلبها قانون الأحزاب السياسية في طلب التأسيس المقدم إليها: وتتحصل أسباب الاعتراض، على نحو ما أوردته اللجنة بقرارها بالاعتراض في الأمور الآتية: أولاً: عدم تميز برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى بمقولة أن برنامج الحزب يكاد أن يكون مشابهاً لبرامج العديد من الأحزاب القائمة في الأساسيات التي تقوم عليها ومردداً لذات الأفكار والاتجاهات التي تضمنتها هذه البرامج" وثانياً أن برنامج الحزب يتعارض مع الحفاظ على مكاسب اشتراكية مما يخالف حكم البند (3) من (أولاً) من المادة (4) من قانون الأحزاب. وثالثاً: أن الحزب ذو طابع محلي وليس له انتشار جغرافي الأمر الذي يتعارض مع حكم الفقرة (ثالثاً) من المادة (4) المشار إليها، ورابعاً: مخالفة حكم الفقرة (خامساً) من المادة (4) بدليل ما أفصح عنه الحزب من أنه الجناح الآخر لحزب سياسي في الخارج هو الحزب الاتحادي الديمقراطي في السودان. وخامساً: ما اعتور البرنامج من عدم التحديد والنقص والقصور في بعض جوانبه ومثال ذلك إغفال تحديد وجهة نظر الحزب بالنسبة لقضايا العصر التي تهم الدول النامية ومنها مصر ومن ذلك قضية الديون الخارجية المستحقة على مصر، رغم بيانه تجاوز هذه المديونية ثلاثين ملياراً من الجنيهات وموقف الحزب من دعم بعض السلع الاستهلاكية وأفضل السبل التي يلزم اتبعاها للوصول بهذا الدعم إلى مستحقيه من محدودي الدخل كما لم يحدد البرنامج منهجه في استخدام أو عدم استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية.
ومن حيث إن هذه المحكمة، بتشكيلها الخاص على النحو الوارد بالمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 144 لسنة 1980، 114 لسنة 1983 إنما تلتزم في إعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب بأحكام الدستور والقانون، بما مؤداه ولازمه أن تمتد هذه الرقابة إلى تحديد نطاق اختصاص تلك اللجنة ومداه. ويكون الاستهداء في استنطاق نصوص الدستور والقانون، بتفسير عباراتها بالتطبيق للقواعد العامة المقررة للتفسير، مع الاستهداء، عند الاقتضاء بالمبادئ العامة التي صدرت تلك النصوص عنها وهدفت إلى تحقيقها.
ومن حيث إن وثيقة إعلان الدستور، أكدت على أن جماهير شعب مصر هي التي قبلت وأعلنت ومنحت لأنفسها الدستور وقد انعقد عزمها على بذل الجهد لتحقق أولاً: السلام القائم على العدل بحسبان أن التقدم السياسي والاجتماعي لكل الشعوب لا يمكن أن يتم إلا بحرية الشعوب وإرادتها المستقلة وثانياً: الوحدة العربية التي هي أمل الأمة العربية باعتبارها نداء تاريخ ودعوة مستقبل، وثالثاً: التطوير المستمر للحياة في الوطن إيماناً بأن التقدم لا يحدث تلقائياً أو بالوقوف عند إطلاق الشعارات وإنما قوته الدافعة لتحقيقه في إطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلاقة والمبدعة للشعب ورابعاً: حرية الإنسان المصري عن إدراك بأن حرية الإنسان وعزته هي الشعاع الذي هدى ووجه مسيرة التطور الذي قطعته الإنسانية نحو مثلها العليا، وأن كرامة الفرد انعكاس لكرامة الوطن، وأن سيادة القانون ليست ضماناً مطلوباً وحسب لحرية الفرد ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة. وتتبع تطور الحياة السياسية في مصر خلال الفترة التي أعقبت قيام ثورة 23 يوليه سنة 1952 يكشف عن أن تكوين الأحزاب السياسية استمر محظوراً منذ تاريخ العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 27 لسنة 1953 بشأن حل الأحزاب السياسية حتى أن اتخذ رئيس الجمهورية قراراً سياسياً، على نحو ما ورد بخطابه بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول لمجلس الشعب سنة 1976، بأن تتحول التنظيمات السياسية التي كانت قد تكونت كمنابر داخل الاتحاد الاشتراكي إلى أحزاب وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1977 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 2 لسنة 1977 استناداً لحكم المادة (74) من الدستور، نص في المادة (1) على أن "حرية تكوين الأحزاب مكفولة طبقاً لما ينص عليه القانون الخاص بإنشاء الأحزاب حال صدوره من السلطة التشريعية". وقد طرحت أحكام القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 على الشعب في الاستفتاء العام، فوافق عليه، ثم صدر القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية الذي عمل به اعتباراً من تاريخ نشره بتاريخ 7 من يوليو سنة 1977 ونص في المادة (30) على أن تستمر قائمة التنظيمات السياسية الثلاثة حالية وهي:
1 - حزب مصر العربي الاشتراكي.
2 - حزب الأحرار الاشتراكيين.
3 - حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي.. ونصت المادة (1) من القانون على أن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري حق الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون. كما أوردت المادتان (2) و(3) من القانون تعريف الحزب السياسي ودوره في الحياة السياسية فنصت المادة (2) على أن يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لهذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم. كما نصت المادة (3) على أن تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور. وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً. كما بين القانون شروط تأسيس أو استمرار أي حزب سياسي وتنظيم حله، إلى غير ذلك من أمور الحزب مع تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية وتحديد اختصاصاتها، بحيث يعرض طلب تأسيس الحزب عليها، ولها على النحو المبين بالقانون أن تصدر قراراً بالاعتراض على التأسيس على أن يكون قرارها في هذا الشأن مسبباً. وفي 11 من إبريل سنة 1979 نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء حيث تضمن الموضوعات المحدد طرحها للاستفتاء ومنها ما ورد تحت البند ثانياً الخاص بإعادة تنظيم الدولة على الأسس التالية تدعيماً للديمقراطية:1 - ........ 2 - إطلاق حرية تكوين الأحزاب.. وبعد موافقة الشعب عل ما طرح عليه بالاستفتاء فقد تم تعديل المادة (5) من الدستور بمقتضى نتيجة الاستفتاء الذي تم في 22 من مايو سنة 1980 بحيث أصبح نصها يجرى بأن النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، وعلى أن ينظم القانون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن مفاد ما سبق، بعد أن صدر القانون رقم 40 لسنة 1977 فقد طرح للاستفتاء وتمت الموافقة، على مبدأ يتصل بإعادة تنظيم الدولة تدعيماً للديمقراطية هو إطلاق حرية تكوين الأحزاب ويكون النص في الدستور على أن النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب، ترجمة لما استقرت عليه إرادة الناخبين، فيما سبق من استفتاء على المبادئ التي وردت بقرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 المشار إليه من إطلاق حرية تكوين الأحزاب، وبالتالي فإنه وفي ضوء أحكام الدستور والقانون رقم 40 لسنة 1977 فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها، يكون هو الأصل الذي يتلاءم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي الذي تأخذ به جمهورية مصر العربية وذلك مراعاة لاعتبارين: أولهما أن هذه الحرية تتفق ومبدأ حرية الرأي التي كفلها الدستور في المادة (47) وهي تعد فرعاً من المساهمة في الحياة العامة التي نصت المادة (62) من الدستور على اعتبارها واجباً وطنياً، وثانيهما أن وجود الأحزاب العامة وتعددها يتصل، أوثق الصلة، بسير المؤسسات الدستورية وطريقة اضطلاعها بالاختصاصات المقررة لها بالدستور والقوانين. وقد أوردت المحكمة الدستورية العليا بأسباب قضائها في القضية رقم 44 لسنة 7 القضائية (دستورية) المشار إليه أنه "بل أن قانون الأحزاب السياسية، وقد صدر في سنة 1977 قبل تعديل المادة الخامسة من الدستور سنة 1980 بالنص فيها على نظام تعدد الأحزاب، حين أراد واضعوا القانون المشار إليه أن يقيموا هذا القانون على أساس الدستور قد ارتكنوا - على ما يبين من مذكرته الإيضاحية وتقرير اللجنة التشريعية عنه - إلى بعض الحريات والحقوق المقررة في الدستور ومنها حرية الرأي والعقيدة السياسية باعتبار أن حق تكوين الأحزاب يعد حقاً دستورياً متفرعاً عنها ومترتباً عليها، واستناداً إلى أن النظم الديمقراطية تقوم على أساس التسليم بقيام الأحزاب السياسية باعتبارها ضرورة واقعية للتعبير عن اختلاف الرأي الذي تحتمه طبيعتها الديمقراطية ولو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية وتنظيمها.
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 36 لسنة 1979، 144 لسنة 1980 قد تضمنت الشروط التي يلزم توافرها لتأسيس الحزب ابتداء وكذلك لاستمرار بقائه. وقد ثار الخلاف حول مدى توافر الشروط المنصوص عليها بتلك المادة في الحزب طالب التأسيس فيقوم اعتراض اللجنة المشكلة بالتطبيق لحكم المادة (8) من القانون المشار إليه على تأسيس الحزب على أنه لا تتوافر فيه الشروط المتطلبة في البند (3) من أولا من المادة (4) من القانون كما إنه يخالف حكم الفقرات (ثانياً) و(ثالثاً) و(خامساً).
من المادة (4) المشار إليها، بينما يؤكد وكيل المؤسسين على أن اعتراض اللجنة لا يقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون.
ومن حيث إن السبب الأول لاعتراض اللجنة المشار إليها على تأسيس الحزب يتحصل في عدم تميز برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى وعن ذلك تقول اللجنة، على ما جاء بأسباب اعتراضها، أنه بالاطلاع على برنامج الحزب تحت التأسيس، يبين أنه لا يتميز تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى القائمة، بل يكاد أن يكون مشابهاً لبرامج العديد منها في الأساسيات التي تقوم عليها ومردداً لذات الأفكار والاتجاهات التي تضمنتها هذه البرامج. وقد استعرضت اللجنة الأساس الذي استندت إليه للوصول إلى النتيجة التي انتهت إليها حيث خلصت إلى أن جوهر برنامج الحزب وأساسياته" ليس فيه جديد يعول عليه وأنه جاء مطابقاً في شق منه لبرامج بعض الأحزاب ومشابهاً في شق آخر لبرامج البعض الآخر ومن ثم لا يعدو أن يكون تكراراً لمقتطفات متفرقة من جزئيات تضمنتها برامج الأحزاب القائمة، وتجميع لخليط منها، الأمر الذي أفقد هذا البرنامج قوامه المتكامل وذاتيته المتميزة تميزاً ظاهراً عن غيره من برامج الأحزاب القائمة بالمعنى الذي عناه المشرع في البند ثانياً من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية. ومن حيث إن تفسير أحكام القانون رقم 40 لسنة 77 الخاص بنظام الأحزاب السياسية يتعين أن يستهدي فيه بحكم نص المادة (5) من الدستور، المعدلة طبقاً لنتيجة الاستفتاء الذي أجرى يوم 22 من مايو 1980، التي أناطت بالمشرع تنظيم الأحزاب السياسية وبغيرها من الأحكام التي وردت بالدستور في شأن المقومات الأساسية للمجتمع والحقوق والواجبات العامة الدستورية، بحسبان أن المشرع إذ يتصدي لتنظيم أمور الأحزاب السياسية تنفيذاً للتوجيه الدستوري بذلك، إنما يفترض فيه ابتداء وهو بصدد هذا التصدي، الالتزام بالأحكام العامة والمبادئ الأصولية التي وردت في الدستور وعلى ذلك فإن التزام التفسير الذي يتفق وأحكام الدستور، هو الذي يتعين اتباعه بحسبانه الذي يكشف، بحق عن إرادة المشرع ونيته فيما أصدره من أحكام الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها القضاء بأن المادة 5 من الدستور المعدلة بتاريخ 22 من مايو سنة 1980 - تنص على أن يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية وقد تحقق بهذا التعديل تغيير جذري في إحدى ركائز النظام السياسي في الدولة، ذلك أن هذه المادة كانت المادة التي تنص قبل تعديلها على أن الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة من الفلاحين والعمال والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية وهو أداة هذا التحالف في تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية وفي متابعة العمل الوطني في مختلف مجالاته ودفع هذا العمل إلى أهدافها المرسومة وبموجب هذا التعديل يكون الدستور قد استعاض عن التنظيم الشعبي الوحيد ممثلاً في الاتحاد الاشتراكي العربي، بنظام تعدد الأحزاب، وذلك تعميقاً للنظام الديمقراطي الذي أقام عليه الدستور البنيان السياسي للدولة بما نص عليه في مادته الأولى من أن "جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة".. وبما ردده في كثير من مواده من أحكام ومبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التي أرساها، وتشكل معالم المجتمع الذي ينشده سواء ما اتصل بتوكيد السيادة الشعبية وهي جوهر الديمقراطية أو بكفالة الحقوق والحريات العامة وهي هدفها - أو بالاشتراك في ممارسة السلطة - وهي وسيلتها - كما جاء ذلك التعديل انطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية وأنها تتطلب - لضمان إنقاذ محتواها - تعدداً حزبياً بل هي تحتم هذا التعدد كضرورة لتكوين الإرادة الشعبية وتحديد السياسة القومية تحديداً حراً واعياً. وخلصت المحكمة الدستورية العليا مما تقدم إلى أنه ولما كان ذلك، وكان الدستور إذ نص في المادة (5) على تعدد الأحزاب كأساس للنظام السياسي في جمهورية مصر العربية، وجعل هذا التعدد غير مقيد إلا بالتزام الأحزاب جميعاً - سواء عند تكوينها أو في مجال ممارستها لعملها - بالمقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور وهو ما لا يعني أكثر من تقيد الأحزاب كتنظيمات سياسية تعمل في ظل الدستور - بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فيه، فإن الدستور إذ تطلب تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسي في الدولة، يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها في الإطار الذي رسمه لها، بما يستتبع حتماً ضمان حق الانضمام إليها ذلك أنه من خلال ممارسة هذا الحق، وبه أساساً، يتشكل البنيان الطبيعي للحزب وتتأكد شرعية وجوده في واقع الحياة السياسية.. كما استعرض قضاء المحكمة الدستورية العليا حكم المادة (62) من الدستور وانتهى إلى أن مؤداها أن الحقوق السياسية المنصوص عليها في هذه المادة اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التي حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها لضمان إسهامهم في اختيار قيادتهم وممثليهم في إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة، ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن في ممارسة تلك الحقوق، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته في الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين عليه القيام به في أكثر المجالات أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية، ومن ثم فإن إهدار تلك الحقوق يعد بدوره مخالفة لأحكام الدستور.. (حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 21 من يونيه سنة 1986 في القضية رقم 56 لسنة 6 القضائية الدستورية).
ومن حيث إن مفاد قضاء المحكمة الدستورية المشار إليه أن الأصل المستمد - من أحكام الدستور هو حرية تكوين الأحزاب السياسية، وهو أصل كفله الدستور طالما التزمت الإطار الذي رسمه لها. فعلى ذلك فإن القيود التي يكون قد تضمنها التشريع المنظم للأحزاب السياسية، إنما يتعين تفسيرها بحسبانها تنظيماً للأصل العام الذي قرره الدستور، ومن ذلك الالتزام، على ما هو مستقر عليه في شئون التفسير، بوجوب أن يلتزم التنظيم إطار الأصل العام المقرر كقاعدة أعلى في مدارج النصوص التشريعية وأنه لا يجوز بحال أن يخرج التنظيم عن الحدود المقررة له بالتطاول على الأصل الذي يستند إليه في قيامه، سواء بالتوسعة فيه أو الانتقاص منه وتقييده.
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونين رقمي 36 لسنة 1979، 144 لسنة 1980 تنص على أن يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي.. أولاً:.... ثانياً: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.. وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بدستورية هذا الشرط بحسبانه ضماناً للجدية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده، وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراءً للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها (الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7/ 5/ 1988 في القضية رقم 44 لسنة 7 القضائية الدستورية) وأنه ولئن كان قضاء المحكمة الدستورية العليا المشار إليه بتقرير دستورية نص البند (ثانياً) من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 77 المشار إليه فإنه لا يكشف بذاته صراحة، عن وجه تفسير عبارة التميز الظاهر التي تضمنها نص الفقرة (ثانياً) المشار إليها إلا أن قضاء تلك المحكمة، بما قام عليه من أسباب، سواء في القضية 44 لسنة 7 القضائية دستورية أو في القضية رقم 56 لسنة 6 القضائية دستورية المشار إليهما يرسي الأصول العامة والمبادئ الأساسية التي يتعين أن يدور تفسير نص القانون في إطارها، وأول هذه الأصول وتلك المبادئ ودعامتها هي حرية تكوين الأحزاب السياسية. باعتبارها حقاً نص عليه الدستور وأصلاً من الأصول التي يقوم عليها نظام الحكم على النحو المقرر دستوراً.
ومن حيث إنه يتعين الإشارة، بادي ذي بدء، إلى أن الأحزاب السياسية، القائمة منها والتي تطلب التأسيس تلتزم باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور تطبيقاً لحكم المادة (5) المعدلة من الدستور. كما تلتزم الأحزاب بألا تتعارض مقوماتها، أو مبادئها، أو أهدافها أو برامجها أو سياساتها أو أساليب ممارستها نشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ومبادئ ثورتي 23 يوليه و15 من مايو سنة 1971، كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية، كل ذلك على النحو المنصوص عليه بالفقرة (أولاً) من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه، ومؤدى ذلك ولازمه أن الدستور ومن بعده القانون رقم 40 لسنة 1977 يكونان قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب، القائمة منها والتي تطلب التأسيس في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف دستوراً وقانوناً. ويكون مفاد ذلك أن يضيق مجال التميز المتطلب، كشرط لتأسيس الحزب، فالتميز لا يكون مسموحاً به أو جائزاً إلا في غير تلك الأمور مما يعد مجالاً للعمل السياسي المسموح به للأحزاب. الأمر الذي يؤدي إلى أن التماثل، بل والتطابق مفترض حتماً في المقومات الأساسية التي يقوم عليها الأحزاب. وعلى ذلك فان عدم التميز في هذا الشأن، لا يمكن أن يكون مانعاً أو حائلاً دون تأسيس الحزب. كما أنه يكشف عن الوجه الصحيح لتفسير حكم الفقرة (ثانياً) من المادة (4) المشار إليها التي تجرى عبارتها باشتراط تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى. والتميز المتطلب لا يمكن أن يكون مقصوداً به أن يكون تميزاً عن كافة ما تقوم عليه برامج الأحزاب كلها. أو تكون أساليبه متميزة عن أساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة. فليس في عبارة النص المشار إليها ما يوحي بأن التميز يتعين أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى القائمة جميعها، بل التميز يتحقق صدقاً إذا توافر في الحزب طالب التأسيس الصفة التي تجعله متبايناً ومختلفاً ومنفرداً عن أي حزب منظور إليه على استقلال، إذا اشترط التميز المطلق والتام بين الحزب طالب التأسيس وبين برامج الأحزاب الأخرى منظوراً إليها مجتمعة، يفترض أن هذه الأخرى تمثل حزباً واحداً أو تنظيماً واحداً، بحيث يجب أن يتميز عنها الحزب طالب التأسيس، وهو أمر غير مقبول في تفسير النص، كما أن القول به مؤداه فرض قيد هو تحريم تكوين أي حزب جديد أقرب منه إلى تنظيم الحق في هذا التكوين فالتميز يتحقق متى توافرت شروطه، بمعنى التفرد والانفصال، عن حزب آخر، بحيث لا يكون هناك حزبان يتفقان في البرامج والسياسات أو الأساليب التي يعتنقها لتحقيق تلك البرامج والسياسات. فالأحزاب القائمة ليست فروعاً لتنظيم واحد يضمها جميعاً، بل كل منها ينفرد بذاتية مستقلة، رغم ما قد يكون بينها من اتفاق في أصول عامة تابعة ومنبثقة من قواعد دستورية وقانونية تستلزم هذا الاتفاق على النحو المشار إليه فيما سبق، مما يتيح للمواطن أن ينحاز إلى أي منها، وبحيث يتحقق بهذا الانتماء الحر الأساس الأول للنظام السياسي في جمهورية مصر العربية القائم على أساس تعدد الأحزاب على النحو المنصوص عليه بالمادة (5) من الدستور.
ومن حيث إنه وبالترتيب على ما تقدم، وإذ كانت اللجنة المشكلة بالتطبيق لحكم المادة (8) من قانون الأحزاب قد أقامت اعتراضها على طلب تأسيس الحزب في المنازعة الماثلة، تأسيساً على أنه قد ورد ببرنامج الحزب طالب التأسيس بشأن نظام الحكم، ما يتفق بعضه مع ما ورد ببرنامج حزبي العمل الاشتراكي والوفد الجديد، وبعضه مع ما ورد ببرنامج هذين الحزبين وحزب الأمة وبعض آخر مع ما ورد ببرنامجي الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الأحرار الاشتراكيين، فيكون البادي أن اللجنة المشار إليها قد ردت مقارنتها ببرنامج الحزب طالب التأسيس مع ما ورد في برامج الأحزاب الأخرى، فلم تستظهر اللجنة اتفاق الحزب وتطابق برنامجه وأهدافه في شأن نظام الحكم مع برنامج وأهداف حزب بعينه، فإذا كان ذلك وكان من أوجه النعي التي أبرزتها اللجنة أن برنامج الحزب طالب التأسيس إذ ورد به التأكيد أن مصر دولة إسلامية تكفل الحرية الدينية بعيداً عن التعصب والتطرف فإن ذلك لا يعدو أن يكون تكراراً لما أكده الدستور في المادة (40) من أن - المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تميز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وما أوردته اللجنة في هذا الشأن يبدو بعيد الصلة مع اعتراضها على التأسيس. إذ أن الالتزام بالأحكام الرئيسية والمبادئ العامة للمجتمع المصري، على نحو ما قرره الدستور، هو التزام مفروض على الأحزاب جميعاً ولا تثريب إن تضمن برنامج الحزب التأكيد عليها.
ومن حيث إنه بالاطلاع على برنامج الحزب طالب التأسيس المقدم بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1988، يبين أن البرنامج يقوم على تحقيق أربعة أهداف: أولاً: حماية ودعم الحقوق السياسية والشخصية للفرد بصورة تحقق للمواطن الثقة بذاته والاعتزاز بانتمائه لمصر، ثانياً: تحقيق تنمية اقتصادية شاملة تكفل التوظيف الأمثل لموارد البلاد ولجمهور المواطنين في أعمال منتجة تحقق زيادة في الإنتاج القومي والدخل المتوسط للفرد ليقترب من متوسطات الدخول في الدول المتقدمة، ثالثاً: العمل على النهوض بالمرافق العامة المصرية إلى المستوى الحضاري الذي يليق بشعب مصر، رابعاً: وضع ضوابط لسياسة خارجية رشيدة تحفظ لمصر مكانتها وكرامتها في أسرة العالم وتكفل تحقيق الأمن والسلام للعشب المصري مع الدعوة والعمل المستمر لتحقيق الوحدة مع أبناء الجنوب والسودان. وعن الهدف الأول يقوم البرنامج على ضرورة النظر في تعديل الدستور لتحقيق مزيد من الديمقراطية، على أن تضطلع بذلك جمعية تأسيسية تتكون عن طريق الانتخاب المباشر الذي يتم بإشراف هيئة قضائية ويدعو البرنامج أن يكون التعديل بحيث يحقق:
1 - تطبيق الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية ونائبه وأعضاء المجالس النيابية.
2 - ضرورة العناية بوضع القواعد والضوابط الكفيلة بالفصل بين السلطات. التشريعية والتنفيذية والقضائية بحيث لا تطغي إحداهما على الأخرى.
3 - تنظيم العلاقة بين السلطة التنفيذية والقوات المسلحة والشرطة بما يحقق إضعاف سيطرة السلطة التنفيذية عليهما تجنباً لإمكانية الانفراد بالحكم والميل إلى الدكتاتورية مع ما ينتجه ذلك من المساس بالحريات.
4 - حرية تكوين الأحزاب السياسية في الإطار الذي سوف تحدده الجمعية التأسيسية، وحرية الأفراد في إصدار الصحف والمجلات على أنه بالنسبة للصحف القومية القائمة فيرى البرنامج ضرورة عدم خضوع تشكيل مجالس إدارتها للسلطة التنفيذية ويكون ذلك بطرح أسهمها للاكتتاب العام حتى يساهم الشعب والعاملون بالشركات التي تصدر عنها تلك الصحف في الجمعيات العمومية لها.
5 - النص في الدستور الجديد على أن مصر دولة إسلامية، وعلى احترام حرية المواطنين في اعتناق دياناتهم الأخرى مع كفالة الدستور مزاولة مراسم دياناتهم. وبين البرنامج أن الدعوة للإسلام ليست حقاً للمسلم بل هي واجب عليه على أن يلتزم في ذلك بأساليب تنأي عن التعصب أو التطرف بأن تكون الدعوة قائمة على الحكمة والموعظة الحسنة. وعن الهدف الثاني أورد البرنامج أن الوضع الاقتصادي للدولة هو من أهم الموضوعات التي يعنى بها تأسيساً على أنه لا حرية ولا كرامة مع وجود الفقر. وبعد استعراض أهم مظاهر التخلف الاقتصادي، من جمود الإنتاج ووجود عجز مستمر ومتزايد في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وفي الميزانية العامة للدولة وزيادة حجم النقد المتداول والخلل في هيكل توزيع القوى العاملة، ذهب البرنامج إلى بيان أن انتهاج سياسة تعيين خريجي الجامعات بمجرد التخرج وعدم تعيين أصحاب المؤهلات المتوسطة إلا بعد مدة قد تطول إلى أربع سنوات وعدم الالتزام بتعيين غير الحاصلين على مؤهلات، فقد ترتب على ذلك الإقبال على التعليم الجامعي، وبالتالي تضاعفت أعداد خريجي الكليات النظرية مثل التجارة والحقوق والآداب والخدمة الاجتماعية والتربية الفنية مما أدى إلى إنشاء وظائف لهم بمصالح الحكومة وهيئات وشركات القطاع العام دون أن تكون حاجة العمل ومقتضياته تستلزم ذلك، وبالتالي تضخم عدد الموظفين دون أن يقابل ذلك إنتاج حقيقي. وبالتوازن مع ذلك فقد ازدادت أعداد الفئات التي لا تنتج إنتاجاً مباشراً ومن ذلك التجارة والوسطاء مما أدى إلى حدوث خلل كبير في هيكل القوى العاملة بحيث اقتصر عدد العاملين المنتجين على أربعة ملايين عامل في حين يعمل أربعة عشر مليوناً بمجالات غير منتجة. ويقرر البرنامج أن إصلاح هيكل القوى العاملة سوف يكون من أهم الأهداف التي سيسعى الحزب إلى تحقيقها. كما استطرد البرنامج إلى بيان ملامح العلاج للمشكلات الاقتصادية وتتحصل في دعوة الشعب للاهتمام بالمشكلة وفي أن يتم العمل من خلال إستراتيجية واضحة تقوم على فكر اقتصادي يؤمن به الشعب مع بيان أن رؤية الحزب، في ظل الظروف الحالية. الاستمرار في إتاحة الفرصة لسياسة الانفتاح الاقتصادي ودعوة رؤوس الأموال المصرية والأجنبية والعربية للاستثمار في مصر، مع تشجيع المستثمرين عن طريق توفير المنافسة الحرة وجعل الثمن الأسلوب الأساسي لتوجيه الاستثمار. واستعرض البرنامج بعض السياسات التي يرى الأخذ بها لتنمية القطاعات الاقتصادية الهامة، ففي مجال الزراعة يتعين الحفاظ على الأرض الزراعية مما يتطلب الأخذ بنظام المباني ذات الطوابق المتعددة بالمدن والقرى، وتجميع الهيئات والمراكز التي تقوم على التنمية الزراعية في هيئة واحدة تابعة لوزارة الزراعة مع مكان الاستعانة بخبراء الزراعة العالميين في المجالات الزراعية المختلفة والعمل على زيادة الإنتاج الزراعي والأنشطة المتعلقة بتربية لدواجن وذلك عن طريق استغلال المساحات المتاحة من أسطح المنازل والشركات في زراعة بعض أنواع الخضر أو نباتات الزينة في أحواض خاصة، وعن طريق مد الطرق بالأراضي الصحراوية والمرافق الأساسية باعتبار أن ذلك من أهم الوسائل المساعدة لزيادة الرقعة المستصلحة. ونبه البرنامج إلى ضرورة البدء في إجراء دراسة شاملة وجادة حول السد العالي وآثاره الجانبية وعلى الأخص تعرف وجه الحق فيما يشاع من تكون سد هائل من الطمي جنوب وادي حلفا بسبب وجود السد مما يتسبب في أن تتجه مياه النيل، في مستقبل قصر أو بعد، إلى الصحراء المحيطة بالبحيرة بما قد يحرم مصر من مياه النيل نهائياً. وفي مجال الصناعة التي يراها البرنامج طريق الخروج من دائرة الفقر، فيدعو البرنامج إلى وجوب الأخذ بالتقنيات مما يمكن الحصول عليها عن طريق تهيئة المجال لتلقي الاستثمارات الأجنبية وخاصة ما اتصل منها بصناعة الالكترونيات الحديثة. على أن يتواكب ذلك مع تغيير نظرة الإعلام إلى أصحاب رؤوس الأموال المنتجة وتقليل دور الأجهزة الحكومية على الرقابة على النقد الأجنبي مع الاستفادة القصوى من الموارد الدائمة للنقد الأجنبي الأمر الذي يتطلب ألا تتجاوز الرقابة على النقد الأجنبي الحدود المعقولة كما يتطلب العمل على زيادة الثقة والاطمئنان للاقتصاد المصري وإيقاف الحملة على تجارة العملة والعمل على الاستفادة بهم كوسيلة جلب للعملات الأجنبية من الخارج مع تنظيم النشاط في صورة مكاتب معتمدة لأعمال الصرافة، والسماح للبنوك في التعامل بالنقد الأجنبي على أساس سعر حقيقي، وإيجاد الحافز نحو إنشاء المشروعات الصناعية عن طريق الإعفاءات الضريبية مع تطوير الأجهزة القائمة على شئون الصناعة وترميمها وعن مجال الصيد أورد البرنامج ضرورة الاهتمام بنشاط صيد الأسماك وإزالة المعوقات الإدارية التي تصادف الصيادين ومن ذلك حرمانهم من الصيد غرب مدينة العلمين واستلزام تحديد خط سير سفن الصيد واستلزام العودة إلي ذات ميناء المغادرة كل ذلك مما يتطلب، على ما ورد بالبرنامج، إيجاد هيئة لها صلاحيات كافية لرعاية الثروة السمكية وتنظيم أعمال الصيد وتدعيم الصيادين. وفي مجال السياحة أبرز البرنامج ضرورة الاهتمام بتشجيع السياحة بالعناية بتنظيم زيارات المناطق الأثرية مع إيجاد أماكن جذب في تلك المناطق ومثال ذك إنشاء مدن الملاهي الكثيرة. وفي مجال الإسكان يرى البرنامج أن مشكلة الإسكان سوف تحل في حد ذاتها بعلاج أوجه الخلل في الهيكل العام للدولة. وعن الهدف الثالث يرى البرنامج ضرورة الاهتمام برفع كفاءة المرافق العامة مع التركيز على أمرين: التعليم والصحة. وعن التعليم أورد البرنامج أن إصلاح نظم التعليم سوف تنبع من تخفيف الضغط الزائد على مراحل التعليم المختلفة والذي نشأ بسبب إطلاق مجانية التعليم بدون وعي أو دراية لذلك يرى أن تقتصر المجانية على التعليم الإلزامي الابتدائي والإعدادي أما بعد ذلك فيكون التعليم الثانوي الفني بالمجان أما بالنسبة للتعليم الثانوي العام فيكون نصفه بالمجان ونصفه لمن يريد بمصروفات كاملة وكذلك الحال بالنسبة للتعليم الجامعي. وعن الصحة يرى البرنامج توفير العلاج الكامل بصورة كريمة لكل من يحتاجه مع وجوب تحسين الخدمة بالمستشفيات العامة المجانية وتغيير أسلوب إدارة المستشفيات العامة الجامعية بحيث تستند إدارتها لأطباء متفرغين. وقد تصدر برنامج الحزب طالب التأسيس مقدمة تضمنت إعلاناً عن هدفين أساسيين يسعى الحزب إلى تحقيقهما أولهما: حث المواطنين على المساهمة الفعالة في الأمور العامة والاهتمام بشئون الوطن وممارسة الحقوق السياسية العامة في إطار العمل الحزبي القائم على تعدد الأحزاب وثانيهما: تحقيق وحدة وادي النيل، مصره وسودانه، بحسبان أن هذه الوحدة كيان موجود وكائن يعم الوادي.
ومن حيث إن تحقيق وحدة وادي النيل، على ما ينادى به برنامج الحزب طالب التأسيس، تختلف عن مفهوم الوحدة العربية، وإن لم تتعارض معها، ذك أن الحزب يرى أن ما فصم عرى هذه الوحدة في مرحلة تاريخية معينة، كان أحداثاً طارئة داخلية آن زمان العمل على تجاوزها وإزالة آثارها. وبهذا المفهوم فإن تحقيق وحدة وادي النيل كهدف يتميز عن هدف تحقيق وحدة الأمة العربية أو وحدة الأمة الإسلامية ولا يعتبر في برنامج الحزب طالب التأسيس جزءاً من سياسة خارجية، بل أساساً للعمل السياسي، داخلياً وخارجياً، وأنه ولئن كان برنامج حزب الوفد الجديد قد تضمن، فيما تضمن بالنسبة للسياسات الخارجية، وجوب بذل أقصى الجهود لتوثيق الصلات ودعم الروابط بين مصر والسودان على المستوى الرسمي والشعبي حتى يصلا إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق الوحدة الكاملة لشطري الوادي، إلا أن برنامج الحزب طالب التأسيس، فيما يتعلق بتحقيق وحد ة وادي النيل يتميز عما ورد ببرنامج حزب الوفد الجديد في هذا الشأن، إذ يعتبر الحزب طالب التأسيس أمر هذه الوحدة هدفاً جوهرياً يقوم عليه وليس مجرد عنصر من عناصر سياسة خارجية يتعين اتباعها. ولا يكون صحيحاً ما أثارته هيئة قضايا الدولة، في معرض دفاعها، من أن من شأن إقامة علاقات خاصة مع السودان، عن طريق إبرام اتفاقية التكامل وغيرها، ما يحول دون أن يتبنى حزب، يطلب التأسيس، تحقيق الوحدة بين شطري الوادي، ذلك أنه من المعروف ومن العلم العام أن الحزب الذي يتولى السلطة هو الحزب الوطني الديمقراطي، وبرنامجه خلو من هدف تحقيق وحدة وادي النيل، فيكون إبرام الاتفاقيات بين الدولتين من قبيل أعمال السياسة بإجراء الموازنات المختلفة تحقيقاً للمصالح المشتركة، في إطار تقدير الاعتبارات الدولية والملاءمات السياسية. كما لا يكون صحيحاً أن العمل على تحقيق الوحدة العربية يجب أن يحجب الدعوة عن توحيد شطري الوادي، على نحو ما ورد ببرنامج الحزب طالب التأسيس، ذلك أن توحيد شطري الوادي يقوم على أساس قيام الوحدة التاريخية التي تصل بين قاطني الوادي الواحد جنوبه وشماله ومن الجدير بالإشارة في هذا الصدد، إلى أن هذه الدعوة كانت ركيزة أساسية من الركائز التي قامت عليها السياسة المصرية في التاريخ السياسي المعاصر. وقد تضمن خطاب رئيس مجلس وزراء مصر أمام مجلس الأمن بتاريخ 5 من أغسطس سنة 1947 استعراضاً تاريخياً وجغرافياً وسياسياً للعلاقة بين شطري وادي النيل والمحاولات التي بذلتها دولة الاحتلال البريطاني لفصم عرى الوحدة مع السعي إلى تقسم السودان ذاته بفصل جنوبه عن شماله بهدف إيجاد نظام حكم ذاتي في الجنوب يمكن أن ينفصل عن الشمال ويستقل عنه، وأنه أياً ما يكون الرأي في هدف تحقيق وحدة وادي النيل، بين السودان ومصر فإن هذا الهدف لا يكون النظر إليه أو الحكم عليه، بمطلق منظور الوحدة بين كيانات سياسية قائمة وإنما هو، بالنظر إلى جذوره التاريخية، مما يمكن اعتباره تمشياً مع وجهة نظر الحزب طالب التأسيس، رأباً لصدع حدث لكيان سياسي واحد نتيجة ظروف خاصة أدت إليه وأفرزته.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما سبق فإن مناداة الحزب طالب التأسيس، وقيام برنامجه، على تحقيق هدف الوحدة بين شطري وادي النيل يكون مما يتحقق به تميز الحزب في دعامة من دعاماته الأساسية عما ورد ببرامج الأحزاب الأخرى، وتكفي هذه السمة سبباً للتميز ومدعاة للتفرد. وأنه ولئن نسب إلى الحزب طالب التأسيس أنه إن هو إلا فرع لحزب قائم بالسودان، وبالتالي قد خالف حكم الفقرة (خامساً) من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه، إلا أن ما أثير في هذا الشأن لا يجد سنداً صحيحاً، باستخلاص سائغ، من الأوراق ذلك أن ما ورد من عبارات ببرنامج الحزب طالب التأسيس من قيام حزب في السودان ينادي بالوحدة مع مصر، ويطالب بتحقيقها، وأنه بقيام الحزب طالب التأسيس فيعمل على تحقيق هذا الهدف، ليس من مؤداه أو مفاده أن الحزب طالب التأسيس هو فرع للحزب القائم بالسودان والاتفاق بينهما في الهدف لا يعني قيام التبعية وتوافر أسبابها. وفي هذا الشأن فإن في نصوص قانون الأحزاب السياسية ما يكفل تحقيق التزام الأحزاب جميعاً في علاقاتها أو اتصالاتها بالأحزاب القائمة بدول أخرى، بحدود معينة لا يجوز تجاوزها أو مخالفتها وقد نصت المادة (1) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المعدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أن تضع لجنة شئون الأحزاب السياسية القواعد المنظمة لاتصال الحزب بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي وذلك بناء على ما يقترحه رئيس هذه اللجنة. ولا يجوز لأي حزب التعاون أو التحالف مع أي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي إلا طبقاً للقواعد المشار إليها في الفقرة السابقة.
ومن حيث إنه عما ورد بالاعتراض على تأسيس الحزب من أن برنامجه يشوبه القصور فالبادي من استعراض هذا البرنامج أنه تعرض لأمهات المبادئ التي يراها في الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونص المادة (2) من قانون نظام الأحزاب السياسية على أنه "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم. وعلى ذلك فيكفي أن يتعرض برنامج الحزب إلى المبادئ العامة المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة التي تحدد إطاره الفكري بصدد هذه الشئون وبحيث يكون الانتماء إليه عن بصيرة ويقين من اتجاهاته الرئيسية ومبادئه العامة، أما البرامج التفصيلية المتفرعة عن المبادئ العامة والاتجاهات الرئيسية فإنها لا تعدو أن تكون فروعاً لهذه المبادئ والاتجاهات الرئيسية، فلا يعيب البرنامج خاصة والحزب في طور التكوين الأول، ألا يتعرض ببرامج تفصيلية لعلاج كل المشكلات التي تقوم في الواقع، واستلزام ذلك فيه عنت وإرهاق، قد يصل إلى حد الاستحالة إذا نظر إلى المشكلات التي تواجه المجتمع، أي المجتمع، في وقت معين. بل إن تطور المجتمع يفرز حتماً تطوراً في مشكلاته، سواء بتجاوزها أو استفحالها، والرؤية الواضحة لحلول لها، جميعاً، ابتداء فضلاً عن صعوبته، إن لم تكن استحالته، لا يمكن أن تتوفر صدقاً وحقاً إلا بالاطلاع على حقائق إحصائية وبيانات دقيقة متشعبة قد لا تكون متوافرة، دائماً للجمهور فإذا كان ذلك وكان برنامج الحزب طالب التأسيس قد تناول على ما سبق البيان، المبادئ الأساسية المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حسب رؤيته لهذه المسائل وتقديره لوسائل معالجة المشاكل التي تثور بشأنها، أياً ما يكون من شأن الحكم الموضوعي عليها الأمر الذي مناطه في النهاية إلى مجموع الناخبين فإنه لا يكون فيما قدمه ما يمكن وصمه بالقصور الذي يتنافى مع الحكم المنصوص عليه بالمادة (2) من قانون الأحزاب السياسية على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه عما نسب إلى الحزب طالب التأسيس من مخالفته لحكم البند (3) من أولاً من المادة (4) من قانون الأحزاب السياسية بحسبان أن ما تضمنه برنامجه بشأن تنظيم أمور التعليم يتضمن مساساً بمكاسب اشتراكية تتمثل في مجانية التعليم، فإنه يتعين ابتداء تحديد مفهوم المكاسب الاشتراكية المعنية بنص البند (3) المشار إليه. وهذا التحديد يستفاد من إجراء المقابلة بين نص المادة (3) ونص البند 3 من أولاً من المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه. إذ تنص المادة (3) من القانون المشار إليه على أن تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور.. بينما تنص المادة (4) على أنه يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي: أولاً: عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:.... 3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية. ومن حيث المقابلة بين هذين النصين يبين أن ما ورد بالبند (3) من أولاً من المادة (4) من قانون الأحزاب السياسية، بشأن الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية إنما هو توكيد وترديد لما ورد بالمادة (3) من القانون التي تحيل في بيان كل ذلك إلى أحكام الدستور وبالتالي تكون عبارة المكاسب الاشتراكية الواردة بالبند (3) مقابلة لعبارة مكاسب العمال والفلاحين الواردة بنص المادة (3) من القانون التي تحيل في بيان هذه المكاسب إلى أحكام الدستور وقد تضمن الدستور في المادة (5)، بيان المبادئ العامة التي تحكم التنظيم الحزبي فنصت تلك المادة على أن يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور. وينظم القانون الأحزاب السياسية ومفاد ما تقدم أن ما يعتبر بمنأى من إرادة التغيير التي يسمح بها في إطار العمل الحزبي، ما يكون الدستور قد اعتبره من المقومات الأساسية التي يقوم عليها المجتمع على نحو ما تضمنه الدستور وأحكم بيانه في الباب الثاني منه بعنوان "المقومات الأساسية للمجتمع". وباستعراض ما تضمنه الباب المشار إليه من الدستور في الفصل الأول بعنوان المقومات الاجتماعية والخلقية يبين أن المادة (18) تنص على أن التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج. بينما تنص المادة (20) على أن التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية مجاني في مراحله المختلفة. فعلى ذلك فإن التعليم المجاني في مؤسسات الدولة يكون معتبراً من المقومات الأساسية للمجتمع مما ينأى عن أي مساس به أو الانتقاص منه إعمالاً لصريح حكم الدستور، وإن لم يرد بقانون الأحزاب أو تجر به نصوصه وعباراته، بحسبان أن ما ورد بالدستور من أحكام بشأن التنظيم الحزبي يتعين الالتزام بها ومراعاتها حتى وإن خلا منها قانون الأحزاب تأسيساً على أن أحكام الدستور هي مصدر المشروعية الأول باعتبارها قمة مدارج الإلزام التشريعية فإذا كان ذلك وكان الطاعن قد أكد بالمذكرات المقدمة أمام هذه المحكمة، على أن برنامج الحزب لا يتضمن المساس بالمجانية بمؤسسات الدولة التعليمية، وأن ما ورد بالبرنامج بشأن تنظيم العملية التعليمية إنما المقصود به إصلاح هيكل التعليم برعاية الأكثر قدرة وكفاءة علمية، وتوجيه الأقل قدرة إلى مناحي التعليم الفني، تحقيقاً للحد من مظاهر البطالة المقنعة ودفعاً وتدعيماً للقوى المنتجة ومن مطالعة ما ورد ببرنامج الحزب طالب التأسيس، في شأن تنظيم التعليم، لا يؤدي لزاماً إلى القول بإخلال البرنامج بالمجانية المقررة دستوراً في مؤسسات الدولة التعليمية. ذلك أن عبارة البرنامج، على نحو ما حرص الطاعن على إيضاحه بمذكرات دفاعه أمام هذه المحكمة، يكون مفادها أن يقتصر القبول بمؤسسات الدولة التعليمية سواء في المرحلة الجامعية - وبافتراض أن استقلال الجامعات المنصوص عليه دستوراً في المادة (18) لا يحول دون اعتبارها مما يدخل في مفهوم تعبير مؤسسات الدولة التعليمية المعنية بحكم المادة (20) من الدستور المشار إليها - أو بمرحلة التعليم الثانوي العام على أكثر الطلبة تفوقاً وامتيازاً ويكون التحاق غيرهم بالتعليم الفني بالمجان، أو بمؤسسات خاصة مقابل مصروفات. ولا يكون في ذلك مساس بقاعدة أو مبدأ ورد ضمن المقومات أو المبادئ الأساسية التي نص عليها الدستور. ولا تتأبى عبارات برنامج الحزب على هذا الفهم إذ تجرى بما يأتي.. لذلك يرى الحزب أن تقتصر المجانية على التعليم الإلزامي الابتدائي والإعدادي فقط أما بعد ذلك في مرحلة التعليم الثانوي فيكون كل التعليم الثانوي الفني بالمجان أما بالنسبة للتعليم الثانوي العام فيكون 50% منه مجاناً للمتفوقين وال50% الذين تقل قدراتهم يكون التعليم الثانوي بالنسبة لمن يريده بمصاريف كاملة أو يخرج من لا يريد منهم تحمل المصاريف لميدان العمل حيث يكون ذلك أنسب لقدراتهم وأجدى لهم وللوطن وكذلك في التعليم الجامعي يكون نصفه مجاناً للمتفوقين والنصف الآخر بمصاريف، ولا يفهم من هذه العبارات كما هي لا تؤدي بحكم اللزوم إلى المساس سواء بالمجانية في مرحلة الإلزام الأمر الذي تكفله الدولة ويجب عليها توفيره على النحو المنصوص عليه في المادة (18) من الدستور ويقتصر على المرحلة الابتدائية، أما ما عدا هذه المرحلة أو المراحل الأخرى التي يمتد إليها الإلزام بمقتضى أحكام التشريعات فإنه ليس في الدستور ما يحول دون اضطلاع مؤسسات خاصة - هي بعد تخضع لإشراف الدولة تطبيقاً للتوجيه الدستوري بإشرافها على التعليم كله وأياً ما تكون طبيعة المؤسسات التي تقوم به - بالخدمات التعليمية مقابل مصروفات لمن يشاء ذلك ويرغب فيه ممن لم يمكنه الحصول على هذه الخدمة بمؤسسة من مؤسسات الدولة التعليمية بسبب مرجعه إلى درجة الكفاءة أخذاً بمعيار يتساوى أمامه الجميع. ويكون ما ورد ببرنامج الحزب إن هو، في النهاية إلا دعوة إلى تشجيع الدولة للتعليم الفني وإلى الإقلال من الأعداد المقبولة بمرحلة التعليم الثانوي العام ومرحلة التعليم الجامعي، وأنه وأياً ما يكون الرأي من الناحية الموضوعية فيما ينادى به برنامج الحزب طالب التأسيس في هذا الشأن فليس من شأن اختلاف وجهات النظر وتباينها في تقييمه، ما يحول بذاته دون قيام الحزب قانوناً متى لم يتحقق أن في برنامجه مخالفة لحكم ورد بالدستور أو القانون.
ومن حيث إنه بشأن ما أثير منم قيام الحزب طالب التأسيس على أساس جغرافي بمقولة أن غالبية المؤسسين يقطنون بمدينة الإسكندرية مما من شأنه مخالفة حكم الفقرة ثالثاً من المادة (4) من قانون الأحزاب فإن ذلك لا يستقيم مع صحيح الواقع أو حقيق القانون. ذلك أن الحظر الوارد بالفقرة (ثالثاً) من المادة (4) المشار إليها إنما ينصرف إلى قيام الحزب على أساس جغرافي ولا يتصل ذلك بأن يكون المؤسسون من قاطني مدينة معينة أو محافظة بعينها طالما خلا البرنامج مما يفيد قيام الحزب على هذا الأساس الجغرافي. وفي واقعة المنازعة الماثلة فإن مبادئ الحزب وبرنامجه متصلان أوثق الصلة بنظرة عامة لأمور الوطن، دون اعتداد بأساس جغرافي أو تحديد بنطاق مكاني معين، ومن الجدير الإشارة إلى أن نشر أفكار الحزب والدعوة إلى مبادئه على نطاق مما يتنافى مع الحظر المفروض بموجب حكم الفقرة الثانية من المادة (9) من قانون الأحزاب التي تحظر على مؤسسي الحزب ممارسة أي نشاط حزبي أو إجراء أي تصرف باسم الحزب إلا في الحدود اللازمة لتأسيسه وذلك قبل التاريخ المحدد لتمتعه بالشخصية الاعتبارية على النحو الذي ينظمه نص الفقرة الأولى من المادة (9) المشار إليها وهو اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالموافقة على تأسيس الحزب بالجريدة الرسمية أو في اليوم العاشر من تاريخ هذه الموافقة إذا لم يتم النشر أو من تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء القرار الصادر من هذه اللجنة بالاعتراض على تأسيس الحزب.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما سبق جميعه، فإن الاعتراض على تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي يكون غير قائم على سند صحيح من حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغاء القرار بالاعتراض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار بالاعتراض على تأسيس الحزب الاتحادي الديمقراطي مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته بالمصروفات.


 (1) يراجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 7 القضائية (دستورية).

الطعن 3282 لسنة 34 ق جلسة 14 / 4 / 1990 إدارية عليا مكتب فني 35 ج 1 أحزاب ق 3 ص 72

جلسة 14 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة نواب رئيس مجلس الدولة ومن الشخصيات العامة: السادة الأساتذة خالد طاهر عبد الباري وكيل أول وزارة القوى العاملة وسيد محمد علي موسى رئيس مجلس إدارة هيئة تنشيط السياحة وعبد المنعم أحمد عمر البحيري نائب رئيس مجلس إدارة هيئة القطاع العام لتوزيع القوى الكهربائية والدكتور مراد عبد السلام يوسف مدير عام طب الأسنان بوزارة الصحة وإبراهيم الدسوقي عمر إبراهيم مستشار الرياضيات.

----------------

(3)
الطعن رقم 3282 لسنة 34 القضائية

)أ) أحزاب سياسية - القيود التي ترد على تنظيم الحزب:
المادة الخامسة من دستور 1971 - تعدد الأحزاب كأساس للنظام السياسي - التعدد غير مقيد إلا بالتزام الأحزاب جميعاً سواء عند تكوينها أو في مجال ممارستها لعملها بالمقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور - إذا كان الأصل هو حرية تكوين الأحزاب السياسية طالما التزمت الإطار الذي رسمه لها الدستور فإن القيود التي تضمنها التشريع المنظم لها يتعين تفسيرها باعتبارها تنظيماً لهذا الأصل العام الذي قرره الدستور - لا يجوز أن يخرج التنظيم عن الحدود المرسومة له تطاولاً على الأصل الذي يستند إليه - تطبيق.
)ب) أحزاب سياسية - شرط تميز الحزب:
المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1979 ورقم 144 لسنة 1980 - يشترط لتأسيس أو لاستمرار أي حزب سياسي تميز الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى - قضاء المحكمة الدستورية العليا بدستورية هذا الشرط - أساس ذلك: بحسبانه ضماناً للحرية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده وأن يكون في وجوده إضافة جيدة للعمل السياسي دعماً للممارسة الديمقراطية - ضرورة اتفاق الأحزاب السياسية القائمة منها وطالبة التأسيس في أمور غير مسموح بشأنها الاختلاف دستورياً وقانوناً - التميز يكون محصوراً في غير هذه الأمور - يكون التماثل بل التطابق مفترضاً حتماً في المقومات الأساسية على وجه لا يمكن معه أن يكون عدم التميز فيها مانعاً دون تأسيس الحزب أو استمراره - التميز المتطلب لا يقصد به التميز عن كل برنامج وسياسات وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة وإنما الاختلاف البين عن كل حزب على استقلال فلا يكون هناك حزبان متماثلان - نص المادة 4 فقرة (2) - وجود اختلاف أو تباين ظاهر في البرامج وفيما رسم لتحقيقه من سياسيات وأساليب بما يقيم ذاتية ويميزه عن سواه هو أمر كفيل بتوافر الشرط التأسيس الحزب واستمراره - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 19 من أغسطس سنة 1988 أودع الأستاذ محمود المليجي المحامي نيابة عن الأستاذ على الدين صالح إبراهيم المحامي بصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب (مصر الفتاة الجديد)، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3282 لسنة 34 ق ضد السيد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية، في القرار الصادر من هذه اللجنة في 15 من أغسطس سنة 1988 بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بصفته لتأسيس حزب (مصر الفتاة الجديد).
وأعلن تقرير الطعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 5 من نوفمبر سنة 1988 أمام المحكمة بتشكيلها المنصوص عليه في المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية، وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة 27 من مارس سنة 1990، وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية أجاز في المادة 8 منه لطالبي تأسيس الحزب أن يطعنوا بالإلغاء في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيسه وذلك خلال الثلاثين يوماً التالية لنشره في الجريدة الرسمية، وهو نشر يقوم مقامه في سريان هذا الميعاد المقرر للطعن إعلانهم بذلك القرار أو علمهم به علماً يقينياً شاملاً في تاريخ سابق على نشره بالجريدة الرسمية. والثابت من الأوراق أن لجنة شئون الأحزاب السياسية أصدرت قراراً في 15 من أغسطس سنة 1988 بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بصفته لتأسيس حزب سياسي باسم (حزب مصر الفتاة الجديد)، وأقر الطاعن بصفته في تقرير الطعن بأن هذا القرار أبلغ إليه في 25 من أغسطس سنة 1988، وقد تم إيداع هذا التقرير قلم كتاب المحكمة في 29 من أغسطس سنة 1988 أي خلال الميعاد القانوني، كما جاء مستوفياً الأوضاع المقررة، فمن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 12 من مايو سنة 1988 قدم الطاعن بصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب (مصر الفتاة الجديد) إخطاراً كتابياً إلى السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب بطلب تأسيس هذا الحزب، وأرفق بطلبه قائمة بأسماء الأعضاء المؤسسين للحزب وعددهم 112 عضواً مصدقاً رسمياً على توقيعاتهم ومن بينهم 44 عضواً من الفئات، 68 عضواً من العمال والفلاحين، كما أرفق برنامج الحزب ولائحته الداخلية. وبتاريخ 26 من مايو سنة 1988 تم عرض الإخطار على لجنة شئون الأحزاب السياسية. وبتاريخ أول يوليه سنة 1988 اعترض المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل الاشتراكي على اسم الحزب المطلوب تأسيسه نظراً لأن اسم مصر الفتاة هو الاسم الأصلي للحركة التي أطلق عليها اسم الحزب الاشتراكي قبل الثورة ثم أعيد تأسيسه باسم حزب العمل الاشتراكي في ظل قانون الأحزاب السياسية. كما اعترض عدد من الأعضاء المؤسسين لأنهم فوجئوا بذلك، وكذا السيد/ أحمد أبو ضيف سلامة عضو حزب العمل الاشتراكي لأن عدداً من الأعضاء المؤسسين كانوا يعملون بحزب العمل الاشتراكي ونسبت إليهم أمور تتعلق ببعثة الحج في الحزب ولأن أغلب الأعضاء المؤسسين مجرد أقارب تكملة للعدد. واستمعت لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى إيضاحات من الطاعن بصفته، وأصدرت بتاريخ 15 من أغسطس سنة 1988 قراراً مسبباً بالاعتراض على الطلب المقدم منه لتأسيس حزب سياسي باسم (حزب مصر الفتاة الجديد). وجاء في أسباب قرارها بالنسبة للشكل أن قوائم الأعضاء المؤسسين للحزب استوفت العدد المطلوب من الفئات ومن العمال حتى لو جرى استبعاد من اعترضوا على إدراج أسمائهم ومن ثم الاعتراض على عضويتهم، وأنه لا محل للاعتراض على اسم الحزب لأن المادة 5 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية اشترطت ألا يكون اسم الحزب مماثلاً أو مشابهاً باسم حزب قائم ولأن اسم حزب مصر الفتاة الجديد لا يلتبس باسم حزب مصر الفتاة بعد أن أضيف إليه لفظه الجديد. كما جاء في أسباب هذا القرار بالنسبة للموضوع أن البند أولاً من المادة 5 من القانون رقم 40 لسنة 1977 أوجب عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياسياته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ أساسية من بينها المكاسب الاشتراكية، وأن البند ثانياً من ذات المادة أوجبت تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى، ولا يقصد بالظهور نقيض الخفاء أو بالتميز الظاهر مجرد الاختلاف في الفرعيات أو التحسينات في برامج أحزاب قائمة، وإنما يقصد به التباين الجاد واضح البعد الخالي من شبهة التقارب بحيث يتميز الحزب بسمات ومعالم ينتظمها فكر سياسي واحد تنبع منه جميع البرامج والأفكار المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وقد ثبت للجنة من تدارسها برنامج الحزب أنه لم تتوافر فيه الشروط التي تطلبها القانون رقم 40 لسنة 1977 للأسباب الآتية: أولاً عدم تميز برنامج الحزب وسياساته تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة، فهو لا يصدر عن فكر سياسي متميز ينتظم جميع برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وجاء في معظم أفكاره مطابقاً لنظيره من برامج الأحزاب القائمة، وجاء في بعضه مقارباً ومشابهاً لمضمون بعض تلك البرامج، ووردت الاختلافات البسيطة التي تمخض عنها في الفرعيات والإجراءات والتفصيلات التي لا تدخل في مدلول التميز الظاهر وينطوي الجديد فيها على خيال لا يسنده واقع من برامج أو وسائل تنفيذ، وذلك على التفصيل التالي: -
1 - نظام الحكم: لم يرسم طريقاً مميزاً للحكم يختلف عن غيره من باقي الأحزاب، لأنه يرى اختيار رئيس الجمهورية ونائبه بالانتخاب الفردي المباشر لمدة خمس سنوات ووجوب التخلي عن الانتماء الحزبي أثناء تولي المنصب واستقالة الوزارة دون حاجة إلى استفتاء نتيجة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بواسطة مجلس الشعب وهو في هذا يماثل حزب العمل الاشتراكي وحزب الوفد الجديد وحزب الأحرار الاشتراكيين، ولأن ما تضمنه من اختصاص دار المشورة في انتخاب رئيس الجمهورية لا يعدو أن يكون تنظيماً فرعياً لعملية الانتخاب عن طريق جهة قضائية وهو ما أتى به حزب العمل الاشتراكي بنص برنامجه على أن يتم الانتخاب تحت إشراف عنصر قضائي في جميع اللجان.
2 - السلطة التشريعية: يرى البرنامج أن السلطة التشريعية تتكون من مجلسي الشعب والشورى بحيث تعرض جميع القوانين التي يوافق عليها مجلس الشعب على مجلس الشورى لإقرارها وأن يعتبر مجلس الشورى مجلساً رقابياً لا تشريعياً وهو في هذا يماثل أحزاب الأمة، والوفد الجديد والوطني الديمقراطي، كما يرى تعميم الانتخاب الفردي في جميع الانتخابات واستقالة العاملين بالسلطة التنفيذية قبل الترشيح لعضوية مجلس الشعب والحد من تشريع القوانين الاستثنائية وهي أمور ينادي بها حزب الوفد الجديد.
3 - السلطة التنفيذية: يرى البرنامج أن تتولى السلطة التنفيذية حكومة مسئولة أمام مجلس الشعب وأن يحظر تولي الوزراء أعمالاً لدى مؤسسات أو هيئات أو هيئات أجنبية لمدة عامين بعد تركهم المنصب الوزاري وهذا هو القائم فعلاً طبقاً للنظام الدستوري والقانوني، كما يرى عدم جواز ترشيح الوزراء وموظفي الحكومة لعضوية مجلسي الشعب والشورى إلا بعد تقديم استقالتهم وهو في هذا يماثل برامج الأحزاب الأخرى.
4 - السلطة القضائية: يرى البرنامج تأكيد استقلال القضاء وهو أمر قائم فعلاً وتضمنته برامج الأحزاب الأخرى، ويرى عدم جواز الندب والإعارة إلا للأعمال القضائية وهذه مسألة جزئية، ويرى إلغاء المحاكم الاستثنائية ومنصب المدعي الاشتراكي وهو ما ينادي به حزب العمل الاشتراكي وحزب الوفد الجديد.
5 - العلاقات الخارجية: يرى البرنامج تحقيق تكامل اقتصادي وآخر سياسي بإيجاد سوق عربية مشتركة ودعم منظمة الدول العربية وخلق المصنع العربي الموحد وإنشاء ودعم القيادة المشتركة وإنشاء محكمة العدل العربية، ويرى في المجال الإفريقي تدعيم الوحدة الإفريقية وإنشاء سوق إفريقية مشتركة، وهو في كل هذه الأمور يتماثل مع برنامج حزب الوفد وبرنامج حزب الأحرار، أما عن خلق الدينار العربي الموحد فإنه وإن كان جديداً إلا أنه ليس متميزاً لعدم قيامه على أسس علمية وعملية سليمة لأن توحيد العملة يأتي في آخر مراحل الوحدة، أما في المجال الخارجي فيتمسك البرنامج بسياسة الحياد وعدم الانحياز مطابقاً في ذلك برنامج أحزاب الوفد الجديد والوطني والعمل والتجمع والأحرار.
6 - التنمية الاقتصادية: يعلن البرنامج أن فكر الحزب يقوم على أساس الاشتراكية التي كانت تدعو إليها مصر الفتاة، ويرى عدم المساس بالقطاع العام والتمسك به جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص ووجوب تدعيم القطاعين بأهل الخبرة وتيسير الإنتاج وإزالة معوقاته وهذه أمور اتفقت عليها برامج أحزاب العمل والتجمع والوفد الجديد والوطني ويرى تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية باشتراكها مع رؤوس أموال خاصة أو حكومية وبإزالة العوائق أمامها وهي أمور متفق على أصولها بين حزب الوفد والحزب الوطني مع اختلافات طفيفة في التفاصيل، أما ما جاء في البرنامج عن تنظيم شركات توظيف الأموال فهو سياسة ثابتة لحكومة الحزب الوطني الديمقراطي التي استصدرت بهذا التنظيم القانوني رقم 89 لسنة 1986 ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1988 ولائحته التنفيذية.
7 - الزراعة: ينادي البرنامج بتوسعة الرقعة الزراعية وذلك بشق مجرى نيل جديد يبدأ من شمال السد العالي بعد منطقة توربينات توليد الكهرباء خارجاً من المجرى الأصلي متجهاً إلى الشمال في هيئة نصف دائرة وعائداً مرة ثانية إلى المجرى الرئيسي لخلق دلتا جديدة وإضافة ما يقرب من ثلاثة ملايين فدان جديد، وإذا كان هذا الاقتراح يعد جديداً إلا أنه لم يبين السبيل إلى تحقيق المشروع العملاق بالوسائل المادية والبشرية والمالية والفنية بل والقانونية مع الدول المجاورة حيث إن المسألة تتعلق بنصيب مصر من مياه النيل طبقاً للاتفاقيات الدولية فلا يكفي الخيال والأماني التي لجأ إليها البرنامج ومن ثم يصبح هذا الموضوع غير ذي جدوى علاوة على تكاليفه الباهظة، أما ما ينادي به من تقوية القناطر واستثمار المياه الجوفية والاستعانة بالميكنة الزراعية فإنه يماثل برنامج الحزب الوطني وبعضاً من برنامج حزب الوفد الجديد، كما يرى البرنامج تدعيم التعاونيات الزراعية وتشجيع اشتراك رؤوس الأموال الأجنبية مع المصرية في الصناعات الزراعية والعناية بالثروة الحيوانية والداجنة وهذه متضمنة في برامج حزب العمل وحزب الوفد الجديد والحزب الوطني علاوة على أنها سياسة ثابتة للحكومات المتعاقبة وتضمنتها برامجها.
8 - الصناعة: يعيد البرنامج التأكيد على تدعيم الميكنة الزراعية والعناية بالتصنيع الزراعي، وينادي بتشجيع الصناعات الحرفية ممثلاً مع برامج أحزاب العمل والتجمع والوفد الجديد والوطني، ويركز على الاهتمام بالصناعات البتروكيماوية والتعدين مضيفاً إنشاء مؤسسة صناعية مهمتها تصنيع وإعداد وتطوير السلع المصنوعة من مخلفات البترول ومؤسسة أخرى مهمتها صناعة الغاز وهذا المبدأ ليس جديداً وإضافة المؤسستين مجرد توضيح للمبدأ، وينادي بحظر استيراد سلع مصنعة لها نظير من الإنتاج المحلي وهو في هذا يطابق برنامج حزب التجمع، أما بالنسبة للصناعات الحربية فقد جاء مماثلاً برنامج الحزب الوطني في الإنتاج الحربي ودعم المشروعات المشتركة مع الدول العربية والأجنبية.
9 - التجارة: يرى البرنامج في مجال التجارة الداخلية تعاون القطاعين العام والخاص والاهتمام بالسلع الأساسية مع اتباع سياسة تحديد نسب الربح والإبقاء على الدعم للسلع الضرورية بحيث يتنوع الثمن بين الأفراد طبقاً للدخل وهو في هذا يتفق مع برنامج الحزب الوطني وبرنامج حزب الوفد الجديد ولا تمثل التفاصيل التي وردت به تميزاً ظاهراً عن غيره من الأحزاب الأخرى، ويرى في مجال التجارة الخارجية قصر الاستيراد على المواد الأولية والآلات والأصول الإنتاجية مما لا يتوافر في مصر وهو في هذا مطابق لبعض ما ورد ببرامج كل من الحزب الوطني وحزب التجمع.
10 - سداد ديون مصر: يرى البرنامج أن يقوم الشعب عن بكرة أبيه بتسديد هذه الديون بجعل السنة المالية 11 شهراً وجعل الشهر 33 يوماً عدا شهر فبراير فيكون 35 يوماً وصرف المرتبات والأجور 11 مرة في السنة وتسديد الإيجارات والمدفوعات 11 مرة في السنة وبذلك يسهم العمال والموظفون بمرتب شهر ويسهم أصحاب المدفوعات الدورية بإيجار شهر لمدة خمس سنوات، وهذا الاقتراح وإن كان جديداً إلا أنه ضرب صفحاً بالأصول الاقتصادية المتعارف عليها وهدف إلى تعديل التقويم الذي تجري عليه من آلاف السنين ونتفق فيه مع مختلف دول العالم كما يؤدي تطبيقه إلى ظلم اجتماعي حيث يقع العبء الأكبر على ذوي الدخل الشهري بينما لا يتحمل أصحاب المهن الحرة والحرفيون وملاك الأراضي الزراعية وغيرهم من أصحاب الدخول المرتفعة أية أعباء مما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة أمام التكاليف العامة وهو من المبادئ المستقرة باعتباره من النظام العام.
11 - التعليم: يقرر البرنامج أن مجانية التعليم حتى آخر المرحلة التعليمية واجب الدولة الأساسي ثم يعود فيقرر أن الدراسة الثانوية والجامعية النظرية بالمصروفات وهو في هذا يبدو متناقضاً مع نفسه، ويرى ربط التعليم باحتياجات التنمية والإنتاج وهو في هذا يتفق مع برنامج كل من الحزب الوطني وحزب التجمع، ويشجب الدروس الخصوصية والتوسع في الاستثناءات للراسبين ويرى تشجيع الابتكار والاختراع متفقاً مع حزب العمل والتجمع، ويرى التقليل من دراسة السكرتارية والتجارة والإكثار من المعاهد الصناعية والزراعية متفقاً مع الوفد الجديد والأحرار، ويرى تشجيع خريجي الكليات والمعاهد على التعليم الحرفي واستصلاح الأراضي بمنحهم إعفاءً أو تخفيضاً في مدة التجنيد وهو في هذا التشجيع يتفق مع أحزاب الوفد الجديد والتجمع الوطني أما الإعفاء من التجنيد فلا يعدو أن يكون طريقاً تنفيذياً مرحلياً لا يرقى إلى مرتبة السياسة الثابتة مما يدخل في باب التميز الظاهر.
12 - الثقافة: يرى البرنامج أن تتولى دار الكتب المصرية بمعونة عربية نشر الكتب العربية التي تمجد العرب والمصريين وكذلك الاستفادة من الطاقات العلمية في نشر الوعي والتثقيف السياسي وهو في هذا يطابق الحزب الوطني.
13 - الإعلام: يرى البرنامج تحصين رجال الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للصحافة بالاستقلالية وعدم القابلية للعزل وأن يكون اختيار رؤساء تحرير الصحف بالانتخاب وأن يضم المجلس الأعلى للصحافة رؤساء الصحف الحزبية ونقابة الصحفيين ورجال الدين وأساتذة كلية الإعلام وهو في هذا يتفق مع حزبي العمل والأحرار.
14 - الصحة: يركز البرنامج على مجانية العلاج الشامل وإنشاء صندوق موحد تندرج فيه كل نظم العلاج الفئوي وتحديد أسعار الكشف للأطباء طبقاً للدرجات العلمية والأقدمية وهو في هذا لم يخرج عن مضمون برنامج حزب التجمع، كما يقترح دمج شركات الدواء في شركة واحدة وهو اقتراح يتنافى مع أصول وقواعد علم الإدارة.
15 - المواصلات: يرى البرنامج الاستعانة بالمواصلات النيلية وتشجيع القطاع الخاص على الإسهام في نشاط نقل الركاب متفقاً في هذا مع أحزاب الوفد الجديد والعمل الوطني.
16 - الإسكان: يرى البرنامج تشجيع إنشاء المدن الجديدة وتكوين الجمعيات التعاونية التي تمنحها الدولة الأراضي وتشرف على أسعار وحداتها السكنية وكذلك التوسع في إنشاء مصانع الطوب الرملي والأسمنتي وهو في هذا يماثل أحزاب الوفد الجديد والتجمع والوطني والأحرار.
17 - الطاقة: يركز البرنامج على الطاقة الشمسية وتشجيع البحوث الخاصة بها والمشروعات المشتركة مع الدول الأخرى وهو في هذا يماثل الحزب الوطني وحزب العمل.
18 - العمال: يرى البرنامج الارتفاع بالمستوى الثقافي والاجتماعي للعمال عن طريق التوسع في التعليم الحرفي والصناعي والزراعي ودعم الحوافز والرعاية الاجتماعية والصحية وهو ما تبنته أحزاب الوفد والأحرار والوطني.
19 - المرأة: يرى البرنامج ضرورة رعاية الأمومة والتوفيق بين عمل المرأة ومقتضيات العمل وهو ما تبناه حزب الوفد الجديد وحزب العمل.
20 - الشباب: يرى البرنامج تشجيع الشباب لغزو الصحراء والعمل على الإنتاج الزراعي والصناعي مع التمسك بالقيم والفضائل من خلال تربية دينية سليمة وهو في كل هذا مسبوق بما ورد في برامج أحزاب الوفد الجديد والعمل والوطني.
وثانياً: عدم حفاظ برنامج الحزب على بعض المكاسب الاشتراكية حيث نص في مجال التعليم على تمسكه بالمجانية حتى آخر المرحلة الجامعية غير أنه قرر في الفقرة اللاحقة مباشرة أن تكون الدراسة الثانوية العامة والجامعية النظرية بمصروفات وبهذا أهدر مكسباً اشتراكياً هو حق المواطنين في التعليم المجاني بمختلف المراحل بالمخالفة للمادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 التي اشترطت الحفاظ على المكاسب الاشتراكية ومن أهم هذه المكاسب مجانية التعليم في مختلف مراحله.
ومن حيث إن الطعن على هذا القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في 15 من أغسطس سنة 1988 بالاعتراض على الطلب المقدم لتأسيس حزب سياسي باسم حزب مصر الفتاة الجديد يقوم على الأسباب الآتية: أولاً: أوجبت المادة 4 ثانياً: من القانون رقم 40 لسنة 1977 تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى، ويتضح من نصها أنها سوت بين البرنامج والسياسات بواو العطف بينما أوقعت الاختيار بينها وبين الأساليب بحرف أو الاختيار، أي أن المشرع يستوي عنده أن يتميز البرنامج أو تتميز الأساليب أحدهما فقط أو كلاهما معاً، والمقصود بالبرنامج هو مجموعة الأفكار المتعددة التي تكونه، وتميز البرنامج معناه حداثة الأفكار عن مثيلاتها في البرامج الأخرى بأن تتوافر فيها المعاني التالية:
( أ ) لم يسبق إليها أحد.
(ب) خلاقة تعود بالنفع.
(جـ) غير مستحيلة التحقيق حتى ولو كانت مرهقة في التطبيق.
(د) مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بنشاط قومي معين أو بحاجة قومية معينة، ولا يلزم أن تتسم كل الأفكار بالحداثة مادامت هي الصفة الغالبة فيها فالعبرة بالبرنامج ككل لأنه بطبيعته ملحمة فكرية تحوي أفكاراً مستحدثة وأخرى تقليدية، كما قد يتحقق التمايز في الأساليب ولو انفردت بالتمايز دون الأفكار التي تستهدفها، ومؤدى هذا أن التمايز يكون إما في الأفكار فقط وإما في الأساليب فقط وإما في الاثنين معاً، فمن المستحيل أن تتباين كل جزئية في برنامج عن كل جزئية في البرامج الأخرى.
ثانياً: توجد في حياة كل شعب مقومات أساسية ينزل عندها الدستور وتحميها القوانين فهي ثوابت من نظام الحكم ملكياً أو جمهورياً اشتراكياً أو رأسمالياً أما المتغيرات فهي النشاطات المختلفة التي توضع في مجالها النظريات والأفكار والبرامج تنافساً من أجل خير الشعب، ولهذا لا تمس برامج الأحزاب الثوابت وبالتالي تأتي متشابهة فيها، بعكس المتغيرات التي تكون إما مرنة و يمكن التغيير فيها وإما غير مرنة تضفي ظروفها المستحكمة صفة الثبات بعض الشيء أو لبعض الزمن، والتمايز في هذه المتغيرات يكفي أن يكون في بعض النواحي سواء في الأفكار أو في الأساليب أو في الاثنين معاً، لأن الفكرة الواحدة تشكل بوحدة وإتحاد جزئيات والجزئية هي الخلية الواحدة في الكيان العام للفكرة، وللقول بوجوب التجديد الجامع المانع يؤدي إلى حل أحزاب قائمة تتمايز في جزئيات وتفصيلات.
ثالثاً: جاء برنامج الحزب متميزاً.
( أ ) تميزاً اعترف به القرار المطعون فيه من ناحية الدينار العربي الموحد وتنظيم شركات توظيف الأموال والنيل الجديد وسداد ديون مصر.
(ب) وتميز أغفله هذا القرار عامداً من ناحية بنك الشعب وصندوق الدعم الصحي وبنك النيل والإتحاد العام للصناعة والملحق الصناعي ودار المشورة والطاقة النووية والثمن وسعر الصرف السياحي للجنية المصري.
(جـ) وتميزاً كابر فيه ذلك القرار من ناحية السلطة التشريعية والسلطة القضائية والتنمية الاقتصادية والصناعية والتجارية.
(د) وتميزاً لم يفهمه ذات القرار من ناحية الصحة والمرأة، وذلك على التفصيل التالي:
1 - نظام الحكم: بالرغم من أن نظام الحكم من الثوابت وليس من المتغيرات حيث لم يبتدع العالم سوى نظامين فقط النظام الملكي والنظام الجمهوري الذي ينقسم بدوره إلى رئاسي وبرلماني، فقد تميز برنامج الحزب بأن اشترط لأول مرة أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً من أبوين مسلمين لأن دين الدولة الرسمي الإسلام وغالبية الشعب مسلمون، واشترط أن يكون المرشح للرئاسة حاصلاً على إجازة جامعية أو عسكرية حماية لمنصب الرئاسة وتوقيراً له، ومنح الحق للرئيس في تولي فترة ثالثة بينما قصرته الأحزاب الأخرى على فترتين فقط، وأستحدث دار المشورة في الإشراف على الترشيح دون الانتخاب الذي ترك تحت الإشراف القضائي، واستحدث ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه على درجتين الأولى بواسطة ممثلي النقابات المهنية والعمالية والفنية وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات ورؤساء الأحزاب تحت إشراف دار المشورة حيث يجرى التصويت على أربعة أشخاص اثنين للرئاسة واثنين لمنصب نائب الرئيس ومن يحصل على أعلى الأصوات في المنصبين يعرض على المستوى الثاني وهو الانتخاب العام حيث يفوز من يحصل من الاثنين على أعلى الأصوات بمنصب الرئيس والآخر بمنصب نائب الرئيس، وقد خلط القرار المطعون فيه بين عملية الترشيح وعملية الانتخاب.
2 - السلطة التشريعية: جاء ببرامج الحزب تشكيل السلطة التشريعية من مجلسين شعب وشورى وتحديد اختصاصات مجلس الشورى وهو ما لم يذكره كل من حزبي الوفد والأمة وسكت عنه الحزب الوطني، وتخويل مجلس الشورى إقرار القوانين المحالة إليه من مجلس الشعب وحق الاعتراض عليها وحق تقديم الأسئلة والاستجوابات وطلبات الإحاطة وحظر ترشيح الوزراء لعضوية المجلسين توكيداً لمبدأ الفصل بين السلطات وتحريم حل مجلس الشعب من جانب رئيس الدولة وهذه الأمور تمايز فيها عن الأحزاب الأخرى ولا تعد تعديلات طفيفة. وما يراه من استقالة العاملين بالدولة قبل الترشيح، والحد من التشريعات الاستثنائية وهو ما ينادي به حزب الوفد فإنه موقف ضماني عام أو سلوك سياسي عام شأن الثوابت الأخرى التي لا يتصور المناداة بعكسها.
3 - السلطة التنفيذية: يرى البرنامج:
( أ ) عدم جواز ترشيح الوزير لمجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية وعدم جواز عمله بأية صورة لدى هيئات مصرية أو أجنبية بعد خروجه من الوزارة لمدة عامين على الأقل مستحدثاً جريمة استغلال النفوذ بالخروج عن هذا الخطر.
(ب) استقالة الوزارة كنتيجة حتمية لسحب الثقة منها بواسطة مجلس الشعب وحظر الالتجاء إلى الاستفتاء بشأن حل مجلس الشعب.
(جـ) عدم جواز حل مجلس الشعب قبل انتهاء مدته بواسطة رئيس الدولة، وكل هذا تمايز عن الأحزاب الأخرى.
4 - السلطة القضائية: يرى البرنامج خلع الحصانة على هيئات ذات صفة قضائية لا تنعم بهذه الحماية مثل رجال النيابة ورجال هيئة قضايا الدولة، ويرى عدم جواز الندب لغير العمل القضائي، وكلاهما تمايز عن الأحزاب الأخرى، وكرر طلب إلغاء المدعي الاشتراكي مثل حزبي الوفد والعمل حتى لا يقال أنه من دعاة استمراره.
5 - العلاقات الخارجية: نادى البرنامج بإنشاء سوق عربية مشتركة وتوقيع ميثاق السلعة العربية وخلق الدينار العربي الموحد، وخلق المصنع العربي الموحد، فحزبا الأحرار والوفد لم يناديا بميثاق السلعة العربية وهو أهم خطوة في التكامل الاقتصادي العربي لأن مؤداه عدم استيراد دولة عربية لسلعة من خارج مجموعة دول السوق العربية إذا كانت إحدى هذه الدول تنتجها، ولم يناديا بخلق المصنع العربي الموحد والغرض منه دعم ميثاق السلعة والعمل على استمرارية احترامه لأن الدول المشتركة في المصنع العربي ستعمل على رفع كفاءة المنتج العربي وهبوط سعر التكلفة الحدية مما يدعم الطلب العربي على السلعة العربية، وقد خلط القرار المطعون فيه بين فكرة خلق دينار عربي موحد قابل للصرف إلى عملات الدول العربية التي تبقى وبين توحيد هذه العملات في شكل دينار عربي بينما نص البرنامج على خلق الدينار العربي الموحد القابل للصرف مع عملات الدول العربية وذلك لخلق سوق صرف دولية له تحرراً من سلطات العملة الصعبة أي أن الغرض من الدينار تسوية المدفوعات العربية داخل السوق العربية المشتركة حتى يفرض نفسه في السوق الخارجية لتسوية المدفوعات في التجارة الخارجية عن سلع لم تنتجها السوق المشتركة أو المصنع العربي الموحد فينكمش الطلب على الدولار الأمريكي وينتج عن هذا خفض سعر الدولار وزيادة الواردات النقدية المدفوعة بالدولار والتيسير على مصر في توفير الدولار اللازم لاستيراد أصول إنتاجية ومواد أولية وسلع نصف مصنعة وكل لوازم العملية الاستيرادية في عهد التنمية المعاصر لمشروع النيل الجديد، كما تميز البرنامج في المحيط العربي بميثاق السلعة العربية والمصنع العربي الموحد والدينار العربي الموحد وفي المحيط الإفريقي بالسوق الإفريقية المشتركة والجنيه الإفريقي الموحد وميثاق السلعة الإفريقية وبرلمان وادي النيل، وقد تمسك البرنامج بعدم الانحياز الذي يعد من الثوابت وذلك من باب التأكيد.
6 - التنمية الاقتصادية: نادى البرنامج بثلاثة أمور الأمر الأول يحكم فكرة القطاع العام ويوجب الفصل بين وظيفته الاجتماعية وبين وظيفته الاقتصادية، لأن الوظيفة الأولى تستدعى استمراره وتوغله في المجال الإنتاجي الذي يتطلب وخاصة في السلع الأساسية توافر قدرات عالية لا تملكها سوى الدولة وتستدعى إيجاد التنسيق بين الكم والكيف الإنتاجي والخطة العامة المرسومة للتنمية الوطنية وكذا منع قيام احتكار إنتاجي خاص بفرض سيطرته على الأسواق ثم على الدخول، أما الوظيفة الثانية للقطاع العام كمرفق يستهدف الربح على الأقل لتغطية نفقاته فتستدعى أن من ينتج لا يدير بأن يعهد بها إلى خبرات إنتاج وأن ترفع يد الوظيفة الإدارية عن التدخل فيها وأن يشكل مجلس إنتاج داخل كل وحدة من مندوبين يمثلون الوظيفة الاقتصادية ومندوبين يمثلون الجناح الإداري مع إنشاء مجلس إنتاج أعلى على مستوى الدولة من وزارة المالية والاقتصاد والتخطيط والتموين والتجارة والصناعة للهيمنة على استمرار وتطوير القطاع العام، ولم تشر الأحزاب الأخرى إلى ما أتى به البرنامج من فصل بين وظيفتي القطاع العام وتشكيل مجلس إنتاج لكل وحدة وغل البيروقراطية الإدارية عن انطلاقة المسيرة الإنتاجية وخلق مجلس إنتاج أعلى على مستوى الدولة من وزراء متخصصين، والأمر الثاني خلق مشروعات مشتركة بأموال حكومية وأموال خاصة أو أجنبية وهي مشروعات مختلفة لا نظير لها في برامج الأحزاب الأخرى خلافاً لما زعمه القرار المطعون فيه الذي ذكر وجود اختلافات في التفاصيل وهو ما يعني وجود تباين تفصيلي سواء في الأفكار أو في الأساليب، والأمر الثالث يخص شركات توظيف الأموال قبل نشر القانون رقم 136 لسنة 1988 حيث رأى البرنامج اعتبار منشئ هذه الشركات وكلاء بالعمولة عن البنك المودعة لديه أموال المودعين وقيام البنك المركزي بتوزيع الأموال على البنوك الوطنية كل حسب دوره حيث يقوم البنك الوطني باستثمار الودائع في المشروعات التي يقرها ويتلقى المودعين فوائدهم منه مباشرة، وقد نظم القانون رقم 89 لسنة 1968 الاكتتاب العام بينما اكتفى البرنامج باكتتاب مغلق كما ترك هذا القانون ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1988 للمؤسسين حرية ممارسة المشروعات التي يرونها بينما جعل البرنامج المشروعات وتنفيذها من اختصاص البنك وجعل مؤسسي الشركات مجرد وكلاء بالعمولة عن البنك، بالإضافة إلى أن القرار المطعون فيه أغفل تمايزات مثل الاشتراك الجبري بين وحدة القطاع العام ومثيلتها من القطاع الخاص إذا تفوقت الأخيرة على الأولى من حيث السلعة أو خفض الثمن أو تحقيق ربح أعلى وضرورة استحداث وزارة الهجرة لجهاز استثماري بها يقوم بالتوفيق بين القدرات المالية للمصريين بالخارج وخبرات القطاع الخاص وتشكيل شركات منهما وابتكار البرنامج لسعر سياحي رسمي للجنيه المصري وتشجيع الاستثمار الأجنبي بمنح المستثمر الأجنبي الجنسية المصرية حين طلبها وإشراك مندوب أمن من وزارة الداخلية في مجلس إدارة كل بنك لرقابة العملية الإنتمائية وإعداد التحريات قبل منح القروض وإنشاد بنك الشعب الذي تتكون موارده من 1% من دخل كل مواطن مخصوماً عند المنبع لدعم وسائل التنمية وتعضيد عجلة الإنتاج وعدم التركيز على سداد الديون الخارجية المستحقة على المستثمرين بالعملة الصعبة من السوق المصرفية الحرة والتمكين من سداد جزء منها سداداً سلعياً من المنتجات المصرية.
7 - الزراعة: نادى البرنامج بمشروع النيل الجديد الذي يعد من أهم ملامح البرنامج وجاء فكراً جديداً بل أسلوباً جديداً يوضح كيف تغزى الصحراء وكيف تزاد الرقعة الزراعية ولم يكن خيالاً أو أماني أو كلاماً مرسلاً على عواهنه بل حدد أين يخرج النيل وأين يعود وما هي مساحة الدلتا التي سيكونها وتضمن عن تقصي وعلم الأرقام الخاصة بنصيب مصر من المياه طبقاً للاتفاقيات الدولية ومعانيها بعد اتفاقية السودان 55. 5 مليار متر مكعب وكانت قبل السد العالي 33 مليار متر مكعب أي بزيادة 22. 5 ملياراً تصبح بتقوية القناطر 27. 5 ملياراً يحتجز منها ما يقرره عامل الفيضان السنوي بالبحيرة والباقي لمجرى النيل الجديد، فالمشروع لم يأخذ فوق الحصة المتفق عليها وإنما قام على أرقام الحصة المصرية وهو مشروع قومي كبير يهم الجيل الحاضر والأجيال المقبلة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً ويضيف مع الأفكار الأخرى التي أتى بها البرنامج رقعة زراعية مساحتها 3 ملايين فدان حتى يصير الإجمالي 6 ملايين فدان، وهذه الأفكار هي محطات إزالة الملوحة من الإسكندرية إلى مرسى مطروح وتكوين البحيرات الصناعية فيها لتغذية الخزان الجوفي وإدخال الطاقة الشمسية لتشغيل موتورات جذب المياه الجوفية بالصحراء الغربية، ومن هنا جاءت نظرة البرنامج إلى تحويل الكليات والمعاهد المتوسطة النظرية إلى زراعية وصناعية وهندسية وحرفية لتخريج الجيش الجرار المطلوب لهذا المشروع، فإعداد القوة البشرية هو تمايز أصلاً في أسلوب تحقيق هذا الهدف، ولا يقدح في المشروع أنه باهظ التكاليف لأنه كمشروع عملاق يعد وثيقة الائتمان إذا ما أقدمت الدولة على قروض إنتاجية تقيها خطر الديون الاستهلاكية بل وثيقة ائتمان دولية يقوي مركزها إلى أبعد الحدود.
8 - الصناعة: نادى البرنامج بفكر جديد تحت باب الصناعة وهو يتخيل الثورة الصناعية على خطى الثورة الزراعية القائمة على مشروع النيل الجديد حيث تتحقق نتائج بصفة حتمية وجماعية وفي وقت واحد وهي تمدد زراعي ينجم عنه تجمع سكاني ينجم عنه احتياجات صناعية وحرفية، ونهضة زراعية ينجم عنها نهضة في صناعات عديدة زراعية مثل الزيوت والسكر والمنسوجات والسماد ينجم عنها آثار عميقة في الصادرات والواردات وميزان المدفوعات والعرض والطلب وقوة الدخل الحقيقي للفرد ورفع قوة صرف العملة المصرية وبصفة عامة الناتج القومي، وحتمية خلق الثورة الخضراء لحاجات صناعية تخلق صناعة الميكنة وتنشرها، وفرض الثورة الخضراء لضرورات شق الترع وما يستلزم هذا من انتعاش كبير في صناعة المواسير، وتحقق الآثار الاقتصادية المتولدة من النهضة الصناعية وعلى رأسها كمش الاستيراد في المعدات الزراعية عموماً وكافة صور الميكنة ينعكس بصفة حاسمة على الصادرات النقدية وهو العلاج غير المباشر لعجز ميزان المدفوعات نتيجة الثورة الصناعية. أما إنشاء مؤسستين تابعتين لوزارة البترول إحداهما للصناعات البلاستيكية المختلفة من البترول والأخرى لصناعة الغاز فليس مجرد توضيح لمبدأ وإنما تدعو لهما عدة أسباب هي وجود منافسة مع القطاع الخاص حفاظاً على مستوى الأسعار لا سيما وقد تنوعت السلعة البلاستكية وصارت بديلاً للعديد من السلع المعدنية والخشبية والزجاجية وغيرها ويخشى من سيطرة القطاع الخاص عليها وهو ذات المعنى في الغاز باعتباره بديل الطاقة الكهربائية عموماً، كما أن المنافسة القديمة ستدفع القطاع الخاص إلى التطوير والكفاءة ومقتضى التكلفة الجدية. وقد انفرد البرنامج بالدعوة إلى الإنتاج الحربي المشترك حيث نص على الدعوة إلى إنشاء مجمع صناعي حربي عربي يضم الدول العربية لإنتاج السلاح العربي إنتاجاً مشتركاً. كما أن القرار المطعون فيه أسقط التمايز الخاص بوظيفة الملحق الصناعي بالسفارات والإقحام الجديد لهيئة المعارض في السوق الخارجية لتنشيط الميزانين التجاري والنقدي والاتحادات الصناعية بالمحافظات والاتحاد الصناعي العام ومجموعة الشركات الجديدة من قطاع خاص وأجنبي وقطاع خاص وعام مع دول إنتاج المواد الأولية والوظيفة الأولى للاتحاد الصناعي من حيث الإشراف على الأصول الرأسمالية والهيمنة على عمليات الإحلال والتجديد.
9 - التجارة: يرى البرنامج في مجال التجارة الداخلية تميزاً عن الأحزاب الأخرى أن يتنوع الثمن بين الأفراد طبقاً للدخل لأنه ليس من العدالة أن تتنوع الدخول وتوحد الأثمان، ثم أوضح أسلوب تنفيذ هذه الفكرة بإصدار البطاقات الصفراء والخضراء والحمراء وهو صاحب الفكرة منذ سنة 1978، وهو أسلوب يحقق عدة نتائج هي تنوع الأثمان طبقاً لتنوع الدخول وإلغاء الدعم من فوق كاهل الخزانة العامة والإبقاء عليه فوق كاهل القادرين ووصول الدعم إلى مستحقيه فعلاً، فالسلعة التي تكلفتها 10 جنيهات ثمنها 8 جنيهات بالبطاقة الصفراء للكادحين و10 جنيهات بالبطاقة الخضراء لمتوسطي الدخل و12 بالبطاقة الحمراء للقادرين، وقد خلا من ذلك برنامجا حزبي الوفد والوطني المستشهد بهما. وقال البرنامج في مجال التجارة الخارجية أن الميزان التجاري في باب الواردات يكاد يقتصر على استيراد المواد الأولية وبعض الأصول الإنتاجية مما لا يتوافر لها مثيل في مصر وهي مقولة لم ترد في برنامج كل من الحزبين المستشهد بهما أو غيرهما، وجاءت تجسيداً لفكرة ازدهار الميزان التجاري نتيجة للثورة الزراعية والصناعية.
10 - ديون مصر: استحدث البرنامج لسداد ديون مصر فكرة مؤداها تنازل المواطنين عن دخل شهري كل سنة لمدة خمس سنوات، وابتدع أسلوباً مؤداه توزيع أعباء هذا الشهر على أيام السنة، وهي فكرة جاء بالقرار المطعون فيه أنها جديدة وأن اعترض عليها أولاً بأنها ضربت صفحاً بالأصول الاقتصادية المتعارف عليها وهدفت إلى تعديل التقويم الذي نجري عليه من آلاف السنين ونتفق فيه مع مختلف دول العالم وثانياً بأنها تؤدي إلى ظلم اجتماعي بسبب عدم المساواة العامة أمام التكاليف، والاعتراض الأول مردود بأن البرنامج لم يلغ أو يعدل التقويم الميلادي الذي تسير عليه الدولة رسمياً أو التقويم الهجري الذي تسير عليه في المناسبات الدينية عموماً أو التقويم القبطي الذي يسير عليه الفلاحون في شأن المواسم الزراعية والحصادية كما أنه لم يلغ شهراً أو يقدمه أو يؤخره أو يزيد في أيامه، بل جاء تنظيمه للسنة المالية وحدها وهي التي يتحدد مرتب العامل أو الموظف بمقتضاها لا بمقتضى شهر معين وزيادة الشهر المالي 3 أيام أو أكثر لا يمس الحساب الميلادي أو الهجري أو القبطي فمرتب يناير يسدد في 4 من فبراير ومرتب فبراير يسدد في 9 من مارس ومرتب مارس يسدد في 12 من إبريل، والاعتراض الثاني مردود بأن مجرد انحسار نظام إصلاحي عن قطاع معين في المجتمع لا يعني فساد هذا النظام لأن المادة 40 من الدستور قررت أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات كالعامة وهناك فارق بين الواجب العام والتكلفة التي ابتدعها القرار المطعون فيه فالواجب العام التزام يؤديه الكافة إذا توافرت شروط أدائه والتبرع بشهر عن كل سنة يعد من قبيل الواجب العام المشروط بوجود دخل شهري ثابت لا سيما وأن التضامن بين من يسري عليه النظام ومن لا يسري عليه مفروض بحكم التكامل العام في المجتمع حتى ولو لم يكن اشتراكياً ومن ناحية الواقع فإن القطاعات التي يجرى داخلها شهرياً ذات حجم لا يستهان به وأن أصحاب المهن الحرة والحرفين سيدفعون إيجار شهر عن طريق تحصيل الملاك له وسداده إلى الدولة.
11 - التعليم: لا يوجد تناقض في البرنامج الذي أطلق مجانية التعليم حتى آخر المرحلة الجامعية ولكن نظراً لمشروع النيل الجديد واحتياجه الدائم لجيش عملي لا نظري فقد اتجهت اهتمامات البرنامج إلى مجانية التعليم العملي، والهندسي والصناعي والزراعي والتكنولوجي والحرفي الجامعي أو المتوسط لتشجيع الطلاب على الالتحاق بهذا التعليم وقد ربط البرنامج التعليم الجامعي بخدمة الحاجة بعكس حزبي العمل والتجمع اللذين لم يتحدثا عن هذا الربط الذي يفترق عن مجرد الدعوة إلى التعليم الحرفي. وجاء البرنامج بنظام الحوافز والمسابقات والمكافآت للمخترعين والمبتكرين مما لم يرد في برنامجي حزبي العمل والتجمع المستشهد بهما. ولا يتماثل البرنامج مع حزبي الوفد والأحرار من حيث التقليل من دراسة السكرتارية والتجارية والإكثار من المعاهد الصناعية والزراعية لأنه حدد نسبة 80% من المدارس التجارية والسكرتارية لتحول إلى زراعية متوسطة وصناعية وهذا التحديد يتصل بخطة عامة يقودها مشروع النيل الجديد في حين أن ما جاء ببرنامجي الحزبين المستشهد بهما عبارة عن توصيات لا تستند إلى فلسفة أو أسباب. ونادى البرنامج بالإعفاء من التجنيد لخريجي المعاهد الصناعية والزراعية، واعتبار الخدمة في مشروع النيل الجديد مزية تمنح دائماً لخريجي هذه المعاهد، وهذا الأمر ليس طريقاً تنفيذياً وجلياً وإنما هو سياسة ثابتة وحدث جديد يدفع إلى تعبئة عامة لم يرد بفكر حزب آخر - وقد غفل القرار المطعون فيه عن تميزات للبرنامج في باب التعليم منها فكرة جديدة حول دخول الجامعات بربط الرغبة بالحاجة بدلاً من ربط الرغبة بالمجموع، ونقل الراسبين بالمرحلة الجامعية للمرة الثانية إلى معاهد متوسطة و نظيرة على أساس الربط بين الرغبة والاستعداد، وجعل نجاح الموظف في المسابقات الدورية شرطاً لترقيته تفادياً لترقيات الأقدمية وللمحسوبية التي تحكم الترقية بالاختيار، وكذا ربط الأجر بطبيعة العمل وأهميته الإنتاجية لا بالمؤهل الدراسي.
12 - الثقافة: نبه البرنامج إلى اختلاف زي كل استعمار ودعا إلى التصدي للاستعمار الفكري وحدد أساليب التصدي للأدب الصهيوني الهدام للمخدرات بأنواعها ودعا إلى خط دفاعي عربي مشترك هو الكتاب العربي الذي لم يرد ببرامج الأحزاب الأخرى، ثم دق ناقوس الخطر لعموم حالة الاغتراب السياسي وهي مظهر لحالة الاغتراب الفكري ومواجهة ذلك بالعلاج الفكري والحوار العقلي بكتاب مصري نظيف يعبر عن أقلام جديدة لم يعتريها اليأس أي بثورة ثقافية تعيد الانتماء وتذهب بمرض الاغتراب السياسي وهذا فكر جديد.
13 - الإعلام: نادى البرنامج بثلاثة أمور جديدة هي: أولاً حصانة واستقلال رجال الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للصحافة وثانياً انتخاب رؤساء تحرير الصحف بدلاً من تعينهم وثالثاً تشكيل جديد للمجلس الأعلى للصحافة بحيث يضم رؤساء الصحف الحزبية ونقابة الصحفيين ورجال الدين وأساتذة كلية الإعلام، أما برنامج حزب الأحرار فقد رأى أن يكون الانتخاب هو المبدأ السائد في كافة المناصب الرئيسية كمنصب رئيس المجلس الأعلى للصحافة.
14 - الصحة: نادى البرنامج بأمور لم ترد من قبل وهي مجانية العلاج وإنشاء صندوق الدعم الصحي والتصنيف الثلاثي للأطباء وتسعير الكشف وإخضاع مخالفة التسعيرة ورفض عوض على المستشفيات الخاصة والاستثمارية بنسبة 5% من إيراداتها لصندوق الدعم الصحي باعتباره صندوق الشعب وإنشاء مركز الأمراض المستعصية التي تتطلب علاجاً بالخارج حتى يتم علاجها بالداخل منعاً لتسرب العملة الصعبة. ودعا البرنامج إلى دمج شركات الأدوية بغرض تقوية الهيكل الإنتاجي في مجال الدواء ورسم سياسة واحدة له والقدرة على التصنيع بما يغني عن الاستيراد، وعلم الإدارة يفضل التجميع عن البعثرة في مجال الإنتاج لا سيما إذا كان المنتج مطلوباً فيه الجودة والدقة فحسب كالدواء وهما يتطلبان مقدرة وكفاءة إنتاجية عالية وهذا لا يتأتى إلا عن طريق الاتحاد، وعلم الإدارة الحديثة يرتبط بالمفاهيم العلمية الاقتصادية ومقتضاها أن خفض معدلات الإنتاجية الحديثة يتطلب رفع معدلات الكم الإنتاجي وصولاً إلى خفض ثمن المنتج.
15 - المواصلات: الجديد في البرنامج هو وقف التراخيص للسيارات بصفة عامة وإعداد سجل انتظار بحيث لا يمنح ترخيص إلا في حالة هلاك سيارة وتقديم نمرها فتمنح لمن عليه الدور لسجل الانتظار، وإلغاء سيارات كبار الموظفين المالكين لسيارات خاصة وعدم منح سيارة إلا بإذن من الجهاز المركزي للمحاسبات، وإلغاء ازدواجية ملكية السيارة للشخص وزوجته وأولاده في مراحل التعليم، وإلغاء الرخصة الإضافية وقيدها بسجل الانتظار.
16 - الإسكان: دعا البرنامج إلى مجمعات سكانية في أول طريق القاهرة/ إسكندرية الصحراوي وطريق القاهرة/ السويس وطريق القاهرة/ بورسعيد مع منح هذه الأراضي الصحراوية بالمجان للأفراد والشركات الراغبة في تعميرها وربط الإعفاء الضريبي لمصانع الطوب الرملي والأسمنتي بنسبة معينة من الأرباح لا تقل عن 20% من رأس المال، وإلغاء التأجير المفروش، وتسليم الشقة كشرط لاستلام الشقة في المجتمعات الجديدة، وتنظيم سجل انتظار بالأقدمية لراغبي السكن في الشقق المتخلى عنها، وتكوين معسكر عمل شبابي للبناء في المجتمعات العمرانية الجديدة مع منح الشباب أولوية الحصول على شقة فور التخرج.
17 - الطاقة: تناول البرنامج الطاقة الشمسية التي لم يتحدث عنها الحزب الوطني وكذا الطاقة النووية التي لم يتحدث عنها الحزبان الوطني والعمل.
18 - العمال: وضع البرنامج التعليم الحرفي والصناعي والزراعي في طليعة الدراسات التعليمية مما يجعل العمل والعامل في مركز مرموق ويوسع القاعدة العمالية ويرتقى بها كما ربط الأجر بطبيعة العمل بدلاً من تحكم المؤهل الدراسي، بالإضافة إلى الاتحادات الصناعية بالمحافظات والاتحاد الصناعي العام ودعم بنك التنمية كأجهزة لخدمة العمل والعمال كذا الملحق الصناعي من بين صفوف العمال المؤهلين وهو ارتقاء لم يرد بالبرامج الأخرى.
19 - المرأة: درس البرنامج المشكلة فوجدها تكمن في غياب الأمومة عن البيت خلية المجتمع ومدرسته، وربط لأول مرة بين عمل المرأة وظروف الضرورة، بحيث لا عمل للمرأة أصلاً إلا الأمومة والأسرة والاستثناء هو عملها تحت تأثير الضرورة بحاجتها إلى العمل أو بحاجة العمل إليها.
20 - الشباب: لم تضع برامج الأحزاب علاجاً لآفات الشباب. وقد وجد البرنامج الداء يكمن في أمرين هما المشكلة الاقتصادية ومشكلة الأخلاق، ووضع الحل بتفجير فرص العمل الحقيقي عن طريق ثورة إنتاجية كبرى. رابعاً لم يهدر البرنامج من المكاسب الاشتراكية مجانية التعليم لأنه نص على هذه المجانية حتى آخر المرحلة الجامعية وبذا تدخل المرحلة الثانوية في المجانية على أن الدراسة الثانوية والجامعية النظرية بالمصروفات - كاستثناء ينصرف إلى التعليم الثانوي والجامعي وذلك للحث على التعليم العملي والفني، فضلاً عن أن المجانية في حد ذاتها ليست مكسباً اشتراكياً بل هي موجودة قبل الثورة عندما نادى بها طه حسين ونفذتها حكومة الوفد في أوائل الخمسينات.
ومن حيث إن السيد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية قدم مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن برنامج الحزب لم يتميز تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى كما أنه لم يحافظ على مجانية التعليم باعتبارها من المكاسب الاشتراكية وذلك على الوجه المفصل في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب. كما قدمت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته في جلسة 21 من ديسمبر سنة 1988 مذكرة طلبت فيها أولاً الأمر بمحو العبارات الجارحة الواردة في تقرير الطعن على التفصيل المبين في 12 بنداً بذات المذكرة، وثانياً الحكم برفض الطعن مع إلزام الطعن بصفته بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة نظراً لصحة السببين اللذين بني عليهما القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس حزب مصر الفتاة الجديد.
ومن حيث إن السيد رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية قدم مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن برنامج الحزب لم يتميز تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى كما أنه لم يحافظ على مجانية التعليم باعتبارها من المكاسب الاشتراكية وذلك على الوجه المفصل في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب. كما قدمت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته في جلسة 21 من ديسمبر سنة 1988 مذكرة طلبت فيها أولاً الأمر بمحو العبارات الجارحة الواردة في تقرير الطعن على التفصيل المبين في 12 بنداً بذات المذكرة، وثانياً الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعن بصفته بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة نظراً لصحة السببين اللذين بني عليهما القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس حزب مصر الفتاة الجديد.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة قضي في المادة 3 بأن تطبق الإجراءات المنصوص عليها فيه وتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي. ونص قانون المرافعات في المادة 105 على أنه يجوز للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بمحو العبارات الجارحة أو المخالفة للآداب أو النظام العام من أية ورقة من أوراق المرافعات أو المذكرات ويبين من الاطلاع على تقرير الطعن أنه حوى عبارات خارجة حصرتها مذكرة هيئة قضايا الدولة المقدمة بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1988 وطلبت الأمر بمحوها، وهو ما تستجيب إليه المحكمة فتأمر بمحو هذه العبارات من تقرير الطعن طبقاً للمادة 105 من قانون المرافعات وطوعاً للمادة 3 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة وحدوا بالخصومة القضائية عامة وفي هذا المجال السياسي خاصة موضوعية مثمرة وقانونية ومقنعة وواقعية حقة ومن حيث إن تتبع تطور الحياة السياسية في مصر عقب قيام ثورة 23 من يوليه سنة 1952، يكشف عن أن تكوين الأحزاب السياسية استمر محظوراً منذ العمل بأحكام المرسوم بقانون رقم 27 لسنة 1953 بشأن حل الأحزاب السياسية، إلى أن اتخذ رئيس الجمهورية قراراً سياسياً على نحو ما ورد في خطابه بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول لمجلس الشعب سنة 1976 بأن تتحول التنظيمات السياسية التي تكونت كمنابر داخل الإتحاد الاشتراكي العربي إلى أحزاب. وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1977 صدر قرار رئيس بالقانون رقم 2 لسنة 1977 استناداً إلى المادة 74 من الدستور، ونص في المادة (1) على أن (حرية تكوين الأحزاب مكفولة طبقاً لما ينص عليه القانون الخاص بإنشاء الأحزاب حال صدوره من السلطة التشريعية) وطرحت أحكام القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 على الشعب في استفتاء عام وتمت الموافقة عليه. ثم صدر القانون رقم 40 لسنة 77 الخاص بنظام الأحزاب السياسية، وعمل به من تاريخ نشره في 7 سنة 1977، ونص في المادة 30 على أنه (تستمر قائمة التنظيمات السياسية الثلاثة الحاليةُ وهي:
1 - حزب مصر العربي الاشتراكي.
2 - حزب الأحرار الاشتراكيين.
3 - حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي..)، ونص في المادة 1 على أن (للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء إلى أي حزب وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون)، كما أورد في المادين 2، 3 تعريف الحزب السياسي ودوره في الحياة السياسية، فنصت المادة 2 على أنه: (يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم)، ونصت المادة 3 على أنه (تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية والديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور. وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً). كما يبين القانون شروط تأسيس واستمرار أي حزب سياسي وتنظيم حله وإلى غير ذلك من أمور الحزب مع تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية وتحديد اختصاصاتها بحيث يعرض طلب تأسيس الحزب عليها وتصدر قراراً بالاعتراض على التأسيس. وصدر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على موضوعات من بينها إطلاق حرية تكوين الأحزاب. وبعد موافقة الشعب على ما طرح بالاستفتاء تم تعديل المادة 5 من الدستور بمقتضى نتيجة الاستفتاء الذي أجرى في 22 من مايو 1980 فأصبح نصها ما يأتي: (النظام السياسي في جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، على أن ينظم القانون الأحزاب السياسية). . ويستفاد من هذا أنه طبقاً للدستور وللقانون رقم 40 لسنة 1977 يكون تعدد الأحزاب وحرية تكوينها هو الأصل الذي يتلائم صدقاً وحقاً مع النظام الديمقراطي في جمهورية مصر العربية. وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 6 القضائية دستورية بأن (. . . المادة 5 من الدستور المعدلة بتاريخ 22 من مايو سنة 1980 تنص على. . وقد تحقق بهذا التعديل تغيير جذري في إحدى ركائز النظام السياسي في الدولة. . وبموجب هذا التعديل يكون الدستور قد استعاض عن التنظيم الشعبي الوحيد ممثلاً في الاتحاد الاشتراكي العربي بنظام تعدد الأحزاب وذلك تعميماً للنظام الديمقراطي الذي أقام عليه الدستور البنيان السياسي للدولة بما نص عليه في مادته الأولى. . . وبما ردده في كثير من مواده من أحكام ومبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التي أرساها. . كما جاء ذلك التعديل انطلاقاً من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلاً على الحرية وأنها تتطلب لإنفاذ محتواها تعدداً حزبياً بل هي تحتم تحديداً حراً واعياً. . ولما كان ذلك وكان الدستور إذ نص في المادة (5) على تعدد الأحزاب كأساس للنظام السياسي في جمهورية مصر العربية وجعل هذا التعدد غير مقيد إلا بالتزام الأحزاب جميعاً - سواء عند تكوينها أو في مجال ممارستها لعملها - بالمقومات وبالمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، وهو ما لا يعني أكثر من تقيد الأحزاب كتنظيمات سياسية تعمل في ظل الدستور بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فيه، فإن الدستور إذ تطلب تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسي في الدولة يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها في الإطار الذي رسمه لها، بما يستتبع حتماً ضمان حق الانضمام إليها ذلك أنه من خلال ممارسة هذا الحق وبه أساساً يتشكل التبيان الطبيعي للحزب وتتأكد شرعية وجوده في واقع الحياة السياسية. . . ) وإذا كان الأصل هو حرية تكوين الأحزاب السياسية طالما التزمت الإطار الذي رسمه لها الدستور، فإن القيود التي تضمنها التشريع المنظم لها يتعين تفسيرها باعتبارها تنظيماً لهذا الأصل العام الذي قرره الدستور، حيث لا يجوز أن يخرج التنظيم عن الحدود المرسومة له تطاولاً على الأصل الذي يستند إليه.
ومن حيث إن القانون رقم 40 لسنة 77 الخاص بنظام الأحزاب السياسية نص في المادة 4 معدلة بالقانون رقم 36 لسنة 79 وبالقانون رقم 144 لسنة 1980 على أنه (يشترط لتأسيس أو لاستمرار أي حزب سياسي ما يأتي: أولاً. . ثانياً: تميز الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى. . . ) وقد قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 7 القضائية دستورية بأن هذا الشرط دستوري بحسبانه ضماناً للحرية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده وأن يكون في وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرنامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها. ولما كانت الأحزاب السياسية تلتزم باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور تطبيقاً للمادة 5 المعدلة من الدستور، كما تلتزم بألا تتعارض مقوماتها ومبادئها وأهدافها وبرامجها وسياساتها وأساليبها في ممارسة نشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ومبادئ ثورتي 23 من يوليه و15 من مايو سنة 1971 وتلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي "والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في المادة 4 أولاً من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه، فإن مؤدى هذا ولازمه ضرورة اتفاق الأحزاب السياسية القائمة منها وطالبة التأسيس في أمور غير مسموح بشأنها الاختلاف دستورياً وقانوناً، مما يجعل التميز محصوراً في غير هذه الأمور، وبالتالي يكون التماثل بل والتطابق مفترضاً حتماً في المقومات الأساسية على نحو لا يمكن معه أن يكون عدم التميز فيها مانعاً دون تأسيس الحزب أو استمراره، كما يكون تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج على النحو المقصود في النص هو اختلاف البرنامج والسياسات أو الأساليب عن تلك التي يقوم عليها حزب آخر، فالتميز المتطلب لا يقصد به التميز عن كل برامج وسياسات وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة، وإنما الاختلاف البين عن كل حزب على استقلال فلا يكون هناك حزبان متماثلان، والقول بغير هذا يؤدي إلى فرض قيد يمنع تكوين أي حزب جديد من حيث أريد مجرد التنظيم، أي أن الأحزاب السياسية حسب صريح المادة 3 من القانون رقم 40 لسنة 77 ترمي إلى غاية واحدة بوصفها الإستراتيجية العليا لكل حزب منها وهي الإسهام في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين إلا أن كل حزب حسب المادة 2 من ذات القانون يقوم على مبادئ وأهداف معينة بوصفها إستراتيجية خاصة به يسعى لتحقيقها ببرنامج محدد ذي سياسات أو وسائل معينة بوصفها تكتيكاً له وذلك في الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا اشترطت المادة 4 أولاً من ذلك القانون لتأسيس الحزب ولاستمراره عدم تعارض مقوماته أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه مع أمور حاكمة منها مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية باعتبارها من المقومات الأساسية للمجتمع على النحو الوارد في مواد الباب الثاني الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع في الدستور، ولهذا أيضاً لم تشترك المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 لتأسيس الحزب أو لاستمراره تميزه في الغاية لأنها واحدة بين الأحزاب أو تميزه في قوامه أو مبادئه وأهدافه لأنها في عموميتها قد تتطابق وجوباً كما هو الشأن في المقومات الأساسية للمجتمع سواء كانت اجتماعية أو خلقية أو اقتصادية على النحو الوارد في مواد الباب الثاني من الدستور وقد تتماثل أو تتحالف كلياً أو جزئياً فيما يجاوز دائرة الوجوب دستورياً أو قانوناً، وإنما اشترطت المادة 4 ثانياً تميز برنامج الحزب وسياسته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى، وهي في هذا الشرط لم تتطلب الاختلاف التام أو التباين المطلق حتى يجب التميز في جميع المناحي ولكن استلزمت فحسب التميز الظاهر مما يكتفي معه بالاختلاف والتباين ولو جزئياً أو نسبياً ما دام بارزاً على نحو يفرق الحزب عن سواه ويميز من غيره في البرنامج والسياسات أو الأساليب المرسومة لتحقيق هذا البرنامج فلا يكون مسخاً من أحدها، ومؤدى هذا أن وجود اختلاف أو تباين ظاهر في هذا البرنامج وفيما رسم لتحقيقه من سياسات أو أساليب بما يقيم ذاتيته ويميزه عن سواه هو أمر كفيل بتوافر الشرط الوارد في البند ثانياً من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 لتأسيس الحزب ولاستمراره.
ومن حيث إنه باستقراء برنامج حزب مصر الفتاة الجديد الذي صدر القرار المطعون فيه بالاعتراض على طلب تأسيسه، يبين أنه استفتح بتقديم يعبر عن الرغبة في الحفاظ على قوة الدفع التي خلقتها من قبل حركة الفتاة وقامت على هديها ثورة يوليو وذلك بهدف بناء سياسة قوية لمواجهة التحديات، ثم تناول تباعاً المجالات المختلفة في الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فرأى نظام الحكم جمهورياً رئاسياً برلمانياً ينصب فيه رئيس الجمهورية بطريق الانتخاب الفردي المباشر لمدة خمس سنوات ويجوز إعادة انتخابه لمدة ثانية ويحظر ترشيحه لمدة ثالثة تالية مباشرة ويشترط فيه أن يكون مصرياً سليماً وحاصلاً على إجازة جامعية مدنياً أو عسكرياً ومضى على تركة الخدمة سنتان على الأقل، وتقدم أوراق المرشحين لدار المشورة ولها قبول أو رفض أوراق المرشحين دون أسباب بقرار نهائي لا يجوز الطعن عليه، ولا يجوز أن يصرف لرئيس الدولة أو أسرته من بعده مستحقات أو مخصصات رئاسة بعد انتهاء مدة رئاسته، ولا يجوز منحه أو تمليكه استثناء من أحكام القانون، ولا يجوز لحرمه أو حرم نائبه أو أقاربهما حتى الدرجة الثالثة إعطاء تصريحات سياسية أو عقد ندوات سياسية أو الاشتراك فيها، ولا يجوز لثلث أعضاء مجلس الشعب طرح الثقة بالرئيس أو نائبه على المجلس، ويقتصر الاستفتاء على حالات معينة منها اختيار رئيس الأزهر ومفتي الديار ورئيس المجلس الأعلى للصحافة، ورأى تشكيل السلطة التشريعية من مجلسي الشعب والشورى، وعرض جميع القوانين بعد موافقة مجلس الشعب على مجلس الشورى لإقرارها، واعتبار مجلس الشورى مجلساً رقابياً لا يسن القوانين، وحظر ترشيح الوزراء لعضوية المجلسين أو ترشيح العاملين بالسلطة التنفيذية إلا بعد استقالتهم، وتخلى رئيس الجمهورية بعد فوزه عن عضوية الحزب الذي استقال منه عند الترشيح للرئاسة، وحظر انتمائه إلى أي حزب أثناء رئاسته، وجعل الانتخاب فردياً، وجعل ثلاث مقاعد للفئات والعمال والمرأة في كل دائرة، وعدم جواز حل المجلس بواسطة رئيس الدولة، وتعميم الانتخاب الفردي في جميع الانتخابات، والحد من تشريع القوانين الاستثنائية إلا في حالة الضرورة ولفترة محددة وبالأغلبية المطلقة للمجلسين ثم العرض في استفتاء عام والحصول على الأغلبية المطلقة للناخبين - ورأى في مجالس السلطة التنفيذية أن تتولاها حكومة مسئولة أمام مجلس الشعب ويترتب على سحب ثقة هذا المجلس من رئيس الوزراء استقالة الوزارة دون الاحتكام إلى استفتاء. ورأى في نطاق السلطة القضائية أن إنشاء المحاكم الاستثنائية عدوان على كرامة القضاء. ورأى ضرورة إلغاء جهاز المدعي الاشتراكي والاكتفاء بالنيابة العامة والإبقاء على محكمة القيم. ورأى إنشاء دار المشورة بتشكيل قضائي معين للإشراف على عمليات الانتخابات في كل المستويات ولحماية الحريات والحقوق طبقاً للدستور. واقتراح لمواجهة الاضطراب الذي تعيشه المنطقة العربية على مستوى القيادات والجماهير من أسبابه عدم وضوح عناصر ومتغيرات مفهوم الأمن القومي العربي أن يتم إنشاء معهد للدراسات الإستراتيجية القومية بغرض وضع الأساس الصحيح لمفهوم الأمن القومي العربي. وفي مجال العلاقات الخارجية رأى أن علاقة مصر بالدول العربية تقوم على الثوابت العامة التي تربط المجموعة العربية ومنها في المقام الأول وحدة الدين واللغة والجنس والمصير، مما يقتضي في المرحلة الأولى التكامل الاقتصادي بإيجاد سوق عربية مشتركة ودعم منظمة الدول العربية وعقد مؤتمر للسوق العربية يعلن فيه شعار السلطة العربية ويوقع ميثاق هذه السلطة وخلق المصنع الحربي الموحد لينتج السلع العربية وخلق الدينار العربي الموحد المقابل للصرف مع عملات الدول العربية والتكامل العربي في السلعة الحربية ومنح المواطن العربي جميع الحقوق المدنية في كل دولة عربية والسماح له بحمل الجنسية المصرية بالإضافة إلى جنسيته، كما يقتضي في المرحلة الأولى أيضاً التكامل السياسي من خلال جامعة الدول العربية والعلاقات الدبلوماسية وإنشاء مجلس القمة في جامعة الدول العربية وإنشاء ودعم القيادة العربية المشتركة وقوة الشرطة العربية أسوة بالشرطة الدولية، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي الوحدة العربية الشاملة ونظام الولايات العربية، ورأى في شأن علاقة مصر بالسودان أن يقوم ميثاق بينهما يعمل على تحقيق التكامل الثنائي على أوسع صورة وخاصة التكامل النيلي ومد السودان باليد العاملة ودعم ثنائي لقوة الشرطة العربية المخصصة لمنطقة مصر والسودان ودعم برلمان وادي النيل، ورأى في علاقة مصر بالدول الإفريقية العمل على التكامل الأفريقي بتنظيم الوحدة الإفريقية بميثاق عصري وإنشاء السوق الإفريقية المشتركة والسلعة الإفريقية المشتركة والمجمعات الصناعية الإفريقية المشتركة والجنيه الإفريقي الموحد القابل للصرف مع عملات جميع الدول الإفريقية. ورأى في علاقة مصر بالعالم الخارجي التزام مبدأ عدم الانحياز والحياد الإيجابي وحظر الاشتراك في أية حرب إلا ما يمليه الميثاق العربي أو السوداني أو الإفريقي ولضرورة ملحة وبالطريق الدستوري. وأقام التنمية الاقتصادية على أساس الاشتراكية وعدم المساس بالقطاع العام وضرورة الفصل بين وظيفته الاجتماعية وبين وظيفته الاقتصادية وخلق نوع جديد من الإنتاج المشترك بين القطاعين العام والخاص ووجود اشتراك جبري بين وحدة القطاع العام ومثيلتها في القطاع الخاص التي تتفوق في الإنتاج ودعم القطاع الخاص بكل الوسائل وتعويم الجنيه المصري وفرض سعر رسمي سياحي داخلي وترك الأثمان بصفة أصلية لقانون العرض والطلب عدا السلع الضرورية وتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية بوسائل معينة وإنشاء بنك الشعب بتمويل يوازي 1% من دخل كل مواطن لدعم وسائل الإنتاج بفائدة يسيرة. ورأى في مجال الزراعة ضرورة شق مجرى نيل جديد يبدأ من شمال السد العالي بعد منطقة توربينات توليد الكهرباء ويخرج من المجرى الأصلي ويتجه إلى الشمال في هيئة نصف دائرة عائداً مرة ثانية إلى المجرى الرئيسي ليخلق دلتا جديدة ويضيف ما يقرب من ثلاثة ملايين فدان إلى الرقعة الزراعية مع تقوية القناطر الموجودة وإنشاء قناطر جديدة لحجز خمسة مليارات تفقد في البحر الأبيض، والاستفادة من المياه الجوفية واستخدام الطاقة الشمسية في تحريك موتورات رفع هذه المياه من الآبار وإنشاء محطات تعذيب المياه المالحة على طول الخط الشمالي من الإسكندرية إلى مرسى مطروح وشق المجاري التي تحمل المياه العذبة إلى بحيرات صناعية لملء الفراغات الجوفية وتعويض المخزون الجوفي ومنع نشع الماء المالح المتسرب.
وهذه النهضة الزراعية تؤدي حتماً إلى نهضة صناعية في أوجه مختلفة حددها البرنامج من بينها ضرورة إنشاء وظيفة ملحق صناعي بالسفارات تكون مهمته أشبة بمهمة الملحق التجاري. ويؤكد في مجال التجارة الداخلية على استمرار القطاع العام ودعمه ووضع حد أعلى للربح لا يزيد على 15% من التكلفة موزعة بين تاجر الجملة وتاجر التجزئة وتنويع الثمن بين الأفراد طبقاً للدخل بالنسبة للسلع المدعمة وهي السلع الأساسية بمقتضى بطاقات ملونة، ويرى تأثر التجارة الخارجية بالازدهار الزراعي والصناعي. واقتراح سداد ديون مصر عن طريق مشروع قومي يتمثل في جعل السنة المالية 11 شهراً فيتم التبرع بمرتب شهر من كل سنة لمدة خمس سنوات ورأى مجانية التعليم حتى آخر المرحلة الجامعية وجعل الدراسة الثانوية والجامعية النظرية بالمصروفات مع الحد من التعليم النظري وجعل التعليم الجامعي في خدمة الحاجة والتوسع في التعليم الفني والعملي. ورأى في مجال الثقافة ضرورة توسيع اختصاصات دار الكتب المصرية لتعمل بمعونة عربية على إصدار الكتاب العربي الذي يحكي بطولات العرب وقوتهم وتاريخهم وتراثهم وتراث مصر. ورأى بالنسبة للإعلام وضع تشكيل ثابت لإتحاد الإذاعة والتليفزيون على نحو معين ينتخب رئيس الاتحاد من بين أعضاء التشكيل لمدة خمس سنوات ويكونون غير قابلين للعزل ولهم حصانة أعضاء مجلس الشعب ورجال القضاء. وكذا أعضاء المجلس الأعلى للصحافة مع جميع رؤساء تحرير الصحف بالانتخاب. ورأى في مجال الصحف العامة إرساء قاعدة مجانية العلاج والتوسع فيها وتدعيمها وبسط العلاج على كل ما يتصل بالمرضى من تحليلات وأشعات ودمج كل نظم العلاج الفئوي وإنشاء صندوق الدعم الصحي وتصنيف الأطباء بواسطة لجنة معينة إلى ثلاثة مستويات طبقاً للأسس العلمية الأقدمية ووضع تسعيرة للكشف بكل مستوى وإنشاء ودعم المستشفيات فوق العادة بأجر وتصنيفها إلى مستويين عن طريق ذات اللجنة وتحميلها نسبة 5% من إيراداتها لصالح صندوق الدعم الصحي وتكليف جميع أساتذة الطب بالعمل كأطباء زائرين بالمستشفيات الحكومية نظير أجر تحدده تلك اللجنة وإنشاء مركز للأمراض المستعصية ودمج جميع شركات الدواء في شركة واحدة وإنشاء مجمع دوائي كبير مشترك مع استثمار أجنبي وفرض رسم ثابت يعادل نصفاً في المائة للدعم الدوائي والتوسع في كليات الصيدلة وتنظيم البعثات الخارجية فيها وإنشاء أكاديمية دوائية بواسطة نقابة الصيادلة مع نقابة الأطباء ورأى في مجالات المواصلات والمرور التوسع في مواصلات الأنفاق وإنشاء إنفاق ذات دورين وحفر نفق للمشاة عند كل تقاطع رئيسي والابتعاد عن سياسة الكباري العلوية وضرورة خلق المواصلات النيلية والتوسع في الملاحة بالنيل وتشجيع القطاع الخاص على إنشاء شركات نقل ركاب ومسح شامل لجميع سيارات الوزارات والقطاع العام وحظر حيازة الشخص وأولاده وزوجته غير سيارة واحدة. واقتراح في الإسكان البدء في إنشاء مدن سكنية عند تنفيذ مشروع النيل الجديد والتوسع في إنشاء مصانع الطوب الرملي والأسمنتي وإعفاء مصانعهما الجديدة من الضريبة حتى يصل الربح إلى 20% من رأس المال وتمليك الأراضي الصحراوية بالمجان لمن يريد البناء وتكوين جمعيات تعاونية للبناء وإلغاء التأجير المفروش وجعل تسليم الوحدة السكنية الحالية شرطاً للاستئجار أو للتملك من المدن الجديدة واقترح في القوات المسلحة التوسع في الأعمال المدنية العمرانية التي تقوم بها وإدخال الصناعة الخفيفة التي تقوم على الفن الحرفي وإعداد المجندين طيلة نصف مدة التجنيد. واقترح في الشرطة جعل الأمن المركزي تحت إشراف القوات المسلحة لتدريبه وإعداده بالأسلحة تحت توجيه وزارة الداخلية وفتح معاهد دراسية لجنوده وإلحاقهم بأكاديمية الأمن المركزي للترقية إلى أمين أمن مركزي وفتح قسم عال بهذه الأكاديمية لإلحاق النابغين من الأمناء وترقيتهم إلى رتبة الملازم الثاني. ورأى في مجال الطاقة التوسع في استعمال الطاقة الشمسية وإنشاء وزارة للطاقة النووية وتشكيل هيئة عليا بها من علماء الطاقة النووية ودعا بالنسبة للعمال إلى رعايتهم وربط الأجر بطبيعة العمل وتوظيف العمل في صنع نهضة صناعية وتشجيع التعليم والعمل الفني والحرفي والعملي. ودعا بالنسبة للفلاحين إلى تمليك الأرض المستصلحة لزراعتها والتوسع في الجمعيات والبنوك الزراعية وتخفيف قيود نظام التسويق وإيجاد نظام الإنماء التعاوني وتعميم الميكنة الزراعية وخفض تكلفة المنتجات الزراعية وإنشاء بنك النيل بعد تحقيق مشروع النيل الجديد. ورأى عودة الأمومة إلى الأسرة وربط عمل المرأة بالضرورة وهي حاجتها إلى العمل أو حاجة العمل إليها، ورأى بالنسبة للشباب ضغط التعليم الثانوي وتعميم التعليم الفني. والحرفي والتكنولوجي ووجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتدريسها بجميع المدارس والمعاهد وفرض الصلاة في مواقيتها بالمدرسة والمصنع والشارع.
ومن حيث إنه يؤخذ من هذا الاستقراء أن برنامج الحزب أورد الاتجاهات التي يرمي إليها والمبادئ التي يترسمها والأساليب التي يقترحها والتفصيلات المناسبة لها على نحو وضع أهدافه وأفكاره وسياساته بما يمكن المواطنين من النظر في ملائمة الانتماء إليه على ضوء تقديرهم لذلك البرنامج جملة أو تفصيلاً، كما تضمن بصفة خاصة من أمهات الأمور ما هو جديد مثل مشروع النيل الجديد ولو كان هدفاً مرهقاً مادام غير مستحيل مطلقاً ومثل الآمال المرتجاة على الصعيد العربي والإفريقي ولو كانت طموحة في ذاتها ومثل الدعائم المنشودة على الصعيد العربي والإفريقي ولو كانت طموحة في ذاتها ومثل الدعائم المنشودة على الصعيد الوطني داخلياً وخارجياً بجميع مجالاته وبوسائل مختلفة بصرف النظر عن مدى تباين وجهات النظر بشأنها أو تصارع الآراء حولها سواء في مجملها أو في مفرداتها مادام المرد في تقويمها إلى المواطنين انتهاء أما عن الاقتراح الذي أدلى به برنامج الحزب عملاً على سداد ديون مصر فإنه اقتراح انصب على السنة المالية في مجال صرف الحقوق الدورية دون أن يمتد بتعديل إلى التقويم في ذاته أياً كان نوعه أو يعصف بأمر محظور طرقه أو يخل بمساواة واجبة بين مواطنين تتحد مراكزهم في مجال هذه الدوريات. وإذ كان الثابت أن هذه اللجنة اعترضت على طلب تأسيس الحزب بحجة عدم تميز برنامجه وسياساته تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى، وبذا أجرت مقارنة مع ما ورد في برامج جميع الأحزاب القائمة، ولم تستظهر الاتفاق الكامل والتطابق التام مع حزب معين منها، وإنما اعتدت بأوجه تطابق أو تقارب أو تشابه في مقومات أساسية أو في مبادئ عامة مفروض على الأحزاب الالتزام بها ولا تثريب عليها في تأكيدها، والتفتت عن أوجه اختلاف تفرق الحزب في برنامجه وسياساته أو أساليبه عن الأحزاب القائمة وتقيم له ذاتية مميزة وتبرز له سمات خاصة على التفصيل المتقدم بما يجعله متميزاً عنها تميزاً ظاهراً، فمن ثم يكون هذا السبب الأول لاعتراض اللجنة غير صحيح قانوناً.
ومن حيث إن برنامج الحزب تضمن في مجال التعليم ما يأتي:
1 - مجانية التعليم حتى آخر المرحلة الجامعية واجب الدولة الأساسي باعتباره حقاً دستورياً ومكسباً اشتراكياً.
2 - الدراسة الثانوية والجامعية النظرية بالمصروفات مع الحد من التعليم النظري وتحويل بعض الكليات النظرية التي لا تتصل بالمسألة التطبيقية إلى كليات عملية أي الحد من كليات الحقوق والتجارة والفنون الجملية وغيرها وبعض أقسام كليات الآداب والتربية وجعل التعليم الجامعي في خدمة الحاجة والتوسع في التعليم الزراعي والصناعي العالي والتكنولوجيا والأبحاث المعملية ومكافأة المتفوقين منه. ويؤخذ من هذا أن البرنامج استهل مجال التعليم بالنص صراحة على المجانية فيه حتى آخر المرحلة الجامعية كواجب أساسي على الدولة وحق دستوري للمواطن ومكسب اشتراكي للشعب، ولم يتبع البرنامج بما يفرض المصروفات سواء في مؤسسات الدولة التعليمية حتى يعد مخالفاً للمادة 20 من الدستور التي تنص على أن التعليم في مؤسسات الدولة التعليمية مجاني في مراحله المختلفة، وسواء في مرحلة التعليم الإلزامي الذي تكلفه الدولة حتى يكون مجافياً للمادة 18 من الدستور التي جعلت التعليم إلزامياً في المرحلة الابتدائية إلى أن تبسط الدولة الالتزام إلى المراحل الأخرى، وإنما أردف البرنامج بأن الدراسة الثانوية والجامعية النظرية بالمصروفات قصداً منه إلى إصلاح هيكل التعليم عن طريق الاهتمام بالتعليم الفني والعملي والتقني في مؤسسات الدولة حيث تعم المجانية دستوراً مع ترك التعليم النظري ثانوياً أو جامعياً إلى حيث تجوز في غير هذه المؤسسات، إذ لا يوجد في الدستور ما يحول دون اضطلاع غير مؤسسات الدولة بالتعليم الذي يخضع في النهاية لإشراف الدولة طبقاً للمادة 18 من الدستور التي تضمنت النص على أن تشرف الدولة على التعليم كله، أي أن ما ورد بالبرنامج بشأن التعليم النظري لا يعدو أن يكون دعوة إلى التخلي عن التعليم الثانوي والجامعي النظري إلى غير مؤسسات الدولة للقيام به مقابل تستأدى من الراغب فيه بصرف النظر عن تقديم هذه الدعوة موضوعياً وهو ما يجد سبيله من لدن جماهير الناخبين إن قبولاً أو رفضاً، ومما يؤكد هذا القصد أن معرض الشباب رأى أن يضغط التعليم النظري وأن يستبدل به التعليم الزراعي والصناعي والتكنولوجي وكل من الضغط والإبدال المقترحين من جانب البرنامج يعني عدم المساس بالمجانية فيما بقى بعد الضغط أسوة بما أبدل به من تعليم فني وتقني، ومن ثم فإن السبب الثاني لاعتراض اللجنة على تأسيس الحزب ومفاده عدم حفاظ البرنامج على مجانية التعليم يكون بدوره سبباً غير صحيح قانوناً، بصرف النظر عن مدى اعتبار هذه المجانية من المكاسب الاشتراكية في مفهوم المادة 4/ أولاً/ 3 من القانون رقم 40 لسنة 1977، ما دام القدر المتيقن أن الدستور سنها في المادة 20 التي وردت ضمن الباب الثاني الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع وهي المقومات التي جعلها هذا الدستور في المادة 50 إطاراً للنظام السياسي القائم على أساس تعدد الأحزاب مما يلزم كل حزب بالتزامها ومن حيث إنه ولئن كان البرنامج في مجال نظام الحكم اقترح تعديل المادة 75 من الدستور التي حددت الشروط الواجب توافرها فيمن ينتخب رئيساً للجمهورية وذلك بإضافة شرط مفاده أن يكون مسلماً من أبوين مسلمين، وهو اقتراح حدا بهيئة قضايا الدولة في مذكرتها إلى الاعتراض بأنه يشكل مساساً بالوحدة الوطنية ويؤدي إلى إشاعة الطائفية بما يهدد السلام الاجتماعي وبالتالي يعد خروجاً عما اشترطه القانون رقم 40 لسنة 1977 في المادة 4/ ثالثاً من عدم قيام الحزب على أساس يتعارض مع قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي أو على أساس طائفي أو على أساس التفرقة بسبب الدين أو العقيدة، إلا أنه اعتراض مدحوض بأن الاقتراح يتسق مع الدستور الذي ينص في المادة 73 على رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية مما يفترض فيه وهو على أن يكون من دينها، خاصة وقد ألقى عليه الدستور في المادة 73 واجب السهر حماية الوحدة الوطنية مما لا خوف منه عليها، وهو دستور يعلو القوانين بما يمنع محاجته بها في شتى دروبها، ومصداقاً لهذا لم يشر الدستور إلى ذاته في المادة 40 التي نصت على أن المواطنين لدى القانون سواء، ومن ثم فإنه يتعين الالتفات عن ذلك الاعتراض المضاف من قبل هيئة قضايا الدولة في معرض دفاعها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما سلف جميعه، فإن القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في 15 من أغسطس سنة 1988 بالاعتراض على تأسيس حزب سياسي باسم حزب مصر الفتاة الجديد، يكون قراراً غير قائم على صحيح سببه وبالتالي يكون قراراً مخالفاً للقانون، مما يوجب القضاء بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار بمراعاة ما نص عليه القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية في المادة 9 من تمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية وممارسة نشاطه السياسي من تاريخ صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيسه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 من القانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في 15 أغسطس سنة 1988 بالاعتراض على تأسيس حزب مصر الفتاة الجديد وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته بالمصروفات، وأمرت بمحو تقرير الطعن والمحددة في المذكرة المقدمة من هيئة قضايا الدولة بجلسة 21 من ديسمبر سنة 1988.


 (1) يراجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 7 ق - د.